~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~

عدد مرات النقر : 324
عدد  مرات الظهور : 1,744,075


عدد مرات النقر : 324
عدد  مرات الظهور : 1,744,075

العودة   منتديات وهج الذكرى > وهج الادب المنقول مما راق لي > ❦ وهـج القصص والخيال ❦ ❧
❦ وهـج القصص والخيال ❦ ❧ لكل ما يروق لنا من قصص او خاطرة
التعليمـــات روابط مفيدة
إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-28-2011   #21


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هشام السعدون مشاهدة المشاركة
جميل اختي الغزال على هذة القصه الجميلة وتقبلي سلامي


الجميل مرورك أخي هشام السعدون
شكرا لك









 
 توقيع :
قال تعالى {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً }النجم28

دائما النية الطيبة لاتجلب معها إلا المفاجآت الجميلة
لاتغيروا أساليبكم فقط غيروا نياتكم فعلى نياتكم ترزقون



رد مع اقتباس
قديم 06-28-2011   #22


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي




مرت ثلاثة أيام على الأقل حتى استطعت أن أرى أيمن، فقد كنت أطرق على باب
روكسانا مرات عديدة كل يوم، ولكنها لم تفتح لي الباب، وعندما كنت أدق الباب
كثيراً، كانت تصرخ من الداخل، ولا أفهم شيئا مما تقوله!
في مساء اليوم الثالث، كنت أشاهد التلفاز مع العمة ماريا، حين رنَ جرس الباب
فذهبت العمة ماريا لتفتح، ثم عادت ومعها أيمن، وقد تغيرت ملامحه، وأثار الضرب
كانت واضحة بشكل كبير على جسده المتورم.
أخذته بالأحضان، وكأني لم أره منذ سنين، وجلسنا نتحدث، وبدأ أيمن يقص على
العمة ماريا ما حدث معنا في الحديقة، وكانت العمة ماريا تُصلب بيدها بعد كل
عبارة يتوقف عندها أيمن، وبعد أن انتهي أيمن من كلامه، قامت العمة ماريا
وضمتني إلى صدرها، وقد بدأت الدموع تسيل من عينيها، وهي تقول لي كلمات
لم أفهم منها شيئا، فقال أيمن مترجماً:
-تقول العمة ماريا إنها سعيدة جداً بشجاعتك، وأنها تخيلت نفسها مكان العجوز
التي ساعدتها في الحديقة، وأنها تحمد الله على عودتك سالماً
نظرت إلى العمة ماريا، وقلت لها ساخراً، وبالإشارة حتى تفهمني جيداً:

أنا عدت سالماً، ثم نظرت إلى أيمن وقد انتفخت عيناه وازرق جلده، وقلت.
وهذا المسكين، لقد عاد سالماً أيضاً، ولكن بعد أن تورم جسده، وتغير لونه
فضحكنا جميعاً بشدة، حتى أخذ أيمن يتألم من شدة الضحك.
تحدثنا وتسامرنا حتى ساعة متأخرة من الليل، أما روكسانا، فقد كانت تأتي
من وقت لآخر لتستعجل أيمن بالعودة إليها، ولم تجرؤ على الدخول، ليس خجلاً مني
ولكنها كانت تعلم بأن العمة ماريا لا تحبها ولا ترتاح لرؤيتها.
في الصباح، استيقظت على صوت أيمن يستعجلني بالنهوض من الفراش قائلاً
هيا هيا بسرعة، ليس معنا وقت، لقد تعودت على النوم والكسل، هيا يجب
أن نبحث عن عمل، بدلاً من الجلوس والنوم من دون فائدة!
وماذا يجب أن نفعل، وما هو العمل الذي يجب أن نعمله ،وأين مكانه، وووو؟
أسئلة كثيرة وجهتها إلى أيمن من غير أن أشعر، ولكني تلقيت إجابة واحدة فقط
هيا بنا الآن وسوف تعرف كل شيء بنفسك!
لم ينتظر أيمن العمة ماريا كي تُعد الفطور، وقال لي بأننا سنأكل أي شيء
في طريقنا إلى مكان العمل، وطلب مني أن أدع جواز سفري وأي شيء مهم في البيت
حتى إذا تعرضت للسرقة، فلا يجد اللصوص في جيبي شيئا.








 


رد مع اقتباس
قديم 06-28-2011   #23


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي




نزلنا على الدرج بسرعة بعد أن أفرغت جيوبي عند العمة ماريا، وتوجهنا إلى
الحافلة التي كانت تقف في أول خط سيرها تنتظر الركاب، ولكن هذه المرة، جعلني
أيمن أجلس بجانب النافذة، وجلس هو بجانبي، لكي يضمن بأنني لن أتحرك من مكاني.
انطلقت بنا الحافلة تجوب شوارع المدينة، ولم يمضي وقت طويل حتى نزلنا، وركبنا
حافلة أخرى، لأن الحافلة التي نزلنا منها لا تصل إلى المكان الذي نذهب إليه هكذا أفهمني أيمن...
قضينا أكثر من ساعة جالسين في الحافلة وهي تجوب بنا الشوارع، وأنا لا أدري
أين نذهب، وكانت الشوارع بالنسبة لي كلها متشابهة، لا أستطيع أن أفرق بين
شارع وآخر، وكان أيمن كعادته يجلس بجانبي، مُرخياً رأسه على طرف المقعد متظاهراً بالنوم.
كانت الحافلة قد خرجت من المدينة عندما توقفت في آخر موقف لها، فنزلنا
لنسير على أقدامنا في شارع تمر منه سيارات كثيرة، جيئة وذهاباً، حتى وصلنا إلى سوق شعبي كبير جداً،

يقع خارج المدينة، تحيط به الأراضي الزراعية، وبعض البيوت التي يقطنها المزارعون.
دخلنا من بوابة السوق التي تدخل منها السيارات إلى موقف كبير، يكتظ بالشاحنات

الكبيرة التي تُحمل بالبضائع، ثم تنطلق إلى مدن أخرى، فقد كان سوقا كبيرا للبيع بالجملة.
أول ما لفت انتباهي، هو المحلات التجارية، فقد كانت كلها مصنوعة من الصفيح
ولا يتعدى حجم المحل أربعة أمتار طولاً، ومترين عرضاً، ولولا أني على يقين بأني
موجود في أوروبا، لظننت بأن أيمن أخذني إلى الصين!
فقد كانت المحلات تكتظ بالتجار القادمين من الصين، ليبيعوا بضائعهم الرخيصة
في أوروبا، وكان السوق مزدحماً لدرجة كبيرة، لأن كثيراً من أهل المدينة الفقراء
يقصدونه لشراء حوائجهم، مستفيدين من فرق السعر الشاسع بين الجملة والمفرق.
كان السوق عبارة عن صفوف طويلة من المحلات، وكل صف من المحلات يقابله صفٌ
آخر والممر بينهما ضيق كثيراً، مما يساعد على الازدحام، ويساعد اللصوص أيضاً
في تنفيذ مهامهم بجيوب الزبائن، ومما يزيد الازدحام أكثر، مرور عربات اليد
التي يدفعها العمال أمامهم بين الممرات الضيقة،

محملة بالبضائع، حتى أنها كانت تسد الطريق أحياناً.
كنت أمشي وراء أيمن بهذا الازدحام، وأنا أشعر بأصابع اللصوص تجسُ جيوبي
ثم تعود خائبة من غير أن تجد شيئا.
وقفنا بجانب مطعم صغير، وقد اشترى أيمن بعض فطائر الجبن، ولأن المطعم لا يتسع
سوى للبائع، فقد جلسنا على حرف الطريق نأكل ونحن ننظر إلى الزبائن المارين
من أمامنا، وكأنهم نهر يجري بين الممرات.
لم أمضغ أول لقمة حتى شعرت بها تقف في حلقي، وبدأت أعصابي ترتجف، وجسدي
يقشعر وأنا أشاهد أحد اللصوص يتتبع فتاة تمشي لوحدها، وقد أفرغ كل ما في جيوبها
من غير أن تشعر،وهي تتلفت يميناً ويساراً،

مستمتعة بمشاهدة البضائع المعروضة.





 


رد مع اقتباس
قديم 06-28-2011   #24


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



لم أستطع ضبط نفسي، ولكني لم أستطع التحرك، فقد كان أيمن يطوقني من خلفي بيديه، ويستحلفني بالله أن أبقى مكاني.
جلست مكاني ودمي يغلي في عروقي، وأيمن يحاول تهدئتي قائلاً:
- أرجوك يا فارس، لا تتدخل في شيء لا يعنيك، وإذا كنت لا تهتم لنفسك، فكر بي
أرجوك فإن جروحي لم تلتئم بعد، افهمني جيداً أرجوك، فهنا لن يساعدنا أحد،
سوف يضربوننا ولن يتدخل أحد من أجلنا، لقد جئنا نبحث عن عمل ولم نأتي
لنصلح المجتمع، أرجوك ألف مرة أن تبقى هادئا، ولا تحاول أن تنجد أحداً، فمهما
فعلت، فلن تغير شيئا، انظر إلى باقي الناس، كلهم ينظرون، ولا أحد يتدخل!
لم يقنعني كلام أيمن ولكني هدأت قليلاً، ورحت أمضغ فطيرة الجبن بشدة، وكأنني أنتقم منها بدلاً من اللصوص....
كنت أنظر إلى الزبائن يمرون من أمامنا وكأنني أشاهد التلفاز، بشر من جنسيات
كثيرة، وبين الحين والآخر، يمر اللصوص مسرعين ومعهم حقيبة، قد سرقوها، ثم يقفون
خلف المطعم ليتقاسموا الغنيمة، حتى المتسولون، كانت أشكالهم غريبة ومقززة للنفس
فقد كانوا يمرون من أمامي وكأنني أشاهد استعراضا كبيرا، رجل مقطوع الأطراف
تجره امرأة وراءها على عربة صغيرة، وبعد أن تبتعد، يأتي رجل يجر طفلة وقد
حُرق نصف جسمها، ثم يتبعهم رجل أعمى وهو يغني ليستعطف الناس
كنت أتألم كلما رأيت هذه المناظر، وسألت أيمن:
أننا نجلس هنا منذ فترة، هل تريد أن تعلمني التسول أو السرقة؟ ضحك أيمن وقال:
أتظن أن المتسولين واللصوص يدخلون إلى السوق من غير أن يدفعوا، وأشار
بأصبعه إلى رجل طويل وسمين يقف بعيداً بالقرب من بوابة السوق،
وقال:هذا الرجل يتقاسم مع اللصوص ما يسرقوه، ويتقاسم مع المتسولين ما يكسبوه،
مقابل حمايتهم إذا ما تعرض لهم بطل من أمثالك، وبضربة واحدة يجعله بصلا، وهو
بدوره يتقاسم المال مع آخرين يحموه من الشرطة، ولكن اطمئن، فنحن هنا لنبحث
عن محل فارغ كي نستأجره، ونبيع فيه بضائع مثل باقي التجارولكن ماذا نبيع فيه؟
أنا أعرف تجارا صينيين، سوف نشتري منهم بضائع ونبيعها، وسوف نأخذ منهم البضائع بسعر رخيص...
ـ ولكن ما هو نوع البضائع؟

ـ لا يهم.. البسة.. أجهزة كهربائية.. أي شيء نبيعه
ـ ولكن كيف نستأجر محلا تجاريا ونحن لا نملك ترخيصا؟

ضحك أيمن بصوت عال، حتى لفت انتباه أحد المتسولين الذي جاء يركض، وهو يمد يده
فطرده أيمن، وتابع قائلاً:

ـ في هذا السوق لا أحد يملك رخصة للبيع!
ـ هل تسمح لهم السلطات بمزاولة التجارة من غير رخصة ضحك مرة ثانية وقال:
ـ بالطبع لا تسمح لهم أن يبيعوا من غير رخصة، لكي لا يتهربوا من الضرائب
ولكنهم يغلقون محلاتهم ويهربون عندما تأتي الشرطة الاقتصادية، أو عندما يأتي المفتشون عن رخص البيع...
تركنا مكاننا، ومشينا وسط الازدحام، نتلفت يميناً ويساراً، بحثاً عن مخزن فارغ
نستأجره، وكلمات أيمن عن هرب التجار لا تفارق تفكيري، فكيف سيهرب مئات التجار
بل آلاف التجار، ويغلقون محلاتهم عندما تأتي الشرطة، والزبائن ماذا تفعل؟
لا.. لا أطن أن هذا يحدث.. أعتقد أن أيمن يسخر مني، فلا أعتقد أن سوقا بهذا الحجم
الكبير والمستودعات الممتلئة بالبضائع، والعمال والزبائن والتجار، واللصوص
كل هذا كان يدور في رأسي عندما سمعت صرخةً قوية من أحد الصينيين وساد بعدها
الصمت لثوان، ثم ارتفعت رؤوس التجار تستطلع الصيحة، وعيونهم تحملق باتجاه
البوابة، وكأنهم قطيع من الأرانب، قد حلق الصقر فوق رؤوسهم.


يتبع







 


رد مع اقتباس
قديم 06-29-2011   #25


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



فجأة قامت القيامة في السوق، فقد سمعت كثيراً عن يوم القيامة، ولكني هنا رأيته
بأم عيني، أخذ التجار يرمون بضائعهم بسرعة داخل المحلات، وأبواب الصفيح تغلق
بقوة فتحدث صوتاً مدوياً، والتجار يتراكضون في جميع الاتجاهات،والزبائن يهربون
من مدخل السوق، فسألت: أيمن ماذا يحدث؟
فقال: الشرطة الاقتصادية.. هيا لنهرب.. بسرعة!
ـ ولكن لماذا نهرب؟ ماذا فعلنا، حتى أننا لم نستأجر محل بعد؟
ـ المهم الآن اركض وانفذ بجلدك!
وأخذ أيمن يركض، وأنا أركض وراءه، ومن غير أن أشعر اصطدمت بأحد الصينيين
الهاربين، ووقعت معه على الأرض نهض الصيني وهو ينظر إلي بغضب، ثم تابع هارباً،
ونهضت أنا أيضاً،ورحت اركض وراء ايمن الذي اختفى عن عيني بين الهاربين، ولم اعد أرى له أثراً.
ركضت محاولاً الخروج من بوابة السوق، ولكني وجدت البوابة قد أغلقت، واكتظ
المكان برجال الشرطة المقنعين، يحملون البنادق بأيديهم، وكأنهم في حالة حرب
أشار لي احدهم بأن أقف جانباً، ولا أتحرك من مكاني.
فُتحت البوابة، ودخلت منها شاحنات كبيرة تابعة للشرطة، وبدأ رجال الشرطة
بجمع البضائع التي تركها أصحابها على الأرض، ليضعوها في الشاحنات، وكان قسم
آخر من الشرطة يضع الشمع الأحمر على المحلات التي أغلقها أصحابها وهربوا.
وبما أن حجم السوق كان كبيراً جداً بحيث أن الشرطة لا تستطيع وضع الشمع
على كل المحلات، فقد اكتفوا بالمتاجر الكبيرة التي في مدخل السوق.
اقترب أحد الشرطة مني، ولم يكن مقنعاً، وبدأ يكلمني ويشير لي بيده، وأعتقد
أنه يسألني عن جواز سفري، فحاولت البحث عن شيء في جيبي لأخرجه له، ولكن جيوبي كانت خالية من كل شيء!
لم ينتظرني الشرطي كثيراً، أخرج أصفاده الحديدية من جيبه، وقيدني بها، ثم دفعني
إلى داخل سيارة الشرطة، وأغلق الباب الذي يُفتح من الخارج فقط.
جلست بالقرب من نافذة باب السيارة، وقلبي يخفق والأفكار والأسئلة تدور
في رأسي، لماذا اعتقلني الشرطي؟ فأنا لم افعل شيئاً، وقطع تفكيري صراخ
قوي، نظرت من النافذة، فرأيت أحد الصينيين يصرخ رافضاً أن تفتشه الشرطة، والشعب
الصيني، شعب شرس جداً، لا يرضخ لأحد، والشرطة تحسب لهم ألف حساب
قبضوا على الصيني، وجاؤوا به إلى السيارة، وأجلسوه بجانبي.
هذا الموقف الذي رأيته في هذا اليوم، جعلني أعرف الجواب عن سؤال، كنت قد
سألته لنفسي كثيراً: كيف يستطيع مليار ونصف المليار شخص تقريباً أن يعيشوا في
دولة واحدة مثل الصين؟ ويحكمهم رئيس واحد! فقد رأيت الجواب بعيني، عندما
قبضت الشرطة على الصيني، خرج رفاقه من مخابئهم، من بين محلات الصفيح، يحملون
السكاكين والسيوف، وهم يصرخون في غضب، يريدون إطلاق سراح صديقهم، وكان حمام
من الدم على وشك الحصول، لولا أن رئيس الشرطة تدارك الأمر، وجاء إلى السيارة
وأطلق سراح الصيني وسراحي ظناً منه بأنني معتقل معه في نفس الموضوع!
علمت عندها، لماذا يعيش مليار ونصف المليار صيني في دولة واحدة، يحبون بعضهم
البعض، ويهبون لنجدة أحدهم عندما يقع في مشكلة ما"مثلنا بالضبط"!! فتخيلت
أيمن قادماً من بعيد على حصان عربي أصيل، يلوح بسيف طويل، ويصرخ بأعلى
صوته: اتركوه أيها الأشرار، ويحاً لكم كيف، تقبضون عليه ألا تعلمون من يكون
ألا تعرفون أنه عربي..عربي.. عربي.. عر....! وأيقظني من تفكيري أحد الصينيين
يجرني من ذراعي كي يبعدني عن طريق الشرطة!
بعد أن امتلأت الشاحنات بالبضائع المصادرة، فُتحت البوابة، وخرجت منها
يتبعها رجال الشرطة، فقد انتهت مهمتهم، وذهبوا بالغنائم...
كنت أنظر بكل الاتجاهات لعلي أرى أيمن، ولكن السوق كان شبه فارغ، وقد خيم
الصمت على أرجاء السوق، حتى المتسولون لم يعد لهم أثر، واختفى اللصوص ،حتى قبل وصول الشرطة!
شيئاً فشيئاً بدأ التجار والزبائن بالعودة، ولم يمض أكثر من نصف ساعة حتى
عاد كل شيء كما كان، وكأنه لم يحدث شيء!







 


رد مع اقتباس
قديم 06-29-2011   #26


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



تجولت في السوق لعلي أصادف أيمن، ولكن عبثاً، فقررت بأن أنتظره بجانب
بوابة السوق، لعله يراني، عندما يغادر، أو يدخل السوق بحثاً عني.
طال انتظاري كثيراً. وبدأت الشمس تميل نحو الغروب، والزبائن غادرت السوق
ولم يبق سوى بعض الصينيين يجمعون بضائعهم من أمام متاجرهم لكي يغلقوها،
وبعض العمال الذين يجمعون القمامة التي خلفها الزبائن وراءهم.
احترت في أمري، ماذا افعل؟ أين اذهب؟ وأين أيمن؟
فكنت أتنقل بين السوق وموقف الحافلة، لربما يكون أيمن على نفس الطريق يبحث
عني. وكانت الساعة السابعة مساءً موعد الحافلة الأخيرة التي تغادر إلى المدينة.
توقف تفكيري، وكنت لا أدري هل أركب الحافلة أم أبقى في السوق؟
وإذا غادرت مع الحافلة، إلى أين اذهب؟ فأنا لا أعرف طريق العودة إلى البيت
ولا اسم الحي الذي يقطنه أيمن ولا حتى أملك نقودا في جيبي، ولا أية وثيقة تثبت
هويتي؟ فما كان مني سوى العودة إلى بوابة السوق والجلوس هناك منتظراً ايمن حتى يعود!
كانت عيون حراس السوق تحدق بي كلما مروا من أمامي، وهم لا يدرون لماذا
لم يغادر هذا الأجنبي، وقد غادر معظم التجار الأجانب؟
اقترب احدهم مني، وبدأ يكلمني، وهو محتارٌ في أمري لا يدري عني شيئاً، ولكني لم أفهم
شيئا مما يقول، وكل ما استطعت أن أقول له أيمن.. أنتظر .. أيمن، فتركني وذهب ولم يفهم مني شيئاً!
خيم الظلام على المكان، إلا من ضوء يأتي من مصباح كهربائي موجود في غرفة
صغيرة بجانب البوابة يجلس بداخلها حارس السوق بعد أن ينتهي من جولته
لتفقد السوق، وبعد أن يتأكد من مغادرة جميع الزبائن والتجار للمكان
دخل الحارس إلى غرفة الحراسة،ثم رمى بحزمة من المفاتيح كانت بيده على طاولة
صغيرة، وجلس على مقعد خشبي بجانب باب الغرفة، وراح يحدق في.
لم يتبق في السوق غيري أنا والحارس، الذي يبلغ العقد السادس من العمر، تقدم
نحوي، وقد بان وجهه الممتلئ بالتجاعيد، وعيناه الكبيرتان اللتان تكادان
تخرجان من محجرهما، وأنفه الكبير المنفوخ، وقال بصوت عالي:السلام عليكم!
للحظات انتعش قلبي وانفرجت غيمة الخوف عني، ونهضت مسرعاً من مكاني، وقلت
له:وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلاً بك يا أخي، الحمد لله بأني وجدتك
لقد أضعت صديقي أيمن، ورحت أشرح له وأكلمه عن حالي، وهو صامت لا يقول شيئاً
وكانت خيبة أملي كبيرة جداً، عندما علمت بأنه لا يعرف من اللغة العربية
سوى كلمة السلام عليكم، ربما سمعها من أحد العرب، ويرددها كالببغاء.
من خلال الإشارات فهمت منه بأن رئيسه لا يسمح له أن يدع أحداً يجلس بجانب
بوابة السوق، وسوف يوبخه إذا رآني، فأشار لي أن أرحل أو ادخل واختبئ
داخل السوق كي لا يراني أحد، ولم يكن أمامي سوى الدخول إلى السوق الذي كان موحشاً جداً!
مشيت خائفاً، لا أدري أين أنا أو في أي اتجاه أمضي، ظلام دامس،اختفى القمر
من السماء، والنجوم حجبتها غيوم سوداء، والأشباح تغزو خيالي، تراقصه من
وراء الجدران، وعيون تلمع كانت بانتظاري، ارتعدت أوصالي، وأردت الرجوع
ولكن العيون الحمراء ملأت المكان، وفات الأوان!
كانت الكلاب قد اشتمت رائحتي الغريبة عليها، وعندما نبح أول كلب، تبعته
باقي الكلاب المشردة التي تنتشر في السوق، وتأتي من الأراضي الزراعية
المتاخمة للسوق، وكانت تأكل الفضلات التي يرميها التجار خلال النهار.
كان قلبي يخفق بقوة، حتى أني لم أر حجراً أرميها به، كي أبعدها عني، فوقفت
أمام حائط من الصفيح كي لا تهاجمني الكلاب من الخلف، ورحت أضرب بكل قوتي
على الصفيح محاولاً إخافتها، وقد نجحت في البداية، ولكنها كانت تعاود الهجوم
كلما توقفت عن ضرب الصفيح، وكانت الكلاب كثيرة جداً، تنبح بصوت أقوى
من صوت ضربي على الصفيح، وشيئاً فشيئاً بدأت قواي تخور، ولم أعد أستطع
تحريك يدي من شدة الألم والتعب الذي أصابها من جراء الضرب على الصفيح.
أرخيت جسدي المتهالك على الحائط، ولم تعد تحملني قدماي، فتهاويت على الأرض واستسلمت إلى قدري المحتوم.
لم أدر ماذا جرى بعد أن وقعت على الأرض مغمى علي، ولكني عندما فتحت
عيني شعرت أني قد نمت لمدة طويلة جداً، واعتقد بأنني نمت يومين أو أكثر من
شدة التعب و الإرهاق، وكانت معدتي الفارغة تلتصق بظهري من الجوع
وجدت نفسي مستلقياً على سرير في غرفة صغيرة، مبنية من الطين، وسقفها من جذوع
الأشجار، فأدركت بأنني في بيت ريفي ....
رفعت عني الغطاء، وكان عبارة عن بساط أحمر مصنوع يدوياً، أردت أن أنهض، ولكني
لم أستطيع، فقد كنت مقيداً بالسرير...
حاولت جاهداً فك قيدي، ولكني لم أستطع، فقد كنت مقيداً بإحكام شديد، بدأت
أصرخ، أنادي لعل أحداً يسمعني، ولكن لم يجبني أحد!
مر الوقت ببطء شديد، فأنا لا أعلم أين أتواجد الآن؟ وماذا حصل لي؟ ولماذا أنا
مقيد هكذا؟ ومرة ثانية عدت للنوم، لعلي أستيقظ فأجد نفسي في غير هذا
المكان، وربما أستيقظ من هذا الكابوس الذي يطبق على أنفاسي، ولكني استيقظت
على يد الحارس الذي رأيته في السوق، وأعتقد بأنه هو الذي أنقذني في تلك
الليلة، وجاء بي إلى بيته، ولكن لماذا قيدني؟
فك الحارس قيدي، وتركني وخرج، من غير أن ينطق بأي كلمة. نهضت من السريرولحقت به.
عندما خرجت من باب الغرفة لم أستطع أن أفتح عيني، فقد سطعت أشعة الشمس
بوجهي، وكأنني لم أر الضوء منذ فترة طويلة، وكما توقعت فقد كنت في بيت ريفي
له حديقة صغيرة قد امتلأت بالأوراق الصفراء المتساقطة من الأشجار المحيطة بها
معلنة قدوم الشتاء القاسي جداً في أوروبا الشرقية.







 


رد مع اقتباس
قديم 06-29-2011   #27


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



كان البيت عبارة عن غرفتين ومطبخ كبير، والحمام موجود في الخارج بجانب
الإسطبل، الذي يحتوي على قسم للدجاج، وقسم آخر للخنازير، وبقرة كبيرة.
كان الحارس يُقيم في المنزل مع زوجته العجوز، التي لم تستغرب عندما رأتني
أخرج من باب الغرفة، لأني كنت موجودا في بيتهما منذ أيام غائبا عن الوعي.
ابتسمت لي العجوز التي كانت تقوم بجمع أوراق الأشجار المتساقطة من ساحة
المنزل، وبدأت تكلمني، ولكن الحارس قاطعها بصوت عال، وأظنه كان يقول لها، ألم
أقل لك إنه لا يعرف لغتنا! وتابعت العجوز الكلام، ولكن هذه المرة مع الإشارات
وكنت قد بدأت أفهم بعض الكلمات، فقد كانت تدعوني لتناول الطعام.
دخلت معها إلى المطبخ، وجلست أنظر إليها وهي تضع الطعام على المائدة، ثم
نظرت بعيني، وهي تريد أن تقول شيئاً، ولكنها عجزت أن تُفهمني بالإشارة، وفجأة
حملت صحن الطعام الذي وضعته على الطاولة، وجرتني من يدي كما تجر الطفل
الصغير، ومشينا حتى وصلنا إلى الإسطبل، فقد كنت في حيرة من أمر هذه العجوز
ماذا تريد مني ؟ هل تريدني أن أكل في الإسطبل مع الحيوانات؟
أدخلتني إلى قسم الخنازير، ثم أشارت بأصبعها إلى الخنازير، ومن ثم إلى الصحن
لتفهمني أن الطعام لا يحتوي على لحم الخنزير، وبعد ذلك، أدخلتني إلى قسم الدجاج
وعملت نفس الشيء، لتفهمني بأن الطعام يحتوي على لحم الدجاج فقط!
فوجئت بثقافة هذه العجوز التي تعلم بأننا لا نأكل لحم الخنزير، فشكرتها
كثيراً بلغتها، ثم عدنا إلى المطبخ...ورحت ألتهم الطعام بشراهة من شدة الجوع...
بعد أن تناولت الطعام خرجت من المطبخ، وجلست بجانب الحارس، وكنت أحاول
ببضع كلمات تعلمتها أن أفهم منه السبب الذي جعله يقيدني بالسرير.
فتشجع الحارس وراح يكلمني ويشرح لي بالكلام تارة وبالإشارات تارة أخرى، وبعد
جهد جهيد، فهمت أنه بعد أن أنقذني من بين الكلاب المشردة، وجاء بي إلى بيته
كنت أستيقظ بين الحين والآخر، وأصرخ بصوت عال، ثم أطرق على باب الغرفة بكل
قوتي، ولا أتوقف حتى يغمى علي، فقرر تقيدي كي لا أجرح نفسي،
وكي يضمن سلامتي أثناء نومه، فشكرته كثيراً، لما فعله من أجلي
أمضيت وقتي في ساحة البيت، أنظر إلى السوق الذي بدا صغيراً من بعيد، وبصعوبة
بالغة استطعت إخبار الحارس وزوجته العجوز بقصتي، وكيف فقدت أيمن في السوق
فوعدني الحارس بأن يأخذني كل يوم إلى السوق كي أبحث عن أيمن، حتى أجده...بعد ذلك عدت للنوم....
أيقظني الحارس، ولم تكن الشمس قد أشرقت بعد، فتعجبت لأمره! لماذا يريد أن يأخذني
في هذا الوقت المبكر إلى السوق؟ ولكني عرفت الجواب عندما وصلنا إلى السوق
فقد كان مكتظاً بالزبائن الذين يأتون قبل بزوغ الفجر ليشتروا بضائعهم ويغادرون قبل أن تزدحم الشوارع.
لم يمض وقت طويل حتى انتشرت أشعة الشمس بالمكان، وكانت الشاحنات تدخل إلى
السوق فارغة ثم تخرج ممتلئة بالبضائع. أما الحارس فقد كان يحمل
البضائع على الشاحنات في النهار أو يفرغها، أما في الليل فقد كان يتولى الحراسة.
جلست بجانب البوابة وأنا أراقب كل شخص يدخل ويخرج لعلي أرى أيمن، قد يأتي
ليبحث عني، أو لعلي أرى أحد العرب فيساعدني أو يدلني على المنزل، ولكني
لم أر سوى الصينيين، وعندما كنت أرى شخصاً يشبه العرب، كنت أركض نحوه
كي أكلمه، ولكني أعود بخيبة أمل، عندما أكتشف أنه تركي أو إيراني،لا يفهمون
من لغتي شيئاً سوى التحية (السلام عليكم، وعليكم السلام)
جاء الحارس ومعه أكياس من النايلون، وطلب مني بأن أذهب إلى بيته، وأملأ هذه
الأكياس بالطين من حديقة بيته، كي يغلق بها مجرى مياه الأمطار عن غرفة الحراسة
لم أتأخر كثيراً، فقد ملأت الأكياس بمساعدة زوجته العجوز، ثم وضعتها على عربة
صغيرة، دفعتها أمامي، وعدت إلى السوق.
جلست بجانب البوابة، والعربة أمامي أنتظر الحارس كي يأتي ويأخذ الطين، ولكن
الحارس تأخر بسبب تفريغ شاحنة كبيرة ممتلئة بالبضائع، فجلست في مكاني أنظر
إلى زبائن السوق، ربما أرى أحداً من العرب يساعدني.
شعرت بالجوع، فقد انتصف النهار ولم آكل شيئا، وكنت أنتظر عودة الحارس كي أطلب
منه أن يجد لي عملاً في تحميل البضائع، أكسب منه بعض المال، ولا أكون عالة على أحد
لم أستطع الانتظار أكثر، فقررت أن أذهب إليه، فربما يدعني أعمل معه
في الشاحنة التي يفرغها، وما أن تحركت من مكاني، حتى رأيت رجلاً يقف بجانب الطين
ويسأل عن سعر الكيس، فقلت له بكلمات متقطعة، ولكنه فهمها، هذا الطين ليس
للبيع، ولكنه أصر على الشراء، وأخرج نقوداً من جيبه، ووضعها في يدي
حملت كيسا من الطين، وأعطيته للرجل وأنا مصاب بالذهول، تعالي يا أمي لتري
ابنك يبيع الطين! أنا متأكد بأنك لن تصدقي بأن الطين يباع، ولكني أنا
هنا يا أمي أبيع الطين، ومعي نقود أستطيع شراء الطعام بها!
جلست مكاني وراء أكياس الطين، ورحت أرتبها الواحد بجانب الآخر، ولم يمض
وقت طويل حتى بعتها كلها!
جاء الحارس، وهو ينظر إلي مستغرباً، فهو يرى العربة أمامي فارغة، وهذا يعني
أنني ذهبت إلى المنزل، وأحضرتها، إذاً أين الطين؟
ظن الحارس بأنني لم افهم جيداً، وقد أحضرت العربة فارغة، لكني قلت له
أني بعت الطين، وطلبت منه أن يأخذ النقود، لكنه رفض، وضحك كثيراً
لغرابة هذا الأمر، وضحكت أنا أيضاً رغم المصائب التي لا تفارقني...
كنت ادفع كل يوم مبلغا من المال حتى يُسمح لي بالوقوف جانب بوابة السوق
لأبيع الطين، وكنت صباح كل يوم أملأ الأكياس بالطين من الأراضي المجاورة
للسوق، وأبيعها بجانب البوابة، ومضت الأيام وأنا أبيع الطين من أجل الزهور
أو لأشياء أخرى، وكنت أمضي معظم وقتي في السوق وعيني تراقب مدخله،ولكن لم أرى أثراً لأيمن !
كان كل يوم يمر، مثل اليوم الذي قبله، لا يتغير شيئاً، أجمع الطين في المساء
وأذهب به إلى السوق في الصباح، وأحياناً كنت أبيع كل الكمية، وأحياناً
أخرى تبقى نصف الكمية إلى اليوم التالي، وكنت أعطي زوجة الحارس نصف النقود
التي أكسبها من بيع الطين، حتى لا أكون عالة عليهم، وكانت العجوز ترفض أن
تأخذها، ولكني كنت أضعها في جيبها شاءت أم أبت..
وفي يوم من الأيام حصل ما لم أكن أتوقعه ولا كان ليخطر على بالي! استيقظت
في الصباح فوجدت كل شيء في الخارج أبيض، فقد تساقط الثلج طوال الليل، ولم
أستطع الذهاب إلى السوق من شدة البرد، حتى الطين تجمد وأصبح قاسياً، وقد
غطته الثلوج، وصار من المستحيل تعبئته في الأكياس.
غيرت الثلوج كل نظام حياتي، وكنت كل يوم أنتظر أن تتوقف الثلوج، وأعود
لعملي، ولكنها كانت تتساقط بغزارة، حتى ارتفعت بحوالي المتر عن سطح الأرض
كنت اذهب كل يوم إلى السوق، وأقف بجانب البوابة، ليس لكي انتظر أيمن، لأني
فقدت الأمل في إيجاده، ولكن ربما يحتاجني أحد التجار أو الزبائن، فأكسب بعض المال
ولكن بسبب برودة الجو، والتي كانت تتجاوز العشرين تحت الصفر، فقد كان أكثر
الأحيان السوق فارغاً، حتى المتسولون واللصوص هجروه إلى مرتع آخر...
كنت أشعر بها تلاحقني بنظراتها كل يوم عندما أقف بجانب البوابة، وكانت
الابتسامة لا تفارق وجهها عندما تقع عيني بعينها، ولكني حاولت مراراً أن
أبقى بعيداً عنها، فما رأيته من روكسانا جعلني أكره كل الفتيات في هذا
البلد، ولكن مع هبوب عاصفة ثلجية على السوق، وجدت نفسي أرتجف من البرد
بجانبها، في المتجر الذي تعمل به..
قالت:
ـ لماذا تقف بعيداً عني
ـ لا أريد أن أضايقك
ـ تعال وأجلس بجانبي، البرد شديد وسوف تصاب بالزكام
ـ لا عليك فقد تعودت
ـ اقترب فأنا لا آكل البشر
ضحكتُ، واقتربت منها، لتعطيني نصف الغطاء الذي تضعه على كتفها، ثم سألتني:
ـ ما اسمك
ـ فارس
ـ فلوري
ـ مرحباً بك
ـ أهلا وسهلاً
ثم صمتت فلوري ولم تعد تقول شيئاً، واسم فلوري يعني "وردة" وكانت وردة حقيقية
فتاة في التاسعة عشرة من عمرها، وجنتاه مثل البرتقال، وعيناها خضراوان
كبيرتان، فمها صغير، وشعرها الذهبي المتموج يتراقص على كتفيها، كانت وردة جميلة
جداً، ولكني لم أشعر بها حتى الآن، ربما لكثرة الهموم التي تلاحقني...
كانت فلوري تقيم في المدينة وتأتي كل يوم إلى العمل في السوق، فهي تعمل بائعة عند
تاجر صيني. ومنذ أن تعارفنا كنت أقضي معظم وقتي بجانبها، حتى رآني
الصيني، وعرض علي العمل عنده في تحميل البضائع من المستودع إلى المحل، ولكن
الأجركان زهيداً، فوافقت ريثما تتوقف الثلوج، وأعود لبيع الطين...
كانت الأيام تمر بسرعة، وكنت سعيداً جداً بمعرفة فلوري، فكنت أمضي معها معظم
النهار، وفي الليل أنام عند الحارس وزوجته العجوز الطيبة.
لم أكن أعلم أني قد وقعت في حب فلوري إلا عندما أتيت إلى السوق في الصباح
ولم أجدها، فسألت الصيني عنها، ولكنه هو أيضاً، لا يدري عنها شيئا، وانتظرت
قدومها طوال النهار، ولكنها لم تأت.
لم يغمض لي جفن طوال الليل، كنت أفكر... ماذا حصل لفلوري؟ لماذا لم تأت؟
وقبل موعد مغادرتي الاعتيادي كل يوم إلى السوق، ذهبت مبكراً، وانتظرتها عند
البوابة، وبقيت واقفاً أحدق في كل الفتيات اللواتي يدخلن السوق، ولكنها لم تأت!
وبين الحين والأخر، كنت أسأل الصيني عنها، فربما دخلت من غير أن أراها، ولكنه
كان يجيبني بالنفي، وهكذا مرت ثلاثة أيام بلياليها من الانتظار والترقب...
كانت عيناي لا تفارق البوابة، وفكري مشتت بين همومي...
وفلوري التي ضمتني، حلقت بي إلى السماء، نسيت معها همومي وآلامي، عوضتني عن الحرمان
أعطتني الحب والحنان، وقلبي دائم الخفقان، شعر معها بالأمان ،فأغمضت عيني بهيام
فضاعت كل الأحلام، حبيبتي، قد خطفها الزمان، قدمت له القربان، صرخت ناديت،
سخر مني الزمان، لن ترى حبيبتك بعد الآن، سحرها عفريت من الجان، فتلاشت مع زبد
الشطآن، ارجع من حيث أتيت، قد فات الأوان
لم أستطع البقاء كثيراً في السوق، فخيال فلوري يلاحقني في كل حركة أتحركها،
عدت إلى بيت الحارس، وأنا محطم، مشغول البال، ارتميت على السرير، ووضعت الوسادة
فوق رأسي، محاولاً الهروب إلى أعماقي الدفينة، لعلي أجد فيها شيئاً يواسيني
فشعرت بشفتيها تلامس أصابعي، وأنفاسها تدق أبواب قلبي، لم يكن حلماً، كانت هي
حبيبتي! لم أقول شيئا، شعرت بأن القلب الذي توقف، عاد ينبض من جديد، وضمتني إليها، ثم قالت:
ـ اشتقت لك
ـ وأنا أيضاً،أين كنت كل هذه المدة
ـ لقد زرت عمتي، وكانت مريضة جداً، فلم أستطع تركها وحدها، حتى تعافت
ـ وأنا؟
ـ ما بك؟
ـ لقد مرضت بسبب بعدك عني، فمن سيبقى بجانبي؟
ضمتني بقوة وقالت:
ـ لن أغيب عنك بعد الآن
ـ وإذا مرضت عمتك مرة ثانية؟
ـ عندها، سوف نذهب سوية إليها
شعرت أن الحياة عادت من جديد، وكل شيء رجع كما كان، حتى الثلوج، لم تعد
تتساقط بغزارة، وعدت إلى بيع الطين، ولم أكن أفارق فلوري نهائياً، كنت أبقى
بجانبها حتى تركب الحافلة في آخر النهار، وأبقى واقفاً أنظر إليها حتى تغادر
وفي الصباح كنت انتظرها عند موقف الحافلة، وعندما تأتي أضع يدي
بيدها ونسير معا إلى السوق.






 


رد مع اقتباس
قديم 06-29-2011   #28


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



عشت أياما جميلة مع حبيبتي فلوري، فقد نسيت كل الدنيا، ولم يبق في عقلي وقلبي
سواها، اتفقنا على الزواج، وأن نبحث عن بيت نقيم فيه، ولكن بعد أن نجمع بعض
المال، وكانت تحبني كثيراً، فقد كانت تبكي عندما تأتي في الصباح ولا تجدني
بانتظارها عند موقف الحافلة، فكنت أضمها إلى صدري، وأشرح لها سبب تأخري فتهدأ، وتعود البسمة إلى وجهها الجميل.
كان الشتاء في أيامه الأخيرة، يحاول عبثاً البقاء، ولكن الربيع لن يعطيه من
وقته مهما هدده بالثلوج والأعاصير، والشمس كانت تساعده، فقد ملت الشتاء الطويل، وحنت للبلابل والعصافير..
كالعادة كنت أنتظر فلوري كل يوم في الصباح عند موقف الحافلة، ثم تعانقني
وأضع يدي بيدها، ونذهب إلى السوق، ولكن هذه المرة جاءت فلوري حزينة، وقد
احمرت عيناها من البكاء، وبالكاد تستطيع الكلام، فسألتها: ما بك؟
ـ عمتي مريضة جداً، وقد سهرت معها طوال الليل
ـ وكيف حالها الآن
ـ صحتها ليست جيدة، وقد جئت أخبرك بأني سوف أبقى بجانبها لبضعة أيام حتى تشفى من المرض.
ـ ولكني لا أستطيع البقاء من دونك
ـ سوف أخذك معي إلى عمتي لكي تتعرف عليك
ـ هل أخبرتها عني؟
ـ كلا، لم أجد الوقت المناسب، فقد كانت مريضة جداً
ـ أمهليني بضع دقائق كي أخبر الحارس وزوجته،ثم نغادر فوراً
ودعت الحارس وزوجته العجوز بعد أن أخبرتهم بأني سوف أغيب لبضعة أيام، مع
فلوري، وأخذت نقودي التي جمعتها من بيع الطين، تحسباً لطارئ ما قد يحدث معي
وبسرعة وجدت نفسي جالساً بجانب فلوري في الحافلة متجهين إلى المدينة، وكنت لم
أر المدينة منذ شهرين، عندما جئت مع أيمن، وتركني في السوق أعاني الويلات...
كانت فلوري تجلس بجانبي، وهي تمسك بيدي، وكأنني عصفور تخاف أن يطير منها،ويهرب من النافذة....
نزلنا من الحافلة، ثم ركبنا بأخرى، لأن الحافلة التي تأتي من السوق لا تذهب
مباشرة إلى بيت عمة فلوري، وكنت قد بدأت أتذكر الشوارع التي سارت فيها
الحافلة عندما جئت مع أيمن، فسألت فلوري:
ـ أين تقيم عمتك؟
ابتسمت فلوري مع أنها حزينة على مرض عمتها، وقالت:
؟ ـ لماذا تريد أن تعرف
ـ لا شيء، مجرد فضول!
على كل حال، عمتي تقيم في حي يقع على أطراف المدينة، في منطقة تكتظ بالغجر
ـ وما يضايقني أكثر إنها تقيم بالطابق العاشر، وأغلب الأحيان يكون المصعد معطل!
فسألتها بسرعة:
ـ وما اسم عمتك؟
ابتسمت مرة ثانية، وحدقت في بدهشة، وكنت أتابع حركات شفتيها، وشعرت أن
الكلمة تحتاج يوم كامل لتخرج من فمها!
عندما سمعت اسم العمة ماريا تنطق به فلوري، أصابتني رعشة، سرت في عروقي
وشعرت بدوار يلف رأسي، فكررت وراءها بسرعة
ـ ماريا.. ماريا.. هل قلت عمتك اسمها ماريا؟
نظرت إلي في دهشة وقالت:
ـ نـعم ماريا، لماذا تتعجب هكذا؟ وكأنك تعرفها؟
صمت لأن الكلمات التي أعرفها لا تساعدني كي أشرح لها كيف أعرف العمة ماريا
وتركتها كي تعرف بنفسها عندما نصل إلى بيت العمة ماريا...
نزلنا من الحافلة، ثم مشينا في الشارع الممتلئ بالغجر الذين كانوا يتابعون
خطواتنا عن قرب، دخلنا المبنى، ومن حُسن حظنا لم يكن المصعد معطلاً،
خرجت من المصعد لأصطدم بروكسانا، وهي تفتح الباب،فرمقتني باحتقار ودخلت
إلى المصعد، ولم يكن أيمن معها، بل كانت تجر بيدها شابا أسود، ذو ملامح أفريقية،
ولم أستطع أن أكلمها، فقد غادرت بسرعة، وكأنها لا تريد أن يعرف الشاب بأنني
أعرفها، وكانت فلوري تضغط على جرس بيت العمة ماريا التي لم تفتح الباب، ثم
انتظرنا قليلاً، وعادت فلوري لتضغط الجرس تارةً، وتارةً أخرى تدق على الباب
ولكن لم يجب أحد، فتذكرت مفتاحي الذي أخذته من العمة ماريا، فمددت يدي إلى
جيبي وأخرجته بسرعة، وفتحت الباب لأجد العمة ماريا ملقاة بجانب الباب ولم
تستطيع الوصول لتفتحه، من شدة مرضها...



يتبع







 


رد مع اقتباس
قديم 06-30-2011   #29


شاعر يتآلم من الغدر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 354
 تاريخ التسجيل :  Jun 2011
 أخر زيارة : 11-22-2011 (01:17 PM)
 المشاركات : 76 [ + ]
 التقييم :  12
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
افتراضي



قصة رائعه
يا غزال الشمالي
نكتفي لناخذ العبر والحكم
ما أجمل ما تنثرين
احرتم حروفك
وقصصك الجميلة
احترامي




 


رد مع اقتباس
قديم 06-30-2011   #30


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



أعنت العمة ماريا على الوقوف، ثم نظرت إلي وهي لا تصدق ما تراه، وصرخت مندهشة
فارس.. نعم أنت فارس، وأخذتني بالأحضان، والعبرات تسيل من عينيها!
أما فلوري فقد عقدت الدهشة لسانها، وهي تفكر، كيف تعرف عمتي ماريا فارس بائع الطين
وكيف وصل إليه مفتاح بيتها، ولكن كل هذه الأسئلة، أجابتها عليها العمة
ماريا عندما جلستا تتحدثان بسرعة، حتى أني لم أفهم إلا القليل من الكلام
بسبب السرعة، أو كان يخيل لي ذلك لأني لا أعرف لغتهم جيداً
سألت العمة ماريا عن أيمن، وفوجئت عندما قالت لي بأنها لم تره منذ أن غادرنا في ذلك اليوم!
أين ذهب أيمن إذاً؟ هل ممكن أن يكون قد ذهب إلى القرية؟لا أعتقد ذلك، فلن
يذهب من دوني، أخاف أن يكون قد أصابه مكروه!
كانت العمة ماريا تتحدث، وقد بانت على وجهها علامات المرض والإرهاق، فطلبنا
منها أن تدخل لتستريح على سريرها، وبقيت أنا و فلوري حتى ساعة متأخرة من
الليل أقص عليها حكايتي الطويلة والشاقة، وكانت تهز رأسها باستمرار، لتقول
لي بأنها تفهم ما أقول، مع أني كنت متأكداً بأنها لا تفهم ربع ما أقوله!
مر أسبوع على وجودنا مع العمة ماريا، كنا نحرص على أن تأخذ الدواء
في مواعيده، وكنت أخرج مع فلوري للتسوق، وكنت أقدم لها باقة من ورود الثلج
اللبنية التي انبثقت من بين الثلوج المتبقية على الأرض، معلنة عن قدوم أول أيام
الربيع، وبعد أن شعرنا بأن صحة العمة ماريا قد تحسنت، قررنا العودة إلى العمل
في السوق، ولكن المفاجئة كانت قاسية على فلوري، عندما وجدت فتاة أخرى قد
حلت مكانها في متجر الصيني، ولكن صديقي الحارس وعدها أن يجد لها مكاناً آخر
تعمل به، وبقيت أنا أبيع الطين كالعادة بجانب بوابة السوق...
انتقلت فلوري للعيش مع عمتها، بعد أن تركت الغرفة التي كانت تستأجرها
ولم أفهم منها لماذا لم تقم عند عمتها التي تملك بيتا كبيرا؟
أما أنا فكنت أبيع الطين، وأنام عند الحارس كل يوم، ماعدا أيام العطلة، فقد
كنت أذهب إلى بيت العمة ماريا، كي أرى حبيبتي فلوري، التي كنت أشتاق إليها
كثيراً، وأعد الدقائق، والثواني، كي أصل إليها..
كنت أجلس بجانب بوابة السوق أبيع الطين، وفجأة دخلت سيارات الشرطة، وأنتشروا
في كل المكان، وكالعادة كانت الزبائن تهرب من السوق والتجار يغلقون متاجرهم
وأنا أيضاً تعودت على هذا الأمر، فكنت عندما تأتي الشرطة، أترك الطين وأهرب
إلى بيت الحارس، حتى تذهب الشرطة. أعود فأجد الطين على حاله، لم يمسه أحد، ولكني
هذه المرة قررت أن أذهب إلى فلوري، فقد اشتقت إليها كثيراً، ثم أعود في الصباح.
أخبرت زوجة الحارس بأني لن أعود هذا اليوم، كي لا تقلق علي، فهي متعودة على
غيابي أيام العطل فقط، ثم ارتديت ملابس نظيفة، واتجهت إلى الحافلة، أسابق
خُطاي، لأصل إلى حبيبتي فلوري، كي أفاجئها بمجيئي، فهي لم تتعود أن تراني سوى
أيام العطل، وأنا متأكد بأنها ستطير من الفرح عندما تراني، وسوف أبحث معها
موضوع الزواج، فأنا الآن أعمل وأكسب المال ونستطيع أن نسكن في بيت واحد.
كنت أشعر بأن الحافلة لا تتحرك من مكانها من شدة شوقي لرؤية فلوري
حتى أني تمنيت لو نزلت من الحافلة، وركضت بأقصى سرعة حتى أصل إلى حبيبتي.
كانت فرحتي كبيرة جداً، لأنني سوف أرى فلوري في منتصف الأسبوع، فأنا لم أعد قادراً
على الانتظار حتى تأتي العطلة الأسبوعية. وكان قلبي يخفق بلهفة للقائها، وقبل
أن أصل إلى البيت، اشتريت باقة من الورود الحمراء الجميلة، كي أعبر لها عن حبي،
وكنت أمشي وأنا أشعر بقدمي ترقصان من السعادة، سوف نتزوج، وسيكون لنا
بيت يجمعنا سوية، نملأه بالدفء والحب والحنان، وسوف أزرع لها الورود في كل
مكان، وسوف أنظر بعينيها الجميلتين، إنها حبي الجميل، وردتي...
الرائعة الجميلة "فلوري!"
لم أطرق الباب، فتحته بمفتاحي كي تكون مفاجأة لفلوري عندما تراني
دخلت، وأغلقت ورائي الباب، سمعت صوتها الحنون ينادي من داخل الغرفة
ـ عمتي! لماذا عدت بسرعة يا عمتي؟
لم أتكلم وقررت أن أدخل إلى الغرفة لتتفاجأ بي، وتأخذني بالأحضان كعادتها!
ما رأيت لم يكن ماعرفت!
وما سمعت لم يكن مافهمت!
وما هزني أحزنني!
والأرض لم تحملني
والجدران تصعقني
هل أنا.. أنا؟
أم أنا لست مني؟
وأنت يا قلبُ!
ماذا ترتجي؟
هل بنيت قصراً بين الغيوم؟
وحبيبتك ألا تراها في أحضانه تخون؟
والورود التي أحملها
تمنيت لو حولتها
نارا وسموما!
خرجت مسرعاً من الغرفة، والسواد يغشي عيني، شعرت بالغثيان، ودارت بي الأرض
ولكني استطعت سحب جسدي المتهالك من الصدمة، والوصول إلى خارج البيت، حيث
ارتميت بجانب الباب، لا أرى أمامي سوى السواد.







 


رد مع اقتباس
إضافة رد
كاتب الموضوع الغزال الشمالي مشاركات 31 المشاهدات 9469  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع

(عرض التفاصيل الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع منذ بعد 04-11-2024, 03:48 PM (إعادة تعين) (حذف)
لا توجد أسماء لعرضهـا.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 11:46 AM بتوقيت الرياض


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون
Designed and Developed by : Jinan al.klmah