عرض مشاركة واحدة
قديم 09-21-2012   #2


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي



الفصل الثاني
الحلم

في العام 1982 كانت تستعد لدخول امتحانات الثانوية العلمية ولديها هدف واحد لا ترى غيره ... العمل في مؤسسة صناعية كمهندسة
مختبر،ومع انه لا مجال للفتيات للعمل في هذا الحقل الصناعي سواء أكان في استيعاب المجتمع وتقبله او في المقررات الجامعية
حيث إن جامعة قطر تركز على تخريج المدرسات فقط من الفتيات ، وكان من المستحيل ابتعاثها في هذا التخصص للدراسة بالخارج
من قبل البعثات التي لا تعترف به كتخصص للمرأة كعلم أو كوظبفة حيث لا توجد وظائف في البلاد في هذا المجال اساسا للنساء ..!!
وحتى لو شجعتها الدولة فإن اهلها في تلك الفترة لا يستوعبون دراسة البنت بالخارج ومعناه بل يعتقدون إن عملها بحد ذاته شيئا
جديدا عليهم بعد أن ظل مكان المرأة البيت لقرون طويلة توارثوا إرثها من تقاليدهم ومعتقداتهم.بل إنها لو كانت اصغر بسنتين
واخوها اكبر بسنتين .. أي لو تبادلت الأدوار معه لأستطاعت الإلتحاق بجامعة القاهرة كمرافقة له .. حيث سافر شقيقها الأصغر
للدراسة بالخارج في العام 1984 ولكن على الرغم من كل تلك الإحباطات إلا إنها ليست من النوع الذي يرضى بالظروف
لكي تحدد مساره او يذعن لها دون محاربة على الأقل ..!!لم تشكل لها هذه الظروف عائقا او تفكيرا بل كانت تسير بتصميم
واثق في طريقها غير عابئة بكل المعطيات الموجودة حولها.الم يقل لها مدرسها في معهد اللغة بأمريكا بعدها بسنوات
عديدة بعد تخرجها من جامعة قطر وتوظفها ومرورها بتلك النكسة وذهابها أو هروبها لدفن أو مواساة نفسها في امريكا:
إنك واضحة وتعرفين ما تريدين ، ولا تفعلين إلا الشي المقتنعة به ، ولا يمكن ان يجبرك احد على فعل شيء أنت غير راضية
عنه ، ولا ان يبدر منك سلوك او تعبير لا ترغبين فيه ..!! اذهلها قوله بشكل كبير لإنه لم يمضي على كونه احد اساتذتها إلا وقت
قصير ، ولم يكن هو بالشخصية المتأملة المفكرة على حد تقييمها له ، ولكن هل هو تفكيرها الواضح واسلوبها المحدد في التعبير
حيث كان مدرسها في مادة الإنشاء ، ام هو الإنطباع العام عنها من خلال المدرسين الآخرين حيث انهم يقيمون الطلبة الأجانب
ويدرسونهم من خلال اجتماعتهم وجلساتهم .. ولكنها بالفعل كانت خاصية بها تجعل حياتها كقطار يعرف مسار رحلته الطويلة ويعبها
بثقة واقتدار،لقد دخلت جامعة قطر مع علمها بأن المقررات مهيأة لتخريج المدرسات لا المهندسات ..!!
ولكن لم يكن هذا يشكل عائقا لهدفها المرسوم ولم يثنها عن التفوق والحلم بتحقيق ما تصبو اليه ولن ترضى بغيره.
ولم تكن طالبة عادية ولم تكن افكارها وحماسها والجو الذي تشيعه حولها خافيا.كان وجودها يجعل للأشياء معناها وللظواهر
دلائلها واسماءها.،اليست هذه المرحلة هي اجمل وانقى سنوات العمر ..؟؟ ملت منها ادارة الجامعة وهي تطرح موضوع افتتاح كلية لتدريس
التخصصات الهندسية للفتيات ، ورفض مسؤولوها دعواها وعرائضها التي نجحت في استقطاب مجموعة من الطالبات لتبنيها
والتحمس للأفكار المعروضة فيها للأستفادة من الموارد الطبيعية وإعادة خلقها في البلاد وذلك بالعمل على خلق القاعدة
التنموية لها ، ولن يتأتى ذلك إلا بالإستفادة من جميع الكوادر الوطنية المتعلمة ومعظمها من الفتيات ..!!
وتوضيح مدى تأثير النظرة الضيقة الآنية على تحجيم الإقتصاد الوطني بتعطيل استخدام وتأهيل نصف المجتمع او بصورة
استقرائية اوضح تزايد معظم اعداد الطلبة الجامعيين اللاتي تمثلهن الإناث من حجم العدد الطلابي ، وإن انسيابهن في قطاع
التربية والتعليم وحده سيشكل فائضا رهيبا لا نلمسه اليوم في بداية الثمانينات ولكنه سيطرح مشكلة مستقبلية في
العشرين سنة القادمة وما بعدها ،ولكن يبدو إن الناس في تلك الفترة يعيشون اليوم بيومه ولا يفكرون بالمستقبل ولا يتخيلونه
ولا يستطيعون التنبؤ بالقادم.فلم يخططوا للسنوات المقبلة وتركوا الأحداث تصنع نفسها ..!!ولم تكن الجامعة ولو إنها معقل
التفكير العلمي والإعداد للمستقبل بمعزل عن بقية المؤسسات الأخرى في الدولة ، وكانت الروح العامة المسيطرة
على البلاد كلها تؤمن بترك الأمور بيد القدر والتصرف حسب ما تفرضه الظروف وليس المساهمة بصنعها،لذلك
كرهها البعض منهم لإنها تذكرهم بعدم استعداد الجامعة لدخول هذا المعترك بتاتا ولعدم قدرتهم على تحقيق هذه الخطوة سواء
على المستوى العلمي أو على المستوى الإجتماعي لذلك اعتبروا الموضوع منتهيا بالنسبة لهم ، ولا مجال لطرحه بالدرجة
الأولى حتى تتم مناقشته بالدرجة الثانية.اما البعض الآخر فقد اعتبرها حركة طفولية ساذجة من طالبات متحمسات تنقصهن الخبرة
والدراية بالحياة ، وهي مجرد تنفيس انفعالي يحتمه حماسهن واندفاعهن في هذه المرحلة المتدفقة من عمرهن ، بينما استغله
آخرون كنوع من الدعابة والتنغيص على ادارة الجامعة والتذكير بمحدوديتها وقصورها وعدم اكتمال قدراتها
و استعماله كسلاح لمهاجمتها لأسباب شخصية تتعلق بهم ..!! وكذلك الطالبات انقسمن حولها ..
فبينما لم يعر البعض منهن حركتها الإهتمام المطلوب وتجاهلنها بارتياب مترفع الإ إنها استطاعت شحن
مجموعة متحمسة منهن ساندنها في نشاطها وحملت تواقيعهن عرائضها .
أما هي فقد كانت ترى المطالب المطروحة من افق مستقبلي واعد يمهد البذرة الخصبة للنهوض بمستقبل البلاد وقدراتها.
كان بالنسبة اليها يتعدى كونه مطلبا شخصيا يبلور مستقبلها كله لإنها لا ترى نفسها إلآ بهذه الصورة .. مهندسة تساهم في
التنمية الصناعية لبلدها، لذلك ولدى السنة الدراسية الثالثة توجهت الى المؤسسة الصناعية الكبرى في البلاد بمطالبها مع
زميلاتها اللاتي تعلقن بفكرتها وآمن بها لتقبل توظيفهن بها قد اصبح بعضهن في السنة الأخيرة من سنواتهن الدراسية
المفعمة بالحماس والتثوير، حاملين مطالبهن الداعية الى الموافقة على طلب الحاقهن بالخدمة فيها وإعدادهن وتأهليهن
وذللك بعقد دورات داخلية لصهر معلوماتهن الدراسية بالواقع العملي لهذه المؤسسة.وأيضا التأثير على إدارة الجامعة بطلب العمل على
فتح كليات لإعداد المهندسات لا المزيد من المدرسات والنظر الى احتياج البلاد لا الإنقياد الى العادات والتقاليد والسائد والمألوف.
لم يكن حال المؤسسة بأفضل من الجامعة ..!! فقد كانت الأسوأ من حيث تخلف الموظفين وسلبيتهم المقيتة واضمحلال
حسهم التطويري ..!! كأنها كانت تدخل محيط حظيرة مليئة بشتى انواع المخلوقات دون تمحيص ..!!
يختلط الحابل بالنابل ..!! الجيد بأسوأ خلق اللة سواء من حيث الكفاءة او المقومات الخلقية ..!! افواج من البشر
قد اختلطوا بالمكان دون وجود خطة عمل او هيكلية وظيفية او اهداف انتاجية ..!! بل لم يحاول الموظفون عرض
مطالبهن واقتراحاتهن المكتوبة كأضعف الأيمان على مجلس الإدارة ولو على سبيل العلم والتندر ..!!
كان ذلك صعبا عليها ، الإزدراء والتهميش وعدم تقدير مساعيهن بما تحمله من نبض مشاعرهن وتلخيص لطموحاتهن.
وبعد أن ايقنت إن مطالبهن كان مصيرها سلة المهملات بدون اعتذار أو تمويه أو مجاملة
حشدت الطالبات محرضة اياهن للدفاع عن قضيتهن ، واعتبرت بأن رضاءهن بالواقع ليس خيارا بقدر ما هو هزيمة ، ومن
يبدأ حياته بتقبل الهزائم فإنه لن ينجح ابدا في صنع خياره والدفاع عن معتقداته،وكان الوقت مناسبا عندما اخبرتها إحدى
الطالبات عن طريق زوجها الموظف هناك بأن اجتماعا استثنائيا سيعقد لمجلس الإدارة لمناقشة بعض الأمور الطارئة كانت الطالبات
يريدون مقابلة الشخصيات الكبيرة في المؤسسة واخبرتهم احدى الطالبات عن طريق احد معارفها بوجود اجتماع اليوم وهكذا قرروا
القدوم وليس لديهم فكرة عن شكل هذا الإجتماع وظروفه والمسئولين المشاركين فيه،وقلما بل إنه كان من النادر ان يحدث اجتماع
في هذه المؤسسة الصناعية لإنها كانت تدير امورها بأسلوب المجالس.فقد كان من المعروف ان تناقش الأمور بشكل عشوائي
وحسب تواجد الأشخاص اليومي في مكتب الوزير كضيوف وليسوا كمسئولين عليهم رفع التقرير المكتوبة لا الملاحظات الشفهية
لذلك كان يوما مشهودا عندما اقتحمت مع الطالبات اجتماع مجلس الإدارة في هذه المؤسسة الصناعية المحتكرة من قبل الرجال
الذين كانوا يعتبرون المرأة المواطنة عورة ويجب ألا تكلم الرجال إلا من وراء حجاب وإن تتغطى بطرحة سوداء تغطيها من رأسها الى
رجليها ولم يكن ذلك بناء على تدين أو منطلق عقائدي لإنهم يستقبلون المراجعات الإجنبيات الحسر ويستخدمون الوافدات المكشوفات
الوجه والشعر كسكرتيرات .. بل إنها النعرة الإجتماعية .. كيف تجرؤ ابنة عائلة من قبيلة معروفة بالظهور علنا والعمل مع الرجال .؟؟
حتى ولو غطت رأسها وربما وجهها.إن وجودها نفسه شبهة ومنكر ..؟؟؟ وأين تتواجد .. في مؤسسة محتكرة على الرجال ..؟؟
لا بد إن هناك خلل ما وتدخل سافر وانتهاك واضح وربما قلة تفكير وهرج ..!!لذلك عندما وصلت الطالبات الى مكان الإجتماع
وطلبن الدخول لتوضيح مطلبهن بشكل ودي وتعريفي لكسب الأرراء المؤيدة لهن والإجابة عن اية تساؤلات قد تطرح او تحتاج
الى توضيح وإجابة تفاجئن بأن دهشة الموظفين وتعجبهم قد تحولت الى عدوانية سافرة تبناها بعض المدراء الذين خرجوا
من الإجتماع وطلبوا من الفتيات الخروج ومغادرة المؤسسة بفضاضة .
ومع إن الشرر كان يتطاير من بعض العيون والإستياء من قبل الآخرين .. عندما علموا بأنهن طالبات يتجرأن على التقاليد
ويطلبن مزاحمتهم للعمل في المؤسسة إلا إن سارة داست على نفسها وطلبت القاء كلمتهن ومناقشة مطالبهن على الأقل ليفرغوا
ما بداخلهن ويدافعن عن كيانهن ووجودهن ومن الظلم تجاهلهن وازدراءهن.كان منظر بعض المسئولين مخيفا عندما
اعترضوا طريقهن وقاموا بطردهن بعدوانية سافرة واسلوب همجي يفتقد للحضارة والرقي ..!!.وحده سلطان .. سعادة الوزير
شخصيا الذي كان يرأس اجتماع مجلس الإدارة الذي اجتمع بالصدفة يومها اشار اليهم بالصمت لتوضيح ما يجري،كان باب
غرفة الإجتماعات مفتوحا عندما اختلط صراخ احد المدراء بأصوات الطالبات المفجوعات والمستهجنات للمعاملة الخالية
من الذوق التي استقبلن بها دون ان يمنحهن احدا فرصة للتعبير عما جاؤوا من اجله.وقد كانت الكلمة الفصل للوزير
الذي لم يشأ ان يمر هذا الموقف الشجاع لهؤلاء الطالبات بخيبة امل فظيعة لهن وطلب من الموجودين دعوتهم للدخول لغرفة
الإجتماع لمعرفة ما يريدون ،لم يعجب الحاضرين مزاج سلطان الرائق الذي يجد فرصة لسمع لغو طالبات ضمن لجة اجتماع
يقلق البعض من سبب عقده المفاجئ وما يحمل من تداعيات قد تضر بموقف ومصالحهم،كرر سلطان رفع يده وقال بإبتسامة مرحبة
عريضة ..دعوهن يتكلمن ..!!بعد ان احتدمت عصبية موظفيه بأصوات الفتيات الغاضبة .

يتبع بإذن الله








 
 توقيع :
قال تعالى {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً }النجم28

دائما النية الطيبة لاتجلب معها إلا المفاجآت الجميلة
لاتغيروا أساليبكم فقط غيروا نياتكم فعلى نياتكم ترزقون



رد مع اقتباس