عرض مشاركة واحدة
قديم 06-29-2011   #28


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



عشت أياما جميلة مع حبيبتي فلوري، فقد نسيت كل الدنيا، ولم يبق في عقلي وقلبي
سواها، اتفقنا على الزواج، وأن نبحث عن بيت نقيم فيه، ولكن بعد أن نجمع بعض
المال، وكانت تحبني كثيراً، فقد كانت تبكي عندما تأتي في الصباح ولا تجدني
بانتظارها عند موقف الحافلة، فكنت أضمها إلى صدري، وأشرح لها سبب تأخري فتهدأ، وتعود البسمة إلى وجهها الجميل.
كان الشتاء في أيامه الأخيرة، يحاول عبثاً البقاء، ولكن الربيع لن يعطيه من
وقته مهما هدده بالثلوج والأعاصير، والشمس كانت تساعده، فقد ملت الشتاء الطويل، وحنت للبلابل والعصافير..
كالعادة كنت أنتظر فلوري كل يوم في الصباح عند موقف الحافلة، ثم تعانقني
وأضع يدي بيدها، ونذهب إلى السوق، ولكن هذه المرة جاءت فلوري حزينة، وقد
احمرت عيناها من البكاء، وبالكاد تستطيع الكلام، فسألتها: ما بك؟
ـ عمتي مريضة جداً، وقد سهرت معها طوال الليل
ـ وكيف حالها الآن
ـ صحتها ليست جيدة، وقد جئت أخبرك بأني سوف أبقى بجانبها لبضعة أيام حتى تشفى من المرض.
ـ ولكني لا أستطيع البقاء من دونك
ـ سوف أخذك معي إلى عمتي لكي تتعرف عليك
ـ هل أخبرتها عني؟
ـ كلا، لم أجد الوقت المناسب، فقد كانت مريضة جداً
ـ أمهليني بضع دقائق كي أخبر الحارس وزوجته،ثم نغادر فوراً
ودعت الحارس وزوجته العجوز بعد أن أخبرتهم بأني سوف أغيب لبضعة أيام، مع
فلوري، وأخذت نقودي التي جمعتها من بيع الطين، تحسباً لطارئ ما قد يحدث معي
وبسرعة وجدت نفسي جالساً بجانب فلوري في الحافلة متجهين إلى المدينة، وكنت لم
أر المدينة منذ شهرين، عندما جئت مع أيمن، وتركني في السوق أعاني الويلات...
كانت فلوري تجلس بجانبي، وهي تمسك بيدي، وكأنني عصفور تخاف أن يطير منها،ويهرب من النافذة....
نزلنا من الحافلة، ثم ركبنا بأخرى، لأن الحافلة التي تأتي من السوق لا تذهب
مباشرة إلى بيت عمة فلوري، وكنت قد بدأت أتذكر الشوارع التي سارت فيها
الحافلة عندما جئت مع أيمن، فسألت فلوري:
ـ أين تقيم عمتك؟
ابتسمت فلوري مع أنها حزينة على مرض عمتها، وقالت:
؟ ـ لماذا تريد أن تعرف
ـ لا شيء، مجرد فضول!
على كل حال، عمتي تقيم في حي يقع على أطراف المدينة، في منطقة تكتظ بالغجر
ـ وما يضايقني أكثر إنها تقيم بالطابق العاشر، وأغلب الأحيان يكون المصعد معطل!
فسألتها بسرعة:
ـ وما اسم عمتك؟
ابتسمت مرة ثانية، وحدقت في بدهشة، وكنت أتابع حركات شفتيها، وشعرت أن
الكلمة تحتاج يوم كامل لتخرج من فمها!
عندما سمعت اسم العمة ماريا تنطق به فلوري، أصابتني رعشة، سرت في عروقي
وشعرت بدوار يلف رأسي، فكررت وراءها بسرعة
ـ ماريا.. ماريا.. هل قلت عمتك اسمها ماريا؟
نظرت إلي في دهشة وقالت:
ـ نـعم ماريا، لماذا تتعجب هكذا؟ وكأنك تعرفها؟
صمت لأن الكلمات التي أعرفها لا تساعدني كي أشرح لها كيف أعرف العمة ماريا
وتركتها كي تعرف بنفسها عندما نصل إلى بيت العمة ماريا...
نزلنا من الحافلة، ثم مشينا في الشارع الممتلئ بالغجر الذين كانوا يتابعون
خطواتنا عن قرب، دخلنا المبنى، ومن حُسن حظنا لم يكن المصعد معطلاً،
خرجت من المصعد لأصطدم بروكسانا، وهي تفتح الباب،فرمقتني باحتقار ودخلت
إلى المصعد، ولم يكن أيمن معها، بل كانت تجر بيدها شابا أسود، ذو ملامح أفريقية،
ولم أستطع أن أكلمها، فقد غادرت بسرعة، وكأنها لا تريد أن يعرف الشاب بأنني
أعرفها، وكانت فلوري تضغط على جرس بيت العمة ماريا التي لم تفتح الباب، ثم
انتظرنا قليلاً، وعادت فلوري لتضغط الجرس تارةً، وتارةً أخرى تدق على الباب
ولكن لم يجب أحد، فتذكرت مفتاحي الذي أخذته من العمة ماريا، فمددت يدي إلى
جيبي وأخرجته بسرعة، وفتحت الباب لأجد العمة ماريا ملقاة بجانب الباب ولم
تستطيع الوصول لتفتحه، من شدة مرضها...



يتبع







 
 توقيع :
قال تعالى {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً }النجم28

دائما النية الطيبة لاتجلب معها إلا المفاجآت الجميلة
لاتغيروا أساليبكم فقط غيروا نياتكم فعلى نياتكم ترزقون



رد مع اقتباس