الحسجه....

الحسجه....
من مفردات جنوب العراق ...
حين يتكلم أحد الاشخاص بكلام مختصر وقول موجز ليست فيه إطالة ولا يحتوي على أية أعاده وإنما كل كلمة يتفوه بها تعطي معنى يغني عن كلام طويل ياخذ وقتا ويتطلب جهدا من قائله..
يقال عنه انه ..يقول أو يتكلم..او..يحجي حسجه..
عندما يريد أحد أن ينبه شخصا آخر على قطيعته له وعدم تواصله به دون غيره من الأصحاب فإنه يختصر كلامه بكلمتين أو ثلاث فيقول له..
تعاين بعين وحده..
يفهم هذا إنه ينتقده لأنه لا يتواصل معه كما يتواصل مع الآخرين وكأنه ينظر بعين واحدة متجه نحو الآخرين...
قد يحل ضيفا على أحدهم والوقت تجاوز وقت الظهر حيث وجبة الغداء فإنه يستقبل ضيفه ويرحب به ويجلسه مجلسه ثم يقول له..صبحكم الله بالخير..الضيف يتفهم ما يقصده مضيفه فيرد عليه بإحدى العبارتين..
أما يرد القول كما هو فيقول..صبحكم الله بالخير..وهنا يعرف صاحب المنزل أن ضيفه لم يتناول وجبة غداءه بعد وعليه أن يعد وجبة الغداء التي تليق بضيفه..
أو يقول..مساكم الله بالخير..وهي تعني أن الضيف قد تناول وجبة غداءه في مكان آخر..
في الشعر الشعبي تظهر الحسجة واضحة ...
هذه امرأة جميلة ومتزوجة أعجب بها شخص آخر وحاول أن يتودد إليها ليأخذها من زوجها فقالت له..
أم رجل وأم فروخ عيب النهيبه
ضل أبني بالكاروك تكدر تجيبه
وضحت له حالها وحال أطفالها وبينت له شناعة الأمر الذي يخطط له...
وهذه أخرى لا تريد أن يطلع أحد على حبها لشخص هي تحبه ولكنها تظهر أمام الآخرين أنها تكرهه وحتى لا يقع هو في شك من حبها له قالت...
أهلا وسهلا بيك بالكلب كلنا
ننصب عداوة وياك جدام أهلنا
أما ذلك الشاب الذي زج به في السجن ولم يقوم أحد بزيارته من أهله وعشيرته بالرغم من أنهم من المعروفين بين الناس بالكرم والشجاعة فأرسل اليهم رسالة مع أحد الأشخاص يقول فيها...
أرد أنشد الماشين أحبابي وعداي
شالسبب هرشي يموت وأصله بوسط ماي
وتلك المرأة التي طلقها زوجها وترك معها طفل رضيع منذ عدة سنين وقد شاءت الصدف أن ألتقت به في أحد الأسواق فعرفها ولكنه بقي يتأمل في ذلك الشاب الذي يرافقها ويقول في نفسه هل هو أبنه الذي أبتعد عنه طوال تلك المدة..
فما كان منها إلا أن قالت..
يا الشتاتل العودين خضر فرد عود
لا ينشرى وينباع لا منه موجود
أما في الفصحي فالبلاغة لها الأثر البارز في كلام العرب...
المرأة التي طلقها زوجها الغني وتزوجت شخصا آخر فقير الحال فأرسلت لطليقها رسالة تقول فيها..
في الصيف ضيعت اللبن..
ففهم ما تقصده وعرف حاجتها فأرسل إليها بقرة حلوبا..
وهذا الرجل الذي سرقت أمواله
فلجأ إلى الأمير ليشكو إليه
وأقام ببابِه سنةً فلم يؤذَن له
: فابتكَبر حيلةً وَصَل بها إليه ، وهي
: أنه حضر يوم الجمعة ونادَى
يا أهل بغداد اشهدوا علي بما أقول
وهو أن لي ما لَيس لله
وعندي ما ليس عند الله
ومعي ما لم يخلُقه الله
وأحب الفتنة وأكره الحق
وأشهد بما لم أرَ
وأصلي بغير وضوء
فلما سمعه الناس حملوه إلى المأمون
فقال له : ما الذي بلغني عنك ؟
فقال : صحيح
قال : فما حملك على هذا
قال : قُطع علي وأخذ مالي ولي ببابك سنة لم يؤذن لي
ففعلت ما سمعت لأراك وأبلغك لترد عليَّ مالي
قال : لكَ ذلك إن فسَّرتَ ما قلتَ
قال : نعم
أما قولي : إن لي ما ليس لله
فلي زوجة ووَلَد ، وليس ذلك لله
وقولي عندي ما ليس عند الله
فعندي الكذب والخديعة ، والله بريء من ذلك
وقولي : معي ما لم يخلقه الله
فأنا أحفظ القرآن ، وهو غير مخلوق
وقولي : أحب الفتنة
فإني أحب المال والاولاد
لقوله تعالى : إنما أموالُكم وأولادكم فتنة
وقولي : أكره الحق
فأنا أكره الموت وهو حق
وقولي : أشهد بما لم أَرَ
فانا أشهد أن محمدا رسول الله , ولم أرَه
وقولي : أصلي بغير وضوء
فإني أصلي على النبي بغير وضوء

فاستحسن الأمير ذلك وعَوَّضه عن ماله.

ناطق العبيدي ,ريماس ,انسان و ملاك معجبون بهذا