فهل انتهت الدعوة الاسلامية ولم يأبه بها احد.
في الوقت الذي لم يفلح استعمال السيف
ولا القوة في ردع هؤلاء الغزاة عن ارض المسلمين...؟
ومع ذلك سرعان ما جذب الإسلام إليه هؤلاء الفاتحين الغزاة
، وسرعان ما دخله المغول الذين هاجموه وعملوا على تقويضه .
فهل يمكن أن نقول إن الإسلام انتشر بين المغول بالقوة ؟
يقول توماس أرنولد في ذلك :
لا يعرف الإسلام من بين ما نزل به من خطوب وويلات خطبا أعنف قسوة من غزوات المغول ،
فلقد انسابت جيوش جنكيزخان ،
واكتسحت في طريقها العواصم الإسلامية
وقضت على ما كان بها من مدنية وحضارة . . .
على أن الإسلام لم يلبث أن نهض من رقدته وظهر من بين الأطلال ، واستطاع بواسطة دعاته أن يجذب أولئك الفاتحين
البرابرة ويحملهم على اعتناقه ....
- وهل كانت غزوات الرسول ذات بال من الناحية الحربية ؟
إن التاريخ يحدثنا أن كثيرا من غزوات الرسول
انتصر فيها أعداء المسلمين ، ولكن الإسلام كان ينتشر
في حالتي انتصار المسلمين وانهزامهم ....
يحدثنا التاريخ بصراحة ووضوح
أن أهم فترة انتشر فيها الإسلام هي فترة السلم
الذي تلا صلح الحديبية بين قريش والمسلمين ،....
وكانت فترة السلم سنتين ، ...
ويقول المؤرخون إن من دخل الإسلام في خلال هاتين السنتين أكثر ممن دخلوه في المدة التي تقرب من عشرين عاما
منذ بدء الإسلام حتى ذلك الصلح .
وهذا يدلنا على أن انتشار الإسلام تتبع خطي
السلام ولم يتبع خطى الحرب .....
وهناك فكرة مهمة يجدر بنا أن نوضحها تماما ،...
وتلك الفكرة هي أنه لا علاقة بين انتشار
الإسلام وبين حروب المسلمين مع الفرس والروم وغيرهم فقد كانت الحروب تشتعل ،.....وكان المسلمون...
ينتصرون ، ثم تتوقف الحروب وتتوارى السيوف ،
وحينئذ يتقدم الدعاة والمعلمون فيشرحون نظم الإسلام ومبادئه وفلسفاته ، وكانت هذه الدعوة السمحة تجذب لها الناس
وبخاصة عندما رأت الشعوب المغلوبة
الفرق الكبير بين حكم قيصر وطغيانه ،.....
وبين بساطة عمر بن الخطاب وسماحته وتواضعه ، وبالدعوة دخل الناس أفواجا في الدين الجديد ، فمنهم من أسرع في الدخول ومنهم من دخل بعد عام ، أو خمسة أعوام ، أو مائة . . .
إن غالبية أهل الشام ومصر السفلى في القرن التاسع الميلادي كانت لا تزال مسيحية على الرغم من أن الإسلام
كان قد مضى عليه في هذه البقاع أكثر من قرنين . ومن هؤلاء المسيحيين من لم يدخل الإسلام حتى الآن ،...
وتستطيع أن ترى اليوم الآلاف أو الملايين من المسيحين في مصر والجمهورية العراقية وغيرهما من البلاد الإسلامية .
مرة أخرى لا علاقة بين انتشار الإسلام وبين الحروب ...
بل كانت وسيلة الإسلام لهذه البقاع هي الثقافة
والفكر والدعوة ، فانتشر الإسلام
بين شعوب البربر وبين الزنوج ،
وقامت خلف الصحراء دول إسلامية لعبت في التاريخ دورا كبيرا ....