بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي رسول الله
اخوتنا الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحزء ( الرابع والأخير )
في هذا الجزء الرابع والاخير نكون قد وصلنا لموضوع مهم وهو الحديث عن حادثة المعراج ...
وكيف ان الله سبحانه وتعالي تعرض لها التزاماً أي ذكر حوادث حصلت في ليلتها ومرائي رآها المصطفي صلي الله عليه وسلم ..
ووصوله لسدرة المنتهي ...
كل هذا حدث دون ان يسمي لنا الله سبحانه وتعالي
ذكر للفظة المعراج
فعندما ذكر الرحلة كاملة ذكرها كحادثة اسراء في الايات الكريمة
التي ذكرها في سورة الاسراء ....
فالسؤال المطروح هو لماذا لم يتم ذكر
رحلة المعراج صراحةً ...
مثل ماتم ذكر الاسراء لفظياً ...في القرآن الكريم ...؟
وهنا وجب ان نقف وقفة .. حيث أن القرآن الكريم حينما تعرض لحديث الإسراء .. تعرض له صراحة ..
وحينما جاء المعراج .. تعرض له كما يقولون التزاما ..
لأن الله سبحانه وتعالي لم يقُل:
سبحان الذى عرج به من بيت المقدس إلى
( مثلاً) سدرة المُنتهي ..
فلم يقُل ذالك ..
إنما قال لنا أشياء تستلزم أن
الرسول الكريم ( صلي الله عليه وسلم ) ،
قد صعد.... حيث قال تعالي :
{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى
(5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى
(10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى
(19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلَّا ...} النجم 1 ، 22
فيجب أن نعلم بأن رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) ،....
قد صعد .. لكن لماذا لم يأتي بها أيضاً ..؟
قالوا أنا هذا من رحمة الله سبحانه وتعالي بخلقه ..
الأمر الذي أمكن رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) ،
أن يقيم الدليل المادي لسكان الأرض ..
وقد أتى به صراحة حتى لاتعذر في تبليغه ...
أما الأمر الذي قد تقف فيه العقول بعض الشيء .....
من الحيرة واحياناً عدم التصديق ....
فقد تركه الله سبحانه وتعالي لمدى يقينك الإيماني أو مدى تسليمك
بالمقدمة التى تلي النتيجة الأخرى ..
لأنك أنت مادمت مؤمناً ..
فستقول ( مادام صنع الله به كذا..وكذا.. فيما أعلم...
إذاً هو صنع به كذا..وكذا..فيما لا أعلم)..
لأنه حين يكون قد خرق له القانون في المسافة الأرضية ( الزمن ) فيكون بالنتيجة قد خرق له القانون مرة أخرى ..
فما المانع إذاً ما دامت صيغة القانون هي..هي..
أيكون خرق قانون السماء صعب على الله سبحانه وتعالي ..وما دام الله سبحانه وتعالي قد خرق القوانين و غير النواميس ...
لتواكب بشرية المصطفي صلي الله عليه وسلم.....؟
وهل المعجزات التى أمدّ الله سبحانه وتعالي .... رسله عليهم الصلاة والسلام .. إلاّ خرق للنواميس الخاصة بالكون ...
وخرق لقوانينه وخرق لحقائقه الثابتة..؟ ...وما دامت هي خرق ..
إذاً فلا يستبعد أن يحدث لرسول الله
( صلي الله عليه وسلم ) ،ما حدث له ..
. فالمعجزات هي عبارة عن خرق للقانون ..
حيث يستطيع الله سبحانه وتعالي أن يجعل القانون لايعطى ..
فمن هنا جاءت المعجزات ...
فكل المعجزات التى حدثت للرسل السابقين هي عبارة عن خرق للنواميس .....
أي تعطيلها مؤقتاً لخدمة قضي
او حادثة او معجزة ...وفي العام تُسمي معجزة
فالمياه حينما ضربها موسي( عليه السلام ) بعصاه ....
تم خرق ناموس وقانون المياه
( قانون الاستطراق ) فأنقسم الماء إلى فلقتين ..
وكذالك النار .. فمن طبيعتها الإحراق .. ولكن حينما ذهب الله سبحانه وتعالي بقانون الإحراق ..
لم يحترق سيدنا إبراهيم ( عليه السلام ) حينما أُلقى فيها.....
فالحق سبحانه وتعالي هو خارق
للناموس متى شاء فيكون الذي آمن.....
بأن رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) ،
قد أُسرى به من مكة إلى بيت المقدس .
وأستطاع أن يقيم الدليل المادي ..وإلاّ ..
ففي المعراج مايؤكد من الذى صعد إلى السماء ليعطى أماراتها ...
فمن يستطيع أن يتجرأ ويسأل ويقول:
صف لنا سدرة المنتهى ..؟
وصف لنا الطريق إليها ..؟
والحق سبحانه وتعالي رحمة بنا .... جعل النص على ( الإسراء ) الذى يقام عليه الدليل المادي
( لأنه أرضى).... بالنص الصريح ... وجعـــل
( المعراج ) بالالتزام ( لأنه سماوي )....
لذالك فأن العلماء قالوا :
أم الذى يُكذِّب ( الإسراء ) يكون كافراً ,
لأنه صادق النص .. والذي يكذّب ( المعراج ) ...
لا يكون كافراً فحسب , بل فاسقاً ...
لان الإسراء بالنص الصريح والمعراج بدلالة الالتزام ................
ففي رحلته تعرض الرسول الكريم ( صلي الله عليه وسلم )
، لمراحل مهمة:
المرحلة الأولي:
كان الرسول الكريم بشراً .. وجبريل عليه السلام ...
يعرض عليه ( صلي الله عليه وسلم ) ، الأشياء ثُم يقول له :
ماهذا ياجبريل ..؟ فيقول جبريل ( عليه السلام ) :
هذا كذا..وكذا...
المرحلة الثانية:
فحينما صعد النبي الكريم ( صلي الله عليه وسلم ) إلى السماء , كان يرى المرائي ... فلا يستفهم من جبريل عنها ...
حيث كان يسمع فيفهم ......
إذاً فقد تحول شيء في ذاتية مُحمّد ( صلى الله عليه وسلم ) فأصبحت له ذاتية فاهمة بلا واسطة من جبريل ( عليه السلام ) ...
وورائية بلا واسطة أحد ...
ففي الأرض إراءة ....
وأما في السماء ... فقد رأى بالرؤية ...ثُم بعد ذالك نجد أنه بعد أن أنتقل إلي مرحلة يكون فيها ملائكياً ....
كالملائكة فيراهم ويتكلم معهم ويخاطبهم ويفهم مايقولون ....
يأتي بعد ذالك في منطقة أخرى بعد سدرة المُنتهي ...
فينتهي حد جبريل ( عليه السلام )........
المرحلة الثالثة:
يُزج برسول الله ( صلي الله عليه وسلم )...
في سبحات النور ... ولم يكن جبريل معه ...
وهذا دليل على أن مُحمّد ( صلي الله عليه وسلم ) ,
قد ارتقى ارتقاء آخر ...
ونُقل من ملائكية لاقدرة لها على ماوراء سدرة المُنتهي..
إلي شيء من الممكن أن يتحمل إلى ماوراء سدرة المُنتهي ..
ودون مصاحبة جبريل ( عليه السلام ) .... إذاً ...
أن سيدنا مُحمّد ( صلي الله عليه وسلم ) ،
كان بشراَ في الأرض مع جبريل ( عليه السلام)....
وبعد ذالك كانت له ملائكية مع الرُسل ومع جبريل في السماء ....
وبعد ذالك كان له وضع آخر وأرتقي به عن الملائكية ..
حتى أن جبريل نفسه يقول له :
( أنا لو تقدمت لاحترقت وأنت لو تقدمت لاخترقت)...!
وقال أيضاً : ( يامُحمّد إذا كان العرش مشوق إليك ....
فكيف لا أكون خادم بين يديك)...!!! فبالفعل قدّم له مركبه الأول :
( البراق ) إلي بيت المقدس.... ثُم المركب الثاني :
( وهو المعراج إلى سماء الدنيا) ..... ثُم المركب الثالث :
( وهو أجنحة الملائكة .. تنقله من سماء إلى سماء ) وهكذا إلي السماء السابعة ... ثُم المركب الرابع :
( وهو أجنحة جبريل عليه السلام....لنقله إلى سدرة المُنتهي ) .
وهنا تخلف جبريل ( عليه السلام ) عند سدرة المنتهي ، لان مقامه أنتهي إلي هذه النقطة فلا يجب عليه تجاوز هذه النقطة ،
فقال له الرسول الكريم ( صلي الله عليه وسلم ) ، متسائلاَ عن السبب الذي يجعل جبريل كبير الملائكة
يقف عند نقطه ويترك النبي ( صلي الله عليه وسلم ) وحده....
فقال له يا جبريل :
( نحن الليلة أضيافك ... فكيف يتخلف المضيف عن ضيفه ..
أههنا يترك الخليل خليله ...! ) .
فقال له :
يامُحمّد أنت ضيف كريم ... ومدعو القديم ..
فلو تقدمت الآن بقدر أنملة لاحترقت لقوله تعالي:
( ومامنا إلا له مقام معلوم ).....
فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ):
( يا جبريل ..إن كان ذالك كذالك ..ألك حاجة ..؟ )
فقال له : نعم !!! إذا أنتهي بك الأمر حيث لامُنتهي ...
وقيل لك هاأنت .. فاذكرني عند ربك...!
ثُم بعد ذالك زج به جبريل عليه السلام …
زجة قوية فخرق سبعين ألف حجاب من نور .....
حتى وصل بقدرة الله سبحانه وتعالي إلي الحضرة الإلهية فكان ماكان له.... فحُمل بهدية عظيمة إلي المؤمنين به وبرسالته ...
لتكون وسلة للقرب من الحضرة الإلهية ....
كما حصل مع الرسول الكريم
( صلي الله عليه وسلم ) ، وهذه الهدية هي .
فرض الصلاة في ليلة الإسراء والمعراج
فمن الفروض المهمة ، والتي جُعلت ركيزة من ركائز ألإسلام ، وهي الصلاة ، فلأهميتها ومقامها الرفيع عند الله سبحانه وتعالي،
تم فرضها والأمر بأدائها مباشرتا من الله سبحانه وتعالي ،
لنبيه الكريم( صلي الله عليه وسلم ) ،.....
فكيف كان ذالك ...؟
وما أهمية موسـي( عليه السلام ) ..؟
في جعل النبي( صلي الله عليه وسلم )،
يراجع ربه حتى خُففت من خمسين صلاة إلي خمسة صلوات.....؟
ويقول العلامة محمد متولي الشعراوي:
أما مسألة الصلاة ، فهذا البحث والذي يجب أن نبحثه لنفهم كل خلفياتها ، فقد حدثونا أن رسول الله( صلي الله عليه وسلم ) ،
قد صليّ إماماً بالأنبياء في بيت المقدس....
قبل أن يُعرج به إلى السموات العلىَ....
والصلاة فُرضت كما هو معلوم بعد العروج ...
فنقول لهم : نعم .. الصلاة بشكلها الإسلامي النهائي ..
وحيث أن الصلاة موجودة مع كل رسول من الرُسل...
وعند أتباع كل رسول ..
ولذالك أن الحق سبحانه وتعالي حينما يقول لإبراهيم :
{ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)..}البقرة 127 ،128
ويقول بعد ذالك :
{ وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ
أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) } ..
إذاً هناك سجود وركوع ، من يوم أن خلق الله الرسالة ،
ويوم أن خلق الله التكليف ...
وأيضاً في سورة مريم , حيث قال تعالي :
{( يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)}.آل عمران 43...
وفي آية أخرى قال تعالي :
{( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) ..} ابراهيم 37 ...
فكأن فيه صلاة , ولكن ليس كالصلاة الإسلامية ، فالصلاة الإسلامية خاصيتها أنها جمعت ميزات كل صلوات الرُسل ...
فصلاة الرُسل , كانت في بعض ألازمنه , غدوة.... وعشية....ركعتين في أو ل النهار وركعتين في آخر النهار ...
وكان هناك شكل خاص في السجود والقيام وشكل خاص في الركوع, فلما جاءت صلاة الإسلام , أخذت كل ميزات الصلاة ....
ولم يأخذ رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) ، من الرُسل السابقين, العدد الذي فُرض على أُمة مُحمّد( صلي الله عليه وسلم ) ،
بذالك التوزيع الزمني ....
وهو خمسة أوقات في اليوم والليلة , ولذالك نجد
أن موسي ( عليه السلام ) في حقيقة الأمر
أنه أستكثر هذا , إذا كانت هناك صلاة ...
ولكن الصلاة التى فُرضت هي صلاة الجامعة لكل مزايا الصلوات المتقدمة عند الرُسل السابقين ( عليهم الصلاة والسلام ) ....
وخاصتاً أنه لم توجد صلاة عندهم أسمها ( صلاة العشاء )
والتي جاءت فقط لرسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) ، فلقد كانت الصلاة بالنسبة للفرضية تختلف ,
عن كل الإحكام بأن فُرضت من الله مباشرة.
ولعلمنا بأن الرئيس حينما يكتب إلي مرؤوسه كتاباً , فيكون أمراً عادياً , فإذا كان الأمر أهم ,
استدعاه عنده مباشرةَ, وقال له أفعل كذا ...وأفعل كذا....
فهو لم يستدعه إلا لأن هذا أمر بالغ الأهمية ,
وأيضاً لأن رسول الله( صلي الله عليه وسلم ) ،
جُعل له المعراج تكريماً لقربه من الحضرة الإلهية ...
ومادام تكريماً لقربه من ربه , ومُحمّد ( صلي الله عليه وسلم ) ،مبعوث رحمة للعالمين جميعاً , وحرصه على أمته حرصاً شديداً ,.....
لم يشأ الله تعالي في مقام قربه منه .إلاّ أنه يرده بما يقرب المؤمنين ,
برسول الله( صلي الله عليه وسلم ) ،
من الله سبحانه وتعالي,.....
فكانت الصلاة هدية القرب إلي المقرب ...
وأما المعراج فقد كان تكريماً لرسول الله( صلي الله عليه وسلم )
،لأنه كان قريباً من الله سبحانه وتعالي
فلم يستأثر رسول الله( صلي الله عليه وسلم ) ،وحده بالتكريم مع أنه يحب أمته , ..لا.. فلابد أن يرجعه الله سبحانه وتعالي
بتحفة وبهدية إلي من يؤمن به ..
لنكون وسيلة للقربى , ولذالك يقول الحق تبارك وتعالي:
{ وأسجد وأقترب} فكأنما السجود الذي هو أظهر مظاهر الخضوع في الصلاة , وهو الذي يقرب الإنسان إلي الله تعالي
ذالك القرب الذي إقتربه رسول الله ( صلي الله عليه وسلم )
،من ربه ، فكأنما الله سبحانه وتعالي حيا مُحمّد ( صلي الله عليه وسلم ) ،حين قربه منه في الملاء الأعلى بأن حمّله هدية وحمّله تحفة .
يحملها إلي المؤمنين برسول الله (( صلي الله عليه وسلم ) ، لتكون لهم حظاً في القرب من الله , كما كان لرسول الله حظه في القرب منه وأيضاً
لأن الصلاة المفروضة من الحق سبحانه وتعالي , كما قلنا , ليس لها عمل ألا أن تقربك من الحضرة الإلهية ,
ولتوضيح معني أن تقربك من الحضرة الإلهية ...
حيث أن ألإنسان هو صناعة الله سبحانه وتعالي , فالله سبحانه وتعالي هو صانعه , وهى صنعة تقف أمام مهندسها وصانعها , الذي صنعها.
كل يوم خمسة مرات , فلا بد أن تكون على أوفي شيء من الضبط ,...
وكما قلنا أن المهندس من البشر , حينما تهلك وتفسد الآلة , يصلحها بشيء مادي يصنعه لها فيضعه فيها فتصبح صالحة للاستعمال ,...
ولكن الحق تبارك وتعالي , لأنه غيب , فهو يُصلح عبده الذي خلقه , حين يقف بين يديه في لحضه القرب هذه , بأمر غيبي أيضاً
وليس بعملية مادية , فتخرج من مقام ربك وأنت ترى كيف ارتحت , وكيف تبددت همومك , وكيف قويت طاقة الأيمان عندك, إذاً فالصلاة
هي التي تُعلم الإنسان كي يقبل على التكاليف ,
وإذا كان الإسلام قد بُني على خمس.
( 1 ) شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن مُحمّد رسول الله .
( 2 ) إقامة الصلاة.
( 3 ) إيتاء الزكاة.
( 4 ) صوم رمضان.
( 5 ) حج البيت لمن أستطاع إليه سبيلا,
فنأتي لهذه ألأركان الخمسة .
قد لا توجد هذه ألأركان إلاّ في بعض الناس,
صحيح هي أركان الإسلام ولكنها ليست أركان المسلم , بمعني إن المسلم قد يكون فقيراً فلا يؤدى الزكاة
فيسقط عنه فرض الزكاة , والمسلم قد يكون مريضاً أو مسافراً , فلا يصوم ويسقط عنه فرض الصيام لأجل مسمى
وقد لايستطيع الحج من عدم توفر الصحة أو الأمور المادية و فيسقط عنه فرض الحج ،إذاً هي أركان الإسلام , وليست أركان المسلم
لهذا نجد أن المسلم يعتمد أولاً على الشهادة ثُم الصلاة بإقامتها
وعلى هذا فإن الركن الأساسي الذى
لاينفك عن الإنسان المسلم أبداً .
هي الشهادة والصلاة ,....
والصلاة بإقامتها أيضاً لاتنفك عن المسلم
أبداً حتى وهو في الحرب , أو هو مريض لايستطيع الجلوس , وإذا قيل لأنه يجب عليه أن يؤدى الصلاة حتى ولو بقلبه ,
إذا فلا عذر لها في السقوط أبداً , ولا مهرب ولا مفر منها ،...
فأنت مطلوب منك أن تشهد بأن لإله إلاّ الله وأن مُحمّد رسول الله مرة واحده في حياتك, وبعد ذالك قد تصوم ,
وإذا كنت غير مستطيع للحج فلا تحج ....
فما الذي بقى لك من أركان الإسلام لقد بقى لك الصلاة وهى الركن المكرر , وهذا هو معني الحديث الشريف ( الصلاة عماد الدين ) وإذا نظرت إلى الصلاة وجدتها مع كونها لاتسقط ,
ففيها كل أركان الإسلام ,....
لأنك لابد في الصلاة أن تشهد أن لاإله إلاّ الله وأن مُحمّد رسول الله ....
فالركن الأول مكرر فيها , وأيضاً إيتاء الزكاة , فماهي الزكاة ..؟
فالزكاة هي شيء من المال يُعطى للمحتاجين, أى أن تضحي بشيء من مالك , والمال في حقيقة الأمر وفي عُرف الإسلام هو فرع من الوقت , لان العمل يحتاج الى الوقت , فكأنك ضحيت ببعض مالك الناتج من عملك , والناتج من استغلال وقتك , والصلاة لاتأخذ من المال , ولكن تأخذ من الوقت الذي يعمل فيه العمل الذي يأتي بالمال , فكأن الزكاة أخذت شيئاً من المال الناتج من العمل , والعمل الناتج عن الوقت , إلاّ أن الصلاة أُخذت من الوقت نفسه , من الأساس الأصيل, إذاً حينما نأخذ من الأربعة والعشرون ساعة , ساعة واحده للصلاة , نكون قد اقتطعنا جزء من الوقت فجعلناه للصلاة , كما تقتطع جزء من المال ,...
إذاً فالزكاة اقتطاع من المال والمال ناشئ عن العمل , والعمل يحتاج إلي وقت , فالصلاة تقتطع من الوقت الأصلي والأساسي , فنلاحظ أن فيها زكاة أهم من المال, وهى زكاة الوقت , والذي يمنع الناس من كثير من الصلاة , هو أنهم يقولون إنها تحتاج إلى وقت , وهذا يعطلنا عن عملنا ومصالحنا , فيكون ردنا عليهم بأن نقول لهم :
كما سمى الله سبحانه وتعالي نقصان المال من الزكاة هى زكاة , فهو لم يسمها نقصان , ولكن سماها زكاة ونماء , فيجب أن نستقبل أيضاً الوقت الضائع عندك في الصلاة , والذي تقول عليه ضائعاً, فاستقبالك ورضاك بالناقص الذي يخرج من مالك , فهو ينميه ويزيده ولا ينقصه, فكذالك الوقت , إذا ضحيت منه ببعضه ....
وجعلته لله سبحانه وتعالي , وشحنت به شخصيتك ... فإن البركة في بقية الوقت والتي ستعوضك على كل مامضى ....
كما أن الزكاة نماء .... والرباء محق...
والصلاة فيها أيضاً صوم .... فما هو الصوم..؟
فالصوم هو الامساك عن شهوتي البطن والفرج في نهار رمضان , ولكن في الصلاة هناك إمساك عن شهوتي البطن والفرج وعن الحركة والكلام وعن كل شيء, إذاً ففيها لون من ألوان الصيام ومتعلقاته في المنع أوسع وأشمل من متعلقات الصيام في رمضان وغيره ، وأيضاً فيها الحج إلي بيت الله من أستطاع إليه سبيلا....
لأنك حينما تصلي تستقبل القبلة , والقبلة هي الاتجاه نحو بيت الله الحرام , فتتجه إليه , وتشعر به وتتحري عنه وتستحضر في نفسك وكأنك تصلي فعلياً في بيت الله الحرم , فنلاحظ أن الصلاة هي الركن الوحيد الذي لامجال لسقوطه مهما كان حال المسلم , فنجد سبحان الله كل الأركان جاءت فيها كل الأركان من شهادة أن لاإله إلا الله
وأن مُحمّد رسول الله( صلي الله عليه وسلم ) ،
ومن الزكاة فيها شيء أفيد من المال ,
بل الوقت الذي يأتي بالمال ,
ومن الصوم في الصلاة يفوق كل الصيام في رمضان ,
لأنك في الصيام تصوم فقط على شهوتي البطن والفرج والكلام الغير مباح والنظر أمّا الصيام في الصلاة فهو يشبه الصيام الملائكي ففيه الإمساك عن شهوتي البطن والفرج والكلام والنظر
والالتفات والتحرك والنظر في غير
موضع السجود والاستحضار والتركيز ,
فبذا يكون صيامك في الصلاة أرقي لأنك واقف أمام الخالق فلابد أن تكون في كامل الأدب في التحكم في التصرفات التي تفسد الصلاة ..
فلا يغنى صيامك في الصلاة عن الصيام الفعلي في رمضان , لأنه ركن من أركان الإسلام , ولكنه يسقط عن المسلم الصيام
في رمضان لأسباب صحية أو سفر ....
فيعوضه فيما بعد , واستحضار لبيت الله الحرام في كل وقت من الأوقات , فكأنك حججت بقلبك وإن عجزت عن الحج بنفسك.......
أما عن دور سيدنا موسي ( عليه السلام )
في النصح للرسول الكريم
( صلي الله عليه وسلم ) بمراجعة الله سبحانه وتعالي
بإنقاص الصلاة .
أما عن دور سيدنا موسي( عليه السلام )
في النصح للرسول الكريم( صلي الله عليه وسلم )
،بمراجعة الله سبحانه وتعالي ...
للتخفيف عن المسلمين بإنقاص الصلاة....!
هنا نريد أن ندخل في هذا الموضوع , وهو فرضية الصلاة , وفرضية الصلاة كانت بالمباشرة كما قلنا سابقاً وذالك لأهميتها , والرواية التي قالت لنا أن الله سبحانه وتعالي قد فرض علينا خمسين صلاة, وبعد ذالك ذهب رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) إلي موسي , فقال له:
أرجع إلي ربك وأسأله التخفيف..وتكرر ذالك حتى صارت خمساً .....
فهناك كلام أحب أن يلتفت إليه المسلمون جيداً , وهو أن كراهيتنا لليهود الملاعين يجب أن لاتنسحـــب إلي موسي ( عليه السلام ) ...
فيجب أن يُفهم هذا الكلام جيداً, فلا يدخل في نفوسنا شيئاً علــــى موسي( عليه السلام ), لان موسي ( عليه السلام ) رسول الله سبحانه وتعالي , وموسي هو من أولى العزم...
وكونه يطلب من الرسول الكريم ( صلي الله عليه وسلم ) أن يرجع إلي ربه فيسأله التخفيف, هل في ذالك وصاية...؟
وماهي الوصاية..؟ وما نوع هذه الوصاية ..؟
فالوصاية تكون من الإنسان الذي يأتي ليفرض عليك أمور كثيرة , أما الوصاية التي تأتي بالتخفيف, هل توصف بأنها وصاية ..؟
لأنه يريد ( الموصي ) أن يخفف عني أمور يعلم هو أنني لا أطيقها, ولكن حينما يقول له موسي, أنا جربت الأمم قبلك.....
حيث لم يفرض الله سبحانه وتعالي على قوم موسي ( عليه السلام ) , ألاّ صلاتين , هما صلاة بالعشي ,
وصلاة بالغداة, ومع ذلك لم يقوموا بها ..
فموسي ( عليه السلام ) حينما يري أمة كان معها ..
ومع ذلك لم يقوموا بوقتين من الأوقات .
فيقول لرسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) ماقاله,.....
فهذا دليل على أنه يحب رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) ,
وأيضاً يحب أُمة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) , لذالك يريد ألأّ يعرضها لما تعرضت له أُمته , من أنها لم تستطيع ,
فهذه في الحقيقة ليست شهادة بأننا ضعفاء
, وإنما موسي ( عليه السلام )
يفترض أننا قد لانقوي على هذا., فلماذا..؟
لأنه جرب الأمم فلم تقوى , ومعنى جرب الأمم ,
أى قومه , فهذه في الحقيقة شهادة ضد أمته ,
وليست ضدنا نحن , لان معنى ذلك أنه
عرف أن أُمته لم تستطيع ولم تقدر, فسحب الحكم علينا ,
فما الذي جعله يسحبه علينا ..؟
لأنه يحبنا ويحب رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) ,
وقد كان خائفاً علينا من أن لانستطيع أن نؤدي الصلاة , لذالك نصح الرسول الكريم , بطلب التخفيف, لأنه يعرف مسبقاً تجربته مع قومه الذين لم يستطيعوا , أداء الصلاة التي فُرضت عليهم ,
وقد كانت صلاتين فقط.
فحين يكلفنا الله سبحانه وتعالي بتكليف, فبالطبيعي يكون لصالحنا , وعندما فرض الله سبحانه وتعالي خمسين صلاة وصيرها إلي خمس صلوات في اليوم والليلة ,...
هل أنقص مايريد أعطائه من الثواب ,
أم ظل الثواب خمسين..؟
نقول لقد ظل الثواب خمسين , فالعطاء غير متناسب مع العمل, فتقرير العطاء من الله سبحانه وتعالي الخمسين
وظل العطاء هو العطاء , وبعد ذالك خففت الوسيلة ..لا العطاء .
فبعد أن كانت خمسين أصبحت خمسة, ولكن الثواب ظل كما هو , ثواب الخمسين صلاة , في صلاة فعلية وهى خمسة صلوات ..
فسبحان الله الرؤوف بعباده ,
وبحبه لنبيه الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) ,
وتركه يراجعه كما يشاء , ويسأله عن مايرضيه وما يرضي أُمته......
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلي آل بيته الطيبين الطاهرين ....
هذا هو حبيبنا المصطفي صلي الله عليه وسلم الذي احبنا ...
ولم نعطيه حقه من الحٌب ....
وخاف علينا من ان ترهقنا خمسين صلاة ....
ونحن نتكاسل عن خمسة صلوات ....
المصطفي الذي اشعرنا اننا خير امة اخُرجت للناس ...
فأذللنا انفسنا واستهنا بها ....
فأنسحب ذُلنا ومهانتا تجاه ديننا وتجاه رسولنا
م ...كيف فعلوا اخوان القِردة والخنازير
من اهانات وسب وشتم في المطصفي وآل بيته ..
.وآل بيته ولم نغضب الا قليل
ولم نقاطع او نحاسب من فعل ذلك ...
بل علي العكس ارتبطنا بهم اقتصادياً
وكأن ماناكله هو ثمن لسب وشتم حبيبنا المصطفي صلي الله عليه وسلم
فهل نحبه مثل ما احبنا وخاف علينا .....؟
تحياتي لكم اخوتي الكرام متتبعي هذه الاجزاء
الطيبة والتي تحدثت عن الاسراء
والمعراج بالتفصيل ...ليس من جانب السرد القصصي ...
فهي معروفة ...ولكن من جوانب
قليل منكم اخوتي من عرفها ويعرفها وتساؤلات القليل منّا من فهم مغزاها وكُنهها
وكل ذلك زاد في محبتنا لرسولنا صلي الله عليه وسلم...
وتصديق كامل غير منقوص بمعجزته التي حباها الله به ...فكانت خيراً له وخيراً لنا....
سلمتم اخوتي الكرام ...واقول في ختام هذه الاجزاء
ان وفقت في اعدادها وتقديمها لكم وصح ماجاء فيها ...
فمن تيسير الله لي
وان اخطأت فمن نفسي والشيطان والله ورسوله بريء مما قلت ....
نفعني الله واياكم بالقرآن الكريم واجارني
الله واياكم من خزيه وعذابه الاليم
وجعله خالصاً لوجهه الكريم ....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخيكم.... اندبها