إن الله سبحانه وتعالى قد غير حال البشرية كلها في يوم مبعثه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، بل أكرم الإنسان خير إكرام حين اختار خير البرية نبراس الهدى صلوات ربي وسلامه علية لقيادة التغيير وإخراج الناس من الذل والعبودية وسديم الفساد.
فأدى الأمانة وبلغ الرسالة وكشف الغمة وجاهد بالله حق جهاده ، وترك فينا كتاب الله وسنته ما إن تمسكنا بها لن نضل ابدا.
ففي ذكرى مولدة صلى الله علية وسلم أستحضار لنا لما كان علية، وهي ذكرى عطره عزيزة على قلوبنا بما تحملة في ثناياها من قيم ودلالات ومعاني تعيد وتجدد في أنفسنا محبته والانتهاج بنهجه، فرضاء الله علينا مقرون بالتقييد والانتهاج بسنته صلى الله علية وسلم ، وكيف لنا أن لا ننتهج بنهجه وهو صاحب خير رسالة أنزلت من السماء حيث العدالة والكرامة والمساواة والسيادة والتحرر في أطار تغيير شمل الإنس والجان.
تحل علينا الذكرى هذه الأيام والعالم الإسلامي في حالة من الاضطرابات والانحطاط والتفكك بعد إن وصل بنا الأمر إلى الانحراف بشكل كبير عن سنته ونهجه صلى الله علية وسلم ، بل إن البعض مننا وصل به الحد إلى نكران ذكرى مولد الرسول وعدم الاحتفال بها، والبعض الأخر يتقول بأقوال سيدنا رسول الله ويعمل مخالفاً لها بل على نقيض منها.
ولم يصل بنا الأمر إلى ما نحن علية إلا بعد إن ضيعنا طريق هدى الحبيب صلى الله علية وسلم وانتهجنا نهج ادعينا فيه الإسلام والإسلام منه براء وإذا بحثنا عن السبب الرئيس لهذا الانحراف عن نهج رسول الله لوجدنا إن السبب هو سفهاء من الناس ممن استحكمت العقد المريضة على تفكيرهم وصاروا يدعون بالإسلام وبنهج سيدنا رسول الله وهم بعيدين كل البعد عنه وهو بري منهم كل البراءة فوظفوا أنفسهم وكيناتهم في ممارسات وسلوكيات لم يأتي الله ولا رسوله بها من سلطان ويرون في أفعالهم أنها نصره وعزة للإسلام ، بل هي الانتقاص وتشويه لسنته الشريفة وسيرته الطاهرة العطرة.
فلم يكن سيدنا رسول الله طاغية أو متسلطاً أو""تكفيرياً"" بل كان داعياً للخير محباً للسلام والأمن مربياً فاضلاً معلماً حكيماً صاحب قولاً سديداً،حرم قتل النفس إلا بالحق ، ولم يحل أو يسفك دم الأبرياء الذين يقولون لا اله إلا الله محمد رسول الله، ولم يقاتل الكفار إلا بعد إن دعاهم بالسلم والحوار، وكان أمر القتال قد فرض علية وهو كرهناً علية وعلى أمته.
وكم أحوجنا ونحن نستذكر في هذه الأيام مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ أن نعود إلى دراسة سيرته والأخذ من سنته المباركة وميراثه المبارك إذا ما أرادنا تعديل مسارنا وتصحيح وضعنا وانتشال واقعنا من السيئ للأحسن،وإذا ما أرادنا بناء مجتمع تسوده المحبة والأمن والسلام بعيداً من التطرف والغلو والإرهاب،فقد تعبنا من الاستجداء والتخبط في دهاليز تسييس الدين والمراهنة والدجل والخداع والتستر خلف الدين واخذ الدين غطاء للحماية وتمرير المغالطات.
وقد حذر رسولنا الكريم من القوم السفهاء حيث قال:"" يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة "" اخرجه مسلم(1066).
وكم هو جدير بنا في هذه المناسبة العطرة أن نتدبر ونتفكر في قول الله تعالى : " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".وقوله سبحانه:" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً". وقوله سبحانه:" لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ".وقوله سبحانه:"وإنك لعلى خلق عظيم"، وقوله عليه الصلاة والسلام : "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " وقوله "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض"،و كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه،إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".متفق عليه.