عدد مرات النقر : 0
عدد  مرات الظهور : 643,690


❦ وهـج القصص والخيال ❦ ❧ لكل ما يروق لنا من قصص او خاطرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-30-2014   #11
بنت النيل


الصورة الرمزية مي محمد
مي محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 528
 تاريخ التسجيل :  Mar 2012
 أخر زيارة : 08-25-2020 (10:59 PM)
 المشاركات : 36,790 [ + ]
 التقييم :  228073882
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Crimson
شكراً: 201
تم شكره 562 مرة في 461 مشاركة
افتراضي



[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px ridge violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px double violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://www.gladpige.dk/Baggrunde/Side3/baggrundgp38.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-image:url('http://www.hamasatdamad.com/upload/uploads/1393029445732.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


[IMG]http://www.gladpige.dk/Linier-no2/Side2/r-2.gif[/IMG

رحل شرف الدين إلى بغداد بعد انتهاء مهمته وأتبعه غياث بالجمال التي تحمل نصيبه من القمح

رحل وبقي أثره واضحاً جلياً على غياث فقد انتهج في حياته أسلوباً جديداً فصار لا يضيع صلاته ولا يترك فروضه وامتنع عن شرب الخمور ولم يعد يحمل السوط إرهاباً وهو يتجول بين الحقول!

وأمر عماله أن يهريقوا قدور النبيذ وباستقامته انزاح عنه كثير مما يثقل قلبه وصار يجد في الصلاة ملاذاً يختبئ فيه عن أحزانه و قتامة أيامه

ولكنه ظل متشبثاً بحب المال يرى أنه سيكون منقوص السعادة بدون ثروة، ولهذا تولَّد لديه صراع واشتعلت الحيرة في نفسه تجاه هذه الأموال التي يستمتع بها،وهو يعلم أنها ليست له وحاول إقناع نفسه بأحقيته في ذلك وبجدوى عمله

وكأنما كان القلق والعذاب له بالمرصاد، فقد جاءه سريع وأخبره بوجود شاب أمين ونشيط من أهل بغداد على جانب كبير من العلم بالحساب وشؤون البيع
وقال سريع:
-إنه فقير وقد عرضت عليه أن يعمل لدينا في البيع والتجارة والإشراف على غلات البستان وبيع القمح

فسأل غياث بلا مبالاة:
-وهل أخبرته بوجوب الإقامة في البستان؟

-نعم ياسيدي وقد وافق على الفور لأنه لا يكاد يجد أجرة المنزل الذي يسكن فيه ببغداد
بعد أيام حضر القَّيم الجديد ليأخذ مكان شرف الدين في البيت، وليقوم بإدارة البستان والزراعة ويذهب بالغلات إلى أسواق بغداد

مضت عشرة أيام على وصوله وفي عدة مرات كان سريع يأتي إلى غياث ويسأله إن كان يرغب في مقابلة الشاب الذي جاء يعمل عنده فكان غياث يصرفه ويقول:
-لا ليس الآن دعه يتعرف على أعمال البستان وصنوف الزرع

وكان يسأل سريعاً دائماً عن أحوال سعيد المسجون فيخبره أنه بخير وأنه على حاله من الغضب المستديم والتهديد والشتائم فيطمئن غياث لذلك،ويوصي عبده بالمزيد من العناية به

وطوال هذه المدة كان غياث منصرفاً إلى شؤونه الخاصة مشغولاً بهمومه المتزايدة ومكابدة نفسه الثائرة ولم يكن يفارق القصر إلا حين يقوم بجولته الخارجية وكانت تصحبه عطر في جولاته وكان في ذلك تسلية يومية له وترك التجوال في الحقول والبستان ونسيها ونسي القَّيم الجديد ولأول مرة تمنى أن يرزق بغلام يملأ عليه وحدته وحياته بالبهجة

وذات عصر كان جالساً تحت ظلال الأشجار الوارفة القريبة من القصر، فأقبل إليه رجلٌ يشق عرائش العنب، وما أن وصل إلى بساط غياث حتى سلم بخجل ثم قال:
-أنا القَّيم الجديد على البستان ياسيدي هل تأذن لي بالجلوس ؟

فقال غياث:
-لقد توقعت ذلك عندما أقبلت علي
ورحب به ودعاه للجلوس

كان الشاب كما وصفه سريع مهذباً بائن الحيوية عليه شارات الجد
وكان طويلاً مضرج الخدين بالصحة له هيئة توحي بفقره

وقال الشاب في بشاشة:
-قيل لي إنك لا ترغب في مقابلة أحد لكن تجرأت بالقدوم إليك فقاطعه غياث في وداعة:

-كان يجب أن أراك ساعة قدومك لكن حال دون ذلك أعمال أخرى

-لقد اضطررت لاقتحام مجلسك لأن أشغال الزرع والبضاعة والسوق تتطلب ذلك

-كيف وجدت الدار؟لقد أمرت سريعاً بتجهيزها قبل وصولك؟

-إنها خير مما كنت فيه ببغداد وهي إلى ذلك جديدة البناء

-لم يمض على بنائها سوى عام!
و
ابتسم الشاب وهو يقول:
-لقد وسعتنا على كثرتنا!

-وهل أعجبت أسرتك؟

-يجب أن تعجبهم فقد كانوا في أضيق منها في بغداد!

-وهل زوجتك معك يا أنا لم أعرف اسمك إلى الآن؟

-معبد بن عيسى

-هل تزوجت يا معبد؟

-لقد أشغلني والدي بالبيع والعمل وكنت أعمد إلى تأجيل الزواج بسبب ذلك

-إذاً كيف تركت والدك وحيداً وجئت بأسرتك إلى هنا؟

-لقد توفي والدي وترك لي هذه الأسرة الكبيرة

وأطرق إلى الأرض محزوناً فقال غياث يلاطفه:
-يجب أن تزيد في حجرات البيت ألا يوجد من يساعدك على طلب المعيشة؟

-هناك أخ لي في السابعة عشرة وقد جاء معي بالإضافة إلى أخواتي فقد علمتهن أمي صناعة السلال والحصر من جريد النخل،فإذا اجتمع لنا شيء من ذلك يذهب أخي موسى لبيعه في بغداد

-إذاً فقد عانيت من الفقر كثيراً

ابتسم الشاب وقال:
-لا أنا خير ممن هم دوني لقد كنا نتحصل على شيء من اللحم إذا أعطاني من أعمل في دكانه أجرتي كل شهر أما البر فقد كنا نأكله كل أسبوع وسائر الأيام نكتفي بخبز الشعير وملابسنا وباقي حوائجنا كنا نشتريها إذا باع أخي من السلال والحصر وكان بعض من يعرفون حالنا يأتون إلينا بدراهم أو طعام لكن أمي كانت ذات جلد وصبر ،فترفض ذلك أنفة،وربما أخذت أنا المال لأدفع أجرة الدار بدون علم أمي!

وأحنى غياث رأسه إلى الأرض، وقد اكتسحه شعور مفاجئ بالحقارة،فازدرى نفسه ولم يتكلم حتى نهضا لتفقد شؤون البستان والتجول في أنحائه

وفي تجوالهم مروا على بيت القَّيم الذي كان قريباً من النخيل فخرج الصغار لمشاهدة صاحب البستان وتوقف غياث يتأملهم كانوا ثلاثة صبيان أكبرهم في التاسعة،وثلاث بنات دون الثالثة عشرة كانت شعورهم منفوشة وثيابهم قذرة وكانوا يتضاحكون ويتخاصمون في حبور على تمرٍ التقطوه من أحواض النخيل، فرحين بالأفياء الواسعة التي أنستهم أزقة بغداد الضيقة وقد جنحوا إلى الصمت لدى وقوف سيد البستان كانوا على شيء من الملاحة والنشاط،لولا يد الفقر التي طالتهم وعبثت بنظراتهم

والتفت غياث إلى معبد ليقول شيئاً فوجده مطرقاً على الأرض خجلاً من هيئة أخوته فلزم الصمت وآثر الانصراف رفقاً بالشاب!

وقد أثبت معبد بن عيسى جدارته في العمل واستولى على إعجاب غياث بن عبد المغيث في أقل من شهر بإلمامه بالسوق ودقته في الحساب، وعلى صغر سنه فقد كانت سمعته طيبة في أسواق بغداد

وقد فوض إليه غياث بكل شيء في شؤون الزرع والغلات والمال، وزاد في أجرته وبعد شهر آخر كان قد بعث في البستان دماء جديدة،فزاد في الزروع وأصلح الحوائط واقترح على غياث تسيير قافلة لبيع بعض الغلات في القرى القريبة من بغداد، ونفذ هذا الاقتراح بقافلة صغيرة أرسلها مع أخيه موسى فعادت بربح طيب

وزال كثير من الكلفة بين غياث ومعبد، وأصبح الحديث بينهما يتعدى شؤون التجارة،وما زاد من ثقة غياث بمعبد كفاحه وقيامه على تربية أخوانه الصغار والمثابرة على تعليمهم القراءة والكتابة وتدريبهم على الأخلاق الحميدة

ومن جانبه أعجب معبد بهدوء غياث ورزانته وتجنبه الثرثرة ولم يضجره سوى عزلته الصارمة ووحدته القاسية التي لم يشهد لها مثيلاً فهو لا يتعدى بستانه وقصره ولا يهتم بغير خيوله وتدليلها أو التجوال مع جاريته هنا وهناك وأضجره تحفظه عن الكلام عن نفسه فهو لا يعرف عنه إلا اسمه،وأنه مالك هذه الضياع وحاول الحصول على شيء من سيرته من العبيد الخدم ومن التجار في بغداد،فلم يجد عندهم أكثر مما عنده! فاقتنع أن صاحبه يطوي نفسه على كثير من الأحزان والغموض فترك الإلحاح لمعرفة ذلك،وتتبع سيرة غياث خصوصاً عندما نهره ذات يوم بعنف وخشونة وعلى غير عادته وقد رآه يقترب من البيت الصغير المهجور المحاط بسور من الحصى

وبطبيعة متسامحة نسي معبد هذا الجفاء من غياث ولم تتأثر علاقته به إلى أن حدث ما عصف بهذه الألفة بينهما عصفاً وأضاف إلى أحزان غياث الهادئة أحزاناً جديدة ثائرة وعنيفة

ففي مجلسه المعتاد أخر العصر جلس غياث يتناول الفاكهة، ولم يلبث حتى جاءه معبد وفي يده دفاتر البيع وقال بأسلوبه المهذب :
-أتأذن لي في الجلوس؟

فقال غياث:
-نعم تفضل ماهذا الذي بيدك؟

-دفاتر السوق جئت لنراجعها معاً

فقال غياث مداعباً:
ظننتها أوراق علم أو شعر!

-لم يترك لي طلب المعيشة وقتاً لقول الشعر

فقال غياث وقد تذكر موهبة الشعر التي ماتت عنده منذ سنوات:
-وهل كنت تقول شعراً يا معبد؟

-أبيات قليلة تعد على الأصابع

-ولماذا لم تواظب على قوله فالشعر أداة ليخفف المرء عن قلبه؟

-لقد كنت أقوله في صباي، ولما بلغت العشرين من عمري تركته ثم قلت قصيدة صغيرة قبل سنة ولم أكتب بعدها شيئاً

فابتسم غياث بسرور وقال:
-هل تحفظ من القصيدة شيئا؟

-أذكر منها مطلعها:
أسامر النجم والأقوام قد رقدوا *أبيت هماً وحولي الناس قد سعدوا
بكيت من كمدٍ من هول فاجعة *سكبت فيه دموعا مالها عدد
أبكي لفقد أبي من بعد رحلته *حتى أرى العين حزناً زارها الرمد

-إنها جميلة إن كانت كلها كهذا المطلع!

-لقد كتبتها عندما قتل والدي رحمه الله

-قتل؟
لقد قلت لي أن والدك توفي فظننتها ميتةً في الفراش؟!

-لا لقد قتل غدراً قتله اللصوص قبل عام ونصف!

-وكيف قتل؟!

-قتلوه عنوةً فقد كان مسافراً إلى فلسطين بقافلة صغيرة، ومعه أموال طائلة وحرس كثير، ففاجأه لصوص قبعوا له ولرجاله على مسافة نصف نهار من بغداد وقاتلهم لكن اللصوص استطاعوا قتل رجاله وتعقب من فر منهم حتى أجهزوا عليهم جميعاً ونهبوا المال!

-وهل علم الناس بذلك وهل عرفوا أحداً من اللصوص؟

-نعم فقد علمت أن أعرابياً أخبر الناس فقد كان قريباً من موقع القتال، وقد جاء موافقة ليجد عشرات القتلى وآثار القتال،فأسرع إلى بغداد وأخبر الوالي والشرطة، لكن أحداً لم يعرف من قام بهذه الجريمة!

-هل كان المال كثيراً؟

-لم يخبر والدي أحداً برحلته هذه ولا بمقدار ماله حتى الرجال الذين معه لكنه قال لنا أنه سيبيع كل ما يملك من عقار وضياع وأنه سيحمل ماله إلى فلسطين بلادنا الأصلية

-وأين كنتم؟

-كنا قد سبقناه قبل مقتله إلى فلسطين وشاء الله ألا نحمل معنا إلا القليل من المال

واستقامت شعرات من غياث بن عبد المغيث وتصبب العرق غزيراً من جسمه واعتراه الوجوم،ولاحظ ذلك معبد وقال بأسى:
-لقد أثقلت عليك وعلى نفسي يا سيدي بهذه القصة الحزينة

فقال غياث محاولاً استدراجه للكلام:
-كلا فقد سمعت بمقتل رجل بالغ الثراء من أهل بغداد اسمه ذاهب المقدسي وقصته شبيهة بقصة مقتل والدك غاية الشبه!!

-ذلك أبي ذاهب المقدسي هو أبي وقد تناقل أهل الأقطار قصته لغرابتها وكثرة من قتل فيها من الرجال!

-لكنك ذكرت لي أن اسمك معبد بن عيسى؟!

-نعم فقد اعتادت جماعتنا أن ينسب الرجل إلى جده خصوصاً عندما يكون ذائع الصيت وبهذا يكون اسمي معبد بن ذاهب بن عيسى المقدسي

فقال غياث مناوراً لمعرفة كامل القصة:
-لقد ظننت والدك من أهل بغداد فكيف جاء إليها؟





[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]



 
 توقيع :
[img3]http://q87b.info/do.php?img=6324[/img3]


[img3]http://store1.up-00.com/2017-08/150302030675131.png[/img3]


رد مع اقتباس
قديم 07-30-2014   #12
بنت النيل


الصورة الرمزية مي محمد
مي محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 528
 تاريخ التسجيل :  Mar 2012
 أخر زيارة : 08-25-2020 (10:59 PM)
 المشاركات : 36,790 [ + ]
 التقييم :  228073882
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Crimson
شكراً: 201
تم شكره 562 مرة في 461 مشاركة
افتراضي



[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px ridge violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;border:10px double violet;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://www.gladpige.dk/Baggrunde/Side3/baggrundgp38.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-image:url('http://www.hamasatdamad.com/upload/uploads/1393029445732.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




-لقد قدم والدي إلى بغداد تاجراً قبل ستة عشر عاماً وكنت صغيراً حينها وعمل بجد في تجارات كثيرة منها القماش وصارت له قوافل تروح وتجيء ببضائعه من فارس والشام وغيرها وقادته التجارة إلى أكابر الناس وتوصل إلى الخليفة وصار من جلسائه
وكان مقبولاً حسن الحديث فقربه الخليفة وأدناه ،وصرت أجلس في دكانه عندما يكون غائباً وتعلمت الحساب والبيع وأحببت بغداد حباً فاق حبي لبلادي فلسطين وصار الخليفة يستعمل والدي في بعض شؤونه،ويغدق عليه المكافآت فأثرى،وتحصلت له عنده بعض الضياع والدور والعقار ولكن بعض جلساء الخليفة حسدوا والدي على حظوته ومكانه من الخليفة وظنوا أنه سيجعله والياً على بعض المدن مما يطمحون هم إليه، فسعوا بالوشاية والمكيدة بينه وبين الخليفة حتى جفاه وأغلظ له القول وطرده من مجلسه، فتأثر والدي لذلك غاية التأثر، وعاف بغداد والعراق كله وعزم على الانتقال إلى فلسطين بأمواله وأسرته ولقد حزنت لذلك كثيراً وحَمَلنا مع بعض المتاع والمال إلى فلسطين وطفق يبيع ضياعه وعقاره ووصلنا إلى فلسطين و اكترينا بيتاً قريباً من أخوالي ومكثنا بضعة أشهر،وجاءنا رسول من والدي برقعة مختومة أخبرنا فيها أنه باع ضياعه وكل عقاره و بضاعاته واشترى بها ذهباً وأنه سيحمله على بعض الجمال وسيحرسهم فرسان استأجرهم لذلك، وأنه سيخرج متخفياً وسيصل إلينا في أقل من شهر،وأخبرنا ألا نعلم أحداً بمسيره ومكثنا بعد ذلك شهرين، وساورنا القلق وطفقت أتلقى كل قادم من بغداد فلم أسمع عن والدي شيئاً، حتى جاء ذلك اليوم الذي قدم فيه أحد أقربائنا من بغداد ليخبرنا بمقتل والدي وسرقة أمواله، وقتل عبيده وكل رجاله على يد جماعة من الفتاك، وقال لنا أنه تولى بنفسه غسل والدي ودفنه

ولست في حاجة إلى أن أخبرك أي حزن وأسى حل بنا وكيف انقلبنا في شهر واحد من الغنى الواسع والثراء الطائل إلى حال من الفقر والمسكنة؟ورجعت أنا إلى بغداد مع أهلي الذين ما وسعهم إلا الإتيان معي فلا عائل لهم غيري واستفدت من معرفتي بأمور البيع فعملت عند صاحب أقمشة

-وهل تعرف أحداً ممن قتل والدك أو سرقه؟

-لو كنت أعرف منهم أحداً لقتلته قتلاً!

قالها بحماس ظاهرمما دعا غياث إلى أن يسأل بمكر:
-وهل تجيد القتال؟

-لقد تدربت على المبارزة

-وكيف علم اللصوص بخروج والدك وأنه يحمل ذهباً؟!

-هذا ما يحيرني!!وإن كنت أشك في صاحب لوالدي!

-وما الذي يحملك على الشك فيه؟

-لأنه كان مقرباً من والدي ولم يكن يخفي عنه شيئاً من أسراره وكنت أنا أراه شريراً وكلما حذرت أبي منه سخر مني،وحذرني بدوره من سوء الظن!

-ولماذا كنت تراه شريراً؟

-لأن والدي عرفه في مجلس الخليفة وحصلت بينهما المزاورة بعد ذلك وقد سمعته أكثر من مرة يذكر والدي وما فيه من النعيم على سبيل الاستكثار والحسد وقد استنقص والدي بحضرة الخليفة وهو غائب، وكادت الفرقة تحل بينهما لولا تسامح والدي وحسن ظنه

-وسكت قليلاً ثم قال:
ومما زادني شكاً فيه أنه قبل رحيلنا بأسبوع كنت عائداً من الدكان فرأيته في درب ضيق قذر مشهور بكثرة الفتاك واللصوص،يخاطب ثلاثة رجال كريهي المنظر، وسمعته يذكر اسم والدي ويتحدث بصوت لم أسمعه لكني التقطت منه كلمات مثل:
الذهب الجمال السيوف واختبأت لعلي أسمع المزيد ولكن الرجال تفرقوا!

-وهل أخبرت والدك بذلك؟

-نعم فلم يزد على أن أمرني بالذهاب إلى النوم!

وسأل غياث سؤالاً يعرف جوابه:
-وما اسم هذا الرجل؟

-اسمه كريه كصاحبه!!اسمه حنظلة

-ألم تحاول تتبعه بعد مقتل والدك وعودتك من فلسطين؟

-فعلت وسألت عنه وقيل لي إنه في السجن

فسأل غياث بلهفة:
-ولماذا سجن؟؟

-لا أدري!

وطال الصمت بينهما، ورأى معبد بن ذاهب جبين غياث راشحاً بالعرق فقال:
-لنترك مامضى ولننظر إلى دفاترنا

فقال غياث بصوت كالحشرجة:
-لا ليس اليوم يا معبد بن ذاهب أحس بالتعب

وقام معبد مستأذناً بالانصراف ومضى تاركاً غياث يكاد يخترق الأرض بنظراته وبعد مدة طويلة خلع عمامته عن رأسه متخففاً ومسح شعره إلى الوراء ورغم اعتدال الهواء وبرودته إلا أن العرق عاد يتدفق على ظهره ويبل ثيابه، فقد استعاد هذه القصة التي تثقل قلبه بالوجع واعتراه شعور غريب شعور بالخوف من شيء قادم لم يكن خائفاً من حنظلة ولا من معبد ولا من أي من البشركان خائفاً من شيء هائل يتململ بداخله



[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]



 


رد مع اقتباس
قديم 07-30-2014   #13


الصورة الرمزية ريماس
ريماس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1531
 تاريخ التسجيل :  Jun 2014
 أخر زيارة : منذ 4 أسابيع (10:42 PM)
 المشاركات : 81,587 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 1,710
تم شكره 4,734 مرة في 3,962 مشاركة

اوسمتي

افتراضي







 
 توقيع :






رد مع اقتباس
قديم 07-31-2014   #14
بنت النيل


الصورة الرمزية مي محمد
مي محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 528
 تاريخ التسجيل :  Mar 2012
 أخر زيارة : 08-25-2020 (10:59 PM)
 المشاركات : 36,790 [ + ]
 التقييم :  228073882
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Crimson
شكراً: 201
تم شكره 562 مرة في 461 مشاركة
افتراضي



لسة ما خلصت ارجو ان تتابعي ريماس



 


رد مع اقتباس
إضافة رد

(عرض التفاصيل عدد الأعضاء الذين شاهدوا الموضوع : 1 (إعادة تعين)
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:08 AM بتوقيت الرياض


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون