~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~ | |
|
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||||||
|
||||||||||||||
القرآن مُيَسَّرٌ للحِفْظ
د. محمود بن أحمد الدوسري
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد: حِفْظُ القرآن العظيم هو الأصل في تلقِّيه: قال تعالى: ﴿ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ﴾ [العنكبوت: 49]. فقد أكرم الله تعالى هذه الأمة بأن جعل قلوبَ صالحيها أوعيةً لكلامه، وصدورَهم مصاحف لحفظ آياته. وقال الله عزّ وجل لنبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم كما جاء في الحديث القدسي: «إنَّمَا بَعَثْتُكَ لأَبْتَلِيَكَ وأَبْتَلِيَ بِكَ، وأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتاباً لا يَغْسِلُهُ المَاءُ، تَقْرَؤُهُ نَائِماً ويَقْظانَ»[1]. فمعنى ذلك: أن القرآن العظيم محفوظ في الصُّدور لا يتطرق إليه الذهاب، بل يبقى على مَرِّ الزمان [2]. ومن أعظم نعم الله تعالى على عباده أنْ يَسَّرَ لهم حِفْظَ القرآن الكريم؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17، 22، 32، 40]. «أي: سَهَّلناه للحفظ وأَعَنَّا عليه مَنْ أراد حِفْظَه، فهل مِنْ طالبٍ لحفظه فَيُعَانُ عليه؟»[3]. وقوله تعالى: ﴿ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ «أي: فهل مِنْ مُتَّعِظٍ به، حافظٍ له؟ والاستفهام هنا بمعنى الأمر؛ أي: احفظوه واتَّعِظوا به»[4]. والمتأمِّل في هذه الآية الكريمة يجد أن الله تبارك وتعالى أكَّدَ تيسير حفظ كتابه بمؤكدات متعدِّدة قويَّة، منها: القَسَم ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ﴾، ومنها: التعبير بنون العظمة ﴿ يَسَّرْنَا ﴾، ومنها: تكرار هذه الآية أربع مرات في سورة القمر. والواقع المشاهَد يُصَدِّقُ هذا التَّيسير، فقد حَفِظَ القرآنَ حُفَّاظٌ لا يُحصَون عدداً في كل جيل ومن كل قَبيل، لا يُخطئُ أحدُهم في كلمة ولا حرف، سواء كانوا عرباً أم عجماً، وأكثَرُ الحفاظ العجم لا يعرفون من العربية شيئاً، وربما قرأ الواحد منهم القراءات السَّبع والعشر عن ظهر قلب[5]. وقد عَدَّ الإمام أبو الحسن الماوردي رحمه الله هذا الأمر وَجْهاً من وجوه إعجاز القرآن العظيم وخصائصه التي تَميَّز بها عن سائر كتب الله تعالى، فقال: «مِنْ إِعجازِه تيسيره على جميع الألسنة، حتى حَفِظَه الأعجميُّ الأبكم، ولا يُحفظ غيره من الكتب كحفظه، وما ذاك إلاَّ بخصائص إلهية فَضَّله بها على سائر كتبه»[6]. وقال ابن الجَزَري رحمه الله: «ثُمَّ إِنَّ الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور لا على حفظ المصاحف والكتب، وهذه أشرف خِصِّيصة من الله تعالى لهذه الأمة»[7]. وحِفْظُ القرآن العظيم فيه تأسٍّ بالسَّلف الصالح، فهو أصل الأصول، والمعَوَّل عليه في جميع الأمور، وهو مرجعٌ أساس لسائر المناهج والعلوم، فكانوا لا يبدؤون إلاَّ به، وما أن نقرأ في ترجمة أحدٍ من أهل العلم إِلاَّ ونرى في سيرته: حَفِظَ القرآنَ الكريم، ثم ابتدأ بطلب العلم [8]. وكان كثير من السَّلف رحمهم الله يرفضون تدريس الحديث وغيره من العلوم للحَدَثِ؛ حتى يحفظ القرآن أولاً. قال النَّووي رحمه الله: «كان السلف لا يُعَلِّمُون الحديث والفقه إلاَّ لمن يحفظ القرآن»[9]. وعَدَّ ابنُ جماعة رحمه الله الأدبَ الأوَّلَ من آداب طالب العلم: «أن يبتدئ بكتاب الله العزيز، فيتقنه حفظاً، ويجتهد على إتقان تفسيره وسائر علومه، فإنه أصلُ العلم وأُمُّها وأهَمُّها»[10]. ولم يترك النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أمراً فيه تشجيع على حِفْظِ القرآن العظيم إلاَّ سلكه، فكان يُفاضِل بين أصحابه الكرام في حفظ القرآن، فيعقد الرَّاية لأكثرهم حفظاً. وإذا بعث بعثاً جعل أميرَهم أحفَظَهم للقرآن، وإمامَهم في الصلاة أكثَرَهم قراءةً للقرآن، ويُقدِّم لِلَّحْد في القبر أكثرَهم أخذاً للقرآن، ورُبَّما زَوَّج الرجلَ على ما يحفظه في صدره من القرآن [11]. [1] رواه مسلم، (4/ 2197)، (ح2865). [2] انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (17/ 204). [3] تفسير القرطبي (17/ 134). [4] تفسير الجلالين (ص706). [5] انظر: كيف تتوجه إلى العلوم والقرآن الكريم مصدرها، د. نور الدين عتر (ص83، 84). [6] أعلام النبوة (ص69) باختصار. [7] النَّشر في القراءات العشر (1/ 6). [8] انظر: الكلمات الحسان فيما يُعين على الحفظ والانتفاع بالقرآن (ص43-46). [9]المجموع (1/ 38). [10] تذكرة السامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلم (ص166، 167). [11]انظر: ورتل القرآن ترتيلاً (ص69). المواضيع المتشابهه: |
04-13-2022 | #4 |
[IMG]http
|
رد: القرآن مُيَسَّرٌ للحِفْظ
بارك الله في جهودك الطيبة وجزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك يارب العالمين
بانتظار جديدك بكل شوق حبيبتي روح |
|
04-14-2022 | #6 |
|
رد: القرآن مُيَسَّرٌ للحِفْظ
روح الأمل
جزاك الله خير الجزاء ونفع بك سلمت أناملك على الطرح القيم ويعطيك العافية على المجهود المبذول ما ننحرم من فيض عطائك وإبداعك لك تحياتي وفائق شكري ولك كل الود كنت هنا اميرة الحب |
|
كاتب الموضوع | روح الأمل | مشاركات | 10 | المشاهدات | 442 | | | | انشر الموضوع |
(عرض التفاصيل) عدد الأعضاء الذين شاهدوا الموضوع : 8 (إعادة تعين) | |
, , , , , , , |
|
|