عرض مشاركة واحدة
قديم 04-18-2013   #32


الصورة الرمزية بسمة روح
بسمة روح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 234
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 09-13-2014 (01:00 PM)
 المشاركات : 12,175 [ + ]
 التقييم :  53790370
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي



المسألة الثانية: مفهوم كثرة الصلاة

إن كثرة الصلاة يكون بأمرين معا:
الأول : كثرة الركوع والسجود أي عدد الركعات وهذا يتحقق بدوام الصلاة .
الثاني: كثرة القراءة والتعظيم والتضرع، ويكون هذا بطول الصلاة .
وبهذين الأمرين جاءت النصوص ووقع بين العلماء خلاف في أيهما أفضل هل طول القيام وكثرة القراءة، أو كثرة الركوع والسجود، والتحقيق أن كلا الأمرين مطلوب، ومن المعلوم أن طول القيام يترتب عليه طول الركوع وطول السجود هذا هو المحفوظ من سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن تيمية : تنازع العلماء أيما أفضل كثرة الركوع والسجود أو طول القيام أو هما سواء ؟ على ثلاثة أقوال عن أحمد وغيره : والصحيح أنهما سواء، القيام فيه أفضل الأذكار، والسجود أفضل الأعمال فاعتدلا ؛ ولهذا كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم معتدلة يجعل الأركان قريبا من السواء وإذا أطال القيام طولا كثيرا - كما كان يفعل في قيام الليل وصلاة الكسوف - أطال معه الركوع والسجود وإذا اقتصد فيه اقتصد في الركوع والسجود"اهـ
وأما كثرة السجود مع التخفيف والتطفيف فلا تحقق مقاصد الصلاة ، وهذا يفسر شكوى بعض المكثرين للصلاة من عدم خشوعهم فيها وعدم تحقق ما وعد الله المصلين من القوة والثبات واليقين والصبر والنصر والبركة في الحياة ، أما من يجمع بين الأمرين حسب ما ورد تفصيله في السنة فهذا الذي يستفيد من صلاته.
لا يصح أن يفهم أحد أن التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في كثرة الصلاة يكون بالعدد مع إهمال المفاتيح الأخرى ، فالبعض مثلا لما سمع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة فهم أن المقصود العدد فصار لا يزيد على إحدى عشرة ركعة لكنه يصليها باستعجال في دقائق معدودة ، بينما النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها في أربع ساعات على الأقل وربما زاد إلى ست أو سبع ساعات في بعض الليالي.
فليست العبرة بالعدد بل مع العدد لا بد من الكيف والصفة فقد كان من صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل طول القيام وكثرة التعظيم والثناء على الله تعالى وطول السجود وكثرة التضرع والمناجاة لله عز وجل، فإن أطاق المصلي مثل هذه الركعات واستغرقت مثل وقتها فهذا هو عين السنة ، وحين يعجز المصلى عن ذلك فعليه بما يطيق، وأن يتفوق الليل تفوقا، أي يوزع صلاته على أول الليل ووسطه وآخره وأن تكون ركعاته بقدر ما يطيق في الطول ، ولا عليه إن زادت عن إحدى عشرة أو نقصت.
يقول الله تعالى في صفة المتقين المستحقين للجنات والعيون : "كَانُوا قَلِيلًا مِنَ الليْلِ مَا يَهْجَعُونَ" الذاريات: ١٧ ، وخير تفسير لهذه الآية هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم نصف الليل أو ثلثيه ، فمن صلاة الليل: صلاة المغرب وصلاة العشاء وسنتهما الراتبة ، ثم كان ينام بعد العشاء في حدود ثلاث ساعات ليقوم بعدها يصلي إلى الفجر ، وربما في بعض الليالي يصلي بعد العشاء ركعتين ثم ينام ، ثم يستيقظ فيصلي ثم ينام ، ثم يستيقظ ويصلي إلى الفجر ، فالمهم أنه كان لا ينام من الليل إلا قليلا .
صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أكمل وأعلى من صلاة دواد عليه السلام الذي كان ينام نصف الليل ثم يصلي ثلثه ثم ينام سدسه ، فهذه مرتبة أدنى من مرتبة صلاة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وليس معنى قوله صلى الله عليه وسلم أنها أحب الصلاة إلى الله أنه لا يشرع غيرها أو لا يوجد أكمل منها ، بل فعله صلى الله عليه وسلم لا يخالف قوله ، فقد أخبر أن أحب الصيام إلى الله صيام داود ومع هذا لم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه التزم به بل كان له هدي خاص في صيام التطوع مفصل في مواضعه من كتب أهل العلم ، المقصود أن تفسير قول الله تعالى :"كَانُوا قَلِيلًا مِنَ الليْلِ مَا يَهْجَعُونَ" الذاريات: ١٧ ،هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل وهو ما وصفته، والوصول إلى هذه المرتبة يحتاج إلى مجاهدة وإلى قوة إيمان تحتاج إلى تدرج وتمهل وصبر ومثابرة.





 
 توقيع :


رد مع اقتباس