~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~

عدد مرات النقر : 328
عدد  مرات الظهور : 1,818,028


عدد مرات النقر : 328
عدد  مرات الظهور : 1,818,028

العودة   منتديات وهج الذكرى > ღ القـسم الاسـلامي ღ > نفحــات ايمانيـة
نفحــات ايمانيـة يختص بالمواضيع الاسلامية العامة على منهج أهل السنة والجماعة
التعليمـــات روابط مفيدة
إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 05-03-2023
ملكة الحنان غير متواجد حالياً
اوسمتي
تكريم اكتوبر المراقبة المتميزة وسام العيد مع الجوري مسابقة نجم سهيل 
لوني المفضل Green
 رقم العضوية : 3574
 تاريخ التسجيل : Jun 2020
 فترة الأقامة : 1417 يوم
 أخر زيارة : 10-24-2023 (12:55 PM)
 المشاركات : 24,462 [ + ]
 التقييم : 2147483647
 معدل التقييم : ملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond reputeملكة الحنان has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 1
تم شكره 1,871 مرة في 1,517 مشاركة

اوسمتي

افتراضي التصور الشرعي لمجاهدة النفس ومضامينه التربوية



التصور الشرعي لمجاهدة النفس ومضامينه التربوية

قال الله تعـالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].
قال القرطبي رحمه الله: إن الجهاد في الآية جهـادٌ عامٌّ في دين الله وطلب مرضاته، وقيل: هـي في الذين يعملون بما يعلمون، قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله: إنما قصر بنا عن علم ما جهلنا تقصيرنا في العمل بما علمناه، ولو عملنا ببعض ما علمنا لأورثنا علمًا لا تقـوم به أبداننا؛ قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 282]، وقيل: إن الجهاد في الآية هو نصر الدين، والرد على المبطلين، وقمع الظالمين، وعظمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنه مجاهدة النفوس في طاعة الله.
﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69]؛ أي: إن الله سبحانه معهم بالنصرة والمعونة والحفظ والهداية[1].
وقال ابن كثير رحمه الله:﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا ﴾ [العنكبوت: 69]؛ يعني: الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، ﴿ لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾ [العنكبوت: 69]؛ أي: لنبصرنهم سبلنا وطرقنا في الدنيا والآخرة، ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69]؛ قـال عيسى بن مريم عليه السلام: إنما الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك؛ ليس الإحسان أن تحسن إلى من أحسن إليك[2].
وقال السعدي رحمه الله: إن من أحسن فيما أمره الله به، أعانه الله، ويسَّر له أسباب الهداية، وأن من جد واجتهد في طلب العلم الشرعي، فإنه يحصل له من الهداية والمعونة على تحصيل مطلوبه أمورٌ إلهية خارجة عن مدرك اجتهاده، فإن طلب العلم الشرعي من الجهاد في سبيل الله؛ بل هو أحد نوعي الجهاد الذي لا يقوم به إلا خواصُّ الناس، وهو الجهاد بالقول واللسان للكفار والمنافقين، والجهاد على تعليم أمور الدين، وعلى ردِّ نزاع المخالفين للحق ولـو كانـوا مسلمـين[3].
المضامين التربوية:
إن جهاد النفس أمرٌ ترغب فيه الشريعة الإسلامية أيما ترغيب؛ لأن الحياة بطبيعتها حياة يتطلب العيش فيها جد وعمل ودعوة وكبد وصبر ومصابرة، ولا يتأتَّى ذلك إلا بالمجاهدة والمصابرة. وهناك أنواع متعددة من الجهاد، فهناك الجهاد في بر الوالدين والإحسـان إليهما؛ فقد ورد عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فاستأذنه في الجهاد، فقال: أحيٌّ والداك، قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد"[4].
وهناك جهاد العبادات، فقــــد ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قـــــال: "شدوا الرحال في الحج؛ فإنه أحد الجهادين"[5]، وهناك جهاد النفس وقمع شهواتها؛ قـال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبركم بالمؤمن؛ من أمَّنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب"[6].
وعلق ابن القيم رحمه الله على ذلك بقوله: "جهاد النفس مقدم على جهاد العدو في الخارج وأصل له، فإنه من لم يجاهد نفسه أولًا؛ لتفعل ما أمرت به، وتترك ما نهيت عنه، ويحاربها في الله لم يتمكَّن من جهاد عدوِّه في الخارج، فكيف يمكنه جهاد عدوه، والانتصاف منه، وعدوُّه الذي بين جنبيه قاهرٌ له متسلِّطٌ عليه لم يجاهده، ولم يُحاربه في الله؛ بل لا يمكنه الخروج إلى عدوِّه حتى يُجاهد نفسه عـلى الخروج"[7].
وهناك جهاد تحمُّل المشاقِّ في تربية الأسرة، وطلب الرزق المشروع لهـا؛ فقد ورد في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "بينما نحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا شابٌّ من الثنية، فلما رأيناه بأبصارنا قلنا: لو أن هذا الشاب جعل شبابه ونشاطه وقوَّتَه في سبيل الله، قال: فسمع مقالتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((وما سبيل الله إلا من قتل؟ مَنْ سعى على والديه ففي سبيل الله، ومَن سعى على عياله ففي سبيل الله، ومن سعى على نفسه ليعفَّها ففي سبيل الله، ومن سعى على التكاثر، فهــو في سبيل الشيطان))[8].
وإجمالًا فكل أمر يحتاج إلى بذل مجهود وصبر ومجاهدة النفس؛ لكسب رضا الله تعالى، إما بفعل مأمور أو ترك محظور، فهو جهاد في الله تعالى، وما كان لله سبحانه خالصًا، فقد وعد سبحانه وتعالى بتهيئة أسباب النصر والمعونة والتوفيق والسداد لإنجاز العمل المجاهد من أجله، وكل ذلك واقع ومجرَّب ومشاهد على مرأى ومسمع من العقلاء والمبصرين.
وتتضمن الآية الكريمة موضوع هذا المبحث مضامين وإرشادات تربوية جليلة القدر رفيعة الشأن عظيمة النفع، ومنها:
أولًا: الثقة بوعد الله عز وجل بالهداية والنصر والتوفيق والسداد لكل من جاهد فيه بأي نوع من أنواع الجهاد، وهذه تكسب الإنسان المسلم الشعور بالاطمئنان، والاستقرار النفسي، والمزيد من الأعمال الصالحة، والسعادة في الدنيا والآخرة.
ثانيًا: أخذ التدابير والخطط والاحتياطات اللازمة لكل جهاد شرع فيه الإنسان، فلا تترك الأمور للمصادفة والعشوائية والفوضى، فلا بد من بذل أقصى الجهد لتحقيق الجهاد المطلوب.
ومن جاهد في طلب العلم الشرعي، فينبغي له أخذه على يدي العلماء الموثوق بعلمهم وإخلاصهم، والرجوع في ذلك أيضًا إلى الكتب الموثقة، والمعروف عن مؤلفيها الصلاح والتقوى، وكذلك من جاهد على أسرته وتربية أولاده، فعليه دراسة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح رضوان الله عليهم، وكيف تعاملوا مع أُسَرهم وربَّوا أولادهم وذويهم، والاستفادة والاستزادة من كتب التربية الحديثة حتى يكون تعامُله وتربيته مع أهله وأولاده وفق منهج إسلامي صحيح يجمع بين الأصالة والمعاصرة، يُؤتي أكله بالنافع المفيد بإذن الله تعالى، ويعود عليهم وعلى مجتمعهم، وأُمَّتهم بالخير والفلاح.
ثالثًا: الجهاد في سبيل الله عامٌّ لكل ما يقرب من الله تعالى حتى المشاورة في طلب الحق، فقد أورد علاء الدين الكاساني رحمه الله، أنه روي أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول لأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما: ((قولا؛ فإني فيما لم يوح إليَّ مثلكما))، ولأن المشاورة في طلب الحق من باب المجاهدة في الله عز وجل، فيكون سببًا للوصول إلى سبيل الرشاد؛ قال الله عز وجـل: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾ [العنكبوت: 69]"[9].
رابعًا: وجه الله سبحانه وتعالى عباده بأنه معهم، ولن يتخلَّى عنهم إذا هم أطاعوه واتَّبعوا أمره؛ بل كانوا من المحسنين فيما أمرهم به وفيما نهاهم عنه، ومن ضمن ذلك الجهاد بأنواعه المختلفة.
والإحسان خلق إسلامي سامٍ رغب إليه الإسلام، ويشمل الإحسان في كل شيء، وجاء في حديث جبريل عليه السلام المشهور الذي رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ((قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك))[10]، والعبادة كما هو معروف: اسم جامع لكل ما يحبُّه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
ولذلك ينبغي على المسلم التخلُّق بخلق الإحسان في أقواله وأفعاله الظاهرة والباطنة، وغرس هذا الخلق في أولاده وأسرته وكل من حوله، فالأخلاق الفاضلة التي تصل إلى درجة الإحسان لها تأثير إيجابي كبير في الآخرين وفي صلاح الفرد والمجتمع والأمة، فضلًا عن الأجر العظيم الذي أعدَّه الله تعالى لهم في الدنيا والآخرة.

[1] القرطبي؛ الجامع لأحكام القرآن، ج 13، ص 365،364.
[2] ابن كثير؛ تفسير القرآن العظيم، ج3، ص324.
[3] السعدي؛ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص586،585.
[4] البخاري؛ صحيح البخاري، باب: الجهاد بإذن الأبوين، حديث رقم: 3004، ج11، ص 35.
[5] البخاري، صحيح البخاري، باب: الحج على الرحل، حديث رقم: 1516، ج6، ص51.
[6] الطبراني، المعجم الكبير، حديث رقم 796، ج 18، ص 309، الألباني، السلسلة الصحيحة، حديث رقم 549، ج 2، ص 48.
[7] ابن القيم؛ زاد المعاد في هدي خير العباد، ج3، ص 6.
[8] البيهقي، السنن الكبرى، حديث رقم 18280، ج9، ص 25، الألباني، السلسلة الصحيحة، حديث رقم 3248، ج13، ص 51.


[9] الكاساني؛ بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج7، ص12، السرخسي، المبسوط، ج 16، ص130.
[10] مسلم؛ صحيح مسلم، باب: بيان الإيمان والإسلام والإحسان، ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله سبحانه وتعالى، حديث رقم 1، ج 1، ص 36.



قال الله تعـالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].
قال القرطبي رحمه الله: إن الجهاد في الآية جهـادٌ عامٌّ في دين الله وطلب مرضاته، وقيل: هـي في الذين يعملون بما يعلمون، قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله: إنما قصر بنا عن علم ما جهلنا تقصيرنا في العمل بما علمناه، ولو عملنا ببعض ما علمنا لأورثنا علمًا لا تقـوم به أبداننا؛ قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 282]، وقيل: إن الجهاد في الآية هو نصر الدين، والرد على المبطلين، وقمع الظالمين، وعظمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنه مجاهدة النفوس في طاعة الله.
﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69]؛ أي: إن الله سبحانه معهم بالنصرة والمعونة والحفظ والهداية[1].
وقال ابن كثير رحمه الله:﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا ﴾ [العنكبوت: 69]؛ يعني: الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، ﴿ لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾ [العنكبوت: 69]؛ أي: لنبصرنهم سبلنا وطرقنا في الدنيا والآخرة، ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69]؛ قـال عيسى بن مريم عليه السلام: إنما الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك؛ ليس الإحسان أن تحسن إلى من أحسن إليك[2].
وقال السعدي رحمه الله: إن من أحسن فيما أمره الله به، أعانه الله، ويسَّر له أسباب الهداية، وأن من جد واجتهد في طلب العلم الشرعي، فإنه يحصل له من الهداية والمعونة على تحصيل مطلوبه أمورٌ إلهية خارجة عن مدرك اجتهاده، فإن طلب العلم الشرعي من الجهاد في سبيل الله؛ بل هو أحد نوعي الجهاد الذي لا يقوم به إلا خواصُّ الناس، وهو الجهاد بالقول واللسان للكفار والمنافقين، والجهاد على تعليم أمور الدين، وعلى ردِّ نزاع المخالفين للحق ولـو كانـوا مسلمـين[3].
المضامين التربوية:
إن جهاد النفس أمرٌ ترغب فيه الشريعة الإسلامية أيما ترغيب؛ لأن الحياة بطبيعتها حياة يتطلب العيش فيها جد وعمل ودعوة وكبد وصبر ومصابرة، ولا يتأتَّى ذلك إلا بالمجاهدة والمصابرة. وهناك أنواع متعددة من الجهاد، فهناك الجهاد في بر الوالدين والإحسـان إليهما؛ فقد ورد عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فاستأذنه في الجهاد، فقال: أحيٌّ والداك، قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد"[4].
وهناك جهاد العبادات، فقــــد ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قـــــال: "شدوا الرحال في الحج؛ فإنه أحد الجهادين"[5]، وهناك جهاد النفس وقمع شهواتها؛ قـال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبركم بالمؤمن؛ من أمَّنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب"[6].
وعلق ابن القيم رحمه الله على ذلك بقوله: "جهاد النفس مقدم على جهاد العدو في الخارج وأصل له، فإنه من لم يجاهد نفسه أولًا؛ لتفعل ما أمرت به، وتترك ما نهيت عنه، ويحاربها في الله لم يتمكَّن من جهاد عدوِّه في الخارج، فكيف يمكنه جهاد عدوه، والانتصاف منه، وعدوُّه الذي بين جنبيه قاهرٌ له متسلِّطٌ عليه لم يجاهده، ولم يُحاربه في الله؛ بل لا يمكنه الخروج إلى عدوِّه حتى يُجاهد نفسه عـلى الخروج"[7].
وهناك جهاد تحمُّل المشاقِّ في تربية الأسرة، وطلب الرزق المشروع لهـا؛ فقد ورد في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "بينما نحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا شابٌّ من الثنية، فلما رأيناه بأبصارنا قلنا: لو أن هذا الشاب جعل شبابه ونشاطه وقوَّتَه في سبيل الله، قال: فسمع مقالتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((وما سبيل الله إلا من قتل؟ مَنْ سعى على والديه ففي سبيل الله، ومَن سعى على عياله ففي سبيل الله، ومن سعى على نفسه ليعفَّها ففي سبيل الله، ومن سعى على التكاثر، فهــو في سبيل الشيطان))[8].
وإجمالًا فكل أمر يحتاج إلى بذل مجهود وصبر ومجاهدة النفس؛ لكسب رضا الله تعالى، إما بفعل مأمور أو ترك محظور، فهو جهاد في الله تعالى، وما كان لله سبحانه خالصًا، فقد وعد سبحانه وتعالى بتهيئة أسباب النصر والمعونة والتوفيق والسداد لإنجاز العمل المجاهد من أجله، وكل ذلك واقع ومجرَّب ومشاهد على مرأى ومسمع من العقلاء والمبصرين.
وتتضمن الآية الكريمة موضوع هذا المبحث مضامين وإرشادات تربوية جليلة القدر رفيعة الشأن عظيمة النفع، ومنها:
أولًا: الثقة بوعد الله عز وجل بالهداية والنصر والتوفيق والسداد لكل من جاهد فيه بأي نوع من أنواع الجهاد، وهذه تكسب الإنسان المسلم الشعور بالاطمئنان، والاستقرار النفسي، والمزيد من الأعمال الصالحة، والسعادة في الدنيا والآخرة.
ثانيًا: أخذ التدابير والخطط والاحتياطات اللازمة لكل جهاد شرع فيه الإنسان، فلا تترك الأمور للمصادفة والعشوائية والفوضى، فلا بد من بذل أقصى الجهد لتحقيق الجهاد المطلوب.
ومن جاهد في طلب العلم الشرعي، فينبغي له أخذه على يدي العلماء الموثوق بعلمهم وإخلاصهم، والرجوع في ذلك أيضًا إلى الكتب الموثقة، والمعروف عن مؤلفيها الصلاح والتقوى، وكذلك من جاهد على أسرته وتربية أولاده، فعليه دراسة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح رضوان الله عليهم، وكيف تعاملوا مع أُسَرهم وربَّوا أولادهم وذويهم، والاستفادة والاستزادة من كتب التربية الحديثة حتى يكون تعامُله وتربيته مع أهله وأولاده وفق منهج إسلامي صحيح يجمع بين الأصالة والمعاصرة، يُؤتي أكله بالنافع المفيد بإذن الله تعالى، ويعود عليهم وعلى مجتمعهم، وأُمَّتهم بالخير والفلاح.
ثالثًا: الجهاد في سبيل الله عامٌّ لكل ما يقرب من الله تعالى حتى المشاورة في طلب الحق، فقد أورد علاء الدين الكاساني رحمه الله، أنه روي أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول لأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما: ((قولا؛ فإني فيما لم يوح إليَّ مثلكما))، ولأن المشاورة في طلب الحق من باب المجاهدة في الله عز وجل، فيكون سببًا للوصول إلى سبيل الرشاد؛ قال الله عز وجـل: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾ [العنكبوت: 69]"[9].
رابعًا: وجه الله سبحانه وتعالى عباده بأنه معهم، ولن يتخلَّى عنهم إذا هم أطاعوه واتَّبعوا أمره؛ بل كانوا من المحسنين فيما أمرهم به وفيما نهاهم عنه، ومن ضمن ذلك الجهاد بأنواعه المختلفة.
والإحسان خلق إسلامي سامٍ رغب إليه الإسلام، ويشمل الإحسان في كل شيء، وجاء في حديث جبريل عليه السلام المشهور الذي رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ((قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك))[10]، والعبادة كما هو معروف: اسم جامع لكل ما يحبُّه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
ولذلك ينبغي على المسلم التخلُّق بخلق الإحسان في أقواله وأفعاله الظاهرة والباطنة، وغرس هذا الخلق في أولاده وأسرته وكل من حوله، فالأخلاق الفاضلة التي تصل إلى درجة الإحسان لها تأثير إيجابي كبير في الآخرين وفي صلاح الفرد والمجتمع والأمة، فضلًا عن الأجر العظيم الذي أعدَّه الله تعالى لهم في الدنيا والآخرة.

[1] القرطبي؛ الجامع لأحكام القرآن، ج 13، ص 365،364.
[2] ابن كثير؛ تفسير القرآن العظيم، ج3، ص324.
[3] السعدي؛ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص586،585.
[4] البخاري؛ صحيح البخاري، باب: الجهاد بإذن الأبوين، حديث رقم: 3004، ج11، ص 35.
[5] البخاري، صحيح البخاري، باب: الحج على الرحل، حديث رقم: 1516، ج6، ص51.
[6] الطبراني، المعجم الكبير، حديث رقم 796، ج 18، ص 309، الألباني، السلسلة الصحيحة، حديث رقم 549، ج 2، ص 48.
[7] ابن القيم؛ زاد المعاد في هدي خير العباد، ج3، ص 6.
[8] البيهقي، السنن الكبرى، حديث رقم 18280، ج9، ص 25، الألباني، السلسلة الصحيحة، حديث رقم 3248، ج13، ص 51.


[9] الكاساني؛ بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج7، ص12، السرخسي، المبسوط، ج 16، ص130.
[10] مسلم؛ صحيح مسلم، باب: بيان الإيمان والإسلام والإحسان، ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله سبحانه وتعالى، حديث رقم 1، ج 1، ص 36.


المواضيع المتشابهه:



 توقيع :

رد مع اقتباس
2 أعضاء قالوا شكراً لـ ملكة الحنان على المشاركة المفيدة:
 (05-04-2023),  (05-03-2023)
قديم 05-03-2023   #2
[IMG]http


الصورة الرمزية وردة الغرام
وردة الغرام غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3621
 تاريخ التسجيل :  Aug 2020
 أخر زيارة : منذ يوم مضى (09:30 AM)
 المشاركات : 232,149 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~





أي خيول سترك أعناقها في أساور هذا الندي

فهي مهرة يصعب ترويضها

قلب لا يعرف المستحيل
لوني المفضل : Beige
شكراً: 27,367
تم شكره 8,746 مرة في 6,629 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: التصور الشرعي لمجاهدة النفس ومضامينه التربوية



بارك الله فيك وجزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك يارب العالمين

بانتظار جديدك بكل شوق حبيبتي ملوكه



 
 توقيع :


اشكرك من كل قلبي حبيبتي نجمتنا



رد مع اقتباس
قديم 05-03-2023   #3


الصورة الرمزية عاشق القصيد
عاشق القصيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1107
 تاريخ التسجيل :  Apr 2013
 أخر زيارة : منذ 11 ساعات (03:44 AM)
 المشاركات : 141,640 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Gainsboro
شكراً: 2
تم شكره 4,694 مرة في 3,457 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: التصور الشرعي لمجاهدة النفس ومضامينه التربوية



ملكة الحنان
بارك الله فيك
على هذا الطرح المفيد
جعله في موازين حسناتك
تحياتي لك



 
 توقيع :


رد مع اقتباس
قديم 05-03-2023   #4


الصورة الرمزية شموخ الكلمة
شموخ الكلمة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2093
 تاريخ التسجيل :  Feb 2016
 أخر زيارة : منذ 3 أسابيع (12:39 AM)
 المشاركات : 53,442 [ + ]
 التقييم :  7666
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Aliceblue
شكراً: 133
تم شكره 2,311 مرة في 1,896 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: التصور الشرعي لمجاهدة النفس ومضامينه التربوية



بارك اللـه فيك على الطـرح القيــم
جزاكـ اللـه خيـر ونفــع بك ..




 
 توقيع :


يسلم قلبك نجمـة ليـل



رد مع اقتباس
قديم 05-04-2023   #5


الصورة الرمزية همس المطر
همس المطر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2568
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 أخر زيارة : منذ 14 ساعات (11:56 PM)
 المشاركات : 223,283 [ + ]
 التقييم :  2111227722
 الدولهـ
Oman
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Rosybrown
شكراً: 12,944
تم شكره 10,861 مرة في 8,311 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: التصور الشرعي لمجاهدة النفس ومضامينه التربوية



جزاكِ الله خير الجزاء

أسعدك الله



 
 توقيع :






رد مع اقتباس
قديم 05-05-2023   #6


الصورة الرمزية ريماس
ريماس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1531
 تاريخ التسجيل :  Jun 2014
 أخر زيارة : 02-26-2024 (10:42 PM)
 المشاركات : 81,587 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 1,710
تم شكره 4,734 مرة في 3,962 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: التصور الشرعي لمجاهدة النفس ومضامينه التربوية



جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك



 
 توقيع :






رد مع اقتباس
قديم 05-21-2023   #7


الصورة الرمزية حبيب الابتسامه
حبيب الابتسامه غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4155
 تاريخ التسجيل :  May 2023
 أخر زيارة : 05-27-2023 (10:23 PM)
 المشاركات : 3,523 [ + ]
 التقييم :  1992
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 33
تم شكره 60 مرة في 37 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: التصور الشرعي لمجاهدة النفس ومضامينه التربوية



جزيتم كل الجزاء موضوع قيم وجميل
ربي يوفقكم ويزيد من حسناتكم



 


رد مع اقتباس
قديم 09-26-2023   #8


الصورة الرمزية اسير الذكريات
اسير الذكريات غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3852
 تاريخ التسجيل :  Sep 2021
 أخر زيارة : 01-07-2024 (01:13 AM)
 المشاركات : 22,363 [ + ]
 التقييم :  13891
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 127
تم شكره 499 مرة في 421 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: التصور الشرعي لمجاهدة النفس ومضامينه التربوية




..



جزَآك آللَه خَيِرآ
علىَ طرحكَ الرٍآَئع وَآلقيَم
وًجعله فيِ ميِزآن حسًنآتكْ
وًجعلَ مُستقرَ نَبِضّكْ
الفًردوسَ الأعلى
دمت بحفظ الله





 
 توقيع :


رد مع اقتباس
قديم 10-23-2023   #9


الصورة الرمزية احمد الحلو
احمد الحلو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3774
 تاريخ التسجيل :  Apr 2021
 أخر زيارة : منذ 4 ساعات (10:39 AM)
 المشاركات : 110,569 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Lebanon
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkred
شكراً: 3,769
تم شكره 1,902 مرة في 1,014 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: التصور الشرعي لمجاهدة النفس ومضامينه التربوية



جُزيت خيراً

جهد مميز وراقي سلمت الايادي

سوسنتي الحلوة

احمد الحلو




 
 توقيع :







رد مع اقتباس
إضافة رد
كاتب الموضوع ملكة الحنان مشاركات 8 المشاهدات 117  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع

(عرض التفاصيل عدد الأعضاء الذين شاهدوا الموضوع : 8 (إعادة تعين)
, , , , , , ,

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 02:53 PM بتوقيت الرياض


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون
Designed and Developed by : Jinan al.klmah