عرض مشاركة واحدة
قديم 04-18-2013   #29


الصورة الرمزية بسمة روح
بسمة روح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 234
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 09-13-2014 (01:00 PM)
 المشاركات : 12,175 [ + ]
 التقييم :  53790370
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي



المفتاح التاسع: الدعاء

الصلاة في اللغة: الدعاء وهذا معناها الحقيقي في الاصطلاح ،فالصلاة كلها دعاء ، ففي الاستفتاح دعاء ، وعند قراءة القرآن دعاء ، والفاتحة دعاء ، وفي الركوع طلب للمغفرة مقرون بالتسبيح وهو دعاء ، وفي الجلوس بين السجدتين دعاء ، وبعد قراءة التشهد دعاء.
اختص السجود بكونه محل إكثار الدعاء والإلحاح فيه ، لقوله صلى الله عليه وسلم : أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء، وقوله صلى الله عليه وسلم : وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم ،وقوله صلى الله عليه وسلم : وأما السجود فاجتهدوا فيه بالدعاء فقمن أن يستجاب لكم، فنص بذلك على أمور:
الأول: أن العبد أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد ، وإذا كان السجود في جوف الليل تضاعف قرب العبد من ربه كما جاء في الحديث : أقرب ما يكون العبد من ربه في جوف الليل الآخر فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله تعالى في تلك الساعة فكن (الترمذي وصححه عن عمرو بن عبسة)، فيجتمع للعبد قرب الحال وقرب الوقت.
الثاني: بيان أن الدعاء في السجود مستجاب .
الثالث : الأمر بكثرة الدعاء والإلحاح فيه.
كان من هديه صلى الله عليه وسلم إطالة السجود وكثرة الدعاء والتضرع والتسبيح والاستغفار.
ومن مواضع كثرة الدعاء في الصلاة بعد قراءة التشهد الذي يبدأ بالثناء على الله تعالى ثم الصلاة والسلام على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فهو من مواضع استجابة الدعاء وخاصة في الصلوات المكتوبات.
من المهم جدا حفظ الأدعية الواردة في القرآن والسنة حفظا تربويا ، فالأدعية الواردة في القرآن والسنة فيها معان كبيرة وعظيمة تحتاج إلى فقه عميق دقيق.
والمتأمل في الصلاة يجد أنها توفرت فيها أسباب إجابة الدعاء فمن ذلك:
1- استجابة الدعاء عند الاستفتاح: قال ابن عمر رضي الله عنهما : بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال رجل من القوم الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من القائل كلمة كذا وكذا قال رجل من القوم أنا يا رسول الله قال عجبت لها فتحت لها أبواب السماء (مسلم عن ابن عمر)
2- الفاتحة دعاء مستجاب وهي أعظم الدعاء، دل على ذلك حديث (قسمت الصلاة) وهو في صحيح مسلم.
3- الاستجابة عند التأمين بعد قراءة الفاتحة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه (البخاري ومسلم عن أبي هريرة)
4- استجابة الدعاء عند التحميد بعد الرفع من الركوع : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه (البخاري ومسلم عن أبي هريرة)، وقال رفاعة بن رافع الزرقي: كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال سمع الله لمن حمده قال رجل وراءه ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف قال من المتكلم قال أنا قال رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول(البخاري) وعن أنس رضي الله عنه أن رجلا جاء فدخل الصف وقد حفزه النفس فقال الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال أيكم المتكلم بالكلمات فأرم القوم فقال أيكم المتكلم بها فإنه لم يقل بأسا فقال رجل جئت وقد حفزني النفس فقلتها فقال لقد رأيت اثني عشر ملكا يبتدرونها أيهم يرفعها (مسلم)
5- استجابة الدعاء في السجود: ومر في أول هذا المفتاح ذكر الأحاديث الدالة على ذلك.
6- الدعاء بعد التشهد وقبل التسليم: قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع قال جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات (الترمذي وحسنه عن أبي أمامة)
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ويطيلها ويكثر فيها التضرع والاستغاثة والإلحاح بالدعاء وطلب كشف الكربة وإزالة الغمة.
فهذا هو الصراط المستقيم والهدي القويم في مثل هذه الأحوال لكن الملاحظ أن من لم يجاهد نفسه على الصلاة في الرخاء ولم يتدرب عليها طويلا فإنه لا يستفيد منها في الشدة بل تصعب عليه أو تتعذر .
إن الإخلاص أقوى حال يستجاب فيها الدعاء ويحقق الرجاء ويدفع البلاء ، حتى لو كان المخلص في دعائه مشركا في حال الرخاء كما قال تعالى : "فَإذَا رَكِبُوا فِى الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدَّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ"
العنكبوت: ٦٥، والصلاة متى كانت حقا صلاة فإنها تحقق قوة الإخلاص واليقين بأنه لا إله إلا الله ، وهو وسيلة إلى كشف الكربات وجلاء الهموم والأحزان ، وشرح الصدور وتيسير الأمور ودفع الشرور.
الدعاء هو العبادة ، والصلاة هي الدعاء ، فالصلاة هي العبادة ، هي أعظم عمل ينبغي أن يشغل حياة العبد ، ويسيطر على اهتمامه، الصلاة هي الصلة بين العبد وربه، هي العروة الوثقى التي تصل العبد بخالقه، وتدخله على مولاه، وتقربه عنده زلفى ، وترفعه درجات يصل بها إلى أعلى مراتب الولاية والحب والقرب، أكثر من الصلاة ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وتذكر أن الصلاة هي الدعاء، وما شقي عبد فتح الله له أبواب الدعاء والمناجاة .
فالدعاء الدعاء أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ، وإذا قيل الدعاء فأول ما ينبغي أن ينصرف الفهم إلى الصلاة فهي الدعاء وهي أقرب ما يكون العبد من ربه.
تذكر أنك في أي لحظة معرض لخطر زوال الهداية من قلبك فكن على حذر، واعلم أنك مضطر إلى ربك في كل لحظة أن يهديك للصراط المستقيم ويثبت قلبك على دينه،ويحفظك من الزيغ والضلالة والمعصية، فالعبد أفقر ما يكون وأحوج ما يحتاج من ربه الهداية إلى الصراط المستقيم ، وثبات القلب على دينه وعدم زيغه عنه طرفة عين، لذلك كان هذا الدعاء فرض عين في كل ركعة، فيجب أن تدعو به دعاء مضطر مشفق خائف منكسر، دعاء عبد يرجو رحمة ربه وهدايته ويخاف من سخط ربه، ومن الضلال عن صراطه المستقيم.
التضرع إلى الله تعالى والافتقار والاضطرار إليه سبحانه،يجب أن يكون في كل حال في السراء والضراء ، والشدة والرخاء ، لأن الإنسان مفتقر إلى ربه مع كل نفس من أنفاسه وهو على خطر عظيم مع كل خفقة من خفقات قلبه ، لا غنى له عن ربه طرفة عين.
قال ابن تيمية: بحيث يجد اضطراره إلى أن يكون الله تعالى معبوده ومستغاثه أعظم من اضطراره إلى الأكل والشرب فإنه لا صلاح له إلا بأن يكون الله هو معبوده الذي يطمئن إليه ويأنس به ويلتذ بذكره ويستريح به ولا حصول لهذا إلا بإعانة الله، ومتى كان للقلب إله غير الله فسد وهلك هلاكا لا صلاح معه "اهـ
هذا هو العبد الذي حقق العبودية وأخلصها لله فلا يغير تغير الحال من حاله شيئا، هو في أحلك شدة كما هو في أحسن حال وأنعم بال لا يتغير شدة تعظيمه وتقديسه وتكبيره وتبجيله وإجلاله لربه، ولا يتغير رؤية شدة فقره واضطراره وفاقته واستغاثته وابتهاله لربه شيئا.
حسن العبودية لله تعالى تعني دوام الدعاء والاضطرار والانكسار لله تعالى في كل لحظة، مع الأنفاس.
إن الغفلة عن هذا العلم والإيمان واليقين نقص في العبودية، وإذا كثر وطال، أو كان في الشدة دون الرخاء؛ فهو نوع من الاستكبار عن عبودية الله تعالى.
لا يصح لك أيها العبد أن تنفك عن عبودية ربك طرفة عين، بل كن دائم الدعاء والافتقار والاضطرار إلى ربك، هذا ما يريده الله منك؛ أن تكون عبدا خالصا له سبحانه، دائم الدعاء والاستغاثة والافتقار، وأكثر الاستغفار والاعتذار آناء الليل وآناء النهار ، فهو سبحانه يحب المستغفرين ويقبل توبة التائبين.




 
 توقيع :


رد مع اقتباس