منتديات وهج الذكرى

منتديات وهج الذكرى (https://www.wahjj.com/vb/index.php)
-   المقال والقصه القصيره بقلم عضو سبق نشرهم (https://www.wahjj.com/vb/forumdisplay.php?f=172)
-   -   " المجاملة " (https://www.wahjj.com/vb/showthread.php?t=43338)

مُهاجر 08-23-2022 12:54 PM

" المجاملة "
 
قال :
هل سيخلو العالم من المجاملات يوما ما ، أم أننا سنظل نعيش مطبلين مجاملين للأبد .
أثبت التاريخُ أن الكل يلجأُ لدرء الشر عن نفسه وجلب المنافع والخيرات بمجاملته من لديه منفعته وفي قلمه خفضه أو رفعه أي كأنه حركات التشكيل نراها رافعة تارة
وخافضة وناصبة تارة أخرى فيا ليتنا لم ننسَ أن الكسرةَ في الممنوع من الصرف لا يفرق إلا الحاذق بينها في حالتي النصب والخفض
بل ليتنا لم نتناسَ أن الحقَّ سبحانه وتعالى هو الرافع الخافض وهاتان الصفتان وما شابههما من السنة قراءتهما معا كالمعز والمذل.

قلتُ أن التاريخ أثبت ذلك؛ لأتساءل بعدها ما الدوافع التي تجعل بعضنا مطبلا مجاملا اجتماعيا أيضا أمام شخص لا يملك نفعنا ولا ضرنا أبدا.
يعجبني بيت أحمد شوقي الذي قيل أن راقصة تابت فورَ سماعه : خدعوها بقولهم حسناء * والغواني يغرهن الثناء ، نعم غر بعض من يرين أنفسهن مغردات
أو مثقفات أو كاتبات أو جميلات تكالب بعضُ الشباب عليهم في مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات كما غرَّ بعض الشباب حسن صورهم وجمالهم وتطبيل أصدقائهم
بما يمتلكونه من مميزات أو سيارات أو مقلمة أظافر ؛ فين هذا وذلك اختلط الحابل بالنابل وتبدلت المفاهيم
وماتت القيم وصار الجميع يتغنون متباكين على اللبن المسكوب ((وابكِ المنازل بعد الظاعنين دما..إن لم ترَ الدمع يقضي عنك ما وجبا)).
والنتيجة؛رأينا أنفسنا مظلومين بنفس العين التي يرانا الطرف الآخر بها بأننا ظالمين. حتى لا تتوقف عجلة الحياة عند منعطف خير ،
وتنتحر الآمال عند مصارع الحقيقة التي ندركها متأخرين ولم يبقَ في البرواز إلا بلورا مهشما مكسورا.,وقبل أن أختم أذكر قصة قرأتها أن شخصا سألوه عن صديقه في مسألة زواج فقال :
لا أعرفه ، لم أصحبه في سفر ولم أجربه في خطر أي أمر يثبت باطنه ومواقفه .والآن أطرح بين يديكم موضوعي هذا:

1- هل ترى كلامي بعيدا عن الواقع أو واقعا أو شيئا مبالغا فيه، واقنعني لماذا؟
2- من وافقني أو خالفني هاتِ لي قصة تذهب بالنظرة السوداوية التي أراها حاليا أو اشرق بها علي بأمل يعيد لي ما فات؟
3- هل تؤمن أن أعضاء القروب الواحد (في الواتساب ألخ) متحابين متناصحين لا متناطحين رغم أن بعضهم ينسفنا نسفا ويذكرنا بما لم يعلق بذاكرتنا من مواقف لأننا لم نقصد به شيئا ؟
4- هل تؤمن بعبارة الناجحون يبحثون دائما عن الفرص لمساعدة الآخرين ، بينما الفاشلون يسألون ماذا سوف نستفيد نحن من ذلك؟


قلت :
في ميدان الأخوة كان من المنطق والواجب أن يكون حسن الظن هو المحافظ على أمشاج التلاقي واستمرار التواصل ،
وأن يكون استجلاب الملاطفة والتحفيز هو وقود العطاء واستمطار المحبة والاخاء ،

وما نعيش واقعه في عالم التواصل وذاك التجانس والتداخل والتشابك يحتم علينا :
التحري
و
الدقة
و
الحرص

على مراعاة المنطوق والمكتوب ، كي لا يَفرط منا "حرف طائش" غير مقصود ،
ليُحطم ويهدم قواعد البنيان لتلك الصداقة والتعارف ، لنكون بذلك رهيني الأحزان والهموم والغموم ،

ما نلمسه هو ذاك الاحساس المرهف المبالغ فيه _ في غالب الأحيان _
والذي هو موهن لكل علاقة ، حتى يكاد من ضعفه ووهنه أن يكون أوهن من خيط العنكبوت !
بحيث يجعل من الصداقة والأخوة قائمة على " جُرفٍ هارٍ" يكاد أن ينقض ويسقط على رؤوس المتوادين !

من هنا :
لابد أن يكون لذاك الخطر من طوق نجاة ومن تسوير ووسائل وقاية للحفاظ على مشعل الأخوة ،
ومن ذلك تلكم " المجاملة " التي تطفي نار الفرقة وتُجلي من القلب الشُقة ،

ولا أعني بذلك أن نجعل من نخالل ونوادد يهيم بوجهه في الخطأ !
ونحن نصفق له ونهتف على الأثر! فهناك من الأمور ما نداري بها وما نقي أنفسنا بها الشر إذا ما تجاوزنا الأخوة والصداقة من ذلك الحد ،
ففي الحياة نواجه الكثير من صنوف البشر الذين يتمايزون في مشاربهم وأخلاقهم وأحوالهم ، فكان لزاما أن يكون منا لذاك ومن ذاك على حذر .


تفكرت في فعل النبي _ علية الصلاة والسلام _ الذي جاء في هذا الحديث المروي عنه :

عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ, أَنَّ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ :

((اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, فَقَالَ: ائْذَنُوا لَهُ بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ أَوْ ابْنُ الْعَشِيرَةِ,
فَلَمَّا دَخَلَ : أَلَانَ لَهُ الْكَلَامَ, قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, قُلْتَ الَّذِي قُلْتَ, ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الْكَلَامَ,
قَالَ :
أَيْ عَائِشَةُ: إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ)) .

إنسان شرير بطاش لا يرحم، فإذا داريته تلطفت معه ،
بششت في وجهه من أجل أن تدفع شره, فهذا من المداراة .

ولا يعني هذا هو الموافقة والمسايرة لظلمه وإعانته عليه .
( ادْفَعْ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) .

المُدَارِي ( وهو المُجَامِلُ أيضا ) فلا يُضمِرُ الشر لأحد ، ولا يسعى في أذية أحد في ظاهر ولا في باطن ،
ولكنه قد يظهر المحبة والمودة والبِشر وحسن المعاملة ليتألف قلب صاحب الخلق السيء ،
أو ليدفع أذاه عنه وعن غيره من الناس ، ولكن دون أن يوافقه على باطله ،
أو يعاونَه عليه بالقول أو بالفعل .

وهو عكس النفاق :
إذا أُطلق لفظ النفاق فإنه يستوحي معانيَ الشر كلها ،
ولم يكن النفاق يوما محمودا ولو من وجه ما ،
ويعرِّفُه علماء السلوك بأنه إظهار الخير للتوصل إلى الشر المضمر .

فالمنافق لا يبتغي الخير أبدا ، وإنما يسعى للإضرار بالناس وخيانتهم وجلب الشر لهم ،
ويتوصل إلى ذلك بإظهار الخير والصلاح ، ويلبَسُ لَبوس الحب والمودة .

هناك خيط رفيع بين " النفاق والمجاملة " وإن كان ذاك الخيط يحوي بين ضفتيه
معانٍ عظيمة تجعل ما بين المصطلحين بوناً سحيقاً ،

وما عنيته ما بين هذا وذاك لكون البعض من الناس يرى بمنظوره ،
ولعل وقوده في ذاك الذي استقر في قلبه وفكره من معطيات تضافرت
ليكون الاستنتاج والنتيجة من خلال ذاك ،

من هنا :
كان لزاما علينا دراسة الوضع قبل الحكم _ أتحدث بشكل عام _
من أجل التفريق بين هذا وذاك .


تلكم المجاملة في نظري هي طب القلوب ومسكنة لما في القلب يمور ،
وإن كان في المقابل نُراعي " الكم والكيف " وظرفي " الزمان والمكان " ،
كي لا يزيد الأمر ,ويتجاوز بذلك حده " لينقلب ضده " !

ولا أنكر _ رأي شخصي _ أن يدخل في تلكم " المجاملة " هدف ومصلحة آنية
تخرج عن سياق الصداقة والأخوة حين تتحول لمشروع دنيوي دني ،
وفي أثناء ذلك يخرج الأمر عن معنى المجاملة الحميدة المحمودة ،

لتصل وتتصل بأطراف النفاق الذي من ضمن معناه هو :
" إضمار الشر وإطهار الخير من أجل الشر " !

، لا أن تكون السريرة صافية ،
ومن تلكم المجاملة والمداراة استقطاب البعيد ،
وارجاعه لحوزة الصراط المستقيم .


وما على الواحد منا أن يكون نسيج نفسه ،
وأن يكون هو المحرك وهو الباعث لكل خير .

وتبقى الناس أجناس وخليط يحوي ويحتوي على :
الصالح والطالح ،
والوفي والخائن ،
والمنافق والموادد

الذي يسعي لتقريب البعيد ،
وزرع الخير ،
ووأد الشر وقلع :

الشقاق
و
الجفاء
و
الهجر .


مُهاجر


وارفة البيان 08-23-2022 01:04 PM

رد: " المجاملة "
 
ياباهر
اي جمال منطق وثقافة يحملها قلمك
سأعود وكلنا يجب ان نعود

وارفة البيان 08-23-2022 03:06 PM

رد: " المجاملة "
 
وأما المجاملة إذا كانت صادقه فهي ود ورغبة في رضا وعناق قلوب
وإذا كانت كاذبه فهي نفاق وزيف يفضي لتشويه الحقيقه
أحيانا يقحمونك في مجموعة لا تشبه من فيها بشي
وحدث معي هذا
لم اتحدث بشي هناك منذ اضافوني
واحياناً ارى احداهن تضع صورة رمزيه لها وهي لا تشبهها من بعيد ولا من قريب فتنهال الاعجابات عليها وترى كاذب يقول مااجملك او جميلة مثلك
الصادقون لا يتجملون ولا يجاملون إلا من احبوهم وأيقنوا إنها حق لهم
اثريت مقالك بحرفٍ جميل وفكرة هادفه يامهاجر

اميرة الحب 08-23-2022 05:26 PM

رد: " المجاملة "
 
مهاجر
قلم مميز وفكر هادف
سلمت أناملك ويعطيك العافية
مع ارق تحية
لقبك الفرح
كنت هنا اميرة الحب

http://www10.0zz0.com/2022/08/01/17/405988173.gif

ناطق العبيدي 08-23-2022 07:40 PM

رد: " المجاملة "
 
موضوع في قمة الروعه
لطالما كانت مواضيعك متميزة
لا عدمنا التميز و روعة الاختيار
دمت لنا ودام تالقك الدائم

النورس 08-23-2022 09:08 PM

رد: " المجاملة "
 
مرحبا مهاجر
هل سيخلو العالم من المجاملات يوما ما ، أم أننا سنظل نعيش مطبلين مجاملين للأبد .
أثبت التاريخُ أن الكل يلجأُ لدرء الشر عن نفسه وجلب المنافع والخيرات بمجاملته..
وهاأنت قلت (أثبت التاريخ) اذن المجاملات بكل ألوانها موجودة منذ، بدء الخليقة والى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
لكن... هناك نوعان من المجاملات.. وربما أكثر.. هناك المجاملات الودية والمطلوبة بل والمفروضة كما فى التهانى والعزاء، والمناسبات...وهى مجاملات محمودة.
هناك نوع ثان من المجاملات وهو نوع ذميم ورخيص، وهو المجاملات التى تفرضها الشللية والقبلية والعشائرية والمواطنة،، وهى منتشرة فى مواقع العمل ومنصات التواصل والمنتديات والملتقيات والمجلات الالكترونية،، وهى مجاملات تحكمها مصالح ورغبات وانتصار لصحبة أو معرفة أو قرابة أو صلات ما ومصالح ما.
والمجاملات تبدأ من محيط العائلة الى الشارع والمنطقة والبلد..
وتجد المجاملات الرخيصة هى الأكثر فى مجال التواصل عبر العالم الافتراضى.
والموضوع فى حاجة الى دراسات متخصصة واحصائيات موثقة لتثبت أن المجاملات آفة لايمكن القضاء عليها،، وتثبت أن المجاملات الذميمة هى وليدة تشوهات متعلقة بالنشأة والتربية وأمور، أخرى... وقد يكون لى عودة باذن الله لاضافة خواطر عن هذا الموضوع.
تحبتى وتقديرى

الشاعرة سهام ماجد 08-24-2022 02:52 AM

رد: " المجاملة "
 
أخي الفاضل
المهـاجـــر
موضوع رائــــع وفيــــم
سعدت لتواجدي هنا
بين أروع الكلمات وأنقاها
فالمجاملة شيء محبب ومطلوب
بكل المجالات الحياتية
ولكن إن زاد عن حده
تحول إلى نفاق
عافانا الله وإياكم
بارك الله فيكم ولكم
ولا حرمنا
موضوعاتكم الهادفة
كنت هناا
سهــ ماجد ــام





نجـ سهيل ـم 08-24-2022 09:24 AM

رد: " المجاملة "
 
تم نقله الى ماسبق نشره

الصقر 08-24-2022 11:15 AM

رد: " المجاملة "
 
موضوع رآئع جداً وهادف سلمت على طرحه
نعم هناك فرق بين المجاملة والنفاق
شرحت واوصلت المعنى بشرح وافي وادلة
موضوع راق لي جداً جداً سلمت على طرحه وتبيان اهداف المجاملة والفرق بينها وبين النفاق
سلم فكرك وقلمك اخوي مهاجر على طرح هذا الموضوع القيم
اسجل اعجابي الكبير وتقييمي لهذا الموضوع
دمت بألف خير

روح الأمل 08-25-2022 03:28 AM

رد: " المجاملة "
 
فرق شاسع بين المجاملة والنفاق عندما نجامل فإننا نحاول كسب ود
اما النفاق فهي كذب ورفع من لا يستحق
يعطيك العافية اخي موضوع جميل
بانتظار جديدك دائما


الساعة الآن 03:21 PM بتوقيت الرياض

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون