عرض مشاركة واحدة
قديم 02-19-2023   #5


الصورة الرمزية شهاب الليل
شهاب الليل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 179
 تاريخ التسجيل :  Mar 2011
 أخر زيارة : 08-05-2023 (03:58 AM)
 المشاركات : 17,012 [ + ]
 التقييم :  165345
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 340 مرة في 170 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: مسابقة عين جالوت




(3)
وجاءت سنة 624هـ/ 1226م تحمل معها خبر موت جنكيزخان الطاغية الذي بنى خلال فترة حكمه مملكة واسعة من كوريا في الشرق إلى فارس في الغرب، بناها على جماجم البشر وأشلائهم، وخاصةً من المسلمين، وقد مات عن اثنين وسبعين عامًا .
وبموت جنكيزخان هدأت الأمور نسبيًّا في هذه المنطقة، واحتفظ التتار بما ملكوه من بلاد المسلمين إلى وسط إقليم فارس تقريبًا، بينما كان جلال الدين يبسط سيطرته على المناطق الغربية من إقليم فارس والمناطق الغربية من بحر قزوين، وكأن كل طرف قد رضي بما يملك، وآثر الاحتفاظ بما يعتقد أنه حق له.
الاجتياح التتري الثاني
أتت سنة 628هـ/ 1230م تحمل هجمة تترية بشعة جديدة على الأمة الإسلامية؛ فقد تولى قيادة التتار الزعيم الجديد (أوكيتاي)، وأخذ ينظِّم أمور مملكته في معقلها بمنغوليا والصين، وذلك من سنة 624 إلى سنة 627هـ (من 1226 إلى 1229م) [26].
وبعد أن تم له ذلك بدأ يفكر من جديد في اجتياح العالم الإسلامي، واستكمال الحروب بعد ذلك في منطقة روسيا التي هُزمت فيها قبل ذلك الجيوش التترية، ومحاولة استكمال الفتوح في داخل أوربا، كلف الخاقان الكبير (أوكيتاي) أحد أبرز قادته بالقيام بمهمة الاجتياح التتري الثاني، وهو القائد (شورماجان) الذي جمع جيشًا هائلاً من التَّتَار، وتقدَّم صوب العالم الإسلامي من جديد ولما جاءت جيوش التتار بقيادة شورماجان اجتاحت البلاد الإسلامية اجتياحًا بشعًا، وقد وصل إلى علمها أن جلال الدين قد ضعف جدًّا في هذه السنة لحدوث هزيمتين له من الأشرف بن العادل حاكم ديار الجزيرة في شمال العراق وجنوب تركيا، وكانت طائفة الإسماعيلية -وهي من طوائف الشيعة في غرب إقليم فارس- قد راسلت التتار وأخبرتهم بضعف جلال الدين؛ وذلك لأنه كانت بينهم وبين جلال الدين حروب، فأرادوا الانتقام منه بإخبار التتار بوقت ضعفه .
وجاءت جحافل التتار ودمرت في طريقها كل ما يمكن تدميره، وأكلت الأخضر واليابس، وكان لها هدف رئيسي هو الإمساك بجلال الدين بن خوارزم، والتقى بهم جلال الدين في موقعة انهزم فيها شرَّ هزيمة، وأسرع بالفرار من أمام التتار وقد تمزَّق جيشه، وأخذ يتنقل بمفرده بين القرى فرارًا من التتار، واختفى ذكره من البلاد شهورًا متصلة؛ فلا يعرف أحد إن كان قُتل أو اختفى أو هرب إلى بلد آخر، حتى قابله أحد فلاحي الأكراد، وعرفه، فخدعه وأطعمه حتى نام، وهنا قام الفلاح وقتل جلال الدين بالفأس، وأخذ ما عليه من الجواهر وسلمها إلى شهاب الدين غازي صاحب هذه المنطقة، والذي طالما ذاق من ويلات جلال الدين وهكذا كانت نهاية الظالمين، ونهاية المفرِّطين، ونهاية الذين تملكوا رقاب العباد فما رعوا لله حقًّا، وما رعوا للرعية حقًّا، وما رعوا للرحم حقًّا، وعاشوا لأنفسهم فقط.
ونتيجة سوء التربية، وغياب الفهم الصحيح للإسلام، والتمسك بالدنيا إلى أقصى درجة، وعدم وضوح الرؤية عند الناس؛ فقد دبت الهزيمة النفسية الرهيبة في داخل قلوب المسلمين، فما استطاعوا أن يحملوا سيفًا، ولا أن يركبوا خيلاً، بل ذهب عن أذهانهم أصلاً التفكير في المقاومة، وهذا -لا شك- سهَّل جدًّا من مهمة التتار الذين وجدوا أبوابًا مفتوحة، ورقابًا جاهزة للقطع !.
يروي ابن الأثير في الكامل في أحداث السنة الثامنة والعشرين بعد الستمائة بعض الصور التي استمع إليها بإذنه من بعض الذين كُتبت لهم نجاة أثناء حملات التتار على المدن الإسلامية فيقول: كان التتري يدخل القرية بمفرده، وبها الجمع الكثير من الناس فيبدأ بقتلهم واحدًا تلو الآخر، ولا يتجاسر أحد المسلمين أن يرفع يده نحو الفارس بهجوم أو بدفاع وقال أيضًا: "ولقد بلغني أن إنسانًا منهم أخذ رجلاً، ولم يكن مع التتري ما يقتله به، فقال له: ضع رأسك على الأرض ولا تبرح؛ فوضع رأسه على الأرض، ومضى التتريُّ فأحضر سيفًا وقتله به".
لقد ضم شورماجان شمال إقليم فارس (شمال إيران حاليًا) إلى الإمبراطورية التترية، وذلك في سنة 629هـ/ 1231م، ثم زحف بعد ذلك على إقليم أذربيجان فضمه إلى أملاكه، وبتلك الانتصارات التترية -إلى جانب موت جلال الدين على النحو الذي مرَّ بنا- اكتمل سقوط إقليم فارس كله في يد التتار باستثناء الشريط الغربي الضيق الذي تسيطر عليه طائفة الإسماعيلية الشيعية.
ثم بدا لشورماجان أن يستقر في هذه المناطق ولا يكمل زحفه إلا بعد ترسيخ قدمه، وتثبيت جيشه، ودراسة المناطق المحيطة، وما إلى ذلك من أمور تدعم السلطان التتري في هذه المنطقة.
ظل شورماجان يَرسخ حكم التتار في هذه المناطق مدةَ خمس سنوات كاملة، من سنة 629هـ/ 1231م إلى سنة 634هـ/ 1236م، وأثناء هذه السنوات الخمس لم تخرج عليه ثورة مسلمة ولم يتحرك لقتاله جيش مسلم مع أن جيوش المسلمين تملأ المناطق المجاورة لفارس وأذربيجان، وذلك في العراق والموصل ومصر والحجاز وغيرها.
بعد هذه السنوات الخمس في إقليمي فارس وأذربيجان بدأ شورماجان في سنة 634هـ/ 1236م في الالتفاف حول بحر قزوين من ناحية الغرب لينطلق شمالاً لاستكمال فتوحاته، وبسرعة استطاع أن يسيطر على أقاليم أرمينيا وجورجيا (مملكة الكرج النصرانية) والشيشان وداغستان.
ثم بدأ جيش آخر من جيوش التتار بزعامة (باتو بن جاجي) في قيادة الحملات التترية شمال بحر قزوين، وذلك في نفس السنة 634هـ/ 1236م، وأخذ في قمع القبائل التركية النازلة في حوض نهر الفولجا، ثم زحف بعد ذلك على البلاد الروسية الواسعة، وذلك في سنة 635هـ/ 1237م.
وبدأ هذا الجيش التتري الرهيب يقوم بالمذابح الشنيعة في روسيا النصرانية، فاستولى على العديد من المدن الروسية، وذلك في سنتي 635 و636 هجرية، سقطت تحت أقدام هذا الجيش مدن (ريدان)، ثم (كولومونا) بعدها بأيام، ثم سقطت مدينة (فلاديمير) الكبيرة بعد صمود ستة أيام فقط، واقترن سقوطها بمذبحة بشعة، ثم سقطت (سوذال)، ثم توجهت الجيوش التترية إلى أعظم مدن روسيا (موسكو) فتم اجتياحها وتدميرها، ثم سقطت بعد ذلك مدن (يورييف) و(جاليش) و(بريسلاف) و(روستوف) و(ياروسلاف)، ثم سقطت مدينة (تورزوك)، وبذلك احتل التتار دولة روسيا بكاملها ومع أن مساحة روسيا سبعة عشر مليون كيلو متر مربعًا، إلى جانب أعداد سكانها الهائلة وأحوالها المناخية القاسية إلا أن التتار احتلوها بالكامل في عامين فقط.!
وفي سنة 638هـ/ 1240م تحركت جيوش التتار غربًا بقيادة (باتو بن جاجي) فاحتلوا دولة أوكرانيا بكاملها (ومساحتها ستمائة ألف كيلو متر مربع)، واجتاحوا العاصمة (كييف)، ودمروا كنوزها العظيمة، ولقي أكثر سكانها مصرعهم.
وفي سنة 639هـ/ 1241م زحفت فرقة من قوات التتار بقيادة (بايدر) إلى الشمال الغربي من دولة أوكرانيا فدخلت مملكة بولندا، ودمرت الكثير من المدن البولندية، فلم يجد الملك البولندي إلا أن يستعين بالفرسان الألمان القريبين منه (ألمانيا تقع في غرب بولندا مباشرة)، فجاء الأمير هنري دوق (سيليزيا الألمانية)، واشترك مع ملك بولندا في تكوين جيش واحد لملاقاة التتار، غير أن هذا الجيش لقي هزيمة ساحقة على أيدي الجيوش التترية بقيادة (بايدر)؛ وبذلك سقطت بولندا أيضًا تحت حكم التتار!
وفي هذه الأثناء وفي نفس السنة 639هـ/ 1241م ترك (باتو) قائد التتار المتمركز في أوكرانيا فرقة تترية في هذه المنطقة، واتجه بجيشه الرئيسي غربًا إلى مملكة المجر حيث التقى مع ملك المجر في موقعة رهيبة دمر على أثرها الجيش المجري بكامله، وبذلك احتُلت المجر أيضًا!
ثم نزل (بايدر) من بولندا في اتجاه الجنوب لمقابلة جيوش التتار بقيادة باتو في المجر، وفي طريقه للنزول اجتاح دولة سلوفاكيا وضمها بكاملها إلى دولة التتار ثم تدفقت الجيوش التترية إلى دولة كرواتيا فاجتاحتها.!
وبذلك وصلت الجيوش التترية إلى سواحل البحر الأدرياتي (وهو البحر الفاصل بين كرواتيا وإيطاليا)، وبذلك يكون التتار قد ضموا إلى أملاكهم نصف أوربا تقريبًا.!
وكان من الممكن أن تستمر الفتوحات التترية في أوربا -وقد وصلت حدود دولة التتار إلى دول ألمانيا والنمسا وإيطاليا- لولا أن الخاقان الكبير ملك التتار (أوكيتاي) مات في هذا العام 639هـ/ 1241م فاضطر الأمير (باتو بن جاجي) أن يوقف الحملات، ويستخلف أحد قواده على المناطق المفتوحة، ويعود إلى (قراقورم) عاصمة التتار في منغوليا للمشاركة في اختيار الخاقان التتري الجديد .
ي ......... ت ......... ب ......... ع



 
 توقيع :


[flash=http://up.hawahome.com/uploads/13722673011.swf]WIDTH=420 HEIGHT=220[/flash]

التعديل الأخير تم بواسطة شهاب الليل ; 02-20-2023 الساعة 10:34 AM

رد مع اقتباس
3 أعضاء قالوا شكراً لـ شهاب الليل على المشاركة المفيدة:
 (02-20-2023),  (02-20-2023),  (02-20-2023)