عرض مشاركة واحدة
قديم 04-18-2013   #35


الصورة الرمزية بسمة روح
بسمة روح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 234
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 09-13-2014 (01:00 PM)
 المشاركات : 12,175 [ + ]
 التقييم :  53790370
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي



المفتاح الثالث عشر : الصلاة بقلب

مهما كان تطبيقك لما سبق من المفاتيح فإنها لا تفيد ما لم تُحكم تطبيق هذا المفتاح.
هذا المفتاح هو المسؤول عن حفظ روح الصلاة وحراسة نورها ، هذا المفتاح هو رجل الأمن في مملكة القلب ، فمهما كانت قراءتك للقرآن أو كان تسبيحك وتمجيدك أو كان تضرعك ودعاؤك فما لم يكن بقلب حاضر فإن وجوده كعدمه أو أن أثره ضعيف محدود لا يحقق مقاصده.
الصلاة بقلب أهم أنواع القراءة بقلب ، وقد وردت نصوص تحث عليها وتؤكد أهميتها فمن ذلك : قول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ (البخاري ومسلم عن عثمان)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ (مسلم عن عقبة بن عامر)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لا يَسْهُو فِيهِمَا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ (أبو داود وأحمد عن زيد بن خالد الجهني)
ومن أجل ذلك فإن الشيطان أشد ما يكون على الإنسان إذا قام في الصلاة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين فإذا قضى النداء أقبل حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر حتى إذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى (البخاري ومسلم عن أبي هريرة) ،وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول يا ويلي أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار (مسلم عن أبي هريرة) .
قال ابن القيم : " إن العبد إذا قام في الصلاة غار الشيطان منه ، فإنه قد قام في أعظم مقام وأقربه، وأغيظه للشيطان ، وأشده عليه فهو يحرص ويجتهد كل الاجتهاد أن لا يقيمه فيه بل لا يزال به يعده ويمنّيه وينسيه ،ويجلب عليه بخيله ورجله حتى يهوّن عليه شأن الصلاة ، فيتهاون بها فيتركها فإن عجز عن ذلك منه ، وعصاه العبد ،وقام في ذلك المقام ،أقبل عدو الله تعالى حتى يخطر بينه وبين نفسه ، ويحول بينه وبين قلبه ، فيذكّره في الصلاة ما لم يكن يذكر قبل دخوله فيها ، حتى ربما كان قد نسي الشيء والحاجة وأيس منها ، فيذكره إياها في الصلاة ليشغل قلبه بها ، ويأخذه عن الله عز وجل ، فيقوم فيها بلا قلب ،فلا ينال من إقبال الله تعالى وكرامته وقربه ما يناله المقبل على ربه عز وجل الحاضر بقلبه في صلاته ،فينصرف من صلاته مثلما دخل فيها بخطاياه وذنوبه وأثقاله لم تُخفَفْ عنه بالصلاة ، فإن الصلاة إنما تكفر سيئات من أدى حقها ، وأكمل خشوعها ، ووقف بين يدي الله تعالى بقلبه وقالبه"اهـ (الوابل الصيب)
جهاد وساوس الشيطان في الحياة وخاصة في الصلاة ، هو أشد وأصعب أنواع الجهاد التي يحتاج إليها الإنسان في هذه الحياة.
إن خطة الشيطان في هذه المعركة تقوم على مبدأ إلهاء القلب بالأفكار والهواجيس لينصرف وينشغل عن ذكر ربه .
وفي عصرنا الحاضر وجد من المخترعات والآلات ما استغله الشيطان لصالحه في هذه المعركة ، فإن مما ابتلي به معظم الناس اليوم الإدمان على النت والقنوات والجوال وهذا كفيل بأن يسرق لب الإنسان فيتحول بذلك إلى شخص ساذج خامل غير منتج.
هي في الأصل أدوات تصلح للخير والشر لكن غلب استعمالها في الشر ، وحتى استخدامها في جانب المباح من ترفيه وغيره زاد عن حده فانقلب شرا لأنه ألهى عن ذكر الله واستهلك الأوقات الثمينة في أمور تافهة ، وأشغل الإنسان عن كثير من واجباته ومصالحه ،هذا إدمان في جانب اللهو ، وهناك إدمان آخر لا يقل خطورة عنه في جانب التجارة والاقتصاد الذي دخل فيه الصغير والكبير والغني والفقير فتعلق الناس به تعلقا أعمى الأبصار وأسر القلوب ، وصدق على كثير من الناس قول الله تعالى:"اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فَى غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ(1)مَا يَأْتِيهَمْ مِنْ ذَكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ(2)لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأسَرُّوا النَّجْوى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ(3)" الأنبياء: ١ - ٣. ولو عقلوا قول الله تعالى: "وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا اِنْفَضُّوا إلِيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الَّلهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ" الجمعة: ١١ لما اغتروا بذلك.
ولقد أثَّر إدمان وسائل الاتصالات والاقتصاد على صلاة الكثير من الناس، حتى إنك تخشى على صلاتهم من البطلان وعدم براءة الذمة بها ، سئل ابن تيمية عن وسواس الرجل في صلاته وما حد المبطل للصلاة ؟
فأجاب : الحمد لله ، الوسواس نوعان : أحدهما : لا يمنع ما يؤمر به من تدبر الكلم الطيب والعمل الصالح الذي في الصلاة بل يكون بمنزلة الخواطر فهذا لا يبطل الصلاة ؛ لكن من سلمت صلاته منه فهو أفضل ممن لم تسلم منه صلاته ، الأول شبه حال المقربين والثاني شبه حال المقتصدين .
وأما الثاني : فهو ما منع الفهم وشهود القلب بحيث يصير الرجل غافلا فهذا لا ريب أنه يمنع الثواب كما روى أبو داود في سننه عن عمار بن ياسر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الرجل لينصرف من صلاته ولم يكتب له منها إلا نصفها إلا ثلثها ؛ إلا ربعها إلا خمسها إلا سدسها حتى قال : إلا عشرها ، فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه قد لا يكتب له منها إلا العشر .
وقال ابن عباس : ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها ، ولكن هل يبطل الصلاة ويوجب الإعادة ؟ فيه تفصيل .
فإنه إن كانت الغفلة في الصلاة أقل من الحضور والغالب الحضور لم تجب الإعادة وإن كان الثواب ناقصا فإن النصوص قد تواترت بأن السهو لا يبطل الصلاة وإنما يجبر بعضه بسجدتي السهو وأما إن غلبت الغفلة على الحضور ففيه للعلماء قولان : أحدهما : لا تصح الصلاة في الباطن وإن صحت في الظاهر كحقن الدم ؛ لأن مقصود الصلاة لم يحصل فهو شبيه صلاة المرائي فإنه بالاتفاق لا يبرأ بها في الباطن وهذا قول أبي عبدالله ابن حامد وأبي حامد الغزالي وغيرهما .
والثاني تبرأ الذمة فلا تجب عليه الإعادة وإن كان لا أجر له فيها ولا ثواب بمنزلة صوم الذي لم يدع قول الزور والعمل به فليس له من صيامه إلا الجوع والعطش .
وهذا هو المأثور عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة واستدلوا بما في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إذا أذن المؤذن بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين فإذا قضي التأذين أقبل فإذا ثوب بالصلاة أدبر فإذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول : اذكر كذا اذكر كذا ما لم يكن يذكر حتى يظل لا يدري كم صلى فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين ، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يذكره بأمور حتى لا يدري كم صلى وأمره بسجدتين للسهو ولم يأمره بالإعادة ولم يفرق بين القليل والكثير .
وهذا القول أشبه وأعدل ؛ فإن النصوص والآثار إنما دلت على أن الأجر والثواب مشروط بالحضور ولا تدل على وجوب الإعادة لا باطنا ولا ظاهرا والله أعلم "اهـ < فتاوى ابن تيمية 22/611 >
لا تسمح لنفسك أبدا أن تقرأ مع وجود الهواجيس، توقف عن القراءة عند دخول أي خواطر أو وساوس، وكلما عادت فعد، قف لها بالمرصاد، لتكن قراءتك نقية.
هذا الأمر ربما يتعبك في البداية وترى أنه مستحيل لكن مع الاستعانة بالله تعالى والمجاهدة والصبر سوف تفضي إلى روضة غناء ودوحة فيحاء لا تقدر قدرها ولا تدرك خطرها وعمق لذتها وقوة بصيرتها فاجتهد وجاهد واصبر ولو طال بك المقام فأنت تطلب أمرا عاليا، وشيئا غاليا، ثمينا جدا يستحق الصبر وبذل الجهد.
إن القراءة النقية، القراءة بقلب، القراءة الصافية لها بريق خاص ومذاق مميز وحلاوة لا يدركها إلا من ذاقها ، فبادر ولا تتأخر.
حين توجد الهواجيس أثناء قراءة القرآن تذكر قول الله تعالى : ( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) ، تذكر أن الله يكلمك، يخاطبك بكلامه فأنصت لما يقوله لك و تفكر فيه لعلك تفوز برحمة ربك ورضوانه.
لا يصح أبدا ومهما كان المبرر أو العذر أن تصلي هواجيس ،لا يصح أن يلتفت قلبك عن الله وأنت داخل عليه، واقف بين يديه تناجيه، بل يجب أن تجاهد ولا تستسلم، وتستعين بالله وتلح بالدعاء أن ييسر لك الصلاة بقلب حاضر متصل بربه من أول الصلاة إلى آخرها، ومن ذلك أن تدعو دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، ومنه الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ، والاستعاذة بسور الإخلاص والمعوذتين، ففي ذلك عون كبير على جمع القلب وحضوره في الصلاة .
إن مما يعين على حضور القلب وجمع الفكر تركيز النظر وهو نوعان:
الأول: تركيز النظر إلى موضع السجود وهذا في معظم الصلاة.
الثاني: تركيز النظر إلى السبابة التي تشير إلى التوحيد وهذا يكون في التشهد.
وتركيز العين أقوى من تغميضها في تحقيق الصلاة بقلب لذا جاء النهي عن تغميض العينين في الصلاة، والبعض يلجأ إليه حين يعجز عن التركيز وهذا استسلام ونزول للمستوى الأدنى ، فالأولى المجاهدة في تركيز العين إلى موضع السجود أو إلى السبابة حتى تتعود عليه فذلك أولى من تغميض العينين وأولى من فوضى النظر وإطلاق البصر.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الإشارة بالسبابة في جلسة التشهد : لهي أشد على الشيطان من الحديد (أحمد عن ابن عمر) أي أن الإشارة بالسبابة عند التشهد في الصلاة أشد على الشيطان من الضرب بالحديد لأنها تذكّر العبد بوحدانية الله تعالى والإخلاص في العبادة .
ولأجل هذه الفائدة العظيمة كان الصحابة رضوان الله عليهم يتواصون بذلك ويحرصون عليه ويتعاهدون أنفسهم في هذا الأمر، فقد جاء في مصنف ابن أبي شيبة عن سليمان بن يحيى قال : ( كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ بعضهم على بعض يعني : الإشارة بالإصبع في الدعاء).
الجهر والتغني في قراءة القرآن بطريقة تشد القلب وتجعل القراءة تقع في الإذن وقعا حسنا يجذب إلى التفكر في معانيها والتأثر بمواعظها.
والتغني يعني الاجتهاد في تحسين الصوت قدر المستطاع ومن ذلك تلحين القراءة والتطريب بها ، وتكرار بعض الكلمات بطريقة مناسبة متناغمة تعطي القراءة نغما لطيفا يساعد على مواطأة القلب لما يقرؤه اللسان.
والجهر في كل مكان بحسبه، فحين يكون المصلي منفردا فيمكنه رفع صوته بقدر مناسب، وحين يكون مأموما فإن قراءته تكون سرا ، ومعنى القراءة السرية تحريك أدوات النطق وأن يسمع المصلي نفسه دون أن يتعدى إلى جاره بل يقتصر عليه، وهذا أمر يحتاج إلى ضبط، والمهم أن القراءة الصامتة لا مكان لها في الصلاة مطلقا.
لقد كان الصحابة رضي الله عنهم يعرفون قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة السرية باضطراب لحيته ، فهذا يدل على تحريك للفكين تبعا لتحريك اللسان والشفتين حين القراءة ، وبهذه الطريقة تكون القراءة في كل أقوال الصلاة،فقد ثبت سماع الصحابة لما كان يقوله النبي صلى الله عليه وسلم في ركوعه واعتداله وسجوده وجلوسه (وهذا حين يكون منفردا)، وأن يكون التسبيح بتفخيم ومد ، وأن يكون الدعاء بتمسكن وتباكي حتى يحصل اجتماع القلب حين التسبيح أو الدعاء.
تضرع إلى الله تعالى أن ييسر لك الصلاة بقلب ، ألح عليه السؤال والطلب ليلا ونهارا سرا وجهارا ، ردد دائما : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ، أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس.
عليك بهذه الأدعية العظيمة التي شرعها الله لنا لنستعين بها على تحقيق هذا الأمر العظيم الذي فيه نجاتنا وفلاحنا في الدنيا والآخرة .
استعذ بالله من الشيطان الرجيم كلما حاول أن يصرفك عن قراءتك وصلاتك ، ومع الاستعاذة انفث عن يسارك ثلاثا إن اشتد عليك الأمر وحال الشيطان بينك وبين صلاتك ففي هذا خلاص لك من كل شر.





 
 توقيع :


رد مع اقتباس