مسحور يطلب الزيادة

حرفان إذا اجتمعا أوجعا القلوب وأبكيا العيون وأسقما الأجسام إنهما حرفا الحاء والباء فما أعذبهما وألذهما رغم شدة فتكهما لأنهما القاتل المحبوب الذي لا يطالب بثأر منه .
ألذ الحب وأعذبه ما أشجى الفؤاد وسال في عروق الجسد كالبركان يحرقها عرقاً عرقاً فلا لذة للهوى إلا بمكابدة تباريحه ومقاساة حرقه فسر يا هواها في جسدي كالبركان محرقاً قلبي وأوردتي وشراييني .
بل سر كالإعصار المدمر ودمر كل عرش وحبًّ سكن فؤادي إلا حبها وحب فتاين فعرشيهما محرم عليك الإقتراب منهما .
عجباً والرب إنه لعجب فمذ هويتكِ وحروف قصائدي وخواطري تأبى الانقياد إلا لوصف جمالكِ الخلاب الذي رأيته في حلمي ووصف مشاعري المتأججة نحوكِ ونحو فتاين وإني لأنتظر بكل شوق تلك الساعة التي أبثكِ فيها مشاعري دون إ ثم أو خجل .
من يصاب بالسحر يذهب إلى الرقاة ليرقوه ويسعى لعلاجه بشتى الطرق أما أنا فأسأل الله ألا يفارقني هذا السحر إلا بفراق روحي فأنتِ يا ساحرتي من العين نورها ومن القلب نبضه ومن الجسد روحه وأنا مجنونكِ الذي لم يفق ولا يريد الإفاقة والمسحور بفتنتكِ وبهاءكِ الذي يطلب الزيادة من هذا السحر العذب فانفثي علي من نفثات سحركِ الحلال ما يزيدني أرقاً وجنوناً .

وداع الروح

شاكسيني أيتها الدنيا القميئة وناصبيني العداء فقد كنتِ لسعادتي بالمرصاد مذ ولادتي .
عندما أبتسم أوتغمر السعادة قلبي تتصورين أمامي بصورة وحش منكر الخلقة يريد الانقضاض علي فتغيض ابتسامتي وتضمحل سعادتي .
ياللعجب ألهذا الحد وصل عداؤكِ لي وحقدكِ علي .
والذي نفسي بيده لو كنت اختطفتُ لكِ قريباً وعذبته حتى الموت أو قتلتُ حبيباً قد شغف قلبكِ حباًّ أمام ناظريكِ لما فعلتِ بي أكثر من هذا فكيف وأنا لم أضمر لكِ سوءاً أبداً .
لماذا بربك عندما علمتِ بحبي لها وشوقي إليها ورغبتي بالإقتران بها جيشت جيوشك ضدي أجمع ولم تنصاعي لرغبتي في هذه فسحقاً لكِ وتباًّ من عدوٍّ لدود لا يرى ولا قدرة لنا على مجابهته .
كبليني بقيود الحرمان واطعنيني برماح الأسى ومزقيني بسيوف الشجن حتى يَكِلَّ ساعديك ويبتهج قلبكِ ويزول حقدكِ وبعدها اغربي عن وجهي وغادري دربي للأبد لأبدأ حياتي من جديد .
حبيبتي بل جنتي وسعادتي التي لم أتمرغ بها إلا قليلاً والتي حالت الأقدار دون لم شملنا واجتماعنا تحت ظل سقف واحد لن أودعكِ بدموع العين وزفرات القلب كما يُفعل عادة بل سأودعكِ وداع الروح للجسد التي لا أوبة لها إليه بعد خروجها منه وسأقضي ما بقي من أيامي هائماً بكِ مغرماً ولو بلغتِ من العمر عتياًّ إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً إذْ لا يحق لي عصيان من وقف حائلاً دون نيل ما صبا إليه قلبي .

وداعاً

سأبتسم
نعم سأبتسم
ولم لا أبتسم ؟
ألأنكِ أيتها الدنيا الدنيئة وأدتِ حلمي واغتلتِ أملي ؟
لا بل سأبتسم وسأضحك بملء فِي لأنكِ هزمتني هزيمة نكراء ووقفتِ حائلاً دون نيل ما أتمنى .
أعلم أن هذا لم يشف غليلكِ فأرسلتِ إلي في الحلم من فتك بقلبي هواها ترفل بثياب الفتنة والرقة وجعلتِ أهل التأويل يؤولونها أننا خلقنا لبعضنا البعض حتى يمتليء قلبي فرحاً وأنسج خيوط الأماني لتقضي عليها دفعة واحدة محطمة بذلك قلبي فأجهزي علي فما زال بي بقية رمق ولدي بصيص أمل .
بربكِ أجهزي علي لأن الذي أنتِ عنده أتفه وأحقر من جناح بعوضة اختار لي ما هو خير وأبقى .
وأنتِ يا من أحببتُ الدنيا لأجلها ها هو الوداع دق ناقوسه وسحب الفراق أرخت عزاليها فوداعاً .
وداعاً يا من سألتُ الله كثيراً أن يجمعني وإياها تحت ظل سقف واحد على رضاً وتوفيق وسعادة .
وداعاً يا من أضاءت دنياي بحبها وبعثت الأمل ونشرت الطمأنينة في صدري .
وداعاً يا من فجرتِْ ينابيع حبي وأسرجتْ خيول شوقي وداعاً لا لقاء بعده إلا أن يشاء الذي بيده ملكوت السموات والأرض وهو على كل شيء قادر .