منتديات وهج الذكرى

منتديات وهج الذكرى (https://www.wahjj.com/vb/index.php)
-   ❦ وهـج القصص والخيال ❦ ❧ (https://www.wahjj.com/vb/forumdisplay.php?f=14)
-   -   █◄© عندمـــا تتفتـــح الزهـــور ©►█ (https://www.wahjj.com/vb/showthread.php?t=5255)

دمعة خشوع 07-21-2011 10:32 PM

█◄© عندمـــا تتفتـــح الزهـــور ©►█
 
.

█◄© عندمـــا تتفتـــح الزهـــور ©►█

عندما تتفتح الزهور


جلسَت تتأمل تلك الزهور النائمة ، مغمضة على نفسها قبل أن تتفتح ، داعبتها بأناملها قليلاً و إذا بها تسمع صوتاً من بعيد " ليلى تعالي حان وقت الغداء ".

كانت ليلى في السادسة من عمرها ، لا تعلم من الحياة سوى أمها " حنان " و صورة أبيها المعلقة على الجدار ، ليس لها أخوة فهي وحيدة أبويها ،

طفلة صغيرة صاحبة عينين سوداويتين ، و شعراً أسوداً ناعماً ، بياضها كالثلج ، كانت من شدة جمالها كقمراً يلمع في الأرض يغار منها القمر المعلق في السماء.

كان لديها أربع صديقات ياسمينة ، فلة ، نسرينا و داليا ؛ أربعُ زهرات صغيرات في الحقل القريب من منزلها ، كانت تذهب إليهم كل يوم ٍ في الصباح تلقي عليهم التحية الصباحية :

" صباح الخير صديقاتي ، متى ستتفتحون لأراكم ؟ ، متى ينتشر عبيركم عبر الأثير ؟ ".

كانت تتردد عليهم يومياً قبل ذهابها إلى الروضة في سن الخامسة لكن اليوم هو يومها الدراسي الأول في المدرسة مرتدية فستانها الأزرق ذو الأكمام البيضاء ،

كانت فرحة و سعيدة ، تركض و تقفز حتى إذا بها أمام بوابة المدرسة و ترى طفلة بنفس ملابسها يقبلها والدها ، شعرت بشيء غريب في داخلها ،

و دمعة حائرة لم تجد مكاناً سوى خدها الناعم لتنساب عليه.

مر الوقت بسرعة و حان الوقت الذهاب إلى المنزل ، فتمر على صديقاتها حين عودتها مرة أخرى و تقول :" غداً أتمنى أن تستيقظوا من سباتكم و أراكم " ،

ثم تطبع قبلة على كل واحدة منهم و تذهب إلى البيت ، لتطرق الباب بخفة و تستبقلها أمها بحنان ٍ بين أحضانها ثم تربت على رأسها و تبتسم لتخفي دمعة قاربت على النزول فرحة

بأبنتها التي تكبر أمام ناظريها ، ثم تلقي ليلى التحية على صورة أبيها المعلقىة في جدار ذكرياتها الخالي من وجوده ،

الخالي من كلمة لا تعلم كيف تنطقها و عندما تسمعها آذانها من زميلاتها ، تستغرب نطقهم لها بتلك السهولة

، كانت تحدق في وجه أبيها المعلق أمامها ، مالت رأسها قليلاً إلى اليمين و إرتسم على شفتيها ذلك الفرح الطفولي و قالت : " ربما قد إلتقيتني في ربيعي الأول و أنا لا ذاكرة لدي ،

مجرد طفلة صغيرة ، تحرك أيديها و تركل بأرجلها كما تفعل بنت الجيران الصغيرة ، ربما كانت حركاتي تلك تضفي بالفرحة عليك ، لكنني لا أذكر منها شيئاً ، لا أذكر منك سوى صورة معلقة على

جدار في منزلٍ نفتقد فيه صوتك ، صياحك ، غضبك ، نفتقد فيه جلوسك بيننا في طاولة ربما هي فارغة من الطعام ، لكنها مليئة بوجودك !

نفتقد كلمة " أبي " تلك التي يتعلمها كل طفل قبل أن يقول " أمي " ، لأكون أنا الأولى التي تقول لأمها " بابا " و هي لا تعلم معنى حنان الأبوة الطاغي إلا عندما وصلت الخامسة ،

لحظة التخرج من روضتي ، عندما كانت تصيح المعلمة بأسماء الطالبات و تتقدم كل واحدة منهن و في يدها تمسك أمها و الأخرى أبيها ، و أنا هاهو أسمي الأسم التالي ،

أنظر عن يميني لأجد أمي فرحة ممسكة بيدي ، و عن يساري فراغ كبير ، و شبح يرتسم لي على شكل وجهك الذي حفظت قسماته من خلال صورة معلقة على جدار هو جدار الذكرى الذي يجمعني

بك عند كل حنين. "

---

تمر الأيام و تكبر ليلى ، و يكبر الحنين إلى والدها بداخلها ، تسطع في ذهنها فكرة الأدب و كيف مجد الأدباء أنفسهم من خلال كتاباتهم ، و كيف خلدوا غيرهم بكلماتهم

لتدخل ليلى كلية الآداب و أولى كتاباتها الأدبية كانت بعنوان " عندما تتفتح الزهور " جاء فيها :

أمي العزيزة ، يا فلة أصحو على عبير صوتها ، و ياسمينة لا أجد الدفء إلا و أنا أعانقها ، و نسرينة أشدو بحنوها ، و كزهرة الداليا التي لا أستطيع العيش دون أن أراها مشرقة كل يوم

أمام وجهي ، اليوم أكتب لك ِ يا من كنت ِ بالنسبة الأم بعطفها و حنانها ، و الأب بخوفك الدائم و صرامتك لحظة خطئي ، ربما ليس لدي ذكرى عن والدي ،

لكن أنت ِ ، أنت ِ الذكرى التي تجمع سنين عمري و عمر أفراحي. أنت ِ الحياة التي تتجسد لي عند إبتسامتك ِ ، و الحضن الذي أرتمي فيه لحظة ضعفي.

أمي العزيزة يا زهرة تقف في وجه الرياح من أجلي. رقيقة ، هشة عندما ترينني حزينة. قوية ، صارمة عندما تحاولين تعليمي.

عندما تتفتح الزهور ، تفتح آمالها لتنشر روائحها عبر أثير الرياح ، معلنة وجودها في عالم الأرواح ، و أنا منذ موتك أصبحت زهرة ذابلة ،

تفتقد حضنك الذي كان بالنسبة لها حضنان ، حضن الأب المتجسد في صورة معلقة ، و حضن زهرتي التي لا بديل لها. أمّي فلترتاحي في تربتك ِ و بلغي سلامي لوالدي.



ليلى ، تلك الزهرة التي فاح عبيرها كلما كُبّر الحنين داخلها ، و ما زالت محافظة على عادتها الدائمة ، تمّر بصديقاتها و هي في طريقها إلى العمل ، ملقية التحية الصباحية


و تتمتم ببعض الكلمات معبرة عن شوقها إليهم : " عندما تتفتح الزهور يصبح لعبيرها شذى لا مثيل له ، تماماً مثلكم يا صديقاتي ، لتطبع قُبّلها الصباحية متجهة إلى عملها.

الغزال الشمالي 07-26-2011 10:51 PM

دمعة خشوع
كل الشكر والامتنان على إثراء المنتدى
بهذا الطرح الرائع ..استمتعنا به
بارك الله فيك على ما نقلتيه لنا
دمت بودوكل عام وأنت لله أقرب



الساعة الآن 12:02 PM بتوقيت الرياض

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون