~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~

عدد مرات النقر : 273
عدد  مرات الظهور : 1,043,600


عدد مرات النقر : 273
عدد  مرات الظهور : 1,043,600

العودة   منتديات وهج الذكرى > وهج العـــامـ > وهج القسم العام
وهج القسم العام لجميع المواضيع التي ليس لها قسم مخصص في المنتدى
التعليمـــات روابط مفيدة
إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 11-18-2017
بنت النيل
مي محمد غير متواجد حالياً
Egypt     Female
لوني المفضل Crimson
 رقم العضوية : 528
 تاريخ التسجيل : Mar 2012
 فترة الأقامة : 4433 يوم
 أخر زيارة : 08-25-2020 (10:59 PM)
 الإقامة : المنصورة
 المشاركات : 36,790 [ + ]
 التقييم : 228073882
 معدل التقييم : مي محمد has a reputation beyond reputeمي محمد has a reputation beyond reputeمي محمد has a reputation beyond reputeمي محمد has a reputation beyond reputeمي محمد has a reputation beyond reputeمي محمد has a reputation beyond reputeمي محمد has a reputation beyond reputeمي محمد has a reputation beyond reputeمي محمد has a reputation beyond reputeمي محمد has a reputation beyond reputeمي محمد has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 201
تم شكره 562 مرة في 461 مشاركة
افتراضي احمد شاه دراني



[align=center][tabletext="width:90%;background-color:sienna;"][cell="filter:;"][align=center][align=center][tabletext="width:70%;background-color:black;"][cell="filter:;"][align=center]يُعدُّ أحمد شاه دراني الأبدالي (1136 - 1186هـ=1723 - 1772م)، رجلًا من أعظم الرجال الذين عرفتهم أفغانستان في تاريخها الحديث، ومؤسِّس أول دولة أفغانيَّة مستقلة، كما أنَّه عبقرية عسكرية وسياسية، وأول من أطلق اسم أفغانستان على هذه المنطقة التي كانت تضم مناطق شاسعة بالإضافة إلى أفغانستان الحاليَّة، وهو أول أمير على أفغانستان وأول ملك عليها، وقد توسَّعت في عهده إلى أكبر ممَّا هي اليوم عليه، وهو مؤسس سلالة الدراني من قبائل "عبدالي" التي حكمت أفغانستان حتى دخلت الشيوعية البلاد، وقد اشتهر بصلاحه وجهاده خاصَّةً في بلاد الهند، فأعاد لأذهان المسلمين سيرة محمود الغزنوي وشهاب الدين الغوري رحمهم الله جميعًا.

نسبه وحياته الأولى

هو الملك القاهر أحمد شاه بن محمد زمان خان السدوزائي، مؤسِّس دولة أفغانستان الحديثة، وأول الشاهات الدرّانيين. ولد أحمد شاه سنة سنة 1136هـ=1723م، وقيل: سنة 1134هـ. في أسرةٍ تنتسب إلى الأسرة السدوزائيَّة سيِّدة عشيرة البوبال زائي من قبيلة الأبدالي (العبدالي أو العبدي) الأفغانيَّة، ومعناها (الفوارس)كما يُقال. وكانت منازل الأبداليِّين في جوار قندهار الهند إلى أن زاحمهم عليها الغلزائيُّون الأفغان، واضطرُّوهم إلى النزوح شمالًا إلى إقليم هراة، في زمن الشاه عباس الأول الصفوي، الذي عهد إلى المدعو "سدو" إدارة شئون القبيلة بعد أن سيطر على إقليم هراة.

في بلاط نادر شاه الصفوي

وظلَّ الأبداليُّون زمنًا يتمتعون بنوعٍ من الاستقلال بزعامة ورثة سدو، مع بقائهم على الولاء للصفويين، إلى أن سنحت الفرصة لأسد الدين خان فاحتلَّ هراة سنة 1116هـ=1704م مستفيدًا من ضعف الشاه حسين، تاسع شاهات الصفويين، وتمكَّن من فرض سيطرته على جزء كبير من خراسان، ولم تفلح جهود الصفويين في استرداد هراة حتى سنة 1141هـ=1728م عندما نجح القائد الصفوي نادر شاه في إخضاع الأبداليِّين؛ بسبب شقاقٍ نشب بين فرعي الأسرة السدوزائية أدَّى إلى إضعافها.

ولم يمض وقت طويل حتى تمرَّد الأبداليُّون من جديد بزعامة ذي الفقار بن زمان خان الأخ الأكبر لأحمد شاه، ولكن نادر شاه هزمهم من جديد ودخل هراة سنة 1144هـ=1731م ونفى زعماء الأبداليين وشتَّت أعدادًا كبيرةً منهم في مدن خراسان، وكان نصيب ذي الفقار وأخيه الصغير أحمد النفي إلى فرح جنوبي هراة.

ولمس نادر شاه في الأبداليين كفاية قتالية عالية فجنَّد أعدادًا كبيرة منهم في جيشه بعد أن اغتصب العرش الصفوي سنة 1148هـ=1736م، كما سمح للقبيلة بالعودة إلى منطقة قندهار بعد أن استخلصها من يد الغلزائيين خصومهم.

ولمـَّا تُوفِّي أبوه قبض حسين شاه صاحب قندهار عليه وأسره عنده، فلمَّا غزا نادر شاه قندهار سنة 1151هـ=1738م أطلق سراح الأخوين ذي الفقار وأحمد شاه اللذين كانا في أسر الغلزائيِّين، ووجَّهَهُما إلى بلاد فارس، وقرَّبهما، فجعل من أحمد خان ضابطًا في جيشه وحاملًا لسلاحه (ياصوال).

وكانت هذه الفرصة مناسبة ليُظهر أحمد خان خصاله ومزاياه فاستعمله نادر شاه حاكمًا على مازندران، واستأثر به وتفرَّس فيه النجابة والنبوغ، فجعله قائدًا لفرقة الأبداليِّين في جيشه، وتوسَّم فيه نظام الملك مؤسِّس الدولة الآصفيَّة في حيدر آباد آثار الرشد والعظمة، وتنبَّأ بأنَّه سيكون في يومٍ من الأيَّام ملكًا كبيرًا.

إنشاء دولة أفغانستان المستقلة في قندهار

وبعيد اغتيال نادر شاه في جمادى الآخرة سنة 1160هـ = يونيو 1747م على يد القزل باش، حاول أحمد شاه أن يأخذ ثأره، وبذل جهده فلم يستطيع لكثرة جيوش الفرس وقوَّتهم، فقرَّر أحمد خان الارتحال مع جنوده الأفغانيِّين إلى قندهار، وتمَّ انتخابه من زعماء الأبداليِّين وزعماء القبائل الأفغانيَّة الأخرى شاهًا عليهم، فاستقرَّ به المقام في قندهار، وتغيَّر لقب الحاكم الجديد من خان (أي الزعيم) إلى شاه (أي ملك)، واتَّخذ لنفسه لقب "درِّي درَّان" "الدراني" أي درَّة الدرر، وسكَّه على نقوده، وعُرف الأبداليُّون منذئذٍ بالدرَّانيِّين.

أسند أحمد شاه مهام الوزارة -وهي الرئاسة الثانية في أفغانستان- إلى جمال خان زعيم قبيلة البارك زائيِّين المنافسة، وظلَّ هذا التقليد قائمًا مدَّة قرن؛ إذ يكون شاه أفغانستان دارنيًّا ووزيره من البارك زائيِّين.

اتَّخذ أحمد شاه من قندهار عاصمةً له بادئ الأمر، ونهج على خطا نادر شاه الذي اتَّخذه مثالًا يُحتذى، فألَّف فرقةً خاصَّةً به عُرفت باسم "غلام شاهي" تضمُّ عناصر محاربة من الطاجيك والقزل باش واليوسف زائيِّين مع اعتماده بالدرجة الأولى على أتباعه من الدرانيِّين، ولمـَّا كان أحمد شاه شديد الطموح ويعد نفسه وارثًا لأملاك نادر شاه الشرقيَّة -أي البلاد الواقعة غرب نهر السند- فقد عمد إلى جمع شمل الأفغان في دولةٍ واحدة، فضمَّ إليه غزنة وكابل وبلخ واستولى على بشاور، وانتزع هراة من شاه رُخ حفيد نادر شاه، وأقام ابن تيمور حاكمًا عليها سنة 1165هـ=1752م، ثم راح يُوسِّع حدود دولته شمالًا حتى نهر جيحون وبحر قزوين، وتوقَّف في الغرب عند مدينة مشهد التي تركها لشاه رخ احترامًا لذكرى جده، وضمَّ إليه من الجنوب سجستان وبلوجستان، ونظَّم شئون الدولة الداخليَّة، وابتنى عاصمةً دعاها "أحمد شاهي" قرب قندهار، واستمال إليه القبائل فأعفاها من الخراج مقابل الولاء والتجنيد في جيشه.

غزواته في بلاد الهند

وجد أحمد شاه في الهند مسرحًا مناسبًا لإشغال عسكره، ومصدرًا ثريًّا لتمويل مشاريعه، وكانت سلطنة دهلي المغولية التيمورية (دولة المغول الإسلامية في الهند) قد تزعزعت أركانها بسبب الخلافات الداخليَّة وغزوات نادر شاه التي أنهكتها، فتوجَّه إليها أحمد شاه يُريد غزوها.

وتُعدُّ حروبه في الهند من أهمِّ أعماله العسكريَّة والسياسيَّة؛ فقد غزاها تسع مرات بين عامي 1160 و1180هـ=1747 و1769م، ولكنَّه لم يعزم أبدًا على أن يُقيم سلطنةً راسخةً له في الهند.

غزوته الأولى في الهند

ومع أنَّ أسباب النجاح كانت متوافرةً لديه فقد أخفقت أولى غزواته، التي انطلق بها من بشاور في ذي الحجة سنة 1160هـ=ديسمبر 1747م فاستولى على لاهور وسرهند، ولكنَّ جيشًا تيموريًّا هزمه في مانوبور في ربيع الأول 1161هـ=مارس 1748م بقيادة معين الملك ميرمانو ابن الوزير قمر الدين، الذي قُتل في أوَّل اشتباكٍ مع الدرانيِّين، تراجع أحمد شاه إلى قاعدته في أفغانستان، وكوفئ معين الملك بتعيينه حاكمًا على البنجاب.

غزوته الثانية في الهند

إلَّا أنَّه لم يكد يستقر في عمله الجديد حتى عاود أحمد شاه الغزو في أوائل عام 1163هـ=ديسمبر 1749م؛ فعبر نهر الهندوس بجيشه وأجبر معين الملك على الخضوع والتنازل له عن إقليمي لاهور والملتان، ثم ارتدَّ إلى عاصمته قندهار، وطبقًا لاتفاقٍ مع دلهي حصل أحمد شاه على خراج جهار محل (كجرات، وأورنغ باد، وسيالكوت، وباسرور)، التي كان سلطان المغول محمد شاه قد أقطعها نادر شاه في سنة 1152هـ.

وفي غياب أحمد شاه في البنجاب تآمر عليه أحد القادة السابقين المدعو نور محمد علي زائي وسعى إلى عزله، إلَّا أنَّ المؤامرة أُحبطت وأُعدم زعيم المتآمرين قبل عودة أحمد شاه إلى قندهار، وفي السنوات الأربع التي تلت شُغل أحمد شاه بتثبيت حدوده الغربيَّة، ولم تكد تنصرم سنة 1163هـ=1750م حتى كان قد سيطر على هراة ومشهد ونيسابور، واضطرَّ شاه رخ إلى التخلِّي له عن عدَّة مقاطعات تتاخم هراة، وفي السنة نفسها اصطدم أحمد شاه بقوى القاجاريِّين المتنامية وأخفق في دحرهم عند استراباذ فلم يستطع التقدم غربًا إلى أبعد من ذلك، إلَّا أنَّه حقَّق نجاحًا أكبر عندما اجتاز جبال هند كوش؛ فضمَّ بلخ وبذخشان حتى بلغ جيحون وهو أقصى حدوده الشماليَّة.

غزوته الثالثة في الهند

كان امتناع معين الملك -مجدَّدًا- عن دفع الخراج وتسديد الالتزامات التي تعهد بها، سببًا مباشرًا لقيام أحمد شاه بحملته الثالثة على الهند في عام 1165هـ=1751م، فحاصر لاهور أربعة شهور واجتاح أرباضها وهزم معين الملك ميرمانو، وضمَّ إليه كشمير ثم قفل راجعًا إلى أفغانستان.

غزوته الرابعة في الهند

تُوفِّي معين الملك في أواخر 1166هـ وانتقلت السلطة إلى أرملته مغلاني بيكم، فكان عهدها عهد اضطراب استغلَّه الوزير المغولي عماد الملك لإعادة سلطة دلهي على البنجاب، وولى عليها حاكمًا يُدعى أدينة بك، فسار أحمد شاه إلى لاهور للمرة الرابعة يريد استرداد ما فقد، ووصلها في أول عام 1170هـ= أواخر 1756م، وطرد أدينة بك منها، ثم توجَّه إلى دلهي وصاحبها حينئذٍ عزيز الدين عالمكير الثاني ووزيره غازي الدين عماد الملك الذي نصبه، وكان دَاخَلَهُ الحسدُ لامتداد سطوة وزيره المذكور وحاول كسر شوكته، فلجأ عزيز الدين إلى أحمد شاه واستماله إليه ووافقه على أفكاره فحمله على أن يُبقي له السلطة، ودخل أحمد شاه دلهي من غير مقاومة في أوائل صفر 1170هـ= يناير 1757م، وفي ركابه سلطان المغول عالمكير الثاني ووزيره غازي الدين، وانضمَّ إليه زعيم الرهيلة نجيب الدين، مكث أحمد شاه في المدينة أربعين يومًا أباحها لجنوده، وضربت عملة ذهبيَّة في ذكرى هذا الفتح، وكان نصيب مدن متهوِّرًا وبرندبان وآكرا مثل دلهي.

إلَّا أنَّ انتشار الريح الصفراء (وباء الهيضة) بين جنود أحمد شاه اضطرَّه إلى مغادرة الهند بعد أن الحق إقليم السرهند بأملاكه وسلم السلطة في دلهي إلى الأمير نجيب الدولة، وأقام ولده تيمور نظامًا نائبًا على البنجاب، وزوجه ابنة السلطان عالمكير الثاني، في حين تزوَّج هو من ابنة السلطان الأسبق محمد شاه.

غزوته الخامسة في الهند

ولم يكد يُغادر أحمد شاه البلاد حتى رفع السيخ المتحالفون مع أدينة بك راية العصيان من جديد على ابنه تيمور واضطروه إلى مغادرة البنجاب، ودخل أدينة لاهور في حين احتلَّ السيخ أمرتسار ونهبوا إقليم سرهند، وقام الوزبر بقتل السلطان وأقام مكانه محي السنَّة بن كام بخش بن أورانكزيب عالمكير الأول، وانضمَّ المهرات إليهم بتحريض من الوزير غازي الدين فجبوا خراج البنجاب عام 1173هـ=1759م، وطرد المهرات من دلهي الأولياء المسلمين وأقاموا أولياء من الهنود السيخ.

عندئذ قرر أحمد شاه غزو الهند من جديد للمرة الخامسة في (1173 - 1175هـ=1759 - 1761م). ولكنَّه توجه قبل ذلك إلى خلاط في بلوجستان لإخضاع نصر خان زعيم إحدى القبائل العاصية، ومع أنَّ الدراني أخفق في دخول المدينة، فقد أعلن نصر خان خضوعه وتعهَّد بتقديم قوَّاتٍ من عنده لتنضمَّ إلى جيش الشاه.

قضائه على حركة المهرات السيخية في الهند

في ذلك الوقت كان علَّامة الهند ومجددها الشاه ولي الله الدهلوي (1114 - 1176هـ=1703 - 1762م) قد قدر في نفسه أنَّ الأمر فيما يتعلق بالأمراء المحليِّين قد أصبح عسيرًا، وأنَّ الماء قد بلغ الزُّبى، فرمى ببصره إلى الخارج عسى أن يجد من الملوك المسلمين من يهب لنصرة الإسلام في الهند، فاختار من بينهم أحمد شاه الأبدالي وعقد عليه الآمال واتَّصل به ليُطلعه على ما يُلاقيه المسلمون من ذلٍّ وهوانٍ في الهند، وما هم فيه من التشتُّت والضعف، وما ينتظر لهم من الويل والثبور، ويأمره بتحريك الجيوش لنصرة المسلمين ضدَّ الكفرة المرهتة الذين شكَّلوا أكبر خطرٍ على الحكومة الإسلاميَّة في الهند، فكان أحمد شاه الأبدالي عند حسن ظنِّ الشاه ولي الله.

وقد قال الإمام الدهلوي: "الذي يُخيَّل إليَّ أنَّ أحمد شاه الدراني سوف يعود إلى هذه البلاد، ويقلب هؤلاء الكفار ظهرًا لبطن، ويجعل عاليهم سافلهم، وإنَّه على الرغم من جوره وطغيانه قد حفظه الله تعالى لأجل هذه المهمة".

فبعد أن اطمأنَّ أحمد شاه إلى أمور دولته قصد الهند على جناح السرعة مستهدفًا البنجاب، وأحس المهرات بقدومه فغادروها ولجئوا إلى دلهي، ثم تركوها إلى الدكن عندما اقترب الشاه منها، وقبيل انسحابهم قتل الوزير غازي الدين السلطان عالمكير الثاني ليتخلَّص منه، في حين فرَّ الأمير علي جوهر الذي أصبح سلطانًا باسم شاه عالم الثاني، والتجأ إلى الإنكليز.

لم يشأ أحمد شاه دخول دلهي هذه المرَّة لخرابها الشديد، فاكتفى بوضع حامية صغيرة فيها وتقدَّم إلى منطقة دوآب، وكان المهرات (المراهتة) قد نظموا صفوفهم من جديد وتقدَّموا بجيش لجب ضم نحو 300 ألف مقاتل و300 مدفع وفرقة مدرَّبة على القتال الحديث بإشراف ضبَّاط فرنسيِّين، وكان يقود هذا الجيش شقيق زعيم المهرات سداشيوبهاو، والتحق به السيخ وقبائل الهندوس الأخرى في المنطقة، أمَّا جيش أحمد شاه والقبائل المسلمة التي انضوت تحت لوائه فلم يكن يزيد على 80 ألف مقاتل، ولا يملك سوى 20 مدفعًا، وعماده الأساسي الفرسان الأفغان من الأبداليَّة وغيرهم.

دخل المهرات دلهي من دون مقاومة، وأسروا العائلة الملكية بجملتها واستولوا على كل المجوهرات، والتقى الجيشان في 21 ربيع الثاني 1175هـ=13 يناير 1761م عند باني بت (بنيبت) التي اختارها أحمد شاه مسرحًا للمعركة المقبلة، واجتمعت الجيوش الإسلامية تحت راية أحمد شاه، واستهلَّا الموقعة بمناوشات صغيرة ثم تطورت إلى قتالٍ طاحنٍ تقدَّم فيه المهرات تحت غطاء من نيران مدافعهم، حتى تزعزعت مواقع الأفغان.

إلا أنَّ هجومًا مضادًّا مباغتًا شنَّه أحمد شاه الدراني بفرسانه ردَّ الأعداء على أعقابهم، وأوقع الذعر والاضطراب في صفوفهم، فانهزموا لا يلوون على شيء، تُلاحقهم قوات الدرَّاني ويتخطَّفهم أهل القرى، فقُتل من قُتل من زعمائهم، ووقع في الأسر أعدادٌ كبيرةٌ منهم، وذُكر أنَّه قُتِلَ من المرهتة ثمانيةٌ وعشرون ألفًا، وأُسر اثنان وعشرون ألفًا، ولم تقم لهم قائمة بعدها، واكتفى أحمد شاه بالنصر فلم يعمد إلى مطاردتهم ولم يفد في الوقت نفسه من نتائج هذا النصر لاستعادة ما فقد، بل قفل راجعًا إلى أفغانستان.

وعن هذه الغزوة وذلك النصر الكبير يقول عبد الحي الحسني: "وكان في توجهه إلى الهند لحماية المسلمين سهمٌ كبيرٌ لشيخ الإسلام ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي، الذي حثَّ الأمير نجيب الدولة على دعوته إلى الهند، وكان -لو بقي في الهند- تاريخ آخر للمسلمين فيها، ولكنَّه كان مرتبطًا ببلاده ومصالحها، لا يُحبُّ أن يعيش بعيدًا عن مركز سلطته وقوَّته، فعاد إلى قندهار على أثر الفتح العظيم، فاضطربت الأحوال في الهند، ولم يستطع المسلمون أن ينتفعوا بهذا الفتح طويلًا لضعف القيادة، وتفرق الكلمة، فكان ما كان، وكان أمر الله قدرًا مقدورًا".

غزوته السادسة في الهند

ولم يكن السلاطين التيموريُّون قادرين على ملء الفراغ السياسي والعسكري الذي تركه في الهند بعد انسحابه، فاستغلَّ الإنجليز الوضع لمصلحتهم وراحوا يمدُّون نفوذهم إلى المتنازعين على السلطة في دلهي، كما عاد السيخ إلى تمرُّدهم، وراحوا يُهاجمون خطوط مواصلات الأفغان في شمال الهند، ومع أنَّ الأمير الهندي نجيب الدولة وُفِّق في دفعهم عن دلهي زمنًا، فقد نجح هؤلاء في اجتياح البنجاب سنة 1175ه=1762م وحاصروا جنديالة، إلَّا أنَّهم غادروها على جناح السرعة عندما فوجئوا بقدوم أحمد شاه في حملته السادسة، الذي عمد إلى مطاردتهم من دون إبطاء وألحق بهم هزيمةً منكرةً قرب غجروال، ويُطلق السيخ على هذه الوقعة اسم "غلو غارة" أي الغارة الكبرى.

غزوته السابعة والثامنة والتاسعة في الهند

مكث أحمد شاه في البنجاب تسعة أشهر أعاد في أثنائها ضم كشمير إلى مملكته بعد أن كان حاكمها الأفغاني قد استقلَّ بها، ولم يمتنع السيخ بعد هزيمتهم تلك عن مجاهرة الأفغان العداء، فراحوا يتربَّصون بالحاميات الأفغانيَّة في كلِّ مكان، واضطرَّ أحمد شاه إلى القيام بثلاث حملات أخرى فيما بين 1177 و1182هـ=1764 و1769م لإخضاعهم من دون تحقيق نتائج ذات شأن، كما أنَّه أدرك استحالة المحافظة على ممتلكاته البعيدة هذه بالقوَّة لقلَّة الوسائل المتاحة له، فسعى في غزوته الأخيرة إلى استمالة السيخ إلى جانبه سلمًا، فلم يزدهم ذلك إلَّا عتوًّا.

قضاؤه على التمردات الداخلية

اتَّصف عهد الدراني داخليًّا بهدوءٍ نسبيٍّ لم يخل من بعض حركات التمرُّد البسيطة التي غالبًا ما كانت تحدث في غيابه في حروب الهند، ومن ذلك ثورة الغلزائيِّين نحو سنة 1167هـ=1754م بزعامة نادر شاه الغلزائي، ومنها -أيضًا- تمرد نصر خان حاكم بلوجستان واستقلاله بها سنة 1172هـ=1759م وعصيان قبائل الأيماق التركية المغولية في ضواحي هراة سنة 1177هـ=1763م، والاضطرابات الخطرة التي حدثت في خراسان سنة 1180هـ=1767م، كما شهد عصره تمرد بعض جنوده أو تخلِّيهم عنه لما كانوا يُكابدونه من مشاق في تحركاته السريعة، ولتأخُّر مرتَّباتهم.

صفات أحمد شاه

كان أحمد شاه دراني جنديًّا بالفطرة يملك صفات الزعامة ويتحلَّى بالشجاعة والحزم والكرم وحسن الإدارة، فضلًا عن مواهبه العسكريَّة في التعبئة وإدارة المعارك، وقد أحبَّه الأفغان فأطلقوا عليه لقب "بابا أحمد شاه"، ومكَّنته الأموال التي استولى عليها في حملاته من تجنُّب فرض الضرائب على رعيَّته، كما أدرك ببعد نظره وثاقب بصيرته استحالة تعزيز فتوحاته في الأقاليم البعيدة أو فرض حكم مباشر عليها، فتركها في أيدي أفراد يدينون له بالاسم، ويرى فيه كثيرون صورة جديدة لمحمود الغزنوي ومحمد الغوري اللذين عملا على نشر الإسلام في الهند وترسيخ أركانه فيها.

مآثر ومناقب أحمد شاه الدراني

يقول الشيخ عبد الحي الحسني في نزهة الخواطر: "كان أحمد شاه من كبار القادة العسكريين ومؤسسي الحكومات الذين نبغوا في منتصف القرن الثاني عشر الهجري (الثامن عشر الميلادي)، قد جمع شمل الأفغان، ونظمهم في سلك واحد، وضبط البلاد، وحفظ الثغور، وسن القوانين العادلة، وأقام الحسبة، وكان جامعًا بين صفات الفروسية ومكارم الأخلاق والنبل، محبًّا للعلوم والآداب، أليفًا ودودًا، وقورًا مهيبًا إذا كان على منصة الحكومة، متواضعًا بعيدًا عن التكلُّف في غير هذا الوقت، متديِّنًا حريصًا على صحبة العلماء والصالحين، مكرمًا للسادة والمشايخ، يُذاكرهم في الأمور الدينيَّة، والمسائل العلميَّة، رحيمًا كثير العفو عن الأعداء، كارهًا للقسوة محبًّا للمساواة.

منح الحرية الدينيَّة لجميع الطوائف، وشجَّع على النكاح الثاني للأيامى، الذي كان يكرهه الأفغان ويتعيَّرون منه، حمل العلماء والمؤلِّفين على وضع كتبٍ في تاريخه، وتسجيل وقائعه وأيَّامه، وكان كاتبًا يؤلِّف، ويتمنَّى أن يصل إلى درجة الولاية، ومن أشهر مآثره وأعظمها أنَّه هزم المرهتة -الذين شكَّلوا أكبر خطرٍ على الحكومة الإسلاميَّة في الهند وعلى الكيان الإسلامي- هزيمةً منكرة، لم تقم لهم قائمةٌ بعدها" ا.هـ.

وفاة أحمد شاه الدراني

وعندما أخذ نشاطه يخونه في أواخر أيامه وأحس بالخور والإنهاك اعتكف في مرغاب في جبال توبا من بلاد الأشزائيِّين، ولم يلبث أن تُوفِّي 20 من رجب سنة 1186هـ = 23 من أكتوبر سنة 1772م بقرب مدينة قندهار، ودُفِنَ في قندهار بأفغانستان الحاليَّة، مخلفًا مملكةً مترامية الأطراف صعبة الإدارة، سرعان ما تفكَّكت أوصالها في ظلِّ خلفائه، ولم يبق منها سوى أفغانستان المعروفة.

وأخيرًا

لم يأخذ "أحمد شاه درانى" حقه كحاكمٍ عظيمٍ وقائدٍ عسكريٍّ فريد، له مكانةٌ شديدة التميُّز في التاريخ الآسيوي الإسلامي؛ فقد أهمله المؤرِّخون لصالح رجال الإمبراطوريَّة الفارسيَّة والهنديَّة، ولم يُكلِّفوا أنفسهم عناء متابعة مفاخره العسكريَّة.

ترك أحمد شاه 23 ابنًا أضعفتهم المؤامرات وتفرُّق زعماء القبائل، لكنَّه ترك شعبًا أفغانيًّا من أفضل المحاربين، لكنَّهم لم يصلحوا أبدًا لإدارة البلاد! وظلَّت السلالة حتى عام 1973م حيث دخول الشيوعيَّة البلاد.

وقد ترك "أحمد شاه الدراني" أشعارًا في حب بلاده! كان منها:

بالدم سنغرق حبًّا فيك

الشباب يفقدون رءوسهم من أجلك

آتي إليك وقلبي مستريح

وبعيدًا عنك، قلبي يعتصر

_____________

المصادر والمراجع:

- عبدالحي الحسني:الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام، المسمَّى بـ (نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر)، دار النشر: دار ابن حزم - بيروت، لبنان، الطبعة: الأولى، 1420هـ=1999م.

- مظهر شهاب: مادة (أحمد شاه)، الموسوعة العربية العالمية.

- أسيمة جانو: موسوعة الألف عام - شخصيات صنعت التاريخ، صادر في جزئين عن دار المعارف بالقاهرة. [/align][/cell][/tabletext][/align][/align][/cell][/tabletext][/align]

المواضيع المتشابهه:



 توقيع :
[img3]http://q87b.info/do.php?img=6324[/img3]


[img3]http://store1.up-00.com/2017-08/150302030675131.png[/img3]

رد مع اقتباس
قديم 11-19-2017   #2


الصورة الرمزية فَنآر
فَنآر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2547
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 أخر زيارة : منذ 4 أسابيع (06:32 AM)
 المشاركات : 4,095 [ + ]
 التقييم :  171464353
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Gray
شكراً: 246
تم شكره 542 مرة في 278 مشاركة
افتراضي



سلِمت الذائقة و اليُمنى
على شذرات الحُضور
وعبق المنثُور ..
يعطيك العافية على
ثمراتِ جهودك ..

محبتي و التقدير ..



 


رد مع اقتباس
قديم 11-19-2017   #3


الصورة الرمزية شموخ الكلمة
شموخ الكلمة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2093
 تاريخ التسجيل :  Feb 2016
 أخر زيارة : منذ 3 أسابيع (12:39 AM)
 المشاركات : 53,442 [ + ]
 التقييم :  7666
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Aliceblue
شكراً: 133
تم شكره 2,311 مرة في 1,896 مشاركة

اوسمتي

افتراضي



موضوع رائع
سلم لنا حضورك واطروحاتك الراقيه
لك كل الود والتقدير



 
 توقيع :


يسلم قلبك نجمـة ليـل



رد مع اقتباس
قديم 11-19-2017   #4


الصورة الرمزية همس المطر
همس المطر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2568
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 أخر زيارة : منذ يوم مضى (07:30 PM)
 المشاركات : 223,269 [ + ]
 التقييم :  2111227722
 الدولهـ
Oman
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Rosybrown
شكراً: 12,934
تم شكره 10,857 مرة في 8,307 مشاركة

اوسمتي

افتراضي



سلمت يمناك ع الطرح الرائع
بمعلوماته القيمة والمفيدة
أنتظر جديدك بكل شوق
ودي وشذى وردي



 
 توقيع :






رد مع اقتباس
قديم 11-21-2017   #5


الصورة الرمزية ريماس
ريماس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1531
 تاريخ التسجيل :  Jun 2014
 أخر زيارة : 02-26-2024 (10:42 PM)
 المشاركات : 81,587 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 1,710
تم شكره 4,734 مرة في 3,962 مشاركة

اوسمتي

افتراضي



طرح جميـــــل ..||
دام التألق ... ودام عطاء نبضك
كل الشكر لهذا الإبداع,والتميز
لك مني كل التقدير ...!!
وبآنتظار روائع جديدك بكل شوق...!
ودي وعبق وردي



 
 توقيع :






رد مع اقتباس
قديم 11-22-2017   #6
بنت النيل


الصورة الرمزية مي محمد
مي محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 528
 تاريخ التسجيل :  Mar 2012
 أخر زيارة : 08-25-2020 (10:59 PM)
 المشاركات : 36,790 [ + ]
 التقييم :  228073882
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Crimson
شكراً: 201
تم شكره 562 مرة في 461 مشاركة
افتراضي



شكرا لحضوركم



 


رد مع اقتباس
قديم 05-15-2018   #7


الصورة الرمزية النايفه
النايفه غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2670
 تاريخ التسجيل :  Jan 2018
 أخر زيارة : منذ 20 ساعات (01:01 AM)
 المشاركات : 48,610 [ + ]
 التقييم :  445511975
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 533
تم شكره 421 مرة في 413 مشاركة
افتراضي




بارك الله فيكم ونفعنا بما قدمتم
جزاكم الله خير الجزاء
سلمت اناملكم
فى انتظار ابدعاتكم
دمتم متألقين مبدعين متميزين




 
 توقيع :




رد مع اقتباس
إضافة رد
كاتب الموضوع مي محمد مشاركات 6 المشاهدات 824  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع

(عرض التفاصيل الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع منذ بعد 01-19-2024, 03:43 PM (إعادة تعين) (حذف)
لا توجد أسماء لعرضهـا.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 09:57 PM بتوقيت الرياض


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون
Designed and Developed by : Jinan al.klmah