عدد مرات النقر : 0
عدد  مرات الظهور : 538,162

العودة   منتديات وهج الذكرى > ღ القـسم الاسـلامي ღ > واحة الطفل المسلم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-18-2021   #11


الصورة الرمزية الغريبة
الغريبة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2186
 تاريخ التسجيل :  Apr 2016
 أخر زيارة : 07-12-2022 (05:49 PM)
 المشاركات : 13,322 [ + ]
 التقييم :  6639
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 3,941
تم شكره 1,897 مرة في 1,149 مشاركة
افتراضي رد: المشكاة في تربية الصّغار عَلى الصّلاة




الاطمئنان والخشوع في الصلاة
مِنَ القُرآنِ الكرِيم:
1) ïپ‌قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ.
وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ،
إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ،
فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ
وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ،
أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ، الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَïپ›
( ).

أَفْلَحَ : فازوا وسعدوا ونجوا. خَاشِعُونَ : حاضرة قلوبهم في صلاتهم مع سكون الجوارح
اللَّغْوِ : ما لا يجمل من القول أو الفعل مَلُومِينَ : مؤاخذين.
الْعَادُونَ : المجاوزون الحلال إِلى الحرام. الْفِرْدَوْسَ : أعلى درجات الجنة.

المعنى: (قَدْ أَفْلَحَ) فاز (الْمُؤْمِنُونَ) المصدقون
بالله ورسوله العاملون بشرعه (الَّذِينَ هُمْ) من صفاتهم أنهم
(فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) تفرّغوا لها قلوبهم، وتسكن جوارحهم.
(وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ) لكل ما لا خير فيه من الأقوال والأفعال (مُعْرِضُونَ) تاركون.
(وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ) والذين هم مطهرون لنفوسهم وأموالهم
بأداء زكاة أموالهم على اختلاف أجناسها. (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ)
مما حرم الله من الزنا واللواط وكل الفواحش، (إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ) زوجاتهم
(أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ) من الإماء ،

والأمَة هي امرأة يشتريها سيدها أو يتملكها بوسيلة مشروعة أخرى
(فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) فلا لوم عليهم ولا حرج في جماعهن والاستمتاع بهن؛
لأن الله تعالى أحلهن ، فلا يحل للرجل إلا الاستمتاع بزوجته أو بأمَتِه المملوكة
بملك اليمين فقط ، ولا يحل للمرأة إلا الاستمتاع بزوجها فقط ،
ولا يحل للأمَة إلا الاستمتاع بسيدها فقط (فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ)
فمن طلب التمتع بغير زوجته أَوْ أمته (فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ)
فهو من المجاوزين الحلال إِلى الحرام، وقد عرّض نفسه لعقاب الله وسخطه.

(وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) والذين هم حافظون لكل
ما اؤتمنوا عليه، موفون بكل عهودهم. (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ)
يداومون على أداء صلاتهم في أوقاتها على هيئتها المشروعة،
الواردة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، (أُولَئِكَ) هؤلاء المؤمنون
(هُمُ الْوَارِثُونَ) الجنة، (الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ) أعلى منازل الجنة
وأوسطها، (هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)، لا ينقطع نعيمهم ولا يزول.

* * *

مِنْ سُنَّة الرسول ïپ²:
1) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم ، فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السَّلامَ.
قَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ. فَرَجَعَ الرَّجُلُ فَصَلَّى كَمَا كَانَ صَلَّى،
ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ عَلَيْهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَعَلَيْكَ السَّلامُ.
ثُمَّ قَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ. حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ.
فَقَالَ الرَّجُلُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا ! عَلِّمْنِي.
قَالَ: إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ،
ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا،
ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا،
ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا
( ).

المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ïپ´) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني
تُوفِّيَ سنة 57هـ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْمَسْجِدَ)
وبينما هو جالس في ناحية المسجد (فَدَخَلَ رَجُلٌ) هو خلاد بن رافع (فَصَلَّى) ركعتين ،
وفيه إشعار بأنه صلى نفلاً ، والأقرب أنها تحية المسجد ، وهذا الرجل
صلى صلاة خفيفة لم يتم ركوعها ولا سجودها ، ثم انصرف من صلاته
(ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) قدم حق الله على
حق رسوله ؛ فصلى ركعتين أولاً ثم سلم على الرسول صلى الله عليه
وسلم (فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السَّلامَ ،
قَالَ) الرسول صلى الله عليه وسلم : (ارْجِعْ) أعد صلاتك (فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ)
فيه أن أفعال الجاهل في العبادة في غير علم لا تجزئ .
(فَرَجَعَ الرَّجُلُ فَصَلَّى كَمَا كَانَ صَلَّى) أي : في أول مرة ،
أي : لم يتم الركوع ولا السجود ، (ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ عَلَيْهِ) ،
فيه استحباب تكرار السلام ورده. (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
وَعَلَيْكَ السَّلامُ. ثُمَّ قَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ. حَتَّى فَعَلَ)
الرجل (ذَلِكَ) المذكور (ثَلاثَ مَرَّات)ٍ فإن قيل : لم سكت النبي
صلى الله عليه وسلم عن تعليمه أولاً حتى افتقر إلى المراجعة كَرَّة بعد أخرى ؟

والجواب : لأن الرجل لما لم يستكشف
الحال مغتراً بما عنده سكت عن تعليمه زجراً له وإرشاداً إلى أنه ينبغي أن
يستكشف ما استبهم عليه (فَقَالَ الرَّجُلُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ)
أَقْسَمَ الرجلُ بالله تعالى الذي بعث رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم
بالحق (مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا !) أي : لا أدري غير هذا (عَلِّمْنِي) وإنما لم يعلمه
أولاً ليكون أبلغ في تعريفه وتعريف غيره بصفة الصلاة المجزئة .
(قَالَ : إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاةِ فَكَبِّرْ) وفي رواية للبخاري : إذا قمت
إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ، وفيه دليل على
أن غير التكبير لا يصح به افتتاح الصلاة (ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ)
وفي رواية : ثم اقرأ بأم القرآن وبما شاء الله أن تقرأ ، ففيه تصريح بوجوب
قراءة الفاتحة (ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا)

وفي رواية : فإذا ركعت
فاجعل راحتيك على ركبتيك وامدد ظهرك وتمكن لركوعك
(ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا) وفي رواية : حتى تطمئن قائماً ؛
فثبت ذكر الطمأنينة في الاعتدال ، وفي رواية : فأقم صلبك
حتى ترجع العظام إلى مفاصلها (ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا)
ومَكِّنْ جبهتك من الأرض ، وفيه وجوب السجود والطمأنينة فيه ,
ولا خلاف في ذلك (ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا)
فيه دليل على أن عليه أن يقرأ في كل ركعة كما كان عليه أن يركع
ويسجد في كل ركعة . واستدل بهذا الحديث على وجوب الطمأنينة
في أركان الصلاة . وفي الحديث دليل على أن صلاة
من لم يقم صلبه في الركوع والسجود غير مجزية .

من فوائد الحديث :
هذا الحديث مشتمل على فوائد كثيرة ، وليعلم أولاً أنه محمول
على بيان الواجبات دون السنن .
• وفيه دليل على وجوب الاعتدال عن الركوع , والجلوس بين السجدتين .
ووجوب الطمأنينة في الركوع والسجود , والجلوس بين السجدتين .
• وفيه الرفق بالمتعلم والجاهل ، وملاطفته ، وإيضاح المسألة ،
وتلخيص المقاصد ، والاقتصار في حقه على المهم دون المكملات
التي لا يحتمل حاله حفظها والقيام بها .
• وفيه استحباب السلام عند اللقاء , ووجوب رده , وأنه يستحب تكراره إذا تكرر اللقاء ,
وإن قرب العهد , وأنه يجب رده في كل مرة , وأن صيغة الجواب وعليكم السلام
أو وعليك بالواو.
• وفيه أن من أخل ببعض واجبات الصلاة لا تصح صلاته ,
ولا يسمى مصلياً بل يقال : لم تصل.
• واستدل بالحديث على وجوب الطمأنينة في الأركان .
• وفيه وجوب الإعادة على من أخل بشيء من واجبات الصلاة .
• وفيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وحسن التعليم بغير تعنيف ,
وإيضاح المسألة , وتخليص المقاصد , وطلب المتعلم من العالم أن يعلمه .
• وفيه جلوس الإمام في المسجد وجلوس أصحابه معه .
وفيه التسليم للعالم والانقياد له والاعتراف بالتقصير
والتصريح بحكم البشرية في جواز الخطأ .
• وفيه حسن خلقه صلى الله عليه وسلم ولطف معاشرته .
• وفيه تأخير البيان في المجلس للمصلحة .
• وفيه وجوب القراءة في الركعات كلها .
• وفيه أن المفتي إذا سئل عن شيء وكان هناك شيء آخر يحتاج إليه
السائل يستحب له أن يذكره له وإن لم يسأله عنه ويكون
من باب النصيحة لا من الكلام فيما لا معنى له . وموضع الدلالة
منه كونه قال (علمني) أَيْ: الصلاة فعلمه الصلاة ومقدماتها .
• وفيه أن أفعال الجاهل في العبادة على غير علم لا تجزئ .

* * *

2) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ïپ´ قَالَ : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ يَوْمًا ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ:
يَا فُلانُ أَلا تُحْسِنُ صَلاتَكَ؟ أَلا يَنْظُرُ الْمُصَلِّي إِذَا صَلَّى كَيْفَ يُصَلِّي؟
فَإِنَّمَا يُصَلِّي لِنَفْسِهِ؟ إِنِّي وَاللَّهِ لأُبْصِرُ مِنْ وَرَائِي كَمَا أُبْصِرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ
( ).

(حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ïپ´) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني
تُوفِّيَ سنة 57هـ (قَالَ) أبو هريرة : (صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ يَوْمًا ثُمَّ انْصَرَفَ
فَقَالَ: يَا فُلانُ أَلا تُحْسِنُ صَلاتَكَ؟) من التحسين أو الإحسان
(أَلا يَنْظُرُ الْمُصَلِّي إِذَا صَلَّى كَيْفَ يُصَلِّي؟ فَإِنَّمَا يُصَلِّي لِنَفْسِهِ؟)
أَيْ: أن الصلاة لا تنفعه فينبغي للعاقل أن يراعيها (إِنِّي وَاللَّهِ لأُبْصِرُ
مِنْ وَرَائِي كَمَا أُبْصِرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ) قال العلماء : إن ذلك مما خص به
النبي صلى الله عليه وسلم أن ينظر من وراء ظهره من غير التفات ،
وإنما أراد بذلك حضهم على الخشوع وإتمام الركوع . والله تعالى أعلم .

من فوائد الحديث :
• فيه الأمر بإحسان الصلاة والخشوع وإتمام الركوع والسجود .
• وفيه جواز الحلف بالله تعالى من غير ضرورة لكن المستحب تركه إلا لحاجة
كتأكيد أمر وتفخيمه والمبالغة في تحقيقه وتمكينه من النفوس ,
وعلى هذا يحمل ما جاء في الأحاديث من الحلف .



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
( ) المؤمنون (1-11).
( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة،
باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة…، ح602.
( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة،
باب الأمر بتحسين الصلاة وإتمامها والخشوع فيها ،ح642.


يتبع بإذن الله





 
 توقيع :



[media]https://www.youtube.com/v/ewzNjWgnLqw[/media]







رد مع اقتباس
قديم 03-18-2021   #12


الصورة الرمزية الغريبة
الغريبة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2186
 تاريخ التسجيل :  Apr 2016
 أخر زيارة : 07-12-2022 (05:49 PM)
 المشاركات : 13,322 [ + ]
 التقييم :  6639
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 3,941
تم شكره 1,897 مرة في 1,149 مشاركة
افتراضي رد: المشكاة في تربية الصّغار عَلى الصّلاة




فضل الصلاة لوقتها
مِنَ القُرآنِ الكرِيم:
1) ïپ‌حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَïپ› ( ).

وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى : صلاة العصر. قَانِتِينَ : طائعين قائمين خاشعين.
المعنى: (حَافِظُوا) - أيها المسلمون - (عَلَى الصَّلَوَاتِ) الخمس المفروضة
بالمداومة على أدائها في أوقاتها بشروطها وأركانها وواجباتها،
(وَ) حافظوا على (الصَّلاةِ الْوُسْطَى) المتوسطة بينها وهي صلاة العصر،
(وَقُومُوا) في صلاتكم مطيعين (لِلَّهِ)، (قَانِتِينَ) خاشعين ذليلين.

* * *
2) ïپ‌إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا،
وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا، إِلاَّ الْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ،
وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ، لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ، وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ
بِيَوْمِ الدِّينِ، وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ، إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ.
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ
فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ،
وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ،
وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ، أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَïپ›
( ).

هَلُوعًا : كثير الجزع شديد الحرص. جَزُوعًا : كثير الجزع والأسى.
الْخَيْرُ : السعة وطيب العيش. مَنُوعًا : بخيلاً.
دَائِمُونَ : محافظون. وَالْمَحْرُومِ : المحتاج المتعفف عن السؤال.
بِيَوْمِ الدِّينِ : بيوم الجزاء والحساب. مُشْفِقُونَ : خائفون استعظاماً لله تعالى.
غَيْرُ مَلُومِينَ : غير مؤاخذين. الْعَادُونَ : المجاوزون الحلال إِلى الحرام.
رَاعُونَ : حافظون. قَائِمُونَ : مُؤَدُّون.

المعنى: (إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا) جبل على الجزع
وشدة الحرص، (إِذَا مَسَّهُ) أصابه (الشَّرُّ) المكروه والعسر (جَزُوعًا) كثير الجزع
والأسى، (وَإِذَا مَسَّهُ) أصابه (الْخَيْرُ) واليسر (مَنُوعًا) كثير المنع والإمساك والبخل ،
(إِلاَّ الْمُصَلِّينَ) المقيمين للصلاة، (الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ) الذين
يحافظون على أدائها في جميع الأوقات، ولا يشغلهم عنها شاغل،
(وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) نصيب معين فرضه الله عليهم،
وهو الزكاة، فيعطونها (لِلسَّائِلِ) الذي يسأل المعونة، (وَالْمَحْرُومِ)
الذي يتعفف عن سؤال المعونة، (وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ) يؤمنون (بِيَوْمِ الدِّينِ)
بيوم الحساب والجزاء فيستعدون له بالأعمال الصالحة،
(وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ) خائفون، (إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ)
لا ينبغي أن يأمنه أحد،
(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ) عن كل ما حرم الله عليهم من الزنا واللواط
وكل الفواحش، (إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ) زوجاتهم (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ) إمائهم،

والأمَة هي امرأة يشتريها سيدها أو يتملكها بوسيلة مشروعة أخرى
(فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) غير مؤاخذين ولا لوم عليهم ولا حرج في جماعهن
والاستمتاع بهن؛ لأن الله تعالى أحلهن ، فلا يحل للرجل إلا الاستمتاع
بزوجته أو بأمَتِه المملوكة بملك اليمين فقط ، ولا يحل للمرأة إلا الاستمتاع
بزوجها فقط ، ولا يحل للأمَة إلا الاستمتاع بسيدها فقط، (فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ)
فمن طلب لقضاء شهوته غير الزوجات والمملوكات (فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ)
المتجاوزون الحلال إِلى الحرام وقد عرّض نفسه لعقاب الله وسخطه
(وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ) لأمانات الله وأمانات العباد (وَعَهْدِهِمْ)
عهودهم مع الله تعالى ومع العباد (رَاعُونَ) حافظون. (وَالَّذِينَ هُمْ
بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ) والذين يؤدّون شهاداتهم بالحق دون تغيير أَوْ كتمان،
(وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) ولا يخلّون بشيء من واجباتها، (أُولَئِكَ)
المتصفون بتلك الأوصاف الجليلة مستقرون (فِي جَنَّاتٍ) جنات النعيم،
(مُكْرَمُونَ) فيها بكل أنواع التكريم.

* * *
مِنْ سُنَّة الرسول ïپ²:
1) حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ïپ´ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ
ïپ² أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلاةُ لِوَقْتِهَا، قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ:
بِرُّ الْوَالِدَيْنِ، قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ،
فَمَا تَرَكْتُ أَسْتَزِيدُهُ إِلاَّ إِرْعَاءً عَلَيْهِ
( ).

بِرُّ الْوَالِدَيْنِ : حسن المعاملة وكمال الطاعة. إِرْعَاءً : رفقاً به وإبقاء عليه.

المعنى : (حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ïپ´) وهو :
عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي ، أبو عبد الرحمن ،
صاحب رسول الله ïپ² من السابقين الأولين . توفي سنة : 32 أو 33 هـ بالمدينة.
(قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ïپ² أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟) أي : أحب إلى الله
(قَالَ: الصَّلاةُ لِوَقْتِهَا) فيه أن البدار إلى الصلاة في أول أوقاتها أفضل
من التراخي فيها ، وأن إخراجها عن وقتها محرم (قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟)
والتقدير : ثم أي العمل أحب بعد الصلاة؟ (قَالَ: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ) بِرُّ كل
واحد منهما، والإحسان وبِرُّ الوالدين ضد العقوق وهو الإساءة وتضييع
الحقوق ، وهذا الحديث موافق لقوله تعالى (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ) ( )
وغيره من الآيات، (قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ) يعني : أيّ العمل أحب بعد بر الوالدين؟
(قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَمَا تَرَكْتُ أَسْتَزِيدُهُ إِلاَّ إِرْعَاءً عَلَيْهِ) أي : رفقاً به ،
فكأنه استشعر منه مشقة ، أَيْ: شفقة عليه لئلا يسأم . يعني :
لو سألته أكثر من هذا لزادني في الجواب .

قال العلماء : إنما خص النَّبِيّ ïپ² هذه الثلاثة
بالذكر لأنها عنوان على ما سواها من الطاعات , فإن من ضيع الصلاة المفروضة
حتى يخرج وقتها من غير عذر مع خفة مؤنتها عليه وعظيم فضلها
فهو لما سواها أضيع , ومن لم يبر والديه مع وفور حقهما عليه كان
لغيرهما أقل برّاً , ومن ترك جهاد الكفار مع شدة عدواتهم للدين كان لجهاد
غيرهم من الفساق أترك , فظهر أن الثلاثة تجتمع في أن من حافظ عليها
كان لما سواها أحفظ , ومن ضيعها كان لما سواها أضيع .
وفي الحديث فضل تعظيم الوالدين , وأن أعمال البر يفضل بعضها على بعض .
وفيه السؤال عن مسائل شتى في وقت واحد , والرفق بالعالم ,
والتوقف عن الإكثار عليه خشية ملاله , وما كان عليه الصحابة من تعظيم النبي ïپ²
والشفقة عليه , وما كان هو عليه من إرشاد المسترشدين ولو شق عليه .

* * *

2) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ïپ´ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ïپ² قَالَ: لَوْ يَعْلَمُ
النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا،
وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ
وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا
( ).

يَسْتَهِمُوا : يقترعوا. التَّهْجِيرِ : التبكير.
الْعَتَمَةِ : صلاة العشاء. حَبْوًا : زحفاً.

المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ïپ´) وهو عبد الرحمن بن صخر
الدوسي اليماني تُوفِّيَ سنة 57هـ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ïپ² قَالَ: لَوْ يَعْلَمُ)
وضع المضارع موضع الماضي ليفيد استمرار العلم (النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ)
النداء هو الأذان (وَالصَّفِّ الأَوَّلِ) أي : لو علموا ما في الأذان والصف الأول
من الخير والبركة (ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا) أي : سبيلا إلى تحصيله بطريق
(إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ ) الاستهام الاقتراع ، قيل للاقتراع الاستهام لأنهم
كانوا يكتبون أسماءهم على سهام إذا اختلفوا في الشيء فمن خرج
سهمه غلب (لاسْتَهَمُوا) أي : على الأذان والصف الأول ، ومعناه أنهم
لو علموا فضيلة الأذان وقدرها وعظيم جزائه , ثم لم يجدوا طريقا يحصلونه
به لضيق الوقت عن أذان بعد أذان , أو لكونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد
لاقترعوا في تحصيله , ولو يعلمون ما في الصف الأول من الفضيلة
نحو ما سبق , وجاءوا إليه دفعة واحدة وضاق عنهم ,
ثم لم يسمح بعضهم لبعض به , لاقترعوا عليه .

يريد ïپ² تعظيم أمر الثواب على الأذان والصف الأول فإن الناس لو يعلمون
مقدار ذلك لتبادروا ثوابه كلهم ولم يجدوا إلا أن يستهموا عليه تشاحاً فيه
ورغبة في ثوابه .وفيه تجهيل للمتساهلين في أمر الأذان والصف الأول ،
وفيه إثبات القرعة في الحقوق التي يزدحم عليها ويتنازع فيها
(وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ) التهجير التبكير إلى الصلاة أيّ صلاة كانت
(لاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ) أَيْ: سبق بعضهم بعضاً إليه ، لا بسرعة في المشي
في الطريق فإنه ممنوع ، بل بالخروج إليه والانتظار في المسجد قبل الآخر
(وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ) صلاة العشاء (وَالصُّبْحِ) صلاة الفجر
(لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا) زحفاً كما يمشي الصبي أول مرة ،

فيه الحث العظيم على حضور جماعة هاتين الصلاتين , والفضل الكثير
في ذلك لما فيهما من المشقة على النفس من تنغيص أول نومها وآخره ,
ولهذا كانتا أثقل الصلاة على المنافقين ، وخص ïپ² هاتين الصلاتين بذلك
لأن السعي إليهما أشق من السعي إلى غيرهما لما في أوقاتهما من
مشقة الخروج والتصرف فأخبر ïپ² عن عظيم الأجر على إتيانهما حضاً للناس
عليهما وأن المشي إليهما لو لم يكن إلا حبواً - كما يفعل الطفل
الصغير الذي لا يستطيع المشي - لاستسهله من يعلم مقدار الثواب عليهما.

* * *

3) حَدِيثُ أَبِي مُوسَى ïپ´: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ïپ² قَالَ مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ( ).

الْبَرْدَيْنِ : الْبَرْدانِ هما: صلاتا الفجر والعصر.

المعنى : (حَدِيثُ أَبِي مُوسَى ïپ´) وهو : عبد الله بن قيس
ابن سليم بن حضار بن حرب بن عامر بن الأشعر ، أبو موسى الأشعرى ،
توفي سنة : 50 هـ و قيل بعدها بمكة , و قيل : الثوية
(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ïپ² قَالَ مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ) المراد صلاة الفجر والعصر ,
سميتا بردين لأنهما تصليان في بردي النهار وهما طرفاه حين يطيب الهواء
وتذهب سورة الحر (دَخَلَ الْجَنَّةَ).

* * *

4) حَدِيثُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ïپ´ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ïپ²
إِذْ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقَالَ: أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ
لا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ. فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لا تُغْلَبُوا عَلَى صَلاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ
وَقَبْلَ غُرُوبِهَا - يَعْنِي: الْعَصْرَ وَالْفَجْرَ. ثُمَّ قَرَأَ جَرِيرٌ ïپ‌وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ
قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ïپ›
( ).

تُضَامُّونَ : تشكون ويشتبه عليكم.

المعنى : (حَدِيثُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ïپ´)
وهو : جرير بن عبد الله بن جابر البجلي القسري ، أبو عمرو ، و قيل أبو عبد الله ،
اليماني، بسط له النبي ïپ² رداءه ، و أكرمه . توفي سنة : 51 هـ و قيل بعدها
بقرقيسيا ، (قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا) أي : جالسين (عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ïپ² إِذْ نَظَرَ إِلَى
الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ) ليلة أربع عشرة (فَقَالَ: أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ) يوم القيامة
(كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ) لا يلحقكم ضيم في الرؤية ،

والمراد نفي الازدحام ، أَيْ: ترونه رؤية محققة لا شك فيها ولا مشقة ,
كما ترون هذا القمر رؤية محققة بلا مشقة , فهو تشبيه للرؤية بالرؤية
لا المرئي بالمرئي . والرؤية مختصة بالمؤمنين , وأما الكفار فلا يرونه ïپ‰
(فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لا تُغْلَبُوا) أي : لا تصيروا مغلوبين
(عَلَى صَلاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) فافعلوا ،
أي : لا تصيروا مغلوبين بالاشتغال عن صلاتي الصبح والعصر ,
أَيْ: لا يغلبنكم الشيطان حتى تتركوهما أو تؤخروهما عن أول وقت الاستحباب ،
وخص بالمحافظة على هاتين الصلاتين الصبح والعصر ؛ لاجتماع
الملائكة فيهما ورفعهم أعمال العباد لئلا يفوتهم هذا الفضل العظيم ؛
ولأن وقت صلاة الصبح وقت النوم ، وصلاة العصر وقت الفراغ
من الصناعات وإتمام الوظائف ، فالقيام فيهما أشق على النفس ،

وفيه إشارة إلى قطع أسباب الغلبة المنافية للاستطاعة كالنوم والشغل
ومقاومة ذلك بالاستعداد له - (يَعْنِي: الْعَصْرَ وَالْفَجْرَ) وهذا يدل على
أن الرؤية قد يرجى نيلها بالمحافظة على هاتين الصلاتين ،
(ثُمَّ قَرَأَ جَرِيرٌ ïپ‌وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَاïپ› أي :
وصَلِّ في هذين الوقتين , وعبر عن الكل بالجزء وهو التسبيح المراد به
الثناء في الافتتاح المقرون بحمد الرب المشتمل عليه سورة الفاتحة ,
أو المراد بالتسبيح تنْزيه الرب ïپ• عن الشريك ونحوه من صفات النقصان والزوال.




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
( ) البقرة (238).
( ) المعارج (19-35)
( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الإيمان،
باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، ح120.
( ) سورة لقمان [الآية : 14] . .
( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة،
باب تسوية الصفوف وإقامتها…، ح661.
( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة،
باب فضل صلاتي الصبح والعصر…، ح1005.
( ) الآية في سورة طه (130)، والحديث متفق عليه واللفظ لمسلم
في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاتي الصبح والعصر…، ح1002.



يتبع بإذن الله






 


رد مع اقتباس
قديم 03-18-2021   #13


الصورة الرمزية الغريبة
الغريبة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2186
 تاريخ التسجيل :  Apr 2016
 أخر زيارة : 07-12-2022 (05:49 PM)
 المشاركات : 13,322 [ + ]
 التقييم :  6639
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 3,941
تم شكره 1,897 مرة في 1,149 مشاركة
افتراضي رد: المشكاة في تربية الصّغار عَلى الصّلاة




بعض أحكام الصلاة
مِنَ القُرآنِ الكرِيم:
1) (‌يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ
وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ. وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا.
وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ
فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ.
مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ
وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
( ).

إِذَا قُمْتُمْ : إِذَا أردتم القيام. فَاطَّهَّرُوا : اغتسلوا.
الْغَائِطِ : مكان قضاء الحاجة. لامَسْتُمُ : جامعتم.
صَعِيدًا : تراباً. حَرَجٍ : مشقة.

المعنى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ)
إِذَا أردتم القيام (إِلَى الصَّلاةِ) وأنتم على غير طهارة (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)
ومنه الفم والأنف كما فعل النَّبِيّ ïپ²،. (وَ) اغسلوا (أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) المفصل
الذي بين الذراع والعضد. (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ) والآذان لأنها تابعة للرأس
كما فعل النَّبِيّ ïپ² (وَ) اغسلوا (أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) وهما العظمان البارزان
عند ملتقى الساق بالقدم، (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا) أصابكم الحدث الأكبر (فَاطَّهَّرُوا)
فتطهروا بالاغتسال منه قبل الصلاة، (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى، أَوْ عَلَى سَفَرٍ)
في حال الصحة، (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ) أَوْ قضى أحدكم حاجته،
(أَوْ لامَسْتُمُ) جامعتم (النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا)
فاضربوا بأيديكم وجه الأرض (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ. مَا يُرِيدُ اللَّهُ)
في أمر الطهارة (لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) أن يضيق عليكم بل أباح التيمم
توسعة عليكم، ورحمة بكم، (وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ)؛ إذ جعل التيمم بديلاً للماء
في الطهارة، (وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). فكانت رخصة التيمم
من تمام النعم التي تقتضي شكر المنعم؛ بطاعته فيما أمر وفيما نهى.

* * *

مِنْ سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم:
1) حَدِيثُ أَبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيّ رضي الله عنه´: عن مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ:
أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
فَذَكَرْنَا صَلاةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ:
أَنَا كُنْتُ أَحْفَظَكُمْ لِصَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،
رَأَيْتُهُ إِذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ،
وَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى
حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلا قَابِضِهِمَا
وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ، فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى
رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى، وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى
وَنَصَبَ الأُخْرَى وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ
( ).

حِذَاءَ : جانب وموازاة. مَنْكِبَيْهِ : المنكب: ما بين الكتف والعنق.
هَصَرَ : ثنى وخفض. فَقَارٍ : مَفْصِل.

المعنى : (حَدِيثُ أَبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيّ رضي الله عنه´)
وهو : أبو حميد الساعدى الأنصارى المدنى ،
المنذر بن سعد بن المنذر أو ابن مالك أو ابن عمرو ،
و قيل عبد الرحمن ، و قيل عمرو ، شهد أحداً وما بعدها، توفي سنة : 60 هـ
(عن مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ: أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ نَفَرٍ) كانوا عشرة
(مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ïپ² فَذَكَرْنَا صَلاةَ النَّبِيِّ ïپ² فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ:
أَنَا كُنْتُ أَحْفَظَكُمْ لِصَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ ïپ²، رَأَيْتُهُ إِذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ)
المَنْكِبُ : مُجْتَمَعُ رَأسِ الكَتِفِ والعَضُد (وَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ)
كأنه قابض عليهما (ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ) أَيْ: ثناه في استواء من غير تقويس ،
أَيْ: سوى رأسه وظهره حتى صار كالصفحة (فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى)
فقال سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد , ورفع يديه حتى
يحاذي بهما منكبيه معتدلاً (حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ) جمـع فقارة
وهي العظام التي يقال لها خرز الظهر ، ثم يمكث قائماً حتى يقع
كل عظم موقعه (فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ) ذراعيه (غَيْرَ مُفْتَرِشٍ) لهما
(وَلا قَابِضِهِمَا) جافى يديه عن جنبيه (وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ)

وكذلك فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه ،
ويسجد على سبعة أعضاء ، الجبهة مع الأنف ، واليدين ، والركبتين ،
وأطراف أصابع الرجلين (فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ) الأوليين ليتشهد
(جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى) ووضع كفه اليمنى على ركبته
اليمنى وكفه اليسرى على ركبته اليسرى ، وقبض أصابعه كلها وأشار
بالتي تلي الإبهام وهي السبابة ، وموضع الإشارة عند قوله "لا إله إلا الله"
وينوي بالإشارة التوحيد والإخلاص فيه فيكون جامعاً في التوحيد بين الفعل
والقول والاعتقاد ، وهذه الجلسة هي جلسة التشهد الأول ، وإذا قام
من الركعتين كبر ورفع يديه كما كبر عند افتتاح الصلاة (وَإِذَا جَلَسَ فِي
الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ) التي يكون فيها التسليم (قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَنَصَبَ
الأُخْرَى وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ) أخرج رجله اليسرى وقعد متوركاً على
شقه الأيسر ثم سلم . وفيه سنية التورك في القعدة الأخيرة ،
والتورك أن يجلس الرجل على وركه أَيْ: جانب إليته ويخرج رجله
اليسرى من تحت مقعدته إِلى الجانب الأيمن غير قاعد على رجليه .

في هذا الحديث فوائد :
• منها أن أعضاء السجود سبعة وأنه ينبغي للساجد أن يسجد
عليها كلها وأن يسجد على الجبهة والأنف جميعاً وهو الراجح.
• وفي هذا الحديث حجة قوية لمن قال أن هيئة الجلوس في التشهد
الأول مغايرة لهيئة الجلوس في التشهد الأخير , وقد قيل في حكمة
المغايرة بينهما أنه أقرب إلى عدم اشتباه عدد الركعات , ولأن الأول
تعقبه حركة بخلاف الثاني , ولأن المسبوق إذا رآه علم قدر ما سبق به ,
واستُدِل به أيضا على أن تشهد الصبح كالتشهد الأخير من غيره
لعموم قوله (فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ) .
• وفي الحديث من الفوائد أيضا جواز وصف الرجل نفسه بكونه
أعلم من غيره إذا أَمِنَ الإعجاب وأراد تأكيد ذلك عند من سمعه
لِمَا في التعليم والأخذ عن الأعلم من الفضل .
• وفيه أنَّ (كان) تستعمل فيما مضى وفيما يأتي لقول أبي حميد
(كنت أحفظكم) وأراد استمراره على ذلك .
• وفيه أنه كان يخفى على الكثير من الصحابة بعض الأحكام المتلقاه
عن النبي ïپ² وربما تذكره بعضهم إذا ذكر .

* * *

2) حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ
رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ مَنْكِبَيْهِ وَقَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ وَلا يَرْفَعُهُمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ
( ).

المعنى : روى هذا الحديث عن رسول الله ïپ² ابن عمر
- رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا - وهو : عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشى العدوى ،
أبو عبد الرحمن المكي المدني ، أسلم قَديماً مع أبيه و هو صغير لم يبلغ الحلم ،
و هاجر معه ، و شهد الخندق و ما بعدها من المشاهد مع رسول الله ïپ² ،
و هو شقيق حفصة أم المؤمنين ، مات سنة ثلاث وسبعين .

(قَالَ) ابن عمر - رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا - : (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ
رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ) يقابل (مَنْكِبَيْهِ) مع قوله: الله أكبر ، والحكمة
في ابتداء الصلاة بالتكبير افتتاحها بالتنْزيه والتعظيم لله تعالى ونعته
بصفات الكمال . والله أعلم (وَقَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ) أي : وإذا أراد أن يركع رفع
يديه أَيْضاً وقال : الله أكبر (وَإِذَا رَفَعَ) رأسه (مِنَ الرُّكُوعِ) رَفَعَ يَدَيْهِ أَيْضاً وقال :
سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ، وهذا دليل صريح على
أن رفع اليدين في هذه المواضع سنة (وَلا يَرْفَعُهُمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ)
أَيْ: في السجود لا في الهوى إليه ولا في الرفع منه ، ويكتفي بالتكب ير.

قال العلماء :
يستحب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام , ويستحب رفعهما أَيْضاً عند الركوع
وعند الرفع منه , وإذا قام من التشهد الأول , وهذا القول هو الصواب ,
فقد صح فيه حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه كان يفعله ورواه البخاري ( ).

وأما صفة الرفع : فإنه يرفع يديه حذو منكبيه ب
حيث تحاذي أطراف أصابعه فروع أذنيه أَيْ: أعلى أذنيه , وإبْهاماه شحمتي أذنيه ,
وراحتاه منكبيه , فهذا معنى قولهم : حذو منكبيه .
وأما وقت الرفع : يبتدئ الرفع مع ابتداء التكبير , ويستحب أن يكون كفاه
إلى القبلة عند الرفع , وأن يكشفهما وأن يفرق بين أصابعهما تفريقا وسطا ,
ولا يقصر التكبير بحيث لا يفهم , ولا يبالغ في مده بالتمطيط , بل يأتي به مبيناً .
وإذا وضع يديه حطهما تحت صدره فوق سرته .

* * *

3) حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه´:
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ
( ).

المعنى : (حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ïپ´)
وهو : عبادة بن الصامت بن قيس بن
أصرم بن فهر الأنصارى الخزرجى ، أبو الوليد المدنى ، أحد النقباء ، وشهد بدراً .
توفي سنة : 34 هـ بالرملة ، (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لا صَلاةَ) لا تُقبَل صلاة
(لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) وسميت أم القرآن لأنها فاتحته ،
والمراد القراءة في نفس الصلاة ، واستُدل به على أنَّ قراءة فاتحة الكتاب
فرض في جميع الصلوات , فريضة كانت أو نافلة , وركن من أركانها .
ويجب قراءة الفاتحة في كل ركعة ، واختلفوا في وجوبها خلف الإمام في الجهرية والسرية .

* * *

4) حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:
أُمِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ،
وَنُهِيَ أَنْ يَكُفَّ شَعْرَهُ وَثِيَابَهُ(
).

يَكُفَّ : يجمع ويضم.

المعنى : (حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا)
وهو : عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى
الهاشمي أبو العباس المدني ، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ولد بالشعب ،وتوفي بالطائف سنة 68 هـ
(قَالَ: أُمِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ) أمره الله عز وجل
(أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ) أَيْ: سبعة أعضاء: الْكَفَّيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ
وَأطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ وَالْجَبْهَةِ مَعَ الأنْف ، والجبهة هي الأصل
في السجود والأنف تبع (وَنُهِيَ) نهاه الله سبحانه • (أَنْ يَكُفَّ شَعْرَهُ وَثِيَابَهُ)
ولا يجمع عند السجود شعره أو ثيابه صوناً لهما عن التراب بل يرسلهما
ويتركهما حتى يقعا إلى الأرض فيكون الكل ساجداً والله تعالى أعلم .

ما يؤخذ من الحديث :
اتفق العلماء على النهي عن الصلاة وثوبه مشمر أو كمه أو نحوه ,
أو رأسه معقوص أو مردود شعره تحت عمامته أو نحو ذلك ,
سواء فعله في الصلاة أو قبل أن يدخلها ، وهو كراهة تنْزيه
فلو صلى كذلك فقد أساء وصحت صلاته , والحكمة في النهي عنه
أن الشعر والثياب ونحوه يسجد معه ، وأنه إذا رفع ثوبه وشعره
عن مباشرة الأرض أشبه المتكبر .

* * *

5) حَدِيثُ أَنَسٍ رضي الله عنه´ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اعْتَدِلُوا
فِي السُّجُودِ، وَلا يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ
( ).

المعنى : (حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه´)
وهو : أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن
عامر بن غنم بن عدى بن النجار الأنصارى النجارى ، أبو حمزة المدنى ،
صاحب رسول الله ïپ² وخادمه ، توفي سنة : 92 هـ و قيل 93 هـ
(قَالَ) أنس : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ) أي : كونوا فيه
متوسطين ، وأوقعوه على الهيئة المأمور بها من وضع أكفكم فيه على الأرض ،
ورفع مرافقكم عنها وعن أجنابكم ، ورفع بطونكم عن أفخاذكم ؛
لأنه أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة بالأرض وأبعد من الكسالة
(وَلا يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ) وبسط الكلب هو وضع المرفقين
مع الكفين على الأرض ؛ لأن ذلك مشعر بالتهاون وقلة الاعتناء بالصلاة.

* * *

6) حَدِيثُ عَائِشَةَ - رَضِي اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
عَنِ الالْتِفَاتِ فِي الصَّلاةِ، فَقَالَ: هُوَ اخْتِلاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاةِ الْعَبْدِ( ).


اخْتِلاسٌ : سرقة الشيء بسرعة

المعنى : (حَدِيثُ عَائِشَةَ - رَضِي اللَّهُ عَنْهَا -)
وهي : عائشة بنت أبى بكر الصديق التيمية ، أم المؤمنين ، أم عبد الله ،
توفيت سنة : 57 هـ على الصحيح , و قيل 58 هـ (قَالَتْ) عائشة :
(سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الالْتِفَاتِ فِي الصَّلاةِ، فَقَالَ: هُوَ اخْتِلاسٌ)
أَيْ: اختطاف بسرعة ، والمراد سلب الشيطان (يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ)
كمال (صَلاةِ الْعَبْدِ) وَذَلِكَ لأن الشيطان قد يشغل المصلي عن صلاته
بالالتفات إلى شيء ما بغير حجة يقيمها فقد أشبه المختلس .

وسمي اختلاساً تصويراً لقبح تلك الفعلة بالمختلس ,
لأن المصلي يقبل عليه الرب عز وجل, والشيطان مرتصد له ينتظر
فوات ذلك عليه , فإذا التفت اغتنم الشيطان الفرصة فسلبه تلك الحالة .

ما يدل عليه الحديث :
• والحديث يدل على كراهة الالتفات في الصلاة وأنها كراهة تنْزيه
ما لم يبلغ إلى حد استدبار القبلة, والحكمة في التنفير عنه ما فيه
من نقض الخشوع والإعراض عن الله تعالى وعدم التصميم
على مخالفة وسوسة الشيطان .
• أن الحكمة في جعل سجود السهو جابراً للمشكوك فيه دون
الالتفات وغيره مما ينقص الخشوع لأن السهو لا يؤاخذ به المكلف ,
فشرع له الجبر دون العمد ليتيقظ العبد له فيجتنبه .
• أن ما لا يستطاع دفعه معفو عنه , لأن لمح العين يغلب الإنسان .

* * *

7) حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ،
فَقُلْتُ: وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ ! مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ
عَلَى أَفْخَاذِهِمْ. فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ. فَلَمَّا صَلَّى
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي
مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ أَحْسَنَ
تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي، وَلا ضَرَبَنِي، وَلا شَتَمَنِي، قَالَ:
إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ؛ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ
وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالإِسْلامِ،
وَإِنَّ مِنَّا رِجَالاً يَأْتُونَ الْكُهَّانَ،
قَالَ: فَلا تَأْتِهِمْ. قَالَ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ، قَالَ: ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ
فِي صُدُورِهِمْ فَلا يَصُدَّنَّهُمْ. قَالَ: قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ، قَالَ:
كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ. قَالَ: وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ
تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ؛ فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ
قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ
لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ.
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَلا أُعْتِقُهَا؟ قَالَ: ائْتِنِي بِهَا، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ لَهَا:
أَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، قَالَ: مَنْ أَنَا؟ قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ،
قَالَ: أَعْتِقْهَا؛ فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ( ).


كَهَرَنِي : زجرني وعبس في وجهي الْكُهَّانَ : كذابون يدعون معرفة الأسرار ومستقبل الزمان.
يَتَطَيَّرُونَ : الطيرة: التشاؤم الذي يصد صاحبه عن العمل. يَخُطُّونَ :
نوع من الكهانة يزعمون معرفة الغيب بواسطة الخط على الرمل.
صَكَكْتُهَا : ضربتها. أُعْتِقُهَا : اجعلها حرة.

المعنى : (حَدِيثُ مُعَاوِيَة بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيّ )
كان ينْزل المدينة ، و يسكن فى بنى سليم (قَالَ) مُعَاوِيَة بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيّ :
(بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ)
وأنا في الصلاة : (يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ) نظروا إلَيَّ نَظَرَ زَجْر
كي لا أتكلم في الصلاة (فَقُلْتُ: وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ !) هو فقد الأم الولد ،
وأمياه أصله أمي زيد عليه الألف لمد الصوت وهاء السكت
وهي تثبت وقفاً لا وصلاً (مَا شَأْنُكُمْ) ما حالكم (تَنْظُرُونَ إِلَيَّ)
نظر الغضب؟ (فَجَعَلُوا) أي: شرعوا (يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ)
يعني فعلوا هذا ليسكتوه , وهذا محمول على أنه كان قبل أن يشرع
التسبيح لمن نابه شيء في صلاته (فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي)
أَيْ: يسكتوني أردت أن أخاصمهم (لَكِنِّي سَكَتُّ) أَيْ: سكت ولم أعمل
بمقتضى الغضب

(فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي) أي :
أفديه بأبي وأمي (مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ ،
فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي) أي: ما انتهرني ولا أغلظ لي في القول ولا استقبلني
بوجه عبوس (وَلا ضَرَبَنِي، وَلا شَتَمَنِي) أراد نفي أنواع الزجر والعنف
وإثبات كمال الإحسان واللطف (قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ) يعني مطلق
الصلاة فيشمل الفرائض وغيرها (لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ)
أَيْ: ما يجرى في مخاطباتهم ومحاوراتهم (إِنَّمَا هُوَ) أَيْ: ما يحل فيها
من الكلام (التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَ ةُ الْقُرْآنِ)، فمعناه : لا يصلح
فيها شيء من كلام الناس ومخاطباتهم , وإنما هي التسبيح
وما في معناه من الذكر والدعاء وأشباههما مما ورد به الشرع .

(أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ)
الجاهلية : ما قبل ورود الشرع , سموا جاهلية لكثرة جهالاتهم وفحشهم
(وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالإِسْلامِ، وَإِنَّ مِنَّا رِجَالاً يَأْتُونَ الْكُهَّانَ) جمع كاهن
وهو من يدعي معرفة الضمائر ، وكانت الكهانة في العرب ثلاثة أضرب :
أحدها : يكون للإنسان وَلِيُّ من الجن يخبره بما يسترقه من السمع من السماء ,

وهذا القسم بطل من حين بعث الله نبينا صلى الله عليه وسلم ،
قال تعالى حكاية عن الجن الذين كانوا يسترقون السمع من السماء
( وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا ،
وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا)
( ).

الثاني : أن يخبره بما يطرأ أو يكون في أقطار
الأرض وما خفي عنه مما قرب أو بعد , وهذا لا يبعد وجوده , والنهي
عن تصديقهم والسماع منهم عام .

الثالث : المنجمون, وهذا الضرب
يخلق الله تعالى فيه لبعض الناس قوة ما , لكن الكذب فيه أغلب ,
ومن هذا الفن العرافة , وصاحبها عراف , وهو الذي يستدل على الأمور
بأسباب ومقدمات يدعي معرفتها بها. وهذه الأضرب كلها تسمى كهانة ,
وقد أكذبهم كلهم الشرع , ونهى عن تصديقهم وإتيانهم (قَالَ: فَلا تَأْتِهِمْ)

قال العلماء : إنما نهي عن إتيان الكهان ; لأنهم يتكلمون
في مغيبات قد يصادف بعضها الإصابة ; فيخاف الفتنة على الإنسان
بسبب ذلك ; لأنهم يلبسون على الناس كثيرا من أمر الشرائع ,
وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن إتيان الكهان وتصديقهم
فيما يقولون , وتحريم ما يعطون من الحلوان ، وحلوان الكاهن
ما يأخذه المتكهن على كهانته, وهو حرام بإجماع المسلمين
(قَالَ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ) التطير : التفاؤل بالطير ، مثلاً إذا شرع
في حاجة وطار الطير عن يمينه يراه مباركاً ، وإن طار عن يساره يراه غير مبارك ،
وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم ويمنع عن السير إلى مطالبهم ,
فنفاه الشرع وأبطله ونهاهم عنه (قَالَ: ذَاكَ) أَيْ: التطير
(شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ) يعني : هذا وَهْمٌ ينشأ من نفوسهم
ليس له أصل يستند إليه ولا له برهان يعتمد عليه ولا هو في كتاب
نازل وليس له تأثير في اجتلاب نفع أو ضر ، وإنما هو شيء يسوله
الشيطان ويزينه حتى يعملوا بقضيته ليجرّهم بذلك إلى اعتقاد
مؤثر غير الله تعالى ، وهو لا يحل باتفاق العلماء (فَلا يَصُدَّنَّهُمْ)
أَيْ: لا يمنعهم التطير من مقاصدهم لأنه لا يضرهم ولا ينفعهم
ما يتوهمونه ؛ فلا ترجعوا عما كنتم عزمتم عليه قبل هذا
(قَالَ: قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ) الخط عند العرب : يأتي الرجل
العراف وبين يديه غلام فيأمره أن يخط في الرمل خطوطاً كثيرة
وهو يقول : ابني عيان أسرعا البيان ، ثم يأمر من يمحو منها اثنين اثنين
حتى ينظر آخر ما يبقى من تلك الخطوط . فإن كان الباقي زوجاً فهو دليل
الفلاح والظفر , وإن بقي فرداً فهو دليل الخيبة واليأس

(قَالَ: كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ) أَيْ: بأمرٍ إلهيّ أو علم لدُني فيعرف بالفراسة
بتوسط تلك الخطوط (فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ) أَيْ: وافق خطه خط النبي (فَذَاكَ)
معناه : من وافقه خطه فهو مباح له , ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني
بالموافقة فلا يباح , والمقصود : أنه حرام , لأنه لا يباح إلا بيقين الموافقة ,
وليس لنا يقين بها , وإنما قال النبي ïپ²: فمن وافق خطه فذاك ,
ولم يقل : هو حرام , بغير تعليق على الموافقة ؛ لئلا يتوهم متوهم
أن هذا النهي يدخل فيه ذاك النبي الذي كان يخط , فحافظ النبي ïپ²
على حرمة ذاك النبي مع بيان الحكم في حقنا . فالمعنى أن ذاك النبي
لا منع في حقه , أما أنتم فلا علم لكم بها ، وقد اتفقوا على النهي عنه
الآن (قَالَ: وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ) ناحية جبل (أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ)
مكان بقرب جبل أحد في شمالي المدينة المنورة (فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ)
حيوان يشبه الكلب ، يأكل الغنم (قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي
آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ) أَيْ: أغضب كما يغضبون ،

ومن هذا قوله تعالى
(فلما آسفونا انتقمنا منهم) أَيْ: أغضبونا ( لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً) أَيْ:
لطمت الجارية لطمة (فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ïپ² فَعَظَّمَ) من التعظيم (ذَلِكَ عَلَيَّ) بتشديد الياء ،
أي : عَدَّ ذلك اللطم ذنباً عظيماً (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَلا أُعْتِقُهَا) أراد أن يعتقها
وتصير حرة ليكفر عن ذنبه وهو ضربها (قَالَ) رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم : (ائْتِنِي بِهَا) أَيْ:
بالجارية (فَأَتَيْتُهُ بِهَا) أَيْ: بالجارية (فَقَالَ لَهَا) رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم : (أَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَتْ:
فِي السَّمَاءِ) فيه إثبات أن الله تبارك وتعالى في السماء ، وهذا الحديث
من أحاديث الصفات , ويجب الإيمان به من غير خوض في معناه ,
مع اعتقاد أن الله تعالى ليس كمثله شيء وتنْزيهه عن سمات المخلوقات ،
وإطلاق ما أطلقه الشرع من أنه القاهر فوق عباده , وأنه استوى على العرش ,
وفي التمسك بالآية الجامعة للتنْزيه الكلي الذي لا يصح في المعقول غيره
وهو قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )( ) عصمة لمن وفقه الله تعالى ،
(قَالَ) رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم : (مَنْ أَنَا؟ قَالَتْ) الجارية : (أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ،
قَالَ) رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم لمعاوية : (أَعْتِقْهَا) أَيْ: الجارية (فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ) أَيْ: الجارية .

بعض ما يستفاد من الحديث :
• فيه دليل على أن الكافر لا يصير مؤمناً إلا بالإقرار بالله تعالى وبرسالة رسول الله ïپ².
• وفي هذا الحديث أن إعتاق المؤمن أفضل من إعتاق الكافر , وأجمع العلماء
على جواز عتق الكافر في غير الكفارات , وأجمعوا على أنه لا يجزئ اعتاق العبد
الكافر في كفارة القتل , كما ورد به القرآن.
• جاء رجل إلى الإمام مالك فقال يا أبا عبد الله (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) ( ) كيف استوى ؟
فوجد مالك من مقال هذا السائل موجدة عظيمة ، وعلاه الرحضاء يعني : العرق ,
وأطرق القوم, فسري عن مالك وقال : الكيف غير معقول , والاستواء منه
غير مجهول , والإيمان به واجب , والسؤال عنه بدعة . وإني أخاف أن تكون ضالاً ,
وأمر به فأُخرِج. وهكذا يجب الإيمان بآيات وأحاديث الصفات من غير خوض
في معناها , مع اعتقاد أن الله تعالى ليس كمثله شيء .
• فيه بيان ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عظيم الْخُلُق
الذي شهد الله تعالى له به , ورفقه بالجاهل, ورأفته بأمته, وشفقته عليهم.
وفيه التخلق بِخُلُقِهِ صلى الله عليه وسلم
في الرفق بالجاهل, وحسن تعليمه واللطف به , وتقريب الصواب إلى فهمه.
• تحريم الكلام في الصلاة من خصائص هذه الشريعة ،

وأما شريعة بني إسرائيل كان يباح فيها الكلام في الصلاة دون الصوم
فجاءت شريعتنا بعكس ذلك ، وقال العلماء : إنما عِيب على جُرَيج عدم إجابته
لأمه وهو في الصلاة ؛ لأن الكلام في الصلاة كان مباحاً في شرعهم ،
وفي شرعنا لا يجوز قطع صلاة الفرض لإجابة الأم ؛ إذ لا طاعة لمخلوق
في معصية الخالق، إلا إِذَا كانت الصلاة مسنونة فإنه يجوز قطع الصلاة وإجابة الأم أو الأب .
• وفيه أن العاطس في الصلاة يستحب له أن يحمد الله تعالى سراً .

• وفي هذا الحديث : النهي عن تشميت العاطس في الصلاة ,
وأنه من كلام الناس الذي يحرم في الصلاة وتفسد به إذا أتى به عالماً عامداً .

• فيه تحريم الكلام في الصلاة , سواء كان لحاجة أو غيرها , وسواء
كان لمصلحة الصلاة أو غيرها , فإن احتاج إلى تنبيه أو إذن لداخل ونحوه
سبَّح إن كان رجلاً , وصفقت إن كانت امرأة , وقيل : يجوز الكلام لمصلحة الصلاة ،
وهذا في كلام العامد العالم أما الناسي فلا تبطل صلاته بالكلام القليل ,
وأما كلام الجاهل إذا كان قريب عهد بالإسلام فهو ككلام الناسي ,
فلا تبطل الصلاة بقليله لحديث معاوية بن الحكم هذا الذي نحن فيه ;
لأن النبي ïپ²لم يأمره بإعادة الصلاة , لكن علَّمه تحريم الكلام فيما يستقبل.

• وفيه دليل على جواز الفعل القليل في الصلاة , وأنه لا كراهة فيه إذا كان لحاجة.
• وفيه : دليل على أن من حلف لا يتكلم , فسبح أو كبر أو قرأ القرآن
لا يحنث بدليل (إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ؛
إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ).

• كان في العرب كهنة يدعون أنهم يعرفون كثيرا من الأمور ,
منهم من يزعم أن له رئيا من الجن يلقي إليه الأخبار , ومنهم من يدعي
استدراك ذلك بفهم أعطيه , ومنهم من يسمى : عرافاً وهو الذي يزعم
معرفة الأمور بمقدمات أسباب استدل بها , كمعرفة من سرق الشيء الفلاني ,
ونحو ذلك , ومنهم من يسمي المنجم كاهناً , والحديث يشتمل على النهي
عن إتيان هؤلاء كلهم .

• وفيه دليل على جواز استخدام السيد جاريته في الرعي وإن كانت تنفرد
في المرعى , وإنما حرم الشرع مسافرة المرأة وحدها , لأن السفر مظنة
الطمع فيها وانقطاع ناصرها والذاب عنها وبعدها منه , بخلاف الراعية ,
ومع هذا فإن خيف مفسدة من رعيها - لريبة فيها أو لفساد من يكون
في الناحية التي ترعى فيها أو نحو ذلك - لم يسترعها , ولم تمكن الحرة
ولا الأمة من الرعي حينئذ ; لأنه حينئذ يصير في معنى السفر الذي
حرم الشرع على المرأة , فإن كان معها محرم أو نحوه ممن تأمن معه
على نفسها ; فلا منع حينئذ . كما لا يمنع من المسافرة في هذا الحال.

* * *

8) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه´ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ: يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ
مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ،
وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ( ).


المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه´) وهو عبد الرحمن بن صخر
الدوسي اليماني تُوفِّيَ سنة 57هـ (قَالَ) أبو هريرة :
(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ )
فيه تعيين محل هذه الاستعاذة بعد التشهد الأخير وهو مقيد ، وما ورد
من الإذن للمصلي بالدعاء بما شاء بعد التشهد يكون بعد هذه الاستعاذة (فَلْيَسْتَعِذ)
يلجأ ويعتصمْ (بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ) ذهب طاووس إلى وجوب هذا الدعاء بعد التشهد ،
وأَمَر ابنه بإعادة الصلاة حين لم يدْعُ بهذا الدعاء فيها .
والجمهور على أنه مستحب ،
فينبغي الاهتمام بهذا الدعاء ، ولعل طاوساً أراد تأديب ابنه وتأكيد هذا الدعاء عنده ,
لا أنه يعتقد وجوبه : (يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ) فإنه أشد وأبقى ،
فيه إشارة إلى أنه لا مخلص من عذابها إلا بالالتجاء إلى بارئها (وَ) أعوذ بك (مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ)
ومنه شدة الضغطة ووحشة الوحدة وسؤال الملكين . والمراد بالقبر البرزخ
والتعبير به للغالب أو كل ما استقر أجزاؤه فيه فهو قبر (وَ) أعوذ بك (مِنْ فِتْنَةِ)
محنة ، والفتنة : الامتحان والاختبار (الْمَحْيَا) فتنة المحيا : ما يعرض للإنسان
مدة حياته من الافتنان بالدنيا والشهوات والجهالات وأعظمها والعياذ بالله
أمر الخاتمة عند الموت ، (وَ) أعوذ بك من محنة (الْمَمَاتِ)
وفتنة الممات : يجوز أن يراد بها الفتنة عند الموت أضيفت إليه لقربها منه ،

أو أنه دليل على أن بعد الموت فتنة وهي فتنة القبر (وَ) أعوذ بك
(مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ) سُمي بذلك ؛ لأنه ممسوح العين اليمنى
أو يمسح الأرض بالمشي و(الدَّجَّالِ) : الكذابِ . أَيْ: أعوذ بك من ابتلاء
المسيح الكذاب وامتحانه إِذَا لقيته .

من هو الْمَسِيحُ الدَّجَّال؟ :
والْمَسِيحُ الدَّجَّالُ رَجُلٌ منْ بَني آدمَ أَحْمَرُ جَسِيمٌ جَعْدُ الرَّأْسِ ، أَعْوَرُ عَيْنِهِ الْيُمْنَى
كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ [ ك ف ر ] يعني : كَافِرٌ ،
جعلَهُ الله فِتنةً للنَّاس ليعلمَ الصَّادقَ في إيمانه مِنَ الكاذِب ، مَعَهُ أَنْهَار الْمَاءِ
وَجِبَال الْخُبْزِ ، وَيَبْعَثُ اللَّهُ مَعَهُ شَيَاطِينَ تُكَلِّمُ النَّاسَ وَمَعَهُ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ ،
إِنَّهُ يَبْدَأُ فَيَقُولُ : أَنَا نَبِيٌّ ؛ وَلا نَبِيَّ بَعْد رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ يُثَنِّي فَيَقُولُ :
أَنَا رَبُّكُمْ ؛ والله سبحانه لا نَراهُ في الدُّنيا ، وَإِنَّهُ أَعْوَرُ ؛ وَإِنَّ الله عز وجل لَيْسَ بِأَعْوَرَ ،
وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَقُولَ لأَعْرَابِيٍّ : أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتُ لَكَ أَبَاكَ وَأُمَّكَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَبُّكَ ؟

فَيَقُولُ نَعَمْ ، فَيَتَمَثَّلُ لَهُ شَيْطَانَانِ فِي صُورَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ ، فَيَقُولانِ :
يَا بُنَيَّ اتَّبِعْهُ فَإِنَّهُ رَبُّكَ ، يُفْسدُ فِي الأَرْضِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا : يَوْمٌ كَسَنَةٍ ،
وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِنا العادية ، لَيْسَ
مِنْ بَلَدٍ إِلاَّ سَيَطَؤُهُ هذا الدَّجَّالُ إِلاَّ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ ، لَيْسَ لَهُ مِنْ نِقَابِهَا
نَقْبٌ إِلاَّ عَلَيْهِ الْمَلائِكَةُ صَافِّينَ يَحْرُسُونَهَا ، ثُمَّ تَصْرِفُ الْمَلائِكَةُ وَجْهَهُ
قِبَلَ الشَّامِ وَهُنَالِكَ يَهْلِكُ ؛ حَيْثُ يَجِيءُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ - عَلَيْهِمَا السَّلام -
مُصَدِّقًا بِمُحَمَّدٍ ïپ² وَعَلَى مِلَّتِهِ فَيَقْتُلُ هذا الدَّجَّالَ الكَذَّابَ.

ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم, واستعاذته من هذه الأمور التي قد عُوفي منها
وعُصم إنما فعله ليلتزم خوف الله تعالى وإعظامه والافتقار إليه
ولتقتدي به أمته , وليبين لهم صفة الدعاء والمهم منه . والله أعلم .

* * *

9) حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه´: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ،
لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ،
وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ ( ).


الْجَدُّ : الثراء والغنى والحسب والولد.

المعنى : (حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه´)
وهو : المغيرة بن شعبة بن أبى عامر بن مسعود بن معتب الثقفى ، أبو عيسى ،
و يقال أبو عبد الله ، و يقال أبو محمد، توفي سنة : 50 هـ بالكوفة
(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ
لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. اللَّهُمَّ لا مَانِعَ
لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ) لا ينفع ذا الغنى
والحظ منك غناه ، وإنما ينفعه الإيمان والطاعة ، أو : لا ينفع ذا الغنى عندك غناه ,
إنما ينفعه العمل الصالح . والجد ومعناه الغني أو الحظ . وهو الحظ
في الدنيا بالمال أو الولد أو العظمة أو السلطان , والمعنى لا ينجيه حظه منك ,
وإنما ينجيه فضلك ورحمتك .

وفي الحديث :
• استحباب هذا الذكر عقب الصلوات لما اشتمل عليه من ألفاظ التوحيد
ونسبة الأفعال إلى الله والمنع والإعطاء وتمام القدرة.
• وفيه الحض على الذكر الوارد عن الشرع في أدبار الصلوات
وأن ذلك يوازي إنفاق المال في طاعة الله.
• وفيه أن الذكر المذكور يلي الصلاة المكتوبة ولا يؤخر إلى أن يصلي الراتبة ,
والله أعلم .



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) المائدة (6).
( ) رواه البخاري في كتاب الأذان، باب سنة الجلوس في التشهد، ح785.
( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب رفع اليدين …، ح586.
( ) رواه البخاري في كتاب الأذان ، باب رفع اليدين إِذَا قام من الركعتين ، ح697.
( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة…، ح595.
( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود …، ح755.
( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة، باب الاعتدال في السجود، ح762.
( ) رواه البخاري في كتاب الأذان، باب الالتفات في الصلاة، 709.
( ) رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة…، ح836.
( ) سورة الجن [الآية : 8، 9] ..
( ) سورة الشورى [الآية : 11] ..
( ) سورة طه [الآية : 5] ..
( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة،
باب ما يستعاذ منه في الصلاة، ح924.
( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة…، ح933.


يتبع بإذن الله






 


رد مع اقتباس
قديم 03-18-2021   #14


الصورة الرمزية الغريبة
الغريبة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2186
 تاريخ التسجيل :  Apr 2016
 أخر زيارة : 07-12-2022 (05:49 PM)
 المشاركات : 13,322 [ + ]
 التقييم :  6639
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 3,941
تم شكره 1,897 مرة في 1,149 مشاركة
افتراضي رد: المشكاة في تربية الصّغار عَلى الصّلاة




صلاة الجماعة
مِنَ القُرآنِ الكرِيم:
1) (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ
مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى
لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ
عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً. وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ
أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ
عَذَابًا مُهِينًا. فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ
فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ. إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)
( ).

حِذْرَهُمْ : احترازهم واستعدادهم. تَغْفُلُونَ : تسهون.
فَيَمِيلُونَ : يهجمون ويغيرون. جُنَاحَ : إثم
اطْمَأْنَنْتُمْ : استقررتم. كِتَابًا مَوْقُوتًا : مكتوباً محدود الأوقات مقدراً

المعنى: (وَإِذَا كُنْتَ) - يا محمد - (فِيهِمْ) في ساحة القتال،
(فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ) فأردت أن تصلي بهم، (فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ) جماعة (مِنْهُمْ مَعَكَ)
للصلاة (وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ، فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ) فَإِذَا سجد
هؤلاء فلتكن الجماعة الأخرى من خلفكم في مواجهة عدوكم، وتتم الجماعة الأولى
ركعتهم الثانية ويسلِّمون، (وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ
وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ) ثم تأتي الجماعة الأخرى التي لم تبدأ الصلاة
فليأتموا بك في ركعتهم الأولى، ثم يكملوا بأنفسهم ركعتهم الثانية،
وليحذروا من عدوهم، وليأخذوا أسلحتهم. (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) الجاحدون
لدين الله (لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ) زادكم؛ (فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً)
ليحملوا عليكم حملة واحدة فيقضوا عليكم، (وَلا جُنَاحَ) إثم (عَلَيْكُمْ) حِينَئِذٍ
(إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى) أو كنتم في حال مرض،
(أَنْ تَضَعُوا) تتركوا (أَسْلِحَتَكُمْ)، (وَ) مع ذلك (خُذُوا حِذْرَكُمْ. إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ)
الجاحدين لدينه (عَذَابًا مُهِينًا) يهينهم، ويخزيهم. (فَإِذَا قَضَيْتُمُ) أديتم
(الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ) فأديموا ذكر الله في جميع أحوالكم: (قِيَامًا وَقُعُودًا
وَعَلَى جُنُوبِكُمْ، فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ) فَإِذَا زال الخوف (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ)
فأدوا الصلاة كاملة، ولا تفرّطوا فيها؛ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)
فإنها واجبة في أوقات معلومة في الشرع.

* * *

2) (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ
يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ، رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ
وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ،
لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ، وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)
( ).

بُيُوتٍ : هي المساجد كلها تُرْفَعَ : تُعظَّم وتُطَهَّر
بِالْغُدُوِّ : أول النهار وَالآصَالِ : آخر النهار
تَتَقَلَّبُ : تضطرب بِغَيْرِ حِسَابٍ : بتوسُّع

المعنى: هذا النور المضيء (فِي بُيُوتٍ) مساجد
(أَذِنَ) أَمَرَ (اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ) يرفع شأنها وبناؤها، (وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) بتلاوة كتابه
والتسبيح والتهليل، وغير ذلك من أنواع الذكر، (يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ)
يصلي فيها لله في الصباح والمساء (رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ) لا تشغلهم
(تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ) لمستحقيها،
(يَخَافُونَ يَوْمًا) يوم القيامة الذي (تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ) بين الرجاء في النجاة
والخوف من الهلاك، (وَ) تتقلب فيه (الأَبْصَارُ) تنظر إِلى أَيّ مصير تكون،
(لِيَجْزِيَهُمُ) ليعطيهم (اللَّهُ) ثواب (أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا) أحسن أعمالهم
(وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) بمضاعفة حسناتهم (وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)،
بل يعطيه من الأجر ما لم يبلغه عمله، وبلا عدّ ولا كيل.

* * *
مِنْ سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم:

1) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: تَفْضُلُ صَلاةٌ فِي الْجَمِيعِ
عَلَى صَلاةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، قَالَ: وَتَجْتَمِعُ مَلائِكَةُ اللَّيْلِ
وَمَلائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ:
(وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)
( ).

(حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني
تُوفِّيَ سنة 57هـ (عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : تَفْضُلُ صَلاةٌ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ: صلاة
أحدكم مع الجماعة (عَلَى صَلاةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ) المراد صلاته في بيته وسوقه
منفرداً (خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً ) ورد في روايات أخرى : بسبع وعشرين درجة ،
فيحتمل على أنه أوحى إليه أولا بخمس وعشرين ثم بسبع وعشرين تفضلا
من الله ïپ‰ حيث زاد درجتين ، أو على أن المراد في أحد الحديثين التكثير دون
التحديد والله تعالى أعلم (قَالَ : وَتَجْتَمِعُ مَلائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلائِكَةُ النَّهَارِ فِي
صَلاةِ الْفَجْرِ ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : أَقِمِ الصَّلاَةَ) أمر لرسول
الله صلى الله عليه وسلم ولأمته بإقامة الصلوات المكتوبات في أوقاتها (لِدُلُوكِ) زوال (الشَّمْسِ)
ودلوك الشمس واقع على كل ميل لها ، فابتداء دلوكها إذا زالت الشمس ،
وهو أول وقت الظهر ، وما بعد ذلك إذا صار ظل كل شيء مثله وهو
وقت العصر إلى آخر وقتها دلوك أيضا (إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ) اجتماع الليل وظلمته ،
ويشمل : المغرب والعشاء (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) عَطْفٌ على الصلاة ، والمراد من قرآن الفجر :
صلاة الفجر ، سميت الصلاة قرآناً ؛ لأنها لا تجوز إلا بالقرآن (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)
أي : تحضر الملائكة قرآن الفجر وتشهده , يعني : صلاة الفجر.
فعلى هذا تكون هذه الآية دخل فيهما أوقات الصلوات الخمس :
الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر . وقد بينت السنة عن رسول الله ïپ²
تواتراً من أقواله وأفعاله تفاصيل هذه الأوقات على ما عليه أهل الإسلام
اليوم مما تلقوه خلفاً عن سلف وقرناً بعد قرن.

* * *

2) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
إِنَّ أَثْقَلَ صَلاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاةُ الْعِشَاءِ وَصَلاةُ الْفَجْرِ. وَلَوْ يَعْلَمُونَ
مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ
رَجُلاً فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ
إِلَى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ
( ).

المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني
تُوفِّيَ سنة 57هـ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَدَ نَاسًا فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ
فـ(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَثْقَلَ صَلاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاةُ الْعِشَاءِ وَصَلاةُ الْفَجْرِ)
ودل هذا على أن الصلاة كلها ثقيلة على المنافين ,
ومنه قوله تعالى ( وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى)( )
وإنما كانت العشاء والفجر أثقل عليهم من غيرهما ؛ لقوة الداعي إلى تركهما ؛
لأن العشاء وقت السكون والراحة ، والصبح وقت لذة النوم (وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا)
أَيْ: من مزيد الفضل (لأَتَوْهُمَا) أَيْ: الصلاتين , والمراد لأتوا إلى المحل
الذي يصليان فيه جماعة وهو المسجد (وَلَوْ حَبْوًا) الحبو : حبو الصبي
الصغير على يديه ورجليه , معناه : لو يعلمون ما فيهما من الفضل والخير
ثم لم يستطيعوا الإتيان إليهما إلا حبواً لَحَبَوْا إليهما , أَيْ: يزحفون إذا منعهم
مانع من المشي كما يزحف الصغير ، ولم يفوتوا جماعتهما في المسجد . ففيه :
الحث البليغ على حضورهما ، (وَ) أقسم بالذي نفسي بيده (لَقَدْ هَمَمْتُ) أي :
عزمت أو قصدت (أَنْ آمُرَ بِالصَّلاةِ فَتُقَامَ) وَذَلِكَ ليظهر من حضر ممن لم
يحضر (ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ) وإنما هَمَّ بإتيانهم بعد إقامة الصلاة؛
لأن بذلك الوقت يتحقق مخالفتهم وتخلفهم , فيتوجه اللوم عليهم (ثُمَّ أَنْطَلِقَ)
أَيْ: أذهب (مَعِي بِرِجَالٍ) من أصحابي أو خدمي وغلماني (مَعَهُمْ حُزَمٌ) جمع حزمة
(مِنْ حَطَبٍ) وأذهب ومعي هذا الحطب (إِلَى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلاةَ)
لآخذهم على غفلة (فَأُحَرِّقَ) من التحريق ، يقال : حرقه إذا بالغ في تحريقه
(عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ) والمعنى : ثم آتى قوماً يصلون في بيوتهم
ليس بهم عذر فأحرقها عليهم ، والعذر الخوف أو المرض .

بعض ما يفهم من الحديث :
• هذا الحديث مما استُدل به على أن صلاة الجماعة فرض عين ،
وسياق الحديث يدل على الوجوب من جهة المبالغة في ذم من تخلف عنها ،
وفيه الرخصة للإمام أو نائبه في ترك الجماعة لأجل إخراج من يستخفى
في بيته ويتركها ، والوعيد والتهديد في المتخلف عن الجماعة لا يختص
بالجمعة بل هو عام في جميع الصلوات.

• فيه : أن الإمام إذا عرض له شغل يستخلف من يصلي بالناس .

• وفيه جواز الانصراف بعد إقامة الصلاة لعذر.

• أن أحد هؤلاء المتخلفين عن الجماعة لو علم أنه يدرك الشيء الحقير
والنّزر اليسير من متاع الدنيا أو لهوها لبادر إلى حضور الجماعة إيثاراً
لذلك على ما أعد الله تعالى له من الثواب على شهود الجماعة وهي صفة
لا تليق بغير المنافقين.

• وفيه الإشارة إلى ذم المتخلفين عن الصلاة بوصفهم بالحرص على الشيء
الحقير من مطعوم أو ملعوب به , مع التفريط فيما يحصل رفيع الدرجات ومنازل الكرامة .

• وفي الحديث من الفوائد تقديم الوعيد والتهديد على العقوبة ,
والمفسدة إذا ارتفعت بالأهون من الزجر اكتفى به عن الأعلى من العقوبة.

• وفيه جواز أخذ أهل الجرائم على غرة ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم هَمَّ بذلك في الوقت
الذي عهد منه فيه الاشتغال بالصلاة بالجماعة , فأراد أن يبغتهم
في الوقت الذي يتحققون أنه لا يطرقهم فيه أحد.

• وفي السياق إشعار بأنه تقدم من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم زجرهم عن التخلف عن الصلاة
بالقول حتى استحقوا التهديد بالفعل .

• واستُدل به على مشروعية قتل تارك الصلاة متهاونا بها ؛
لأنهم إذا استحقوا التحريق بترك صفة من صفات الصلاة خارجة
عنها سواء قلنا واجبة أو مندوبة كان من تركها أصلاً أحق بذلك.

• الأعذار تبيح التخلف عن الجماعة ولو قلنا إنها فرض , وكذا الجمعة.


* * *

3) حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ:
مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ؛
فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى.
وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ،
وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ.
وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ
إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً،
وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً. وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ.
وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ
( ).

سُنَّةَ : ما نقل عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو شمائل. يُهَادَى : يستند على غيره من شدة ضعفه.
المعنى: (حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه)
وهو: عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي،
أبو عبد الرحمن، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم من السابقين الأولين.
توفي سنة: 32 أو 33 هـ
بالمدينة المنورة، (قَالَ) عبد الله بن مسعود: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا
مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاءِ الصَّلَوَاتِ) أي: مع الجماعة (حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ)
من المساجد ويوجد لهن إمام معين أو غير معين
(فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم
سُنَنَ الْهُدَى) أي: طرائق الهدى والصواب (وَإِنَّهُنَّ) أي: الصلوات الخمس
بالجماعة (مِنْ سُنَنِ الْهُدَى. وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي
هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ) قد يقال للواجب سنة لكونه ثبت
بالحديث (وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ) معناه أنه يؤديكم إلى الضلال
بأن تتركوا عري الإسلام شيئاً فشيئاً حتى تخرجوا من الملة، وَالْعِياذُ بِاللَّهِ،
وهو على التغليظ، أو على الترك تهاونا وقلة مبالاة وعدم اعتمادها حقاً
(وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ
إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ) هي: ما بين القدمين (يَخْطُوهَا) يمشيها (حَسَنَةً،
وَيَرْفَعُهُ بِهَا) بهذه الخطوة (دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عَنْهُ) أَيْ: ويضع ويمحي (بِهَا) بهذه
الخطوة (سَيِّئَةً. وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا) أي: نحن معاشر الصحابة أو جماعة المسلمين
في عهد رَسُول اللهِ ïپ² (وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا) أَيْ: عن صلاة الجماعة في المسجد
من غير عذر (إِلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ) ظاهر (النِّفَاقِ) وسبب التخلف هو النفاق
(وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْن حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِِّ)
معنى يهادى: أي: يمسكه رجلان من جانبيه بعضديه يعتمد عليهما,
أَيْ: إن المريض يمشي بين رجلين يعتمد عليهما من ضعفه وتمايله
ليشهد الصلاة في جماعة. وفي هذا كله تأكيد أمر الجماعة,
وتحمل المشقة في حضورها, وأنه إذا أمكن المريض
ونحوه التوصل إليها استحب له حضورها.


* * *

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
( ) النساء (102-103 )
( ) النور (36-38).
( ) الآية في سورة الإسراء رقم 78 ، والحديث متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها ،ح1035.
( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، ح1041.
( ) سورة التوبة [الآية : 54] ..
( ) رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، ح1046.



يتبع بإذن الله






 


رد مع اقتباس
قديم 03-18-2021   #15


الصورة الرمزية الغريبة
الغريبة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2186
 تاريخ التسجيل :  Apr 2016
 أخر زيارة : 07-12-2022 (05:49 PM)
 المشاركات : 13,322 [ + ]
 التقييم :  6639
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 3,941
تم شكره 1,897 مرة في 1,149 مشاركة
افتراضي رد: المشكاة في تربية الصّغار عَلى الصّلاة




4) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ أَوْ رَاحَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ( ).

غَدَا : الغدوة: الخروج أول النهار. رَاحَ : الروحة: الخروج آخر النهار.
نُزُلاً : ما يهيأ للضيف عند قدومه.

المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني
تُوفِّيَ سنة 57هـ (عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ غَدَا) الغدوة: الخروج أول النهار (إِلَى الْمَسْجِدِ
أَوْ رَاحَ) الروحة: الخروج آخر النهار ، والمراد : التعود على الذهاب إِلى المسجد
في أَيّ وقت للعبادة (أَعَدَّ) هيَّأَ (اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلاً) ما يهيأ للضيف
عند قدومه (كُلَّمَا) فيه إشارة إلى أن الكلام فيمن تَعَوَّدَ ذلك (غَدَا أَوْ رَاحَ)
أي: بكل غدوة وروحة ، والغدوة: الخروج أول النهار، والروحة: الخروج آخر النهار ،
والمراد : كلما ذهب ورجع ، وفيه حصول الفضل لمن أتى المسجد للعبادة ,
والصلاة رأسها , والمسجد بيت اللّه فمن دخله لعبادة أيّ وقتٍ كانَ :
أعد اللّه له أجره ؛ لأنه أكرم الأكرمين لا يضيع أجر المحسنين .

* * *

5) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ لَكَانَتْ قُرْعَةً( ).

المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني
تُوفِّيَ سنة 57هـ (عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَوْ تَعْلَمُونَ مَا) الثواب الجزيل والخير
والبركة (فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ) وهو الذي يلي الإمام (لَكَانَتْ قُرْعَةً) أي :
لتحققت قرعة بينكم لتحصيله ، والمراد : لتنازعتم في التقدم إلى الصف
الأول حتى تقترعوا ويتقدم إليه من خرجت له القرعة ؛ لما فيه من الفضائل ،
يريد صلى الله عليه وسلم تعظيم أمر الثواب على الصف الأول فإن الناس لو يعلمون
مقدار ذلك لتبادروا ثوابه كلهم ولم يجدوا إلا أن يقترعوا عليه منافسة فيه ورغبة في ثوابه .
والصف المقدم يتناول الصف الثاني بالنسبة للثالث فإنه يتقدم عليه ،
والثالث بالنسبة للرابع ، وهلم جراً . والحديث فيه تجهيل للمتساهلين في
المبادرة إِلى الصف الأول ، وفيه إثبات القرعة في الحقوق التي يزدحم عليها ويتنازع فيها .

* * *

6) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خَيْرُ صُفُوفِ
الرِّجَالِ: أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا: آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ: آخِرُهَا، وَشَرُّهَا: أَوَّلُهَا
( ).

المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني
تُوفِّيَ سنة 57هـ (قَالَ) أبو هريرة : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ)
أي : أكثرها أجراً وفضلاً : (أَوَّلُهَا) لقربهم من الإمام واستماعهم لقراءته
وبعدهم من النساء ، والصف الأول الممدوح الذي قد وردت الأحاديث
بفضله والحث عليه هو الصف الذي يلي الإمام (وَشَرُّهَا) أَيْ: شر صفوف الرجال ،

والمراد: أقلها ثواباً وفضلاً وأبعدها عن مطلوب الشرع : (آخِرُهَا) لقربهم
من النساء وبعدهم من الإمام ، (وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ) أي : أكثرها أجراً :
(آخِرُهَا) لبعدهن من الرجال ، (وَشَرُّهَا) أي : شر صفوف النساء ،

والمراد : أقلها ثواباً وأبعدها عن مطلوب الشرع : (أَوَّلُهَا) لقربهن من الرجال ،
وذلك لأن مقاربة أنفاس الرجال للنساء يخاف منها أن تشوش المرأة على
الرجل والرجل على المرأة ، ثم هذا التفضيل في صفوف الرجال على إطلاقه ،
أي : على عمومها فخيرها أولها أبداً وشرها آخرها أبداً ، أما صفوف النساء
فالمراد بالحديث صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال ,
وأما إذا صلين متميزات لا مع الرجال فهن كالرجال خير صفوفهن
أولها وشرها أخرها ، كذا قيل ، ويمكن حمله على إطلاقه لمراعاة الستر .
ونسبة الشر إلى الصف الأخير مع أن صفوف الصلاة كلها خير ؛
إشارة إلى أن تأخر الرجل عن مقام القرب مع تمكنه منه هضم لحقه
وتسفيه لرأيه فلا يبعد أن يسمى شراً ،
قال الشاعر :
وَلَمْ أَرَ فِي عُيُوبِ النَّاسِ شَيْئاً كَنَقْصِ الْقَادِرِينَ عَلى التَّمَامِ

* * *

7) حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لا تَمْنَعُوا نِسَاءَ كُمُ الْمَسَاجِدَ إِذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ إِلَيْهَا. قَالَ: فَقَالَ بِلالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ، قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ وَقَالَ: أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَقُولُ: وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ!( ).

المعنى : روى هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمر - رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا - وهو : عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشى العدوى ، أبو عبد الرحمن المكي المدني ، أسلم قَديماً مع أبيه و هو صغير لم يبلغ الحلم ، و هاجر معه ، و شهد الخندق و ما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و هو شقيق حفصة أم المؤمنين ، مات سنة ثلاث وسبعين (قَالَ) عبد الله ابن عمر : (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لا تَمْنَعُوا) النهي للتنْزيه (نِسَاءَكُمُ) في الذهاب إِلى (الْمَسَاجِدَ) للصلاة مع الجماعة ، وبيوتهن خير لهن من المساجد (إِذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ إِلَيْهَا) وهذا ظاهر في أنها لا تمنع المسجد لكن بشروط ذكرها العلماء مأخوذة من الأحاديث , وهو ألا تكون متطيبة , ولا متزينة , ولا ذات خلاخل يسمع صوتها, ولا ثياب فاخرة , ولا مختلطة بالرجال , ولا شابة ونحوها ممن يفتتن بها , وأن لا يكون في الطريق ما يخاف به مفسدة ونحوها .

(قَالَ) مجاهد راوي الحديث : (فَقَالَ) ابنه وهو (بِلالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) بن عمر بن الخطاب : (وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ، قَالَ) راوي الحديث : (فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ) أبوه (عَبْدُ اللَّهِ) بن عمر بن الخطاب فغضب غضباً شديداً (فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ) لأن بلالاً عارض الخبر برأيه ولم يذكر علة المخالفة ، وكأنه قال ذلك لما رأى من فساد بعض النساء في ذلك الوقت وحملته على ذلك الغيرة, وإنما أنكر عليه أبوه لتصريحه بمخالفة الحديث ,
وإلا فلو قال - مثلاً - : يا أبي إن الزمان قد تغير وإن بعضهن ربما ظهر منها قصد المسجد وإضمار غيره ، لكان يظهر أن لا ينكر عليه, (وَقَالَ: أُخْبِرُكَ) أحدثك (عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَقُولُ: وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ!) وفيه تأديب المعترض على السنة , والمعارض لها برأيه , وعلى العالم بهواه , وجواز التأديب بالهجران ، وفيه تعزير وتأديب الوالد ولده وإن كان كبيراً إذا تكلم بما لا ينبغي له ، واستُدل به على أن المرأة لا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه.

فائدة :
اعلم أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد كما ورد في الأحاديث الصحيحة الأخرى , ومع هذا لو استأذنت للصلاة إلى المسجد لا تمنع بل تؤذن لكن ليس مطلقاً بل بشروط قد وردت في الأحاديث منها : أن لا تطيب ، ويلحق بالطيب ما في معناه ؛ لأن سبب المنع منه : ما فيه من تحريك داعية الشهوة ، كحسن الملبس ، والحلي الذي يظهر ، والزينة الفاخرة ، وكذا الاختلاط بالرجال .
* * *

8) حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعَ جَلَبَةً فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلاةِ، قَالَ: فَلا تَفْعَلُوا، إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلاةَ فَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا سَبَقَكُمْ فَأَتِمُّوا( ).

جَلَبَةً : اختلاط الأصوات وارتفاعها.

المعنى : (حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه) وهو : أبو قتادة الأنصارى ، قيل اسمه الحارث بن ربعى بن بلدمة ،
و قيل عمرو و قيل النعمان ، السلمى ، المدنى ، شهد أحداً و ما بعدها .
توفي سنة : 54هـ بالمدينة , و قيل : الكوفة
(قَالَ) أبو قتادة : (بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعَ جَلَبَةً) أي : أصواتاً لحركتهم وكلامهم واستعجالهم (فَقَالَ) صلى الله عليه وسلم بعد انتهاء الصلاة : (مَا شَأْنُكُمْ؟) ما هذه الأصوات والحركات والجلبة؟
(قَالُوا: اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلاةِ، قَالَ) صلى الله عليه وسلم : فَلا تَفْعَلُوا) أي: فلا تفعلوا الاستعجال المفضي
إلى عدم الوقار , ولا تهرولوا ؛ لأنه مناف لما هو أولى به من الوقار والأدب،
وإن خفتم فوت التبكير فإنكم في حكم المصلين المخاطبين بالخشوع والخضوع،
فالقصد من الصلاة حاصل لكم وإن لم تدركوا منها شيئاً ، والنهي للكراهة ،
(إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلاةَ فَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ) السكينة : من السكون ، أي: الزموا السكينة
في جميع أموركم سيما في الوفود على رب العزة فالزموا الوقار في الهيئة :
بغض البصر ، وخفض الصوت ، وعدم الالتفات والعبث . فإذا فعلتم ما أمرتم به
من السكينة (فَمَا أَدْرَكْتُمْ) مع الإمام من الصلاة (فَصَلُّوا) معه (وَمَا سَبَقَكُمْ)
وما فاتكم منها (فَأَتِمُّوا) أي : فأكملوه بعد أن يسلم الإمام وقد حصلت لكم
فضيلة الجماعة بالجزء المدرك وإن قلّ ، وفيه أنه يندب لقاصد الجماعة المشي
إليها بسكينة ووقار وإن خاف فوت بعض الركعات ، وأن لا يعبث في طريقه إليها ،
ولا يتعاطى ما لا يليق بها . وأما قوله تعالى (فَاسْعَوْا إِلَِى ذِكْرِ اللَّهِ) فليس المراد به
الهرولة والجري ، بل الذهاب وعدم التأخير وترك أعمال الدنيا والمبادرة إِلى الصلاة ،
أو هو بمعنى العمل والقصد كما تقول سعيت في أمري .

واستُدل بهذا الحديث على :
• حصول فضيلة الجماعة بإدراك جزء من الصلاة.
• استحباب الدخول مع الإمام في أي حالة وُجِد عليها.
• أن الْتفات خاطر المصلي إلى الأمر الحادث لا يفسد صلاته.
• أن الذاهب إِلى الصلاة في حكم المصلي , فينبغي له اعتماد ما ينبغي للمصلي
اعتماده واجتناب ما ينبغي للمصلي اجتنابه .

* * *

9) حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: سَوُّوا صُفُوفَكُمْ
فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاةِ
( ).

المعنى :
(حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه) وهو : أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدى بن النجار الأنصارى النجارى ، أبو حمزة المدنى ،
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه ، توفي سنة : 92 هـ و قيل 93 هـ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ضلى الله عليه وسلم:
سَوُّوا صُفُوفَكُمْ) أَيْ: اعتدلوا فيها على سمت واحد وتلاصقوا حتى لا يكون بينكم فرجة ،
ثم عقبه بما هو كالتعليل له حيث قال : (فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ) والمراد به جنس الصفوف
(مِنْ تَمَامِ الصَّلاةِ) أي : من تمامها وكمالها ، أو من جملة إقامتها ،
وهي تعديل أركانها وحفظها من أن يقع زيغ في فرائضها وسننها ،
والسر في تسويتها مبالغة المتابعة .

* * *

10) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا قَالَ الإِمَامُ
سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ ؛ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ
قَوْلَ الْمَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ
( ).

المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني
تُوفِّيَ سنة 57هـ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا قَالَ الإِمَامُ) حال انتقاله من الركوع
إِلى القيام (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ) بالواو أو بدونها (الْحَمْدُ)
(فَإِنَّهُ) أي : الشأن وهذا كالتعليل لما قبله (مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ) وهو قوله
ربنا لك الحمد بعد قول الإمام سمع الله لمن حمده (قَوْلَ الْمَلائِكَةِ)
يعني في وقت تأمينهم ومشاركتهم ، وفيه إشعار بأن الملائكة
تقول ما يقول المأمومون ويستغفرون ويحضرون بالدعاء والذكر
(غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) ظاهره غفران جميع الذنوب الماضية ,
وهو محمول عند العلماء على الصغائر .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب المشي إِلى الصلاة…، ح1073.
( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها…، ح663.
( ) رواه مسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها…، ح664.
( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة، باب خروج النساء إِلى المساجد…، ح667.
( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب
إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعياً، ح948.
( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها، ح656.
( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة، باب التسميع والتحميد والتأمين، ح617.



يتبع بإذن الله






 


رد مع اقتباس
قديم 03-18-2021   #16


الصورة الرمزية الغريبة
الغريبة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2186
 تاريخ التسجيل :  Apr 2016
 أخر زيارة : 07-12-2022 (05:49 PM)
 المشاركات : 13,322 [ + ]
 التقييم :  6639
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 3,941
تم شكره 1,897 مرة في 1,149 مشاركة
افتراضي رد: المشكاة في تربية الصّغار عَلى الصّلاة




إمامة قارئ القرآن
مِنَ القُرآنِ الكرِيم:

1) ïپ‌وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًاïپ› ( ).

قُرَّةَ أَعْيُنٍ : مسرة وفرحاً. إِمَامًا : قدوة وحجة أو أئمة.

المعنى: (وَالَّذِينَ) يسألون الله تعالى (يَقُولُونَ: رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ)
ما تَقَرّ به أعيننا، وفيه أنسنا وسرورنا، (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) قدوة يُقتدى بنا في الخير.

* * *

مِنْ سُنَّة الرسول ïپ²:

1) حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ الأنصاري ïپ´ يَقُولُ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ïپ²: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ وَأَقْدَمُهُمْ قِرَاءَ ةً، فَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهُمْ سَوَاءً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا، وَلا تَؤُمَّنَّ الرَّجُلَ فِي أَهْلِهِ وَلا فِي سُلْطَانِهِ،
وَلا تَجْلِسْ عَلَى تَكْرِمَتِهِ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَكَ أَوْ بِإِذْنِهِ( ).


تَكْرِمَتِهِ : الموضع الخاص لجلوس الرجل مما يعد لإكرامه.

المعنى : ( حدبث أَبِي مَسْعُودٍ الأنصاري ïپ´) وهو : عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن عمرو
أسيرة بن عسيرة الأنصاري ، أبو مسعود ابدري ، شهد العقبة الثانية .
توفي سنة : قبل 40 هـ و قيل بعدها بالكوفة , و قيل : المدينة (يَقُولُ) أبو مسعود الأنصاري :
(قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ïپ²: يَؤُمُّ الْقَوْمَ) أي: هو أحقهم بالإمامة (أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ) أَيْ: أكثرهم
قرآناً وأجودهم قراءة (وَأَقْدَمُهُمْ قِرَاءَةً) ولا يخفى أن محل تقديم الأقرأ إنما هو حيث يكون
عارفاً بما يتعين معرفته من أحوال الصلاة فأما إذا كان جاهلاً بذلك فلا يقدم اتفاقاً
(فَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَ تُهُمْ سَوَاءً) أي : مستوين في مقدارها أو حسنها أو في العلم بها
(فَلْيَؤُمَّهُمْ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً) أي : انتقالاً من مكة إلى المدينة قبل الفتح فمن هاجر
أولاً فشرفه أكثر ممن هاجر بعده . قال تعالى : (لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ
مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ) ؛ لأن القدم في الهجرة شرف يقتضي التقديم أو لأن
من تقدم هجرته فلا يخلو غالباً عن كثرة العلم بالنسبة إلى من تأخر ،

وهذا شامل لمن تقدم هجرةً سواء كان في زمنه ïپ² أو بعده كمن يهاجر
من دار الكفر إلى دار الإسلام . وهكذا نرى أن الرسول ïپ² جعل ملاك أمر الإمامة القراءة ،
وجعلها مقدمة على سائر الخصال المذكورة معها ؛ لأنه لا صلاة إلا بقراءة ،
وإذا كانت القراءة من ضرورة الصلاة وكانت ركناً من أركانها صارت مقدمة
في الترتيب على الأشياء الخارجة عنها ، ثم تلا القراءة : بالسنَّة - في بعض الروايات
- وهي : الفقه ومعرفة أحكام الصلاة وما سنه رسول الله ïپ² فيها وبينه من أمرها ,
وأن الإمام إذا كان جاهلاً بأحكام الصلاة ربما يعرض فيها من سهو ويقع
من زيادة ونقصان أفسدها وأخدجها , فكان العالم بها الفقيه فيها مقدماً على
من لم يجمع علمها ولم يعرف أحكامها ،

(فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً) معناه :
إذا استويا في الفقه والقراءة والهجرة (فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا) أي :
إِذَا رجح أحدهما بتقدم إسلامه أو بكبر سنه قُدِّمَ ; لأنها فضيلة يُرَجَّحُ بها ،
وعند الاستواء في الكل يُقرع (وَلا تَؤُمَّنَّ الرَّجُلَ فِي أَهْلِهِ) معناه :
أن صاحب المنْزل أولى بالإمامة في بيته إذا كان من القراءة أو العلم بمحل
يمكنه أن يقيم الصلاة (وَلا فِي سُلْطَانِهِ) معناه : أن صاحب السلطان
وصاحب المجلس وإمام المسجد أحق من غيره , وإن كان ذلك الغير أفقه
وأقرأ وأورع وأفضل منه , وصاحب المكان أحق فإن شاء تقدم ,
وإن شاء قدم من يريده , وإن كان ذلك الذي يقدمه مفضولاً بالنسبة
إلى باقي الحاضرين ; لأنه سلطانه فيتصرف فيه كيف شاء .
فإن حضر السلطان أو نائبه قُدِّم على صاحب البيت وإمام المسجد وغيرهما ;
لأن ولايته وسلطنته عامة . قالوا : ويستحب لصاحب البيت أن يأذن
لمن هو أفضل منه ، وإنما كان ذلك كذلك لأن الجماعة شرعت لاجتماع
المؤمنين على الطاعة وتآلفهم وتوادهم ,

فإذا أَمَّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه أفضى ذلك إلى توهين أمر السلطنة
وخلع ربقة الطاعة , وكذلك إذا أَمَّهُ في قومه وأهله أدى ذلك إلى التباغض
والتقاطع وظهور الخلاف الذي شرع لدفعه الاجتماع , فلا يتقدم رجل
على ذي السلطنة لا سيما في الأعياد والجماعة , ولا على إمام الحي
ورب البيت إلا بالإذن ، ويشترط أن يكون صاحب البيت أو السلطان أهلاً للإمامة بغيره ،
فإن لم يكن أهلاً كالمرأة والأمي ونحوهما فلاحق له في الإمامة ،
لكن يجوز للمرأة الإمامة لغيرها من النساء، ويجوز للأمِّي الإمامة لغيره
من الأمِّيين (وَلا تَجْلِسْ عَلَى تَكْرِمَتِهِ فِي بَيْتِهِ ) التكرمة : الفراش أو السجادة
أو السرير أو نحو ذلك مما يبسط لصاحب المنْزل ويخص به
(إِلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَكَ أَوْ بِإِذْنِهِ) احتراماً له ولحقه وخصوصياته.

* * *

2) حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ - رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: كُنَّا بِمَاءٍ
مَمَرَّ النَّاسِ، وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ مَا لِلنَّاسِ مَا لِلنَّاسِ؟ مَا هَذَا الرَّجُلُ؟
فَيَقُولُونَ: يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ أَوْحَى إِلَيْهِ أَوْ أَوْحَى اللَّهُ بِكَذَا. فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الْكَلامَ،
وَكَأَنَّمَا يُقَرُّ فِي صَدْرِي. وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلامِهِمُ الْفَتْحَ فَيَقُولُونَ: اتْرُكُوهُ
وَقَوْمَهُ؛ فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ. فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ بَادَرَ
كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلامِهِمْ، وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلامِهِمْ. فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: جِئْتُكُمْ
- وَاللَّهِ - مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ ïپ² حَقًّا، فَقَالَ: صَلُّوا صَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا،
وَصَلُّوا صَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ
وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا. فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي
لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ. فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ
أَوْ سَبْعِ سِنِينَ. وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي،
فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَيِّ أَلا تُغَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ، فَاشْتَروْا فَقَطَعُوا لِي
قَمِيصًا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ فَرَحِي بِذَلِكَ الْقَمِيصِ ( ).


الرُّكْبَانُ : أصحاب الإبل في السفر. يُقَرُّ : يثبت ويستقر.
وَبَدَرَ : سبق تَقَلَّصَتْ : انجمعت وارتفعت

المعنى : (حَدِيثُ عَمْرِو ابْنِ سَلَمَةَ - رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا -) وهو : عمرو بن سلمة
ابن قيس و قيل ابن نفيع الجرمي ، أبو بريد ، و قيل أبو يزيد ، البصري ، صحابي ،
أَمَّ قومَه زمن النبي ïپ² (قَالَ: كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرَّ النَّاسِ) يَمُرُّ بِنَا النَّاسُ إِذَا أَتَوْا النَّبِيَّ ïپ²
(وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ) وهم أصحاب الإبل في السفر ، فَكَانُوا إِذَا رَجَعُوا
مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ r مَرُّوا بِنَا (فَنَسْأَلُهُمْ مَا لِلنَّاسِ مَا لِلنَّاسِ؟ مَا هَذَا الرَّجُلُ؟)
يسألون عن النبي ïپ² وعن حال العرب معه (فَيَقُولُونَ: يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ
أَوْحَى إِلَيْهِ أَوْ أَوْحَى اللَّهُ بِكَذَا) يريد حكاية ما كانوا يخبرونهم به مما سمعوه
من القرآن , أي : فيقولون نبي يزعم أن الله أرسله وأن الله أوحى إليه كذا وكذا،
فَأَخْبَرُونَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ïپ² قَالَ كَذَا وَكَذَا ، فَنَتَعَلَّمُ مِنْهُمْ الْقُرْآنَ (فَكُنْتُ أَحْفَظُ
ذَلِكَ الْكَلامَ) وهو القرآن ، فَأَدْنُو مِنْهُمْ فَأَسْمَعُ ، وَكُنْتُ غُلامًا حَافِظًا فَحَفِظْتُ
مِنْ ذَلِكَ قُرْآنًا كَثِيرًا (وَكَأَنَّمَا يُقَرُّ) من القرار (فِي صَدْرِي)كان يحفظ ولا ينسى.

(وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ) أي : تنتظر ، وإحدى التاءين محذوفة ، أي : تَتَلَوَّم (بِإِسْلامِهِمُ الْفَتْحَ)
أي : وَكَانَ النَّاسُ يَنْتَظِرُونَ بِإِسْلامِهِمْ فَتْحَ مَكَّةَ (فَيَقُولُونَ: اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ؛
فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ ، فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ) أي :
فَلَمَّا فُتِحَتْ مكة وانتصر رسول الله ïپ² (بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلامِهِمْ) أي : جَعَلَ الرَّجُلُ يَأْتِيهِ فَيَقُولُ
يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا وَافِدُ بَنِي فُلانٍ وَجِئْتُكَ بِإِسْلامِهِمْ ( وَبَدَرَ) أي : سبق
(أَبِي قَوْمِي بِإِسْلامِهِمْ) أي : فَانْطَلَقَ أَبِي بِإِسْلامِ قَوْمِهِ ، أي : وَفَدُوا إِلَى
النَّبِيِّ r فَعَلَّمَهُمْ الصَّلاةَ ، فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَنْصَرِفُوا قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ يَؤُمُّنَا
في الصَّلاة؟ قَالَ : أَكْثَرُكُمْ جَمْعًا لِلْقُرْآنِ ، أَوْ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ (فَلَمَّا قَدِمَ) أبي
من عند رَسُول اللهِ ïپ² استقبلناه ، (قَالَ) أبي : (جِئْتُكُمْ - وَاللَّهِ - مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ ïپ² حَقًّا،

فَقَالَ: صَلُّوا صَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلُّوا صَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ
فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا ، فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي لِمَا كُنْتُ
أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ) فَدَعَوْنِي فَعَلَّمُونِي الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ (فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ)
فَكُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ إمَاماً (وَأَنَا) غلام (ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ ، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ)
صَغِيرَةٌ مَفْتُوقَةٌ ، البردة : كساء صغير مربع (كُنْتُ إِذَا) رَكَعْتُ أَوْ (سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي)
أي : انجمعت وارتفعت وتَكَشَّفَتْ عَنِّي لقصرها وضيقها حتى يظهر شيء من عورتي ،
وفي رواية :فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ فِي بُرْدَةٍ مُوَصَّلَةٍ - أي : مرقعة - فِيهَا فَتْقٌ فَكُنْتُ
إِذَا سَجَدْتُ خَرَجَتْ اسْتِي (فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَيِّ أَلا تُغَطُّوا عَنَّا) أَيْ: خذوا من كل
منا شيئاً واشتروا به ثوباً يستر عورته (اسْتَ) المراد به هنا العجز ، ويراد به حلقة الدبر ،
فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ النِّسَاءِ : وَارُوا عَنَّا عَوْرَةَ (قَارِئِكُمْ ، فَاشْتَروْا) أَيْ: ثوباً
(فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ) بَعْدَ الإِسْلامِ (فَرَحِي بِذَلِكَ الْقَمِيصِ)
أَيْ: مثل فرحي بذلك القميص ، أي : فَرِحَ بِهِ فَرَحًا شَدِيدًا إما لأجل حصول التستر ,
وعدم تكلف الضبط , وخوف الكشف , وإما فرح به كما هو عادة الصغار
بالثوب الجديد ، وفي الحديث حجة في إمامة الصبي المميز في الفريضة.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
( ) الفرقان (74)
( ) رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، ح1078.
( ) رواه البخاري في كتاب المغازي، باب وقال الليث حدثني يونس …، ح3963.


يتبع بإذن الله






 


رد مع اقتباس
قديم 03-18-2021   #17


الصورة الرمزية الغريبة
الغريبة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2186
 تاريخ التسجيل :  Apr 2016
 أخر زيارة : 07-12-2022 (05:49 PM)
 المشاركات : 13,322 [ + ]
 التقييم :  6639
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 3,941
تم شكره 1,897 مرة في 1,149 مشاركة
افتراضي رد: المشكاة في تربية الصّغار عَلى الصّلاة




لا ينفع الإنسان إلا عمله
مِنَ القُرآنِ الكرِيم:

1) ïپ‌وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا
لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ
وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُïپ› ( ).


تَزِرُ وَازِرَةٌ : تحمل نفس آثمة. مُثْقَلَةٌ : نفس أثقلتها الذنوب.
حِمْلِهَا : ذنوبها التي أثقلتها. تَزَكَّى : تطهر من الكفر والمعاصي.

المعنى: (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) ولا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى،
(وَإِنْ تَدْعُ) تسأل نفس (مُثْقَلَةٌ) بالخطايا (إِلَى حِمْلِهَا) من يحمل عنها من ذنوبها
(لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ)لم تجد من يحمل عنها شيئاً، (وَلَوْ كَانَ) الذي سألته (ذَا قُرْبَى)
منها من أب أو أخ ونحوهما. (إِنَّمَا تُنْذِرُ) إنما تحذّر - يا محمد -
(الَّذِينَ يَخْشَوْنَ) يخافون عذاب (رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) قبل أن يروا العذاب
(وَأَقَامُوا الصَّلاةَ) وأدوا الصلاة حق أدائها. (وَمَنْ تَزَكَّى) تطهر من الشرك
وغيره من المعاصي (فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى) يتطهر (لِنَفْسِهِ). (وَإِلَى اللَّهِ) سبحانه
(الْمَصِيرُ) مآل الخلائق ومصيرهم، فيجازي كلاً بما يستحق.

* * *

2) ïپ‌وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى،
وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى، ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى ïپ› ( ).


سَعَى : عَمِل. الأَوْفَى : التام.

المعنى: … (وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ) وأنه لا يحصل للإنسان من الأجر (إِلاَّ مَا سَعَى)
إلا ما كسب هو لنفسه بسعيه. (وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى) في الآخرة،
فيميز حسنه من سيئه؛ تشريفاً للمحسن وتوبيخاً للمسيء.
(ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى) ثم يجزى الإنسان على سعيه الجزاء المستكمل لجميع عمله ….

* * *

3) ïپ‌فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُïپ›( ).

مِثْقَالَ ذَرَّةٍ : وزن أصغر هباء ة أو نملة صغيرة.

المعنى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) وزن نملة صغيرة (خَيْرًا يَرَهُ)
يرى ثوابه في الآخرة، (وَمَنْ يَعْمَلْ (مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) وزن نملة
صغيرة (شَرًّا يَرَهُ) يرى عقابه في الآخرة.

* * *

مِنْ سُنَّة الرسول ïپ²:

1) حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ïپ´ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ïپ²:
يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلاثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى وَاحِدٌ، يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ،
فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ، وَيَبْقَى عَمَلُهُ ( ).


المعنى : (حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ïپ´) وهو : أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم
ابن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدى بن النجار الأنصارى النجارى ،
أبو حمزة المدنى ، صاحب رسول الله ïپ² وخادمه ، توفي سنة : 92 هـ و قيل 93 هـ
(قَالَ) أنس بن مالك : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ïپ²: يَتْبَعُ الْمَيِّتَ) إلى قبره (ثَلاثَةٌ)
من أنواع الأشياء (فَيَرْجِعُ اثْنَانِ) إلى مكانهما في الدنيا ويتركانه وحده (وَيَبْقَى وَاحِدٌ)
لا ينفك عنه (يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ) أَيْ: أولاده وأقاربه وأهل صحبته ومعرفته ،

وهذا في العادة إذا كان له أهل (وَ) كذا يتبعه (مَالُهُ وَ) كذا يتبعه (عَمَلُهُ) من الصلاح وغيره ,
وهذا يقع في الأغلب وَرُبَّ مَيِّتٍ لا يتبعه إلا عمله فقط والمراد من يتبع جنازته
من أهله ورفقته ودوابه على ما جرت به عادة العرب وإذا انقضى أمر الحزن عليه
رجعوا سواء أقاموا بعد الدفن أم لا ، (فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ) بعد أن يدفنوه (وَ) يرجع (مَالُهُ)
ليقسم على الورثة (وَيَبْقَى عَمَلُهُ) إن كان صالحاً أو غير ذلك ،

فينبغي أن يهتم بصلاح عمله في الدنيا أكثر من غيره ، ومعنى بقاء عمله
أنه يدخل معه القبر، وفي الحديث : أنَّ العَبْدَ المؤمن في القَبْر يَأْتِيهِ رَجُلٌ
حَسَنُ الْوَجْهِ ، حَسَنُ الثِّيَابِ ، طَيِّبُ الرِّيحِ ، فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ هَذَا يَوْمُكَ
الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، فَيَقُولُ لَهُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ ، فَيَقُولُ :
أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ ، فَيَقُولُ : رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي .
وأمَّا العَبْد الكَافِر فَيَأْتِيهِ في القَبْر رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ ، قَبِيحُ الثِّيَابِ ، مُنْتِنُ الرِّيحِ ،
فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، فَيَقُولُ : مَنْ أَنْتَ ؟
فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ ، فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ ،
فَيَقُولُ : رَبِّ لا تُقِمْ السَّاعَةَ( ).



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) فاطر (18).
( ) النجم (39-41).
( ) الزلزلة (7-8).
( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الزهد والرقائق، ح5260.
( ) رواه أحمد في أول مسند الكوفيين ، حديث البراء بن عازب ، رقم 17803 ، 17872 بترقيم العالمية.


يتبع بإذن الله






 


رد مع اقتباس
قديم 03-18-2021   #18


الصورة الرمزية الغريبة
الغريبة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2186
 تاريخ التسجيل :  Apr 2016
 أخر زيارة : 07-12-2022 (05:49 PM)
 المشاركات : 13,322 [ + ]
 التقييم :  6639
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 3,941
تم شكره 1,897 مرة في 1,149 مشاركة
افتراضي رد: المشكاة في تربية الصّغار عَلى الصّلاة




إِلى أولياء الأمور ( )
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ،
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد.
فإن الأولاد هم زهرة الحياة الدنيا وفي صلاحهم قرة عين للوالدين .
وإن من المؤسف خلو مساجدنا من أبناء المسلمين ، فَقَلَّ أن تجد بين المصلين
من هم في ريعان الشباب ! وهذا والله ينذر بشر مستطير وفساد في التربية
وضعف لأمة الإسلام إذا شب هؤلاء المتخلفون عن الطوق!
وإذا لم يصلوا اليوم فمتى إذاً يقيموا الصلاة مع جماعة المسلمين ؟!
ولما كان الإثم الأكبر والمسئولية العظمى على الوالدين فإني أذكر نفسي
وأرباب الأسر ممن حُمِّلوا الأمانة بحديث الرسول ïپ² :
« أَلا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ
وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ ،
وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ
عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ ، أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»

متفق عليه( ).

والله ïپ• يقول في محكم التنْزيل: ïپ‌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ
وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ
مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَïپ›(

ويقول تعالى: ïپ‌ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ïپ›( ).

وفي حديث صريح واضح من نبي هذه الأمة للآباء والأمهات :
« مُرُوا أَوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ،
وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ »
رواه أحمد( ).

وفي هذا التوجيه النبوي الكريم من حسن التدرج واللطف بالصغير الشيء الكثير ،
فهو يُدعى إلى الصلاة وهو ابن سبع سنين ، ولا يُضربُ عليها إلا عند العاشرة من عمره ،
ويكون خلال فترة الثلاث سنوات هذه قد نودي إلى الصلاة وحببت إليه أكثر
من خمسة آلاف مرة! فمن واظب عليها خلال ثلاث سنوات بشكل متواصل
متتالٍ هل يحتاج بعد خمسة آلاف صلاة أن يُضرب ؟! قَلَّ أن تجد من الآباء
من طبق هذا الحديث واحتاج إلى الضرب بعد العاشرة .

فإن مجموع الصلوات كبير واعتياد الصغير للصلاة وللمسجد جرى في دمه
وأصبح جزءاً من جدوله ومن أعظم أعماله!
والكثير اليوم يضرب الابن لكن على أمور تافهة وصغيرة لا ترقى إلى درجة
أهمية الصلاة! ومن تأمل في حال صلاة الفجر ومن يحضرها من الأولاد
ليحزن على أمة الإسلام! وندر أن تجد في المساجد هؤلاء الفتية الذين كان
لأمثالهم شأن في صدر الأمة!
فأين الآباء وأين الأمهات من إيقاظ أبنائهم وحرصهم على ذلك ؟!
عن ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا - « قَالَ : بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ
فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ïپ² بَعْدَمَا أَمْسَى فَقَالَ أَصَلَّى الْغُلامُ ؟ قَالُوا: نَعَمْ »

رواه أبو داود( ).

عن ابن عمر - رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا - قال : "يعلم الصبي الصلاة إذا عرف يمينه من شماله"( ).

وكان السلف الصالح يلاحظون أبناءهم في الصلاة ويسألونهم عنها ..
عن مجاهد قال:
"سمعت رجلا من أصحاب النبي ïپ² - لا أعلمه إلا ممن شهد بدراً - قال لابنه:
أدركت الصلاة معنا؟ قال: نعم ، قال: أدركت التكبيرة الأولى؟
قال: لا، قال: لما فاتك منها خير من مائة ناقة كلها سوداء العين".( )


وذكر الذهبي في السير : روى يعقوب بن سفيان
أن عمر بن عبد العزيز تأخر عن الصلاة مع الجماعة يوماً ، فقال صالح بن كيسان :
ما شغلك ؟ فقال : كانت مرجلتي تسكن شعري ، فقال له : قدمت ذلك على الصلاة !،
وكتب إلى أبيه وهو على مصر يعلمه بذلك ، فبعث أبوه رسولاً فلم يكلمه حتى حلق رأسه.( )

ومن أعظم ما يسديه الأب الموفق لابنه اصطحابه للصلاة معه وجعله بجواره
ليتعلم منه وليحافظ عليه من كثرة اللغط والعبث .

أيها الأب وأيتها الأم.. لا يخرج من تحت أيديكم غداً
من لا يُصلي فتأثمان بإخراجه إلى أمة الإسلام كافراً من أبوين مسلمين
وذلك بالتفريط والرحمة المنكوسة. فتخافان عليه من البرد ولا توقظانه لصلاة الفجر،
وتخافان عليه من شدة الحر ولا يذهب ليصلي العصر!
ïپ‌قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُون ïپ›( ).

يقول ابن القيم رحمه الله : "فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه،
وتركه سدى، فقد أساء غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء،
وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسنُنه، فأضاعوهم صغاراً،
فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً".( )

فوائد صلاة الأبناء في المسجد
أيها الأب ويا أيتها الأم :
إن في الحرص على إقامة صلاة الأبناء في المسجد فوائد عظيمة منها :

1) براءة ذممكم أمام الله ïپ• والخروج من الاثم بعد تحبيبه
للصلاة وأمره بها ، قال ابن تيمية رحمه الله : "ومن كان عنده صغير مملوك
أو يتيم أو ولد فلم يأمره بالصلاة ، فإنه يُعاقب الكبير إذا لم يأمر الصغير ،
ويُعَزَّر الكبير على ذلك تعزيراً بليغاً لأنه عصى الله ورسوله"( ).

2) احتساب أجر تعويده على العبادة قال ïپ² :
« مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ
مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ
مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا».
رواه مسلم.( )

3) استشعار أن الابن في حفظ الله ïپ• ورعايته طوال ذلك اليوم ،
قال ïپ² : « مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلا يَطْلُبَنَّكُمْ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ
فَيُدْرِكَهُ فَيَكُبَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ »
رواه مسلم.( )

4) خروج الابن إذا شب وكبر عن دائرة الكفار والمنافقين كما قال ïپ² :
« الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلاةُ ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ »
رواه أحمد( )،

وكما قال - عليه الصلاة والسلام - :
« إِنَّ أَثْقَلَ صَلاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاةُ الْعِشَاءِ وَصَلاةُ الْفَجْرِ. وَلَوْ يَعْلَمُونَ
مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا »
رواه البخاري( ).

5) تنشئة الابن على الخير والصلاح ليكون لكما ذخراً بعد موتكما فإن النبي ïپ²
اشترط الصلاح في الابن كما في الحديث :
« إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاثَةٍ : إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ،
أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ »
رواه مسلم( ).

ومن الأسباب المعينة على ذلك :

1) أن تكون لهم أيها الأب قدوة صالحة في المحافظة على الصلاة والحرص عليها ،
فإذا بلغوا سبعاً وعقلوا شُرع أمْرُهم بالصلاة والذهاب بهم إلى المسجد ؛
فإن الصغير ينشأ على ما كان عوَّده أبوه.
2) تقديم أمر الآخرة على أمر الدنيا في كل شيء ، وتنشئة الصغار على ذلك
وغرسه في نفوسهم ، فلا تكون الامتحانات الدراسية أهم من الصلاة ،
ولا تكون المذاكرة أهم من الذهاب للمسجد ، وليس من الفخر أن يكون ابنك
مسئولاً كبيراً وهو من المنافقين الذين لا يشهدون الصلاة ، أو من الكفار
الذين لا يصلون ، ويكفيك عزاً وفخراً أن يأكل من كسب يده
ويشهد جماعة المسلمين . وإن جمع الأمرين فَبِها ونعمت .
3) الصبر والمثابرة ïپ‌وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا
لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىïپ›( )

فالأمر فيه مشقة ونصب ،
وأبشر فإن الله ïپ• قال: ïپ‌وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَïپ›( ).
4) توفير الأسباب المعينة على القيام ، ومن ذلك عدم السهر ،
وجعل ساعة منبهة عند الأذان أو قبله . وليكونوا في مقدمة الصفوف .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
( ) مطوية بعنوان (أبناؤنا والصلاة) لـ(عبد الملك القاسم) طباعة دار القاسم بالرياض ، بتصرف.
( ) متفق عليه ، واللفظ لمسلم في كتاب : الإمارة ، باب : فضيلة الإمام العادل … ، ح3408 .
( ) سورة التحريم [الآية : 6] .
( ) سورة طه [الآية : 132] .
( ) رواه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، 418،
واللفظ له، ورواه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء متى يؤمر الصبي بالصلاة،
ح372 وقال ’’حَدِيثُ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ
عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَبِهِ يَقُولُ أَحْمَدُ وَإِسْحَقُ، وَقَالا: مَا تَرَكَ الْغُلامُ بَعْدَ الْعَشْرِ
مِنَ الصَّلاةِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ ‘‘،، ورواه الدارمي في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر
الصبي بالصلاة، ح1395، ورواه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة،
مسند عبد الله بن عمرو بن العاص، ح6402.
( ) رواه أبو داود في كتاب الصلاة ، باب صلاة الليل ، ح1150.
( ) رواه أبو داود في كتاب الصلاة ، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة ح419
بترقيم العالمية ، 497 بترقيم محيي الدين ولفظه "حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ
حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ
دَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ لامْرَأَتِهِ : مَتَى يُصَلِّي الصَّبِيُّ ؟ فَقَالَتْ : كَانَ رَجُلٌ مِنَّا يَذْكُرُ
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ïپ² أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : إِذَا عَرَفَ يَمِينَهُ مِنْ شِمَالِهِ فَمُرُوهُ بِالصَّلاةِ".
( ) رواه عبد الرزاق في الجامع ، انظر : كنْز العمال ، المجلد الثامن ،
رقم 22049، مؤسسة الرسالة 1989م.
( ) البداية والنهاية لابن كثير ، الجزء التاسع ، ثم دخلت سنة إحدى ومئة ،
وهذه ترجمة عمر بن عبد العزيز الإمام المشهور - رحمه الله -.
( ) سورة التوبة [الآية : 81] .
( ) تحفة المودود بأحكام المولود لابن القيم ، الجزء1 ، ص 229، بتحقيق
عبد القادر الأرناؤوط ، الطبعة الأولى 1391هـ ، مكتبة دار البيان ، دمشق.
( ) مسائل في الصلاة لابن تيمية ، الجزء 22 ، ص 51.
( ) رواه مسلم في كتاب العلم ، باب من سن سنة حسنة أو سيئة … ، ح4831.
( ) رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب فضل صلاة العشاء
والفجر في جماعة ، ح1050.
( ) رواه أحمد في : باقي مسند الأنصار ، حديث بريدة الأسلمي ، ح21859،
ورواه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله ، باب ما جاء في ترك الصلاة ،
ح2545 وقال : هذا حديث حسن صحيح غريب . ورواه ابن ماجة والنسائي .
( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل
صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، ح1041.
( ) رواه مسلم في كتاب : الوصية ، باب : ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته ، ح3084.
( ) سورة طه [الآية : 132] .
( ) سورة العنكبوت [الآية : 69] .

يتبع بإذن الله





 


رد مع اقتباس
قديم 03-18-2021   #19


الصورة الرمزية الغريبة
الغريبة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2186
 تاريخ التسجيل :  Apr 2016
 أخر زيارة : 07-12-2022 (05:49 PM)
 المشاركات : 13,322 [ + ]
 التقييم :  6639
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 3,941
تم شكره 1,897 مرة في 1,149 مشاركة
افتراضي رد: المشكاة في تربية الصّغار عَلى الصّلاة




سئل الشيخ عبد العزيز بن باز السؤال التالي
في الجزء 12 من فتاواه :

السؤال : بعض الأولاد يبكرون يوم الجمعة
ويأتي أناس أكبر منهم ويقيمونَهم ويجلسون مكانَهم ويحتجون بقوله ïپ² :
« لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلامِ وَالنُّهَى ( )» فهل هذا جائز ؟

الجواب: "هذا يقوله بعض أهل العلم ،
ويرى أن الأولى بالصبيان أن يصفوا وراء الرجال ، ولكن هذا القول فيه نظر ،
والأصح أنهم إذا تقدموا لا يجوز تأخيرهم ، فإذا سبقوا إلى الصف الأول
أو إِلى الصف الثاني فلا يقيمهم من جاء بعدهم ؛ لأنهم سبقوا إلى حق
لم يسبق إليه غيرهم فلم يجز تأخيرهم لعموم الأحاديث في ذلك ؛
لأن في تأخيرهم تنفيراً لهم من الصلاة ، ومن المسابقة إليها فلا يليق ذلك.

لكن لو اجتمع الناس بأن جاءوا مجتمعين في سفر أو لسبب فإنه يصف الرجال أولاً ،
ثم الصبيان ثانياً ، ثم النساء بعدهم إذا صادف ذلك وهم مجتمعون،
أما أن يؤخذوا من الصفوف ويزالوا ويصف مكانهم الكبار الذين جاءوا بعدهم
فلا يجوز ذلك لِمَا ذكرنا ،

وأما قوله ïپ² : « لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلامِ وَالنُّهَى »
فالمراد به التحريض على المسارعة إلى الصلاة من ذوي الأحلام والنهى
وأن يكونوا في مقدم الناس، وليس معناه تأخير من سبقهم من أجلهم ؛
لأن ذلك مخالف للأدلة الشرعية التي ذكرنا".

5) بث في أبنائك أحاديث الصلاة وحكم تاركها وعقوبته في الدنيا والآخرة ،
ورغبهم في الأجر العظيم لمن حافظ عليها( )، ولا تقل إنّهم صغار لا يعون ،
فهم يدركون ويحفظون ويحتاجون إلى ذلك لتقوية عزائمهم.
6) اجعلْ لهم الحوافز والجوائز حتى يحافظوا على الصلاة، وأَذْكُرُ أنَّ أحد الآباء
كان يجعل لأبنائه الصغار ريالاً كل يوم عن صلاة الفجر ، وكانت الثمرة المبكرة
أن كان أحد هؤلاء الصغار من كبار الأئمة المعروفين . وأذكرُ أَيْضاً امرأة أرملة
وتحتها يتيم صغير فكانت تخرج به لصلاة الفجر كل يوم وأكرمها الله
ïپ• بِهذا الابن فحفظ كتاب الله ïپ• ، وهو أحد أئمة المساجد الآن
ومن أبر الناس بأمِّه . قال عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه :
"حافظوا على أبنائكم في الصلاة ، وعودوهم الخير فإن الخير عادة" رواه الطبراني( ).

7) الدعاء لهم في كل وقت واجعلهم أحياناً يسمعون دعاءك لهم بالصلاح والهداية
والتوفيق والسداد ، ومن دعاء الأنبياء والصالحين ïپ‌ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ
وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ ïپ›( ).


8) اربطهم بصحبة طيبة ممن يحفظون القرآن ويحافظون على الصلاة
مع الجماعة وشجع أولئك الصغار بالهدايا والحوافز فهم أبناء المسلمين .

9) ادْعُ لهم عند إيقاظهم واتْلُ عليهم بعض الآيات والأحاديث ïپ‌يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَïپ›( )،
ودعهم يسمعون الأجر العظيم على لسان نبيهم ïپ² « بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » رواه أبو داود.( )

10) لترى منك والدتُهم أنك حريص على أمر صلاتِهم وإيقاظهم فإن ذلك يعينها
على الاستمرار والحرص والتأكيد عليهم واشكر لها جهودها وشجعها على ذلك وهم يسمعون.

11) كما أنك أيها الأب إذا أردت شراء منْزل تفكر في قرب الخدمات من سكنك،
فكر قبل ذلك بالمسجد ومدى قربه إلى منْزلك لأن في ذلك إعانة على الطاعة
وتيسيراً لأمر الصلاة خاصة على الصغار مع مظنة حفظهم ومتابعتهم
إذا كانت المسافة قصيرة.

12) استشعر أن ابنك الذي تحب قد يكون حطباً لجهنم إذا لم يُصلِّ
ïپ‌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ
عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُ
ونَïپ›.( )

13) ليكن بينك وبين إمام المسجد تعاون في تشجيع أطفالك من قِبَلهِ وتقديم الجوائز لهم لمحافظتِهم على الصلاة - بما فيها صلاة الفجر - ، ولا يمنع أن يتحدث الإمام
حاثاً الآباء على إحضار أبنائهم للصلاة ، ثم يشكر الآباء الذين يحضرون أبناءهم
ويسمى الصغار بأسمائهم.

أيها الأب :
يقول الله ïپ•
: ïپ‌ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىïپ›( )
وأبشر وأمل فأنت في خير طريق
ïپ‌وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَïپ›( ).

أصلح الله أزواجا وذرياتنا وجعلهم قرة عين ،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) رواه مسلم في كتاب الصلاة ، باب إقامة الصلاة وتسويتها … ، ح655.
( ) ومثال ذلك الآيات والأحاديث مع شرحها المبسط الواردة في هذا الكتاب.
( ) رواه الطبراني في الكبير ، وفيه أبو نعيم ضرار بن صرد وهو ضعيف. انظر : مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي ، المجلد الثاني ، كتاب الصلاة ، باب في أمر الصبي بالصلاة ، ح1631. دار الفكر ، بيروت ، 1412هـ
( ) سورة إبراهيم [الآية : 40] .
( ) سورة لقمان [الآية : 17] ..
( ) رواه أبو داود في كتاب الصلاة ، باب ما جاء في المشي إِلى الصلاة في الظلام ، ح474. ورواه الترمذي في كتاب الصلاة ، باب ما جاء في فضل العشاء والفجر في جماعة ، ح207. وصححه الألباني ، انظر حديث رقم : 2823 في صحيح الجامع.
( ) سورة التحريم [الآية : 6] ..
( ) سورة طه [الآية : 132] .
( ) سورة العنكبوت [الآية : 69] .


يتبع بإذن الله






 


رد مع اقتباس
قديم 03-18-2021   #20


الصورة الرمزية الغريبة
الغريبة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2186
 تاريخ التسجيل :  Apr 2016
 أخر زيارة : 07-12-2022 (05:49 PM)
 المشاركات : 13,322 [ + ]
 التقييم :  6639
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 3,941
تم شكره 1,897 مرة في 1,149 مشاركة
افتراضي رد: المشكاة في تربية الصّغار عَلى الصّلاة




المراجع
• القرآن الكريم: مصحف المدينة النبوية برواية
حفص عن عاصم. وبهامشه (التفسير الميسر) إعداد نخبة من العلماء
بإشراف الدكتور: عبد الله بن عبد المحسن التركي. طباعة: مجمع الملك
فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة (1419هـ).
• كلمات القرآن الكريم، تفسير وبيان: للشيخ: حسنين محمد مخلوف. مكتبة المعارف، الرياض.
• مطوية بعنوان (أبناؤنا والصلاة) لـ(عبد الملك القاسم) طباعة دار القاسم بالرياض
مراجع على جهاز الحاسوب
• برنامج: القرآن الكريم، الإصدار:
7.01، شركة حرف لتقنية المعلومات.
• برنامج: البيان فيما اتفق عليه الشيخان، الإصدار: 1,1، 1996م
شركة صخر لبرامج الحاسب.
• برنامج : الحديث الشريف (الكتب التسعة)، الإصدار 2.00، 1997م
ويشمل (( فتح الباري بشرح صحيح البخاري )) لابن حجر، و (( شرح مسلم )) للنووي ،
و (( وتحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي )) ، و (( شرح سنن النسائي )) للسندي
وآخر للسيوطي ، و (( عون المعبود شرح سنن أبي داود )) ، و (( شرح سنن ابن ماجة ))
للسندي ، و (( المنتقى شرح موطأ مالك)) ، شركة صخر لبرامج الحاسب
(شركة البرامج الإسلامية الدولية).
• برنامج الْمُحَدِّث ، الإصدار 8.63 ، تحت تصميم وإدارة طلبة دار الحديث النبوي سابقاً ،
واشنطن ، أمريكا.
• الموسوعة الحديثية المصغرة ، الجامع الصغير وزياداته (السيوطي - الألباني) ،
فيض القدير شرح الجامع الصغير 1420هـ 2000م ، الإصدار الثالث ،
مركز نور الإسلام لأبحاث القرآن والسنة.


بسم الله الرحمن الرحيم
نحمد الله تعالى ، ونصلي ونسلم على نبيه الكريم ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
إقرار

أقر أنا :حسان بن سالم آل عيد ، الموقع أدناه ، أقر بأنني سمحت بطباعة الكتاب المسمى :
(المشكاة في تربية الصغار على الصلاة) وهو من إعدادي ، سمحت بطباعته طباعة
خيرية أَوْ تجارية أَوْ غير ذلك ، وسمحت بالاقتباس منه أَوْ تصويره أَوْ برمجته
على الحاسوب في أَيْ بلد من بلاد العالم سواء أكان للتوزيع الخيري أَوْ التجاري أَوْ غير ذلك ،
وسمحت بالاستفادة من الكتاب بأي طبعة من طبعاته بأي طريقة ذُكِرَتْ أَوْ لم تُذْكَرْ ،
ولا أسمح أن تتغير المعلومات التي في الكتاب أَوْ تُحَرَّف ثم تُنْسب إلَيَّ ،
وفعلت ذلك لكي يستفاد من الكتاب ، ولا أريد من أحد جزاءً ولا شكوراً ،
وهذا إقرار مني بذلك ، وأدعو الله ïپ• أن يكون عِلْماً يُنتفع به ، وأن يغفر الله لي ،
ويرحم والدَيَّ ، وأن يوفقنا لصالح الأعمال ، وأن يتقبل منا ،
وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ؛ إنه قريب مجيب الدعاء .
وصلى الله على خاتم الأنبياء وعلى آله وصحبه ومن اتبعه إِلى يوم الدين .
.
المقر : حسان بن سالم عيد
التوقيع :
التاريخ : 21 من رجب 1420هـ

تم بحمد الله





 


رد مع اقتباس
إضافة رد

(عرض التفاصيل الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع منذ بعد 03-04-2024, 12:57 AM (إعادة تعين) (حذف)
لا توجد أسماء لعرضهـا.
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:43 PM بتوقيت الرياض


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون