العبق الفردوسي الجزء الرابع :

لم يَستطعِ المكُوثَ أكثر ، فنظر إلى الدرب الذي عن يمينه المؤدي إلى مغنى الصبا ، وملتقى أنداده ، وأترابه ، ثم نقل ناظره إلى الدرب الذي عن شماله المؤدي إلى المسجد ، ومنازل أنداده الآخرين ، أطال التأمل ، ثم قال : هل يُلامُ الكَهْلُ في كَثْرَةِ عَوْجِهِ على مغاني صباه ، ليُجَدِّدَ أكسجين روحه ، ويَجْمَعَ أَشْتَاتَ قَلْبِهِ ، ويَزُوْرَ ضَريْحَ أُنْسِهِ وسُرُوْرِهِ ؟!
مضى إلى مغنى الصبا ، وجال بين الأثل المتناثر فيه ، ثم مضى إلى الأرجوحة ملتقى أترابه ، وموطن مرحهم ، ووقف أمامها ، ونظر إلى السلسلتين الحديديتين التي شُدَّتْ بهما ، وأسبل دموع ناظريه ، حنينًا إلى ما مضى ، ثم اتجه إلى الأثلة العتيقة المتأصلة في قلبه ، وجثا أمامها ، وأسبل ناظره ، وقال :

أيا أثلةً كانتْ سرورًا وبهجةً
أغيثي فؤادي بالوصال أثيبي

ولُمِّي لِدَاتَ الطُّهْرِ بَعْدَ تَشَتُّتٍ
لنَلْبَسَ أَثْوَابَ الّلِقَاءِ القَشِيْبِ

ونلهو كما كنا صباحًا وفي الدجى
ونشدو لأيام البراءةِ أوبي

ثم رفع رأسه إليها ، ونظر إلى أغصانها التي كان يتسلقها مع أترابه فيما مضى ، ويكسروا بعض أغصانها الرقيقة ، ليحركوا به الشاي ، وقال : هنا ابتدأت رحلتي ، وهنا انتهتْ وما بينهما إلا أعوامٌ قليلةٌ تخللها الأنس والسرور ، والشجى والسقم ، والحنين والنأي !
أيتها الأثلة ، يا معلم الصبا ، وملتقى الأتراب : إني أرقب الأحبة يظعنون ، فأحاول العدو إليهم والمضي معهم ، فتتسمر قدماي في الأرض لا أستطيع براحًا ، وسيأتي اليوم الذي تنطلقُ فيه قدماي دون قيدٍ ، وأمضي إلى حيث مضى الأحباب
كنتُ أخشى وها قد أتى اليوم الذي أخشاه، والذي أصبحتُ فيه أرنو من خلف سحب الكهولة إلى عهد الشباب الغضير ، والصبا الغض ، وأسفح دموع الشجى والحنين إليهما !

يتبع ...

المواضيع المتشابهه:

• العبق الفردوسي الجزء الخامس والأخير :
• كل ما نحبه بعمق يصبح جزءا منا.&& تصويري && الجزء الرابع...
• مشاكسات قلم مجنون يعشق الفنون الجزء الرابع ....بقلمي المشاكس
• علم طفلك حياه النبي عليه السلام: الجزء الرابع
• من سلسلة القرآن العظيم وعقيدة التوحيد ( الجزء الرابع)~ تفسير~ متجددة بإذن الله

ناطق العبيدي ,Poem r ,همس المطر و 3 آخرون معجبون بهذا

وردة الغرام ,ريماس ,الجوري

احسنت وابدعت اديبنا الرائع
بانتظار جديدك
تحياتي والورد

Poem r ,وردة الغرام معجبون بهذا

الجوري : ممتنٌّ لمروركِ العذب .

Poem r ,وردة الغرام معجبون بهذا

جزيل الشكر لكَ ..
وَ لجهودكَ الرائِعة وَ المُمَيزة دائِمًا
دُمت بكُل خير وَ سعَادة.
تقيمي والرفع والختم
و300م و200ت

Poem r ,وردة الغرام معجبون بهذا

المرة دي أنا اللي اتاخرت بالرد

بسم الله ماشاء الله تبارك الرحمن

روعه وفخامة اعجبتني كثيرا كلماتها وباقي

احداثها أما أروح اشوف باقي أحداثها النهائية

تسلم الايادي على الطرح الرائع والمميز والجميل

يعطيك الف عافيه كاتبنا الغالي والمتميز دائما وابدا

عبد العزيز علي جهودك المبذولة والطبية والرائعة

Poem r معجب بهذا

الذاكرة لا يمكنها نسيان اللحظات الجميلة
فإنما موقف بسيط يوقدها
والذكريات الجميلة ستبقى خالدة
لأنها هي أجمل محطات حياتنا
تكملة القصة جميلة ومشوقة
بإسلوب يصل إلى القلب
بإنتظار التكملة القادمة
كل التحية والمحبة أديبنا

وردة الغرام ,Poem r معجبون بهذا

ريماس : ممتنٌّ لمروركِ العذب .

وردة الغرام معجب بهذا

أختي الموقرة وردة : قوافل شكر تتلوها قوافل شكرٍ لمروركِ العذب (ممتنٌّ) .

وردة الغرام معجب بهذا

أختي الموقرة همس المطر : مرورٌ أعذب من معزوفات بيتهوفن (ممتنٌّ) .

وردة الغرام معجب بهذا