منتديات وهج الذكرى

منتديات وهج الذكرى (https://www.wahjj.com/vb/index.php)
-   علوم القرآن والتلاوات (https://www.wahjj.com/vb/forumdisplay.php?f=165)
-   -   ما هي الحكمة الإلهية من تكريم بني آدم على سائر الخلق ؟ (https://www.wahjj.com/vb/showthread.php?t=27166)

الغريبة 03-28-2019 05:17 AM

ما هي الحكمة الإلهية من تكريم بني آدم على سائر الخلق ؟
 
ما هي الحكمة الإلهية من تكريم بني آدم على سائر الخلق ؟
220322

السؤال

ما الحكمة الإلهية من تكريم بني آدم على سائر الخلق ؟
وهل التكريم على جميع الخلق أم أكثرهم ؟
وإن كان على أكثرهم ، فمن الذين هم أكرم من بني آدم
- جزاكم الله خيرًا - ؟


نص الجواب

الحمد لله
أولا :
يقول الله جل وعلا : ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ) الإسراء/ 70

قال ابن كثير رحمه الله :
" يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ تَشْرِيفِهِ لِبَنِي آدَمَ ، وَتَكْرِيمِهِ إِيَّاهُمْ ، فِي خَلْقِهِ لَهُمْ عَلَى أَحْسَنِ الْهَيْئَاتِ وَأَكْمَلِهَا كَمَا قَالَ : ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) التِّينِ/ 4، أَيْ : يَمْشِي قَائِمًا مُنْتَصِبًا عَلَى رِجْلَيْهِ ، وَيَأْكُلُ بِيَدَيْهِ - وَغَيْرُهُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ وَيَأْكُلُ بِفَمِهِ - وَجَعَلَ لَهُ سَمْعًا وَبَصَرًا وَفُؤَادًا ، يَفْقَهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ ، وَيَعْرِفُ مَنَافِعَهَا وَخَوَاصَّهَا وَمَضَارَّهَا فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ .

( وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ ) أَيْ : عَلَى الدَّوَابِّ مِنَ الْأَنْعَامِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ ، وَفِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَلَى السُّفُنِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ .

( وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ) أَيْ : مِنْ زُرُوعٍ وَثِمَارٍ ، وَلُحُومٍ وَأَلْبَانٍ ، مِنْ سَائِرِ أَنْوَاعِ الطُّعُومِ وَالْأَلْوَانِ ، الْمُشْتَهَاةِ اللَّذِيذَةِ ، وَالْمَنَاظِرِ الْحَسَنَةِ ، وَالْمَلَابِسِ الرَّفِيعَةِ مِنْ سَائِرِ الْأَنْوَاعِ ، عَلَى اخْتِلَافِ أَصْنَافِهَا وَأَلْوَانِهَا وَأَشْكَالِهَا ، مِمَّا يَصْنَعُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ ، وَيَجْلِبُهُ إِلَيْهِمْ غَيْرُهُمْ مِنْ أَقْطَارِ الْأَقَالِيمِ وَالنَّوَاحِي .

( وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا ) أَيْ : مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَأَصْنَافِ الْمَخْلُوقَاتِ " انتهى من "تفسير ابن كثير" (5/ 97).
وينظر : "تفسير السعدي" (ص 463) .

ثانيا :
ينبغي أن يُعْلم : أن الله جل جلاله : هو المتفرد باختيار ما يختاره ، واصطفاء ما يصطفيه ، كما أنه المتفرد بخلق ذلك كله ، سواء بدا لنا حكمته في خلقه واصطفائه ، أو لم يبد ؛ فلله سبحانه الحكمة البالغة في خلقه وتدبيره .

قال ابن القيم رحمه الله :
" فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِالْخَلْقِ وَالِاخْتِيَارِ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ [القصص: 68] [الْقَصَصِ: 68] ... ؛ فَكَمَا أَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ بِالْخَلْقِ ، فَهُوَ الْمُنْفَرِدُ بِالِاخْتِيَارِ مِنْهُ ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْلُقَ ، وَلَا أَنْ يَخْتَارَ سِوَاهُ .
فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِمَوَاقِعِ اخْتِيَارِهِ ، وَمَحَالِّ رِضَاهُ ، وَمَا يَصْلُحُ لِلِاخْتِيَارِ مِمَّا لَا يَصْلُحُ لَهُ ، وَغَيْرُهُ لَا يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ بِوَجْهٍ..."

قال :
" وَإِذَا تَأَمَّلْتَ أَحْوَالَ هَذَا الْخَلْقِ ، رَأَيْتَ هَذَا الِاخْتِيَارَ وَالتَّخْصِيصَ فِيهِ : دَالًّا عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ تَعَالَى ، وَوَحْدَانِيَّتِهِ ، وَكَمَالِ حِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ ، وَأَنَّهُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، فَلَا شَرِيكَ لَهُ يَخْلُقُ كَخَلْقِهِ ، وَيَخْتَارُ كَاخْتِيَارِهِ ، وَيُدَبِّرُ كَتَدْبِيرِهِ ، فَهَذَا الِاخْتِيَارُ وَالتَّدْبِيرُ وَالتَّخْصِيصُ ، الْمَشْهُودُ أَثَرُهُ فِي هَذَا الْعَالَمِ مِنْ أَعْظَمِ آيَاتِ رُبُوبِيَّتِه ِ، وَأَكْبَرِ شَوَاهِدِ وَحْدَانِيَّتِهِ ، وَصِفَاتِ كَمَالِهِ ، وَصِدْقِ رُسُلِهِ .." انتهى من "زاد المعاد" (1/40) وما بعدها .

ثالثا :
من حكمة الله جل جلاله في تكريم بني آدم ، والله أعلم : أنهم المحل الذي قبل أمانة الرحمن ، والتي هي تكليفه وامتثاله للأمر والنهي باختياره ؛ فبعد أن عرضها على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها ، وحملها الإنسان ؛ أهله الله جل جلاله لهذا المقام السني ، فاجتباه ، واختاره واصطفاه ، وفضله على كثير ممن خلقه سواه .

ثم كان من مقتضى ذلك : أن فيهم صفوة خلقه ، من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، فيهم العلماء العاملون ، وفيهم المجاهدون ، وفيهم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر ، وفيهم القائمون بأمر الله ، والدعوة إليه .

قال ابن القيم رحمه الله :
" خلق الله سبحانه عباده المؤمنين وخلق كل شيء لأجلهم، كما قال تعالى: ( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سخَّرَ لَكُمْ مَا فِى السَّمَوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ وَأَسْبَغ َ عَلَيْكُمْ نِعمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً )
وكرمهم وفضلهم على كثير ممن خلق ، فقال : ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَم وحملناهم فِى الْبِرِّ وَالْبَحْرِ وَرزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً )
وقال لصالحيهم وصفوتهم: ( إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآل إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِين )
وقال لموسى : ( وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ) ، واتخذ منهم الخليلين ، والخلة أعلى درجات المحبة ...
والله سبحانه لا يصطفى لنفسه إلا أعز الأشياء وأَشْرَفَهَا وأعظمها قيمة .

وإذا كان قد اختار العبد لنفسه ، وارتضاه لمعرفته ومحبته ، وبنى له داراً في جواره وقربه ، وجعل ملائكته خدَمه يسعون في مصالحه في يقظته ومنامه وحياته وموته ، ثم إنَّ العبد أبق عن سيده ومالكه ، معرضاً عن رضاه ، ثم لم يكفه ذلك حتى خامر عليه ، وصالح عدوه ووالاه من دونه ، وصار من جنده مؤثراً لمرضاته على مرضاة وليه ومالكه ، فقد باع نفسه- التي اشتراها منه إلهه ومالكه وجعل ثمنها جنته والنظر إلى وجهه- من عدوه وأبغض خلقه إليه ، واستبدل غضبه برضاه ولعنته برحمته ومحبته .

فأي مقت خلى هذا المخدوع عن نفسه لم يتعرض له من ربه ؟ قال تعالى : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْملائِكَةِ اسْجُدُوا لآدم فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِى وَهُمْ لَكُمْ عَدُو، بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدلاً ) " انتهى من "طريق الهجرتين" (ص 240-241) .

رابعا :
تكريم جنس بني آدم إنما هو على كثير ممن خلق الله ، وأفادت لفظة ( كثير ) أن هناك أجناسا لا يمكن القطع بتفضيل جنس الآدميين عليهم ، كالملائكة مثلا ، إذ لا يمكن القول بأن الآدمي الكافر أفضل عند الله من الملائكة .
فالملائكة أفضل من الكفار من بني آدم بلا شك ، وكذا مؤمنو الجن أفضل من كفار بني آدم وفساقهم .

قال ابن عاشور رحمه الله :
" وَلَا شَكَّ أَنَّ إِقْحَامَ لَفْظِ ( كَثِيرٍ ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا ) مُرَاد مِنْهُ التَّقْيِيد وَالِاحْتِرَازُ وَالتَّعْلِيمُ الَّذِي لَا غُرُورَ فِيهِ ، فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ ثَمَّ مَخْلُوقَاتٍ غَيْرَ مُفَضَّلٍ عَلَيْهَا بَنُو آدَمَ ، تَكُونُ مُسَاوِيَةً ، أَوْ أَفْضَلَ ؛ إِجْمَالًا أَوْ تَفْصِيلًا .
وَتَبْيِينُهُ يُتَلَقَّى مِنَ الشَّرِيعَةِ فِيمَا بَيَّنَتْهُ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا سَكَتَتْ فَلَا نَبْحَثُ عَنْهُ "
انتهى من "التحرير والتنوير" (15/ 166).

فتحصل من ذلك :
أن المرد في معرفة التفضيل إنما هو للشرع ، لا للعقل ، وما يقضي به .
ثم لا يظهر من التكلف في تشقيق السؤال في ذلك ثمرة ؛ بل على العبد أن يعلم أن لربه حكمة بالغة في خلقه ، كما له الحكمة البالغة في أمره ونهيه ، وأن يجعل همته مصروفة لمواقع رضى ربه منه ، فينشغل بها عما سواها .


والله تعالى أعلم .


المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب

ريماس 03-28-2019 05:46 AM

جَزآك اللهُ خَيرَ آلجَزآءْ ..،*
جَعَلَ يومَك نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً..
جَعَلَهُ الله في مُوآزيَنَ آعمآلَك
دَآمَ لَنآ عَطآئُك*
وحفظكـ ِالمولىَ..~

هدير العشق 03-28-2019 11:45 AM

جزاك الله خير

همس المطر 03-30-2019 01:59 PM

جزاك الله خيرا
وبارك فيك على هذا
الموضوع الرائع ونفع بك
ووفقك وسدد خطاك

الغريبة 04-01-2019 10:28 AM

اسعدني حضوركم اخوتي الكرام
واثلجت صدري تعليقاتكم وطيب دعاءكم
اسعد الله قلوبكم وبلغكم ما تتمنوا وزيادة
دمتم بود ورقي وسعادة .. اشكركم
لكم تقديري واحترامي


http://s18.rimg.info/8ae1beaf5949703...a3dc9c8a37.gif

عاشق الجنان 05-13-2019 07:48 AM

|
يِعَطُيّك العإأآفِيـــةْ ..
عْطائكَ ممُـيزٌورائعَ
بَآقَآتْ مِنْ ألجُورِي
تُعطِر أنفَآسكْ..~~
./
wahjj.1

خـ ـــ ااــ ــد 05-25-2019 02:30 PM

ماشاءالله
طرح بمنتهى الروعه والجمال
سلمت الايادي
الف شكر لك ع جهودك المميزه
يعطيك العافيه

النايفه 05-25-2019 02:33 PM

https://www2.0zz0.com/2019/05/25/13/925607076.gif

الغريبة 05-27-2019 05:50 AM

اخوتي واحبتي في الله
كل عام انتم بخير مبارك علينا رمضان
تقبل الله منا الصيام والقيام وصالح الاعمال
وجعلنا من عتقائه من النار
تواجدكم بمتصفحي اسعدني كثيرا
وشرفت بحضوركم الرائع لا حرمتكم
ودي وتقدير واحترامي وجزيل شكري


الساعة الآن 10:30 AM بتوقيت الرياض

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون