خانات دمشق العثمانية خان العمود

خانات دمشق العثمانية خان العمود




الخارطة معدلة بواسطة الباحث ومأخوذة من كتاب الآثار الإسلامية في مدينه دمشق / تأليف كارل ولتسينجر و كارل واتسينجر

يقع خان العمود .. أو خان العامود كما يدعوه أهل الشام من العوام داخل أسوار مدينة دمشق القديمة في منتصف سوق البزورية الشهير .
يحده شرقا خان أسعد باشا العظم يفصل بينهما سوق البزورية ، و يحده جنوبا خان الصنوبر الفوقاني يفصل بينهما زقاق ضيق ، و يحده غربا و شمالا البيوت العربية القديمة و المحال التجارية .
وخان العمود هو من خانات العهد العثماني و البالغ عددها بتلك الفترة حوالي مئة و تسعة و ثلاثون خاناً.. لم يبق منها إلا القليل ، و يعود تاريخ إنشائه بحسب بعض المصادر التاريخية الى عام 1295 للهجرة الموافق 1878 للميلاد إبان فترة ولاية الوالي العثماني المصلح علي حيدر مدحت باشا .



وتعود تسميته بخان العمود نسبة لوجود عمود ضخم الكتلة خشن الملمس كان قائماً فيه وسط الفسحة السماوية الداخلية للخان ... ومازالت هذه الفسحة موجودة ، توضَّع على قاعدة بشكل صليب ، وتشير اللوحة الإرشادية الموجودة على جدار الخان أنه من خانات العهد العثماني ، سمي بذلك نسبة لعمود ضخم كان في فسحته السماوية ، ثم زال ، و بقي الاسم .



بينما ورد ذكره في مجلد البعثة الألمانية التركية ( الآثار الإسلامية في مدينه دمشق ) التي قامت بإجراء مسح ميداني شامل للأبنية الأثرية تحت مسمى ( اسم خان متهدم ) وليس خان العمود بالصفحة ـ 162 ـ وقال في سياق الحديث : إن الضلع الخلفي للخان مشيد من حجارة سابقة للفتح الإسلامي لمدينة دمشق ، وأكد على ذلك الباحث التاريخي النمساوي ( ألفريد فون كريمرـ A.V.Kremer ـ رجل السياسة الأول و الذي مكث في دمشق سنتين متتابعتين من سنة 1849 الى سنة 1851 كتب خلالهما كتابه الشهير عن آثار و طبوغرافية دمشق ) فأكد وجود أعمدة كلاسيكية ( ؟ ) وقد سماه : خان العمود و ذكر أن للخان قبة واحدة فقط وليس قبتان . انتهى .
وفي أثناء جولتي الميدانية للخان في صيف عام 2004 ، وفي بدايات سنة 2010 .. حاولت التأكد من وجود هذه الأعمدة التي ورد ذكرها آنفا ... فلم أجد شيئاً ؟؟ !! .



و عموما ... وعوداً إلى البدء ... فخان العمود هو خان صغير الحجم بالنسبة لبقية الحانات العثمانية ، مستطيل الشكل ، تتألف بوابته من واجهة حجرية جميلة ، مبنية على شكل قوس هو هيكل الباب الخارجي و مرصوفة بالحجارة البيضاء و السوداء الأبلقية الشكل ، و يحيط به قوس ذو رسوم قوسية هندسية مرسومة حول حجارة القوس بالكامل .



أما الباب فيتألف من مصراعين كبيرين من خشب الجوز مثبت عليه مسامير ضخمة تشبه الى حد كبير طراز أبواب الخانات أو أبواب مدينة دمشق المصفحة ، يوجد فوق اسفكه باب الخان لوحة حديدية حديثة ذات لون أزرق تابعة على ما يبدو لدائرة الآثار ما نصها : خان العمود و سوق البزورية باللغتين العربية و الانكليزية .



يوجد في مصراع الباب اليمنى باب صغير هو( باب خوخة ) هذا المصطلح يطلقه أهل الشام من العوام على هذه الأبواب الصغيرة والتي كانت مخصصة لدخول الأفراد بالماضي ، وعند دخول القوافل و الجمال كان يتم فتح الباب على مصراعيه لسهولة دخول القوافل .



والخان عبارة عن بنائين شبه منفصلين ( أحدهما مجمع شمالي ـ الأقرب إلى المصور ـ ) كما يبدو بالصورة الفوتوغرافية الوثائقية التي التقطت من مئذنة الجامع الأموي وما جاوره من الأسواق و المشيدات باتجاه الجنوب في مطلع القرن العشرين و يظهر فيه سطح الخان الشمالي بدون قباب .



وكان يضم مجموعتين من المخازن ويتوسطهما مكان العمود الضخم حين كان حاملاً لأساس عقود حجرية مما يدل على أنه كان يحمل أعصاب قبتين كبيرتين كانتا تغطيان باحة المجمع الشمالي ، وقد اندرستا ، و إندرس العمود ، ولم يتم إعادة بنائهما أو ترميم ما تبقى من الأعصاب .أما البناء الثاني أي ( المجمع الجنوبي ) فتبدو قبتي الخان المتجاورتين واحدة باتجاه الغرب و الثانية باتجاه الشرق واضحتين بنفس الصورة الفوتوغرافية الوثائقية التي التقطت في مطلع القرن العشرين.



جرى توثيق الخان بالنص والصورة والخارطة عام 2006 ضمن المباني الأثرية العالمية في مدينة دمشق تحت اسم خان العمود برقم ـ 716 ـ في مجلد مجتمع وعمارة مدينة دمشق العثمانية بالقرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين للباحث شتيفان فيبر من جامعة برلين الحرة بألمانيا بحث لنيل درجة الدكتوراه فقال :
ورد عن وجود مرحلتين متعاقبتين على مراحل بناء الخان ، بدأت الأولى بنهاية القرن الثامن عشر/ بداية القرن التاسع عشر ، والثانية ببدايات القرن العشرين ، وعودا الى التجديديات الواسعة والشاملة التي انتشرت بتلك الحقبة وطالت سوق البزورية ، فإن هذه التجديدات برزت بقوة لتطال خان العمود الموجود وسط هذا السوق أيضا .



ففي نهاية الطرف الشرقي للخان يوجد إنشاءات وتشييدات تعود الى القرن التاسع عشر ، ويوجد بناء مغطى يعود الى القرن العشرين ، أما الواجهة الجنوبية و الغربية للطابق الأرضي فهي مبنية من البازلت الصرف .



بالنسبة للبناء الداخلي للخان حسب ما ذكره العلبي انه تم بناء قسم منه بأمر من ولي الدين ابن الفرفور عام 895 للهجرة الموافق [S]1490 [/S]للميلاد ، أما القسم الثاني للبناء الداخلي فبناه الوالي العثماني إسماعيل باشا العظم وجدد معظم أركانه ، وأضاف إليه أربعة قباب ، فالجدار الشرقي وأجزاء من الجدار الشمالي وكذلك تصميم هيكلة المبنى وربما تعود إلى فترة بناء ابن الفرفور منذ أوائل القرن السادس عشر .



أما باقي بناء الخان فمن المحتمل أن تكون من ضمن التغييرات التي أحدثها الوالي إسماعيل باشا العظم أثناء فترة ولايته على الشام بالقرن الثامن عشر من سنة 1725 الى سنة 1730 للميلاد ، وفي عام 1239 للهجرة الموافق 1824 تحول من خان الى وقف من أوقاف الشهابي أحمد الفرفور و تصرف في خمسة و سبعون غرفة منه . انتهى



الخان اليوم مؤلف من طبقتين ، ويحوي مخازن مختلفة موزعة على باحتي الخان ، ويصل بين البنائين دهليز ويوجد مستودعات للسكاكر و الحلويات والصابون و المنظفات والأدوات المنزلية البلاستيكية .


إعداد : عماد الأرمشي
باحث تاريخي بالدراسات العربية والإسلامية لمدينة دمشق


المراجع :

ـ طبوغرافية دمشق عام 1854 / الباحث التاريخي النمساوي ألفريد فون كريمر
ـ خطط دمشق دراسة تاريخية شاملة / د . أكرم حسن العلبي 1989
ـ روائع التراث في دمشق / د. عبد القادر الريحاوي
ـ نشرة وزارة السياحة السورية / خانات دمشق
ـ الآثار الإسلامية في مدينه دمشق / تأليف كارل ولتسينجر و كارل واتسينجر، تعريب عن الألمانية قاسم طوير، تعليق الدكتور عبد القادر الريحاوي
- Damaskus: die islamische Stadt / Carl Watzinger & Karl Wulzinger
ـ العمارة والمجتمع العثماني في مدينة دمشق بالقرنين التاسع عشر و العشرين الميلاديين للباحثين ويبر و ستيفان الموجود في جامعة برلين بألمانيا
Stadt, Architektur und Gesellschaft des osmanischen Damaskus im 19. und frühen 20. Jahrhundert - Weber, Stefan, Universitat Berlin.