عرض مشاركة واحدة
قديم 04-18-2013   #3


الصورة الرمزية بسمة روح
بسمة روح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 234
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 09-13-2014 (01:00 PM)
 المشاركات : 12,175 [ + ]
 التقييم :  53790370
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي





المقال الخامس: الصلاة والنصر


الصلاة هي وسيلة النصر ، أعني الصلاة التي تحقق التوحيد وإخلاص العبودية لله رب العالمين ، فالنصر يتنزل على المخلصين.

هذه الصلاة هي أمضى سلاح في هذه الحياة ، وكل سلاح عداها فلا يعد شيئا في مقابلها ، إننا قبل أن نفكر أو نشتغل بالأسلحة المادية يجب أن نخطط ونسعى جاهدين إلى زرع هذا السلاح في نفوس أفرادنا، فردا فردا، فمتى تحقق ذلك فإن النصر معه بإذن الله ، فالنصر مع الصبر ، والصبر من أعظم ثمار الصلاة .

الصلاة هي سلاح القوة للفرد والأسرة والمجتمع والدولة ، فأي فرد أو أسرة أو أمة حقق أفرادها الصلاة نصرت وسادت ، هذا وعد الله المؤكد وليس من عندي ، والتاريخ خير شاهد على هذه الحقيقة الربانية ، والوعد الإلهي.

إن الصلاة هي السلاح الذي يجب أن يسعى المسلمون إلى التسلح به ، وهي السلاح الذي يرهب الأعداء ويقذف في قلوبهم الرعب فلا تنفعهم أسلحتهم شيئا "وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا"الأحزاب: ٢٦ .

لقد وعد الله عباده المخلصين بالنصر والتمكين فقال :"وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِم وَلَيُمَكِننَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِى ارْتَضَى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِى لَا يُشْرِكُونَ بِى شَيْئَا فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"النور: ٥٥،هذا هو الشرط وهذا هو الجزاء ، فالمعادلة واضحة وقاطعة ، والوعد من العليم القدير أكيد مضمون ، لكن يبقى العمل ومن يحقق الشرط المطلوب وهو إخلاص العبودية لله وحده لا شريك له، والصلاة هي الوسيلة إلى إخلاص العبودية لله رب العالمين ، فمتى كانت الصلاة صلاة فإن إخلاص العبودية لله حاصل معها ولا بد والنصر جزاء المخلصين.


لم تكن كثرة العدد وقوة السلاح يوما ما هي المعيار الفاصل في القوة بل القاعدة في هذا الأمر : "فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّى وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإنَّهُ مِنِّى إلَّا مَنْ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ ءامَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُوا اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةً قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرةٍ بِإذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِِينَ"البقرة: ٢٤٩، "إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذَلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِى يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤمِنُونَ"آل عمران: ١٦٠،"مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَاللهِ الْعِزَّةُ جَمِيعَا إِلَيْهِ يّصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ" فاطر: ١٠،"يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلُّ وَلِله الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقينَ لَا يَعْلَمُونَ" المنافقون: ٨،"وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤمِنِينَ" الروم: ٤٧ .

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلجأ إلى هذه الصلاة في شدائد الحياة كلها ومن أشدها حين ملاقاة الأعداء، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لما كان يوم بدر قاتلت شيئا من قتال ثم جئت مسرعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنظر ما فعل ، فجئت فإذا هو ساجد يقول : (يا حي يا قيوم) لا يزيد على ذلك ، ثم رجعت إلى القتال ، ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك ، ثم ذهبت إلى القتال ثم رجعت وهو ساجد يقول ذلك ، ثم ذهبت إلى القتال ثم رجعت وهو ساجد يقول ذلك ، ففتح الله عليه"تعظيم قدر الصلاة"

وقال ابن القيم في زاد المعاد : " ثم حمي الوطيس واستدارت رحى الحرب واشتد القتال وأخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم في الدعاء والابتهال ومناشدة ربه عز و جل حتى سقط رداؤه عن منكبيه فرده عليه الصديق وقال : كفاك بعض مناشدتك ربك فإنه منجز لك ما وعدك"اهـ ، وفي حديث حذيفة في غزوة الخندق ذكر فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان طول الليل يصلي < مسند أحمد> ، وكان هذا دأبه صلى الله عليه وسلم في كل غزواته فكانت الصلاة هي السلاح الذي يستنزل به النصر من ربه ويستدفع به شر أعدائه ومكائدهم، فكان الله ينجيه ويحفظه في كل مرة.

وهذا العون والمدد حاصل لكل من تأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم وسلك طريقه واستن بسنته.

من كان كذلك فهو القائد الذي تنصر أمته ، والمربي الذي يصلح مجتمعه، والإداري الذي ينجز أهدافه ، أما من تكبر وأعرض أو أهمل وتكاسل فليس له من هذا النصر نصيب.

يكثر في الجيوش استعمال المنشطات أو المهدئات بسبب الخواء النفسي لأفرادها فيستعان في ذلك بالحبوب والعقاقير ، وربما وصل الحال ببعضهم إلى استعمال المخدرات والحشيش لأجل تحقيق القوة البدنية المبنية على قوة نفسية وهمية.

النصر الداخلي أول خطوات النصر، ولا يمكن النصر الخارجي بدونه، فالقوة النفسية هي القوة الحقيقة التي ينتصر بها الإنسان على أعدائه في الحياة ، فالمصلي تحصل له القوة النفسية الداخلية حين يحقق التوحيد، ويكتسب القوة والمدد من رب العالمين فيصبح قويا نشيطا ، وهذا تفسير ميزان القوة في حروب الصحابة رضي الله عنهم مع الفرس والروم، فلم يهزموهم بقوتهم البدنية ولا بعدتهم القتالية ولا بخبرتهم العسكرية إنما هزموهم بقوة توحيدهم لرب العالمين في صلاتهم الليل والنهار ، لذلك كان من دعاء المؤمنين"وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِى أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ"آل عمران: ١٤٧

إن ثبات القدمين في الصلاة هو الطريق لثبات القدمين في الجبهات.

النصر هو الصلاة، كلمة نقولها لمن ألهاهم وأشغلهم السعي لتحقيق الانتصار الخارجي ونسوا وأهملوا النصر الداخلي، أي البناء الداخلي للنفس، أي الصلاة بكل مفاتيحها، كلمة نقولها لمن استهلكت أوقاتهم المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية عن تحقيق مفاتيح إقامة الصلاة كاملة ورضوا بأقل من الحد الأدنى في هذا الأمر العظيم.

إن الصلاة أكبر تدريب عسكري متى أحسن استخدامها، فهي تحقق القوة النفسية والبدنية في وقت واحد، وأعني بالقوة النفسية قوة التوحيد لله رب العالمين "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُم وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْىء فِى سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ"الأنفال: ٦٠.

إن أحفاد الصحابة اليوم لا يمكنهم النصر على اليهود والنصارى والمجوس إلا بالصلاة بكل مفاتيحها، أما طلب النصر بقومية أو قبلية أو مدنية يختلط فيها المسلم بالكافر والمؤمن بالمشرك فهذا لا يكون، وإن وجد شيء من النصر والغلبة فهو نصر دنيوي لا يحقق قوة الدين وأهله ، وهو نصر أثره محدود، وعرضة للانهيار في أي لحظة.




 
 توقيع :


رد مع اقتباس