عرض مشاركة واحدة
قديم 01-25-2024   #3


الصورة الرمزية عبد العزيز
عبد العزيز غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4049
 تاريخ التسجيل :  Oct 2022
 أخر زيارة : منذ 4 يوم (07:26 PM)
 المشاركات : 16,445 [ + ]
 التقييم :  11208
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 8
تم شكره 207 مرة في 125 مشاركة

اوسمتي

افتراضي ورحل خالد :





قرأتُ موضوع الأخت بعثرة في رحيل أخي العزيز خالد بن عبدالعزيز المطلق - رحمه الله - فكانتْ هذه الخاطرة ، التي كتبتْ على عجالة في لحظة شجنٍ شديدةٍ :
عرفتُ أخي وصديقي خالداً - رحمه الله - في هذا الصرح العامر ، وكنتُ حريصاً على رؤيته وعندما رأيته ازددتُ إعجاباً بأخلاقه ، وصفاته النادرة في هذا الزمن .
التقيتُ به أول مرة في مقهى ( يوم القهوة ) ، في إحدى ليالي العشر الأواخر من رمضان عام 1438هــ ، أتيتُ قبيل الموعد بقليل ، وعندما أتى التفتَ يمنة ويسرة ، ثم اتصل ، فرددتُ عليه ، فنظر إلي ثم ابتسم ، وأقبل وسلم ثم جلس ، فسألته عن سبب كثرة التفاته فقال : كنتُ أبحث عن شيخٍ ، أنزع ، أشيب ، يرتدي نظارات .
عجبتُ وسألته من هذا الشخص ؟
فابتسم (رحمه الله) وقال : خلتُك بهذه الصفات ! ولم أظن أني سأرى شابَّاً في منتصف عقده الثالث .
تحدثنا ، وتندرنا ، وطال بنا الحديث كاشفاً لي عن رجاحة عقله ، وسعة ثقافته ، ومعرفته بالناس .
رأيته بعدها مرتين آخرها في شهر شوال ، فتناولنا القهوة في مقهى(يوم القهوة) ثم أخبرته أني أريد شراء بعض الكتب ، فذهبنا إلى -مكتبة العبيكان- ولم أجد ما أريد فاشتريتُ كتاب -القواعد الأساسية للغة العربية-(كتاب في النحو) لأحمد الهاشمي - رحمه الله - فقال خالد - رحمه الله - مداعباً : أخال أن ثلثا مرتبك يذهب على الكتب .
ابتسمتُ وقلتُ له : أسأل الله ألا تُبتلى بالأدب .
ابتسم - رحمه الله - ثم اتجه إلى المحاسب رافضاً جميع محاولاتي بدفع الحساب ، ثم نقد ثمن الكتاب من ماله ، ولم يَدُرْ بخلدي أن هذه آخر مرة أراه بها في هذه الدنيا الفانية - فرحمه الله - وغفر له .
هكذا يرحل الأحباب دون سابق إنذار ! مخلفين بقلوب أحبابهم أُتناً لا يخبو سعيرها ، فارحل أيها التقي نقي السريرة ، ميمون النقيبة ، محمود السيرة ، مرضي الصحبة ، مبكي الرحيل ، مفقود المكان ، باقي الذكر .
ارحل أيها التقي النقي عن دار السخائم والأضغان حاملاً معك بسمتك ، وصدقك ، ونقاءك ، وإباءك (الذي صنفه الكثير صلفاً وكبراً) ولطفك ، ومراعاتك لمشاعر الآخرين ، ومقابلتك الإساءة بالإحسان ، مخلِّفاً خلفك دار الوصب ، والنصب ، والحقد التي لم يحتمل أهلها صدقك ونقاءك ، فقد اختار لك الرحمن برحمته داراً خيراً لك من هذه الدار لا موت فيها ، ولا سقم ، ولا إحن .
ارحل أيها التقي النقي مبقياً خلفك الخلق الحسن الذي عُرفتَ به ، والنية الصادقة التي أُثرتْ عنك ، والذكرى الطيبة التي نذكركَ بها .
ارحل أيها التقي النقي من دار الظعن والعفاء ، إلى دار المقر والبقاء ، مُخلِّفاً في قلوب أحبابكَ لوعةً تُمزِّقُ نياط قلوبهم ، وتُفيضُ مَدامعَ عيونهم ، وتَبعثُ أنينهم وخنينهم ، وتَرفعُ أكفهم إلى الرحمن الرحيم تسأله لك العفو والغفران وأعالي الجنان ، فرضي الله عنك ، وأسكنك الفردوس الأعلى ، وآمنك يوم الفزع الأكبر ، وأعطاك كتابك بيمينك ، ورزق أهلك وأحبابك الصبر والسلوان ، فالخطب جلل ، والفقد عظيم .
عندما قرأتُ نعيكَ يا حبيب القلب لم أستطعْ حبس الدموع التي انهمرتْ ، والشجن الذي طما طوفانه ، حتى سألني من حولي من خالدٌ هذا الذي تبكيه ؟
فحدثتهم عنكَ ، وعن دماثة خلقك ، ونقاء قلبك ، وصدق تعاملك ، حابساً تأثري فلما خلوتُ بنفسي أطلقتُ لدموعي العنان(ولا عيب في ذرف الدموع على الأحباب) وعدتُ بذاكرتي إلى تلك السويعات التي قضيتها معك والتي تفوق بصدقها وإخلاصها أعواماً قضيتها مع بعض الصحاب .
اللهم يا رحمن يا رحيم اغفر لأخي خالد وأنزل عليه من شآبيب رحمتك ما ينال بها رضاك وترفعه بها مع الصالحين .
اللهم لقِّه الأمن والبشرى ، والكرامة والزلفى ، وافسح له في قبره مد نظره ، واجعله روضة من رياض الجنة يا رحمن .




 
 توقيع :


جزيل الشكر ووافر الامتنان لأخي العزيز مصمم الوهج المتفرد أحمد الحلو على التصميم البديع .


رد مع اقتباس