هذا يقوي أنه للمضاعفة، لأنه قال: وأنا أجزي به ثم قال: والحسنة بعشر أمثالها، ويفسر ذلك قوله في الرواية الأخرى: «كل عمل بن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، فهذا يدل على أنه يختص بالصوم بمضاعفة تخالف بقية الأعمال، وهذا هو الأقوى، الحسنة بعشر أمثالها، هذا أقل التضعيف، أقل ما تضعف به الحسنة عشر أمثالها، وقد تضعف إلى سبعمائة ضعف كحد، وقد تضعف إلى أضعاف أضعاف كثيرة لا يعلمها إلا الله، وهذا يختلف، قد يخرج الإنسان من بيته إلى صلاة الظهر، ويكون في ذلك اليوم ليس عنده عمل ولا شغل يكون آمناً في سربه معافى في بدنه وعنده قوت يومه، وقد يخرج الإنسان إلى صلاة الظهر وهو ضعيف البنية كبير السن من الحطمة، فيتكلف ويتعب ويتكبد المشاق، وقد يخرج الرجل إلى صلاة الظهر في شدة الخوف، وقد يخرج إلى صلاة الظهر وهو فقير معدم يهزأ الناس من ثوبه ومن ملبسه، وقد يخرج الإنسان إلى صلاة الظهر بأحوال مختلفة.
فأحوال العباد مختلفة، فمضاعفة الله للأجور على حسب حال الإنسان، ولذلك قال : «سبق درهم مائة درهم»، فبين على أن المفاضلة تختلف بحسب اختلاف الناس، قالوا: كيف يا رسول الله؟ قال: «رجل لم يكن عنده إلا درهم فأنفقه، ورجل عنده مال أخذ من عرض ماله مائة درهم»، مائة درهم إذا أخذت وهو غني ثري لا تساوي شيئا، لكن إذا كان لا يملك إلا الدرهم وحده، فمعناه أنه خرج من ماله كله لله ، ومن هنا سبق الدرهم مائة درهم، وهذا يدل على أن الأعمال الصالحة تختلف، أحوال العباد فيها، ومن هنا تختلف مضاعفة الله وثوابه للعباد منها.