عرض مشاركة واحدة
قديم 06-14-2019   #8


الصورة الرمزية اندبها
اندبها غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1037
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : منذ 3 أسابيع (05:32 PM)
 المشاركات : 29,396 [ + ]
 التقييم :  888890339
لوني المفضل : White
شكراً: 686
تم شكره 1,089 مرة في 578 مشاركة

اوسمتي

حصريات المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً ) ( فلنحذر من هذه الصفات ) ( الحسد )





[frame="1 10"]
( إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِينُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ
وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا
مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ
، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ) رواه أبو داود ،
والنسائي ، وابن ماجة .
قال تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً
وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) ( النساء )
وقال عز وجل في سورة الاحزاب:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ( الأحزاب )
أما بعد إخوتنا المؤمنين
وأحبتنا في الله
أن خير الكلام كلام الله
وخير الهدي هدي محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم )
يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ
يَحْمَدُ اللَّهَ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ:
(مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ثُمَّ يَقُولُ:
بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ......
وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ
وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ نَذِيرُ جَيْشٍ
رواه (مسلم، أبو داود، النسائي، ابن ماجه، أحمد، الدارمي )




عباد الله ..
أما بعد،
إخوتنا في الله
لكل شيء أصل
ولكل تشريع أصول
ولكل فرع أوفروع أصل وأصول
فليس هناك فرع بدون أصل ولا جذر
وليس هناك نظام حياة ومنهج للسير فيه وعليه
دون أصل في نشأته أو تكوينه أو رسالته أوهدفه
أو مقصده الشرعي إن كان الامر دينياً
وإن كان دنياوياً من تأليف البشر
وتاويلهم لأسلوب حياتهم ومعيشتهم
لابُدّ أيضاً من أن يكون له أصل وهدف ونتيجة
يصبوا اليها من ألّفها
وفي الغالب والدائم أن البشر لايسيتطيعون
وضع نظام لحياتهم وأسلوب معيشتهم
إلاّ إن كان مصدره وأساسه وأصله ديني
حتى الكفرة من اليهود والنصارى
مهما رأينا عِلم الأجتماع عندهم والذي يهتم
بأسلوب الحياة لديهم يحاول أن يصنع توجه عام
وفكر عام لأسلوب المعيشة لديهم
فنراهم بالفعل ربما يستطيعون وضع لوائح ونُظم
تسير حياتهم المادية من ضوابط وقوانين
لاتهم الا بتسيير العملية الانتاجية المادية
حتى وأن جعلوا الربا والنصب والأحتيال وسيلة
لجلب الأموال ورفع وتيرة الأقتصاد لديهم
إلاّ انهم يتعثرون حتى فشلوا في إحداث نظام
حياة تختص بالانسان وسلوكه وتعاملاته مع أترابه
حتى وإن أخذوا من النصرانية واليهودية القديمة
القليل جداً من أصول الأدب بين الناس
إلا أنهم غلب عليهم الطابع المادي الملموس والذي
أُعطيت له الصلاحية في أن يدمر من يشاء
وينهى حياة من يشاء لاجل الربح وزيادة وتيرة الأنتاج والغنى
حتى وصل الأمر في بعض الدول النصرانية الكافرة
أن إرتفعت نسبة الفقر الى أعلى
الدرجات فكل ما يظهر غني جديد
يطفوا على السطع فقراء جُدد
أما بالنسبة للأخلاق
فكل يوم تظهر المفاسد في القول والفعل
وكل يوم تظهر تشريعات تم صنعها في دهاليز
مجالسهم النيابية ومحاكمهم العليا والقضاء الأعلى
لديهم لانهم لم يستطيعوا مواجهة التطور
المادي على حساب الاخلاق سوى بسن قوانين
وضعية جديدة ربما تلائم وتكبح لجام انحدار الاخلاق لديهم
حتى أصبحت العلاقة بينهم وبين خالقهم
منعدمة فالكل يفتخر بإلحاده ورفضه لكل
الشرائع الدينية حتى المسيحية او اليهودية المُحرفة
عندهم يكفرون بها ....
فالكل يأكل في بعض والقوي هو الأبقى لديهم
فلا قوانين ولا تشريعات ولا اهتمام ببناء أخلاق
الأنسان وتعليمهم طُرق المحافظة على أساس
التقدم والبناء والمصداقية والوئام ...



كل ذلك إخوتنا الأحبة
ساهم وساعد في انتشار مراذلهم وسقوطهم
وإنحدار أخلاقهم فألتقم بنو جلدتنا من مسلمين
يقولون أنهم يوحدون الله
ولايشركون به شيئاً
في الوقت أنهم أشركوا به وبجميع أنواع الشِرك
الأصغر والأكبر والكامل
فأصبحوا يعبدون الدرهم والدينار ويسيرون
على منهج وطريقة اليهود والنصارى في الوصول
للحياة الزائفة التى يبتغونها
ولايعلمون أن أساسها وأصلها جُثث دُمرت
وأصول أخلاقية أٌنتهكت وجزء من تشريعاتهم الباقية
من نصرانية ويهودية حتى وهي مُحرفة
تم شطبها وتغييرها لتواكب مبدأ إفعل ماتشاء
المهم أن تصل وتعيش ولاتبالي بما يُسمى الاخلاق....!!!!
ويزعمون أنهم يتبعون وصايا وتشريعات
رسول الله صلى الله عليه وسلم
في الوقت نراهم يتندرون على وصاياه
ويقولون عنها أنها لا تواكب التطور والحداثة
والانطلاق للعلمانية الجديدة للوصول
لمراتب التقدم العالمي الزائف
حتى أصبحوا في جلساتهم الخاصة
ودواوينهم وإستراحاتهم
لايملّون من حسد بعضهم بعض
ولا الطعن في شرف بعضهم بعض
ولا التناجش على بعضهم بعض
فأصبح التناجش هو وسيلة التجار في زيادة الربح
وتدمير التاجر الأخر وإيصاله لحافة الأنهيار
وأصبح الكذب والزور والبهتان
وتحقير عباد الله هو المنفذ الوحيد للوصول
لماديتهم وولههم وعشقهم للحياة المدنية
والعلمانية وعبادة المال والجاه والسلطان
إن كان ذلك يؤدي لزيادة فُرص التطور الكاذب
والغنى الفاحش الذي يُبنى على الحرام من كذب
وغش وفساد وحسد وتملق وكُره ورياء
للطرف المقابل والذي سيتحطم ليظهر على رفاته
أُ ناس لاهم لهم الا تحطيم منافسيهم بشتى الوسائل
لأسعاد جلسائهم وتدمير أخلاق بعضهم ومن ثم
تدمير المجتمع وجعله فريسة سهلة مُحطمة لمثل هؤلاء
الذين تركوا شريعتهم الاصلية التى أتى بها
رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأتبعوا مِلة من لايخاف الله ولايحسب له حساب
سوى ممن إدعى أنه مُسلم ( بالهوية فقط )
أو من ثقافات مستوردة من اليهود والنصارى
التى تبيح كل شيء في سبيل الوصول للغايات التى يريدونها
بأي وسيلة وطريقة .....فأوهموهم أخيراً
وهذا مانشهده في الساحة الأسلامية العربية
من خروج على ولات الأمور والقتل والدمار
بأن الوصول للمقام الرفيع والمكانة
الأجتماعية والسُلطة لاتأتي الا بسفك الدماء ،
فلم يعد قول النبي صلى الله عليه وسلم
كل المسلم على المسلم حرام
دمه وماله وعرضه رواه مسلم
بل أصبح كل المسلم على المُسلم حلال

دمه وعِرضه وماله حلال ، طالما أنه يكون
السبب في الوصول لغايات رفيعة وسُلطة
وأصبحوا أخوتنا الكرام
يسمون الصفات المبتذلة بنعوت
وصفات أخرى غير التى نعرفها
مثلا يقولون عن الحسد
بأن فلان نعم لايستحق النعمة
لأنه يرهق نفسه ليل نهار
وأحيانا لا يعمل شيء فهو لايستحقها
والكذب أصبح لديهم وسيلة لتمرير
افكارهم ومشاريعهم وقبولهم بين الناس
والغيبة والنميمة أصبحت عندهم
وسيلة للتندر والتفكه والمزاح
والتناجش في التجارة اعتبروه وسيلة
للربح والتنافس وليس هدم وإفساد البيوع
كل هذه الصفات أصبحت لديهم عادية
ولا شيء فيها ...!!!!!!!ّ!
فالنبي صلى الله عليه وسلم
عرّفنا أن مصدر هذه الوصايا النبيلة
لايتم تنفيذها والعمل عليها إلاّ إن كان
هناك تقوى وإيمان يملء القلب
فإن وجدت التقوى والصلاح في القلب
يصبح التعامل بين الناس على أساس
تقوى الله عز وجل والخوف منه والطمع فيه
فيكون هناك إيمان قوي لايتزعزع



فأيمان بماذا إخوتنا الكرام .....؟
أيمان بأصول التوحيد لله
وكما قال أهل العلم أن أصول التوحيد
في مجملها تقول الأيمان بالله سبحانه وتعالى
بربوبيته وإلوهيته وبأسماءه وصفاته
التى سمى ووصف بها نفسه
من غير تمثيل أو تشبيه أوتأويل
كذلك حينما نتكلم عن الدين الأسلامي
ونُعرِّفه على أنه دين سماوي إرتضاه الله لعباده
فختم به الرسالات وجعله جامع لكل
مناحي الحياة من مناهج وتشريعات
نجد أن الله سبحانه وتعالى في دينه الذي أرتضاه
لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها
وبينها بدء بتوحيده وعدم الأشراك به
والأيمان بمنهجه الذى كلّف به المبعوث
رحمة للعالمين الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
وجاء تشريفه لهذا النبي صلى الله عليه وسلم
بالامر لعباده بإطاعته والسير على منهجه وطريقته
وطريقة أصحابه رضوان الله تعالى عليهم
وإنتهاء بإماطة الأذى عن الطريق ....
ووسطه وفي داخله مناهج وتشريعات
ووسائل للتعامل بين الناس ليسود الحُب
وتختفي صفات الحسد والبُغض والتناجش والأرتداد
والتوالي والتدابر ....
فيسود الوئام بين الناس ليس بالطرق
أو التشريعات أو النًظم الأرضية العلمانية
التى تبيح كل شيء كما أسلفت في سبيل الوصول
لغايات وأهداف لاتخدم الاّ من سعى لها مؤقتاً
نعم مؤقتاً ....لان مابُني على باطل فهو باطل
ومصيره للزوال والانهيار والدمار





أخوتنا الاحبة في الله
في منبرنا هذا والذي هو منبر الرسول صلى الله عليه وسلم
وحينما أقول انه منبر الرسول لاني أعني
أن لامنابر وجدت الاّ التى وضعها النبي صلى الله عليه وسلم
وعلّم الناس أمور دينهم ودنياهم وهو واقف على المنبر
وليس في الدواووين الخاصة او الأزقة الضيقة
أو الصالات الفارهة المليئة بالفساد والأفساد
بل على منبره وفي مسجده وبين أصحابه
الذين تلقفوا الوصايا والتشريعات والتنبيهات
والفرائض والسُنن من فمه
الشريف صلى الله عليه وسلم
ومن فوق منبره ....
من هنا أسنّ وشرّع المنابر والوقوف عليها
أسبوعياً كل جمعة وكل عيد
ليُقال عليها وفيها الدعوة لله من خلال تشريعاته
وأوامره ونواهيه التى أنزلها على قلب حبيبه
المصطفى صلى الله عليه وسلم ....
في قوله بأطاعة رسوله والحرص على إتباعه
والأخذ منه كل تشريعات مسار حياتهم
في قوله تعالى :
وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ
فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) الحشر
فالواجب على من يقف على منبر
رسولنا صلى الله عليه وسلم في أي مكان
لايقول ولا يتكلم ولا يفتي ولا ينطق الاّ
بما جاء به الله عزوجل وبما بينّه وشرحه ودعاء إليه
الرسول صلى الله عليه وسلم....
هنا أخوتنا الكرام
نفهم أنه طالما قال لنا الله سبحانه وتعالى
خذوا وأتبعوا وتعلموا من رسوله صلى الله عليه وسلم
كل شيء .....اذاَ لماذا لانتبع ماقاله
صلى الله عليه وسلم عن المنابر
ولماذا وضعت وماهي رسالتها ....؟
ففي حادثة وقصة صنع المنبر له
فَسجَدَ في أصل المنبَر ثُمَّ عاد، فَلمَّا فَرَغَ أقبَل
على النَّاس، فَقال:
( أيُّها النَّاسُ، إنَّما صَنعتُ هذا لتَأتَمُّوا ولتَعَلَّموا صَلاتي )؛
صحيح البخاري
وكأنه صلى الله عليه وسلم قال لنا
إنتبهوا فقد وضعت هذا المنبر والذي سيكون
له شأن عظيم في حياتكم والذي ستتخذونه
في بيوت الله لتقفوا عليه
وستكون رسالته لتأتمّوا بي أي تتبعوا سُنتي
وتعلموا الناس كل التشريعات من صلاة وغيرها
وتنهون من فوقه على المُنكر وتأمرون بالمعروف ....
وليس كالذي يجري في هذا الزمن من أن
المنابر أُتخذت وسيلة لنشر البِدع والضلالات والأنحرافات
والتهكم على الدين وتشريعاته وكذلك لأحداث الفتن
بين الناس وقيادتهم لأتباع جحر الضب اليهودي والنصراني


ففي هذه الجمعة بأذن الله
سنقف قليلاَ ونغوص حيث نستطيع
في أحدي أصول ديننا الحنيف المُتمثل في حديث
شريف صحيح....
يختزل كل أصول التعامل بين المسلمين ببعضهم بعض
والحقوق والواجبات والتعاملات بين المسلمين
في كل شيء تقريباً...
فلنبدأ أولاً بالتعرف على هذا الحديث الصحيح
الذي رواه الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه
حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لاتحاسدوا
ولاتناجشوا
ولاتباغضوا
ولاتدابروا
ولايبيع بعضكم على بيع بعض
وكونوا عباد الله إخواناً ، المُسلم أخو المُسلم
لايظلمه
ولايخذله
ولايكذبه
ولايحقره
التقوى هاهنا ، ويشير الى صدره ثلاث مرات
بحسب إمريء من الشر أن يحقر أخاه المُسلم
المُسلم على المُسلم حرام
دمه وماله وعِرضه .......رواه مُسلم في صحيحه
وفي هذا الحديث الطيب الجامع
لكل النواهي التى من شأنها أن تٌفسد حياة المُسلم
وتُسيء العلاقة بين المسلمين وتُهلك النظام
الذي أراده الله ورسوله لهذه الأمة أن تعيشه
وتتمتع بضلاله
وقبل أن نغوص في رسالته وجب أن نقف
على معنى كل صفة من الصفات الواردة فيه
حتى نفهم لماذا حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
ونبهنا من أن نجعل هذه الصفات المذمومة تنتشر بيننا
وتكون هي حلقة الوصل او بالأحرى حلقة الأنفصال والتشرذم
في مابين قلوب المسلمين .....
وسأحاول اخوتي الكرام
أن نغوص وندخل وبتعمق إن أستطعت
في فهم كل صفة من هذه الصفات والمراذل المذمومة
ولماذا هي بهذا الشأن حتى يحذرنا منها الله سبحانه وتعالى
في القرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم
في أحاديثه ونصائحه وتوجيهاته وسُننه ....
وسيكون ذلك احبتي في الله موضوع
كل خطبة أسبوعية في فهم أحدي هذه الصفات المذمومة
وما يدور حولها وكيف تكون هي السبب في أنهيار
الأسس في مجتمعاتنا بصفة عامة وبيوتنا في صفة خاصة...
لأن هذا الحديث ليس سهلاً أن نمر عليه مرة واحده
دون فهم مقتضيات بيانه وشرحه والرسائل
التى يحتويها لسعادتنا في الدنيا والأخرة ....
فلبندأ بأول صفة مذمومة حذرنا منها صاحب الخُلق العظيم
صلى الله عليه وسلم في قوله:
( لاتحاسدوا )
فقد ذكر أخوتنا الكرام صفة
( الحسد ...في قوله ولا تحاسدوا )
وقد فسّره العلماء على أنه :
تمني زوال النعمة عن الغير،
وأيضا من الحسد أن يعتقد أن هذا الذي أنعم الله عليه
ليس بأهل لهذه النعمة،
ولا يستحق فضل الله -جل وعلا-
وأيضاً معناه هو أن تتمنى ماعند غيرك من نِعم
مع زوالها منه ....وكأن صاحب النِعمة
لايستحقها وليس مؤهل لها
ولهذا يكون الحسد هو إعتراض على قضاء الله
عز وجل على قدره ونعمته التى
أنعم الله بها على عبده المحسود
ولسوء هذه الصفة الذميمة أنكرتها كل الأجيال
وكل العصور وأنكرها كل السلف الصالح
والتابعين لهم الى يومنا هذا وقد قالوا فيها الكثير
وهنا نوجز أقوالهم حول الحسد وعِلله ولماذا
هو مذموم ومكروه ومُبغض حتى يصل لمرحلة
أن ينبهنا عليه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه
وكذلك في البيان الكبير الذي أتى به الله سبحانه وتعالى
في القرآن الكريم من آيات تبين ماهو الحسد
وكيف نهى عنه الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم
ففي قوله تعالى :
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ

وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ
فِي الْعُقَدِ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ) ...سورة الفلق
وقد قال الشيخ أبن عثيمين رحمه الله
حول هذه الأيات
(والآية تدلُّ على تحريم الحسد؛ لأنَّ مشابهة
الكفار بأخلاقهم محرمة ...
والحاسد لا يزداد بحسده إلا نارًا تتلظى في جوفه؛
وكلما ازدادت نعمة الله على عباده ازداد حسرة؛
فهو مع كونه كارهًا لنعمة الله على هذا الغير
مضاد لله في حكمه؛ لأنَّه يكره أن ينعم الله على
هذا المحسود، ثم إنَّ الحاسد أو الحسود مهما
أعطاه الله من نعمة لا يرى لله فضلًا فيها؛
لأنَّه لابدَّ أن يرى في غيره نعمة أكثر
مما أنعم الله به عليه، فيحتقر النعمة..أ.هـ
وفي قوله تعالى في سورة البقرة
حيث قال تعالى:
) وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ
إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ
لَهُمُ الْحَقُّ ۖ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ
ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ( 10 ) ...البقرة
ففي تفسير لأبن كثير لهذه الأيات العظيمة قوله:
يحذر تعالى عباده المؤمنين عن سلوك
طرائق الكفار من أهل الكتاب ،
ويعلمهم بعداوتهم لهم في الباطن والظاهر
وما هم مشتملون عليه من الحسد للمؤمنين
، مع علمهم بفضلهم وفضل نبيهم .
ويأمر عباده المؤمنين بالصفح والعفو والاحتمال ،
حتى يأتي أمر الله من النصر والفتح .
ويأمرهم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة .
ويحثهم على ذلك ويرغبهم فيه ،
كما قال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد ،
عن سعيد بن جبير ، أو عكرمة ، عن ابن عباس ، قال :
كان حيي بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب
من أشد يهود للعرب حسدا ،
إذ خصهم الله برسوله صلى الله عليه وسلم ،
وكانا جاهدين في رد الناس عن الإسلام ما استطاعا ،
فأنزل الله فيهما
) وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ
إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا(
وقال عبد الرزاق ، عن معمر عن الزهري ،

في قوله تعالى : وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
قال : هو كعب بن الأشرف .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو اليمان ،

حدثنا شعيب ، عن الزهري ،
أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ،
عن أبيه : أن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعرا
، وكان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم .
وفيه أنزل الله
: وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم
إلى قوله): (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ )
وقال الضحاك ، عن ابن عباس :

أن رسولا أميا يخبرهم بما في أيديهم من
الكتب والرسل والآيات ،
ثم يصدق بذلك كله مثل تصديقهم ،
ولكنهم جحدوا ذلك كفرا وحسدا وبغيا
ولذلك قال الله تعالى
: كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم
مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ۖ.....يقول :
من بعد ما أضاء لهم الحق لم يجهلوا منه شيئا ،
ولكن الحسد حملهم على الجحود...أ.هـ



وهنا أخوتنا الكرام نتبين ونفهم
أن صفة الحسد هي من صفات اليهود
إخوان القِردة والخنازير ، فحسدوا المؤمنين
على الخير العميم الذي أتى به الرسول صلى الله عليه وسلم
في أنه رسول هذه الأمة ونبيها ، وهذا الامر
لم ولن يروق لليهود تقبله والتعايش معه والأيمان به
لانهم لا يودُّون أن ينزل على المؤمنين خيرٌ،
ويودُّون أن يردوهم كفارًا من بعد ما تبيَّن لهم الحق،
وهو نبوءة محمَّد صلَّى الله عليه وسلم
وقد قال : الثعالبي في تفسيره ايضاً :
حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم ليبين أنَّ حسدهم

لم يكن عن شبهة دينية،
أو غيرة على حقٍّ يعتقدونه،
وإنما هو خبث النفوس،
وفساد الأخلاق، والجمود على الباطل،
وإن ظهر لصاحبه الحق....
وهذه أخوتنا الكرام الطيبين هو لُب
مفاهيم الحاسد الذي يتمنى زوال النعمة من المحسود
ليتمتع بها هو حقداً وحسداً وبُغضاً وكُرهاً
لمقادير الله سبحانه وتعالى وفي عطاياه التى خصّ بها
عباد دون أخرين ....
وفي قوله تعالي أيضاً في سورة النساء :
( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ
مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ
وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ( 54 ) ...النساء
وهنا في هذه الأية الكريمة بيّن الله سبحانه وتعالى
وحدد أن الحسد هذا هو المذموم الذي يحسد الناس
على ما آتاهم الله من فضل وعلم وأشياء لم تُعطى لغيرهم
وهذا من فعل اليهود ، فطالما هو صفة من صفاتهم
فلماذا يحاول المسلم أن يتصف بهذه الصفة
ويتبناها كما تبنتها اليهود على مر العصور
فقد حسد اليهود الناس ، أي المسلمين على
النبي صلى الله عليه وسلم وما أتى به من النِعم
دون بني أسرائيل
ففي تفسير لأبن كثير لهذه الأية قال:
( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله )
يعني بذلك : حسدهم النبي صلى الله عليه وسلم
على ما رزقه الله من النبوة العظيمة ،
ومنعهم من تصديقهم إياه حسدهم له
لكونه من العرب وليس من بني إسرائيل .
قال الطبراني :

حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ،
حدثنا يحيى الحماني ، حدثنا قيس بن الربيع ،
عن السدي ، عن عطاء ، عن ابن عباس قوله
) أم يحسدون الناس ) ( على ما آتاهم الله من فضله) ،
قال ابن عباس : نحن الناس دون الناس ،
قال الله تعالى
) فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة
وآتيناهم ملكا عظيما)
فقد جعلنا في أسباط بني إسرائيل
الذين هم من ذرية إبراهيم - النبوة ،
وأنزلنا عليهم الكتب ، وحكموا فيهم بالسنن
وهي الحكمة - وجعلنا فيهم الملوك
فَالحَسَدُ: هوَ تَمَنِّي زَوَالِ النعمةِ عَن الغيرِ،
وَهوَ خُلُقٌ ذَمِيمٌ اتَّصَفَ بهِ الشيطانُ
وَابنُ آدَمَ وَاليهودُ وَالمنافقونَ،
وَسَبَبُهُ الغضبُ وَالحقدُ، وَضَرَرُهُ على صَاحِبِهِ
أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِهِ على الغيرِ، وَعَوَاقِبُهُ وَخِيمَةٌ؛
فهوَ إِسَاءَةُ أَدَبٍ معَ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَرَضٌ للقلبِ،
وَاعتراضٌ على قضاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ،
وَعَدَمُ الرِّضَا بِمَا قَضَاهُ اللَّهُ وَقَدَّرَهُ،
أقوال العلماء والسلف الصالح
ومفاهيمهم عن صفة الحسد والحاسدين
أقوال السلف والعلماء في الحسد
1. قال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما:
كلُّ الناس أستطيع أن أرضيه إلا حاسد نعمة،
فإنه لا يرضيه إلا زوالها.
2. وقال ابن سيرين:

(ما حسدت أحدًا على شيء من أمر الدنيا؛
لأنَّه إن كان من أهل الجنة، فكيف أحسده على الدنيا،
وهي حقيرة في الجنة؟! وإن كان من أهل النار
، فكيف أحسده على أمر الدنيا، وهو يصير إلى النار....؟
3. وقال الحسن البصري:

ما رأيت ظالـمًا أشبه بمظلوم من حاسد،
نفس دائم، وحزن لازم، وغمٌّ لا ينفد.
4. وقال أبو حاتم:

(الواجب على العاقل مجانبة الحسد على
الأحوال كلِّها، فإنَّ أهون خصال الحسد
هو ترك الرضا بالقضاء،
وإرادة ضد ما حكم الله جل وعلا لعباده،
ثم انطواء الضمير على إرادة زوال النعم
عن المسلم، والحاسد لا تهدأ روحه،
ولا يستريح بدنه إلا عند رؤية زوال النعمة
عن أخيه، وهيهات أن يساعد القضاء
ما للحساد في الأحشاء.......
وقال كذلك:
الحسد من أخلاق اللئام، وتركه من أفعال الكرام،
ولكلِّ حريق مطفئ، ونار الحسد لا تطفأ......
1. وقال أبو الليث السمرقندي:
يصل إلى الحاسد خمس عقوبات
قبل أن يصل حسده إلى المحسود:
أولاها: غمٌّ لا ينقطع. الثانية:
مصيبة لا يُؤجر عليها. الثالثة:
مذمَّة لا يُحمد عليها. الرابعة:
سخط الرب. الخامسة:
يغلق عنه باب التوفيق.....
6.وقال الجاحظ:

ومتى رأيت حاسدًا يصوب إليك رأيًا
إن كنت مصيبًا، أو يرشدك إلى صواب
إن كنت مخطئًا، أو أفصح لك بالخير في غيبته عنك،
أو قصر من غيبته لك؟ فهو الكلب الكَلِب،
والنمر النَّمِر، والسمُّ القَشِب، والفحل القَطِم ، والسيل العَرِم
إن ملك قتل وسبى، وإن مُلِك عصى وبغى
حياتك موته، وموتك عرسه وسروره
يصدِّق عليك كلَّ شاهد زور، ويكذِّب فيك كلَّ عدل مرضي.
لا يحب من الناس إلا من يبغضك،
ولا يبغض إلا من يحبك عدوك بطانة
وصديقك علانية...أحسن ما تكون عنده حالًا
أقل ما تكون مالًا، وأكثر ما تكون عيالًا،
وأعظم ما تكون ضلالًا. وأفرح ما يكون بك
أقرب ما تكون بالمصيبة عهدًا،
وأبعد ما تكون من الناس حمدًا،
فإذا كان الأمر على هذا فمجاورة الموتى،
ومخالطة الزَّمنى ، والاجتنان بالجدران،
ومصر المصران، وأكل القردان،
أهون من معاشرته والاتصال بحبله
7. وقال ابن حزم:

إنَّ ذوي التراكيب الخبيثة يبغضون
لشدة الحسد كلَّ من أحسن إليهم،
إذا رأوه في أعلى من أحوالهم......


أخوتنا الكرام
وهناك أحاسيس ومشاعر ربما يحس بها
الأنسان تجاه انسان اخر فلا يعرف كيف يترجم معناها
فمرة يضن نفسه أن هذه الأحاسيس هي مُحرمة
مثل الحسد في أن يحسد صاحب نعمة أو جاه أو مكانة
إجتماعية وهذا الحسد مُختلط بحقد ورفض لقضاء الله
وإن قلت له أن ماتحس به وتفعله وتعتقده
هو حرام ومُحرم فلا يحق لك أن تحسد أحد
على نعمة أنعمها الله عليه ....
لأنك لو فعلت ذلك لأشتركت مع الشيطان
في صفة وتميز وعمل يتميز به هو
والدليل حسده لبني آدم على ما كان عليه من نِعم
ورفضه السجود لأدم عليه السلام حسداً
إذا الحسد صفة لاينبغي لمسلم أن يتحلى بها
لانها من صفات أبليس ....
بل الواجب أن تغبط أخيك أو تنافسه منافسة شريفة
لتتحصل على ماتحصل عليه بطُرق شريفة
هنا الدين والشرع والتشريع يبيح لك ذلك
أي يبيح لك ان تنافسه وتجتهد مثله حتى
تتحصل على نِعم من الله مثلما تحصل هو
أو تنافسه في من يستطيع أن يبذل جهد ويجتهد
أكثر في سبيل الحصول على نعمة أو مزايا أو مكانة
يخدم بها نفسه وأهله ومن يلوذ به
وهناك فرق كبير بين الحسد والغِبطة
فالحسد كما تمت تعريفه آنفاً
فهو أن يشتهي أن يكون له ما للمحسود،
وأن يزول عنه ما هو فيه ...
أي بمعنى أن اتمنى واشتهي مايملكه اخي من نِعم
مع تمنياتي بزوالها منه ....
أما الغِبطة فهى
أن تتمني وتشتهي ما لأخيك من نِعم ومزايا مثله
مع عدم زوالها منه ....
أي كأنك تقول اللهم أعطني مثل ما أعطيت لأخي من نِعم
وبارك له وزده من نِعمك....
هنا اخوتنا الكرام
انا غبطت أخي وتمنيت مايملك مع عدم زوالها منه
وهذا الامر شرعي ولاشيء فيه ...
وعليه نصل بكم للفرق بين الحسد والغِبطة
على لسان العلماء ....
قال ابن منظور:
(الغبط أن يرى المغبوط في حال حسنة،
فيتمنى لنفسه مثل تلك الحال الحسنة،
من غير أن يتمنى زوالها عنه،
وإذا سأل الله مثلها فقد انتهى إلى ما أمره به ورضيه له،
وقال الرازي:

(إذا أنعم الله على أخيك بنعمة؛
فإن أردت زوالها فهذا هو الحسد،
وإن اشتهيت لنفسك مثلها فهذا هو الغبطة
وقد تسمى الغبطة حسدًا كما جاء

في حديث عبد الله بن مسعود،
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
لا حسد إلا في اثنتين:
رجل آتاه الله مالًا فسلط على هلكته في الحق،
ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها
. وقد فسر النووي الحسد في الحديث فقال:
(هو أن يتمنى مثل النعمة التي على
غيره من غير زوالها عن صاحبها....
أما بالنسبة للمنافسة أو التسابق
في من يملك ويصل لمبتغاه
والفرق بينها وبين الحسد....
قال ابن القيم:

للحسد حدٌّ، وهو المنافسة في طلب الكمال،
والأنفة أن يتقدَّم عليه نظيره،
فمتى تعدَّى ذلك صار بغيًا وظلمًا يتمنى
معه زوال النعمة عن المحسود، ويحرص على إيذائه
وقال الغزالي:

والمنافسة في اللغة مشتقة من النفاسة،
والذي يدلُّ على إباحة المنافسة قوله تعالى
وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ( 26 )...المطففين
وقال تعالى
سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ( 21 ) ....الحديد
وإنما المسابقة عند خوف الفوت؛
وهو كالعبدين يتسابقان إلى خدمة مولاهما،
إذ يجزع كلُّ واحد أن يسبقه صاحبه فيحظى
عند مولاه بمنزلة لا يحظى هو بها
وبيَّن الغزالي سبب المنافسة فأرجعها إلى:

إرادة مساواته، واللحوق به في النعمة،
وليس فيها كراهة النعمة،
وكان تحت هذه النعمة أمران: أحدهما:
راحة المنعم عليه، والآخر:
ظهور نقصانه عن غيره وتخلفه عنه،
وهو يكره أحد الوجهين، وهو تخلُّف نفسه،
ويحب مساواته له. ولا حرج على من يكره تخلف نفسه
ونقصانها في المباحات
وقد تنافس الصحابة في الخير،
وبذلوا أسباب الكمال؛
فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول:
أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا
أن نتصدق، فوافق ذلك مالًا عندي، فقلت:
اليوم أسبق أبا بكر، إن سبقته يومًا،
فجئت بنصف مالي،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله،
قال: وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكلِّ ما عنده،
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله. قلت:
لا أسابقك إلى شيء أبدًا....




نعم أخوتنا وأحبتنا في الله
هذه هي المنافسة الحقيقية للوصول للكمال
في الأعمال الصالحة وهذا مُباح العمل به
فالصحابي الجليل عمر رضي الله عنه
نافس وسابق اخيه أبو بكر رضي الله عنه
في من يستطيع أن يتصدق أكثر ويتقرب الي الله أكثر
ولكن حينما عًلِم بالنتيجة وهي أن أبو بكر رضي الله عنه
فاز وبأستحقاق وبجدارة حين تصدق بماله كله وليس نصفه
هنا إقتنع الصحابي الجليل عمر رضي الله عنه
أن لا مجال للتنافس والتسابق مع
أخيه ابو بكر رضي الله عنه
وذلك لأختلاف المقامات والمكانات
عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
في مابينه وبين أبو بكر رضي الله عنه
هنا أقول هل عمر رضي الله عنه حسد أبو بكر رضي الله عنه
أو تمنى أن ينزاح من على طريقه ليبقى هو فقط في الصورة ...؟
بالطبيعي لم يحسده بل غبطه على النِعم التى أسبغت عليه
وعلي قدرته على خلق منافذ وطُرق للتقرب بها الى الله ....
حتى أنه قال عنه يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
وتم التشاور في من يخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم
كخليفة للمسلمين يدبر أمورهم الدنياوية
قام عمر رضي الله عنه وأرضاه وقال في حق
اخيه أبو بكر رضي الله عنه :
هو أفضل مني ومنكم ومن كل البشر
ماعداء الأنبياء والرُسل
وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو من صلى بالمسلمين في مرضه
صلى الله عليه وسلم
فهوا اذا يستحق الخلافة بجدارة واستحقاق...
نعم اخوتنا الكرام
هذا هو الحُب الحقيقي في الله
فلم تكن هذه الصفات والمراذل مثل الحسد والحقد
منتشرة بين الصحابة ....بل الحب والوفاق هو السائد...
هذا بالنسبة للمنافسة في الأمور التى ترضي الله
وتزيد رصيد الحسنات والثواب والأعمال الصالحة...
ولكن المنافسة في أمور الدنيا تجر غالبًا إلى

الوقوع في الحسد والأخلاق الذميمة،
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
إذا فتحت عليكم فارس والروم أي قوم أنتم؟
فقال عبد الرحمن بن عوف:
نقول كما أمرنا الله،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أو غير ذلك؛ تتنافسون، ثم تتحاسدون،
ثم تتدابرون، ثم تتباغضون
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم
والله لا الفقر أخشى عليكم،
ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا
كما بسطت على من كان قبلكم،
فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم
أما بالنسبة للصفة الملازمة للحسد
والمتشابهه معها في
بعض الصفات فهي
العين ....
فالعين تم تعريف معناها أن عبارة عن نظرة
بأستحسان لصاحب النعمة قد يشبوها شيء من الحسد
ومن صفات صاحب العين أنه خبيث الطبع
والعائن لا يعين الا مايراه
والموجود أمامه بالفعل ومصدره
ووسيلته إقداح نظرة العين
وأحيانا قد يعين مايكره أن يُصاب بأذى منه
كولده وماله ....
وهذا بالفعل يحدث كثيراً أننا نرى صاحب العين
يضر بها أهله إن رأى منهم مايسر من جمال أو حُسن
او غير ذلك .....
فقد قال أبن القيم في وصفه للعاين:
والفرق بين الحسد والعين ...
قال ابن القيم:
العاين والحاسد يشتركان في شيء،
ويفترقان في شيء؛
فيشتركان في أن كل واحد منهما
تتكيف نفسه وتتوجه نحو من يريد أذاه؛
فالعائن تتكيف نفسه عند مقابلة المعين ومعاينته،
والحاسد يحصل له ذلك عند غيب المحسود
وحضوره أيضًا، ويفترقان في أن العائن قد يصيب
من لا يحسده من جماد، أو حيوان،
أو زرع، أو مال...........
وقال أيضًا:

العائن حاسد خاص، وهو أضر من الحاسد...
وأنه أعم فكل عائن حاسد ولا بد،
وليس كل حاسد عائنًا.....
فالصفتان الحسد والعين
تشتركان في الأثر وتختلفان في الوسيلة والمنطلق
فالحاسد قد يحسد مالم يره
ويحسد في الأمر المتوقع حدوثه قبل وقوعه
ومصدره هو تحرق القلب وإستكثار النعمة على المحسود..
أخوتنا وأحبتنا في الله
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
فأستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

والأكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
في هذا اليوم الجمعة



الخطبة الثانية
الحمد الله رب الناس الذي أسبغ نِعمه على عباده
الطائعين وغير الطائعين
فشكره المؤمنون به وكفر من لم يشكر أفضاله
وأشهد ان لا اله الا الله الذي خلق الخلائق
لعبادته والتقرب له ، فارسل الرُسل وأنزل الكُتب
لبيان أن الله واحد لامعبود ولا شريك له
وهو من يستحق العبادة والتذلل وطلب المغفرة
وأشهد أن محمد أبن عبد الله صلى الله عليه وسلم
رسوله ونبيه ومُصطفاه الذي أصطفاه على سائر الخلق
ليجعله نبي هذه الأمة ومُبشراً بالنِعم والفضائل
وحذر من الفساد والنقائص
وفتح لنا مداركنا بأن نتعلم منه ونتبع سُنته وهديه
والتخلق بأخلاقه وصفاته
فأوصانا بعدم القُرب من صفات يشترك الشيطان
والأنسان فيها منها الحسد وأهله ....
أما بعد
أخوتنا في الله
علمنا الان وربما كُنا نعلم من قبل أن الحاسد
لم يحسد أخيه على ماأتاه الله من فضله
بل اخطر من ذلك وهو إعتراضه على إفضال الله على عباده،
فهو يتمنى زوال النعمة عن هذا المنعَم عليه،
سواء تمنى أن تتحول إليه، أو لم يتمنَّ ذلك،
فيحسد هذا لأنه ربح في تجارته،
وهذا لحصوله على وظيفة مرموقة، وهذا لتفوقه ونجاحه.
وقد يكون الحسد في الأمور المعنوية، كأن يحسده على ذكائه وفهمه وفطنته، وعلى نجابته، أو على عافيته،
وبناء بدنه، أو يكون الحسد على جمال صورته،
أو حسن منطقه، أو غير ذلك من الأمور التي يتفاضل الناس فيها.
وقد يحسد العبد على عمله الصالح في طاعة الله
، على حفظه للقرآن، أو على العلم.
وغالباً يكون الحسد بين أهل المهن والصنائع
والتخصصات المتماثلة، أو المتشابهة،
ولذلك قد لا تجد عالمًا يحسد نجاراً أو حداداً،
وإنما تجد الحسد بين العلماء، وبين أصحاب
الحرفة والمهنة الواحدة من المزارعين
وأرباب المعادن، وأصحاب العقار مثلاً.
فالحسد داء عضال لا يكاد يسلم منه أحد،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
ما خلا جسد من حسد ولكن الكريم يخفيه واللئيم يبديه،
ومعنى ذلك أن الحسد كامن في النفوس،
كما أن النار كامنة في الزناد، ولكن الله تبارك وتعالى
لا يكلف نفسًا إلا وسعها، فهو شيء يقع في النفس
من غير طلب من الإنسان،
ومن غير إرادة، فإن كبته الإنسان
واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم،
ودعا لصاحب النعمة بالبركة،
وصرف نظره عن هذا فإن الله لا يؤاخذه
على ما يقع في قلبه، لكن إن صوب نظره إليه،
وفكر قائماً وقاعداً متى يقع مكروه للمنعَم عليه،
ومتى تزول عنه النعمة،
ولربما تعدى ذلك إلى الاستطالة والكلام باللسان،
إما بالوقيعة بعرضه، أو انتقاصه،
أو تنفير الناس عنه بالغيبة والنميمة وبث
الشائعات لأفساد سُمعته وهيبته بين الناس.
والحسد يكون أيضاً بين النساء الضرائر،
فتجد المرأة تفعل كل مستطاع من أجل
أن تَكْفَأ قصعة صاحبتها،
ومن أجل أن يبغضها زوجها،
وأن يفارقها.
وأيضاً يقع الحسد حتى بين من لهم درجات
عالية في العلم والأدب والعلوم الأخرى
نعم يقع الحسد وينشأ عنه صراع للذي يحطم الاخر
إما بالوقيعة أو الدسائس أو نشر الشائعات عنه
فكما قيل من قبل فأن الحسد يأتي لذوي المهنة والأتجاه الواحد
عافانا الله وإياكم اخوتنا الكرام من هذه الصفة المقبوحة
والمُنفرة لكل عقل وإتزان وأحترام الذات
والأيمان بأن الله هو المُعطي للنِعم فلا إعتراض
على عطاياه أينما حلّت ...
إخوتنا المؤمنون
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
إتقوا الله في ما أمر
وانتهوا عن مانهى عنه وزجر
وأتصفوا بالتسامح في مابينكم
ولينوا جانبكم وأحسنوا مُعاملتكم
وأخلصوا أعمالكم كلها لله تفوزون برضوان ربكم
ولاتجعلوا للحسد مكان في قلوبكم
فأحبوا إخوانكم وأدعوا لهم بظهر الغيب
بالنجاح والتقدم وزيادة البركة في مايكرمهم الله به
ولا تتمنوا ماعندهم مع زواله منهم
فإن ذلك هو الحسد بعينه
بل تمنوا ماعندهم والدعاء لهم بطرح البركة في ماعندهم
والزيادة لهم من فضائل الله
اللهم تقبّل أعمالنا الصالحة
خالصة لوجهك الكريم وأحفظنا من مراذل الصفات
من حسد وبُغض وكراهية لأخوتنا الموحدين
لله المُتبعين لشرعه
وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم
وبارك لنا في أهالينا
وبارك لهم ولنا في ديننا ورضاك عنّا يا رب العالمين
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا،
وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به
بيني وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك
، ومن اليقين ما تهوّن به علىّ وعليكم مصائب الدنيا.
اللهم لا هادي لمن أضللت، ولا معطي لما منعت،

ولا مانع لما أعطيت، ولا باسط لما قبضت،
ولا مقدّم لما أخّرت، ولا مؤخّر لما قدّمت،
اللهم أرزقنا حبك وحب من يحبك،
اللهم لاتمنع بذنوبنا فضلك
ورحمتك يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين،
اللهم لاتسلط علينا بذنوبنا من لايخافك فينا ولا يرحمنا.
إن الله يأمر بالعدل والأحسان وإيتاء ذي القُربى
وينهى عن الفحشاء والمُنكر والبغي
يعضكم لعلكم تتذكرون
فاذكروا الله يذكركم وأشكروه على نِعمه يزيدكم
ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم
وأجارني الله وإياكم من خزيه وعذابه الأليم
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وصلىّ اللهم على نبيك ورسولك صلى الله عليه وسلم
أخوتنا الكرام
سنعيش مع باقي الحديث لنتعلم ونتدارس
ونحذر من أن نتخلق بصفة من الصفات المذمومة
الأخرى في الجمعات القادمة بأذن الله تعالى ....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم .....اندبها
[/frame]

رابط الموضوع الاصلي

http://wahjj.com/vb/showthread.php?t=28863
المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً ) (فلنحذر من هذه الصفات ) (الحسد)



 
 توقيع :

الشكر والتقدير والكثير جدا من الود والأحترام للفاضلة
حُرة الحرائر التى اهدتني هذه اللمسة الطيبة
الاخت ....( نجمة ليل )



التعديل الأخير تم بواسطة الغريبة ; 09-01-2019 الساعة 08:23 AM

2 أعضاء قالوا شكراً لـ اندبها على المشاركة المفيدة:
 (06-21-2019),  (08-21-2020)