الموضوع: من وحي الهجرة
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 09-12-2018
الغريبة غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 2186
 تاريخ التسجيل : Apr 2016
 فترة الأقامة : 2920 يوم
 أخر زيارة : 07-12-2022 (05:49 PM)
 المشاركات : 13,322 [ + ]
 التقييم : 6639
 معدل التقييم : الغريبة has a reputation beyond reputeالغريبة has a reputation beyond reputeالغريبة has a reputation beyond reputeالغريبة has a reputation beyond reputeالغريبة has a reputation beyond reputeالغريبة has a reputation beyond reputeالغريبة has a reputation beyond reputeالغريبة has a reputation beyond reputeالغريبة has a reputation beyond reputeالغريبة has a reputation beyond reputeالغريبة has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 3,941
تم شكره 1,897 مرة في 1,149 مشاركة
افتراضي من وحي الهجرة



من وحي الهجرة



د. حسان أبو عرقوب

السؤال الذي يخطر على بالي كلما احتفلنا بذكرى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم هو:
لماذا اختار سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذه المناسبة ليكون من خلالها التأريخ عند المسلمين؟
والسبب في السؤال أنه عند المسلمين مناسبات كثير يمكن أن تصلح تأريخا للأمة،
كولادة النبي صلى الله عليه وسلم، أو وفاته، أو نزول الوحي، أو ختم نزوله،
أو نزول آية
(اليوم أكملت لكم دينكم) أو غزوة بدر، أو الإسراء والمعراج، أو ليلة القدر،
أو النصف من شعبان،
...الخ. فما هي الغاية من تخصيص الهجرة بالتأريخ بها؟


لا بُدّ في البداية أن نفهم سبب اختيار تأريخ يتميز به المسلمون،
وهذا أمر لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم بطبيعة الحال،
ولا فعله سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه،
والسبب في ذلك أن سيدنا عمر يريد ألا يجعل الأمة الإسلامية تابعة لأحد، بل مستقلة،
وهي قادرة على أن تكون كذلك، ولو بأمور تفصيلية، قد لا تبدو مهمة للبعض،
ولكنها في حقيقتها مهمة جدا، والشيطان دائما يسكن في التفاصيل.

فعملية الخروج بتاريخ جديد للمسلمين يميزهم عن غيرهم عمل ينسجم مع أعمال
سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي قام بها أو أشار إليها لتكون هذه الأمة مميزة عن غيرها.
وهذا التميز يعني الاستقلال عن أي قوة أخرى، ولو بأمور تفصيلية دقيقة،
مما يشعر الأمة بكيانها وقيمتها، ودخولها في ساحة العالم بوجهها الحضاري
الذي يمثل ثقافتها وتاريخها الخاص بها، ويجعل لها كيانا في صف الكيانات الأخرى.

وأعود للجواب عن السؤال الأول، اختار سيدنا عمر الهجرة للتأريخ بها لما تحمله من معاني روحية بالإضافة إلى المعاني الحضارية التي يمكن أن يتم عليها بناء الأمة الحضاري، فتنسجم هذه المعاني مع الغاية التي من أجلها استقل المسلمون بتأريخهم.

فمن المعاني الروحية الدقيقة:
انتظار الإذن بالهجرة من الله تعالى، مما يشير لعلاقة النبي صلى الله عليه وسلم بربه واتصاله به،
ثم ارتياح القلب لقضاء الله، وتجلى هذا الأمر في الغار،
حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الثقة بربه سبحانه،
وأخيرا الشعور بمعية الله،
وتتجلى في قوله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: ( إن الله معنا ).

أما أهم المعاني الحضارية التي تلحظ في هذه الحادثة العظيمة، فمسألة التخطيط السليم والدقيق للأمور، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ بالأسباب أخذا كاملا غير منقوص، مع كامل التوكل على الله في القلب، أما ما نفعله الآن فنتواكل على الله، وننام الليل الطويل، ونحلم بالرخاء، وبهذا لا تقوم أمة، ولا تُبنى حضارة.

ومنها أيضا استثمار طاقات الشباب –ذكورا وإناثا- فعبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما، الشاب النجيب، أوكلت إليه مهمة نقل الأخبار، أما أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، فمهمتها تأمين الطعام والشراب. وفي هذا أبلغ إشارة لدور المرأة وإسهامها الحضاري، الذي حاول فريق من الناس أن يطمسوه أو يلغوه لأسباب لا أدري ما هي، إلا أنني يمكن أن أحصرها بتعطيل نصف المجتمع، ومن ثم تعطيل عجلة نموه وتطوره.

ولا ننسى أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد ترك سيدنا علي رضي الله عنه في فراشه كي يردّ الأمانات إلى أهلها، وهذا تصرّف أخلاقي عظيم، لأنّ الخصومة بين الأطراف ينبغي ألا تخرج عن الإطار الأخلاقي، وإن كان أحد الخصمين بلا أخلاق.



المواضيع المتشابهه:



 توقيع :



[media]https://www.youtube.com/v/ewzNjWgnLqw[/media]






رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ الغريبة على المشاركة المفيدة:
 (09-12-2018)