عرض مشاركة واحدة
قديم 06-30-2011   #30


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



أعنت العمة ماريا على الوقوف، ثم نظرت إلي وهي لا تصدق ما تراه، وصرخت مندهشة
فارس.. نعم أنت فارس، وأخذتني بالأحضان، والعبرات تسيل من عينيها!
أما فلوري فقد عقدت الدهشة لسانها، وهي تفكر، كيف تعرف عمتي ماريا فارس بائع الطين
وكيف وصل إليه مفتاح بيتها، ولكن كل هذه الأسئلة، أجابتها عليها العمة
ماريا عندما جلستا تتحدثان بسرعة، حتى أني لم أفهم إلا القليل من الكلام
بسبب السرعة، أو كان يخيل لي ذلك لأني لا أعرف لغتهم جيداً
سألت العمة ماريا عن أيمن، وفوجئت عندما قالت لي بأنها لم تره منذ أن غادرنا في ذلك اليوم!
أين ذهب أيمن إذاً؟ هل ممكن أن يكون قد ذهب إلى القرية؟لا أعتقد ذلك، فلن
يذهب من دوني، أخاف أن يكون قد أصابه مكروه!
كانت العمة ماريا تتحدث، وقد بانت على وجهها علامات المرض والإرهاق، فطلبنا
منها أن تدخل لتستريح على سريرها، وبقيت أنا و فلوري حتى ساعة متأخرة من
الليل أقص عليها حكايتي الطويلة والشاقة، وكانت تهز رأسها باستمرار، لتقول
لي بأنها تفهم ما أقول، مع أني كنت متأكداً بأنها لا تفهم ربع ما أقوله!
مر أسبوع على وجودنا مع العمة ماريا، كنا نحرص على أن تأخذ الدواء
في مواعيده، وكنت أخرج مع فلوري للتسوق، وكنت أقدم لها باقة من ورود الثلج
اللبنية التي انبثقت من بين الثلوج المتبقية على الأرض، معلنة عن قدوم أول أيام
الربيع، وبعد أن شعرنا بأن صحة العمة ماريا قد تحسنت، قررنا العودة إلى العمل
في السوق، ولكن المفاجئة كانت قاسية على فلوري، عندما وجدت فتاة أخرى قد
حلت مكانها في متجر الصيني، ولكن صديقي الحارس وعدها أن يجد لها مكاناً آخر
تعمل به، وبقيت أنا أبيع الطين كالعادة بجانب بوابة السوق...
انتقلت فلوري للعيش مع عمتها، بعد أن تركت الغرفة التي كانت تستأجرها
ولم أفهم منها لماذا لم تقم عند عمتها التي تملك بيتا كبيرا؟
أما أنا فكنت أبيع الطين، وأنام عند الحارس كل يوم، ماعدا أيام العطلة، فقد
كنت أذهب إلى بيت العمة ماريا، كي أرى حبيبتي فلوري، التي كنت أشتاق إليها
كثيراً، وأعد الدقائق، والثواني، كي أصل إليها..
كنت أجلس بجانب بوابة السوق أبيع الطين، وفجأة دخلت سيارات الشرطة، وأنتشروا
في كل المكان، وكالعادة كانت الزبائن تهرب من السوق والتجار يغلقون متاجرهم
وأنا أيضاً تعودت على هذا الأمر، فكنت عندما تأتي الشرطة، أترك الطين وأهرب
إلى بيت الحارس، حتى تذهب الشرطة. أعود فأجد الطين على حاله، لم يمسه أحد، ولكني
هذه المرة قررت أن أذهب إلى فلوري، فقد اشتقت إليها كثيراً، ثم أعود في الصباح.
أخبرت زوجة الحارس بأني لن أعود هذا اليوم، كي لا تقلق علي، فهي متعودة على
غيابي أيام العطل فقط، ثم ارتديت ملابس نظيفة، واتجهت إلى الحافلة، أسابق
خُطاي، لأصل إلى حبيبتي فلوري، كي أفاجئها بمجيئي، فهي لم تتعود أن تراني سوى
أيام العطل، وأنا متأكد بأنها ستطير من الفرح عندما تراني، وسوف أبحث معها
موضوع الزواج، فأنا الآن أعمل وأكسب المال ونستطيع أن نسكن في بيت واحد.
كنت أشعر بأن الحافلة لا تتحرك من مكانها من شدة شوقي لرؤية فلوري
حتى أني تمنيت لو نزلت من الحافلة، وركضت بأقصى سرعة حتى أصل إلى حبيبتي.
كانت فرحتي كبيرة جداً، لأنني سوف أرى فلوري في منتصف الأسبوع، فأنا لم أعد قادراً
على الانتظار حتى تأتي العطلة الأسبوعية. وكان قلبي يخفق بلهفة للقائها، وقبل
أن أصل إلى البيت، اشتريت باقة من الورود الحمراء الجميلة، كي أعبر لها عن حبي،
وكنت أمشي وأنا أشعر بقدمي ترقصان من السعادة، سوف نتزوج، وسيكون لنا
بيت يجمعنا سوية، نملأه بالدفء والحب والحنان، وسوف أزرع لها الورود في كل
مكان، وسوف أنظر بعينيها الجميلتين، إنها حبي الجميل، وردتي...
الرائعة الجميلة "فلوري!"
لم أطرق الباب، فتحته بمفتاحي كي تكون مفاجأة لفلوري عندما تراني
دخلت، وأغلقت ورائي الباب، سمعت صوتها الحنون ينادي من داخل الغرفة
ـ عمتي! لماذا عدت بسرعة يا عمتي؟
لم أتكلم وقررت أن أدخل إلى الغرفة لتتفاجأ بي، وتأخذني بالأحضان كعادتها!
ما رأيت لم يكن ماعرفت!
وما سمعت لم يكن مافهمت!
وما هزني أحزنني!
والأرض لم تحملني
والجدران تصعقني
هل أنا.. أنا؟
أم أنا لست مني؟
وأنت يا قلبُ!
ماذا ترتجي؟
هل بنيت قصراً بين الغيوم؟
وحبيبتك ألا تراها في أحضانه تخون؟
والورود التي أحملها
تمنيت لو حولتها
نارا وسموما!
خرجت مسرعاً من الغرفة، والسواد يغشي عيني، شعرت بالغثيان، ودارت بي الأرض
ولكني استطعت سحب جسدي المتهالك من الصدمة، والوصول إلى خارج البيت، حيث
ارتميت بجانب الباب، لا أرى أمامي سوى السواد.







 
 توقيع :
قال تعالى {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً }النجم28

دائما النية الطيبة لاتجلب معها إلا المفاجآت الجميلة
لاتغيروا أساليبكم فقط غيروا نياتكم فعلى نياتكم ترزقون



رد مع اقتباس