عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 07-05-2022
روح الأمل غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
اوسمتي
تكريم اكتوبر المراقبة المتميزة متميزين الوهج وسام 30 الف 
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 3602
 تاريخ التسجيل : Jul 2020
 فترة الأقامة : 1409 يوم
 أخر زيارة : 12-24-2022 (09:39 AM)
 المشاركات : 49,122 [ + ]
 التقييم : 1400003561
 معدل التقييم : روح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 1,699
تم شكره 3,594 مرة في 2,459 مشاركة

اوسمتي

افتراضي الوسطية في النعم



علي سلطان علي السيد


نِعَمُ الله سبحانه وتعالى لا تُعدُّ ولا تُحصى، كما في قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ [إبراهيم: 34]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 18].



آثرتُ ذكر الآيتين الكريمتين؛ لنتأمَّل خاتمةَ كُلٍّ منهما؛ لنرى دقَّة التعبير وروعته، ففي آية سورة (إبراهيم) نجد خاتمتها ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾، وكأنه عتابٌ - إن صحَّ التعبيرُ - من الخالق المُنعِم سبحانه لهذا الإنسان، مفاده: أَبَعْدَ هذه النِّعَم الوفيرة تعبُد غيري؟!



فمن جحَدَ هذه النعم "لم يشكر الله"، فهو "ظلوم كَفار"، وفي آية سورة (النحل) نجد خاتمتها ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾، نهاية تحتاج إلى طول تأمُّل، وإعمال فكر!



فالله سبحانه وتعالى غمرَك أيُّها الإنسان بنعمه فتكاثرتْ عليك، فلا تستطيع حصرها أو عدَّها، وبعد ذلك يُخبرُكَ الله سبحانه وتعالى – وهو المُنعِمُ عليك، الغنيُّ عنك - بأنه غفور رحيم، لماذا؟

ظنِّي أن الله سبحانه عقَّب بقوله: "غفور رحيم"؛ أي: إنه سبحانه وتعالى غفورٌ لمن جحد هذه النعم، وكفر بها.



أمَّا قوله سبحانه: "رحيم"، فهو بيتُ القصيد، وموضعُ اللطائف التي أردْتُ الحديث عنها، فمن رحمة الله بنا "الوسطية" حتى في النعم.



فالله سبحانه وتعالى وَهَبَنا نِعَمًا لا تُحصى ولا تُعدُّ، ولكن بقدرٍ و"وسطية"، فلقد أنعم الله علينا بالبصر والسمع والتفكير و... إلخ، ولكن اقتضتْ حكمتُه سبحانه ورحمتُه أن تُغلَّف هذه النِّعَم بالوسطية، كيف ذلك؟

أنعم الله علينا بالبصر، ولكنه البصر الوسط، فلو زاد الله تعالى قُدْرتنا البصرية لأزعجتْنا وأرهقتْنا، ولو أن الله سبحانه وتعالى أتاح لنا رؤية الغيبيَّات لتعسَّرتْ حياتُنا، وكذا في نعمة السمع أحاطها سبحانه وتعالى بسياج "الوسطية"، فلو فقدْنا كُلُّنا السمع، لما استطعنا التواصُلَ والحياةَ، ولو زادتْ قدرةُ سمعِنا عن الحدِّ المعتدل الوسط، لسَمِعْنا دبيب النمل وتعسَّرتْ حياتُنا؛ لذا كانت زيادة الرؤية والسمع من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال: ((إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطَّتِ السماءُ، وحقَّ لها أن تئطَّ؛ ما فيها موضع قَدْر أربع أصابع إلا مَلَكٌ واضعٌ جبهتَه ساجدًا لله، لو تعلمون ما أعلم، لضَحِكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا، وما تلذَّذْتُم بالنساء على الفُرُش، ولخرجتم إلى الصُّعُدات تجأرون))[1].



وتتجلَّى "الوسطية" كذلك في المال، فالمال قوام الحياة، والإنسان مجبولٌ على حُبِّ المال، كما في قوله تعالى: ﴿وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا﴾ [الفجر: 20]، ورغم أهمية المال وحُبِّ الإنسان له، فإن الله سبحانه رحمةً بالناس نزَّله بقدر، كما في قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾ [الشورى: 27]، فسبحان اللطيف الخبير!




[1] رواه الحاكم في المستدرك (2 /510)، الألباني: السلسلة الصحيحة (1722).


المواضيع المتشابهه:



 توقيع :


شكرا نجمتنا لا عدمتك :

رد مع اقتباس
3 أعضاء قالوا شكراً لـ روح الأمل على المشاركة المفيدة:
 (07-05-2022),  (07-05-2022),  (07-11-2022)