"نحن الحيوانات الوديعة التي أفلتت من "مزرعة الحيوانات"، نتذكر القاعة التي اجتمعت فيها الحيوانات، واللافتة التي كُتب عليها "العدل أساس الملك".
وفي ذلك الوقت صيغت المادة الأولى من الدستور بيسرٍ "جميع الحيوانات متساوية". ثم صيغت المادة الثانية بعناية: "لكن هناك حيوانات أكثر مساواة". وشيئاً فشيئاً بدأت المزرعة تضيق، والهواء يشحّ، والسماء تتكاثف، فصارت الحيوانات التي لا براثن لها ولا حناجر تتسلل من أسوار المزرعة، تبحث لها عن فضاء تعيش فيه بأوكسجين أقل تلوثاً.
حين وصل اختناق الحياة في المزرعة إلى درجةٍ لا تطاق، جاءت التنينات الكواسر من غابات الظلام المحيطة بالمزرعة، وقررت إحداث انقلابٍ فيها، وجلبت معها عدداً كبيراً من الحيوانات لافتراس الحيوانات السابقة والقضاء عليها. وحين استولت الحيوانات الوافدة على المزرعة اجتمعت في القاعة نفسها وقالت: لسنا كالحيوانات السابقة، نحن حيوانات (نقية) و(طاهرة)، كلابنا من نسل "كلب أصحاب الكهف"، وحميرنا من نسل حمير العزير، وشياهنا من نسل شاة "أم معبد"، ونياقنا من نسل "ناقة الله"، لذلك يجب أن نتوصل إلى ميثاق جديد للحفاظ على عدالتنا الإلهية.
اتفقت الحيوانات عندئذٍ على المادة الأولى من الدستور الجديد "جميع الحيوانات متساوية". وقبل صياغة المادة الثانية، تساءل أحد الحيوانات: هل يتساوى من ينهش بأنيابه وبراثنه مع من لا أنياب له ولا براثن؟ فصيغت المادة الثانية بحذرٍ شديد: "لكن هناك حيوانات أكثر مساواة بكثير". تصدى حيوان يجلس في أقصى القاعة وقال: للخراف حقّ الثغاء، وللكلاب حقّ النباح، وللضباع حقّ النهش، وللنمور حقّ الفتك، لكن ماذا يحق للحيوانات التي لا أنياب لها ولا براثن ولا حناجر؟ نظر الجميع إليه باستياء وقالوا: وهل تعترض لأن الله جعلها أقل مساواةً؟
تناقص الهواء في المزرعة من جديد، وسادت الظلمة، وتقلّصت المساحة، ولا يعرف أحدٌ من كتب على بوابة المزرعة: لعنة الله على مزرعة حيواناتٍ يكون فيها التساوي تفاوتاً."
من _كتاب "أبعد من واق واق… أقرب من حبل الوريد" للأستاذ الكبير سعيد_الغانمي .