عرض مشاركة واحدة
قديم 05-24-2019   #5


الصورة الرمزية اندبها
اندبها غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1037
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : منذ 3 أسابيع (05:32 PM)
 المشاركات : 29,396 [ + ]
 التقييم :  888890339
لوني المفضل : White
شكراً: 686
تم شكره 1,089 مرة في 578 مشاركة

اوسمتي

حصريات المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً ) ( أين نحن من الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر )







[frame="1 10"]
( أين نحن من الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر )









( إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِينُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ،
وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ،
مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ) رواه أبو داود ،
والنسائي ، وابن ماجة .
قال تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) ( النساء )
وقال عز وجل في سورة الاحزاب:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ( الأحزاب )
أن خير الكلام كلام الله
وخير الهدي هدي محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم )
يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ
يَحْمَدُ اللَّهَ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ:
(مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ثُمَّ يَقُولُ:
بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ......
وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ
وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ نَذِيرُ جَيْشٍ
رواه (مسلم، أبو داود، النسائي، ابن ماجه، أحمد، الدارمي )


أحبتي وأخوتي في الله
حينما نعلم بأن هناك أصل من أصول السُنة والجماعة
أعطاه الله ورسوله الأهتمام والتبجيل
حتي يكون من أسباب الخيرية والتميز لهذه الأمة
لتكون خير أُمة أُخرجت للناس
وهو صفة من صفات المؤمنين حقاً وصدقاً
وهو من أعظم مهام الرُسل والدُعاة لله ولُرُسله
حتى وصل هذا الركن بأن أصبح صفة من صفات
الصالحين...
وبسببه يتم تكفير السيئات ورفع الدرجات
وهو طريق الفلاح والنجاح والقبول والرضى
وعند تطبيقه يصبح سبب من أسباب الفلاح
والتمكين في الأرض
ولشرف ومكانة هذا الركن
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبايع أصحابه
والناس على القيام به وأداء حقه ....
أما إن تم تركه وتضييعه وعدم العمل به وبشروطه
تترتب عليه مضار ومهالك وصفات يتصف بها من ضيع
هذا الركن بعموم العقاب ليس لتاركه
فقط بل حتى للمحيطين بتاركه
ومن مخاطره شيوع المنكرات يكون سبب
في إطفاء جذوة الإيمان
واللعن والإبعاد عن رحمة الله
ويكون تركه سبب الغرق في
أوحال الفحشاء والرذيلة وبالتالي يستحق العقوبة
في الدنيا والاخرة
أحبتي في الله
لعلكم تتساءلون عن هذا الركن ومعرفته
وماأهميته حتى يصبح له شأن عظيم عند الله ورسوله
ويكون السبب في الفلاح والنجاة
وإن تُرك وأُهمل يكون السبب في
الضياع والخسران في الدنيا والآخرة ...
نعم أخوتنا الكرام هذا هو ماسنتعرف عليه
ونفهمه ونتابع مقاصده وكل ما يحيط به لنتعلم
كيف نعمل به موقنين بأنه طريق النجاة
حتى نصل نحن وإياكم لنكون تحت وصف الله للذين
يعملون به ويحافظون على شعيرته
فهذا الركن اخوتنا الكرام هو
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
لعلكم تقولون في هذه اللحظة أن هذا الأمر معروف
ونسمع به ولكن لانعرف شروطه ومُبطلاته وفوائده
وكيف وصل لمرحلة أن يقول عليه العلماء أنه ركن سادس
من أركان الإسلام الخمسة .....
ولعظم منزلة الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر عدّه بعض العلماء من الفرائض العظيمة
ولكن لايُحسب على أنه ركن سادس من أركان الأسلام
ففي سؤال للشيخ ابن باز رحمه الله : هل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ركن من أركان الإسلام؟
ج: نعم قال بذلك بعض أهل العلم،
من أنه ركن من أركان الإسلام
لكن لم يرد نص واضح في ذلك،
وإنما هو من أعظم فرائض الإسلام.
وأركان الإسلام التي بينها
رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة،
قال عليه الصلاة والسلام:
بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله
وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة
وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيتمتفق عليه.
هكذا بيّن النبي صلى الله عليه وسلم
أركان الإسلام ودعائمه، فلا تجوز الزيادة عليها
إلا بدليل صحيح. لكن الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر دعامة من الدعائم،
وفرض من الفروض، لكنه لا يقال:
إنه ركن سادس، لعدم الدليل على ذلك...أ . هـ مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 5/ 74).
فما الجديد فيه والغريب والمتشابه فيه
وكذلك التأويلات التى حامت حوله
والتفسيرات التى تم استغلالها من قِبل الجماعات
الخارجة عن منهج أهل السُنة والجماعة ....؟
ولماذا الكل إن لم أقل السواد الأعظم من الناس
يهابونه ويخافونه ويقولون عنه أنه ليس من حقهم
وأن السلبية والإبتعاد عنه هو الأصوب
وأن الكل يعرف مصلحته وأتجاهاته وقناعاته
وليس في حاجة لمن يذكره بها وينهاه عن منكر فعله
أو يدعون الى معروف يزيد من رصيد حسناته ....؟
ولماذا يغفلون عن هذا الركن ويستبدلونه بمصطلح
( المسايرة ) و ( المجاملة ) و ( والنفاق )
و ( عدم التدخل في شؤون الأخرين ) ....؟
والكل مسئول على تصرفاته من باب الحرية الشخصية
والثقافة الخاصة وكذلك المصطلح الذي يقول
طالما أنه سيضر نفسه فلا دخل لي به....
والكل يعرف مصلحته وليس في حاجة
لتعريفه بالأصول والأتجاهات الصحيحة ....
وأن هذا الأمر لانستطيعه ، لانه يحتاج لامكانيات
كبيرة لاتتوفر الا في أشخاص معينين عندهم القدرة
على النصح والأرشاد والنهي عن منكر
والامر بمعروف....
حتى وإن أمرته بمعروف يعمله
أخاف ان يبادرني بقول
لاتُعرّفني بالمعروف وأهله فأنا ناضج كفاية
لأعرف الصحيح من الخاطيء
كل ذلك أحبتي وأخوتي في الله
يدور في خلد كثير من الناس ، لدرجة
أنهم وصلوا لمرحلة من السلبية
نعم السلبية في عدم اهتمامهم بالمنكر المنتشر
في مابينهم وعدم محاولتهم النصح والإرشاد
لمن يرتكب هذا المنكر وتعريفه بالمعروف
من تركه للمنكر .....
وهناك فئة أخرى من الناس تنظر للنهي عن المنكر
أو تغيير المُنكر يكون باليد فقط ، وإن إستحال ذلك
يُترك كله جُملةَ وتفصيلاً
لا باللسان او القلب ...!!!!!!!!
والامر بالمعروف لابد وأن يكون لذوي السلطان
حتى يتم تغيير المنكر ومنعه بالقوة وليس بالكلام فقط
وأن أفضل شيء للنهي عن المنكر هو اخر نقطة
وهي الغضبة لله في القلب فقط
خوفاً من تبعات من ينصح ويرشد ويصلح ويمنع المنكر
إن كان في أستطاعته ....
وفي هذه الخطبة الدسمة قليلاَ
بإذن الله سنتعرف على
هذه الدعامة العظيمة من دعائم الإسلام
والذي لايهتم لها كثير من الناس
حتى وصل بالفساد والمُنكر والقبائح
والإبتعاد عن الدين والتشريعات النافذه والمُلزمة له
أن إنتشرت وأستشرت بين المجتمعات المسلمة
وأصبح الكل يرى بأُم عينه المُنكر ولا ينهى
عنه ولا يحاول تغييره بشتى الطُرق
فيقفز للدرجة الثالة مُباشرة وهي
الانكار بالقلب ، خوفاً من أن يخرج من ربقة الإسلام
حتى في مجالات تكون له السلطة والقدرة
على التغيير والنهي باللسان واليد
مثال على ذلك في داخل أسرته وحين يكون
ولي أمر البلاد أو من أهل الحسبة ....
وهناك اخوتنا الكرام
من لايُنكر المُنكر حتى بقلبه....
بالرغم من ورود آيات قرآنية واضحة
وأحاديث صحيحة تدعوا لهذه الشعيرة العظيمة
وتُحرّض عليها
وتُحبِّب الناس والخلق والمؤمنون فيها ....
فأردتُ بإذن الله تعالى في هذه الخطبة
وفي هذه الأيام المُباركة العظيمة
والتى أستمدت بركتها من أيام وليالي شهر رمضان
المُبارك والذي انقضى أكثر من نصفه
ولم يبقى الا اليسير منه ، فلعلنا نوافقه العام القادم
أو نكون تحت التراب ، ونُحاسب على ماقدمنا
ففي هذا الشهر المُبارك يُسعد الإنسان
بالنصح والنهي وبذل الغالي والنفيس لتصفو النفس
وتنتفي منها وعليها كل أدرانها
ولنعلم ما لنا وما علينا
في هل كتاباتنا ونصحنا وعملنا يندرج تحت
الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر
أو يندرج ويُلصق تحت بند الأمر بالمُنكر
والنهي عن المعروف من خلال كتاباتنا وسلوكياتنا
وإنحرافنا على ديننا ومعتقداتنا وتشريعاتنا
التى أتى بها المصطفى صلى الله عليه وسلم
فأردت بتوفيقٍ من الله تعالى
في أن نتدارس ونتعلم ونتذاكر
ونشرح قليلاً المفاهيم الصحيحة
والخاطئة لشريعة وركن الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر
حتى نقوم بها على أتم وجه ، عندها نُعذر عند الله
ولا نُسأل عن تفريطنا وتركنا لهذه الشعيرة العظيمة
فنبدأ بالتعرف عليها والدخول لدهاليز
مفاهيمها ومقتضيات تنفيذها والعمل بها
أحبتنا في الله
وتعريف الأمر بالمعروف هو:
المعروف:
يطلق المعروف على كل ما تعرفه النفس من الخير،
وتطمئن إليه، فهو معروف بين الناس لا ينكرونه.
وقيل: هو ما عرف حسنه شرعاً وعقلاً.‏
‎‎والمنكر هو :
ضد المعروف، وهو ما عرف قبحه شرعاً وعقلاً
وسمّي منكراً، لأن أهل الإيمان ينكرونه
ويستعظمون فعله.‏
‎‎والمعروف يدخل فيه كل ما أمر الله به ورسوله
من الأمور الظاهرة والباطنة ، مثل:
شرائع الإسلام والإيمان بالله والصلوات الخمس
والزكاة والحج، والإحسان في عبادة الله
وإخلاص الدين لله، والتوكل عليه ومحبته ورجائه،
وغيرها من أعمال القلوب،
وصدق الحديث والوفاء بالعهود وأداء الأمانات
وبر الوالدين وصلة الأرحام
والإحسان إلى الجار واليتيم، ومكارم الأخلاق.‏
أي يدخل المعروف والأمر به في كل شيء طيب
وحسن في الدين والمعاملة ....
‎‎والمنكر يدخل فيه كل ما نهى الله عنه ورسوله مثل:
الشرك بالله صغيره وكبيره، وكبائر الذنوب:
كالزنا والقتل والسحر
وأكل أموال الناس بالباطل،
والمعاملات المحرمة: كالربا والميسر والقمار،
وقطيعة الرحم وعقوق الوالدين،
وسائر البدع الاعتقادية والعملية،
وغير ذلك مما نهى الله عنه ورسوله.
وقد قال العلماء الأفاضل
أن أعلى مرتبة للأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر هي :
الأمر بالمعروف الأكبر (الإيمان بالله تعالى والتوحيد)
أي أكبر وأعظم معروف يؤمر به هو الإيمان بالله سبحانه
وتعالى والتوحيد الخالص له وتنزيهه .....
وأن النهي عن المنكر الأكبر هو ( الشرك بالله )
وأن أكبر وأعظم نهي عن المنكر هو النهي
عن الشرك بالله سبحانه وتعالى وجعل له أنداد...
فكل هذه التعريفات أخوتنا وأحبتنا في الله
تصب في خانة مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
أما ادلة وجوب الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر في القرآن الكريم
فقد أعطى الله سبحاته وتعالى من البيان والإيضاح
والترغيب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وأنه أساس للإيمان والتسليم لله عزوجل ، وأنه من
صفات المؤمن الحق
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منزلته عظيمة،
وقد عدّه العلماء وشبهوه بأحد
أركان الإسلام لِما فيه من أهمية عظيمة
وقدّمه الله عز وجل على الإيمان
كما في قوله تعالى
( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ
تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ
خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ
وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) ...آل عمران .
ولمكانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
قدّمه الله عز وجل في سورة التوبة
على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة
فقال تعالى:
: ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ
إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)....التوبة
وفي هذا التقديم إيضاح لعِظم شأن هذا الواجب
وبيان لأهميته في حياة الأفراد والمجتمعات والشعوب.
وبتحقيقه والقيام به تصلح الأمة ويكثر فيها الخير
ويضمحل الشر ويقل المنكر.
وبإضاعته تكون العواقب الوخيمة
والكوارث العظيمة والشرور الكثيرة،
وتتفرّق الأمة وتقسو القلوب أو تموت،
وتظهر الرذائل وتنتشر، ويظهر صوت الباطل، ويفشو المنكر.
ومن فضائل الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر إخوتنا الكرام ما يلي:
1 ــ أنه من مهام وأعمال الرسل عليهم السلام،
قال تعالى
( وَلَقَد بَعَثنَا فيِ كُلِ أُمةٍ رَسُولاً
أن اعبدُوا اللهَ وَاجتَنِبُوا الَّطاغُوتَ )
أنه من صفات المؤمنين
كما قال تعالى: ( التَّائِبُونَ العَابِدُونَ الحَامِدُونَ السَّائِحُونَ
الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بالمعروف
وَالنَّاهُونَ عنِ المُنكَرِ وَالحَافِظُونَ لحُدُودِ اللهِ وَبَشِرِ المُؤمِنِينَ ) .
أما أهل الشر والفساد الذين
ينهون عن المعروف ويأمرون بالمنكر
فقد وصفهم الله باوصاف النفاق والفسق...
فقال تعالى:
( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ
يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ
وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ
إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67 ) ...التوبة
2 ــ إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
من خصال الصالحين، قال تعالى:
( لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ
آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)
يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ
وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ
وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) ... آل عمران
3 ــ وأنه من خيرية هذه الأمة الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر: فقد وصف الله هذه الأمة
بأنها خير أُمة أُخرجت للناس ....لماذا ...؟
لانها تأمر بالمعروف وتنهى عن المُنكر وتؤمن بالله
فقال تعالى :
( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ
مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110).....آل عمران
4 ــ وأنه من أسباب التمكين في الأرض،
وأسباب النصر ،
حيث أتت هذه الفضائل في آية واحدة ...
أي من يعمل بعمل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وعمل بأركان الإسلام الخمسة مكّنه الله في الأرض
وجعلها ذلولاً وتحت سيطرته ..
قال تعالى
وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)
الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)..الحج
5 ــ الأجر العظيم لمن فضل القيام الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر .....
كما قال تعالى:
( لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ
أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ
مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114)....النساء
وقد أعتبر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
من الأعمال الصالحة وأعتبرها دعوة
للهدى والصلاح ... أي الأمر بالمعروف
فقال عليه الصلاة والسلام: .
وقوله من دعا إلى هدى كان له مثل أجور
من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ) ..رواه مسلم.
وأعتبرها صلى الله عليه وسلم من أسباب
تكفير الذنوب فقال في الحديث الذي رواه أحمد:
( فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره،
يكفرها الصيام والصلاة والصدقة،
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) رواه أحمد.
بالأضافة أخوتنا الكرام
نعلم بأن القيام بالأمر والمعروف والنهي عن المنكر
قد أعتبره العلماء من حفظ للضرورات الخمسة
في الدين والنفس والعقل والنسل والمال
أي بمعني أن القيام بهذا الأمر نكون قد
حافظنا على ديننا وأنفسنا وعقولنا ونسلنا ومالنا
فبالتناصح والأمر بالمعروف نتجنب كل مايحيط
بحياتنا وحياة أهالينا ومجتمعاتنا من فساد ....
أما مايترتب على ترك هذا الأمر
وهو النهي عن المنكر والأمر بالمعروف
فيترتب عليه أمور عظيمة وخطرة
هي الفتنة والعقاب الشديد إن تُرك
الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر
فقد بينها الله عزوجل ورسوله
الكريم صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى:
(واتقوا فتنة لاتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة
واعلموا أن الله شديد العقاب 25 ) .... الأنفال
وأعتبر أن الأمة التي تُقصر في هذا الجانب
أمة مطرودة من رحمة الله تعالى،
قال الله تعالى:
( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ
وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78)
كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ
لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79)....المائدة
وفي الحديث الذي رواه
حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال:
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر
أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه
ثم تدعونه فلا يُستجاب لكم......رواه ابو داود.
الله أكبر أخوتنا وأحبتنا في الله
والآن هل نستهين بقسم النبي صلى الله عليه وسلم
وتأكيده من أن ترك العمل بالامر بالمعروف
والنهي عن المنكر
جزاءه عقاب رباني شديد
مقروناً بعدم الإستجابة للدعاء ..!!!!!
فلننظر إخوتنا الكرام لحالنا في هذا الزمان
عندما غلبت السلبية وعدم حُب الأخرين
وإصلاحهم وتعليمهم وأمرهم وتشجيعهم
على عمل المعروف
والشد على أيديهم ونصحهم ونهيهم
عن الُمنكر وأنواعه وعدم مُحاباتهم والجلوس
معهم طالما أنهم لم يبتعدوا عن المُنكر
ولم يفعلوا معروفاً
فهل نرضيهم من باب المجاملة والسلبية
أم نغضب عليهم لله وليس لأنفسنا ....
فهل هذا مانريده ونبتغيه من أن نقول
ليس من شأننا الامر بالمعروف وأن من
يقوم به ويعمل به هو ( مُتطفل ) كما وصفته
بعض الفٍرق الضالة التى ترى
أن الأمر بالمعروف بين الناس هو تطفل وتدخل
في حياتهم ومصالحهم وخياراتهم ......؟
هل أن النصيحة والعمل بها لمن نُحب
هو تطفل وتدخل في شؤون الغير
وأن عدم إنكار المُنكر والنهي عنه
هو أيضاً له خصوصيات للذي يقوم ويفعل المنكر
ولا دخل لنا فيه لا من قريب ولا من بعيد ....؟
وهو نوع من الفضول
وهذا ليس بجديد فقد قيل عن من ينهى
عن المنكر ويأمر بالمعروف هو ممن يعتريه الفضول
والتدخل في شؤون الأخرين
وقد أوضح هذا الامر الأمام أحمد رحمه الله :
موضحًا الفرق بين المؤمن والمنافق في
القيام بواجب الأمر والنهي- قال:
يأتي على الناس زمان يكون المؤمن فيه مثل الجيفة،
ويكون المنافق يشار إليه بالأصابع"،
فقلت -والقائل هو عمر بن صالح:
يا أبا عبد الله: وكيف يشار إلى المنافق بالأصابع؟!
فقال: "يا أبا حفص: صيروا أمر الله فضولاً....أ .هـ
أي جعلوا أمر الله في العمل بالأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر من الفضول ...!!!!
ألم يسمع هؤلاء الذين يتخذون السلبية
في عدم الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر ، بأن هناك حديث
صحيح لرسول الله صلى الله عليه وسلم
يبين ويشرح بالدقه أهمية هذا الأمر :
من أن النصيحة مهمه لضمان نشر الخير وصلاح الأنفس
والنهي عن المنكر ضمانة لسلامة الناس من العبث
بالحياة بالإفساد وإتباع المفسدين وهلاك الحرث والنسل
فجعل صلى الله عليه وسلم هذه المسألة
كمثال صوّره بدقه وبيان نبوي عظيم لسفينة المجتمع
إن غاب عنها فعل الخير والنصيحة والامر بالمعروف
والنهي عن المنكر هلك كل من فيها
فتأملوا معي احبتي في الله هذه الصورة
كما صوّرها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله:
مثل القائم في حدود الله والواقع فيها
كمثل قوم استهموا على سفينة،
فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها،
وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء
مروا على من فوقهم، فقالوا:
لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا،
فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً،
وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً ...رواه البخاري.
شرح هذا الحديث كما شرحه أحد العلماء
الأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكرِ مِن أجَلِّ العِباداتِ؛ فبه يقومُ أمرُ المسلمين ويَنصَلِحُ حالُ أُمَّتِهم، وبدونِه تَنهَدِم هذه الأُمَّةُ،
وقد ضرَب النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في هذا الحَديثِ مثلًا
لأهَمِّيَّةِ القيامِ بالأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكرِ،فقال:
فمَثَّل القائمين بِحُدود الله
(وهم المُستَقِيمون على أمرِ الله الآمِرُون
بالمعروفِ النَّاهُون عن المنكرِ)،
والتارِكين لذلك: بِرُكَّابٍ رَكِبوا في سَفِينَةٍ،
فاقْتَرَعُوا على مَن يَجلِس أعلَى السَّفِينَةِ ومَن يَجلِسُ أسفلَها،
وكان الَّذِينَ في الأسفَلِ إذا أرادوا جَلْبَ الماءِ
مَرُّوا على مَن فَوْقَهم، فقالوا:
لو أنَّا خَرَقْنا خَرْقًا في نَصِيبِنا فجَلَبْنا الماءَ
مباشرةً دونَ أنْ نَصعَدَ لأعلَى السَّفينةِ ونُؤذِيَ
مَن في الأعلَى لكان أفضلَ،
فلو ترَكَهم مَن بالأعْلى يَفعلون ذلك لَغَرِقَتِ السَّفينةُ بهم جميعًا،
ولو قاموا بِنَهْيِهم عن ذلك ومَنَعوهم مِن
ارتِكابِ هذا الخَطأِ لَنَجَوْا ونَجَوْا جميعًا،
فهذا حالُ الآمِرِين بالمعروف النَّاهِين عن المنكَرِ،
لو تَرَكوا ذلك لَهلَكَتِ الأُمَّةُ بأَجْمَعِها،
ولو فَعَلوه ونَهَوُا النَّاسَ عن المُنكَرِ لَصَلَح حالُ الجميعِ.
وفي الحديثِ:
أهميَّةُ الأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر،
وأنَّ بهما يَنصَلِح حالُ المجتمَعِ.
ألم نعي أن لو تركنا المفسدين يفسدون في الأرض
ويعملون المنكرات ، ولا ننهاهم
فستفسد الأرض والمجتمع ،
كذلك لو تم ترك أحد رُكاب السفينة ليخرقها
بالطبيعي سيغرق ويهلك الكل
كل ذلك لو تم تُرك النهي عن المنكر
والنصيحة والعمل على الامر بالمعروف
أما من يقول عليكم بأنفسكم ولا دخل لكم بالأخرين
نقول له إستمع للصحابي الجليل ماذا يقول
فعن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال:
( يا أيها الناس ! إنكم لتقرؤون هذه الآية: :
( يَا أيُها الَّذِينَ أمنُوا عَلَيكُم أَنَفُسَكُم
لاَ يَضُرُكُم مَّن ضَلّ إذَا اهتَدَيتُم )
وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
: إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه
أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه ...
وقد روى هذا الحديث أصحاب السنن الأربعة
وابن حبان في صحيحه

أدلة وجوب
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الا يعلم هؤلاء ممن يقول ذلك أن الله سبحاته وتعالى
انزل أدلة على وجوب العمل بالأمر بالمعروف
والنهي عن المُنكر ،على كلِّ فردٍ من أفراد الأمَّة
المكلَّفين من ذَكَرٍ أو أُنثى، فنجدُ ذلك
في كتاب الله الكريم، وسُنَّة رسوله الأمين
صلَّى الله عليه وسلَّم
فالله عزَّ وجلَّ قد أمَر هذه الأمَّة بأنْ تأمُر
بالمعروف وتنهى عن المنكر،
وأن يكون في الأمَّة جماعةٌ تقومُ بذلك؛
فقال تعالى في كتابه العزيز:
﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ
وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 104﴾ آل عمران
يقول الإمام ابن كثير في تفسيره لهذه الآية:
والمقصود من هذه الآية
أنْ تكون فرقةٌ من الأمَّة مُتصدِّية لهذا الشأن،
وإن كان ذلك واجبًا على كلِّ فردٍ من الأمَّة كلٌّ بحسبه،
ثم ذكَر الأدلَّة من السُّنَّة فقال:
كما ثبت في "صحيح مسلم"
من حديث أبي سعيدٍ الخدري رضِي الله عنه،
الذي نجدُه في ابن كثير قال:
من حديث أبي هريرة، والرواية من حديث أبي سعيد
قال: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول:
مَن رأى منكم مُنكرًا فليُغيِّره بيده، فإنْ لم يستطعْ فبلسانه،
فإنْ لم يستطعْ فبقلبه، وذلك أضعَفُ الإيمان.
وهذا الحديث أخرجه الإمام مسلم
في صحيحه" في (كتاب الإيمان)
وهذا أخوتنا الأحبة بيان
على أن النهي عن المنكر من الإيمان فقد قال
الإمام النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث:
وأمَّا قوله صلَّى الله عليه وسلَّم ((فليُغيِّره))
فهو أمرُ إيجابٍ بإجماع الأمَّة، وقد تطابَق على وجوب
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الكتابُ والسُّنَّة وإجماعُ الأمَّة،
وهو أيضًا من النصيحة التي هي الدِّين
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
عن الصحابي تميم الداري رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
الدين النصيحة ثلاثاً ، قلنا:
لمن يارسول الله ..؟
قال : لله ولكتابه ولرسوله
ولأئمة المسلمين وعامتهم ....رواه مسلم
وهذه بعض فوائد الحديث
كما وردت في الأربعين النووية
1 ــ الدين الإسلامي كله قائم على
التناصح والنصيحة.
2 ــ النصيحة من الإيمان.
3 ــ النصيحة كلمة جامعة لخيري
الدنيا والآخرة، بل هي رسالة الأنبياء
إلى أممهم، فما من نبي إلا نَصَحَ أمته.
4 ــ انحصار الدين في النصيحة؛
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة).
5 ــ تحريم الغش؛ لأنه إذا كانت النصيحة الدين
فالغش ضد النصيحة، فيكون على خلاف الدين،
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال: ( من غشنا فليس منا( .
فالقصد من هذا البيان النبوي أن الدين كله
هو النصيحة والأمر بالمعروف والتناصح بين الناس
للنهي عن المنكر وعمل الطيبات


أخوتنا المؤمنون
نأتي الأن وعلى لسان أحد علماء السُنة والجماعة
الشيخ ابن عثيمين في شرحه للحديث الذي ورد
في الأربعين النووية
فيبين لنا الشروط الواجب إتباعها
للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
حتي نعلم أننا إن أمرنا بمعروف علمنا
أن أمرنا صحيح وفي مكانه ومحله
وإن أنكرنا مُنكر ونهينا عنه وجب معرفة
شروط صحته الي صحة إنكارنا لهذا الذي فعل المنكر
بحيث لانظلم من أنكرنا عليه ولا يكون فهمنا خاطيء
وما سيترتب عليه إن أنكرنا ومنعنا المُنكر الذي فعله
وهذه الشروط يجب أن نعرفها ونعلمها
بالعلم والمعرفة حتى نكون على دراية كبيرة وواسعة
لهذا الامر وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
فتنفيذ أوامر الله لاتأتي عن جهل وعدم معرفة
بالأصول الشرعية والفقهية والألتزام بها
بل تاتي بمعرفة كل مايترتب عليه تنفيذ ما امرنا
الله به والعمل عليه ....
قال - رحمه الله - في شرحه للأربعين النووية،
الحديث الخامس والعشرين.:
والأمر بالمعروف لابد فيه من شرطين:
الشرط الأول:
أن يكون الآمر عالماً بأن هذا معروف،
فإن كان جاهلاً فإنه لا يجوز أن يتكلم،
لأنه إذا أمر بما يجهل فقد قال على الله تعالى ما لا يعلم.
الشرط الثاني:
أن يعلم أن هذا المأمور قد ترك المعروف،
فإن لم يعلم تركه إياه فليستفصل ( أي يفهم )
ودليل ذلك أن رجلاً دخل يوم الجمعة
والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس،
فقال له: "أصليت؟ قال: لا، قال:
قم فصل ركعتين وتجوز فيهما"
فلم يأمره بصلاة ركعتين حتى سأله هل فعلهما أولا،
فلابد أن تعلم أنه تارك لهذا المعروف.
والنهي عن المنكر كذلك لابد فيه من شروط:
الشرط الأول:
أن تعلم أن هذا منكر بالدليل الشرعي،
لا بالذوق ولا بالعادة ولا بالغيرة ولا بالعاطفة،
وليس مجرد أن ترى أنه منكر يكون منكراً،
فقد ينكر الإنسان ما كان معروفاً .
الشرط الثاني:
أن تعلم أن هذا المخاطب قد وقع في المنكر،
فإن لم تعلم فلا يجوز أن تنهى،
لأنك لو فعلت لعد ذلك منك تسرعاً ولأكل الناس عرضك،
بل لابد أن تعلم أن ما وقع فيه منكر،
مثال ذلك:
رأيت رجلاً في البلد يأكل ويشرب في رمضان
ولنقل في المسجد الحرام،
فليس لك أن تنكر عليه حتى تسأله هل هو مسافر أم لا؟
لأنه قد يكون مسافراً والمسافر يجوز له
أن يأكل ويشرب في رمضان،
فلابد أن تعلم أن هذا المخاطب قد وقع في هذا المنكر.
الشرط الثالث:
أن لا يؤدي ازالة المنكر إلى ما هو أعظم،
فإن زال المنكر إلى ما هو أعظم كان إنكاره حراماً،
لأن إنكاره يعني أننا حولناه مما هو أخف إلى ما هو أشد.
وتحت هذه المسألة أربعة أقسام:
القسم الأول:أن يزول المنكر بالكلية .
القسم الثاني:أن يخف.
القسم الثالث:أن يتحول إلى منكر مثله.
القسم الرابع:أن يتحول إلى منكر أعظم.
فإذا كان إنكار المنكر يزول فلا شك أن الإنكار واجب.
وإذا كان يخف فالإنكار واجب،
لأن تخفيف المنكر أمر واجب.
وإذا كان يتحول إلى ما هو مثله فمحل نظر،
هل يُرجَّح الإنكار أو لا، فقد يرجح الإنكار
لأن الإنسان إذا تغيرت به الأحوال وانتقل من شيء
إلى شيء ربما يكون أخف،
وقد يكون الأمر بالعكس بحيث يكون بقاؤه
على ما هو عليه أحسن من نقله
لأنه إذا تعود التنقل انتقل إلى منكرات أخرى.
وإذا كان يتحول إلى ما هو أعظم فالإنكار حرام.
فإذا قال قائل :علل أو دلل لهذه الأقسام؟
فنقول: أما إذا كان إنكاره يقتضي
زواله فوجوبه ظاهر لقول الله تعالى: (
( وتعاونوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ) المائدة: 2
وقوله: ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ
وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) آل عمران104
وقول النبي صلى الله عليه وسلم:
وَالَّذي نَفسي بيَده لتَأمُرنَّ بِالمَعروفِ وَتَنهَونَّ
عَنِ المُنكَر وَلِتَأخُذنَّ عَلى يَدِ الظَالِمِ
وَلِتَأطُرَنَّهُ عَلى الحقَّ أَطراً
وذكر الحديث وعيداً شديداً.
أما إذا كان الإنكار يؤدي إلى تخفيفه فالتعليل
أن تخفيف الشر واجب، وقد يقال:
إن الأدلة السابقة دليل على هذا،
لأن هذا الزائد منكر يزول بالإنكار فيكون داخلاً فيما سبق.
أما إذا كان يتحول إلى ما هو أنكر فإن الإنكار حرام،
ودليل ذلك قول الله عزّ وجل :
(وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا
اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ) الأنعام الآية108
فنهى عن سب آلهة المشركين مع أنه أمر واجب،
لأن سب آلهتهم يؤدي إلى سب من هو منزه عن
كل نقص وهو الله عزّ وجل،
فنحن إذا سببنا آلهتهم سببنا بحق،
وهم إذا سبوا الله سبوه عدواً بغير حق.
ويذكر عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
أنه مر مع صاحب له على قوم من التتر
يشربون الخمر ويفسقون،
ولم ينههم شيخ الإسلام عن هذا فقال له صاحبه:
لماذا لا تنهاهم؟ وكان رحمه الله
ممن عرف بإنكار المنكر، فقال
: لو نهيت هؤلاء لقاموا إلى بيوت الناس
ونهبوها وانتهكوا أعراضهم،
وهذا أعظم مما هم عليه الآن ..أ.هــ


أخوتنا الكرام
هل وعيتم أن معرفة وفهم الفقه من شأنه
أن يسهل تنفيذ أوامر الله ورسوله دون الخوف
في الوقوع في منزلقات تضر بالطرف المقابل
دون أن نشعر أو نحس بأننا إرتكبنا خطأ
في نصحه أو أمره بالمعروف أو نهييه عن منكر قام به
ولكن عندما نعلم الشروط والمفاهيم المصاحبة
لتنفيذ والعمل على هذا الواجب العظيم
نكون قد عملنا ماعلينا وعرفنا حدود ما نعمله
درجات تغيير المُنكر
إخوتنا المؤمنون
نأتي الأن لدرجات تغيير المُنكر
فدرجات تغيير المُنكر هي مهمة جداً
ووجب على الداعية أو من أراد النهي عن المُنكر
أن يفهم ويستوعب ويدرك أن تغيير المُنكر
والنهي عنه له درجات وخطوات
كان قد أوضحها رسول الله صلى الله عليه وسلم
درجات تغيير المنكر ذكرها
الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله:
: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده،
فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه،
وذلك أضعف الإيمان ......رواه مسلم.
فهذا حديث النبي صلى الله عليه وسلم
الذي يتحدث عن خطوات ودرجات
إنكار المُنكر
فقال:
وإنكار المنكر من الفرائض؛
للأدلة الكثيرة الدالة على ذلك، منها
قول النبي صلى الله عليه وسلم:
من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده،
فإن لم يستطع فبلسانه،
فإن لم يستطع فبقلبه،
وذلك أضعف الإيمان. أخرجه مسلم.
قال النووي في شرح صحيح مسلم:
وأما قوله صلى الله عليه وسلم:
(فليغيره)
فهو أمر إيجاب بإجماع الأمة,
وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر الكتاب, والسنة, وإجماع الأمة,
وهو أيضًا من النصيحة التي هي الدين,
... ثم إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
فرض كفاية, إذا قام به بعض الناس سقط الحرج
عن الباقين, وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن
منه بلا عذر ولا خوف, ثم إنه قد يتعين,
كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو
أو لا يتمكن من إزالته إلا هو, كمن يرى زوجته
أو ولده, أو غلامه على منكر
أو تقصير في المعروف. اهـ.
ومن وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر اللسان والكلمة الطيبة، قال الله تعالى:
(ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة
الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)سورةالنحل آية (125).
كما أن هذا الحديث الشريف:
(من رأى منكم منكراً فليغيره بيده،
فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه
وذلك أضعف الايمان)
يبين درجات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
فاعلاها درجة التغيير باليد
ومن ثم التغيير باللسان
وأدناها التغيير بالقلب.
ولابد في الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر
أن يتحلى بصفات وشرائط تمكنه
من القيام بهذا الفرض، ومن هذه الشرائط:
الإسلام والتكليف والعدالة بأن لايكون فاسقاً:
(آتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) سورة البقرة آية 44،
وأن يكون عنده العلم الشرعي الكافي
فيما يأمر به وينهى عنه، وأن يكون حسن الخلق
والسيرة قدوة للناس، حكيماً في كيفية الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر مقدراً للمواقف
و أن يكون مخلصا لله في قيامه بهذا العمل يبتغي
وجه الله وحده لاشريك له و ليس لديه غرض دنيوي
أو شخصي فإن الله لا يقبل العمل من العبد
إلا إذا كان خالصا لوجهه الكريم.
وليس مقصود هذا الحديث الشريف
أن يكون التغيير ابتداء بقوة اليد،
فإن التغيير باليد بحسب الاستطاعة والاختصاص،
فالذي يستطيع تغيير المنكر بيده في
أهله مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم:
(مروا أولادكم بالصلاة أبناء سبع
واضربوهم عليها أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع)
رواه أحمد وابو داود والحاكم،
لايستطيع تغيير المنكر في مجتمعه بيده
لأن ذلك هو من اختصاص السلطان
لما يترتب على تجاوز هذا الاختصاص من أضرار
ومفاسد والقاعدة الشرعية تقول:
(درء المفاسد أولى من جلب المنافع).
إخوتنا المؤمنون
مثال على ذلك
لو أفترضنا أن ابنتي أرتكتب خطأ ومُنكر
سوي في السلوك أو الكلام أو اللباس
فقام أخوها بتعنيفها ونهيها عن المُنكر
الذي إرتكبته ولم يكتفي بالقول أي باللسان فقط
بل قام بتغيير ما أرتكبته من مُنكر وخطأ
فقام بتغييره بيده ، أي قام بعقابها وبضربها واهانتها
بالرغم من وجودي على رأس الأسرة ..!!!!
وكذلك بالرغم من أني لم أُعطية الأذن في التصرف
بيده وعقابها وتعنيفها .....
فهل يحق له أن يمد يده ويزيل المُنكر باليد...؟
أو يلتزم بالنصح والأرشاد وبيان أن هذا المُنكر
غير صحيح وخاطيء....؟
أم يتركها هي وأفعالها ويسكت ويكتفي بأنكار
المُنكر بقلبه فقط
فالشريعة ومقاصدها وفقه الأمر بالمعروف
والنهي عن الُمنكر يقول
ليس لهذا الأبن أن يزيل الُمنكر باليد
بل وجب عليه النصح والإرشاد
ونهي أُخته عن المُنكر الذي إرتكبته
أي يقوم بكل شيء ، إلا تغيير الُمنكر بيده
لان سلطة البيت ليست له ، وهو عضو في البيت
وليس رب الأسرة الذي له كل الصلاحيات
وطُرق الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر
فالأب لازال موجود ومستمر في ممارسة صلاحياته
كولي أمر ورب أسرة وحامي لها ....
لان الأبن لو نازع الأب في صلاحياته
أصبح يتصرف وكأنه ولي أمر الأسرة
فربما يرتكب أخطاء ولا يُحكّم عقله وفهمه
للأمور وبذلك سينتصر لنفسه وليس للدين
وسيصل لمرحلة أن يفرض رأيه حتى وإن كان خاطيء
على الكل بحجة أنه الأخ الأكبر
ويكون مقام الاب هنا هو مقام لاقيمة له
فيصبح مُهمش وكأنه فاقد للأهليه وغير عاقل...
فيمتليء البيت بالفوضى والتسيب والعناد...
ولتأكيد هذا المثل الذي أوردته
هذه إجابة على سؤال عن هذا الحديث
الذي يتكلم على مراتب الأنكار
للشيخ ابن باز رحمه الله فقال:
س: مراتب الإنكار الثلاث مشروعة في حق من ؟
ج : مراتب الإنكار الثلاث ،
مشروعة للمسؤول وغيره ، وإنما يختلفان في القدرة ، فالمسؤول من جهة الحكومة أقدر من غيره ،
والإنكار بالقلب هو أضعف الإيمان ،
في حق العاجز عن الإنكار باليد واللسان ،
سواء كان مسؤولاً أو متطوعا ، وهو صريح
لذلك نلاحظ أخوتنا في الله
أن الدعوة الي الخير والصلاح والامر
بالمعروف والنهي عن المنكر هو في حقيقة الأمر
تكليف ليس سهل ولا هين ولا يسير
فطبيعته تكمن في إصطدامه بشهوات
الناس ونزواتهم والمصالح المترتبة على ذلك
والمنافع الحاصلة في مابينهم
والتى ترتبت عنها صفات من غرور
وكبرياء لبعضهم بعض
لذلك القائم بمهمة النصيحة والأمر بالمعروف
أو النهي عن المُنكر مهمته صعبه ومحفوفة
بالمخاطر والمكاره وفيها من الصِعاب
الشيء الكثير .....
لهذه الأسباب كلها رفع الإسلام من قيمة
الامر بالمعروف والنهي عن المُنكر
الي مرتبة المهام والقضايا الهامة في الحياة الإسلامية
فعن دُرة بنت أبي جهل قالت:
جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم
وهو على المنبر فقال:
من خير الناس يارسول الله؟ قال:
(آمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر
واتقاهم لله وأوصلهم) رواه أحمد والطبراني،
ومن هنا فقد جعل الله تعالى الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر من خصائص المؤمنين
التي يتميزون بها،
قال الله تعالى:
(والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض
يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)
سورة التوبة آية 71
لذلك يعتبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
قاعدة عظيمة من قواعد الدين تظهر فيها
مسؤولية الفرد المسلم تجاه جماعته
ومجتمعه وتظهر فيها أيضاً مسؤولية
الأمة الإسلامية تجاه الجماعة الانسانية بأسرها،
تلك المسؤولية التي تحتم على الأمة الإسلامية
أن تنتصب كالجبل الأشم أمام الشرور والمفاسد
التي تكتنف حياة الناس،
فالكل ينصح الكل
ويأمره بالمعروف إن كان مُقصر
وينهاه عن المنكر إن كان من أصحابه
وبهذه الطريقة ينهض المجتمع بأسره
خالي من النقائص والعيوب والمُنكرات
ولم تتفرد أُمة بهذا الأمر الفاضل
الا أُمة محمد صلى الله عليه وسلم ...
ولذا جعلها الله تعالى خير أمة أخرجت للناس،
وقد هيأ الله تعالى لها وسائل كثيرة للنهوض
بالدعوة الى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
أخوتنا وأحبتنا في الله
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم




الخطبة الثانية
الحمد الله الذي جعلنا خير أُمةٍ أُخرحت للناس
تأمر بالمعروف وتنهى عن المُنكر
وأشهد أن لا إله الا الله
وحده لاشريك له
وأشهد أن محمد عبد الله ورسوله
أرسله الله بالهدى ودين الحق
حيث أثني عليه وعلى من يتبعه
ووصفه بالطيبات التى يدعوا لها
حيث قال:
( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ
الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ
يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَر
وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ
وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ
فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ
وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ
أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) ...الأعراف
أخوتنا وأحبتنا في الله
نأتي الأن ونحاول معرفة ماهو
الأسلوب والطريقة المُثلى في الدعوة
لله وللأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر
بالطريقة التى أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولا نعرف ذلك إلا بدروس عملية منه
صلى الله عليه وسلم ومن صحابته الكرام
والتابعين له ولهديه وسُنته وطريقته
في الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر ...
خطوات انكار المُنكر
القصد هو الطريقة والأسلوب الأمثل
في إنكار المُنكر والأمر بالمعروف
وفي هذا الامر أخوتنا الكرام هناك عِدة نقاط
الواجب التحرز لها والمحافظة عليها
للمساعدة في نجاح الإنكار والأمر منها :
أولاً: التعريف،
وهو تعريف مُرتكب المُنكر ، بحقيقة المُنكر
الذي إرتكبه ، ويكون ذلك ببيان مخاطره على نفسه
وعلى دينه وبيئته ومجتمعه ومصيره
عند الله سبحانه وتعالى
فإن الجاهل يقوم على الشيء لا يظنه منكراً
، فيجب إيضاحه له، ويؤمر بالمعروف ويبين
له عظم أجره وجزيل ثواب من قام به،
ويكون ذلك بحسن أدب ولين ورفق.
ثانياً: الوعظ؛
وذلك بالتخويف من عذاب الله عز وجل
وعقابه وذكر آثار الذنوب والمعاصي،
ويكون بذلك شفقة ورحمة له.
ويكون ذلك باللين والرحمة وبالأستدلال
بالقرآن الكريم وصحيح الأحاديث ....
ثالثاً: الرفع إلى أهل الحسبة
وأهل الحسبة هم فئة ممن يعلمون حقيقة
الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر مُتسلحين
بالعلم الشرعي والفقه والأسلوب الحسن
في تفعيل هذا الركن
فنراهم أحيانا يقومون بذلك بدون مقابل
وأحيانا يٌصرف لهم معاش من بيت مال المسلمين
وعملهم هو النهي عن المنكر في المجتمع
ومنع المُنكر ومساعدة السلطات لإصلاح المجتمع
من المفاسد والمنُكرات ....
فاذا ظهر عناد وإصرار مُرتكب المُنكر
ولم يهتم باللين يتم رفع الأمر المُنكر
وأصحابه لأهل الحسبة لمنع المُنكر بشتى الوسائل
رابعاً: التكرار وعدم اليأس
فإن الأنبياء والمرسلين أمروا بالمعروف
وأعظمه التوحيد، وحذروا من المنكر
وأعظمه الشرك، سنوات طويلة دون كلل أو ملل.
خامساً: إستعمال وسائل مساعدة
في الامر بالمعروف والنهي عن الُمنكر
إهداء المطويات النافعة للنصح والإرشاد
أو لإنكار مُنكر وبيان مافيه من مُنكر وسوء
وإستعمال الوسائل المُتاحة في هذا الزمان من
وسائل الإتصال المختلفة من ( وسائل التواصل الاجتماعي )
والمواقع والمنتديات ، للنهي عن المُنكر
في المجتمعات ، وكذلك الامر بالمعروف
بجميع انواعه إبتدأ بالتوحيد وعدم الإشراك
بالله سبحانه وتعالى
وتحري الحلال وعدم إرتكاب المحرمات واذاعتها.
وليس كما يحدث الآن بين الناس
لايتهادون بالنصيحة الطيبة
ولا بالإنكار بأسلوب حسن على سلوك او تصرف مشين
يجلب الآثام والسيئات ولا الإيثار بالأمر بالمعروف
بل ينشطون في ويلتفون حول بعضهم
في إنكار المعروف والأمر بالمُنكر
فيتهادون ويحرصون على أن لاتفوت مناسبة
من عيد الحُب والأم والأب والجيران والمسيح عليه السلام
وكل الاعياد والمناسبات ، إلّا ونراهم
يتبادلون الهدايا والتهاني والتبريكات للمُنكرات
من صور وتماثيل لمشاهير إشتهروا بالعِهر والفسق
و ( البومات للأغاني والرقص والخلاعة )
سادساً: لمن كان له ولاية كزوجة وأبناء
، فله الهجر والزجر والضرب.
سابعاً: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
يستوجب من الشخص الرفق والحلم،
وسعة الصدر والصبر، وعدم الانتصار للنفس،
ورحمة الناس، والإشفاق عليهم،
وكل ذلك مدعاة إلى الحرص وبذل النفس.
ومن الدروس العملية
للأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر
فقد قام صلَّى الله عليه وسلَّم بتطبيق
ذلك المنهج خيرَ قيامٍ من حين بعَثَه الله عزَّ وجلَّ
رسولاً للناس كافَّة وأمَرَه بالتبليغ بقوله:
﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ ﴾ [المدثر: 1- 2
إلى أنْ توفَّاه الله عزَّ وجلَّ وهو يقول في وصيَّته:
اللهَ اللهَ، الصلاةَ الصلاةَ، وما ملكت أيمانكم
، آخِذًا لكلِّ مَقامٍ ما يُناسِبه، فقد يكونُ المقام بالكلمة،
وقد يكون المقام بالجِهاد في سبيل الله عزَّ وجلَّ
لإعلاء كلمة الله عزَّ وجلَّ
وهذا الذي قام به رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم
وأصحابه من بعده،
وقد بدَأ بإنْذار أهله وعَشيرته ممتثلاً لأمر ربه:
﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [الشعراء: 214،
فقد دعا قومَه وعشيرتَه فعَمَّ وخَصَّ،
وذلك بأسلوب الشَّفَقَةِ والرحمة قائلاً لهم جميعًا ب
مَن فيهم أقرب الناس إليه:
أنقِذُوا أنفُسَكم من النار، لا أُغنِي عنكم من الله شيئًا.
وإذا رجعنا لسِيرته العَطِرة وسِيرته
العمليَّة نجد فيها الأمثلة الواضحة التي
تُبيِّن ذلك الأسلوب الحسَن الذي فيه
الرِّفق واللين والرحمة حين يُنكِر المنكر
فيجعل مرتكبَ ذلك المنكر يأخُذ الأمر
الموجَّه إليه بكلِّ راحةٍ وفرح وسرور.
نذكُر أمثلة على إنكار المُنكر
بالرِفق والصبر وسِعة الصدر
فقد جاء في "صحيح البخاري"
أنَّ أعرابيًّا جاء ودخَل المسجد، فبالَ فيه،( تبول فيه )
وهذا أمرٌ منكر؛ ولهذا شدَّ الصحابة جميعًا النكيرَ
عليه لأنَّه ارتكب منكرًا،
( أي قاموا الصحابة بالصراخ عليه وتعنيفه
على فعلته فأنكروا هذا المُنكر بقسوة .)...
فماذا قال لهم صلَّى الله عليه وسلَّم.......؟
فهل وافقهم على طريقة إنكارهم لهذا الأمر
وشجعهم وجاء في صفهم فأضروا الرجل وربما ضربوه
أو أهانوه أو حتى تعرضوا له ....؟
لكن رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم
كان له رأيٌ أخر فقال لهم:
دَعُوه، لا تُزرِموه،
( أي لاتقطعوا عليه إكمال بوله )
دَعُوه
فبعد أنْ قضى بوله أُزِيلَ هذا المنكر
بأمرٍ يسير هيِّن سهل، حيث قال لهم:
(ائتوني بذَنُوبٍ من ماءٍ )
، فأخَذوا الذَّنوب وصبوه على النَّجاسة،
فطهرت، ثم قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
لذلك الرجل:
( يا أخي، هذه الأماكن لا تصلح لهذا )؛
يعني: هذا المكان الذي أنت فيه وهو
مسجدٌ للصلاة ولا يصلح للبول،
فالبول والقاذورات محلُّها هناك.
بهذا الأسلوب النبوي وجه
رسول الله صلى الله عليه وسلم كلامه وإنتقاده
وإنكاره للمنكر الذي أحدثه الأعرابي من تبوله في المسجد
فماذا كان رد الأعرابي عندما رأي
رأيين الاول من الصحابة عندما غضبوا لله
وأنكروا عليه بطريقة ربما تكون فجّة عنيفة
وبين من أنكار رسول الله صلى الله عليه وسلم له
بطريقة نبوية فيها من الحلم والصبر والأناءة الشي الكثير
هنا الأعرابي أحس أنه أمام رجل هو نبي ويعلم النفس
البشرية وماهي احتياجاتها حتى من النُصح
فاختار الوقت والحالة والطريقة والأسلوب
فقال له الأعرابي :
اللهم أرحمني ومحمداً ، ولا ترحم معنا أحداً
وهذا الأسلوب الحسن الذي دُعي به ذلك الرجل
جعله يشعر هذا الشعور ، ويتقبل هذا الأمر
ويدعو هذا الدعاء الذي تجاوَز فيه الحدَّ
لأنه لا يجوز الاعتداءُ في الدعاء،
فالرسول صلَّى الله عليه وسلَّم قال له:
لقد حجَّرت واسعًا))؛ يعني:
رحمةُ الله تسَعُني وتسَعُك وتسَعُ
الناس جميعًا،
فالشاهد في هذا أنَّ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم
ما قال للصحابة أنَّ الشيء الذي تُنكِرونه ليس بمنكرٍ،
ولكن بيَّن لهم أنَّ تغييرهم له بهذا الأسلوب غير مناسب.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
قولًا وعملًا حينما قال:
إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ،
وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ،
وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ....رواه مسلم.

وهذا أخوتنا الكرام تعليق
للعلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
على هذا الحديث والفوائد التي إحتواها
فقال:
نعم هذا الحديث ثابت في الصحيحين
أن رجلًا أعرابيًا دخل المسجد فبال في طائفة المسجد
فزجره الناس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم
: لا تزرموه ورواه أيضًا البخاري من حديث أبي هريرة
tعن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:
لما هموا به قال
: لا تزرموه، ونهاهم أن يتعرضوه وقال:
إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين،
فلما فرغ الأعرابي من بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم
أن يصب على بوله سجل من ماء يعني:
دلو من ماء واكتفى بذلك».
فدل ذلك على فوائد منها:
الرفق بالجاهل وعدم العجلة عليه،
وأن المسلمين بعثوا ميسرين لا معسرين،
وأن الرفق بالجاهل من التيسير
وأن الشدة عليه من التعسير.
وفيه من الفوائد:
أن الماء يزيل النجاسة بمجرد إراقته على النجاسة
إذا كانت لا جرم لها ليس لها جسم،
فالماء إذا أريق عليها وهو أكثر منها كفى
، كالدلو على بول الأعرابي كفت وأنه لا حاجة
إلى أن يحجر على ذلك أو إلى أن ينقل التراب
بل يكفي صب الماء عليه ويطهر بذلك.
ومن فوائد ذلك:
أن المفسدة الكبرى تًدفع بارتكاب
اليسير من المفسدة،
وأن المصلحة العظمى تحصل
ولكن هذه الرخصة هي في حالات إستثنائية
مثل التى حدث مع هذا الرجل....
ولو فاتت الدنيا كما سأل عنها السائل، ووجه ذلك:
أنهم لو ألزموه بالكف عن ذلك لربما تطاير
من بوله قطع في أماكن كثيرة فربما نجس نفسه
ونجس بدنه وثيابه وبدنه،
وربما نفر من الإسلام وكره الدخول في الإسلام،
هذه مفاسد كبيرة،
وكونه يكمل بوله ثم يصب عليه ماء أسهل
كونه يكمل البول ثم يصب عليه الماء
ويعلم بالرفق هذا أنفع وأسهل،
أقل نجاسة وأقل ضرر وأقرب إلى تأليف قلبه
وإلى محبته لإخوانه المسلمين
وإلى دخوله في الإسلام ورغبته في الإسلام،
فصارت المفسدة العظمى هي ما يحصل بالشدة
عليه والعنف عليه، هذا شيء ينفره من
البقاء في الإسلام ومحبة المسلمين.
وهكذا يترتب على ذلك مفسدة من جهة تشتت
النجاسة في المحل وكثرتها وتبددها،
وكذلك ما قد يصيبه هو في نفسه
أو في ثيابه من النجاسة، فاتضح
أن المصلحة العظمى في عدم تنفيره
وتأليفه وفي تقليل النجاسة مقدمة على المصلحة الدنيا
وهي الاستعجال في كفه عن التبول
ومنعه من إتمام قضاء حاجته
وكذلك المفسدة العظمى التي تترتب على
الشدة عليه وتنفيره من الإسلام وتنفيره
من إخوانه المسلمين وتعدد النجاسة
هذه مفسدة عظمى تركت بارتكاب الدنيا
وهي تركه يكمل بوله، هذه مفسدة صغرى
تركت وارتكبت لأن ذلك أسهل من العنف عليه
والشدة عليه كما تقدم. نعم....أ . هـ
قصة أخرى حدثت للنبي صلى الله عليه وسلم
تبين وتشرح طريقة وأسلوب النُصح
وأين المكان والزمان والمقصد الشرعي للنصيحة
أن تكون مٌفردة بين الناصح والمنصوح
أو بصفة عامة دون ذكر الأسماء
كذلك أسلوب من أساليب الامر بالمعروف
حيث جماعةٌ جاؤوا إلى إحدى زوجات
رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وسألوها عن عبادته،
فأخبرتهم، فكأنهم تقالُّوها،
( قللوا من قيمتها شعروا أنها قليلة وأنهم يسطيعون فعل أكثر )
وقالوا: هذه العبادة قليلة،
والرسول صلَّى الله عليه وسلَّم قد غُفِرَ له
ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر،
فكيف بنا نحن! فكلُّ واحد أراد أنْ يلزم نفسه بشيءٍ
من العبادة والتبتُّل، فعزَم أحدُهم على الصوم الدهرَ،
والآخَر على قِيام الليل،
والثالث على عدَم الزواج والانقِطاع للعبادة.
ولَمَّا بلَغ ذلك الخبرُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم
قام في جمْع الناس، فقال:
(ما بالُ أقوامٍ يقولون كذا وكذا )
ثم ذكَر القصَّة وقال:
( إنِّي أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوَّج النساء
، فمَن رغب عن سنَّتي فليس منِّي )
فالذين قالوا هذا القول يسمعون ويعرفون أنفسهم
أنهم هم الذين قالوا ذلك ، بالأضافة ينفع
هذا الكلام ليكون أمر بمعروف للأخرين
الذين يسمعون ،
وقد بيّن العلماء أن هذا القول قاله فيما بينه وبينهم
ولهذا يرى الشافعي وغيره
أن التشهير بالشخص بالمنكر ليس بنصيحة
وأنما هي فضيحة فالأنسان اذا وجد شخصاً
ارتكب منكرًا ونصَحَه فيما بينه وبينه
تكون النصيحة مقبولةً،
ولكن إذا شُهِّر به على رُؤوس الأشهاد فإنَّه لا يقبل منه
مثْل هذا، فينبغي للمسلم ولا سيَّما الداعية
الآمِر بالمعروف والناهي عن المنكر،
أنْ يتبع ذلك المنهج السليم الذي بَيَّنَه
رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم .....



لأنه إخوتنا الكرام
لو تم التشهير به وفضحه وفضح ماقام به
هنا أنا نهيته عن مُنكر يفعله
وقد إرتكتب مُنكرا أكبر مما إرتكب صاحب المُنكر
فربما حينما اُشهر به ، يرتكب هو من الأخطاء
والحماقات دفاعاً عن نفسه ضد من شُهِّر به
أنا هنا نهيت عن مُنكر بمُنكر اشد مما نهيته عنه
وبالتالي النبي صلى الله عليه وسلم
علمنا أن لا نُشهر بمن نريد أن ننهاه عن المُنكر
وننصحه ونأمره بعمل المعروف
وما قولنا له ذلك الا لأمرين
الأول أننا نكون قد تحصلنا على أجر وثواب
الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر
والثاني أننا نهينا فاعل المُنكر ، فإن قبِل مِنّنا ذلك
فقد إنصلح حاله ونجحنا نحن في مسعانا
وإن لم يهتم بما نهيناه عنه ، نكون قد إقمنا عليه
الحُجة وهي أننا نهياه او نصحناه
وكذلك نكون قد برأنا ذمتنا في
عدم تعطيل هذا الركن العظيم
وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر....
لأننا طالما أحببناها فالطبيعي
سننهاه عن المُنكر وننصحه .....
ولهذا نجدُ أنَّ عُلَماء السلف اعتنوا بهذا الجانب
فألَّفُوا الكتب التي أشَرْنا إلى بعضها،
ومنها كتاب شيخ الإسلام ابن تيميَّة
"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"،
وقد بيَّن فيه المناهجَ والأساليب الجيِّدة التي
يستفيدُ منها الداعية؛ حيث قال:
الأمر بالمعروف بمعروفٍ والنهي عن المنكر
بغير منكرٍ، فإذا نصَحت الإنسان بينك وبينه
فهذا معروفٌ قدَّمت له ذلك المعروف بهذا الأسلوب،
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ينبغي
أنْ يكون بغير مُنكرٍ،......
وإذا مدَدْت يدَك لتُغيِّر المنكر،
فقد يمدُّ مَن تمدُّ يدك عليه يدَه إليك أيضًا،
ويترتَّب على ذلك منكرٌ أكبر من الشيء
الذي تريدُ أنْ تُغيِّره، ......
فلا بُدَّ أن يكون الأمر بالمعروف
بمعروفٍ، وأنْ يكون النهي عن المنكر بغير منكر.
ويذكر عن شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله
أنه مر مع صاحب له على قوم من التتر يشربون الخمر
ويفسقون، ولم ينههم شيخ الإسلام عن هذا
فقال له صاحبه: لماذا لا تنهاهم؟ وكان رحمه الله
ممن عرف بإنكار المنكر، فقال
: لو نهيت هؤلاء لقاموا إلى بيوت الناس ونهبوها
وانتهكوا أعراضهم، وهذا أعظم مما هم عليه الآن
فانظر للفقه في دين الله عزّ وجل......
أحبتنا في الله
هذا هو منهج أهل السُنة والجماعة
في فضيلة وركن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وختاماً لنستمع لقول أحد علما ء السُنة والجماعة
في هذا الامر
يقول أحد العلماء في مسألة الاعذار
أي أن يبريء المسلم نفسه من أنه لم يقم
بشعيرة الامر بالمعروف والنهي عن المُنكر
فقال :
إن مفهوم (الإعذار) أو المقصد الشرعي
يعني أن الله تعالى
يريد من عباده أن يشيعوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
أن يكون ظاهراً بينهم حتى ولو لم يكن ثمّ نتيجة
أو ثمرة لذلك، فالمقصود أن تعذر وتبرئ ذمتك
وتظهر براءتك وإنكارك،
حينها فأي دعوى أو قول ينافي هذا
الأصل فهو معارض لمقصد الشريعة.
ومما يدل على شرف الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يبايع أصحابه على القيام به:
"تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل،
والنفقة في العسر واليسر،
وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
وأن تقولوا في الله لا تخافوا في الله لومة لائم،
وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم
مما تمنعون منه أنفسكم
وأزواجكم وأبناءكم؛ ولكم الجنة".
صححه الألباني على شرط مسلم
أخوتنا وأحبتنا في الله
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
فأستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
وأكثروا في هذه الأيام والليالي الباقية
من الشهر الُمبارك ، من الأستغفار وطلب الرحمة
والأكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
في هذا اليوم الجمعة
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم
وأجارني الله وإياكم من خزيه وعذابه الأليم
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

اللهم تقبّل منّا الصيام والقيام والأعمال الصالحة
وبارك لنا في أهالينا
وأجعلهم ذّخراً لنا لا علينا
وبارك لهم ولنا في ديننا ورضاك عنّا يا رب العالمين
اللهم اجعلنا من الآمرين بالمعروف،
الناهين عن المنكر، المقيمين لحدودك.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا،
وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به
بيني وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك
، ومن اليقين ما تهوّن به علىّ وعليكم مصائب الدنيا.
اللهم لا هادي لمن أضللت، ولا معطي لما منعت،
ولا مانع لما أعطيت، ولا باسط لما قبضت،
ولا مقدّم لما أخّرت، ولا مؤخّر لما قدّمت،
اللهم أرزقنا حبك وحب من يحبك،
اللهم لاتمنع بذنوبنا فضلك
ورحمتك يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين،
اللهم لاتسلط علينا بذنوبنا من لايخافك فينا ولا يرحمنا.
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وصلىّ اللهم على نبيك ورسولك صلى الله عليه وسلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم .....اندبها
[/frame]


الرابط الاصلي للموضوع

http://wahjj.com/vb/showthread.php?t=28858
المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً ) (أين نحن من الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر)



 
 توقيع :

الشكر والتقدير والكثير جدا من الود والأحترام للفاضلة
حُرة الحرائر التى اهدتني هذه اللمسة الطيبة
الاخت ....( نجمة ليل )



التعديل الأخير تم بواسطة الغريبة ; 09-01-2019 الساعة 08:17 AM

4 أعضاء قالوا شكراً لـ اندبها على المشاركة المفيدة:
 (05-26-2019),  (05-29-2019),  (05-29-2019),  (12-24-2021)