تصحيح المفاهيم الخاطئة في سورة آل عمران
تحريم الربا
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) آل عمران 130 .
والفهم الخاطئ يتمثل في الخطأ بالاستدلال بالآية على أن الربا الذي حرمه الله شرطه أن يكون أضعافا مضاعفة .. أما ما كان يسيرا فإن الله يتجاوز عنه !
(كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ) الكهف 5 .. واعتقد أن هذا من التلبيس أو التدليس يضحك به قوم على البُلّه من الناس كما ضحك عليهم إبليس حتى يبيحوا لأنفسهم التعامل بالربا الذي حرمه الله في قرآنه كما حرمه الرسول عليه السلام في سنته .
والأمر في ذلك واضح جلي .. فقد حرم الله الربا على طريقة التّدرج .. كما كان ذلك في تحريم الخمر وغيره فقد انزل الله تعالى أول ما انزل في شأن الربا .
قوله تعالى : ( وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ) الروم 39 .
ثم انزل قوله سبحانه وتعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) كمرحلة ثانية .
ثم انزل قوله تعالى : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) حتى قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ) البقرة 275 – 279 .
فلا يقولن قائل بعد نزول هذه الآيات إنما حرم الربا أضعافا مضاعفة !
لقد حرم الله الربا كله .. كما حرم الخمر كله .. كما حرم الموبقات كلها والذنوب جميعها .. وأعلن الحرب على المرابين .. ووعدهم بالمحق .. وما زاغت الأمة أو ضلت السبيل إلا بتعاملها بالربا الذي حرمه الله تعالى .. حتى عم بلاؤه .. وكثر وباؤه .. وانتشر خطره .. وعم ضرره .. فلم يكد ينجو منه بر أو فاجر .. ولا مؤمن ولا كافر .. فلا حول ولا قوة إلا بالله .