نجمة الجماهير
مدخل
كنت أ ظنني نجما ساطعا في السماء كنت منقادة لغروري لم اكن اعلم انني
كنت اعيش سنين من عمري تحت الاقدام
أثار صمتها ونظرات عينيها الحائرة المليئة بالدهشة صديقتها
وهما في صالة العرض
عيناها كانت متسمرة على احد المشاهد
وكأنها افاقت لتوها من غيبوبة ما او تأثير مخدر
أزال عنها غفوة طويلة الأمد
كانت لا تحرك ساكنا
تابعت بحنق مكبوت
ومازالت عيناها متسمرة على شاشة السينما
لفتت نظر من كانت بجانبها التي أيقنت
ان صديقتها ليست على ما يرام
وتوالت المشاهد
......
.
قبلات حارقة واهتزاز أسره تحمل أجساد عارية
تخدر عقول وترسم لهم طريقا نحو الانحدار والسقوط
هتفت صديقتها زهرة مداعبة بمرح يخالطه قلق
أرى نجمتنا شاردة الذهن اليوم ؟
اشعر انك لست بكوننا ابدا هل ابتعدت فوق النجوم؟
و في نهاية الفيلم بالرغم من تصفيق الجمهور الحاد
الذي زلزل أركان الصالة
إلا انها اصيبت بصمم لم تعد تسمع شيئا
ولا ترى غير وجه الممثل الملطخ بأحمر شفاهها
لم تعد تسمع إلا اناته المصطنعة وكلماته الساقطة
ولم ترى غير اثار بصمات اصابعه على جسدها
فسرت قشعريرة قرف وخوف في آن واحد
لا تعرف سببه كيانها اصابه زلزال كبير وبلا شعور وفي دقائق
هتفت بداخلها
= انه ليس مجرد مشهد للخيانة بل هو الخيانة بعينها
لا تعلم كيف قامت من مقعدها
وكيف توجهت ناحية بوابة الخروج
أفاقت على تدافع المعجبين تجاهها وتجمهرهم
فأمرت
حارسها الخاص بفظاظة ليبعد الجمهور من حولها
لأول مرة تشعر بالخوف من جمهورها
رأتهم كأنهم نيران مستعرة تحفها من كل جانب
وبعضهم الآخر مسوخ تريد خنقها ودفنها تحتهم
حتى انها لم تعد تطيق ذلك الثوب باهظ الثمن
والذي اشترته خصيصا لتحضر به العرض
كانت تشعر انه كفن يضيق عليها ويضيق
تريد تمزيقه وخلعه من على جسدها
برد قارص ارتعشت منه أطرافها حتى وصل للنخاع
وبلا شعور اصبحت تدفع المعجبين بهلع مبين
حتى استطاعت الوصول لسيارتها
وبعد استقرارها داخلها كان آثار الرعب مازال يعبث بقلبها
كانت تخشى من ان تنقلب بها
اصبحت تصيح للسائق
= تريث .. لا تسرع ....لا تسرع
مرت عشر دقائق حتى هدأت
وبصمت مطبق سحبت كوفية السائق من على رقبته
وسترت اكتافها العارية
حاول ان يخفي دهشته وحيرته وقال بأدب
= هل تشعر نجمتنا العظيمة بالبرد ؟
لم تجب والتزمت الصمت ومازالت اطرافها ترتجف
وظلت شاردة الذهن
حتى وصلت لفيلتها الكبيرة ووقفت امام الباب تنظر لعلوها
لأول مرة تشعر بالتردد من دخولها البيت
تسمرت قدميها ودموعها انهمرت لتغسل امر ما داخلها
لا تعلم مكنونه ولكنه اراحها لحد كبير
لأول مرة تبكي بلا وجع بلا ألم تتلذذ بالبكاء ولا تعلم لما ......
لم تحب ابدا التوقف عنه
فظلت تبكي وهي سعيدة ببكائها
ومرت ثلاث ساعات في خلالها امور كثيرة حدثت
كانت جميع اقراص الافلام متناثرة بشكل عشوائي
وجهاز التلفاز شغالا والفيديو كذلك
كانت تخرج قرصا وتدخل آخر
تتابع بصمت بعينين مرهقتين آثار الدموع السوداء
وألوان التبرج بهتت على بشرتها البيضاء ..
حافية القدمين
وثوبها ملقى على الاريكة بإهمال وقد تغطت بغطاء
كان مفروشا على مقعدها المفضل
انهكها التفكير والدهشة والحيرة وهي تتابع افلامها فيلما بعد الآخر
واسمها في مقدمة الافلام الاول
نجمة الجماهير اسمهان يوسف
مشاهد كثيرة مليئة بالرقص والخلاعة والسكر والعربدة
اغلقت التلفاز واستلقت على اريكتها وظلت في الظلام .......
تذكرت
الأفيشات العريضة بجسدها العاري ولقب نجمة الجماهير بجانبه
ومر امامها شريط حياتها في السينما
وتوالت عليها الذكريات كالمطر المنهمر
و ساعة استعادت فيها مجدها وشهرتها خمسة عشر عاما
ولأول مرة لا تعي كيف وصل اليها المجد ولا الشهرة
كأنها كانت بدوامة سحبتها لقاع سحيق
كل الادوار التي قامت بتمثيلها خواء ...
فارغة ...لا قيمة لها
وتسألت
.....إذن لما اشتهرت ؟
لما كانت تبكي فرحا من نجاح أفلامها؟
ما الذي حققته في تلك السنين الطويلة ؟
وتصفيق الجمهور الحاد اليوم كان على ماذا ؟
أسئلة كثيرة لم تجد لها جوابا غير الحيرة
لمحت هاتفها ملقى أمام احد الاقراص على الأرض
اغلقته عندما دوى صوته
وبقت على أريكتها بلا حراك طوال الليل
......وفي مكان آخر .......
صعدت زهرة مع حارس اسمهان الشخصي
الذي لم يستطع اللحاق بها
في سيارة أجرة لتلحق بنجمة الجماهير
بعد أن استبد بها القلق بكل صوره
فهذه المرة الاولى التي ترى فيها
صديقتها بهذا الحال الغريب
وعندما وصلت للفيلا منعها حارسها من الدخول بأمر من النجمة
ترددت زهرة وازداد قلقها حاولت الاتصال بها مرارا
ولكنها وجدت هاتفها مغلقا رجعت خائبة الامل يائسة
وانتهت الليلة وأسدل الستار عن اول مشهد ليوم جديد
في الساعة التاسعة والنصف صباحا
توالت رنات الهاتف الأرضي بلا توقف
من المنتج من المخرج من السيناريست ومن زهرة
ولكن لا مجيب ومر اسبوعا كاملا
على عدم خروج اسمهان يوسف من فيلتها الفاخرة
...........
وأيضا عدم السماح لأحد بزيارتها
حتى الخدم امرتهم بالذهاب لمنازلهم
.......
عاد اياد علام المخرج السينمائي زوج النجمة الشهيرة اسمهان يوسف
ليجد أحداث غريبا حدثت أثناء سفره اسطنبول
لتصوير بعد المشاهد هناك
تغير زوجته المفاجئ تجاهه بشكل مثير للريبة
نظراتها له ....حيرة عينيها ..شرود ذهنها المستمر
كان قرار مواجهتها حاسما ولابد منه بعدما هجرت فراشه
بروحها وشرود ذهنها وبروده مشاعرها فترة ليست بالقصيرة
ولكنه فوجيء بقرار انفصالها عنه بالطلاق كان قرارا صادما له
بعد حب عظيم دام بينهما عشر سنوات
وكان تسلل الشك لقلبه قويا بمعرفتها لشخص آخر حدا فاصلا
لقبول الانفصال وبعد نشوب مشاجرة عنيفة انتهت بصفعه لها
أوقعتها أرضا وأصر على معرفة سبب الطلاق
سألها
= أيوجد رجل آخر في حياتك ؟
أخبريني يوجد رجلا آخر؟
علت الدهشة ملامحه
عندما أخبرته بوجه بارد وقلب غاضب
=كثير ......يوجد رجال كثير وليس رجلا واحدا
نعم يوجد لأنك لم تشعر بالغيرة علي يوما منذ ان تزوجتك ....
ثم انهارت ببكاء مر
وصاحت بصرخة كانت مكتومة منذ زمن طويل
=كنت تشاهد بعينين باردة رجلا يعتصرني بذراعيه امام الكاميرات
وأنا عارية بين أحضانه
كنت تسر لأجادته قبلاتي بدون ان تحرك ساكنا
هل تعلم ايها المخرج أنني منذ اربعة سنوات
لم اتمتع بأحضانك ؟
أصبحت اكرهها.
أكرهها
لأنها تذكرني بأحضان غيرك
ماتت مشاعري وأنا امثل عشقا
كاذبا أمام الكاميرات ..
لم اعد افرق بين الصدق والكذب فيها
كم اكره ابتسامتك عندما يجيد رجلا اخر مشهد الغرام معي
لا اريدك لأنك رجل بلا احساس
بلا غيره رجل ميت بلا مشاعر
على حساب جسدي العاري حصدت كثير من المال
وحصدت انا الانحلال
اصبحت اعشق أحضان غيرك
كنت اخونك في كل مشهد امام عينيك
وأنت تبتسم مسرورا
بجسدي العاري الذي يرقص على الملأ
أصبحت اتمنى قطع جسدي هذا قطعة قطعة
حتى انزع كل لمسة كل بصمة منك ومن غيرك بسم الفن
كنت تقبض ثمني كل يوم
وأمام اياد الذي أخرسته الصدمة وغشاه الذهول
ركعت اسمهان على ركبتيها منهارة من شدة البكاء
= كنت أ ظنني نجما ساطعا في السماء
كنت منقادة لغروري
لم اكن اعلم انني
كنت اعيش سنين من عمري تحت الاقدام
...وأنت ارتضيت لي ذلك
.....
ومر الوقت وقد أرخى الليل سدوله
كان كل منهما في ركن منزويا عن الآخر
بعد ان عم الصمت القاتل البيت
هتف اياد بصوت هادئ ولكنه مكسور
= انتِ طالق ....
خرج اياد علام بعد ان حجز على اول رحلة لاسطنبول
لم يكن تغير النجمة المشهورة مفاجئا
فبعد عودتها من رحلة العمرة
التي نصحتها بها زهرة عندما علمت بكوابيس
اسمهان يوسف المتكررة منذ شهور طويلة
بدأت تتغير نظرتها للحياة
شعرت وهي في حرم الله براحة لم تشعر بها قط
لأول مرة كانت تتنفس بعمق كانت تنام بلا كوابيس
وكم ندمت ندما شديدا على عدم زيارتها للأرض المقدسة
مرة في حياتها ولم تؤدي فريضتها حتى هذا العمر
العمر؟
ياه .........
إنها في العقد الرابع من عمرها ..أين كانت ؟
أيقنت الفنانة الكبيرة والنجمة الشهيرة
أنها لم تكن على قيد الحياة
....
وعادت لوطنها ومارست حياتها
حاولت نسيان تلك الأيام التي قضتها في الحرم
ولكنها لم تستطع و كأن قلبها قد تبدل
أشتد عليها الضيق أكثر حتى عرض فيلمها وكان الأخير
......
مرت سنتين كان فيه التغيير شاملا
إعلان اعتزالها للفن
و توبتها... وارتدائها للحجاب ...لتعيش بقية عمرها في رحاب الله
.......
مخرج
تحية لكل من باعت دنياها ومجدا وشهرة زائفة
من اجل آخرتها
11-23-2017
نجمة الجماهير
العرض العادي
