~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~ | |
|
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وتنتقم القناديل!
وتنتقم القناديل! الغزال الشمالي لم يكن لأبي محمد وقتا فارغا ... فهو إما في مجلس العلم وحوله الطلبة ، حيث كان سجال المناظرات يشتد ويطول في الفقه واللغه ..وإما في المكتبة . كان أبو محمد هادئا ، متواضعا ، محبوبا ...إذا رأيته يسير مطرقا بجانب خادمه ، لن تفرق بين العالم الجليل والخادم...كان هذا الأخير يرتفع صوته دوما على سيده : -متى ستنتقم منه؟ ! فيهز العالم رأسه مبتسما...ويردف خادمه: -أتذكر سيدي ، مدى الظلم الذي ألحقه أبوه بأبيك الراعي؟ ! فيمضي العالم صامتا ... كانت أرض الله ملكا لكل خلقه ، وكانت أعنز أبيه ترعى حتى الشبع ، ثم ترتوي من النهر وتعود إلى كوخ صاحبها ...تحلبها أمه وتبيع ما يفضل عن الأسرة... لكن حين امتُلِكَت الأرض واغتصبت، عينوا قيما عليها ، يتعهد البساتين الشاسعة والناعورة على النهر والسواقي ... عاث القيم هناك فسادا وظلما ، وكان يستولي على المواشي التي تحوم حول البستان ... تذكر أبو محمد حين صحب والده وهرولا إلى القيم لما استولى على الأعنز...استعطف ابوه القيم أن يعيد إليه أعنزه ، غير أنه عنفه بصوته الغليظ : -كنت أنتظر ان ترحل أيها الراعي ! قدم الراعي صرة مال ، وهو يستعطفه: -أرجوك سيدي ، خذ المال ، وأعد إلي الأعنز، إن لم يكن من أجلي ، فمن أجل صغاري. نظر إليه القيم شزرا ، وقال متهكما : -لم أكن أعلم أن لك جرذانا صغارا أيها الحقير؟ ! صفق بيده ، فأحاط بهم الحراس ، كبلوا أباه ،أشبعوه ضربا إلى أن شُج رأسه ، وكسته الدماء، ثم ألقوا به خالج السياج...بكى الصغير ...أي عالم هذا ، وأبوه يُعذب أمامه؟! علقه حارس من رجليه ، مهددا أياه بإلقائه في البئر ، صرخ الصغير مستعطفا ، تردد صدى صراخه في البئر المظلمة... نظر الخادم إلى العالم عله ينفعل ، لكنه ظل صامتا هادئا ...وضرب صدره: -آه لو تمنحني فرصة لأنتقم منه شر انتقام! فقاطعه العالم : لن تنتقم كما سأنتقم أنا منه! يُتبع
آخر تعديل الغزال الشمالي يوم
09-06-2011 في 03:12 AM.
|
09-06-2011 | #3 |
|
فرح الخادم ، وقد استولت عليه الرغبة في الانتقام ...لم ينس كم ذاق وأسرته العذاب والحرمان في خدمة القيم ، وبداخله حقد دفين ينتظر بفارغ الصبر متى يفجره ،سيحرق قلب القيم ليذوق ذرة من العذاب الذي كان يذيقه للرعيه... كان رجلا متسلطا ، قلبه حديد صدئ لا يعرف الرحمة، كان أعمى لا يبصر إلا الظلم والظلام ، كان ثريا سفيها ، يشتري ذمم زبانيته ليلهب سوطه أجسادا ضعيفة، كان يدوس تحت قدميه كل الرؤوس التي لا تنحني له ... وكان ينحني تملقا لمن أقوى وأكثر بطشا وأكثر أتباعا وأكثر جاها سلطانا و تجبرا. كان الخادم ينتهز فرصة خلوته بالعالم ليذكره بهذا الموضوع ... أما في حلق العلم فقد كان ينصت ويناقش في كل المعارف... مرت سنوات ، ولم ينتقم العالم ، بل كان الطالب -ابن ذلك القيم - من أنجب الطلاب وأحبهم إلى العالم ... لم يأخذ من صفات أبيه سوى ملامحه ، حسن الخلق ، لين الجانب ، تواقا إلى المعرفة... كان الخادم يذكر سيده ، لكن هذا الأخير يقاطعه بهدوء: -ماذا كان أبوك البستاني الحاذق للأغصان الشاردة؟ -كان يقومها ، يشدها بحبال ، يدعمها بعمد ، ويشذبها! -حسنا ، مهمتنا -نحن العلماء -أن نقوم النفوس الشاردة ، أن نبلغ هذا العلم الذي منحنا إياه العلام العليم ، وإلا حوسبنا عنه ... ألم تر ذلك الطالب النجيب كيف تحسنت أخلاقه ؟ أتذكر كيف كان مدللا متكبّرا ...حين أتى به أبوه إلينا؟ لم يعد همه من الدنيا سوى النهل من معين العلم... وأبوه نفسه قد صلح خلقه ، وقد أثر فيه ابنه... كان الخادم يهز رأسه إيجابا. فأردف العالم الجليل: لقد سلمناه مشعل العلم ، ليبلغه الأجيال الأخرى ، ليخرجها من الظلمات إلى النور ...وهذا هو انتقامي منه! تساءل الخادم فارغا فاه: أهذا هو الانتقام؟! -أجل ، أجل ...الانتقام لا يكون مقابلة ظلم بظلم أشد منه ، وإلا فما معنى أن نحمل سراجا ؟ ألسنا قناديل الأمة .....نجابه الظلام بالنور ... ترى ، صحبتني كل هذه المدة ، تحضر معي حلق العلم ،فإن لم يقوم العلم غصنا معوجا من شجرتك ، فالعيب -إذن - في وليس فيك ... علي أن أفكر كيف أقومه ،حتى تصير شجرة متناسقة الأغصان! الغزال الشمالي |
|
09-06-2011 | #7 |
|
متى نتعلم الصفح والتسامح ونبذ كل الشرور والاحقاد من قلوبنا حتى على من كان لنا لديهم حق او في يوم من الايام ظلمونا ؟ الغزال الشمالي اجمل مافي القصة انك كاتبتها ... موهبه تجعلنا نقف اجلالاً وتقديراً واحتراماً لشخصك .... حروف جميله وجمل متناسقة ومعاني رائعه ترتيب الفكرة وتطريز القصة واخراجها ينبىء لنا بأننا امام كاتبة موهوبة ... تمتاز بالابداع القصصي والجمال اللفظي لكِ تقييمي واعجابي . شمس الاصيل |
|
09-07-2011 | #9 | ||
|
يا هلا بتوأم النبض والإحساس الشفيف سعدت بعذب مرورك الندي الذي أثلج الصدر.. رائعة بحضورك بسمة وشكرا لك بحجم السماءعلى التقييم وأتمنى أن أكون عند حسن الظن دوما ودي لأوركيد صباحاتك |
||
|
09-07-2011 | #10 | ||
|
وشهادة اعتز بها أستاذي الفاضل شمس الأصيل،، تحليقك هنا كان بنكهة المطر. من القلب شكرا لك على ندي المرور العبق.. الذي يرفع من هامة النبض والإستمرارية بورك في خطاك .. وظلله بنسائم الحبور ودي |
||
|
كاتب الموضوع | الغزال الشمالي | مشاركات | 12 | المشاهدات | 4278 | | | | انشر الموضوع |
(عرض التفاصيل) عدد الأعضاء الذين شاهدوا الموضوع : 0 (إعادة تعين) | |
لا توجد أسماء لعرضهـا. |
|
|