~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~

عدد مرات النقر : 328
عدد  مرات الظهور : 1,847,901


عدد مرات النقر : 328
عدد  مرات الظهور : 1,847,901

العودة   منتديات وهج الذكرى > وهج العـــامـ > وهج التعليمي
وهج التعليمي ما يخص المناهج التعليمية والثقافات الاجنبية
التعليمـــات روابط مفيدة
إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 04-18-2013
بسمة روح غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 234
 تاريخ التسجيل : Apr 2011
 فترة الأقامة : 4763 يوم
 أخر زيارة : 09-13-2014 (01:00 PM)
 المشاركات : 12,175 [ + ]
 التقييم : 53790370
 معدل التقييم : بسمة روح has a reputation beyond reputeبسمة روح has a reputation beyond reputeبسمة روح has a reputation beyond reputeبسمة روح has a reputation beyond reputeبسمة روح has a reputation beyond reputeبسمة روح has a reputation beyond reputeبسمة روح has a reputation beyond reputeبسمة روح has a reputation beyond reputeبسمة روح has a reputation beyond reputeبسمة روح has a reputation beyond reputeبسمة روح has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
مفاتيح إقامة الصلاة وإخلاص العبودية لله(الكتاب كاملا مفرغ بإذن الله)









أحببت أن انقل لكم هذا الكتاب النافع الماتع(مفاتيح إقامة الصلاة وإخلاص العبودية لله)
راجيةً من الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا ويجعلنى وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه






مقدمة


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه.
أما بعد ،فإن الصلاة هي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر.
وهي آخر وصية النبي صلى الله عليه وسلم الرحيم بأمته جاد بها وهو يجود بأنفاسه الأخيرة في تبليغ رسالات ربه.
وهي أول عمل فرض على النبي صلى الله عليه وسلم بعد بدء الوحي في ثاني سورة نزلت من القرآن "يَّا أَّيُّهَا المُزَّمِّلُ(1)قُمِ الليْلَ إَلَّا قَلِيلًا(2)" المزمل: ١ - ٢
وقد يطول عجبك وأنت تتأمل في حال كثير من المسلمين اليوم، كيف يوجد فيهم الضعف ، وتعصف بهم الكثير من المشاكل وعندهم هذه الصلاة ، كيف تضعف أمة عندها هذا الكنز العظيم والسلاح المتين.
ترى في المجتمع المفارقات العجيبة والوقائع الغريبة من أناس يترددون على المساجد صباح مساء، ومن نساء يحافظن على الصلاة، نحن نعلم ونقرأ ما وصف الله تعالى به حال المصلين وما وعدهم به من وعود في الدنيا والآخرة ،فما سر هذا الفك بين السبب والنتيجة؟ وهل يشك مسلم في وعد الله ؟
إن صلاة كثير منا ليس لها من اسمها نصيب، بل هي فارغة من ذكر لله تعالى ، حركات وقراءات فُرِّغت من معانيها، قراءة بغير قلب، بل ترى في صفوف المصلين من لا يقرأ البتة من دخوله الصلاة حتى خروجه منها، صارت الصلاة عند كثير من المصلين عادة لا فقه لمعانيها.
إنه حري بكل محب لنفسه وأمته، راغب في تحصيل خيري الدنيا والآخرة أن يبحث وأن يفتش عن الأسباب وأن يلتمس الحلول لهذه المشكلة العظمى من مشاكل الأمة.
إن إقامة الصلاة كلمة شاملة عامة تتضمن كل ما يتعلق بالصلاة من الأعمال الظاهرة والباطنة ،إقامة الصلاة مراتب ودرجات، أولها أداء ظاهرها وآخرها المراتب العليا من الخشوع والإخبات فيها لرب العالمين، وقد ورد مصطلح إقامة الصلاة في القرآن أكثر من أربعين مرة.
هذا الكتاب يتحدث عن المفاتيح التي يتحقق بها إقامة الصلاة ظاهرا وباطنا، ويحاول أن يعالج الخلل والنقص الذي يحصل في الصلاة لتكون صلاة كما أرادها الله من عباده، ولتحقق جميع مقاصدها فتكون سببا للفوز والفلاح في الدنيا والآخرة.
في كل ما ذكرت في هذا الكتاب يوجد العديد من القصص والتجارب ، ولست أرى حاجة لذكرها، لأن اليقين بعظيم شأن الصلاة وآثارها في الدنيا والآخرة مصدره وعد الله الذي لا يخلف الميعاد، وبَيَّنه وفصَّله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وكفى بذلك برهانا ودليلا.
نسأل الله بمنه وكرمه أن يجعلنا وذرياتنا من المقيمين للصلاة، ونسأله سبحانه أن يصلح أحوالنا وأن يغفر لنا ويرحمنا ويهدينا الصراط المستقيم ، إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.






المواضيع المتشابهه:



 توقيع :

رد مع اقتباس
قديم 04-18-2013   #2


الصورة الرمزية بسمة روح
بسمة روح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 234
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 09-13-2014 (01:00 PM)
 المشاركات : 12,175 [ + ]
 التقييم :  53790370
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي




تمهيد: مقالات في الصلاة

هذه مقالات في الصلاة لم يكن لها مكان مناسب في مفاتيح الكتاب، وبعضها جاء ضمن بعض المفاتيح وخشيت أن يقفزه القارئ ويفوت عليه دون أن يشعر فأبرزته في مقال خاص في هذا التمهيد.
المقال الأول: صلاة جوف الليل وصلاة الفجر


إن الصلاة في جوف الليل الآخر لا يعدلها أي صلاة ، إنها الوقود لصحة القلب وحياته ، فهي المنطلق والأساس في كل ما يقال في تزكية القلب وتحقيق النجاح في الحياة ، بدونها يصبح القلب ضعيفا لا يمكنه القيام بما أنيط به من واجبات عظام ومهام ثقال.
إن ترك الصلاة في جوف الليل من أعظم الأسباب فيما أصاب الناس من وهن وضعف وانحراف، لماذا ؟ لأنهم بهذا أضعفوا قلوبهم وتبعها كل ضعف .
إن قناعة الناس وإيمانهم بأهمية هذا العلاج ضعيفة لذلك يحصل التهاون به حتى من بعض طلاب العلم والدعاة والصالحين .
إن هذا العلاج يستحق مهما أخذ من وقت ومهما كان صعبا مادام الثمن قوة القلب ، قوة الإرادة وشرح الصدر واستثمار أعلى للوقت والحياة .
الصلاة في جوف الليل سر من أسرار الحياة ، سهل ميسر بعون الله ، فاستفد منه قبل فوات الأوان.
جوف الليل الآخر من أهم أوقات الصلاة لذلك فإن الشيطان يحرص أشد الحرص على تفويت هذه الفرصة كل ليلة على الإنسان ليتمكن منه وينتصر عليه كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك حين قال : يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب على كل عقدة عليك ليل طويل فارقد <البخاري ومسلم عن أبي هريرة>، وقال عن رجل نام حتى أصبح : ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه <البخاري ومسلم عن ابن مسعود>
فاحذر أن يبول الشيطان في أذنيك ويتسلط على قلبك ويزعجك بأنواع الوساوس، بل احرص كل الحرص على الاستيقاظ قبل الفجر وذكر الله والوضوء والصلاة لتحل عقد الشيطان ،وتحصل بإذن الله على قوة قلبك وتنتصر على الشيطان ولا ينتصر عليك فيؤذيك خلال يومك وليلتك، أنت في معركة وفي مواجهة عدو؛ فاحذر أن تنسى ذلك وتضع سلاحك وتترك الجهاد فتهزم وتخسر.
إن من أسوأ العادات التي ابتلي بها مجتمعنا اليوم عادة السهر بعد صلاة العشاء والتأخر في النوم إلى منتصف الليل أو قريبا من الفجر ثم النوم وتضييع أهم وأثمن وأغلى موارد قوة القلب والنفس ، ومع وضوح الأدلة وكثرتها في هذه المسألة وقوتها إلا أنك ترى الكثير غير مستعد لتغيير هذه العادة والالتزام بالنوم المبكر والاستيقاظ قبل الفجر والصلاة في جوف الليل ، وهذا شيء عجيب تقول له هذا هو العلاج ، وهو يعاني من المرض ويتألم ثم لا تمتد يده لأخذ العلاج ؟
والمشاهد في واقعنا اليوم أن هذه العادة لم يقتصر ضررها على ترك صلاة آخر الليل فحسب بل امتد إلى ترك صلاة الفجر أو التثاقل عنها ، حتى إن صلاة الفجر اليوم أصبحت لا تختلف من حيث المقدار عن صلاة المغرب بينما السنة معلومة في هذه المسألة ، وبالمقارنة بين صلاة الفجر في مجتمعنا اليوم وقبله بعشرات السنوات نجد انحدارا تدريجيا في تخفيفها وقلة من يصليها ، وصاحب هذا النقص في صلاة الفجر زيادة المشكلات في المجتمع وحصول الوهن والضعف في النفوس حتى إن معدلات الإنجاز عند كافة شرائح المجتمع أصبحت مقلقة سواء في ذلك الطالب أو المعلم أو الموظف أو الطبيب أو المهندس أو العامل.
لو صلى الناس اليوم صلاة الفجر كما كان يصليها النبي صلى الله عليه وسلم فإن واقعنا - بإذن الله تعالى- سيتغير إلى الأفضل والأحسن، ويختفي كثير من مظاهر الفشل والنقص شيئا بعد شيء ، فإن الخير يجذب بعضه بعضا ، والشر كذلك يجر بعضه بعضا، فالإنسان إما في صعود أو هبوط لا يمكنه التوقف أبدا.

المقال الثاني: الصلاة أعلى استثمار للحياة

إن المتأمل في هدي النبي صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا يجد أن الصلاة هي أهم ما يميز به الأوقات الفاضلة وفرص العمر الثمينة كرمضان عامة والعشر الأواخر وفيها ليلة القدر خاصة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه (البخاري ومسلم عن أبي هريرة)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه (البخاري ومسلم عن أبي هريرة) ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله (البخاري ومسلم عن عائشة) ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة ونوم فإذا كان العشر شمر وشد المئزر (أحمد عن عائشة) ،هذا أهم عمل يختص به رمضان وتستغل به ليلة القدر ، إنه الاجتهاد في الصلاة معظم الليل .
ونلاحظ أيضا أنه في هذا الشهر العظيم والموسم المبارك شرع صيام النهار ومن أهم مقاصد هذا الصيام أن يكون معينا على صلاة الليل بتهيئة القلب لتلقي العلم والإيمان ، ومحققا لصحة البدن لينشط في هذه الصلاة المباركة.
وفي العشر الأواخر من رمضان سن النبي صلى الله عليه وسلم لأمته الاعتكاف ليكون معينا على ذكر الله وكثرة الصلاة التي تقرب إلى الله عز وجل وتزيد الإيمان بالله واليوم الآخر .
ولما سأل ربيعة بن كعب رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم مرافقته في الجنة كان جوابه له : فأعني على نفسك بكثرة السجود، أي كثرة الصلاة، فهذا هو أعلى استثمار في هذه الحياة، وهو العمل الذي يؤهل صاحبه إلى مرافقة الأنبياء في الجنة.
المقال الثالث: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي

مما لا شك فيه ولا ريب أن الصلاة هي العلاج الجذري والمنهجي لما يشكو منه كثير من المربين والمصلحين مما وقع في صفوف الشباب والفتيات وهو ما يعرف بالعشق أو التعلق، وهو أنواع وألوان، وهو مراتب ودرجات فمنه القوي المستحكم ومنه السطحي الطفيف، ومنه الشامل المستغرق ومنه ما يكون في أمر واحد دون غيره من الأمور.
ومن يقرأ كتاب الجواب الكافي لابن القيم يراه يشخص ما ابتلي به الشباب والفتيات اليوم، وقد أطال ابن القيم في معالجة القضية وتحليلها وأجاد في ذلك إلا أن عين الدواء ربما اختفى في ثنايا كلامه ولم يستطع القارئ فقهه وفهمه.
والخلاصة والاختصار لمن سأل عن الجواب الكافي والدواء الشافي لعلاج هذه المعضلة التي تسيطر على القلب وتفسد السلوك وتوقع المبتلى بإحراجات ونقائص متعاقبة هو : الصلاة بمفاتيحها ، والتدريب على تطبيقها بشكل عملي متكامل، إنه علاج عملي واضح يقع على موضع الداء تماما وبعون الله يقتلعه من القلب والنفس ويحصل الشفاء والتنعم بالحرية والتخلص من عبودية التعلق.
إن عبودية العشق تحصل حين يفرغ القلب من عبودية الله ، والصلاة بمفاتيحها إذا طبقت بشكل صحيح متكامل تزرع عبودية الله في القلب وتنمو يوما بعد يوم حتى يحصل الارتقاء والصعود في سلم الكمالات ومراتب المعالي.
أصل هذا المرض وسببه الأكبر ضعف الإيمان وفراغ القلب من ذكر الله ، ثم إطلاق البصر وملاحقة الصور دون مراقبة أو مجاهدة أو محاسبة ، فتجد الشباب أو الفتيات يطلقون أبصارهم دون الشعور بأي حرج فيبدأ المرض ثم يزيد بالتدريج إلى أن يستحكم ويتغلغل فيسيطر على القلب ويأسره، وفي هذه المرحلة تتنوع الحالات فالكثير منهم يحصل عنده التعلق بصورة واحدة تسيطر عليه وتسد عليه الأفق فلا يرى غيرها ، وفي حالات أخرى يحصل التنقل من صورة إلى صورة بين كل فترة وأخرى.
وفي كل الحالات العلاج بإذن الله سهل ميسر حين يعالج بالصلاة ، بالتعليم والتوجيه والترغيب والتدريب إلى أن يتماثل الشخص للشفاء ويحس بالعافية وبعدها يمكنه متابعة نفسه بمفرده مع التأكيد عليه بألا يفرط بالعلاج أو يهمله حين يرى الشفاء ويحس بالعافية فينتكس مرة أخرى.
الصلاة هي العلاج الأول لمن لم يستطع الباءة أي الزواج ، والصوم وجاء أي قاطع لما يتبقى من دواعي الشهوة ، وقاطع لوساوس الشيطان ، فالصوم لا يكون وجاء حتى تكون قبله الصلاة وعلى الوجه الصحيح ، فالصوم والصلاة قرينان لمن أراد تزكية قلبه وإعفاف نفسه ، وحينما نقول الصلاة فينبغي أن نعلم معنى الصلاة وتعريفها العملي أنها ما تضمنت المفاتيح الأربعة عشر.

المقال الرابع: الصلاة حصن المسلم

حين طرد الشيطان من الجنة أقسم بعزة الله تعالى:"قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُم أَجْمَعِينَ(82)إَلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ(83)" ص:82ـ 83،لماذا استثنى المخلصين ؟ الجواب معلوم : أنه لا يقدر عليهم وليس له عليهم سلطان كما أخبر الله بذلك حين قال: "إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا" الإسراء: ٦٥
دوام الصلاة يحقق التوحيد والإخلاص الذي يحفظ ويحصن العبد من الشيطان، تسلط الشيطان يعني نقص إخلاص العبودية لله ، والصلاة تحقق إخلاص العبودية لله رب العالمين ، إذا الصلاة حرز وسياج قوي يحفظ ويحمي العبد من كيد الشيطان ، هذا هو التشخيص ، وهذه هي المعادلة في هذه القضية .
لا يوجد في هذه الحياة مضاد لسلطان الشيطان على النفس ، ومبيد لوساوسه في القلب مثل الصلاة.
إن الصلاة متى أديت بالكيفية الصحيحة والكمية الكافية فإن الشيطان لا يجد له إلى القلب سبيلا ولا يكون له سلطان على النفس أبدا .
الصلاة علاج النفس وشفاء القلب وهو بين يديك فإن شئت فاجتهد فيه تحصل على الحصانة والمناعة، وإن فرطت وقصرت في المجاهدة والتدريب فاعلم من أين أتيت وما سبب ضعفك ومصدر بلائك ، ومتى تعبت من حالك وأغلقت في وجهك الأبواب فتذكر هذا العلاج وعليك به يشفك الله من كل داء .
مجاهدة الشيطان مستمرة مع الأنفاس وهو متربص يتحين أي غفلة أو ضعف أو ترك للذكر والصلاة ليهجم على القلب ويحتله فيفسد فيه ويؤذي.
ولا يتصور أحد أن كيد الشيطان ينتهي وينقطع بفعل أمر من الأمور فهذا لا يكون أبدا ، إنما هو جهاد مدى الحياة.
هذه كلمات موجزة في هذه القضية الكبيرة من قضايا الحياة توضح لك أبعادها وتجيبك على كل أسئلتها ، وتجمع لك أطرافها، فمن علم غنم ، ومن جاهد سلم .





 


رد مع اقتباس
قديم 04-18-2013   #3


الصورة الرمزية بسمة روح
بسمة روح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 234
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 09-13-2014 (01:00 PM)
 المشاركات : 12,175 [ + ]
 التقييم :  53790370
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي





المقال الخامس: الصلاة والنصر


الصلاة هي وسيلة النصر ، أعني الصلاة التي تحقق التوحيد وإخلاص العبودية لله رب العالمين ، فالنصر يتنزل على المخلصين.

هذه الصلاة هي أمضى سلاح في هذه الحياة ، وكل سلاح عداها فلا يعد شيئا في مقابلها ، إننا قبل أن نفكر أو نشتغل بالأسلحة المادية يجب أن نخطط ونسعى جاهدين إلى زرع هذا السلاح في نفوس أفرادنا، فردا فردا، فمتى تحقق ذلك فإن النصر معه بإذن الله ، فالنصر مع الصبر ، والصبر من أعظم ثمار الصلاة .

الصلاة هي سلاح القوة للفرد والأسرة والمجتمع والدولة ، فأي فرد أو أسرة أو أمة حقق أفرادها الصلاة نصرت وسادت ، هذا وعد الله المؤكد وليس من عندي ، والتاريخ خير شاهد على هذه الحقيقة الربانية ، والوعد الإلهي.

إن الصلاة هي السلاح الذي يجب أن يسعى المسلمون إلى التسلح به ، وهي السلاح الذي يرهب الأعداء ويقذف في قلوبهم الرعب فلا تنفعهم أسلحتهم شيئا "وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا"الأحزاب: ٢٦ .

لقد وعد الله عباده المخلصين بالنصر والتمكين فقال :"وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِم وَلَيُمَكِننَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِى ارْتَضَى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِى لَا يُشْرِكُونَ بِى شَيْئَا فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"النور: ٥٥،هذا هو الشرط وهذا هو الجزاء ، فالمعادلة واضحة وقاطعة ، والوعد من العليم القدير أكيد مضمون ، لكن يبقى العمل ومن يحقق الشرط المطلوب وهو إخلاص العبودية لله وحده لا شريك له، والصلاة هي الوسيلة إلى إخلاص العبودية لله رب العالمين ، فمتى كانت الصلاة صلاة فإن إخلاص العبودية لله حاصل معها ولا بد والنصر جزاء المخلصين.


لم تكن كثرة العدد وقوة السلاح يوما ما هي المعيار الفاصل في القوة بل القاعدة في هذا الأمر : "فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّى وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإنَّهُ مِنِّى إلَّا مَنْ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ ءامَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُوا اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةً قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرةٍ بِإذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِِينَ"البقرة: ٢٤٩، "إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذَلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِى يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤمِنُونَ"آل عمران: ١٦٠،"مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَاللهِ الْعِزَّةُ جَمِيعَا إِلَيْهِ يّصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ" فاطر: ١٠،"يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلُّ وَلِله الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقينَ لَا يَعْلَمُونَ" المنافقون: ٨،"وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤمِنِينَ" الروم: ٤٧ .

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلجأ إلى هذه الصلاة في شدائد الحياة كلها ومن أشدها حين ملاقاة الأعداء، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لما كان يوم بدر قاتلت شيئا من قتال ثم جئت مسرعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنظر ما فعل ، فجئت فإذا هو ساجد يقول : (يا حي يا قيوم) لا يزيد على ذلك ، ثم رجعت إلى القتال ، ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك ، ثم ذهبت إلى القتال ثم رجعت وهو ساجد يقول ذلك ، ثم ذهبت إلى القتال ثم رجعت وهو ساجد يقول ذلك ، ففتح الله عليه"تعظيم قدر الصلاة"

وقال ابن القيم في زاد المعاد : " ثم حمي الوطيس واستدارت رحى الحرب واشتد القتال وأخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم في الدعاء والابتهال ومناشدة ربه عز و جل حتى سقط رداؤه عن منكبيه فرده عليه الصديق وقال : كفاك بعض مناشدتك ربك فإنه منجز لك ما وعدك"اهـ ، وفي حديث حذيفة في غزوة الخندق ذكر فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان طول الليل يصلي < مسند أحمد> ، وكان هذا دأبه صلى الله عليه وسلم في كل غزواته فكانت الصلاة هي السلاح الذي يستنزل به النصر من ربه ويستدفع به شر أعدائه ومكائدهم، فكان الله ينجيه ويحفظه في كل مرة.

وهذا العون والمدد حاصل لكل من تأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم وسلك طريقه واستن بسنته.

من كان كذلك فهو القائد الذي تنصر أمته ، والمربي الذي يصلح مجتمعه، والإداري الذي ينجز أهدافه ، أما من تكبر وأعرض أو أهمل وتكاسل فليس له من هذا النصر نصيب.

يكثر في الجيوش استعمال المنشطات أو المهدئات بسبب الخواء النفسي لأفرادها فيستعان في ذلك بالحبوب والعقاقير ، وربما وصل الحال ببعضهم إلى استعمال المخدرات والحشيش لأجل تحقيق القوة البدنية المبنية على قوة نفسية وهمية.

النصر الداخلي أول خطوات النصر، ولا يمكن النصر الخارجي بدونه، فالقوة النفسية هي القوة الحقيقة التي ينتصر بها الإنسان على أعدائه في الحياة ، فالمصلي تحصل له القوة النفسية الداخلية حين يحقق التوحيد، ويكتسب القوة والمدد من رب العالمين فيصبح قويا نشيطا ، وهذا تفسير ميزان القوة في حروب الصحابة رضي الله عنهم مع الفرس والروم، فلم يهزموهم بقوتهم البدنية ولا بعدتهم القتالية ولا بخبرتهم العسكرية إنما هزموهم بقوة توحيدهم لرب العالمين في صلاتهم الليل والنهار ، لذلك كان من دعاء المؤمنين"وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِى أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ"آل عمران: ١٤٧

إن ثبات القدمين في الصلاة هو الطريق لثبات القدمين في الجبهات.

النصر هو الصلاة، كلمة نقولها لمن ألهاهم وأشغلهم السعي لتحقيق الانتصار الخارجي ونسوا وأهملوا النصر الداخلي، أي البناء الداخلي للنفس، أي الصلاة بكل مفاتيحها، كلمة نقولها لمن استهلكت أوقاتهم المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية عن تحقيق مفاتيح إقامة الصلاة كاملة ورضوا بأقل من الحد الأدنى في هذا الأمر العظيم.

إن الصلاة أكبر تدريب عسكري متى أحسن استخدامها، فهي تحقق القوة النفسية والبدنية في وقت واحد، وأعني بالقوة النفسية قوة التوحيد لله رب العالمين "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُم وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْىء فِى سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ"الأنفال: ٦٠.

إن أحفاد الصحابة اليوم لا يمكنهم النصر على اليهود والنصارى والمجوس إلا بالصلاة بكل مفاتيحها، أما طلب النصر بقومية أو قبلية أو مدنية يختلط فيها المسلم بالكافر والمؤمن بالمشرك فهذا لا يكون، وإن وجد شيء من النصر والغلبة فهو نصر دنيوي لا يحقق قوة الدين وأهله ، وهو نصر أثره محدود، وعرضة للانهيار في أي لحظة.




 


رد مع اقتباس
قديم 04-18-2013   #4


الصورة الرمزية بسمة روح
بسمة روح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 234
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 09-13-2014 (01:00 PM)
 المشاركات : 12,175 [ + ]
 التقييم :  53790370
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي





المقال السادس: الصلاة والرزق


قد ربط الله تعالى الرزق بالصلاة في أكثر من آية في كتابه الكريم ومن ذلك قوله تعالى : "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(56)مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ(57)إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ"الذاريات: ٥٦ - ٥٨ ، وقوله تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَيِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نُرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى" طه: ١٣٢ ، أي جاهد نفسك على فعلها وإتقانها وإحسانها وكثرتها ولا تضع وقتك وحياتك في البحث عن الرزق وتأمين المستقبل، فالله لم يخلقك لتتعب وتشقى في طلب رزقك فقد كفله لك حين تصطبر على الصلاة، فمتى رعيت هذه الصلاة وقمت بها كما يجب فإن رزقك مكفول يأتيك وأنت في محرابك "فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّى فِى الْمِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقَا بَكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيَّا مِنَ الصَّالِحِينَ"آل عمران: ٣٩،
"فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ"آل عمران: ٣٧،"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئكَ هُمُ الخَاسِرُونَ" المنافقون: ٩، قال رسول صلى الله عليه وسلم : لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا (رواه الترمذي وصححه عن عمر بن الخطاب)
المؤكدات لهذه القضية واضحة ساطعة ولكن أكثر الناس لا يعلمون ، الكثير من الناس لم يثق بربه وبوعده فاشتغل بما ضمنه له عما أمره به فوكله الله إلى نفسه فتعب وشقي وأضاع الاثنين فلم يحفظ صلاته ، ولم يأته من رزقه إلا ما كتب له.
إن ارتباط الصلاة والعبودية بالرزق في آيات القرآن عجيب ودقيق كلها تؤكد هذا المعنى .
ولا يفهم من هذا الكلام الدعوة إلى البطالة وترك السعي في مناكب الأرض بحثا عن الرزق، إنما هي أولويات ، فالصلاة أولا ولها الصدارة في احترام مواعيدها ومنحها الوقت الكافي فرضا ونفلا ، ثم بعد ذلك في الوقت متسع لطلب الرزق كما قال تعالى "إنَّ لَكَ فِى النَّهَارِ سَبْحًا طَويلًا" المزمل: ٧.
والمقصود أن الصلاة تثبت في القلب الإيمان والتوكل واليقين الذي هو أعظم أسباب الرزق ، وهو باب الخيرات والبركات"وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءًا غَدَقًا" الجن: ١٦،"فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إنَّهُ كَانَ غَفَّارا(10)يُرْسِلِ الَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا(11)وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعْلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا(12)" نوح: ١٠ - ١٢.

المقال السابع: الصلاة والتدريب


لا تظن أن ما تسمع عنه من اجتهاد الصالحين في الصلاة وحبهم لها وشوقهم إليها وتلذذهم بها يأتي طفرة أو فجأة بل إن هذا يحتاج إلى جهاد ومجاهدة ومصابرة ، ويسبقه ابتلاء وتمحيص واختبار"وَلَنَبْلُوَنَّكُم حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ والصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ" محمد: ٣١، "أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا ءامَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ" العنكبوت: ٢
لا تتوقع أن تجد ما وصف في هذا الكتاب من أول مرة، ولا يصرفنك عما ذكر ويحصل عندك الشك والريب ألا تجد ، بل إن ما ذكر ليس مصدره ومستنده التجارب والأخبار والأحوال إنما مصدره قول الكبير المتعال وهو أصدق القائلين ، وقول رسوله صلى الله عليه وسلم الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى فالثقة بما وصف ثابتة وقوية لكن يبقى الأمر من يفوز ويصل ومن ينقطع به الطريق ويحال بينه وبين الجائزة العظمى والمنحة الكبرى والمنة العليا.
الأمر يحتاج إلى استعانة بالله تعالى وقوة توكل عليه وكثرة دعاء وإلحاح آناء الليل والنهار،مستمر لا يفتر ولا ينقضي ولا ينتهي حتى يصل إلى المطلوب ويظفر بالمرغوب.
المجاهدة في الصلاة لجمع القلب على الله تعالى ولتركيزه على تدبر ما تقرأ وما تقول تحتاج إلى بذل جهد مضاعف واهتمام كبير ، ،فجمع القلب في الصلاة وإقباله على الله يحتاج إلى صبر ومصابرة ومرابطة، ولا يصح أن يطلق المصلي لنفسه العنان تفكر كيف شاءت وبما شاءت وتسرح وتجول في كل واد بل عليه أن يجاهدها وأن يردها كلما همت بالشرود أو حاولت الخروج ، ومع التكرار فإنها تروض وتذعن وتتعود على الاستقرار والاجتماع بإذن الله تعالى .
فاستدرك عمرك وبادر باغتنام فرصتك واستثمار وقتك وحياتك .

المقال الثامن: الصلاة قبل البرامج والدورات

نسمع في هذه الآونة كثرة المطالبة بحضور الدورات من أجل علاج المشكلات التربوية والنفسية،أو بناء وتغيير الذات ،وأقول إن العلاج لمثل هذه الأمور في الصلاة قبل أن يكون في البرامج والدورات، فمن يريد علاج مشكلاته وإصلاح نفسه وتربيتها، فعليه بالصلاة، لكن ليس أي صلاة بل الصلاة بمفاتيحها كاملة ، والسبيل إلى ذلك التدريب على تحقيق مفاتيحها ، أي المجاهدة في أن تكون صلاة تامة كاملة.
الصلاة التي يصليها اليوم كثير من المسلمين صلاة ناقصة،ولهذا لا تحقق لهم بناء الذات ، وتربية النفس، وزكاة القلب، وليس العيب في الصلاة إنما العيب من المصلي الذي لم يصل صلاة تامة، وهذا الكلام يقال جوابا لمن يقول: إننا نرى كثيرا من النواقص والظواهر السيئة عند المصلين.
الصلاة هي الوسيلة لبناء الإنسان الصالح المصلح ،ومتى صلحت صلاة الإنسان صلحت تلقائيا كل أموره التي يحاول البعض إصلاحها مفككة منفصلة فمن المعلوم أن جميع جوانب حياة الإنسان متوقفة على قناعاته وأفكاره ومعتقداته، والصلاة مهمتها بناء الأفكار والمعتقدات إذا أديت بطريقة صحيحة.
كل المشاكل الأخلاقية والسلوكية سببها إهمال الصلاة والتفريط فيها "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ واتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيَّا"مريم: ٥٩، إنه متى تم بناء الشخصية القوية من خلال الصلاة فإن بناء المهارات الأخرى يكون أسهل وأسرع بمرات كثيرة مقارنة بضعيف الشخصية، لأن صاحب الشخصية القوية يتعلم أسرع والتزامه قوي وجديته عالية وهذه أمور بلا شك تختصر كثيرا من الجهود والأوقات.
فالصلاة هي القاعدة وهي السقف لكل ما يريده الإنسان في هذه الحياة ، هي أولا وآخرا ، إنها نعمة عظمى منَّ الله بها على عباده ، فمن استفاد منها تنعم وسعد في الدنيا والأخرى ، ومن أهمل وفرَّط شقي في دنياه وآخرته.
فنقول أصلحوا الصلاة أولا لتختصروا الوقت والجهد في الإصلاح والتربية والتغيير ، فإذا أصلحتم الصلاة وبقيت أشياء تحتاج إلى إصلاح فابحثوا عنها في غيرها، أما إشغال الوقت بالبحث عن الإصلاح في البرامج والدورات مع إهمال الصلاة فهذا إتيان للبيوت من ظهورها ، وعكس لسلم الأولويات.

المقال التاسع: التربية هي الصلاة

التربية هي الصلاة ، هذا باختصار هو التعريف العملي للتربية وبيان حدودها ، وكل ما عدا ذلك من أمور التربية فهي أمور فرعية تأتي تبعا لهذا الأصل العظيم الذي يصنع روح الإنسان ، ويربي نفسه تربية يسهل معها كل تربية ، ويمكن معها غرس كل فضيلة واقتلاع كل رذيلة بيسر وسهولة.
إن التربية على الصلاة تزرع في النفس القوة الموجهة للذات التي تقودها إلى المكرمات وتذودها عن السفاسف والدناءات ، أما من يفقد التربية على الصلاة فيصعب ملاحقة مفردات سلوكه وتعديل أخلاقه وتصرفاته.
الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، وكفى بهذا البيان من رب العالمين تأصيلا وتأكيدا لما أريد إثباته في هذا المقال.
التربية هي الصلاة، لكن البعض قد يجهل كيفية التربية بالصلاة ، والبعض ربما ينقص فقهه وفهمه لهذه القضية فيرى أن الصلاة مجرد عبادة من العبادات تؤدى حسب تعليمات معينة وانتهى الأمر.
والصواب هو ما تم تقريره وتوضيحه في مسائل هذا الكتاب ، نسأل الله بمنه وفضله أن يهدينا إلى سواء الصراط.
التربية على الصلاة يكون بأمرين:
الأول : لماذا أصلي ؟ وهو المفتاح الأول.
الثاني : كيف أصلي ؟ وهو بقية المفاتيح.
لا يصح في التربية الفصل بين القرآن والصلاة ، فيكون حفظ القرآن في جهة ، والصلاة في جهة كما يفعله بعض المربين في الحلقات، بل هما لحمة واحدة، كتلة واحدة ، سبيكة واحدة ، إن التربية يجب أن تسير على الاثنين معا وفي مسبك واحد كما تم بيانه في هذا الكتاب، وكتاب: الحفظ التربوي للقرآن ، وكتاب: مشروع خطوات التربية على الحياة.
وأما اقتصار بعض الحلقات على تحفيظ القرآن دون التربية على الصلاة، أو عدم إعطائها ما تستحق، أو الفصل بينهما ، فهذه أخطاء تربوية تحتاج إلى تصحيح.


المقال العاشر: الصلاة نصفان

نصف لله أي ثناء على الله تعالى وتعظيم له وتقديس، وتمجيد، ونصف للعبد أي تضرع واستكانة وذل وخشوع وإخبات وافتقار وخشوع وخضوع وانكسار.
والقرآن بيان لهذين النصفين، وتفصيل وتوضيح لهما، فبقراءة القرآن بتدبر في الصلاة يتفقه العبد في عظمة ربه وجلاله وقدسيته ووحدانيته، ويتفقه العبد بفقره وفاقته وشدة حاجته واضطراره إلى ربه وخالقه وأنه لا يستغني عن ربه طرفة عين.
استحضار هذا المعنى يجعل الصلاة أكثر عمقا وفقها ويجعل المصلي يركز ويعي ما يقول فكل ما يقوله المصلي في صلاته لا يخرج عن هذين القسمين.
فهذه الأمور الثلاثة : قراءة القرآن بتدبر في القيام ، وتعظيم وتقديس الله في الركوع ، والتضرع وكثرة الدعاء في السجود ، لا بد منها معا، ونقص أحدها وإهماله يؤدي إلى موت الصلاة أو ضعفها.
وجاء بيان هذه الأمور الثلاثة في آواخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بيوم أو يومين، وذلك فيما أخرجه مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستر ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه فقال: اللهم هل بلغت ثلاث مرات إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا يراها العبد الصالح أو ترى له ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم.
بعض المصلين يركز على قراءة القرآن وينسى التعظيم أو ينسى التضرع ، وبعضهم يركز على التضرع والانكسار والسؤال وينسى تدبر القرآن أو ينسى تعظيم الله وإجلاله وتقديسه، فمن فعل ذلك فقد وقع في نقص عظيم وفاته خير كثير.
والمقصود أنه لا بد من التوازن بين هذه الأمور الثلاثة لتكون الصلاة صحيحة سوية ، حية نابضة قوية مؤثرة ، لا بد من هذه الأمور الثلاثة لتحقق الصلاة مقاصدها.
وهكذا كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فكان قيامه وركوعه وسجوده وجلوسه قريبا من السواء.


المقال الحادي عشر: وصية الأنبياء عند موتهم

كانت وصية نبينا يعقوب عليه السلام عند موته: "أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالٌ لِبَنِيهَ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِى قَالُوا نَعْبُدُ إلَهَك وَإِلَهَ ءابَائكَ إبْرَاهِيمَ وإِسْمَاعِيلَ وإسْحَاقَ إلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ" البقرة: ١٣٣ ، وكانت وصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم ، والوصية واحدة، فوصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالصلاة هي وصية بالتوحيد إذ هي طريق تحقيقه وسبيل وجوده لمن صلى الصلاة التي يريدها الله تعالى ، الصلاة التي كان يصليها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم "لَيْسَ البِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبْ" البقرة: ١٧٧ فالصلاة التي يصليها كثير من الناس اليوم صلاة شكلية صورية يقوم فيها المصلي ويقعد، يركع ويسجد، ثم يسلم،ويعتبر نفسه صلى،وحقيقة الأمر أنه ما صلى، ويا ليته يدري أنه ما صلى، يا ليته يدرك خطورة الأمر لكي يبحث ويفتش ويحاول الإصلاح والتغيير.


المقال الثاني عشر: الصلاة والإدارة

يظن بعض الناس أن الإدارة مهارة يمكن اكتسابها عن طريق القراءة أو الممارسة، وهذا ظن صحيح لكنه بعض الحقيقة، أما حقيقة الإدارة فهي شخصية إدارية قبل أن تكون مهارة.
وهذه الشخصية جهتان: الأولى: إرادة ، الثانية: قدرة.
الجهة الثانية موهبة من الله تعالى فاوت بين الناس فيها ليتخذ بعضهم بعضا سخريا، فالناس يتفاوتون فيما بينهم في الذكاء والذاكرة تفاوتا كبيرا، والإدارة ترتكز بشكل كبير على هذين الأمرين لأجل فهم المواقف وجمع البيانات وتحليلها وإصدار القرار الصحيح في اللحظة المناسبة، والصلاة تعين على استغلال هذه القدرات بأعلى تشغيل واستثمار، ذلك أن البعض قد أوتي قدرات لكنها معطلة بسبب ضعف النفس والقلب. (انظر كتاب القراءة بقلب)
والجهة الأولى مكتسبة وتتضمن الأخلاق والصفات الشخصية التي يتعامل بها الإنسان مع المتغيرات من حوله ، وهذه الأخلاق يمكن تحصيلها بطريق التربية والإعداد والتكوين، والصلاة هي أفضل حقيبة تدريبية تحقق هذا الهدف الكبير.
إن الإداري حين يفقد هذه الأخلاق فإن قدراته تكون وبالا عليه وعلى العمل الذي أسند إليه، فيتخذ المنصب الذي وصل إليه سلما لتحقيق مصالحه الشخصية على حساب المصالح العامة،فيفسد ولا يصلح، وإن أصلح فلأجل أن يتوصل إلى مغانم يخطط في الوصول إليها.
إن الأمة تعاني من أزمة حادة في الإدارة على جميع مستوياتها ولا مخرج لها من هذه الأزمة إلا بالصلاة، يربى الناس عليها لتنتج لنا الإداري الناجح الذي يقود العمل ويرتقي به من نجاح إلى نجاح .




 


رد مع اقتباس
قديم 04-18-2013   #5


الصورة الرمزية بسمة روح
بسمة روح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 234
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 09-13-2014 (01:00 PM)
 المشاركات : 12,175 [ + ]
 التقييم :  53790370
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي



المفتاح الأول : حفظ مقاصد الصلاة ( لماذا أصلي؟)

إن استحضار مقاصد الصلاة وحضورها في القلب بصورة صحيحة وعميقة من أهم ما يفتح للعبد تعظيم الصلاة ويجعله يعرف علو شأنها ورفيع قدرها ، وعظيم خطرها ، وشرف مكانتها ، والعلم بمقاصد الصلاة من أهم الأسباب الجالبة لحب الصلاة وقوة الرغبة في الإكثار منها وتطويلها والتلذذ بها ذلك أن من عرف قيمة الشيء حرص عليه ورغب فيه.
إن تعظيم الصلاة ومعرفة شأنها فرع عن العلم بمقاصدها وقوة اليقين بمعانيها، فقوة الإيمان بالصلاة هي أول وأولى لبنة يتم بناؤها في تربية الإنسان وصناعته.
إن الحفظ التربوي لمقاصد الصلاة ليس بالأمر السهل بل يحتاج إلى جهاد ومكابدة حتى يتمكن العبد من ربطه وعقله في قلبه وتثبيته في فؤاده وحينها يكون هدي إلى الصراط المستقيم وسار على الدرب القويم.
إن تعلم وتعليم مقاصد الصلاة لهو من أهم الواجبات وأول المفروضات لأنه به يستقيم عمود الدين ويحصل به السير على الصراط المستقيم .
ومع هذا الحفظ وقبله وبعده لا بد من كثرة الدعاء بأن يجعل الله الصلاة قرة عينك وأن يشرح لها صدرك ، أي دوام التضرع بأن ييسر الله لك هذه الصلاة وأن يجعل لك منها أوفر الحظ والنصيب ، فكان من دعاء إبراهيم الخليل عليه السلام :"رَبِّ اجْعَلْنِى مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَتِى رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ" إبراهيم: ٤٠، فادع الله ليلا ونهارا سرا وجهارا أن يجعلك وذريتك من مقيمي الصلاة ، لا يهدأ لك بال، ولا تقر لك عين حتى تكون الصلاة قرة عينك وذريتك وإخوانك المسلمين.
ينظر بعض الناس إلى الصلاة على أنها واجب يؤديه ، أو قربة من القرب وطريقا من طرق كسب الثواب ، وزيادة الحسنات فحسب ، ومن كانت هذه نظرته للصلاة فإنه لم يقدر الصلاة حق قدرها ولم يفقه سر مشروعيتها؛ فرضا ونفلا، ولم يتبين له سبب حرص النبي صلى الله عليه وسلم الشديد عليها ، و من خلال عرض مقاصد الصلاة نعلم أن الصلاة هي التوحيد، هي الإيمان، هي العلم ، هي الدين ، هي منبع القوة ، ومصدر الطاقة الذي يمد القلب والنفس بالحياة، ومن ثم تسري هذه الحياة إلى بقية أعمال الإنسان، ومن أجل ذلك لا بد أن يكون لها اهتمام خاص ، وتقديم دائم على سائر الأعمال، أما من نقص علمه في هذا الباب فربما اشتغل بالمفضول عن الفاضل، وترك الأهم اشتغالا بالمهم ، أي أننا ربما نجد من اشتغل بالدعوة والتربية وقد أهمل نفسه في هذا الأمر فصار هو بحاجة إلى دعوة وتربية .









 


رد مع اقتباس
قديم 04-18-2013   #6


الصورة الرمزية بسمة روح
بسمة روح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 234
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 09-13-2014 (01:00 PM)
 المشاركات : 12,175 [ + ]
 التقييم :  53790370
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي





المقصد الأول: ذكر الله، العلم، التوحيد، الإيمان

يقول الله تعالى :"إنَّنِى أَنَا اللهُ لَا إِلهَ إلَّا أنَا فَاعْبُدْنِى وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِى" طه: ١٤ ، ويقول عز من قائل:"اتْلُ مَا أُوحِىَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ واللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ"العنكبوت: ٤٥،"وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ الليْلِ إنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِئَاتِ ذَلِكَ ذَكْرَى للذَّاكِرِينَ"هود: ١١٤

دلت هذه الآيات وغيرها على أن المقصود الرئيس من إقامة الصلاة ذكر الله.
وما هو ذكر الله ؟
هو اليقين بأنه : لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو إخلاص العبودية لله وحده ، هذا هو أساس مقاصد الصلاة وقاعدتها ومنه تتفرع بقية المقاصد.
المقصود الأعلى والأعظم من الصلاة أنها ترسخ في القلب العلم بأنه: (لا إله إلا الله) ،الذي يحفز ويقود النفس إلى عبودية الله تعالى ( فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك ) ، هذا هو هدف الصلاة والغاية من مشروعيتها ، الصلاة بجميع أفعالها وأقوالها من بدايتها إلى نهايتها تحقق هذا المقصود متى كانت صلاة تامة.
إذا سألتك نفسك: لماذا أصلي ؟
فالجواب: أصلي لذكر لله ، لأحفظ اسم الله فلا يغيب عن قلبي طرفة عين.
كلما صليت كلما زدت فقها وعلما بالله، كلما زدت نورا وهدى وبصيرة وتقى ويقينا وإنابة وخشية وتوكلا، وهذا عين إخلاص العبودية لله رب العالمين.
الصلاة لمذاكرة وحفظ العلم بالله ، الصلاة تعلم ودراسة وقراءة اسم الله .
حين تصلي فأنت تطلب العلم ، وليس أي علم ، بل هو أعلى علم وأشرفه وأعظمه ،إنه علم: لا إله إلا الله ، ويخطئ من يغيب عن قلبه هذا المعنى.
الصلاة أول ما تكون لطلب العلم ، لزيادة العلم بالله واليوم الآخر ، هذا هو الهدف الأكبر من الصلاة.
كيف نعلم أن الصلاة تحقق العلم بلا إله إلا الله، الذي يحقق إخلاص العبودية لله رب العالمين ؟
علامة ذلك أن يوجد في القلب الافتقار إلى الله تعالى في كل لحظة ، أن يكون العبد كثير التضرع والابتهال والإلحاح في سؤال الله ؟ علامة ذلك أن يوجد في قلب العبد اليقين والإخلاص بأنه : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، اليقين بأنه لا حول ولا قوة إلا بالله، أن يكون لسان حال العبد مع كل نفس من أنفاس حياته هذه الكلمات العظيمة: (اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت)، هذه الفطرة التي يجب أن يحيا عليها الإنسان ويموت.
كل كلمات الصلاة من التكبير إلى التسليم ترسخ هذا المعنى وتثبته في القلب.
وكلما زدت أيها العبد صلاة كلما زاد يقينك وعلمك بهذه المعاني ، هذا المفترض فإن لم يوجد فاعلم أنها ليست صلاة.
فإذا كنت كلما صليت كلما زدت افتقارا إلى الله وتضرعا إليه، إذا كنت كلما صليت زدت تعظيما وتقديسا لله وتنزيها وتسبيحا لله، إذا كنت كلما صليت زدت رؤية لتقصيرك وتفريطك في جنب الله، واجتهدت في الاستغفار أكثر وأكثر، فصلاتك حقا صلاة، وإلا فليست بصلاة، ويقال لك : ارجع فصل فإنك لم تصل.
ما لم تحصل على هذه النتيجة فصلاتك صلاة شكلية صورية ، صلاة جسد بلا روح.
ضابط هذا المقصد ومعناه: أن يتحقق في القلب : فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك ، أن ينقطع قلبك عما سوى الله، أن تتيقن في كل لحظة أنك على خشبة في لجة البحر تنادي يا رب يا رب ،أن تعلم أنك محاط بالضر في كل لحظة وفي كل حال لا تنفك من ذلك أبدا حتى وأنت في أيسر ما تكون.
أن ينطق قلبك قبل لسانك في كل لحظة بقول: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، يا من يجيب المضطر إذا دعاه، يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله رب العرش العظيم، رب إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا كبيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي.
أن يكون حالك كما أخبر الله : فادعوا الله مخلصين له الدين، دعا ربه منيبا إليه، ضل من تدعون إلا إياه ، فإليه تجأرون.
أن تحذر من: ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون، مَرَّ كأن لم يدعنا إلى ضر مسه، نسي ما كان يدعو إليه، قال إنما أوتيته على علم عندي.
هذه الكلمات وأمثالها تصور معنى التوحيد والإخلاص الذي يجب أن يقوم في قلب العبد في كل لحظة وفي كل حال، في السراء قبل الضراء، وفي الرخاء قبل الشدة، في اليسر قبل العسر ، وفي الصغير قبل الكبير، وفي اليسير قبل العسير.
الصلاة مهمتها تحقيق هذا المعنى في قلب المصلي، وتثبيته وترسيخه.
ومتى كان هذا المعنى موجودا حيا نابضا في كل الصلاة ، فهذه هي الصلاة التي ذكرت في القرآن ووصفها الله لعباده دواء لكل داء وعونا على الحياة في السراء والضراء، فكلما أحسست بضعف أو نقص توحيد الله في قلبك فافزع إلى الصلاة وأن تكون بتضرع وذل وانكسار لله رب العالمين، تجد أن الحياة قد عادت إلى قلبك فقوي الإيمان وزاد اليقين.







 


رد مع اقتباس
قديم 04-18-2013   #7


الصورة الرمزية بسمة روح
بسمة روح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 234
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 09-13-2014 (01:00 PM)
 المشاركات : 12,175 [ + ]
 التقييم :  53790370
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي





المقصد الثاني: الدخول على الله ومناجاته

الصلاة دخول على الله تعالى ووقوف بين يديه لا يشبهها أي عمل من الأعمال في هذا المعنى ، الصلاة حال مميزة وفريدة من بين أحوال العبد كلها في هذه الحياة الدنيا ، الصلاة وضع خاص شرعه الله لعباده لمن أراد الدخول عليه والوقوف بين يديه .
تذكر أنك حين تدخل في الصلاة حين تكبر تكبيرة الإحرام أنك انتقلت من حال إلى حال ، ومن عالم إلى عالم ، ومن مكان إلى مكان، تذكر هذا بيقين وتأكد أنه كذلك.
فالأحاديث صحيحة لا ريب في صحتها، ومعناها قطعي لا مجال في تأويله أو صرفه عن ظاهره ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه أو إن ربه بينه وبين القبلة (البخاري عن أنس)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحدكم إذا كان في الصلاة فإن الله قبل وجهه (البخاري عن ابن عمر)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال الله عز وجل مقبلا على العبد وهو في صلاته ما لم يلتفت فإذا التفت انصرف عنه (أبو داود والنسائي عن أبي ذر) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله أمركم بالصلاة فإذا صليتم فلا تلتفتوا فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت ( الترمذي وصححه عن الحارث الأشعري)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أحدكم إذا قام يصلي فإنما يناجي ربه فلينظر كيف يناجيه (الحاكم عن أبي هريرة وهو في صحيح الجامع) وحديث (قسمت الصلاة) وهو في صحيح مسلم دليل واضح على المناجاة بين العبد وربه في الصلاة.
وعن عبد الله بن المبارك ، قال : سألت سفيان الثوري قلت : الرجل إذا قام إلى الصلاة ، أي شيء ينوي بقراءته وصلاته ؟ قال : ينوي أنه يناجي ربه (تعظيم قدر الصلاة: 1/183) .
وعن عباد بن كثير ، قال : للمصلي ثلاث : تحف به الملائكة من قدميه إلى عنان السماء ، ويتناثر عليه البر من عنان السماء إلى مفرق رأسه ، وينادي مناد : لو يعلم المصلي من يناجي ما انفتل (تعظيم قدر الصلاة: 1/183) .
فينبغي إجلال هذه المخاطبة وتقديرها حقّ قدرها ،إنك متى استشعرت هذا المعنى فستدرك معنى الصلاة وعظيم شأنها ،أما من يغيب هذا المعنى عن قلبه ويسهو عنه فإنه لا يعرف قيمة الصلاة ولا يحس بعظمتها، ولا يدرك لذتها.
و لو لم يكن في الصلاة إلا هذه لكفى بها حافزا لهذا الإنسان الضعيف العاجز الفقير أن يفزع إلى الصلاة وأن يجود بالنفس والوقت عليها، قال بكر بن عبد الله المزني : من مثلك يا ابن آدم ؟ إذا شئت أن تدخل على مولاك بغير إذن دخلت، قيل له : وكيف ذلك؟ قال: تسبغ الوضوء وتدخل محرابك فإذا أنت قد دخلت على مولاك تكلمه بلا ترجمان. (المتجر الرابح:32)
والواقع أن لذة المناجاة التي يجدها المصلي واحدة من ثمار ومنافع الصلاة في الدنيا قبل الآخرة، وإن كانت ليست كل المقصود من الصلاة.
وهذه اللذة والسعادة التي يجدها المصلي عظيمة وثمينة وغالية فكم بحث الناس عنها في المشرق والمغرب وبذلوا في تحصيلها الأموال الطائلة، وأمضوا الأوقات الطويلة رغبة في بلوغها وهي أقرب إليهم من حبل الوريد، إنها الصلاة، لكن ليس أي صلاة ، بل الصلاة بمناجاة.
لقد قال قائل أولئك القوم - ممن وجد حلاوة الصلاة ، وذاق لذة المناجاة -: إن كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه فإنهم في عيش طيب ، وقال آخر : إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة ، وقال بعضهم: لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف ،قيل لأحد الصالحين : ما بقي مما يتلذذ به؟، فقال: سرداب أخلو بربي فيه ، وقال آخر:ما تلذذ المتلذذون بمثل الخلوة بمناجاة الله عز وجل.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : يا بلال أرحنا بالصلاة (أحمد وأبو داود)، وقال صلى الله عليه وسلم : جعلت قرة عيني في الصلاة (أحمد والنسائي عن أنس)
هذه اللذة التي شمر إليها المشمرون واجتهد في تحصيلها المجتهدون، وخسر في الحصول عليها المغبون.
حين يتفرغ المؤمن للقرآن والصلاة يجد من الفتح والفهم والفقه مالم يجده دون ذلك، وهذه الفتوحات تورث لذة الإيمان وحلاوة المناجاة، والتجارب والشواهد في هذا كثيرة ومما سجله لنا التاريخ تجربة شيخ الإسلام ابن تيمية حين حبس في قلعة دمشق يحكيها لنا ابن رجب فيقول: "وبقي مدة في القلعة يكتب العلم ويصنفه، ويرسل إلى أصحابه الرسائل، ويذكر ما فتح الله به عليه في هذه المرة من العلوم العظيمة، والأحوال الجسيمة. وقال: قد فتح الله علي في هذا الحصن في هذه المرة من معاني القرآن، ومن أصول العلم بأشياء، كان كثير من العلماء يتمنونها، وندمت على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن، ثم إنه منع من الكتابة، ولم يترك عنده دواة ولا قلم ولا ورق، فأقبل على التلاوة والتهجد والمناجاة والذكر" ،قال شيخنا أبو عبد اللّه بن القيم: سمعت شيخنا شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه، ونور ضريحه، يقول: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة"اهـ إنها جنة الصلاة .
فلماذا لا نحبس أنفسنا مع القرآن والصلاة لنرى هذه المشاهد ونبصر تلك الحقائق ونصل إلى تلك الأحوال التي نسمع بها ولا نراها، لست أدعو إلى العزلة التامة عن الناس ، بل المقصود أن يكون زمام أنفسنا بأيدينا لا بيد غيرنا، وأن نعطي القرآن والصلاة من الوقت والحياة ما يوصلنا إلى هذه الجنان التي أخبر عنها أهل التجربة.






 


رد مع اقتباس
قديم 04-18-2013   #8


الصورة الرمزية بسمة روح
بسمة روح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 234
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 09-13-2014 (01:00 PM)
 المشاركات : 12,175 [ + ]
 التقييم :  53790370
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي





المقصد الثالث: القرآن: تدبر وتذكر ، فهم وحفظ

يقول الحق تبارك وتعالى:"كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَرُوا آيَاتِهِ وَلِيَذَّكَرَ أُولُو الأَلْبَابِ" ص: ٢٩، إن البعض ممن يستدل بهذه الآية يكتفي بذكر أولها لأن مراده ومقصوده التدبر ، وينسى الأمر الأهم وهو التذكر ، إنهما ركنان لازمان للانتفاع بالقرآن لا يغني أحدهما عن الآخر، وهما ركنا العلم أعني: الفهم والحفظ، فلا علم بفهم دون حفظ ، أو بحفظ دون فهم .
وكذلك الحال بالنسبة للقرآن، لا انتفاع بتدبر دون تذكر ، أو بتذكر دون تدبر ، لابد من الأمرين معا.
ومن أهم مقاصد الصلاة تحقيق هذين الأمرين خاصة الثاني، وقد خص الحق تبارك وتعالى التذكر بأولي الألباب مما يدل على أنه المقصود.
إن قراءة القرآن في الصلاة يحقق حفظ المعاني وربطها بالقلب ومن ثم ربطها بالحياة والواقع.
تدبر القرآن وتذكره هو العلم هو الإيمان هو الذكر، لذلك كان هو أفضل الصلاة، كما جاء في الصحيح: أفضل الصلاة طول القنوت (مسلم عن جابر)، أي طول القيام وكثرة قراءة القرآن.
قراءةالقرآن هو مصدر الطاقة التي تمد الصلاة بالحياة، وبدونها أو بضعفها يحصل النقص والخلل في الصلاة.
إن من أهم مقاصد الصلاة قراءة القرآن ، وتدبر وتعلم ما فيه من علم وعمل.
قراءة القرآن في الصلاة لا يشبهها أي قراءة، ولا يقوم لها أي طريقة في تحقيق تدبر القرآن وتفتق معانيه .
إن اجتماع القرآن والصلاة اتحاد بين أمرين يحصل بسببه حياة لمعاني القرآن، وفي صلاة الليل خاصة ، والأدلة على هذا كثيرة ذكرت طرفا منها في كتاب مفاتح تدبر القرآن .
حين تقوم للصلاة تذكر هذا المقصد واستحضره لتدرك هذه الفضيلة وتكسب هذه المنزلة العالية الرفيعة، منزلة فقه القرآن وتدبر آياته، وخاصة أم القرآن الفاتحة.






 


رد مع اقتباس
قديم 04-18-2013   #9


الصورة الرمزية بسمة روح
بسمة روح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 234
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 09-13-2014 (01:00 PM)
 المشاركات : 12,175 [ + ]
 التقييم :  53790370
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي



المقصد الرابع: الدعاء: تعظيم وتضرع، ثناء وسؤال

من أهم مقاصد الصلاة الدعاء ، بل الصلاة هي الدعاء، هذا معناها في اللغة وهو معناها في الاصطلاح.
الصلاة وهي الدعاء، نصفان:
الأول: تعظيم الله وتقديسه وتمجيده، والتوسل إليه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا.
الثاني: الانكسار والخشوع والخضوع والذل والفقر،والسؤال .
سئل الإمام أحمد عن سر وضع اليدين على الصدر حين القيام في الصلاة فقال: ذل بين يدي عزيز ، وقال ابن حجر: قال العلماء : الحكمة في هذه الهيئة أنها صفة السائل الذليل وهو أمنع من العبث وأقرب إلى الخشوع (فتح الباري 2/224 ) هذا ما يجب أن تستشعره حين تقوم في الصلاة، أنك سائل ذليل بين يدي العزيز الجبار الواحد القهار، تذكر من أنت أيها العبد وبين يدي من تقف يظهر لك حقيقة موقفك.
كان الصالحون حين يريدون الدخول في الصلاة يشعرون بالخشية والهيبة والوجل لأنهم يعلمون ما معنى الصلاة ، وبين يدي من سيقفون ومن يناجون ويخاطبون.
قال مجاهد رحمه الله: كانوا إذا قام أحدهم يصلي يهاب الرحمن أن يشد بصره إلى شيء أو يلتفت أو يقلب الحصى أو يعبث بشيء أو يحدث نفسه بشأن الدنيا إلا ناسيا ما دام في صلاته (تعظيم قدر الصلاة 1/188)

الخشوع والانكسار بين يدي الله تعالى؛ أمر عظيم شأنه ،سريع فقده ،نادر وجوده قال النبي صلى الله عليه وسلم: أول شيء يرفع من هذه الأمة الخشوع ، حتى لا ترى فيها خاشعا( الطبراني في الكبير عن شداد بن أوس) ، وفي فضل الخشوع ووعيد من تركه يقول النبي صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات افترضهن الله تعالى ، من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن ، وأتم ركوعهن وخشوعهن كان له على الله عهد أن يغفر له ، ومن لم يفعل ، فليس له على الله عهد، إن شاء غفر له وإن شاء عذّبه (أبو داود عن عبادة بن الصامت وهو في صحيح الجامع) .

الغالب على الإنسان نسيان فقره وذله وعبوديته لله ، ونسيان كبرياء الله وعظمته وملكوته وجبروته، لذلك يغلب على كثير من الناس الاستكبار عن عبودية الله، ومن أجل ذلك فإن الله سبحانه وتعالى يبتلي عباده بالشدائد ليس إهانة ولا تعذيبا ، بل رحمة بهم لكي يعرفوا حقيقة فقرهم وفاقتهم ، فيخشعوا ويذلوا ويخضعوا ويستكينوا لله رب العالمين ، يقول الله تبارك وتعالى :"وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ(42)فَلَوْلَا إذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشِّيْطِانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(43)"
الأنعام: ٤٢ - ٤٣ ، والعبد الموفق هو من يفقه هذا الدرس ويفهم سر الابتلاء ويعلم ما يريده الله من عباده، إنه يريد منهم أمرا واحدا أن يفروا إليه ويلجأوا إليه سبحانه ويقفوا بين يديه الساعات الطوال متضرعين مخبتين متذللين، هذا حق العبودية لله سبحانه وتعالى على خلقه .
إن كثيرا من الخلق يستكبر عن هذه العبودية ويتأخر عنها إلى أن يصل إلى طريق مسدود ويشرف على الهلاك هناك يتذكر أنه عبد ضعيف فقير فيلجأ إلى الله تعالى ، الذي بيده القوة ، بيده الخلق والأمر فيخلص له العبودية، وليت هذا اليقين والتوحيد يدوم بل إنه مؤقت يزول بزوال المؤثر فما إن يزول حتى يعود إلى شركه مرة أخرى"فَإذَا رَكِبُوا فِى الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدَّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ"العنكبوت: ٦٥، "وَإذَا مَسَّ الإنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إلَيْهِ ثُمَّ إذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِىَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لَلهِ أَنْدَلدًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ" الزمر: ٨
إن الإنسان مادام في عافية وأمن ورخاء فإنه ينسى فقره وشدة حاجته إلى ربه، ولو تفكر في حاله لعلم أنه لا شيء، وأنه في أي لحظة يمكن أن تنقلب حاله فعندها يدرك أنه عبد ضعيف عاجز، فقير إلى عون ربه ، محتاج إلى عفوه ورحمته.
وقد أكد الله هذا المعنى في القرآن كثيرا، من ذلك قوله تعالى:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ لَا إِلَهَ إلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ"فاطر: ٣،"أَمَّنْ هَذَا الَّذِى يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِى عُتُوٍّ وَنُفُورٍ"الملك: ٢١ ،"قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ"الملك: ٣٠،"أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ(63)ءَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ(64)لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ" الواقعة: ٦٣ - ٦٥ ،"أَفَرَأَيْتُمُ المَاءَ الَّذِى تَشْرَبُونَ(68)ءَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ(69)لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ" الواقعة: ٦٨ - ٧٠ ، "أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا" الإسراء: ٦٨، "أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ(97)أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أنْ يَأْاِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ(98)أَفأََمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ" الأعراف: ٩٧ - ٩٩ ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه (مسلم عن أبي ذر) .
إن الله عز وجل يريد من عباده أن يعرفوا حقيقة فقرهم ، وأن يقوموا بواجب العبودية له سبحانه ، فيحصل منهم الخضوع والاستكانة والتضرع إليه سبحانه ، وأعظم ما يكون هذا الخشوع وتلك الاستكانة في الصلاة ، لذلك كانت الصلاة هي مفزع الحبيب صلى الله عليه وسلم حين الشدائد في الكسوف والخسوف وفي القحط والجدب وفي كل غزواته، وفي جميع المواقف الصعبة .
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الحالات يفزع إلى الصلاة وليست أي صلاة بل إنها صلاة من نوع خاص لا يطيقها إلا الأقوياء ممن تربى على الصلاة تربية عميقة طويلة وجاهد في الله حق جهاده ، أما من لم يكن كذلك فإنه لا يطيق هذا العلاج ولا يمكنه أن يستفيد منه لا في الشدة ولا في الرخاء .
الصلاة كلها دعاء وتضرع من فاتحتها إلى خاتمتها ويختص السجود لأنه غاية الذل والخشوع؛ بإفضاء العبد بحاجاته إلى ربه وهذا بعد أن يمر بمراحل سابقة فيها تعظيم لله عز وجل واعتراف بحقه يبدأ بدعاء الاستفتاح ثم ما تضمنته الفاتحة من المعاني العظيمة ثم ما يقرؤه من القرآن ثم التسبيح في الركوع ثم الحمد في الاعتدال ثم استفتاح السجود أيضا بتعظيم الله وبعدها ترفع الحجب وتفتح الأبواب فيفضي العبد بما في صدره وما يريده من ربه فعندها يستجاب الدعاء ويسمع النداء، ويكشف الكرب ، ويزول البلاء.




 


رد مع اقتباس
قديم 04-18-2013   #10


الصورة الرمزية بسمة روح
بسمة روح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 234
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 09-13-2014 (01:00 PM)
 المشاركات : 12,175 [ + ]
 التقييم :  53790370
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي



المقصد الخامس: الشكر

الصلاة حق العبودية لله تعالى يقوم بها من كان عبدا شكورا وبهذا الجواب نطق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حين رأت عائشة رضي الله عنها شدة اجتهاده في الصلاة وكثرتها فقالت : كيف تفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال صلى الله عليه وسلم : أفلا أكون عبدا شكورا ، والمعنى: إذا كان الله غفورا رحيما؛ قد غفر لي ذنبي وتجاوز عني أفلا أقابل هذا العفو والمغفرة بالشكر والثناء على هذه النعمة العظمى نعمة المغفرة لما تقدم من الذنب وما تأخر؟
إن ذلك هو فعل أهل الكرم والنفوس السخية الندية التي تقدر الجميل حق قدره وتقابل الإحسان بالإحسان.
أما من قابل نعمة العفو والمغفرة ونعمة الصحة والعافية باللهو والغفلة والدعة والكسل أو بالمعصية والإساءة فهذا حري بأن يسلب هذه النعمة وتحل به النقمة والعقوبة.
إن العبد الشاكر هو الذي يعرف ربه حق المعرفة ويقدره حق قدره. واسمع إلى قول الله تعالى : "بَلِ اللهَ فاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ(66)وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ والأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ والسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ" الزمر: ٦٦ - ٦٧
ولا حظ الربط بين العبودية والشكر وتقدير الله حق قدره، فكلما زاد علم العبد بربه زاد اعترافه بعظمته وبمنته وتبين له عظيم فقره وشدة تقصيره فاجتهد في شكر ربه.

فأنت أيها العبد بين أمرين إما مغفرة تستوجب الشكر أو ذنوب تحتاج إلى استغفار ففي كل حال أنت مطالب بالصلاة لله رب العالمين في كل وقت.
أما من نقص علمه وضعف يقينه فتجده يستثقل حتى الصلوات المفروضة ويستطيلها إلى حد أن ينقرها نقر الغراب لا يطمئن فيها بركوع ولا سجود ولا يعي ما يقول فيها إن كان يقول شيئا.
فالصلاة هي أعظم عمل يتقرب به العبد إلى ربه ويتحبب إليه، وعلى هذا فهي أعظم ما يقدمه العبد شكرا لمولاه على نعمه التي لا تعد ولا تحصى "إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ(1)فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ(2)"الكوثر: ١ - ٢
ولو لم يكن للصلاة سوى هذا المقصد لكان كافيا أن تشغل وقت وحياة العبد الفقير إلى ربه المغمور بنعمه والمحاط بفضله والمأسور بمنته.
لو لم تكن الصلاة إلا شكرا لله على نعمة الهداية إلى الصراط المستقيم الذي ضل عنه كثير من الخلق؛ لكان ذلك كافيا وحافزا للعبد أن يجعل عمره كله صلاة.
فتقرب أيها العبد الفقير إلى ربك بالصلاة شكرا له على نعمه ورجاء الزيادة التي وعد الله عباده الشاكرين "وَإذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ" إبراهيم: ٧، وكن من القليل الذين قال عنهم ربهم ومولاهم : "وَقَلِيلٌ مَنْ عِبَادِىَ الشَّكُورُ" سبأ: ١٣.
إن بعض الناس حين يحس بغمرة الفرح والنشوة بتجدد نعمة أو اندفاع نقمة لا يقع في نفسه تعبيرا عما فيها من الشكر إلا الصدقة بالمال ونحوه وهذا خير وعمل جميل ، لكن الصلاة قبله وفوقه بكثير،"إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ(1)فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ(2)" الكوثر: ١ - ٢

وكان هذا هو هدي سيد الخلق صلوات الله وسلامه عليه فإنه يبادر إلى الصلاة ويكثر منها حين تجدد نعم ربه عليه ومن أبرز ما حفظ لنا من هديه صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر صلاة الفتح : أي فتح مكة فقد صلى ثماني ركعات شكرا لله عز وجل على هذه النعمة العظمى.
ففي كل صلاة تصليها تذكر هذا المقصد وضمه للمقاصد الأخرى ليعظم أجر صلاتك ويعظم نفعها وأثرها على قلبك، وعند تجدد نعمة أو اندفاع نقمة فخصها بصلاة تدخل فيها على مولاك تشكره على عظيم نعمته عليك.
لو قضى العبد حياته كلها ساجدا لله لما قام بشكر سيده ومولاه ، ولكن ربنا غفور رحيم شكور حليم يرضى منا باليسير، قد رضي منا بما نقدر عليه وعفا عنا ما نعجز عنه أو يشق علينا فعله، فاللهم لك الحمد أولا وآخرا وظاهرا وباطنا.
من يكثر الصلاة بهذه النية وهذا المقصد فإنه يتربى على الشكر في حياته كلها ، وفي سائر أموره، والشكر هو سيد الأخلاق وأصلها ومنبعها، منه تتفرع وعليه تدور.
الإيمان نصفان: شكر وصبر كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ، والمتأمل في آيات القرآن الكريم يجد اقتران الشكر بالصبر ، والتأكيد على أن الاتعاظ والانتفاع بالآيات حاصل لمن كان كذلك "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بآيَتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إنَّّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٌ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ" إبراهيم: ٥، فهما الوجهان العمليان للعلم والإيمان، وهما ثمرة الإيمان للحالتين اللتين يتقلب العبد بينهما في هذه الحياة.
تأمل آيات الشكر في القرآن الكريم تتضح لك أبعاد هذا المقصد وتتبين لك خفاياه وأسراره .




 


رد مع اقتباس
إضافة رد
كاتب الموضوع بسمة روح مشاركات 36 المشاهدات 9292  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع

(عرض التفاصيل الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع منذ بعد 04-13-2024, 09:06 PM (إعادة تعين) (حذف)
لا توجد أسماء لعرضهـا.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 04:09 PM بتوقيت الرياض


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون
Designed and Developed by : Jinan al.klmah