~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~

عدد مرات النقر : 328
عدد  مرات الظهور : 1,804,215


عدد مرات النقر : 328
عدد  مرات الظهور : 1,804,215

العودة   منتديات وهج الذكرى > وهج الحصريات > وهج القصص و الروايات الحصرية 
وهج القصص و الروايات الحصرية  القصص و الروايات الحصرية لأعضاء وهج الذكرى .. يمنع وضع المنقول
التعليمـــات روابط مفيدة
إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 01-25-2024
عبد العزيز غير متواجد حالياً
    Male
اوسمتي
الكاتب المميز تكريم اكتوبر وسام الترحيب بالاعضاء الجدد 
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 4049
 تاريخ التسجيل : Oct 2022
 فترة الأقامة : 563 يوم
 أخر زيارة : منذ 4 يوم (10:52 PM)
 المشاركات : 16,440 [ + ]
 التقييم : 11208
 معدل التقييم : عبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 8
تم شكره 207 مرة في 125 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رواية أرابودس كاملة (فضلًا عدم الرد لحين اكتمالها) :












رواية أرابودس كاملة (فضلًا عدم الرد لحين اكتمالها) :




المواضيع المتشابهه:



 توقيع :


جزيل الشكر ووافر الامتنان لأخي العزيز مصمم الوهج المتفرد أحمد الحلو على التصميم البديع .

رد مع اقتباس
قديم 01-25-2024   #2


الصورة الرمزية عبد العزيز
عبد العزيز غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4049
 تاريخ التسجيل :  Oct 2022
 أخر زيارة : منذ 4 يوم (10:52 PM)
 المشاركات : 16,440 [ + ]
 التقييم :  11208
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 8
تم شكره 207 مرة في 125 مشاركة

اوسمتي

افتراضي الإهداء :




إلى القلب النقي والروح الطاهرة التي غادرتْ دنيانا إلى غير أوبة .

إلى أخي العزيز وصديقي الحميم /

خالد بن عبدالعزيز المطلق أبي عبدالعزيز

رحمه الله ، وأسكنه الفردوس الأعلى برحمته .




 


رد مع اقتباس
قديم 01-25-2024   #3


الصورة الرمزية عبد العزيز
عبد العزيز غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4049
 تاريخ التسجيل :  Oct 2022
 أخر زيارة : منذ 4 يوم (10:52 PM)
 المشاركات : 16,440 [ + ]
 التقييم :  11208
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 8
تم شكره 207 مرة في 125 مشاركة

اوسمتي

افتراضي ورحل خالد :





قرأتُ موضوع الأخت بعثرة في رحيل أخي العزيز خالد بن عبدالعزيز المطلق - رحمه الله - فكانتْ هذه الخاطرة ، التي كتبتْ على عجالة في لحظة شجنٍ شديدةٍ :
عرفتُ أخي وصديقي خالداً - رحمه الله - في هذا الصرح العامر ، وكنتُ حريصاً على رؤيته وعندما رأيته ازددتُ إعجاباً بأخلاقه ، وصفاته النادرة في هذا الزمن .
التقيتُ به أول مرة في مقهى ( يوم القهوة ) ، في إحدى ليالي العشر الأواخر من رمضان عام 1438هــ ، أتيتُ قبيل الموعد بقليل ، وعندما أتى التفتَ يمنة ويسرة ، ثم اتصل ، فرددتُ عليه ، فنظر إلي ثم ابتسم ، وأقبل وسلم ثم جلس ، فسألته عن سبب كثرة التفاته فقال : كنتُ أبحث عن شيخٍ ، أنزع ، أشيب ، يرتدي نظارات .
عجبتُ وسألته من هذا الشخص ؟
فابتسم (رحمه الله) وقال : خلتُك بهذه الصفات ! ولم أظن أني سأرى شابَّاً في منتصف عقده الثالث .
تحدثنا ، وتندرنا ، وطال بنا الحديث كاشفاً لي عن رجاحة عقله ، وسعة ثقافته ، ومعرفته بالناس .
رأيته بعدها مرتين آخرها في شهر شوال ، فتناولنا القهوة في مقهى(يوم القهوة) ثم أخبرته أني أريد شراء بعض الكتب ، فذهبنا إلى -مكتبة العبيكان- ولم أجد ما أريد فاشتريتُ كتاب -القواعد الأساسية للغة العربية-(كتاب في النحو) لأحمد الهاشمي - رحمه الله - فقال خالد - رحمه الله - مداعباً : أخال أن ثلثا مرتبك يذهب على الكتب .
ابتسمتُ وقلتُ له : أسأل الله ألا تُبتلى بالأدب .
ابتسم - رحمه الله - ثم اتجه إلى المحاسب رافضاً جميع محاولاتي بدفع الحساب ، ثم نقد ثمن الكتاب من ماله ، ولم يَدُرْ بخلدي أن هذه آخر مرة أراه بها في هذه الدنيا الفانية - فرحمه الله - وغفر له .
هكذا يرحل الأحباب دون سابق إنذار ! مخلفين بقلوب أحبابهم أُتناً لا يخبو سعيرها ، فارحل أيها التقي نقي السريرة ، ميمون النقيبة ، محمود السيرة ، مرضي الصحبة ، مبكي الرحيل ، مفقود المكان ، باقي الذكر .
ارحل أيها التقي النقي عن دار السخائم والأضغان حاملاً معك بسمتك ، وصدقك ، ونقاءك ، وإباءك (الذي صنفه الكثير صلفاً وكبراً) ولطفك ، ومراعاتك لمشاعر الآخرين ، ومقابلتك الإساءة بالإحسان ، مخلِّفاً خلفك دار الوصب ، والنصب ، والحقد التي لم يحتمل أهلها صدقك ونقاءك ، فقد اختار لك الرحمن برحمته داراً خيراً لك من هذه الدار لا موت فيها ، ولا سقم ، ولا إحن .
ارحل أيها التقي النقي مبقياً خلفك الخلق الحسن الذي عُرفتَ به ، والنية الصادقة التي أُثرتْ عنك ، والذكرى الطيبة التي نذكركَ بها .
ارحل أيها التقي النقي من دار الظعن والعفاء ، إلى دار المقر والبقاء ، مُخلِّفاً في قلوب أحبابكَ لوعةً تُمزِّقُ نياط قلوبهم ، وتُفيضُ مَدامعَ عيونهم ، وتَبعثُ أنينهم وخنينهم ، وتَرفعُ أكفهم إلى الرحمن الرحيم تسأله لك العفو والغفران وأعالي الجنان ، فرضي الله عنك ، وأسكنك الفردوس الأعلى ، وآمنك يوم الفزع الأكبر ، وأعطاك كتابك بيمينك ، ورزق أهلك وأحبابك الصبر والسلوان ، فالخطب جلل ، والفقد عظيم .
عندما قرأتُ نعيكَ يا حبيب القلب لم أستطعْ حبس الدموع التي انهمرتْ ، والشجن الذي طما طوفانه ، حتى سألني من حولي من خالدٌ هذا الذي تبكيه ؟
فحدثتهم عنكَ ، وعن دماثة خلقك ، ونقاء قلبك ، وصدق تعاملك ، حابساً تأثري فلما خلوتُ بنفسي أطلقتُ لدموعي العنان(ولا عيب في ذرف الدموع على الأحباب) وعدتُ بذاكرتي إلى تلك السويعات التي قضيتها معك والتي تفوق بصدقها وإخلاصها أعواماً قضيتها مع بعض الصحاب .
اللهم يا رحمن يا رحيم اغفر لأخي خالد وأنزل عليه من شآبيب رحمتك ما ينال بها رضاك وترفعه بها مع الصالحين .
اللهم لقِّه الأمن والبشرى ، والكرامة والزلفى ، وافسح له في قبره مد نظره ، واجعله روضة من رياض الجنة يا رحمن .




 


رد مع اقتباس
قديم 01-25-2024   #4


الصورة الرمزية عبد العزيز
عبد العزيز غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4049
 تاريخ التسجيل :  Oct 2022
 أخر زيارة : منذ 4 يوم (10:52 PM)
 المشاركات : 16,440 [ + ]
 التقييم :  11208
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 8
تم شكره 207 مرة في 125 مشاركة

اوسمتي

افتراضي تنويه :





كنتُ قد عزمتُ على هجر الكتابة بعد إخراج كتاب (عبير الذكرى) ، وإتلاف كتاب (الأدب خطوة خطوة) الذي بدأتُ بإعداده ، وكتاب (أقاحي الروض) الذي أمضيتُ اثني عشر عاماً في إعداده ، وكتاب (تساؤلات) الذي أنهيتُ ثلثه تقريباً ، لأمرٍ في نفسي ، ثم للسأم الذي يكتنفني حينما أضع القلم بين أناملي ، وفي هذه الأثناء أتاني من يخبرني أن البعض ممن يعرفني يتندر بي ، وبكتابي (عبير الذكرى) ويتفكه ، فعزمتُ على كتابة هذه الرواية التي سخريتهم أحد الأسباب الداعية إلى تأليفها ، (كتبتها عام 1435 هــــ في خمسة وأربعين يوماً) فلهم مني آيات الشكر والعرفان ، المضمخة بالمسك والريحان ، المكللة باللؤلؤ والمرجان على جميلهم الذي أولوني إياه بسخريتهم ، وتندرهم ، وتفكههم ، أكرر لهم شكري مرة أخرى .




 


رد مع اقتباس
قديم 01-25-2024   #5


الصورة الرمزية عبد العزيز
عبد العزيز غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4049
 تاريخ التسجيل :  Oct 2022
 أخر زيارة : منذ 4 يوم (10:52 PM)
 المشاركات : 16,440 [ + ]
 التقييم :  11208
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 8
تم شكره 207 مرة في 125 مشاركة

اوسمتي

افتراضي فخر التواجر :





كتبتُ هذه القصيدة المتواضعة في أخي وصديقي وأستاذي وموجِّهي العزيز / عبدالعزيز بن محمد التويجري ، وهي لا تفيه حقه .


يسوق حرفه مثل سوق المطايا
فخر التواجر كلهم ما به جْدال

يا قو قافه من جميع الزوايا
القاف صافي عذب من صبِّ شلال

اليا سمعنا بيت رحنا ضحايا
قصايده ما هي بتطري على البال

ويا سعد من هو واصلٍ له هدايا
بيتين من عنده وزن خمسة جْبال

بيتين لا والله ما هي هفايا
من راس شيخٍ جوَّد الشعر بحبال

البيت الأول شوَّش أربع سرايا
والبيت الآخر هوَّل ألفين رجال

أقولها وبدون زيف ودعايا
أقولها صادق ولاني بدجَّال

الشاعر / أحمد بن سامي السناني (أبو سامي) .




 


رد مع اقتباس
قديم 01-25-2024   #6


الصورة الرمزية عبد العزيز
عبد العزيز غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4049
 تاريخ التسجيل :  Oct 2022
 أخر زيارة : منذ 4 يوم (10:52 PM)
 المشاركات : 16,440 [ + ]
 التقييم :  11208
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 8
تم شكره 207 مرة في 125 مشاركة

اوسمتي

افتراضي السر (الفصل الأول 1) :




أشرقت الشمسُ ودخلتْ أشعتها مع النافذة وامتلأ المنزلُ بالضياء فاستغربتْ درلفر من تأخر زوجها برلنور فذهبتْ إلى غرفته فوجدته واضعاً كفيه على خديه وينظر إلى طائرٍ صغيرٍ خلف النافذة فتقدمتْ إليه وجلستْ على حافة السرير وقالتْ: ما الذي دهاك يا زوجي العزيز ؟ ولم أنتَ اليوم على خلاف العادة ؟
نقل بصره من النافذة إليها ثم أطرق برأسه وصمت .
أعادت السؤال مرة أخرى : ما الذي دهاك يا زوجي العزيز ؟ ولم أنتَ اليوم على خلاف العادة ؟
رفع رأسه ونظر إليها مليَّاً ثم قال : دعيني في الفراش قليلاً فإني بحاجةٍ إلى بعض الراحة ولا أودُّ مُبارحة الغرفة .
عجبتْ درلفر من هذا الأمر وسكتتْ على مضضٍ وخرجتْ وأغلقت الباب خلفها ثم اتكأتْ عليه وسرحتْ بخيالها إلى تلك الليلة التي دخلتْ فيها إلى العلية فوجدته يُقلِّبُ أوراقاً بين يديه فذعرتْ عندما مر هذا بخيالها ثم مسحتْ دمعةً ترقرقتْ رغماً عنها وذهبتْ إلى المطبخ لإعداد الفطور وعندما انتهتْ ذهبتْ إلى زريبة الحيوانات فأخذتْ ما وجدته من بيض الدجاج فوضعته في سلَّةٍ معها ثم وضعت الإناء الذي معها وبدأتْ تحلب الماعز لإعداد الجبن الذي أوشك على النفاد وقد تناثر البعضُ منه بسبب رعشة يديها وسهوها .
عندما انتهتْ من الحلب حملت الإناء وخرجتْ ، وأوصدت الباب ، وأحكمتْ إرتاجه ، ثم اتجهتْ إلى المنزل حاملة ما معها .
كانتْ تمشي بخطى متثاقلة وكادتْ تعثر بحفرة بسبب شرودها ولكنها سلمتْ ووصلت المنزل وولجتْ إلى الداخل فوضعتْ ما معها ووجدت الفطور على المنضدة لم يُمس فاتجهتْ إلى المخدع فوجدتْ زوجها مطرقاً برأسه كما عهدته في أول الصباح فجلستْ بجانبه ومررتْ يدها على شعره وقالتْ بدلال : لم أنتَ على غير العادة يا زوجي العزيز ؟ هل أصابك مكروهٌ ؟
نظر إليها فرأى غلالةَ حُزْنٍ رقيقةٍ تُخَيِّمُ على وجهها فأطرق برأسه وصمت فلما رأتْ درلفر هذا قالتْ له : أَأُحْضِرُ لك وجبة الإفطار هنا ؟
قال لها : لا ، لا حاجة لهذا سأتناوله بعد عودتي من الحقل .
ثم نهض فنهضتْ على إثره ولما سمعتْ صرير الباب يُغلق وصوت خطوات تَبتعد تهاوتْ على أقرب كرسي إليها وانسابتْ دموعها خشية أن يكون زوجها قد صبا قلبه إلى غيرها وهي الوردة التي لم تتفتَّحْ أوراقها إلا له ، ولم يعبقْ أريجها إلا عنده ، فكيف يجازيها هذا الجزاء ، وكيف يخونها في مشاعره وهي التي أخلصتْ له ؟
عندما وصلتْ في تفكيرها إلى هذا الحد عيل صبرها فردَّدتْ قائلة : الرجال لا أمان لهم ولا عهد .
ثم خرجتْ إلى الحقل تمشي بحذر خشية أن يراها زوجها فكانتْ تختبئ خلف الشجر حتى وصلتْ إليه فأجالتْ ناظرها فيه فلم تره فبحثتْ في جميع أنحائه فلم تجده فذهبتْ إلى زريبة الحيوانات فوجدت الباب على حاله عندما أوصدته فجلستْ تحت شجرة الصنوبر تُكفكف عبراتها ، وتلم أناتها وزفراتها ، وتسرح بخيالها بعيداً إلى أن زوجها قد تزوج عليها وهو الآن مع ضرتها ، يُضاحكها ، ويُداعبها ، وهكذا الأنثى عندما تغزو قلبها الغيرة وتعيث فيه ، يعزب عنها الصبر ، وتجافيها السكينة ، وتضحي كالريشة في مهب الريح ، تتقاذفها الأفكار يمنة ، وترميها الظنون يسرة ، فلا تستقرُّ على فكرٍ ، ولا تثبتُ على رأيٍ ، وما قوَّضَ سعادة زوجين ، وجلبَ عاصفَ الهمِّ ، وقاصفَ الفراقِ مثل الغيرة الزائدة في غير محلها ، والشك الذي لا أساس له .
رفعتْ رأسها إلى السماء فرأتْ طائرين يغردان ويتمسح أحدهما بالآخر فثبتتْ بصرها عليهما ولم تزغْ عنهما ثم قالتْ : كم أحسدكما على هذه السعادة التي تكتنفكما فلا تخشيان غدراً وخيانةً أما أنا فكما تريان أنثى مكسورة تأكلها الغيرة وتخشى عاقبة عزوف زوجها وتدثره بجلباب الصمت والوحدة .
لم يَطُلْ بها الوقتُ بعد هذا الحديث إلا وصوتُ زوجها ينادي : درلفر درلفر أين أنتِ يا درلفر ؟
لم تُجبْ على ندائه بل تركته يعيد النداء ويكرره حتى سئم فأتى يبحث عنها فوجدها تحت شجرة الصنوبر تذرف الدموع الغزار فمسح دموعها بيده وقال: ما الذي دهاكِ يا زوجتي العزيزة ؟ وما الذي دعاكِ إلى البكاء والنحيب ؟
لم تُجبْ على سؤاله بل وضعتْ خدها على كتفه وبدأتْ بالبكاء والنحيب فأشجاه هذا الأمر وسألها : أتخفين عني ما يشجيكِ ؟ أم أنكِ لا تريني أهلاً لأن أحمل الهمَّ عنك ِ؟
رفعتْ رأسها وقالتْ : إنما هو عارضٌ صحيٌّ ألمَّ بي هذا الصباح ولعلي أذهب لميريرا فهي خبيرة بالعلاج بالأعشاب فلا تأس ولا تحزن فإنما هو ألمٌ عارضٌ وسيزول قريباً .
أظهر الابتهاج وأمسك بيدها وذهبا إلى المنزل ليتناولا الفطور (ولم يعلمْ أن زوجته تُخفي ألمها وشجنها عنه ، وقد عزمتْ على أمرٍ ستنفذه متى سنحتْ لها الفرصة ولن يحولَ شيءٌ أمام ما عزمتْ عليه) .
وصلا المنزل فدخلا واتجه برنلور إلى العلية أما درلفر فاتجهتْ إلى المطبخ لتسخين الفطور وفي العلية كان برلنور يتساءل عن سبب شجن زوجته درلفر ودموعها .
أطال التفكير ولم يعرف السبب ثم أفاق من شروده على صوت درلفر تدعوه إلى الفطور فنزل على عجل واتجه إلى غرفة الطعام وجلس على المائدة وبدأ الأكل وكان يختلس النظر بين الفينة والفينة إلى درلفر فيراها ساهية عازفة عن الأكل وقصعتها لم تأكل منها لقمة فسألها قائلاً : لماذا لم تأكلي لقمة واحدة ؟ ولماذا الشرود بادٍ عليكِ ؟ أهناك خطبٌ ما تخفينه عني ؟
ردتْ عليه قائلة : ليس هذا بالأمر المهم إني أشعر ببعض الفتور من فجر هذا اليوم وكما قلتُ لك قبلاً سأذهب إلى ميريرا فهي خبيرة بالعلاج بالأعشاب .
أجابها والقلق بادٍ عليه : سأوصلكِ إليها بعد ما ننتهي من تناول الفطور .
قالتْ له : المكانُ قريبٌ ولا حاجة لهذا .
صمتَ على مضضٍ ولم يشأْ مجادلتها في هذا الأمر البسيط كي لا يزيد ألمها وبعدما انتهيا خرج إلى الحقل ولكنه لم يفعلْ أي شيء بل استلقى تحت إحدى الأشجار وبدأ يُحدِّثُ نفسه بصوتٍ مسموعٍ : يا ترى ألهذا الذي حدث في الصباح علاقة بالحلم الذي تكرر ثلاث ليالٍ متتالية ؟
لا ، لا ، لا ، يستحيل هذا فالعارضُ الصحيُّ لا علاقة له بالحلم الذي رأيته .
ثم يصمت وينظر إلى السماء ويطيل التأمل ثم يقول : بل العلاقةُ بينهم وطيدةٌ فكما أرى أن تلك السحابةَ التي أظلتني ، والغرابَ الذي نعبَ فوق الأيكة العارية لها شأنٌ بما يحدث ؟
نعم ، العلاقةُ بينهم وثيقةٌ فالغرابُ أسودٌ ، والسحابةُ داكنةٌ ، والأيكةُ قد حتَّ ورقها ، ولكننا في الصيف وورق الأشجار يتساقط في الخريف .
ثم يصمتُ قليلاً ثم يقول : إني أكاد أجزم أنها أضغاثُ أحلامٍ لتناقضها ، أم أن الغموض اكتنفها فاستعصى على عقلي فك رموزها .
أطال التفكير وأكد ذهنه ليحل رموز الحلم ولكن الأمر أعياه فأغمض عينيه وشعر بشيء يُطيفُ بقلبه وحرارةٍ بدأتْ تستعر فيه فوضع يده عليه وقال : قد أشقيتني في عهدٍ مضى فهل ستُعيدُ ذلك الشقاء والشجن اللذين أمضَّاني وأقضَّا مضجعي ؟
ثم نهض واتجه إلى المنزل يجر قدميه جرَّاً وهو يرى في الأفق بوادرَ عاصفةٍ هوجاءَ تُنذرُ بالخطر ودخل واتجه إلى العلية وأوصد الباب خلفه وأخرج عدةَ قصاصاتٍ من الورق وقرأ أولها فإذا مكتوبٌ فيها : كنتُ أعبر سككَ الدنيا وأزقتها وحيداً ، أُسامرُ الشَّجنَ ، وأُخادنُ الوحدةَ ، وأثناء مسيري بزغتْ شمسُ حبكِ ، فأضاءتْ ظلمة دنياي ، وأزالتْ شجني ، وملأتْ قلبي أُنساً وسروراً ، فأممتها ، وغذذتُ السير إليها ، غير عابئٍ بغيرها من النجوم ، ولا آبهٍ بما يمضي من أعوام عمري ، إلى أن نَمتطي فرسَ الحُّبِّ ، ونَجْتازَ مَفَاوزَ النَّأْي ، ونعلو فوق سُحُب البين ، ونبني قصرَ الوصْلِ ، ونتكئ على أرائك اللقاء ، وننصب عرش السعادة لتجلسي عليه ، وأصدح بأعلى صوتي أحبكِ يا أرق ، وأبهى زهرة عبقتْ في أرجاء حياتي حُبَّاً لن يضعف عنفوانه إلى أن يُطوى عمري ، وتَنْفدَ أيامي ، وتَخْمدَ أنفاسي .
وفي التي تليها : إن الأجسامَ تشيخُ وتسقمُ ، والأعمارَ تُطوى وتَنْفدُ ، والأحلامَ تتغيَّرُ ، والأماني تتبدَّلُ ، والمناظرَ الخلابةَ يَقلُّ بهاؤها بتكرار النظر إليها ، أما حبكِ فمتأصلٌ في القلب ، متجذِّرٌ ، لا يَشيخُ ، ولا يَسقمُ ، ولا يَنفدُ ، بل هو فتيٌّ كيوم وُلد ، ومُحياكِ الوضيء الفاتن يزداد جمالاً وبهاءً مع كل نظرة .
وفي الثالثة : قطفتُ هذه الوردة من بستان الحب وقدمتها إليكِ لأن فيها بعضاً من رقتكِ وشذاكِ يا سيدة الحسن ولكن احذري من أن يؤذيكِ شوكها لأنه لم يُصِبْ إصابةً تامةً من شبَّهكِ بها فأنتِ أرقُّ منها ، وأنعمُ ، وأعذبُ ريَّا ، والوردُ يذبلُ مع الأيام أما أنتِ فلا يزيدكِ كَرُّ الأيام إلا بهاء.
وممهورة بالأسفل بحرفي a-r وتاريخ 1809 م .
أعاد القصاصات الثلاث مع البقية إلى الدرج ووضع كفيه على خديه وبدأ التفكير وقد أرجعه ذلك التاريخ إلى عهد الصبا عندما كان طفلاً يلعب مع أترابه ، سليم الصدر من الأحقاد والأضغان ، لا هم عنده إلا المأكل والمشرب والملبس واللهو والعبث مع لداته ومرتْ بخاطره تلك الصبية القاطنة في القصر الأفيح التي سلبتْ لبَّه فشعر بموجةٍ عارمةٍ من الحنين تجتاح قلبه دفعة واحدة فوضع يده عليه لا شعوريَّاً وضغط عليه ثم تساءل ترى ماذا حدث لتلك الصبية الآن ؟ ما حالها مع تقلبات الدنيا ؟ أهي على قيد الحياة أم واراها الثرى ؟ وإن كانتْ حية أسعيدةٌ أم شجيةٌ ؟ أتراها تزوجتْ وأنجبتْ ؟ أهي مثلي في هذه الساعة تحن إلى عهد الصبا المنصرم ؟
ثم نهض واتجه إلى النافذة وفتحها وبدأ التأمل ولكن الذكرى غلبته فعاد إلى شجرة الزان والصبية في القصر الأفيح التي تلعب معه في بعض الأحيان وفي أحيان أخرى تُلوِّحُ له من شرفة القصر وتبتسمُ له ابتسامةً عذبةً تبعثُ في قلبه أُنْساً لا يُفارقه طيلة ذلك اليوم .
يتبع ...



 


رد مع اقتباس
قديم 02-05-2024   #7


الصورة الرمزية عبد العزيز
عبد العزيز غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4049
 تاريخ التسجيل :  Oct 2022
 أخر زيارة : منذ 4 يوم (10:52 PM)
 المشاركات : 16,440 [ + ]
 التقييم :  11208
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 8
تم شكره 207 مرة في 125 مشاركة

اوسمتي

افتراضي السر (الفصل الأول 2) :




تبسَّم وهو يتذكَّر ذلك اليوم الربيعي ، عندما كانا يتحدثان في باحة القصر حيناً ، وحيناً يصعد الشجرة الضخمة فتطلب منه النزول كي لا يسقط ، ولكي لا يوبخه والدها إن رآه ، وحيناً يعدوان بجانب الورود ، وحيناً يرميان الأحجار في النبع ، أو يرميان الطيور التي ترتاد الشجرة .
ثم قهقه عندما تذكر إصرار الصبية على أن يتناولا الطعام في حقل الورود بسبب أنه قطف وردة وأعطاها إياها ولم تُفِدْ محاولات والديها بثنيها فانصاعا لرغبتها وتركاهما يتناولان الطعام في الحقل .
أفاق من شروده على وقع أقدام تصعد الدرج فنهض وفتح لينزل فرأى درلفر أمامه فقالتْ له : لقد أعددتُ الشاي والكعك فهلم معي لنتناوله .
سألها قائلاً : كيف أنتِ الآن ؟ هل زال العارض الذي ألم بكِ ؟ ماذا قالتْ لكِ ميريرا وأوصتكِ به ؟
ردتْ عليه قائلة : لقد طمأنتني إلى أن صحتي جيدةٌ وأن ما أصابني إرهاقٌ بسبب كثرة العمل وعلي الراحة لمدة أسبوعٍ كامل .
تنفس الصعداء وقال : عليكِ الالتزام بما أوصتكِ به ميريرا .
قالتْ : نعم ، لك ذلك فاطمئن .
ثم ابتسمتْ وقالتْ في سرها : (إن كيدَ النساءِ عظيمٌ وما هذه إلا حيلةٌ يا زوجي العزيز لأعرف سرَّ شُرودك) .
أوصد الباب خلفه ونزل معها واتجها إلى الباحة أمام المنزل وبدآ تناول الشاي والكعك وفجأة أشار إلى جهة الشمال وقال : هناك يا درلفر كنتُ ألعب مع أترابي و...
وقبل أن يكمل حديثه قاطعته قائلة : من هم أترابك ؟ وأين مكان لعبك ؟
وقع في فخها فقال : كنتُ ألعب مع بارتل ، ورافيل ، وماردل ، ولكن أجمل ساعات لعبي ولهوي هي عند شجرة الزان في الجهة الشمالية بجانب القصر الأفيح فهناك ...
ثم صمت فجأة وشعر أنه تمادى في حديثه فشجعته على الحديث قائلة : إن حديثكَ هذا شيِّقٌ فماذا يوجد عند شجرة الزان ؟ ومع من كنتَ تلعب ؟ وبمن كنت تلتقي ؟ هيا أكمل حديثك فكلي آذانٌ صاغيةٌ لهذا الحديث الممتع .
اضطر للكذب كي لا يفضح سره : هناك أرى النساء يستعذبن الماء لبيوتهن ، وأرى الرجال في حقولهم يكدون ويكدحون .
قالتْ درلفر في نفسها : لقد أمسكتُ بأول الخيط وسأعرف سرَّكَ قريباً وسأريحُ هذا القلب الذي لم يُبارحه القلق لحظة .
تغير برلنور مذْ ذلك اليوم فبدأ يُكْثِرُ من الجلوس في الحقل دون عملٍ ، وينكتُ الأرض بعودٍ بيده ، وأحياناً يُطيلُ النظر إلى أشجار الحقل والطيور التي ترتادها ، وأحياناً ينظرُ إلى جهة الشرق ثم يُكفكفُ دموعاً أبتْ إلا الانهمار .
كانت درلفر تراقبه ويعتصرها الألم للتغير الذي طرأ عليه وفكرتْ وأطالت التفكير ولم تعرف السبب لهذا التغير المفاجئ .
عاودت التفكير وأخيراً اهتدتْ إلى حلٍّ فالتغير المفاجئ ستجده حتماً في القصاصات في درج المنضدة في العلية ، ثم ابتسمتْ بعد هذا الحل الذي ستعرف به سر زوجها ، ولكنها تذكرتْ فجأة أنه يكثر من الذهاب لجهة الشمال وربما أنه يذهب إلى شجرة الزان عند القصر الأفيح التي حدثها عنها فلماذا لا تذهب إلى هناك وتُباغته كي لا يجد مناصاً من الاعتراف لها بما يُخفيه عنها .
ابتسمتْ بعدما اهتدتْ لهذا الحل وأخلدتْ للمبيت وما أطول ليل المنتظر .
لم تنمْ إلا لماماً فلما ظهرتْ تباشير الفجر الأولى هبتْ من رقادها واتجهتْ إلى المطبخ وبدأت إعداد الفطور ثم ذهبتْ إلى الغرفة وأيقظتْ زوجها وبعد تناولهما الفطور ذهبتْ إلى الزريبة وأخذتْ ما وجدته من بيض وحلبت الماعز ثم قفلتْ إلى المنزل وعند الباب وافقها وهو يستعد للخروج فأنبها وأمرها ألا تبرحَ فراشها إلا بعد أسبوعٍ كاملٍ كما أوصتها ميريرا فاعتذرتْ ووعدته أن تفعل ذلك وبعد خروجه تابعته من بعيد فوجدته يتجه إلى الحقل ، ثم يأخذ يمنةً عنه ، ثم يمشي مئات الأمتار حتى يَصِلَ إلى رابيةٍ مرتفعةٍ ، ثم يأخذ شرقاً عنها ويمشي قرابة الثلاثمائة مترٍ حيث يوجد هناك شجرةُ زانٍ ضخمةٍ عند قصرٍ مهجورٍ فجلس عندها قليلاً وبدأ يَتنهَّدُ ويَتمرَّغُ على الرَّملِ وكأن سم الأفاعي يجري في جسده بدل الدم .
كانتْ درلفر خلف إحدى الأشجار ترقب ما يحدث فلما كان بعد ساعة نهض ومضى فأتتْ مسرعة لتستطلع الأمر وتستجلي ما استبهم عليها فلم تر غير شجرة الزان وبقايا قصرٍ مهجورٍ ولما جلستْ عندها رأتْ منحوتاً عليها (قد صبا إليكِ قلبي مذْ رأيتكِ أول مرة ولن يبرحَ هواكِ قلبي ما دام بجسدي عرقٌ ينبضُ ، ونفسٌ يتردَّدُ ، فإن ضاقتْ بكِ السُّبُلُ فلكِ بقلبي قصرٌ أفيحُ أنتِ ملكته وسيدته ، وإن أرمضكِ الشجى فألقيه على عاتقي ، وعيشي هانئةً سعيدةً ، فلأجلكِ تلين قناتي ، وتَسْهُل خليقتي ، وتَضْعُف شكيمتي ، وتَخْضَع عزتي ، وينحني كبريائي) .
تبسمتْ ثم قالتْ : ويح الرجال هكذا هم يبذلون قلوبهم ومُهَجَ أفئدتهم لأي شيء يَعزُّ عليهم نيله وإذا نالوه قلبوا له ظهر المجن .
ثم نظرتْ إلى الكتابة المنحوتة مرة أخرى وقالتْ : لو قُيِّضَ لهذا الرجل لقاء من كتب فيها هذه لسئمها واجتواها ولكن للحرمان فضل في إيقاظِ الحنين ، وإضرامِ جمره ، وإيقادِ نار أتونه .
ثم اتكأتْ على جذع شجرة الزان ورفعتْ رأسها إلى السماء وقالتْ : لقد امتدتْ جذوري عبر شطِّ هذا النهر ، وتمايلتْ أوراقي مع هبات نسيمه ، وكم كنتُ بلهاء عندما اعتقدتُ أن هذا النهر هو المناسب ، ولكن حظي السيئ رماني على شطه فوارحمتاه لي على ما دهاني .
لم تبرحْ مكانها حتى مالت الشمسُ للمغيب وهي تُفكِّر بهذه الكتابة وتتساءل هل هي من كتابة زوجها أم لا ؟ وإن كان هو الذي كتبها فمتى حدث هذا ؟ وهل ما زال يهوى من كتب بها هذه أم لا ؟
لم تَصْحُ من أفكارها إلا على طيفٍ يلوح من البعد فأحدَّت النظر إليه فلم تعرفه حتى إذا اقترب تبيَّنته فإذا به زوجها وعندما وصل إليها بادرها قائلاً : أين أنتِ ؟ لقد بحثتُ عنكِ في كلِّ مكانٍ ولم أجدكِ ؟ ثم لماذا خرجتِ ؟ ألم أطلب منكِ ألا تبرحي الفراش ؟ لماذا خالفتِ ما أُمرتِ به ؟ وأيضاً ما الذي أتى بكِ إلى هذا المكانِ المنعزلِ المهجور ؟
قالتْ : شعرتُ باختناقٍ وضيقٍ في الصَّدر فخرجتُ لأستنشق الهواءَ النقيَّ وكنتُ أجول بين الحقول ولم أشعرْ بنفسي إلا وأنا في هذا المكان الجميل الهادئ .
سرح بفكره بعيداً وأشاح بنظره إلى شجرة الزان وقال في سره : كنتُ ألتقي بالصبية هنا ، وألعب معها ونلهو ونضحك على الرجال الذين يعملون في حقولهم ، والذين يرعون أغنامهم ، ونتندَّر بالنساء اللاتي يحملن القرب المليئة بالماء ، وتلك العجوز الغريبة الشكل ، الشمطاء الشعر ، المحدودبة الظهر ، المتجعدة الوجه ، التي تأتي على حمار كل أصيل ما شأنها يا ترى ؟ وما شأن حضورها هنا ؟
نعم ، نعم ، إنها عجوزٌ تَجْلبُ الزِّينة للنساء من الكحل ، والأسورة ، والقلائد الفضية ، والأقراط الذهبية ، ولكن يندر من يشتري منها .
ثم قال بصوتٍ مسموعٍ : كم أحنُّ لتلك الأيام التي نلهو بها ، بل كم أَحِنُّ لمرأى تلك العجوز التي تأتي إلى هنا لبيع ما معها وتهبنا في أحايين قليلة بعض الحلوى .
ثم نظر إلى درلفر وابتسم ثم قال : هذا تأويلُ الحلم الذي تكرَّرَ فلا داعي للتفكير وإفساح مجال للوساوس .
ثم أمسك بيدها وقفلا عائدين إلى المنزل وعندما وصلا ودخلا اتجهتْ درلفر للمخدع واتجه برلنور إلى العلية في الطابق العلوي وأشعل المصباح واتجه إلى منضدةٍ عتيقةٍ وفتح أحد أدراجها وأخرج بعض قصاصات الورق كعادته كل ليلة ليكتب على ضوء المصباح بعضاً مما يختلج بقلبه .
أمسك بالقلم وكتب : كم كنتُ ...
ثم سرح بفكره بعيداً عن الكتابة وبدأ يُحدِّثُ نفسه بصوتٍ مسموعٍ لماذا يحدث لي هذا ؟ فمنْذُ عدة ليالٍ وهذا الأمر يوافيني كلَّ ليلةٍ فلم يا ترى ؟
ثم أخرج عدة قصاصاتٍ عتيقةٍ وبدأ يقرؤها فإحداها مكتوبٌ فيها : عندما صبوتُ إليكِ في عهد الصِّبا جعلتُ الوصل سفتجة إلى الشباب وها أنذا أوشكتُ على طيِّه فهل أَمُدُّ في أَمَدِ السُّفْتَجَة إلى الشيخوخة أم يحولُ الأجل دون تقاضيها .
وفي أخرى مكتوبٌ : مذْ صبوتُ إليكِ في عهد الصِّبا لم أَحُلْ عن هواكِ قط وها هي الأيامُ تمضي ، والأعوامُ تنقضي ، وأنا أنتظر ولن أملَّ ، ولن أَكِلَّ من الانتظار حتى تملَّ الشمسُ من الشروق ، والقمرُ من البزوغ ، والبدرُ من الاكتمال ، والنجومُ من اللمعان ، والمطرُ من الهطلان ،والدمعُ من الوكفان ، والقلوبُ من الخفقان ، والفراقُ من تبديدِ الشَّمْلِ ، والحبُّ من غزو القلوب ، والهجرُ من حرق الأفئدة .
وتوقف عند التي تليهما وقرأها عدة مراتٍ ولم يرفعْ بصره عنها وهي : ظلموكِ والرب حين شبهوكِ بالوردةِ ، والنَّرجسِ ، والشادن ، والجؤذر ، والشمس ، والقمر ، والليلِ الأسحمِ ، والنهارِ الوضَّاءِ ، وخاتم سليمان ، وخوط البان ، وحُقَّ العاج ، والبلَّور ، وغيرها من الأوصاف ، وكان الأجدر بهم لو شبهوها بكِ ، فمثلكِ يضرب بها المثلُ ، ولا تشبَّه بالأشياء ، بل تشبَّه الأشياء بها ، وإنه لينتابني العي، وتكتنفني الحيرة حينما أريد أن أبعث لكِ سلامي وحنيني فهل أبعثهما مع القمر وأنتِ نوره ؟ أم مع الورد وأنتِ شذاه ؟ أم مع الهواء وأنتِ نسيمه ؟ أم مع الصباح وأنتِ نداه وضياه ؟ أم مع ماذا ؟ فإني ما ذهبتُ إلى شيءٍ إلا ووجدتُ فيكِ أجمل صفاته وأرقها وليس فيه من صفاتك شيء فهن إما جمادات ، أو عجماوات .
وضعها على المنضدة وأسند رأسه إلى الخلف وأغمض عينيه ليستعيد ماضٍ عفا عليه الزمن ودفنته سافيات تقادم العهد .

يتبع ...




 


رد مع اقتباس
إضافة رد
كاتب الموضوع عبد العزيز مشاركات 6 المشاهدات 383  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع

(عرض التفاصيل عدد الأعضاء الذين شاهدوا الموضوع : 8 (إعادة تعين)
, , , , , , ,

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 02:18 PM بتوقيت الرياض


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون
Designed and Developed by : Jinan al.klmah