~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~

عدد مرات النقر : 217
عدد  مرات الظهور : 520,705


عدد مرات النقر : 217
عدد  مرات الظهور : 520,705

العودة   منتديات وهج الذكرى > وهج الادب المنقول مما راق لي > ❦ وهـج القصص والخيال ❦ ❧
❦ وهـج القصص والخيال ❦ ❧ لكل ما يروق لنا من قصص او خاطرة
إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 07-30-2014
بنت النيل
مي محمد غير متواجد حالياً
Egypt     Female
لوني المفضل Crimson
 رقم العضوية : 528
 تاريخ التسجيل : Mar 2012
 فترة الأقامة : 4428 يوم
 أخر زيارة : 08-25-2020 (10:59 PM)
 الإقامة : المنصورة
 المشاركات : 36,790 [ + ]
 التقييم : 228073882
 معدل التقييم : مي محمد has a reputation beyond reputeمي محمد has a reputation beyond reputeمي محمد has a reputation beyond reputeمي محمد has a reputation beyond reputeمي محمد has a reputation beyond reputeمي محمد has a reputation beyond reputeمي محمد has a reputation beyond reputeمي محمد has a reputation beyond reputeمي محمد has a reputation beyond reputeمي محمد has a reputation beyond reputeمي محمد has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 201
تم شكره 562 مرة في 461 مشاركة
افتراضي السجين الهارب



[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px ridge violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px double violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://www.gladpige.dk/Baggrunde/Side3/baggrundgp38.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-image:url('http://www.hamasatdamad.com/upload/uploads/1393029445732.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]





بسم الله الرحمن الرحيم


سلام الله عليكم ورحمته وبركاته

السجين الهارب

رواية جميلة قرأتها للكاتب

خالــــد الجــــبرين

وودت لو أن تقرأوها

وإن كانت قاسية في البدايه

إلا أنها جميلة مؤثرة

سأحول أن أسردها إليكم

دون إطاله

ولا تأخير

تابعـــــــــــــونا





[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

المواضيع المتشابهه:



 توقيع :
[img3]http://q87b.info/do.php?img=6324[/img3]


[img3]http://store1.up-00.com/2017-08/150302030675131.png[/img3]

رد مع اقتباس
قديم 07-30-2014   #2
بنت النيل


الصورة الرمزية مي محمد
مي محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 528
 تاريخ التسجيل :  Mar 2012
 أخر زيارة : 08-25-2020 (10:59 PM)
 المشاركات : 36,790 [ + ]
 التقييم :  228073882
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Crimson
شكراً: 201
تم شكره 562 مرة في 461 مشاركة
افتراضي



[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px ridge violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px double violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://www.gladpige.dk/Baggrunde/Side3/baggrundgp38.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-image:url('http://www.hamasatdamad.com/upload/uploads/1393029445732.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




"الممرة"
قرية صغيرة ذات بيوت صغيرة متلاصقة
تقع في قعر العراق في الشمال بعيداً عن بغداد مسيرة يومين للماشي على قدميه

في أحد دروب الممرة الضيقة يسمع وقع أقدام متعثرة غير منتظمه
الوقت ليلاً وبسبب من ضوء القمر الشحيح انطرح على الأرض ظلال شخص يمشي مترنحاً وعندما لفه الدرب إلى باحة مغلقة على جنباتها عدة أبواب مغلقة

تبينت هيئته واضحة تحت شحوب القمر شاب في السابعة والعشرين بثياب بالية وطاقية فقدت لونها الأصلي متوسط القامة متين العضلات حزين الملامح،بعينين نصف مغمضتين كان سكراناً إلى درجة متوسطة ثقيل الخطى يغطي زوايا فمه المليح زبد من اللعاب
وقف الشاب أمام أحد الأبواب المغلقة وطرقه كان البيت يدل على مستوى ساكينه بيت صغير لصياد فقير
بعد فترة فتح الباب وأطلًت منه وجه امرأة مُسنًة،تمسك خمارها على وجهها،فلما عرفت في الشاب ولدها الوحيد تركت خمارها يسقط عن وجهها وهتفت في حزن وألم:

- أنت سكران يا ولدي؟!

أجابها الشاب بصبر نافذ:

- أريد أن أنام وقبل أن يدفع الباب للدخول أغلقته بسرعة فصاح الشاب:

- أفتحي ياأماه أنا لا أقوى على الوقوف!

ومن وراء الباب أجابته:

- سيرتك السيئة يا ولدي سترديك وسيطردك أبوك من البيت

- افتحي الباب،ولن يعلم أبي إنه نائم

- لن أدعك تدخل حتى أخبره

- لا تخبريه بشيء إن علم بحالي فسيطردني إلى الأبد لقد هددني بذلك

- لقد أقسم عليً بأن أوقظه حال وصولك

- الويل لي!

كان يتكلم بلسان ثقيل
وزال عنه شيء من غبش السكر عندما سمع وقع أقدام والده يتجه نحو الباب
وتوقع حدوث أسوأ الأشياء فظل واقفاً مستسلماً لما سيحدث إنه يخشى هذا الكهل فقد هدده مرارا
وفتح الباب لتخرج منه عصا غليظة، وتهوي على رأسه فيسقط مرعوبا متألماَ وجلس على الأرض يتحسس رأسه ورفع عينيه فصدم بمرأى والده الذي خلت ملامحه من أي بشائر التسامح كانت لحيته البيضاء المستطيلة ترتجف بارتجاف فكه الأسفل وفي عينيه نظرات الغضب والحسرة ونهره الشيخ بغلظة:

- لماذا جئت؟
أجاب وهو يتحسس الكرة الصغيرة التي نبتت في رأسه:

- أريد أن أنام

- ليس عندي مكان لك بعد اليوم!

فسأل الشاب في لهفة:

- وأين أذهب؟!

- إلى أي أرض تعجبك

- اعف عني يا أبتاه وأعدك أني

- اصمت لقد سئمت وعودك الكاذبة
عليك الآن أن تتدبر شئونك وقال الشاب بخجل:

- دعني أنام هذه الليلة فقط!

وقالت أم الشاب التي كانت تقف خلف زوجها:

- دعه ينام هذه الليلة يا عبدالمغيث ويرحل في الصباح؟

- رد الكهل بحزم:

- لن يتعدى هذه العتبة اعطني صرة ثيابه وبعين دامعة ناولته المرأة صرة كانت في يدها فأخذها وقذف بها في وجه ولده الوحيد وهتف محنقاً:

- هذه ثيابك يا غياث لست ولدي ولست والداً لك!

وتناول الشاب الصرة وقام من على الأرض،وهم بأن يلقي بنفسه على والده ويقبل قدميه رجاء عفوه،لكن ما فعله الشيخ قطع عليه آماله، فقد قبض ثوبه من جهة صدره وهزًه بعنف وكأنه طفل وصاح في وجهه:

- اسمع إذا رأيتك في هذا المكان مرة أخري سأهشم رأسك ثم طرحه على الأرض ودخل مغلقاً الباب وراءه لفترة جمد الشاب في مكانه ثم تحرك بتراخ

لم يدر إلى أين سيذهب، فهام على وجهه مدة حتى صار في ظاهر القرية ثم وجد نفسه يسير جنوباً بمحاذاة نهر دجلة متجهاً إلى بغداد

كان يلزمه مسيرة يومين ليصل إلى عاصمة الخلافة لكنه مشى متباطئاً بغير حرص على الوصول كان يجر رجليه جراً!




[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]



 


رد مع اقتباس
قديم 07-30-2014   #3
بنت النيل


الصورة الرمزية مي محمد
مي محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 528
 تاريخ التسجيل :  Mar 2012
 أخر زيارة : 08-25-2020 (10:59 PM)
 المشاركات : 36,790 [ + ]
 التقييم :  228073882
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Crimson
شكراً: 201
تم شكره 562 مرة في 461 مشاركة
افتراضي



[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px ridge violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px double violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://www.gladpige.dk/Baggrunde/Side3/baggrundgp38.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-image:url('http://www.hamasatdamad.com/upload/uploads/1393029445732.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


[IMG]http://www.gladpige.dk/Linier-no2/Side2/r-2.gif[/IM
العذاب

الضيق

الأماني العراض التي افترسها الفشل
كل ذلك انحرف بمسيرته وأهلك القناعة بداخله ، وأوقد في نفسه رغبة مسعورة لتحقيق ما يريد!!

تأمل حاله المزرية ... بطالة طاغية .. فقرٌ مقدع
أبوه الصياد كهلٌ متعبٌ حطمته الأيام ، ونهشه الفقر والحاجة المستديمة للمال ، فأصبح يذكر الموت أكثر من ذكره ملذات الحياة لكنه مع ذلك زاهدٌ عفيفٌ ، لم يسأل أحداً يوماً فلساً واحداً وعمل مع والده في صباه كثيراً
أصبح حواتاً ماهراً يصيد السمك بحربة الصيد مع أي جزء يشاء ، ثم عمل حمَّالاً ثم مزارعاً ثم حرفياً

لكنه ولد بنفس طموحه إلى المجد و الجاه إلى الصيت الذائع ، وتراكم في نفسه اعتقاد راسخ بأن مشكلته و سعادته في المال فسعى للبحث عن الثراء بوحشية!

مارس التجارة ففشل،ونفد كل مامعه من نقود جرَّب القمار فلازمته الخسارة الدائمة ثم عمد إلى موهبته الأصلية... الشعر استعار جبة وعمامة عريضة ودخل على الولاة وكبار القادة ، ونظم القصائد في المديح والتملق،فلم يظفر إلا بالقليل،فترك الشعر وعاد إلى القمار فخسرمن جديد وأرهقته الديون وتراكم عليه البؤس وقادته الأحزان إلى الخمرة و أقداح النبيذ ومع الأيام القاسية انحرف تفكيره فظن أنه خُلق حقوداً شريراَ فصار لصاً يسطو على المنازل وشُكي إلى والده ، فأمسكه الكهل وربطه إلى جذع نخلة في صحن الدار وجلده حتي خر مغشياً عليه
وعاد إلى السرقة من جديد فقبض عليه وسجن وجلد في سجن الوالي ببغداد ، وكادت يده أن تقطع ذات مرة!
وهدده والده بالبراءة منه ثم طرده أخيراً

بات يمشي حتى منتصف الليل وأدركه التعب فجلس متكئاً على صرة ثيابه، ثم استلقى على رمل ناعم وبقي يهذي بكلام غير مفهوم،ثم غط في نوم عميق

نام طويلاً في مكانه ذاك حتى أيقظته شمس الضحى الساخنة،فقام وتمطى ونفض ثيابه والعرق يغطي جسمه المتين ، وغمس وجهه في مياه دجلة ، وأروى عطشه ، ثم استلقى من جديد تحت ظل شجرة ، وعاود النوم حتى انحسر عنه الظل فتحول إلى موضع الظل ، ونام ولم يستيقظ إلا منتصف العصر!

استيقظ والجوع والعطش يستبدان به فقام و واصل مسيره بعدما شرب من دجلة الكثير

وصل إلى إحدى القرى الواقعة على النهر ، وتجول في بعض طرقها وطلب من بعض أصحاب الحوانيت إقراضه شيئاً من الطعام،فلم يعطه أحدٌ شيئا ً، فمنظره الكئيب ، وشعره المشعث ونظراته القاسية لم تكن تبعث على الطمأنينة ، وألح في المسألة على أحدهم فنهره وطرده فخرج غاضباً وتمنى لو يحرق القرية على من فيها

ومضى مبتعداً عن القرية متوكئاً على غصن عريض

صادف أحد الصيادين راكباَ****ه، ومعه سلة فيها سمك فسأله عن بغداد فأخبره أنها على مسيرة نهار كامل من هنا تأمل غياث بن عبد المغيث الرجل و****ه بنظرات شرسة أثارت ريبة الصياد، وقبل أن ينخس ****ه ليبتعد أهوى غياث بهراوته على مؤخرة رأسه فسقط عن ظهر ال**** مغشياً عليه!

وبهدوء بحث غياث في ثيابه وسلب ما معه من المال وركب ال**** ومضي

عندما حل المساء توقف على الشاطئ كانت الغيوم قد حجبت ضوء القمر،فعم الظلام الدامي أرجاء المكان وأشعل نارا و شوى بعض ما في السلة من السمك وجلس يأكل بشهية مفتوحة حتى شبع وعاد إلى نشاطه ، وتمنى في هذه اللحظة قدحاً من النبيذ يذهب به عن الدنيا

كان قد بقي على بغداد مسافة ليست بالقصيرة، ومع أنه كان نشطاً إلا أنه آثر أن يكمل مسيرته في الصباح لم يذهب إلى بغداد إلا مرتين في حياته

الأولى وهو صبي في صحبة والده والثانية عندما حُمل مكبلاً وجلد هناك لقيامه بالسرقة
كم هالته المدينة الكبيرة العامرة التي تعج بمئات الآلاف من البشر من جميع الأنحاءفي بغداد يسهل التخفي،وتكثر الأوكار الآمنة،والأرزاق والجواري وأطيب الخمور وهناك سيجد من يعاضده في أعمال الليل وغزوات المنازل!

ظل مستسلماً لخواطره حتى اجتذب سمعه أنين خافت!!

تلفت حوله فلم يرَ شيئاً فعزى ذلك إلى توهمه لكن الصوت عاد ثانية، وتتبعه غياث كان أنيناً لرجل موجوع أو مصاب أرخى سمعه مرة ثالثة ليجدالصوت منبعث من خلف كثيب صغير قريب منه
فقام وذهب إلى الكثيب ليجد رجلاً في نحو الخامسة والأربعين ملطخاً بالدماء، وفي كتفه جرح بدم يابس ، كان واضحاً أنه تعرض لعراك شديد فثيابه ممزقة ورأسه حاسر مشعث الشعر وكان يمسك بطنه بإحدى يديه
ولإنقاذه حمله غياث بين يديه وأنزله إلى جانب النهر ورش وجهه بالماء وجعل يضرب خديه بخشونة حتى استفاق وفتح الرجل عينيه وأدارهما في غياث ثم في الليل برعب وريبة وسأل بوجل:

- أين أنا؟وأين الجمل؟!

فأجاب غياث:

- أنت هنا على شاطئ النهر

- والجمل؟!

- لم أرَ جملاً هنا!

ثم قال يطمئنه:

-لا بأس عليك، جرحك بسيط وسيندمل سريعاً ولم يعلق الرجل بغير الأنين فظهرت خشونة غياث وقال في ضجر:

- أنت تئن كالثكالى كأنك ولم يكمل عبارته لأن الرجل أبعد يده عن بطنه فبان تحتها جرح غائر طويل بطول الكف! فصاح غياث:

- ويحك يا رجل أنت تحتاج إلى طبيب!!

فقال الرجل يائساً:

- أنا أحتاج إلى كفن وسأله غياث بما يشبه الزعيق:

-من أنت؟ ومن أين جئت؟!

فقال بيأسه الأول:

-سأخبرك بماتريد لكن أرفعني قليلاً عن الأرض واستجاب له غياث رافعاً ظهره عن الأرض فأدار الرجل عينيه المرعوبتين،ومسح بهما أرجاء المكان، وقال وهو يشير بيده التي ليست على الجرح إلى جهة من البر:

-هناك ستجد الجمل هناك لقد رأيته يذهب من هذه الناحية عندما سقطت من على ظهره وذهب غياث إلى حيث أشار الرجلُ الجريحُ ليبحث عن جمله تجول قليلاً في الفلاة المظُلمة وهم بالرجوع وهو يشتم الرجل:

-قتله الله لم تنته مصيبتي حتى أبلى به!!

لكنه وجد الجمل ملتفاً بالظلام باركاً على الأرض يجتر ما أكله في النهار
هدر الجمل عندما رآه، فاقتاده غياث إلى الرجل الذي أخذه الإعياء فنام

قذف غياث إلى النار ببعض الحطب فارتفع اللهب متراقصاً مضيئاً المكان تأمل غياث الرجل وبدا له أنه يعرفه وحاول أن يتذكركان دقيق الملامح مهزولاً على جانب صدغه الأيسر أثر جرح قديم،منعه بعض شعر اللحية من الظهور وعندما تذكره هزًّ رأسه!

و بهدوء وحذر تحسس ثيابه وجيوبه، فلم يجد غير بضعة دراهم، فسلبها و وضعها في جيبه و راعه أن جسد الرجل كان يفوربالحرارة!

وأحس الرجل به فاستيقظ وتكلم وهو يلهث:

-هل جئت؟

-نعم وقد وجدت جملك

-إذاً انظر هناك ستجد قارباً كبيراً انزل به أحمال الجمل ولنصعد إليه ونعبر إلى الضفة الأخرى من النهر، فهناك بقايا نخل وبيت صغير مهجورهيا بسرعة !

-لماذا لا نبيت الليلة هنا، ونمضي إلى البيت في الصباح؟!

-لا لابد أن نكون هناك حالاً

-تبدو مستعجلاً هل هناك شيء؟!

-ستعرف فيما بعد هيا بسرعة بسهولة وجد غياث القارب ووجده قديماً متهالكاً فحمل الرجل إليه وأبقاه مستلقياً على ظهره في قاع القارب، ويده لا تفارق بطنه،وقد عاد إليه الأنين

وعمد إلى أحمال الجمل فوجدها خرجين متوسطين معلقين على جانبي الجمل وكانا ثقيلين محكمي الإغلاق والربط
حملهما إلى القارب ولم ينسَ صرة ثيابه وحل قيود الجمل وال**** وترك لهما الحرية وبدأ يجدف مجتازاً النهر الهادر لكي يصل إلي الجهة الغربية ظل يجدف حتى صاح الرجل فجأة:

- الماء!! الماء سيغمر القارب؟!

كانا في منتصف النهر، وبحث غياث في القارب فلم يجد مصدر الماء بسبب الظلام فجعل يتحسس بطن القارب بيديه حتى وجده فصاح بغضب:

-إنه مثقوب! كيف لم تخبرني أنه مثقوب؟!

-لم أكن أعلم وإلا لما تركتك تبحر به ربماحطمه الجمل!

لم يفهم غياث شيئاً وظل يجدف بانفعال في سباق مع المياه المتدفقة التي أبطئت بسرعة القارب، فترك غياث المجاديف، وجعل ينزح المياه من القارب بدلو وجده ومع الوقت عجز عن السيطرة على الماء فجلس يستريح ويدلك زنديه القويين فهتف به الرجل ملهوفاً:

-لاتتوقف أنا لا أستطيع النهوض وستغرقني المياه و أنا مستلقٍ قبل أن يغوص القارب!

فقال غياث في برم:

-قبحك الله وماذا أصنع بك؟ كل ما أستطيع فعله أن أخفف من حمل القارب حتى يسهل التجديف وقذف بالصناديق والشباك والحبال إلى جوف النهر

وتناول احد الخرجين بسرعة وقذف به إلى الماء ومد يده إلى الثاني فصاح به الرجل الجريح:

-لا إنه الذهب !!؟كانت صيحته منكرة جعلت شعر غياث يقف!

وضم الرجل الخرج الثاني إلى صدره كأنما يريد حمايته هو ،خاطب غياث بغضب وأسى:

-لماذا قذفت به يا أحمق؟!فقال غياث بدهشة:

-أنت لم تخبرني أنه ذهب لقد ظننته من سائر المتاع!

وعاد ينزح المياه من القارب بالدلو في صراع مع النهر ثم يجدف وهو ينقل بصره مابين قعر القارب، وصفحة النهرالداكنة المخيفة
ثم حانت منه التفاتة إلى الرجل فوجده يذرف دموعاً غزاراً كان الشعور بالعجز والخسارة قد غلبه ثم سمعه غياث يهذي:

-طعنت وقاتلت من أجله وهاأنذا أخسر نصفه عذبك الله يا عدي كما عذبتني!

بصعوبة وصلوا إلى الضفة الأخرى من النهر، وحمل غياث الرجل إلى حيث يوجد النخيل والبيت وكان النخيل قليلاً متقارباً و خاوياً وبداخله قامت حجرتان متداعيتان من الطين وأمامهما عريش صغير من جريد النخل

وضع غياث الرجل على الأرض لكنه صاح:

-بالداخل بداخل الغرفة فلا طاقة لي بالبرد!

كان الجو معتدلاً لكن الحمى كانت تفترس الرجل فحمله غياث إلى الداخل وهو متشبث بالخرج المتبقي وأنزله في الحجرة المظلمة وهويئن ويهتف لاهثاً:

-نار أوقد ناراً الجليد يكاد يقتلني أنا محموم!

ثم غاب عن رشده، وعاد إلى الهذيان وإلى شتيمة عدي وأشخاص أخرين حنظلة بكرة بن مرة زليط
وسقط الخرج من يده محدثاً صوتاً أثار فضول غياث الذي قام وجمع بعض الحطب وأشعل ناراً أضاءت أركان الحجرة ثم عمد إلى الخرج فتناوله وفتحه ليطلق صيحة مكتومة عندما وجده يكاد يفيض بالذهب الخالص...!




[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]



 


رد مع اقتباس
قديم 07-30-2014   #4
بنت النيل


الصورة الرمزية مي محمد
مي محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 528
 تاريخ التسجيل :  Mar 2012
 أخر زيارة : 08-25-2020 (10:59 PM)
 المشاركات : 36,790 [ + ]
 التقييم :  228073882
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Crimson
شكراً: 201
تم شكره 562 مرة في 461 مشاركة
افتراضي



الذهب بغيته
شرط سعادته
ابتسمت له الدنيا فجأة!
ارتمت الثروة والمجد تحت قدميه بسهولة هذا المال غنيمة باردة سيناله بلا مخاطرات ولامتاعب فالسرقة مهنته والرجل الجريح عاجز لايكاد يقوى على الحراك، وليس هناك رقيب ولا شرط فليأخذ هذا الخرج الممتلئ وليرجع لاستخراج الثاني بعد حين ليقتنص الفرصة ولينهي شقائه إلى الأبد وسيجد بعدها مئة جواب لمن يسأله عن ثرائه المفاجئ!
وأحس بتصاعد أنفاسه وتلفت ثم تفكر ملياً وأعاد المال إلى مكانه ووجد نفسه متردداً في سلب الرجل ، مع أنه سلبه قبل قليل بعض الدريهمات!

حرك النار فتصاعد لهبها تأمل هذه الثروة التي تربض عند قدميه كال*** الوفي ماذا لو أخذها ولاذ بالفرار وترك الرجل لمصيره يموت بهدوء لقمة سائغة فهو يسطو على المنازل ويقتحم الأخطار من أجل أشياء قليلة تضيع منه في صباح اليوم الذي يليه والآن وجد ما يكفيه مدى عمره كله ، فلماذا يترك هذه السعادة القابعة في حقيبة هذا الجريح العاجز تضيع منه؟إنه في الغالب سيموت، فقد تلقى في جوفه طعنة نافذة وهكذا لن يثقل كاهله بقتله فلا مجال للتقاعس والوجل؟!

وتناول الخرجا لثقيل مرة ثانية لكن شكوكه عادت فأرجع الخرج إلى مكانه

لقد علمته التجارب أن يكون حذراً ويفكر في كل شيء قبل أن يقدم على عمل جريء كهذا
وقد تحصلت عنده قناعة تامة أن لهذا الذهب الوافر طلاباً غيره ، وأنهم لابد أن يتتبعوه أينما ذهب
فما زالت تطن في أذنه كلمات الرجل وهو يهذي ويقول: إنه طعن من أجل الذهب ثم خسر نصفه
وتلك الأسماء التي كان يرددها حنظلة زليط عدي ولاشك أن الرجل لص مثله فقد رآه يوماً أو شخصاً يشبهه! والأشخاص الذين ذكرهم هم أعوانه أو أعداؤه

ولهذا قرر أن يحتال على الرجل ليعرف قصته، ويكون ذلك أدعى للأمن وأخذ الحيطة وخطرت له فكرة

أخذ الخرج محاذراً أن تحدث محتوياته صوتاً وحفر حفرةً صغيرةً في جهة من الحجرة، ودفن الخرج فيها و غطاه بطبقة رقيقة من التراب،ووضع صرة ثيابه فوقها وسوى الموضع ، ثم قام إلى الخارج ورفع رأسه وملأ رئتيه من الهواء الندي ، وجاء ببعض الحطب وقذف به إلى النار التي كادت تخمد ، وعلى ضوئها طفق يتفقد محتويات الغرفة ووجد شِباك صيدٍ قديمةٍ وسلال فارغة ، وحبال وثياب وخرق بالية ، ووجد صندوقاً به سيف صديء ، ورماح وسماح ، وكان الغبار يغطي كل شيء
ثم ترك الحجرة بعدما ألقى على قدمي الرجل المرتعش بعض الأغطية وجمع المزيد من الحطب والأخشاب ، ثم عاد ليجد الرجل قد استيقظ و وجده يكاد يجن فرقاً على حقيبته، وعندما وقعت عيناه على غياث سأله بفظاظة وريبة:

-أين أموالي؟

-هل تقصد الخرج؟

-نعم هل رأيت أحداً جاء إلى هنا و أخذها؟

-كيف يأتي أحد ليسرقها ولا أمنعه؟!

-إذاً قل لي أين ذهبت؟

-لقداستوليت عليها أنا

-أنت؟

-نعم

وتوقع غياث أن يلعنه الرجل ويغضب ويحاول القيام أو يقذفه بأي شيء لكن شيئاً من ذلك لم يحدث!! بل تغيرت سحنته، وتكدرت ملامحه إلى هيئة مهزومة ساذجة وحزينة بشكل كاد يبعث الأسى في نفسه!!

لقد أُتي من مأمنه، وسُرق من الشخص الذي كان يظن أنه منقذه وعاد يستفسر بطريقة أراد لها أنتكون ثابتة متوعدة:

-بأي حق تأخذ مالاً ليس لك؟!

-وليس لك أنت أيضاً!

كيف تقول هذا إنها أموالي؟!

رد غياث مصطنعاً الثقة:

-لقد عرفتك ساعة نظرت إليك لقد أخذت هذه الأموال ظلماً وعدواناً وليست هذه أولى أعمالك فأنا أعرف عنك الكثير!

لم يكن غياث متأكداً مما يقول، وكان مستعداً لن يتنازل عن شكوكه لو استمر الرجل في إنكاره غير أن استسلام الرجل السريع أدهشه حيث قال الرجل مناوراً:

-أنت لا تعي شيئاً مما تقول أنا اسمي شهاب الدين وأنا تاجر من تجار حلب وقد داهمني اللصوص عندما كنت

-بل أنت لص من لصوص العراق واسمك مروان!

وتقلبت عينا الرجل مبهوتاً وحدج غياث بنظراته المرعوبة المدهوشة في صمت و حنى رأسه، وجعل يتحسس جرحه بيده الملطخة بالدماء اليابسة وخاطبه غياث:

-لقد رأيتك أول مرة في سجن الوالي من أجل جبن سرقته وتدعي الآن أنك تاجر وأن لك أمولاً!؟

واستقام الرجل في جلسته لاهثاً بعدما تجلى عنه الكثير من وطأة الحمى،وأسند ظهره إلى الجدار وقال بصوت هادئ مستسلماً:

-إذاً فأنت تعرفني يا فتى؟

فقال غياث معلناً عن نفسه بصراحة:

نعم أعرفك فجميعنا أصحاب مهنة واحدة وعندما كنت تهذي فهمت من كلامك ما يمكن أن تكون وقد سمعتك تهذي باسم حنظلة وعدي وبكر بن مرة وزليط

وعند ذكر عدي تمتم"مروان"وهو يخاطب نفسه:

-عذًبك الله يا عدي

ثم قال لغياث بسذاجة ناسياً عجزة:

-ستشاركني هذه الغنيمة سأهبك نصف المال مقابل أن تساعدني
؟

فابتسم غياث مستغرباً كيف أصبح هذا لصاً فاتكاً ثم قال بمكرٍ مستجراً مروان إلى الكلام:

-حسناً وكيف أساعدك؟

-تركبني على ظهر الجمل وتدفع بي إلى سبيل النجاة

-سأفعل ولا أريد نصف المال،فهذا كسب لك وحدك، و إنني من القناعة بحيث يكفيني القليل إذا أخبرتني كيف سلبتَ المال و لك أن أساعدك؟

-ومن يضمن لي أنك لا تخونني؟

-لا خيار لك فأنت عاجز وإذا لم تستجب لي قمت وتركتك!

- والذهب؟

رد غياث محاولاً كسب ثقة مروان:

-الذهب لك إلا ما تصدقت به عليً،فما كنت لآخذ ما حصلت أنت عليه بجهدك

ورفع إلى فم مروان قدحاً كان قد ملأه من النهر فشرب وقال:

-سأحكي لك

وسكت برهة يتحسس جرحه ثم قال بنكد:

-هذا المال لتاجر ثري، يسكن بغداد وهو من أهل فلسطين يقال له ذاهب المقدسي، وكان متصلاً بالخلفاء والولاة وقد جمع من الأموال الكثير وكانت له ضياع ودور وعقار

وقد وشى به بعضهم عند الخليفة فجفاه وعنَّفه ، وأظهر له العداوة فضاقت عليه الدنيا وكره بغداد وعاف المقام فيها، واعتزم الرحيل إلى بلاده، والتحول إلى موطنه الأصلي فلسطين فأرسل أولاده وأسرته إلى هناك مع قليل من المال على أن يلحق بهم بعد أشهر

وطفق يبيع ضياعه وعقاره، وكل مايملك واشترى هذا الذهب الذي رأيته، وحمل أمتعته وأمواله على بعض الجمال واستأجرخمسة عشر فارساً لحراسته مع خمسة من عبيده

وكان من أصدقاء المقدسي رجل يحقد عليه ويحسده اسمه حنظلة ، وكانت قد جرت بينهما المعرفة في مجلس الخليفة ولم يكن ذاهب يخفي عن حنظلة شيئاً من أموره فجمع حنظلة تسعة من الفتاك وانضممت أنا إليهم مع أخ لي ، واتفقنا على أن نستولي على الأموال ونهاجم الرجال ليلاً ولم نكن على قلب واحد ولكن جمعتنا حمرة الذهب

وكان المقدسي صاحب حيطة وتدبير، فلم يخبر أحداً بمسيره ولا بما تحمله جماله ولم يكن يشك في إخلاص حنظلة، لذا علمنا كل شيء وتيسر لنا رصد الرجال ومتابعتهم و اختبأنا لهم ليلة البارحة في بعض الطريق ، ثم انقضضنا عليهم متلثمين ، كانوا أشد منا قوةً و أكثر عدداً لكن مفاجئتنا لهم ساعدتنا على غلبتهم فقاتلناهم قتالاً شديداً بالنبال والسيوف وقد أخفى زعيمنا حنظلة نفسه ، فلما رأى كفة القتال تسير لصالحنا انضم إلينا
وبدا لي أنه لن ينجو من رجال المقدسي أحد ، بينما لم يقتلْ منا سوى أربعة ، وفرَّ بقية الفرسان إلى بعض الصخور طلباَّ للنجاة فطاردهم رجالنا لإفنائهم وكان هذا رأي حنظلة حتى لا يعود أحدٌ منهم إلى بغداد فيعلم الناس بنا إنه لئيمٌ ويحب الدماء ويقتل بلا دافع للقتل!

وقد ساءني من حنظلة أنه لم ينضم إلينا إلا بعد أن هزمنا القوم، وأنه كان يحافظ على نفسه،وقدرت أيضاً أن هذا الذهب لو قُسَّم بيننا فلن ينالني منه ما أصبو إليه ، وكل هذا جعلني أتسلل في غمرة الهياج و البحث عن الجمل الذي فيه الذهب ، وأهرب به تاركاً الرجال يتقاتلون مستعيناً بالظلام والغبار

وسرت قليلاً وظننت أني فزتُ بالمال ، لكن أحد أعوان حنظلة واسمه عدي اعترضني وقد عرف مقصدي وبدلاً من أن أخفي فعلتي تصرفت بحماقة فصحت به إن الذهب لي وحدي فعلقت به وأصابني في بطني ورأيت أخي يأتي مسرعاً ، وقد فهم ما حدث فانضم إليَّ والتحم مع الرجل في مبارزة وأمرني أن أهرب بالجمل

وهربت ممسكاً بجرحي ممتطياً ظهر الجمل وكنت أعرف موضع القارب فتحاملت على جرحي وعالجت الجمل حتى برك في جوف القارب وقطعت به النهر وهذا ما زاد من آلامي ثم أنهضت الجمل وركبت عليه، لكني بدأتُ أفقد رشدي فسقطتُ من على ظهره، وغاب عقلي حتى جئتني أنت



 


رد مع اقتباس
قديم 07-30-2014   #5
بنت النيل


الصورة الرمزية مي محمد
مي محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 528
 تاريخ التسجيل :  Mar 2012
 أخر زيارة : 08-25-2020 (10:59 PM)
 المشاركات : 36,790 [ + ]
 التقييم :  228073882
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Crimson
شكراً: 201
تم شكره 562 مرة في 461 مشاركة
افتراضي



[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px ridge violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px double violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://www.gladpige.dk/Baggrunde/Side3/baggrundgp38.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-image:url('http://www.hamasatdamad.com/upload/uploads/1393029445732.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




بعد سماع القصة تأكد لغياث بن عبد المغيث صدق توقعه ، وأن الذهب ليس غنيمة باردة
بل هناك فئتان تصطرعان عليه مروان وشقيقه و حنظلة ومن تبقى من رفاقه

وقرر في نفسه أنه يجب المسارعة بالرحيل ، فلابد أن القوم سيقتفون أثر مروان ويأتون إلى هنا . فيجب أخذ الخرج والسباحة إلى الضفة الثانية من النهر ، ثم ركوب الجمل والهروب

وفكر في كيفية قطع النهر سباحة والخرج ثقيل وليس هناك قارب غير ذلك القارب المعطوب الذي ربما أستقر في المياه الأن

واهتدى إلى طريقة و اعتزم تنفيذها سيفرغ قربة الماء ثم يملأها بالهواء ويربطها إلى خرج الذهب، ويسهل بذلك جذبها معه خلال السباحة !

ودبت فيه الحيوية، وقام لتنفيذ فكرته والمسارعة بالهروب لكن ذلك أصبح مجرد أمنية !
فقد تناهى إلى سمعه صوت فرس راكض فخرج ليتحقق من الصوت فرأى فارساً طويلاً بسيف طويل ينهب الأرض باتجاه البيت فعاد إلى الداخل وهتف بمروان:

-لقد قدم أحدهم

فصاح مروان برعب:

-لقد عرفوا مخبأي إنه الموت!!

وتعاقبت على وجهه الألوان وأيقن بالهلاك ولما رأى غياث تغيُّر سحنته طمأنه وقال بنبرة صادقة:
-لن يصلوا إليك وأنا هنا فأنا لست جباناً ولا خائناً

وكل الذي تمناه في هذه اللحظة لو أنه سارع مع مروان بالرحيل ولم يتلكأ وأسر في نفسه الندامة .. لم يكن من طبيعته الجبن. لكنه أراد أن يتجنب قتالاً هو في غنى عنه

وفتح أحد الصناديق وأخذ أجود الحراب الموجودة واختبأ خلف الباب، وسمع الفارس يترجل عن فرسه ويربطها في الجهة الخلفية من النخيل ويتقدم إلى الباب ، وتوقع غياث أن يجهز على مروان ساعة دخوله لكنه بخلاف ذلك أنكب عليه بلهفة يتحسسه ويقول مبتهجاً :
-مروان!! هل أنت حي؟!

وصاح مروان مدهوشاً:
-سعيد أخي!؟

-كيف جرحك؟

-على شر حال!

-لقد تسرعت فيما فعلت ولو أخبرتني بنيتك لأخذتُ أهبتي ولما جرحت

-لقد طرأت علي الفكرة فجأة، فسارعت إلى تنفيذها!

-هل تألمت من الطعنة كثيراً؟

-لقد تمنيت الموت من شدة ما وجدت!

وبرفق أخذ الفارس يد أخيه ورفعها عن بطنه ، ولم يرَ غياث تعابير وجهه لأنه كان ملقياً إليه بظهره لكنه سمعه يقول متكدراً:
-إنه جرح كبير!!

ثم رد يده إلى مكانها وقال يطمئنه:
-ستشفى وتنجو

-أشك في النجاة لقد سال من دمي الشيء الكثير لكن قل لي كيف تركت الرجال؟

-لقد قُتل ذاهب المقدسي تعمَّد حنظلة قتله بسيفه

-إنه لئيم وحقود

-وقتل جميع رجاله ومات منا أربعة
أما أنا فقد قتلت عدي الذي أعترضك،وسلبته فرسه وهربت إليك لقد علمت أنك ستكون هنا وتأكدت من ذلك عندما رأيت ضوء النار من نافذة الحجرة

لكن البقية علموا بما فعلت من الهروب بالأموال،وعلموا أني انضممت إليك وهم في أثري الآن ويلزمهم بعض الوقت ليصلوا إلى هنا فهيا سأحملك وسأردفك على الفرس ولنسارع بالنجاة بما غنمنا فلا طاقة لنا بهم

وسكت برهة يلتقط أنفاسه ثم سأل مروان بلهفة:
-أين الذهب والجمل؟

فأجابه مروان يشير بذقنه إلى غياث الذي برز من مخبأه:
-لقد استولى عليه هذا الفتى!

وقفز سعيد كالملدوغ لدن سماعه بوجود شخص آخر في الغرفة وأستل سيفه وواجه غياث

كان طويلاً نحيلاً وكان أصغر من مروان بكثير وأكثر وحشية وحذراً وهتف في خشونة:
-كيف تسلب أخي ماله وهو جريح عاجز؟

وقبل أن يقول غياث شيئاً صاح مروان:
-دعه ياسعيد لقد أخبرته بكل شيء مقابل أن يرجع الأموال، ويساعدنا ويأخذ بعض الذهب مكافأة له

فنهره سعيد محنقاً وقال:
-ما زلت على غبائك يا مروان!

ووجه كلامه إلى غياث:
-أين الأموال؟

فرد غياث ببرود:
-هي أموال اغتصبت مرتين فما الذي يمنعها أن تؤخذ مرة ؟

-إذاً فأنت تطلب القتال؟

-كما تشاء

وهجم سعيد على غياث الذي كاد ينخسه بطرف حربته ، لكن سعيد كان أسرع فأطارها من يده بجنب سيفه، فدهش غياث لهذه المهارة، وقفز إلى ركن الحجرة،والتقط جذعاً قصيراً ومتيناً وواجه به سعيد الذي قال:
-إنك لا تعرف سعيد حتى تواجهه بخشبة؟!

-وأنت لا تعرف غياث حتى تتحداه!؟

وهجم سعيد على غياث وأهوى بسيفه عليه،فتدرع غياث بالغصن فعلق السيف به وفيما حاول سعيد انتزاع سيفه ركله غياث برجله في خاصرته بشَّدة فسقط يتلوى ألماً

وأخذ غياث السيف وبرك على صدره كالجمل، لكنه لم يتمكن منه لأن سعيد قبض على معصميه وضغط عليهما بقوة رهيبة حتى اكتستا لوناً أزرق فأسقط غياث السيف رغماً عنه، فحاول سعيد التقاطه وهو يمسك بغياث لكن يد مروان كانت أسرع فأخذ السيف وصاح به سعيد:
-دعني أقتله!

فقال مروان:
-إن له عليَّ معروفا فقد أنقذني وعبر بي النهر ولولاه لكنت ميتاً الآن

وتنازعت خواطر مضطربة فؤاد سعيد، بين ترك غياث لإحسانه أو الإجهاز عليه لكن نزعة الشر غلبته، فهتف بمروان وهو يرص على أسنانه:
-أعطني السيف فلا مكان هنا إلا للقتال والغلبة وهو الذي طلب ذلك؟

فقال مروان:
-إذا قتلته ضاع منا المال إلى الأبد،فقد أخفاه في مكان لا يعرفه إلا هو

ولما رأى غياث هذا الجدل حول حياته أخذته الأنفة فتناهض من تحت خصمه ثم قبض عليه من ثيابه ووقف وقد رفعه عالياً حتى لامس ظهره سقف الحجرة المنخفض وصاح:
-لست في حاجة إلى رحمتك ولا رحمة أخيك!

ثم قذف به إلى الأرض في سقطة عظيمه صرخ منها سعيد وهنا وقف مروان على ركبتيه على غير عادته وهو يطل من النافذة الصغيرة، وهتف في وجل عظيم:
-كفى عراكاً لقد جــــــــــــــاءوا حنظلة ورفاقه!





[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]



 


رد مع اقتباس
قديم 07-30-2014   #6
بنت النيل


الصورة الرمزية مي محمد
مي محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 528
 تاريخ التسجيل :  Mar 2012
 أخر زيارة : 08-25-2020 (10:59 PM)
 المشاركات : 36,790 [ + ]
 التقييم :  228073882
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Crimson
شكراً: 201
تم شكره 562 مرة في 461 مشاركة
افتراضي



[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px ridge violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px double violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://www.gladpige.dk/Baggrunde/Side3/baggrundgp38.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-image:url('http://www.hamasatdamad.com/upload/uploads/1393029445732.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




التصق الشابان عند النافذة كأنما نسيا عداوتهما وأمعنا النظر في الظلام ليريا خمسة أشخاص على خيولهم وهم يسرعون تجاه النخيل والبيت الصغير ، وقد أثارت أقدام الخيول خلفهم سحابةً من الغبار والتقت أعين الثلاثة في وجوم وقال مروان:
-لقد تأخرنا في الهرب، فلنتفق أيها الفتى لحين النجاة من هؤلاء وإلا هلكنا جميعاً!

وقال سعيد في خشونة:
-نتضافر لقتالهم ثم نسوي ما بيننا فيما بعد

فقال غياث بشجاعة وبلا تردد:
-قبلت

وقد قبل على الفور هذا الاقتراح ، لأنه من الخير له أن يجابه سعيد لوحده أو برفقة شقيقه على أن يحاول الفرار بالذهب ثم يجابه مطاردة هؤلاء كلهم

ورأى أن من الصواب أن يقضي على اللصوص بمعاونة سعيد ثم يقضي على سعيد فيما بعد وحدث نفسه أنه لن يواصل القتال بل سيهرب إذا سنحت له فرصة آمنة ، وإذا سلم جسده من طعنات اللصوص!

واقترب الرجال، ونزلوا عن خيولهم ماعدا واحد لم يرَ غياث وجهه بسبب الضلام ولكنه متأكد من أنه حنظلة زعيم هؤلاء الفتاك، لأن شارات السيادة والسيطرة تفيض من حركاته وتصرفاته وخضوع جماعته له

وسأل سعيد بغيض مكظوم:
-أين وضعت الأموال؟

فرد غياث بفضاضة :
لا شأن لك

-وسارع مروان يقول لأخيه: لقد عبرت النهر بالجمل على ظهر القارب، وسقطت قريباً من الضفة الأخرى حتى جاء وأنقذني ثم آثرت الاحتماء بالبيت والرجوع ، فرجعنا بعدما أنزلنا الخرجين اللذين فيهما الذهب إلى القارب وكاد القارب يغرق بنا
فقذف هو بأحد الخرجين لتخفيف حمل القارب، وقد كان يحسبه بعض المتاع أما الخرج الثاني فقد استولى عليه وأخفاه

وهنا برقت عينا سعيد الشريرتين وسأل غياث:
في أي موضع من النهر أسقطت الذهب؟

فأجاب غياث بهدوء وعبوس:
-لا شأن لك

فتركه وسأل مروان عن الموضع فقال:
-لا أدري كنت محموماً وكنت مستلقياً في القارب ولا أرى غير السماء

وسكت سعيد على مضض وأخذ غياث الحربة وأعطى مروان قوساً وسهماً،وهو يشك في قدرته على استخدامها بينما استعد سعيد بالسيف وسمعوا أحد اللصوص يقول:
-سعيد هنا وهذه هي الفرس التي هرب بها

وصاح الرجل الذي لم ينزل عن فرسه يخاطب سعيد:
-أخرج ياسعيد فإن شئتما أعطيتماني الذهب وتركت لكما أرواحكما

وألتفت غياث إلى مروان قائلاً:
-كيف عرفوا أنكما تختبئان هنا؟

فقال مروان:
-هذا مكان قديم لنا كنا نجتمع فيه

و صاح الرجل ثانية:
-ألا تسمع!!اخرج قلت لك!

وتمتم سعيد:
-هذا حنظلة إنه غاضب للغاية!

وسأله غياث مستفزاً:
-هل تخاف منه؟

-قَّبحك الله وإياه إنه لا يساوي أظفري!

-هل هو مرعب؟فأنت تبدو مرعوباَ؟!

-أصمت!

-أنت من يصمت فأنا لست عبداً لك!

ورد سعيد عليه بلطمة قوية كافأه غياث بأشد منها وكادا يقتتلان ثانية لولا تدخل مروان

وعاد حنظلة يصيح بغضب:
-سيحل عليك غضبي يا سعيد إنك رجلٌ واحدٌ ونحن خمسة فلا تورد نفسك موارد الهلاك لقد خنت ما اتفقنا عليه وقتلتَ أحدَ رجالي، وساعدت هذا الأحمق!

التوت شفتا مروان حقداً عندما سمع حنظلة يشتمه

وسكت حنظلة ليسمع جواباً ، فلم يسمع سوى هدير النهر فاستشاط غضباً وترجل عن حصانه وعاد يصرخ بنفس غضبه:
-اخرج أعرف أنك هنا لقد توقعت أن تجيء إلى هذا الجحر

ولم يتمالك مروان نفسه فرفع صوته مستكبراً على عجزه:
-ارجع وراءك ياحنظلة إنه الموت!

ورغم الأخطار فقد ابتسم غياث من تهديد مروان وهو لا يكاد يقف على قدميه!

بينما قال حنظلة ساخراً:
-هذا صوت مروان!!
بطن مثقوب ولسان طويل!
القتل لمن خان أصحابه تقدموا و ائتوني بهذا الشقي

وشهر اثنان من رجاله سيفيهما وتقدما ناحية الباب
لم يسيرا غير القليل حتى ذهل اللصوصُ جميعاً،فقد انتقلت حربة من نافذة الغرفة الصغيرة لتستقر في فخذ أحد الرجلين فصرخ صرخة مكتومة وسقط على ظهره يتلوى من الألم،والحربة الطويلة مرتكزة في فخذه كالعلم وصاح صاحبه:
-لقد أُصيب زليط!!

ثم جعل يجره بإبطيه مبتعداً به وقاس اللصوص المسافة بين الرجل والنافذة فكانت بعيدة تدل بوضوح على رامٍ ماهر!
مما حدا بأحدهم أن يهتف مدهوشاً:
-أهلكني الله إن لم يكن في الغرفة غير مروان وأخيه!!

ورد عليه الآخر:
-صدقت فمروان جريح وسعيد لا يجيد غير السيف!

ولم يخْف سعيد إعجابه فقال لغياث بعبوس:
-إنك رامي حاذق ياغلام لقد أفزعتهم!

فقال غياث:
-لو شئت لو وضعتها بين نهديه ولكني لا أحب القتل!

فقال سعيد بحنق:
-يجب أن تحب القتل وإلا فماذا ستفعل إذا دخلوا علينا بعد قليل!؟

-إذا وقع ذلك فسأعرف ماذا أفعل

تراجع اللصوصُ بعيداً عن الحجرة يتشاورون ويعالجون رجل صاحبهم لقد حسبوا أن البيت الصغير مملوءٌ بالرجال ثم جلسوا على الأرض في شيء من الحذر والترقب وقال سعيد وقد طمأنه وجود هذا الشاب الماهر بجانبه:
-إنهم ينتظرون الصباح سيرون منَّا مالا يسرهم

مضت مدة، وأفرغ غياث في جوفه قليلاً من الماء، ونظر إلى مروان الذي استند إلى الجدار ومد رجليه وقد سطعت في عينيه نظرة العجز والحيرة فأقترب منه ورفع القربة إلى فمه فانتزعها مروان بخشونة من يده وهو يقول:
-سأشرب بنفسي فلست مقعداً ولا عاجزاً كما تظن!

وابتسم غياث من أحد جانبي فمه فيما أضاف مروان وهو يمسح الماء عن لحيته!

-لا تبدو شريراً يا فتى!؟

-ولِمَ البخل ببعض الماء والموت يحيط بك والرجال يطلبون دمك؟

-يطلبون دمي!!لم يبقَ لهم إلا القليل منه!

-لا أظن ذلك فإن العافية قد بدأت تسير فيك دعني أرى الجرح

وبرفق رفع يد مروان عن الجرح ، وشق الثوب من فوقه ثم مسحه بخرقة وبعض الماء وأزل الدماء المتيَّبسة حوله كان جلد بطنه مشقوقاَ بطول الكف وكان محاطاً بالزرقة وتأمله غياث ثم قال بسرور حقيقي:
-الطعنة التي أصابتك على جلد البطن ولم تنفذ إلى الأحشاء!
ولو أسرعت إلى الطبيب وخاط بطنك لنجوت

فقال مروان بيأس:
-الطبيب!! وأين الطبيب وأنا في هذا الموضع؟!

وأطرق غياث برأسه إلى الأرض متأملاً ثم قال لسعيد:
-هل تظن أن يسمحوا له بالرحيل؟

-كيف يسمحوا له أن يرحل سالماً،وقد قتلت أنا صاحبهم وجرحت أنت الأخر؟

-حتى ولو أعطيناهم بعض الذهب؟

-ويلك لن ينالوا منه قطعة واحدة

-حتى ولو كان في ذلك هلاك أخيك؟!

وأحس سعيد أن غياث أراد أن يفضحه فسكت وقد طوى نفسه على حقد مكتوم وبعد مدة أطل غياث من النافذة الصغيرة، وخشي انبلاج الصباح ففكر ملياً ثم قال لمروان مبهوجاً:
-لقد وجدت طريقةً لإخراجك من هنا سنثقب جدار الحجرة الثانية من الخلف ثم تتسلل من الثقب بهدوء وتركب فرس سعيد وتهرب

-وكيف أهرب وهم يتربصون أمام النافذة والباب؟

إنهم أمام النافذة والباب لكن الجهة الخلفية للبيت لا يرونها فالنخيل يسترها وهي التي تقف خلفها الفرس وسيساعدك الظلام في الهروب

-أخشى أن تفشل خطتك فيدركونني ويقتلونني؟

-ذلك خير لك من البقاء هنا وعليك المحاولة فإما أن تنجح وتهرب وإما أن يجتزَّوا عنقك بسيوفهم

بدون أن ينتظر موافقة أحد شرع في نقب الجدار بأحد الرماح وسعيد يراقب اللصوص
ولما قارب الضياء على الانبلاج كانت الثغرة قد أُنجزت وربط غياث بطن مروان وشدَّه وأعطاه قليلاً من الماء وقال له:
-هل تستطيع ركوب الخيل؟

-لا أدري

-إذا ركبت حاول أن تتماسك، وتتحامل على جرحك كي لا تقع

-سأحاولُ

وأخرج غياث السيف القديم من الصندوق وأمسك الحربة في يده،وبدأ الاستعداد لتهريب مروان من البيت لكن ما وقع لم يكن في الحُسبان!

فقد عمد رفاق حنظلة إلى العريش الصغير وأشعلوا فيه النار من أجل أن تحاصر اللذين بداخل الحجرة وتضطرهم للخروج وأرتفعت ألسنة اللهب وأضاء لها المكان، وعلقت النار في باب الحجرة المتداعي ثم اشتعلت في السقف كادت الحرارة والدخان تخنقهم،وهتف مروان كاظماً صوته حتى لا يسمعه اللصوص:
-ساعدوني على الخروج وإلا احترقت!

ثم زحف وأدخل رأسه في النقب ودفعه غياث إلى الخارج وتابعه وهو يمشي راكعاً يتخفى عن أعين مراقبيه وكي لا تشتد عليه آلامه ورآه يصل إلى الفرس المربوطة التي كانت تصهل وتحمحم،وقد أهاجتها رؤية النيران،ثم ركب بعد محاولات مضطربة ممسكاً بطنه وأنطلق مبتعداً وشك غياث في بقائه المدة الكافية ليصل إلى بغداد

التجأ غياث وسعيد إلى الحجرة الثانية هرباً من الحرارة، بينما اقتحم أربعة من اللصوص الحجرة الأولى المشتعلة
وكان أجرأهم زليط الذي تقدم وهو يعرج رابطاً فخذه بلفافة وقد لاحت في عينيه شهوة الانتقام وبرز لهم سعيد وغياث وتشيَّم غياث أن يقاتل صاحب اللفافة لعاهته فتركه لسعيد الذي قضى عليه في لحظات

وتراجع غياث قليلاً وشدَّ أصابعه على الحربة ثم قذفها بعنف لتستقر في جوف أحد الثلاثة وتصرعه ثم تقدم بالسيف القديم، ونشب بين الرجال قتال ضار زاده عنفاً ذاك اللهب الذي عمَّ أجزاء السقف وأصبح يتساقط عليهم من الأعلى،وتحامل غياث على صاحبه فصرعه وبقي سعيد ملتحماً بآخر الرجال

وتساءل غياث عن حنظلة كانت صرة ثيابه في زاوية الحجرة الثانية، وتحتها خرج الذهب مواراً بالتراب وقاس غياث بعينيه بين الباب وبين كنزه المدفون ، وكانت عينا سعيد تحاصره وهو يصارع خصمه على الأرض وبسرعة انتزع غياث ثيابه و ولى هارباً إلى الباب،لكن جزءاً من السقف انهار وسدَّ الباب وصاح سعيد بالرجل الذي كان يعتليه:
-الأموال!!إنه يهرب بالأموال!

وظنها الرجل خدعة فلم يتركه، وتصاعد الغبار والدخان ولم يعد أحد يرى شيئاً،و انطلق غياث إلى حيث النقب وخرج منه وهو يتنفس الهواء النقي ويتمنى أن تطول معركة الرجلين ومضى إلى أحد الخيول التي كانت ترعى الحشائش على حواف النهر وقد تفرقت بعد مقتل أصحابها وركب أحدها في عجلةٍ وهو يتلفت حذراً باحثاً عن الرجل الخامس!!




[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]



 


رد مع اقتباس
قديم 07-30-2014   #7
بنت النيل


الصورة الرمزية مي محمد
مي محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 528
 تاريخ التسجيل :  Mar 2012
 أخر زيارة : 08-25-2020 (10:59 PM)
 المشاركات : 36,790 [ + ]
 التقييم :  228073882
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Crimson
شكراً: 201
تم شكره 562 مرة في 461 مشاركة
افتراضي



[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px ridge violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px double violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://www.gladpige.dk/Baggrunde/Side3/baggrundgp38.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-image:url('http://www.hamasatdamad.com/upload/uploads/1393029445732.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



ثم انطلق و بانت تباشير الفجر الأولى إلى المدينة الكبيرة إلى بغداد

بغدادعاصمة الخلافة جامعة أشتات البشرالفرق شاسع بينها وبين الممرة هنا يسهل الاكتساب والعمل الملتوي بطمأنينة مئات الآلاف من الناس تروح وتغدو
وقد استقبلت المدينة الواسعة غياث بن عبد المغيث بغير الاستقبال الأول،فقد جاء الآن تاجراً ثرياً رفيع القدر ولم يجيء ليجلد ويسجن!
لدى وصوله كان أول شيء فعله هو الاتجاه إلى سوق البزازين وأصحاب القماش واشترى حلة ثمينة وعمامة ضافية وجبة وسراويل فاخرة،وتنكر بزي تاجر،واستأجر داراً صغيرة حصينة وأخفى كنزه فيها ،واشترى طعاماً وأكل بشهية عارمة كان فائق الحيوية والبهجة سعيداً بالنصر الذي أحرزه مسروراً بهذه الثروة التي آلت إليه،بعدما قتل في سبيلها ما لا يقل عن سبعة وعشرين رجلاً!!
خرج إلى الأسواق والأماكن العامة وكان يجلس في مواضع قصَّية،يتفرس في وجوه الغادين والرائحين،يلمح وجه مروان أو سعيد أو ذلك الذي كان يقاتله في الغرفة عندما هرب وتمنى لو يعرف عن حنظلة شيئاً وهل هو الذي اختفى أم كان ضمن الذين قتلوا داخل الحجرة؟ إن الذي بقي حياً من هؤلاء الأربعة حتماً سيأتي إلى بغداد ولكن من الصعوبة إيجاده في مدينة كبيرة كبغداد تحوي العديد من الأجناس!
الصراع لم ينته بعد وإن من بقي من الرجال سيجدّون في طلبه لا محالة فلابد من تصفيتهم جميعاً بأي طريقة وكان أكثر ما يهمه سعيد وحنظلة،فهما أوفر شراسة وخطرهما أكبر وقد سرَّه أنهما على غير وفاق، وأن العداوة مستحكمة بينهما أما مروان فلم يكن يخشاه كثيراً لضعف رأيه ولأن كسب جانبه سهل وقليل من المال يكفي لشراء سكوته
وطال انتظاره، ولم يظفر بمن يبحث عنهم وانتظر اليوم الثاني فلم يرَ أياً من الأربعة وأمضى أسبوعاً ثم ثانياً وهو يتردد على الأماكن التي يتوقع أن يراهم فيها، وحدثته نفسه أن مروان وسعيد ربما هلكا ولكن أين الآخرين؟ ودب اليأس إلى قلبه وكان يقطع وقته بتسليته الوحيدة احتساء الخمور
وتاقت نفسه إلى العمل وتحريك غنيمته الضخمة فذهب يبحث عن سماسرة العقار والضياع يسأل عن البساتين والمزارع وبعد أن طاف على العديد منهم وقف على أحدهم وسأله عن بستانٍ يشتريه فأجابه الرجل:
-ليس عندي غير شوكة!
وما هي الشوكة؟
-نخيل وبستان مهمل أصحابه متنازعون متفرقون وقد أوكلوا إليَّ بيعه
-إن كان في داخل بغداد فلا حاجة لي به
-لا بل خارجها على مسيرة ساعتين من موضع قدميك
-وهل هو واسع؟
-نعم هل تحب أن تراه؟
-نعم
-إذاً تعال إليَّ غداً
-بل الآن!
وصاح السمسار منادياً على خادم اسمه سريع فحضر عبدٌ أسود كهل بلحية بيضاء كرغوة اللبن وخيل إلى غياث أنه معتوه أو أصمَّ لأنه لم يتكلم ولم ينظر إليه،ولا إلى سيده وكانت عليه جبةٌ مرقعة وطاقية غليظة وحذائين باليين
وقال له سيده:
- اذهب بهذا الرجل وأره شوكة
ومضى غياث مع الخادم وحاول استدراجه إلى الكلام فلم يظفر بشيء، وسار ساعة حتى خرج عن المدينة وسار ساعة أخرى حتى وصل إلى بساتين عديدة متجاورة، وما خلفها كان أرضاً جرداء، وفي بقعة معزولة قريباً من النهرتوقف سريع عند بستان كبير بحيطان متينة لا يجاوره شيء وكان فيه كثير من النخل أما أكثره فمساحات جرداء واسعة قد نبت فيها الشوك، وفي جزء منه قام قصر صغير فخم البناء، يحتاج إلى شيء من العناية وقد سحبت إلى البستان قناة من نهر دجلة، وفي أقصاه قامت مساكن صغيرة كانت تستخدم لسكن العبيد والفلاحين واعتزم غياث شراءه لانعزاله وسعته ووجود ذلك القصر فيه ورجع إلى بغداد مع مرافقة الصامت واشترى البستان بلا تردد
وقال للسمسار:
- و أريد مع البستان شراء خادمك هذا!
ودهش السمسار لهذا الطلب الذي بدا له غريباً وقال:
-تقصد سريع؟
-نعم
-إنه شيخ بطيء ليس له في السرعة إلا اسمه!
-هل يكتب؟
-إنه يكتب وقد جعلته على دفاتري وحسابي لولا أمانته ما أبقيته عندي!
-هل يجيد الزرع؟
-نعم إنه يعرف شؤون البساتني ولكن كما قلت لك إنه بطيء ولولا البغلة التي تحته ما وصلت البستان إلا في الليل!
-لقد أعجبني صمته وقلة فضوله وأنا أرغب فيه
وانضم سريع إلى كنف سيده الجديد،واشترى غياث مزيداً من الموالي ووجههم إلى البستان لإصلاحه، وعاد إلى المراقبة وكان يسلك الطرق المهجورة مطأطئ الرأس، متلثماً بطرف عمامته
وذات يوم كان عائداً قبيل المغرب إلى داره وعندما دخلها أغلق الباب ووضع عمامته وتخفف من بعض ثيابه وكان السيف لا يفارقه في ذهابه وإيابه ولا عند نومه وما كاد يجلس حتى برز له في إحدى الغرف رجل يكرهه فوضع يده على السيف وهتف عابساً:
-سعيد؟!
-نعم لقد التقينا مرة ثانية
ودهش غياث لحالة سعيد كانت ذراعه اليسرى مشوهة قد أتت النار عليها وكانت ثيابه ممزقة في بعض أطرافها وخاطبه غياث في خشونة:
-ظننتك هلكت!؟
-لا لم أهلك بعد لم يحن أجلي لذا فأنت تراني أمامك!
-ما الذي جاء بك إلى هنا؟
-جئت لزيارتك والسلام عليك
-الزائر يقرع الباب ولا يتسلق الأسوار!
-استقبالك خشن ياغياث!
-هذا ما يليق بلص مثلك
-وأنت ألست لصاً؟!
-وأين مروان؟
-هل يهمك أمره؟
-نعم إن أمره يهمني
وجلس سعيد على دكة قريبة منه ومد رجليه بلا مبالاة وقال:
-لست أدري عن مروان شيئاً ربما قتله حنظلة!
-ألم يقتل حنظلة فيمن قتل؟
-لا إنه لا يقحم نفسه في الأخطار إلا بالحذر ولقد لحق بمروان عندما هرب ظناً منه أن الذهب في حوزته
- لا أظنه سينجو فقد ركب الخيل وهو يترنَّح
-إنه صبور كالجمال لكنه لا يحسن التصرف
-يبدو إلي أنه أقل شرساً منك؟
-إنه أحمق ولولاه لما تعرضنا لهذا القتال بيننا!
فأكد غياث على ما قال:
-لكنه لا يبدو شريراً متمرساً مثلك؟
وهنا قضم سعيد شفته السفلى وقال في مكر:
-أنا ضيف عليك يا غياث ولا يحق لك شتيمتي بهذا الشكل!
فأجابه غياث في جفاء:
-لكنني لم أدعك ولم أرحب بك
-لا يهمني هذا فقد لمحتك في السوق وتتبعتك حتى عرفت أنك تقيم هنا
وأدار رأسه في الجدران والسقوف ثم أرعب غياث بنظرة حادة وقال:
-أنت فتى شجاع يا غياث ولو تضافرت جهودنا لاستفدنا كثيراً
وأدرك غياث ما يرمي إليه سعيد فقال:
-لا تحلم بمثل هذه الأمور فقد حصلت على ما يكفيني ولا أظنني بحاجة إلى المزيد من التعب والمخاطرة
عندها هتف سعيد بحدة وغيظ:
- وأنا وشقيقي أين تذهب أتعابنا وجروحنا ؟!
- تقصد الذهب؟
- وما الذي جاء بي إليك إلا طلب الذهب !!
فقال غياث ببرود تام!
-لقد سبق أن قلت لك أن الذهب سرق للمرة الثالثة!
-أنت تثير غضبي بكلامك هذا
- هذا شيء أمره إليك وحدك
تحلب ريق سعيد في فمه،وكدر ملامحه غيظ مكظوم،فقام من مجلسه وما أن تحرك استل غياث سيفه فقال سعيد بدون أن ينظر إليه:
-هوِّن عليك ما جئت لهذا لو كنت أريد قتلك لاختبأت لك خلف الباب وقتلتك ساعة دخولك!
فهتف غياث:
-لا تتحرك من مكانك
وبدون أن يأبه له تقدم سعيد إلى موضع الماء وقال:
-أريد أن أشرب وأغتسل لقد جئت أعرض عليك الصلح
وتنحى غياث عنه في حذر فيما تقدم سعيد وغسل وجهه وشرب،ثم قال وهو يمسح وجهه بكمه القذر:
-أنت شديد الحذر وتخاف كثيراً
-لا شأن لك بهذا قل لماذا جئت؟
- لقد جئت لأقول لك إنه لم يبقَ إلا أنا وأنت و حنظلة ومروان إن كان حياً وأنا أعرض عليك إن شئت السلامة أن يكون لك ما حصلت عليه من الأموال، وتدلني على موضع الخرج الذي أسقطته في النهر وأما حنظلة فهو لا يعرفك ولم يرك ولا تعرفه ولم ترَ وجهه فإذا ظهر فإنما سيطلبني أنا ومروان وتكون بذلك قد أمنت جانبه وكفيت شرَّه
وسكت سعيد ينتظر جواب غياث فتأمله غياث فرآه أصفر الوجه متعباً وكان يتكلم بثقة ويأس وتأكد لغياث أنه مقدم على تنفيذ ما يريد ولو كان في ذلك حتفه ولكنه لم يصمد لأن شارات الإرهاق بادية عليه مما أغرى غياث أن يتحداه ويسأله بلا مبالاة!
-وإذا رفضت؟
فصاح سعيد وقد استل نصف سيفه من غمده!
-إذا رفضت فهذا سيقنعك!
فقال غياث بهدوء وتحدي!
-إني أرفض
عند ذلك رمى سعيد قدح الماء من يده واستل سيفه بسرعة وانقض كل منهما على صاحبه،والتحما في قتال مرير كان صوت تقارع السيوف يغطي على الكلمات المبهمة التي يقولانها والشتائم التي يتبادلانها
استمر صراعهما طويلاً
دون أن تميل الغلبة إلى أيٍ منهما وتصبب العرق غزيراً من جسديهما كان غياث أقوى جسداً من خصمه لكن سعيداً كان أمهر في استعمال السيف وتأكد لغياث أن صاحبه عليل ومتعب، فقد ارتخت نظراته وتعددت ضرباته الخاطئة، وحانت منه فرص ومقاتل لكن غياث كان يتجنب قتله وازدادت صفرة سعيد،وبدأ يتراجع فيما نشط غياث وتعثر عدة مرات لكنه كان ينهض عاجلاً، وبحركة من غياث جرح ذراعه وضرب سيفه بقوة ليطير بعيداً ثم هجم عليه وأطاح به، ووقف على رأسه متصاعد الأنفاس رافعاً سيفه إلى أعلى
وهتف سعيد لاهثاً:
-اضرب فما عاد للحياة طعماً عندي!
وحاول أن ينهض فأهوى غياث بمقبض سيفه على رأسه فسقط مغشياً عليه





[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]



 


رد مع اقتباس
قديم 07-30-2014   #8
بنت النيل


الصورة الرمزية مي محمد
مي محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 528
 تاريخ التسجيل :  Mar 2012
 أخر زيارة : 08-25-2020 (10:59 PM)
 المشاركات : 36,790 [ + ]
 التقييم :  228073882
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Crimson
شكراً: 201
تم شكره 562 مرة في 461 مشاركة
افتراضي



[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px ridge violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px double violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://www.gladpige.dk/Baggrunde/Side3/baggrundgp38.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-image:url('http://www.hamasatdamad.com/upload/uploads/1393029445732.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



لعمل في البستان في تطور مستمر اقتلعت الشجيرات الزائدة وشذبت الأغصان المتهدلة وقلمت الأشواك من النخيل

وابتكر غياث محجراً لإحراق الأوراق ومخلفات جريد النخل تشبه البركة غير العميقة وأُجري الماء بغزارة على الساحات الجرداء وجرت الثيران القوية بالمحاريث عليها وزاد غياث من أشجار البستان وأسرف في زراعة العنب و اعتنى بحجرات الخدم والعبيد،وأصلح من شأن القصر الصغير،وزرع حوله أصنافاً من الرياحين والأشجار المتعددة وابتنى في ناحية نائية من البستان بيتاً صغيراً بفناء صغير جميل، وأعدّه للقّيم الذي سيشرف على تجارته وزراعته ويقوم على بيع الثمار في أسواق بغداد

وفي غضون ستة أشهر من وصول غياث إلى بغداد أصبح البستان جنهً لا يملها الناظر
وقد عمد غياث من تغيير اسم البستان من "شوكة" إلى"المغاث" نسبةً إلى اسمه ونقش ذلك على الباب

ويدين غياث بكثير من تقدم بستانه إلى كبير عبيده"سريع" الذي كان كما وصفه سيده الأول بطيء الحركة، لكنه لا يتوقف وكان أميناً طويل الصمت شديد الطاعة لسيده
وبرهن سريع لسيده منذ الأيام الأولى أنه خير مؤتمن على السر، وينفذ ما يطلب منه بدقة وبلا أسئلة

ففي ذلك اليوم الذي اقتتل فيه سعيد و غياث، قام غياث بنقل خصمه الذي أغشي عليه إلى مزرعته وسجنه في غرفة كبيرة مهجورة في مكان معزول من البستان، وعلى تلك الحجرة سور بُني من الحصى وقد أخفت أشجار من السدر طويلة ذلك المبنى عن الأعين وكانت تلك الحجرة تستخدم مخزناً لأعلاف الماشية فيما مضى وقد استيقظ سعيد ليلاً مشوش الفكر من الضربة التي أصابته ليجد نفسه مجرداً من سيفه ومسجوناً في تلك الغرفة ومربوطاً إلى سلسلة طويلة لا يستطيع منها فكاكاً وكان غياث هو أول مَنْ رآه فخاطبه في كآبة وهزيمة:
-ماذا صنعت بي؟

فقال غياث في سخرية:
-صنعت بك ما ترى أسرتك وسأكرمك لأنك ضيفي كما تقول!

-ألا تنوي أن تُريحني؟

-لا لقد قلت لك أني لا أحب القتل

-لكنك تقتلني حين تربطني بهذه السلسلة كال***!

-إنك شرير ولو كنت آمنك لأطلقت سراحك وستبقى في هذا الموضع حتى أنظر في أمرك

تقبل سعيد هزيمته بنفس شجاعة فلم يستجدِ ولم يطلب الرحمة مما أثار الإعجاب في نفس غياث بتجلده وصبرهوخرج من عنده،وأوكل رعايته إلى عبده سريع،وأوصاه أن يكتم خبر السجين عن الخدم وعن أي أحد وأصبح سريع من ذلك اليوم يحمل الطعام والشراب والفاكهة والنبيذ إليه وكان يفعل ذلك بصمت، ولم يسأل عن السجين من هو ومن أين جاء ولماذا سجن هنا!!

وكانت مطالب سريع قليلة وأكثرها من شأن البستان والعاملين فيه،ولم يطلب لنفسه شيئاً إلا مرة واحده،حين قال لغياث في تردد

- إن شاء مولاي أن يكرمني بأعطية من عنده أحفظها له ما بقيت حياً فقال غياث في سرور:
- زوجتك أعرف ذلك تريد أن أشتريها وأحضرها؟

- لا يا مولاي لقد ماتت زوجتي قبل عشر سنوات و إنما أطلب ابنتي عطر

- ومن يملكها الآن؟

- سيدي الأول السمسار الذي اشتريت البستان منه و اشترى غياث"عطر"بعدما غالى سيدها في ثمنها وقد تبين لغياث فيما بعد أن عطر تفوق ثمنها عدة مرات لقد كانت أمها رومية أُسرت في أحدى المعارك، وقد اشتراها السمسار وأنكحها عبده سريع فولدت له عطر وماتت بعد ذلك بعشر سنوات

وقد مزجت الصبية بين دكنة أبيها وصفرة أمها، فجاء لونها نحاسياً بارقياً وورثت عن أبيها الطاعة والصبر على الأسياد وكانت مهذبة ظريفة، فملكت على غياث قلبه فاتخذها سرية وسكنت معه في القصر و ازداد إكرامه لوالدها، فلم يعد يندبه إلا في الأمور الهامة أو الإشراف على عمل الخدم
واشترى غياث الأرض الجرداء المجاورة لبستانه ،وأخبر عبده أنه سيزرعها قمحاً في الموسم القريب فعلق سريع مغتماً:

- أنا لا أعرف زراعة القمح ياسيدي وقد أصبحت شيخاً ثقيل الحركة كما ترى وسكت ليستجمع أفكاره وأحنى رأسه إلى الأرض و غياث ينظر إليه باسماً ثم قال:
- إن شاء مولاي أن نستأجر لزراعة القمح فلاحاً عارفاً بزراعة القمح وأكون أنا منصرفاً إلى الخدم والأسواق؟

فقال غياث:
- سيكون لك أكثر مما طلبت فسنستأجر للقمح من يقوم على زراعته،وبعد موسم القمح سأجعل على الأسواق قيماً وسيسكن في الدار التي ابتنيتها لهذا الغرض

وتمضي الأيام في حياة غياث بن عبد المغيث حلوة سعيدة فقد احتوشته الرفاهية واستلقى على آرائك النعيم وتجلى عنه ليل الممرة الكئيب ومنحته الأيام صباحها
أصبح لا يأكل إلا الخبز المنخول واللحوم الفاخرة، وتجلب له الحلوى من بغداد كل يومين ويشرب النبيذ الطيب والخمر المعتق ويلبس ثياباً موشاة بالحرير ويتنزه كل صباح وعصر في أنحاء البستان الواسع بصحبة جاريته عطر تطرفه وتسليه بأحاديثها وربما أخذته النشوة أحياناً فيقفز كالأطفال ممسكاً بيدها ويصيح معبراً عن حبوره!!

وأراد أن يمحو كل شيء يذكره بالماضي الكئيب فتناسى حنظلة فهو لا يعرفه ومروان ضعيف ومفقود وربما قتل وسعيد في سجنه وظفر يوماً في بعض خزانات القصر بصرة ثيابه القديمة وقد وضعتها إحدى الخدم،فأخذها وقلّبها بين يديه ثم قذف بها في بئر يابسة في طرف البستان

كان دائماً ينظر إلى نفسه في المرآة عيناه الحالمتين وفمه الجميل على حالهما أما كفيه فقد غسلت النعمة خشونتهما، فكانا على شيء من الليونة أما جسده فما زال على قوته ومتانته وتضرج وجهه بحمرة النعيم وكان يقضي أكثر يومه فائق الحيوية والبشرمسرفاً في شرب الخمر والنبيذ

امتلك السعادة التي ينشدها وتحقق له النعيم الذي يطلبه وصدقت ظنونه حين وضعت الثروة حداً لشقائه المستديم وقرر في نفسه أن الحياة ابتسمت له بعد طول عبوس وأن بدره قد اكتمل نموه





[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]



 


رد مع اقتباس
قديم 07-30-2014   #9
بنت النيل


الصورة الرمزية مي محمد
مي محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 528
 تاريخ التسجيل :  Mar 2012
 أخر زيارة : 08-25-2020 (10:59 PM)
 المشاركات : 36,790 [ + ]
 التقييم :  228073882
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Crimson
شكراً: 201
تم شكره 562 مرة في 461 مشاركة
افتراضي



[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px ridge violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px double violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://www.gladpige.dk/Baggrunde/Side3/baggrundgp38.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-image:url('http://www.hamasatdamad.com/upload/uploads/1393029445732.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




توقف شيخ كبير مسن على باب بستان غياث وقرأ اسم البستان "المغاث" المنحوت عليه، ثم ترجل عن بغلته الهزيلة التي يركبها ثم قادها بزمامها إلى الداخل وسار حتى وصل إلى القصر وربط بغلته في مربط الدواب وذهب أحد الخدم ليخبر سيده أن رجلاً يطلبه

كان الشيخ نحيلاً و مهزولاً كالدابة التي جاء عليها لكنه كان مهيباً وقوراً مخضوب اللحية بالحناء عريض الحاجبين أبيضهما بعينين بارقتين لامعتين بالفطنة

وخرج غياث إليه وفي يده كأس النبيذ فأصطدمت نظراته بهيئة الشيخ، وما أن رآه حتى اعتراه الخجل ووضع الكأس جانباً ورحب بضيفه ودعاه للجلوس على بساط كبير مفروش تحت ظلال الأشجار القريبة من القصر فجلس وقال:
-لقد ذكر لي الخادم سريع أنكم في حاجة إلى من يقوم على زراعة القمح في الأشهر القادمة

فقال غياث وهو يشير إلى أرض القمح البعيدة التي أُعدت وحرثت:
-نعم نحن بحاجة إلى من يقوم بزراعة تلك الأرض فلا يوجد عندنا أحد يقوم بذلك،وقد أمرت عبدي أن يستأجر فلاحاً لهذا الشأن:
-وأين صاحب البستان حتى نحدَّثه؟

-أنا صاحب البستان!

فدهش الشيخ لكون هذه الضياع الواسعة لشاب في الثامنة والعشرين وقال:
-أنا اسمي شرف الدين من بغداد وأحسن العناية بالقمح،فإن شئت عملت عندك وأخذت العُشر عند الحصاد

-لقد قلتُ لسريع أنني أريد أن أستأجر فلاحاً بالأُجرة يأخذ أجره إذا انتهت السقيا وقطع الماء عن الزرع!

-أنا أعمل يابني في مزارع الناس كل سنة وكنت أتفق معهم على جزء من الحصاد!
تأمل غياث الرجل فارتاحت نفسه إليه وقال محاولاً إقناعه:

-سأجزل لك الأجر فذلك خير لك فقد يأتي الحصاد شحيحاً

-من أجل هذا طلبت جزءاً من الحصاد فلا أريد أجراً كاملاً عن حصاد شحيح

-لكني راضٍ وقانع بذلك!

-إذاً فلم نتفق!

وبلا مناقشة ودَّعه الشيخ وقام إلى بغلته ليذهب فقال غياث على الفور:
وافقت وافقت

استقرَّ شرف الدين فلاح القمح في الدار التي عدت ليسكنها القيَّم وشرع في العمل وأظهر دراية بالزرع وأجرى الماء وتابع السقيا، وبعد مدة بدأت وريقات القمح تشق الأرض ثم تأخذ في الارتفاع تحت شمس دافئة عجلت بإنباتها

وزار غياث شرف الدين وتكررت زياراته له واجتذبه سمته ووقاره و هدوؤه،وأصبح يأنس له ولا يخفي عنه مودته وتضاعفت تلك المودة عندما طفق سريع ينقل إليه أخبار شرف الدين في بغداد ويثني على سيرته فيعرف أنه لم يكن فلاحاً فحسب بل هو على جانب من العلم والتقى والفضل يتكسب عيشه من العمل بالزراعة عند الناس


وكان غياث يقول لجاريته عطر أو لسريع في صراحة تامة:
-أنا أحس بالبهجة حين تقع عيني على رجل من الصالحين منذ أن كنت صبياً لكن شرف الدين مختلفاً كثيراً،فأنا أبتهج لرؤيته وأهابه،وقد فطن إلى ذلك فأصبح ينهاني عن الخمر ويعظني و يناصحني فصرت لا أشربها في حظرته، ولا في الوقت الذي أتوقع حضوره فيه ولا أخرج إليه إلا إذا فارقني أثرها،وليس أحدٌ يشبهني فأنا سكير منحرف، ويعمل في فلاحة أرضي طالب علم تقي!!

مضت ثلاثة شهور وأوشك موسم القمح على الانتهاء ،وكانت سنابل القمح رفيعة متسامقة تتمايل مع حركات الهواء ورائحتها زكية تزيد السرور في نفس غياث وكانت الفترة الأخيرة من العمل تحتم أن يكون الماء متدفقاًً باستمرار على جذور السنابل التي ستصبح بعد مدة قصيرة صفراء ذهبَّية لتقطف بعدما تجف تماماً

وركضت الأيام سعيدة مبهجة في حياة غياث بن عبد المغيث،وقد زادها تواجد شرف الدين ببشاشته ورحابته أنساً

وجاء يوم اهتزت فيه قناعة غياث بواقعه وفقد ثقته في سعادته،وفي الحياة الرغيدة السهلة المحيطة به
تسللت إليه شمس الحقيقة ساخنة لتحسر عنه ظلال الوهم الذي كان يأوي إليه
وكان ذلك على يد شرف الدين!

ففي بعض جلساتهما كانا قد فرغا من شؤون الزرع، وكعادته كان شرف الدين يذكره بالآخرة والتقوى ويعضه وينبهه إلى الثغرات فيما يظنه سعادته وفي معرض حوارهما سأله شرف الدين:
-لماذا أنت حزين يا بني؟

فقال غياث باستغراب:
-أنا لستُ حزيناً كيف رأيت أني حزين؟!

-لأنك تعاقر الخمرة باستمرار وهذا دليل حزنك.

-أنا أشرب الخمر لأني ابتليت به،مع أني أحاول جاهداً الفكاك منه

-لا بل أنت تهرب إليه لأنه يذهب بك عن دنياك التي تجدها محزنة!

-لكني أجد دنياي سعيدة!؟

-لو كنت سعيداً لما شربت الخمرة لأنها دواء المحزونين!

-إن الدنيا قد أحزنت الكثيرين،وأنا قد استوفيت عِدة السعادة فيها فما الذي يدعوني إلى الحزن؟!

-وما أدراك فقد يكون هذا سبب شقائك فإن في المال خاصية عجيبة، فقد تجد اللذة في تمنيه والحلم به فإذا حصل شقيت به وتبين لك أنه كالسراب يسرك مظهره ومخبره الظمأ والخداع!

-ما أدري هل أنت فلاح أم حكيم!؟

-لا تشغل نفسك بي ودعني أفيدك بشيء ربما عقلته أنا لكبر سنّي؟

-ما هو؟

-إن الناس يشتمون الفقر ولو أنصفوه لوجدوه عين الراحة والسلامة في أدواء كثيرة!

-الراحة!!ومن هذا الذي يجد الراحة في الفقر؟!

-يرتاح بالفقر الذي تخفف من طمع الدنيا،وشغلت عليه الآخرة قلبه

-كثير من الناس زهدوا في الدنيا،وآثروا الآخرة لعجزهم عن الحصول على الدنيا

-ربما يكون ذلك من حسن تدبير الله لهم ولطفه بهم فلو تحصل لهم المال لطغوا وانحرفوا

-حقاً ويكون الفقر بمثابة دليل لهم إلى الآخرة ونجاة لهم

-الفقر يذمه صاحبه في الدنيا ويحمده في الآخرة

-لكن النبي صلى الله عليه وسلم قرن الكفر بالفقر ووصف الجوع بأنه بئس الضجيع

-لقد تيسرت للنبي صلى الله عليه وسلم سبل الغنى فقد ملك العرب وساد الناس،وأخبر أنه لو شاء لسارت معه الأودية ذهباً وفضة ومع ذلك فقد كان بعض أصحابه أطيب عيشاً منه وأسهل حياة وهذا اختيار الله لنبيه صلى الله عليه وسلم

-إذاً فالأغنياء -على كل حال - في شقاء مستديم!؟

-في شقاء إذا استقر المال في قلوبهم أما إذا عمرت الآخرة قلوبهم وتحول المال إلى أيديهم، وقاموا بحق الله فيه فهم خير من الفقراء والمؤمن القوي خير من الضعيف والمال نوع من القوة
ولسبب لا يدريه شرف الدين قال غياث بلهفة:

-لكنني سعيد بما أنا فيه من الغنى الواسع!

فقال شرف الدين ببديهية:
-سبحان الله هل تثق في حواسك كل الثقة إذا استجابت لكل ما تحس به،وحكمت على ما حولك بإحساسك هلكت فالأذن تخدعك والعين تخدعك والنفس تخدعك وتميل بك إلى ما تشتهي وإن كان ضلالاً!
ألا ترى على كثير من العصاة أنهم يفعلون المعصية ويحسون أنهم على صواب فينخدعون ويمضون على أخطائهم!

-إذاً فلن نفعل شيئاً البتة خوفاً من خديعة الحواس؟

-ولهذا أنزل الله الدين حتى يكون مناراً يُهتدى به ويُستدل به على الصواب والفلاح،حفاظاً على الإنسان ورحمة من الله به أن يتبع هواه ورغباته فيضل ويهلك
كما أن الحلال بين والحرام بين وكل ما أمر تزنه بميزان الله يتبين لك خطأه من صوابه

-وأين تكون السعادة إذاً؟!

-أنا سأسألك أين تكون السعادة؟

-أنا أقول إن السعادة في طاعة الله وتقواه،ولكني وجدت سعادتي في الثراء!

-هل جربت سعادة الهدى والتقوى

-لقد صليت عدة مرات وكنت مع ذلك محزوناً!

-يا بني تقوى الله مراتب وكلما اقتربت من ربك كرهت الدنيا،وصرت تراها عبثاً ثقيلاً ومرحلة متعبة تشوقك دوماً للفكاك منها

-ومتى أصل لهذه الحالة؟

-إذا اتهمت نفسك وشككت في حياتك التي تزعم أنك سعيد بها وأنا الآن أدعوك للتأمل فيما مضى من عمرك،وما بقي وما سيعقب ذلك وأرجو أن تتجه إلى ربك بالعبادة التي يضيء بها القلب ويعمر بها لا تلك التي لا تعدو الجوارح

وتناهض الشيخ للانصراف بعدما أوصى غياث أن يبدأ بالشك فيما حوله من حياةٍ وداعةٍ وسعادة مزيَّنة

وكان هذا اللقاء نقطة البداية في حياة جديدة قام غياث ذلك اليوم وقد اشتعلت في نفسه جذوة الحزن من جديد،وتسللت إليه كلمات وأفكار شرف الدين التي قلبت حياته رأساً على عقب!


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]



 


رد مع اقتباس
قديم 07-30-2014   #10
بنت النيل


الصورة الرمزية مي محمد
مي محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 528
 تاريخ التسجيل :  Mar 2012
 أخر زيارة : 08-25-2020 (10:59 PM)
 المشاركات : 36,790 [ + ]
 التقييم :  228073882
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Crimson
شكراً: 201
تم شكره 562 مرة في 461 مشاركة
افتراضي



[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px ridge violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px double violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://www.gladpige.dk/Baggrunde/Side3/baggrundgp38.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-image:url('http://www.hamasatdamad.com/upload/uploads/1393029445732.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



ذات مساء
أوغل الليل في المسير وجلس غياث بن عبد المغيث في مجلسه الواقع خارج القصروأوقد ناراً وجعل يقلب كفيه فوقها ملتذاً بدفء،ويتأمل تراقص لهيبها كان كل شيء ساكن والعاملون في البستان قد أووا إلى مساكنهم ولم يعكر صفو ليلته تلك سوى أحزانه التي تجددت وفجر الشيخ شرف الدين سدودها،فقد زعزع قناعته بالهناء المحيط به وفضح كآبته السابقة ونشرها كجيفة كان التراب يواريها،فأخرجت من التراب وانتشرت رائحتها عفنة تعم الأرجاء!

إذاً فهو غير سعيد! فلوكان سعيداً حقاً فلماذا اغتمَّ لجراحه القديمة التي نكأها شرف الدين ولماذا أصبح يساهر الليل وحيداً محزوناً!؟
وقذف في النار بعض الحطب

لا إنه غير سعيد لقد كان يوهم نفسه بالسعادة! ليعترف بهذه الحقيقة التي كانت تتبدى له فيغمض عينيه عنها حقاً إنه لم يحس بسعادة سليمة من شوائب المرارة منذ أن استولى على هذه الأموال!

لقد أوجعه هذا الاكتشاف الجديد،فعاد يحاول التشبث ببقايا هنائه وتشبث بكذب لذيذ، وآثر أن ينظر إلى الوجه الساطع في حياته،وأوهم نفسه في تلك الليلة بالبهجة ،وتكلف السرور وطرد الأحزان،فشرف الدين لا يعلم عن دواخله ولا قلبه وحواسه لا يمكن أن تخدعه!!

ولبس ثياباً جديدة على جروح قذرة وتمدد على الفراش الوثير متكاسلاً عن الذهاب إلى حجرته حتى أخذه النوم

في الصباح هزته يدٌ رقيقة فاستيقظ ناعساً وابتسم لجاريته التي وقفت على رأسه باسمة وقالت له:
-لقد جاءني والدي لأطلب منك أن تتحثث من جفاف القمح قبل أن يحصد ويدرس

ونهض واغتسل وذهب برفقة جاريته متسكعاً ببطء كعادته بين الخمائل والنخيل و عرائش العنب،وهي تزف إليه روائحها الندية العابقة مع أنسام الصباح

ولم يسر غير قليل حتى أدهشته عطر بسؤالها:
-هل تعاني من ألم يا مولاي؟

فالتفت إليها وهو يقول:
-لا بل أحس بمزيد من العافية!

-أنت مكابر وتستعلي على أوجاعك إن وجهك بائن الصفرة!! لقد لاحظت ذلك بعد قدوم شرف الدين! لقد أصبحت تجلس وحدك،وتظل ساهماً وكنت أراقبك فإذا رأيتك على هذه الحالة تركتك!

-أنت مخدوعة!

-لا بل لقد رأيتك يوماً تبكي وحيداً فآثرت أن أمضي دون أن تراني

-أنا أبكي؟!

-نعم هذا ما رأيت!

-لم أعلم بذلك فكيف أبكي وأنا لا أعلم؟!

-أنا من يسأل هذا السؤال؟

لم يجبها بشيء سوى أن طمأنها بسلامته،وأكمل جولته ثم رجع،وأراد أن يتجول في الأنحاء، فأمر سريعاً بتجهيز الخيل وفوجئ به يقول هو الآخر:
-إن شاء مولاي أن يؤخر تجواله ويستريح؟

فقال مدافعاً عن نفسه:
-لكني لا أبدو متعباً؟

-أنت بادي الإرهاق يا سيدي

وغشيته الكآبة من جديد وقد أثارته هذه الملاحظات، وتأكد له أنه يخادع نفسه ويتوهم أنه على ضفاف النهر من السعادة وهو خلاف ذلك لقد أصبح كمن تناول جرعة ماء ليغسل فمه فاكتشف أنه شديد العطش وهو لا يدري!

ومضى راكباً فرسه تاركاً عطر ووالدها وقد حيرهم أمره وحيرتهم تلك التغيرات الجديدة في حياته!
خرج غياث ليتخفف من الكدر المطبق عليه وأمضى يومين كاملين في غيبته لا يعلم أحد أين هو ثم عاد محملاً بالمزيد من الكآبة
ولم يجرؤ أحد على سؤاله أو محادثته بشيء،فمضى إلى حجرته وأغلقها على نفسه،ولم يخرج بعد ذلك!

وطالت مدة الحبس الذي اختاره غياث لنفسه وكان الخدم يطرقون عليه الباب فلا يرد ولا يقبل الطعام وحاولت عطر اقتحام عزلته فلم تقدر!واستنجدت بأبيها فلم يَلقَ جواباً وظنَّ الجميع أنه هلك لولا بعض الأصوات المبهمة التي كانت تصدر من جوف الحجرة بين فينة وأخرى وتثبت لهم أن سيدهم مازال على قيد الحياة وأخيراً خطرت لسريع فكرة مضى إلى بيت القيَّم وطرق الباب ليستنجد بشرف الدين

وجاء شرف الدين واجتمع ببعض الخدم فأمرهم أن يبتعدوا حتى لا يثيروا حفيظة غياث وطرق باب حجرة غياث بهدوء فلم يرد،فطرقه ثانية بإلحاح فجاء صوت غياث من الداخل ينهر الطارق ويأمره بالابتعاد،فقال شرف الدين:
-افتح ياغياث افتح يا بني أنا شرف الدين وتكاثر الخدم وجاء بعضهم من الحقول لمشاهدة ما يحدث وتراصوا في الممر المؤدي إلى الحجرة

ثم سُمع من الداخل صوت يروح ويجيء على عجل ويحرك بعض موجودات الحجرة،ثم فتح غياث الباب محزوناً مدهوشاً ورحب بالشيخ الفلاح وبان على وجهه سرور حقيقي وقال:
-لم أكن أتوقع مجيئك إلى غرفتي!

فاختلق شرف الدين عذراً وقال:
-لقد أردت أن أودعك قبل رحيلي،فقد انتهى القمح ويجب أن أذهب

ودخلا إلى الغرفة وأغلق غياث الباب ثم فتحه فجأة والتفت بصرامة في وجوه الخدم والعبيد الذين كانوا قد تكدسوا في الممر وارتفع بعضهم على أطراف أصابعه لمشاهدة غياث وهتف بهم:
-انصرفوا!

ولم يغلق الباب حتى رآهم ينصرفون مسرعين في شيء من الذعر!

وكان غياث يرتدي ثيابه التي عاد بها من رحلته الغامضة
وحذاؤه لم يخلعه طوال هذه المدَّة، حتى شكل عمامته لم يتغيروكان ذابل النرات متعباً مكدور الملامح!

ومضت ساعتان كاملتان قبل أن يخرج غياث من الحجرة يتقدمه شرف الدين ولاحظت عطر أن سيدها محمر العينين رطب الأجفان!!


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]



 


رد مع اقتباس
إضافة رد
كاتب الموضوع مي محمد مشاركات 13 المشاهدات 3404  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع

(عرض التفاصيل الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع منذ بعد 04-05-2024, 01:17 AM (إعادة تعين) (حذف)
لا توجد أسماء لعرضهـا.
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 04:46 PM بتوقيت الرياض


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون
Designed and Developed by : Jinan al.klmah