نفحــات ايمانيـة يختص بالمواضيع الاسلامية العامة على منهج أهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||||||
|
||||||||||||||
القلب الحي
القلبُ هو مَلِكُ الجوارح كلِّها، وقد جعلَه الله عز وجل مصدرًا للتأثير في الجوارح في تلقِّي الوحي؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37]، ويكمن الصلاحُ والفسادُ في القلب، ومنه يسري إلى الجوارح، فإذا صحَّ القلبُ من مرضه وفساده، ودخل في أثواب العافية والصلاح، تبعته الجوارحُ كلُّها؛ لأنها تصلح بصلاحه، وتفسد بفساده؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ))[1].
القلب - في الحقيقة - هو محل الإيمان، والتصديق، واليقين، وتعظيم ربِّ العالمين، والخوف منه، والتوكُّل عليه، ومحبَّته، والأُنْس به، ومعرفته، والانقياد له، والتسليم له؛ ولذا صار القلب محلَّ نظر الربِّ تعالى - كما قال أهل العلم - أخْذًا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ؛ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ))[2]. القلب الحي إذا عرضت عليه القبائح، والشهوات، نفرَ منها - بإذن الله تعالى- وأبغضَها، ولم يلتفت إليها، بخلاف القلب الميت؛ فإنه إذا مات قلب العبد، تعطَّلَتْ جوارحُه عن الطاعة والعبادة، ولم يُؤدِّ حقَّ الله تعالى من الطاعة والعبودية، ولم يعمل بكتاب الله وسُنَّة رسوله عليه الصلاة والسلام، وقد يمرض القلب أحيانًا، ويصحُّ أحيانًا أخرى، فيستثقل الطاعةَ، وقد يتقبَّلُ المعصيةَ على حسب صحَّتِه، ومرضه. تكمن حياةُ القلب بالإيمان بالله، وترك المعاصي، والمحرَّمات، وكثرة ذكره، وتلاوة كتابه بتدبُّر، فإذا زكَى القلبُ، ذكر الله في كل حين، وانقادت النفس لربِّها بكل جارحة، وأطاعته في كل أمر، وتخلَّقَتْ بأحسن الأخلاق، وإذا كان القلب متوجِّهًا إلى الله، فتحت له أبواب الهداية، والسعادة، والخير في الدنيا والآخرة؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 71]، وإذا أحبَّ اللهُ عبدًا هَداهُ إليه، وأشغلَه فيما يحبُّ، وجنَّبَه ما يكره. ويصلح القلب بأمور منها: 1- تعظيم الله تعالى، وتوحيده، وعبادته. 2- تحقيق العبادة بالقلب، والجوارح. 3- ترك الإصرار على الذنوب. 4- تطهيره من الغل، والحقد، والحسد، ونحوها. 5- معرفة الأعمال القلبية، ومراعاتها. 6- صحبة الصالحين، والأخذ عنهم. 7- توطُّن أماكن الخير والصلاح؛ كالمساجد ونحوها. ومن علامات القلب الحي: 1- وجل القلب من الله. 2- خشوع القلب عند ذكر الله تعالى. 3- الإذعان للحق والإخبات له. 4- سلامة القلب من الأحقاد. وإذا كان القلب صالحًا بما فيه من الإيمان، لزم ضرورة صلاح الجسد بالقول، والعمل الظاهر، والظاهرُ تابعٌ للباطن لازمٌ له، ومتى صَلُحَ الباطنُ صَلُحَ الظاهرُ، وإذا فَسَدَ فَسَدَ، فما كان موجودًا في القلب، لا بد أن يظهر بموجبه ومقتضاه على الجوارح. [1] أخرجه البخاري في صحيحه برقم (52) 1 /20، ومسلم في صحيحه برقم (1599) 3 /1219. [2] أخرجه مسلم في صحيحه برقم (2564) 4 /1987. المواضيع المتشابهه: |
(عرض التفاصيل) الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع منذ بعد 03-17-2024, 02:26 AM (إعادة تعين) (حذف) | |
لا توجد أسماء لعرضهـا. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|