قراءات ألمانية - أرجنتينية رباعية الأبعـــاد !

فروخ ألمانيا


في بوخوم ، كانت بطولة أوروبا للشبان في وقت مبكر من صيف 2004 ، وقتها تألق بالمنتخب الألماني الثنائي شفنستايجر و بودولسكي في تقديم مستوى مميز مما جعل
الإتحاد الألماني يطرح فكرة ضمهما للمنتخب الألماني الذي يستعد للمشاركة في Euro 2004 في البرتغال ، فكانت فرصة رائعة لصقل موهبتهما , وبناء جيل جديد .


في مالمو ، كانت بطولة أوروبا للشبان تبدأ في صيف آخر ، 2009 ، و كانت تلك البطولة هي بداية توغل أصول المهاجرين في المنتخبات الألمانية بالشكل الواضح ،
ولعل أبرز مواهب تلك البطولة هما الثنائي ، التركي الأصل مسعود أوزيل و التونسي الأصل خضيرة .


هذه المرة ، فازت ألمانيا ببطولة الشبان حين كتفوا يدي إيطاليا بنصف االنهائي و سحقوا الانجليز (المرشح الاول) بالأربعة في النهائي .
و بالنظر لألمانيا الآن في مونديال 2010 ، نرى كم هو مؤثر مستوى الرباعي (أوزيل - بودولسكي - شفنستايجر - خضيرة) .


المهرج لا يفوز !


الحمد لله إن الأرجنتين لم تفز باللقب ، حيث لا أستطيع أن أتصور أن يفوز مدرب " مهرج " بكأس العالم ، وقتها قد نفتح الباب على مصراعيه لفن جديد يُسمى :
التقبيل و العناق الحار بين المدرب و الاعبين !


هناك أداة مميزة قد إستعملها كثيرون من قبل ونجحوا ، أداة تحميس الاعبين ولا أجد أبلغ من الأسباني الشهير آراجونيس حين كان مدرباً لأتليتكو مدريد
في نهائي كأس الملك ضد ريال مدريد في موسم 1992 ، حين بقي الاعبون ينتظرون الخطة التكتيكة من المدرب ، إلا إن قيمة المباراة كانت وقتها تفوق
أي خطة تكتيكية مهما كان واضعها من عبقري ، هنا فقط يلعب الحماس الدور الأساسي .
قال آراجونيس : " تكتيك ؟ أي تكتيك ؟ إنه ريال مدريد في الملعب .. إقضوا عليه ! "
حتى مورينهو ، أشهر من يستعمل سلاح الحماس ، لم يكن لينجح في التفوق على برشلونة الرهيب لولا الخطة التكتيكية الرائعة التي جعلت جمالية برشلونة بلا فائدة .
وكلاهما ، آراجونيس و مورينهو ، حققا الانجاز بالفوز بعامل الحماس ، إلا إنه ومن خلال المثالين أعلاه فإن الحماس إما أن يصيب معك في وقت قصير تحت ظروف معينة (آراجونيس) ،
أو قد يكون عامل مكمل للتكتيك (مورينهو) .. ولكن مهرجنا مارادونا لا يملك من التكتيك شيء ، ورأس ماله فقط قبلتين على اليمين و الشمال .. و فن التسلية لمونديال ممل كثيراً .







المدرب ؟


كثيراً ما نُظر للأرجنتين في 2006 على إنها المنتخب المُنتظر ، خصوصاً بعدما عرفنا أخيراً من هو مارادونا الجديد بعد سنوات من الإنتظار ..
و رغم ذلك كانت مواجهة الأرجنتين × ألمانيا في دور الثمانية فوق إي إعتبارات .
كانت الأرجنتين تتقدم بهدف آيالا ؛ وحقيقةً لم تكن سوى مسألة وقت حتى تفوز الأرجنتين قبل أن يرتكب بيكرمان خطاً ثانياً حين أخرج ضابط إيقاع الميدان ريكيلمي .
الخطأ الأول طبعاً هو إبقاء ليونيل ميسي إحتياطياً .
فخسرت الأرجنتين بركلات الترجيح .
و كثيراً ما يُنظر للأرجنتين في 2010 على إنها المنتخب الموعود ، خصوصاً بعدما بدأ البعض في تفضيل مارادونا الجديد على القديم .. فكانت هناك هجمة غريبة ، أتلو تفاصيلها :
مولر يمرر كرة قصيرة لشفنستايجر الذي بدوره يراوغ دي ماريا ثم يبتعد عن يدي و قدمي باستوري ثم يراوغ أخيراً هيجواين قبل أن يمرر كرة فيها كثير من الثقة لزميله الذي بدوره يسجل هدفاً ثالثاً لألمانيا .


من يتأمل تلك التفاصيل يعتقد للوهلة الأولى إن شفنستايجر كان يراوغ في من منطقة الوسط ، ولكن حقيقةً فقد راوغ كل تلك الاسماء الهجومية الطابع في منطقة الدفاع !
نعم ، منطقة الدفاع .
و أتسائل كيف كان سيكون الوضع لو خافير زانيتي (الاعب التكتيكي المميز جداً بالانتر) موجوداً ؟
عوضاً عن جوتيريس لاعب الوسط أو أوتاميندي المتواضع !
يقول دييجو حين جلب جوتيريس لاعب نيوكاسل الناشط بالدرجة الثانية الإنجليزية :
" ليست مشكلة أن يلعب بالدرجة الثانية ، فأنا سأجلبه لجنوب أفريقيا حتى وإن كان لاعباً بالدرجة الثالثة ، انا لا أهتم أين يلعب الاعب طالما إنه يؤدي بشكل جيد "
مبدئياً ، صحيح .
ولكن ، إهمال خبرة و عنفوان خافير زانيتي كان حقاً سبب كبير في تدهور الخانة اليمنى ،
وهذا ربما ما كان يقصده يواخيم لوف حين ذكر بأن الارجنتين هي المرشحه للفوز ولكن لها بعض المشاكل .
(المشاكل = الخانة اليمنى) .
ولا داع لأن أتلو قصص أخرى عن أهداف ألمانية جاءت من الخانة اليمنى .
أعلاه تحدثنا عن الرباعي الألماني الذي بزغ من دورات أوروبا للشبان ، ولكن ماذا نقول عن قنبلة الموسم الأوروبي مولر ؟



يوم خاص !







أول لقاء دولي له كان ضد الأرجنتين في مباراة ودية في ميونخ ، حيث وقتها فازت الأرجنتين ..
و لكن قبلها - بشكل غير مقصود - إعتقد مارادونا إن مولر هو من يقوم بجمع الكرات حين رآه بالمؤتمر الصًحفي .
أعتقد إن مولر بعبقريته الرائعة إستطاع أن يجعل منتخب مارادونا هو من يجمع الكرات من الشبكة !
أربع مرات .
(إنظر أسفل الموضوع).


* * *


كثيراً ما يُنظر لمدرب بايرن ميونخ السابق (في 2009) يوب هاينكس بأنه المخترع الأول للموقع الجديد للموهبة
شفنستايجر الذي تحول من لاعب جناح إلى وسط ميدان يبدو إننا نتجرأ لأن نقول إنه الأفضل عالمياً .
وكثيراً ما تساءلنا أين سيلعب مولر بالمانشفات ، إلا إن جواب يواخيم لوف كان مثالياً في تحويله من رأس حربة متأخر إلى جناح مهاجم ؛ إستطاع أن يقدم مجدداً عهداً
رائعاً من عائلة مولر الشهيرة بالبطولات الالمانية بداية مع جير مولر الشهير في 1974 ، ومروراً بالطريقة النرجسية التي وقف فيها أندرياس مولر في الويمبلي
بنصف نهائي Euro 1996 فارداً صدره ورافعاً رأسه ينظر لليمين تارة .. و للشمال تارة أخرى .. يقول بكل صمت مسموع : ألمانيا فوق الجميع .
أما مولر اليوم ، توماس مولر .. فهو حكاية تعيش فصولها الأولى .. وهل هناك أروع من أن تبدأ مسيرتك الفنية بالإنتقام من مارادونا ؟



الشرير × الطيب



مستنداً على حقائق فردية ، قال ذات يوم الكاتب الإنجليزي دافيد وينر :
" في الفن الروائي لتاريخ كأس العالم دائماً ما تلعب ألمانيا دور الشرير ، الشخص السيء الذي يقتل دائماً الشخص الطيب " .
هنا الكاتب يصور مجازاً الكرة الجميلة بالشخص الطيب ؛ وإن عقلية الألمان هي من تلعب دور الشرير في صراع الكرة . ولو إني أجد تلك العقلية (الشريرة)
لا وجود لها في عقلية الألمان بالشكل القبيح .. إلا إن وقتها الكاتب كان يقصد وقائع معينة ، بإيجاز : حادثة تصادم شوماخر و الفرنسي باتيستون ، ثم حادثة فولر مع رايكارد ،
وبعدها ركلة جزاء نهائي 1990 ، وأخيراً ما قام به إيفنبرغ في مونديال 1994 .
ولكن ، يوماً عن يوم ، يبدو لي إن مونديال جنوب أفريقيا 2010 هو من يجسد شخصية الشرير ، و إن ألمانيا هي - بمعزل عن الجميع - من تلعب دور الكرة الجميلة .



وداعاً دييجو







كنت في إجازة على إحدى شواطيء دبي الساحرة مبتعداً عن كرة القدم ، وقرات إحدى الصحف المحلية و بها نتيجة لم إستوعبها للحظات .
بوليفيا 6 -1 الأرجنتين !!
تذكرت كيف لم يستوعب الوسط الإنجليزي التلجراف الذي وصل إليهم من البرازيل (مونديال 1950) حين كانت النتيجة تشير إلى
فوز الولايات المتحدة 1-0 على إنجلترا ، وقتها .. فسر الإنجليز إن هناك خطأ في الطبع ، وإن المقصود هو فوز إنجلترا 11-1 !
انا شخصياً شككت بالموضوع ، قبل أن أتعملق في القراءة أكثر وفي التفاصيل فصُعقت !
و اليوم ، لست محتاجاً لأن أتأكد من الأمور ..
ألمانيا 4
و الأرجنتين بالمنتظر و الموعود و مارادونا الجديد و القديم Zero !



نهاية واضحه



قال فيرون قبل المونديال " لا تفوز بكأس العالم بالسامبا " ، " وإلا لفازت البرازيل دائماً بالبطولات " .
وشخصياً أقول لفيرون . . . ولا تفوز بكأس العالم بالمهرجين و المتحمسين .
وكلاهما ، البرازيل و الارجنتين يخرجان من مونديال ينحو لأن يكون أوروبياً لأول مرة خارج القارة العجوز . . . حيث مرة أخرى تُثبت نظرية التكتيك و الجماعية علو كعبها .









مدخل خاص جداً







أحببت أن أختم هذه المقالة الطويلة بتلك الحادثة المُحرجة جداً التي تعرض لها العبقري الصغير بالسن توماس مولر في لقاء ميونخ الودي قبل شهور من اليوم ،
لقاء ألمانيا × الأرجنتين (0-1) ، حيث بالمؤتمر الصحفي إعتقد مارادونا إن حامل الكرات بالملعب (Ball Boy) قد جاؤوا به للمؤتمر .
مارادونا شعر بالإهانة فقرر الرحيل من المؤتمر وسط إستغراب الجميع .. خصوصاً المترجم من الأسبانية للألمانية ، وبنفس الوقت بقي توماس مولر يملؤه بركان من علامات الإستفهام عن ما يحصل ؟







إن ما قام به مارادونا لهو حلقة جديدة من صبيانيته ، وأنا هنا في النهاية أقول إن مارادونا بالنسبة لي كلاعب هو الأعظم ، ولكن كمدرب هو الأسوأ .
مولر بعد أن وصلت له الترجمة ، و بعدما رآى نفسه وحيداً في المؤتمر الصُحفي .. كان يملؤه الكثير من الإحراج ..







اليوم فقط .
أصبح مولر كابوس مارادونا الأزلي .
و اليوم ؛ مولر هو يطلب من دييجو الرحيل من المسرح !

المواضيع المتشابهه:

• رباعية دفع صينية متطورة تغزو أسواق العالم
• رباعية الحب
• "فن البحث عن الإنسان"... قراءات في الرواية
• الهند تطلق رباعية دفع عملية وزهيدة الثمن

السلام عليكم


الغالي نواف


سلسلة رائعة من المواضيع المميزة حقا والتي لا تقل عن مثيلاتها

السابقة من حيث المضمون والدقه والشمولية

يسعدني اكون متابع دائم لكل اعمالك يالغالي لما تحمل من علم

وفكر وسعي عظيم نحو تعمميم الخير والفائدة


جزاك الله خيراً