عرض مشاركة واحدة
قديم 10-27-2020   #9


الصورة الرمزية الصقر
الصقر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2086
 تاريخ التسجيل :  Feb 2016
 أخر زيارة : منذ يوم مضى (11:49 AM)
 المشاركات : 29,300 [ + ]
 التقييم :  11111807
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
لوني المفضل : Aqua
شكراً: 2,980
تم شكره 2,083 مرة في 1,571 مشاركة

اوسمتي

افتراضي



# قصة أصحاب الكهف :

قال الله تعالى: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ۝ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا [الكهف: 9-10]،
وهذا النبأ العجيب الذي قصه الله  علينا في هذه السورة الكريمة في نصف القرآن الكريم، هذه السورة التي من قرأ فواتحها على المسيح الدجال عصم من شره، وذلك لما فيها من هذا النبأ الذي أخبرنا الله به.

الإلتجاء إلى الله:
إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ [الكهف: 10]، إنهم شباب صغار، فتية في ريعان الشباب، يجئرون إلى الله بالدعاء، أن يهيئ لهم من أمرهم رشدًا، أن يثبتهم ويحفظهم من الشر، وأن ييسر لهم كل سبيل يوصل إلى الخير، ويوصد عنهم كل طريق يأتي منه الشر، وفي هذا مشروعية الدعاء، في حال المحنة والفتنة العبد يلجأ إلى الله،فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا [الأنعام: 43].
وحال هؤلاء الفتية الذين فروا ولجوا إلى الله  يقولون: رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا [الكهف: 10]، فجمعوا بين الفرار من الفتنة وبين التضرع، وسؤال الله أن ييسر أمورهم، إنهم لم يتكلوا على أنفسهم بل اتكلوا على ربهم ، وكان النبي ﷺ عندما اشتد به الأمر يقول: اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك [رواه البخاري: 2915].
اللهم انجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد في الأرض [رواه مسلم: 1763]، وبالغ في الابتهال حتى سقط رداؤه عن منكبيه ﷺ، وكذلك موسى  لما اشتدت عليه الأمر، فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ۝ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ[الشعراء: 61-62].
إبراهيم  لما جاءت اللحظة الحرجة، وألقي في النار قال: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [آل عمران: 173]، هذه الكلمة التي قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها أصحاب محمد ﷺ حينما قيل لهم: إِنَّ النَّاسَ [آل عمران: 173]، أي: الكفار قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ [آل عمران: 173]، وسيعيدون الكرة عليكم بعد الهزيمة التي صارت في أحد، ويستأصلونكم.
لماذا يلجأ المؤمنون إلى الله في الشدة؟
لأنه هو كاشف الضر ، وإذا كان الله هو الذي يملك الخير، ويكشف الضر، ويجلب النفع، لا يفعل ذلك إلا الله، فلما لا يلتجئ العباد إليه في أوقات الشدة.

الفرار بالدين:
فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا [الكهف:10].
إذًا هؤلاء فتية كانوا في بلد -أهل البلد على الشرك، بالقوة يحملون عليه حملاً- هداهم الله إلى التوحيد واحدًا بعد واحد، ما كانوا في عائلة واحدة، وإنما تعرف بعضهم إلى بعض، ما الذي جمعهم؟ التوحيد.
هؤلاء الفتية الذين اجتمعوا على الخير، واجتمعوا على الحق، هؤلاء لما رأوا اضطهاد قومهم، وأنهم سيحملونهم على الشرك بالقوة آثروا الفرار بدينهم، إن ترك البلد صعب، إن هجرة الوطن صعبة، إن مفارقة الأهل عسيرة، ولكن الله  ييسر على أهل الحق عندما يهاجرون ابتغاء وجهه، والذي عمله هؤلاء الفتية في الحقيقة هو نوع من الهجرة، لأنهم تركوا وطنهم لله، فارقوا بلدهم لله، تركوا أهلهم لله، وخرجوا اجتمعوا في ذلك المكان، والله  جعل قصتهم عبرة، وجعلها ممتدة موجودة في الأجيال، حتى سأل اليهود رسول الله ﷺ عن فتية كانوا في الزمن الغبار ما نبأهم؟ ما خبرهم؟ وما الذي جمعهم؟
الحق التوحيد الدين، هؤلاء القوم أرواح مجندة تعارفت فتآلفت، نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ [الكهف: 13]، وصفهم بالفتوة، قال أهل العربية: رأس الفتوة الإيمان، ما معنى رأس الفتوة الإيمان؟ إن كلمة فتية من جموع القلة في اللغة العربية، وجموع القلة يعني: أقل من عشرة، قال : إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ، وفتية من صيغ جموع القلة، إنهم دون العشرة، وسيأتي في التحقيق أنهم سبعة، وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا[الكهف: 10].
فالله ثبتهم، والله صبرهم، والله هداهم ودلهم على الحق والحقيقة، فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، فهو الذي خلقنا، ورزقنا، ودبرنا، وربانا، ليست الأوثان، ولا الأصنام، لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا لو قلنا بمثل ما يقول قومنا لبعدنا عن الصواب، صارت القضية شطط، إن أصحاب الفطرة السليمة يستدلون بتوحيد الربوبية على توحيد الألوهية، ما دام الرب هو الخالق الرازق إذًا هو الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له، هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً [الكهف: 15].
يشكون إلى الله أمر قومهم المشركين، اتخذوا آلهة من دون الله بدون دليل، لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ [الكهف: 15] أين الدليل على أن هذه الأصنام آلهة؟ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ ۝ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ [الشعراء: 72-73]، ما هو الحل إذًا إذا أطبقت الجاهلية على البلد، وصار الجميع على الباطل، ولم تنفع النصيحة، ولم تفد الدعوة، ولا يلد إلا فاجرا كفارًا؟ ما هو الحل؟ وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ [الكهف: 16].
نحن نخشى على أنفسنا من قومنا، وقومنا لا يستجيبون، فما هو الحل؟ لو بقينا معهم فتنونا عن ديننا عذبونا، وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ [الكهف: 16]، الهجرة ترك البلد وما يعبدون، وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ [الكهف: 16]، فإنه معكم وأنتم معه تعبدونه، فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ [الكهف: 16].
إذًا هناك حسن ظن بالله أن الله لا يخيب من لجأ إليه، وأن الله لا يتخلى عمن آوى إليه، يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ [الكهف: 16].
هذا هو حسن الظن بالله، وعدم اليأس من رحمة الله، قال: وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا [الكهف: 16]، فهم يعتزلون أديان أهل الأرض إلا عبادة الله، وهم يتبرؤون من كل إله سوى الله، ويستشعرون معية الله للمؤمنين، ويدعون ربهم رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا [الكهف: 10].

عناية الله بهم في الكهف:
لما دخلوا إلى الكهف ليختبئوا فيه، ويأْوُوا إليه، والإنسان يحتاج إلى مأوى، ذهبوا إلى البرية فما الذي يحميهم من وحوش كاسرة، أو أعداء، أو يختبئون من قومهم؟
الحل هذا الكهف، ولكن الله  شاء أن يلقي عليهم النوم في الكهف، والله يلقي النوم على عباده للطمأنينة، كما ألقى النوم على الصحابة في بدر حتى أن ذقن أحدهم تضرب في صدره من النوم الذي نزل وغشيهم، وأصحاب الكهف ألقى الله عليهم النوم أيضاً، النوم راحة للأجساد، وطمأنينة للقلوب، ولذلك ألقى الله النوم على أصحاب الكهف، ولكن لا بدّ من حفظ بأسباب، وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ [الكهف: 17].
فهي تميل يمينًا عنهم عن الكهف، وعند غروبها تميل شمالاً لئلا ينالهم الحر مباشرة، فتفسد الأبدان، وأين كانوا؟ في فجوة منه في متسع من الكهف؛ ليطرقهم الهواء والنسيم، ويزول عنهم التأذي بالمكان الضيق مع طول المكث، والله  يحفظهم بحفظه، فيسر لهم هذا الكهف، وجعل الشمس تميل عنهم يمينًا وشمالاً لئلا ينالهم حرها مباشرة، وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ [الكهف: 17].
وهذا الحفظ صار بالنسبة لهم نومًا، وأعينهم مفتوحة لم تنطبق لئلا يسرع إليها البلا، لأنها إذا بقيت ظاهرة للهواء كان أبقى لها، ولذلك قال الله: وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ[الكهف: 18]، فالأعين مفتوحة، وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ [الكهف: 18]، فلو لم يقلبهم لأكلتهم الأرض، ولتعفنت أجسادهم، وهذا من حفظ الله لأبدان أوليائه الصالحين، الله يحفظ أولياءه، كما قال النبي ﷺ: يا غلام احفظ الله يحفظك [رواه الترمذي: 2516، وصححه الألباني صحيح الجامع: 7957].
فهؤلاء لما حفظوا الله حفظهم الله، فحفظ أبدانهم، وجعل لهم هذا الحارس على باب الكهف، وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ [الكهف: 18].
فهو جالس خارج الباب، والملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب ولا صورة [رواه البخاري: 3225، ومسلم: 2106]، ولذلك لم يكن في الداخل، وإنما كان في الخارج، فأين هذا من الذين يقلدون الكفار اليوم بإدخال الكلاب إلى بيوتهم بدون حاجة، وإنما تقليد للغرب، وربما وقفت العروس بيدها باقة الزهور، وبيدها الأخرى حبل الكلب، لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا [الكهف: 18].
ليس هذا بسبب أن شعورهم طالت جداً، أو أظفارهم طالت جداً كما يظن البعض، ولكن لأن الله ألقى عليهم هيبة، فلا يراهم أحد إلا خاف منهم، لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ [الكهف: 18 ليس لارتعبت، وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا [الكهف: 18].
إذًا هذه المهابة والخوف الذي يلقيه الله في نفس من اطلع عليهم لئلا يمسهم بسوء، لو واحد جاء وألقى عليهم نظرة لفر فرارًا، وملأ رعبًا مما جعل الله لهم من الهيبة، ويحسبهم الناظر أيقاظ، حفظهم الله  بالرعب الذي نشره في قلب من يطلع عليهم.

خروجهم من الكهف:
وشاء بعد ثلاث مائة وتسع سنين أن يبعثهم من رقدتهم الطويلة، وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ [الكهف: 19].
وهذا مما يدل على أن الله حفظ أشكالهم، لو كانت الأظافر طويلة جداً، والشعور طويلة جداً، إذًا لقالوا: نحن لبثنا عشرات السنين أو مئات السنين، لكن كانت مناظرهم طبيعية، ولذلك لما تساءلوا بينهم كم يا ترى نمنا؟ وكم لبثنا في الكهف؟ كان الجواب يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ[الكهف: 18].
إذًا هم لم يحسوا بشيء غير عادي، وهذا مبني على الظن والاشتباه، ولذلك لما ما حددوا بدقة كم ردوا الأمر إلى الله، قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ [الكهف: 19].
وهذا رد الأمر إلى الله فيما لا يعلمه الإنسان من أدب المسلم مع ربه، ومن اشتبه عليه علم ما لا يعلم رده إلى عالمه المحيط بكل شيء جملةً وتفصيلاً، وهو علام الغيوب الله ، لكن المهم ما هو الآن بعدما استيقظوا من النوم ليس المهم كم لبثوا؟
وإنما المهم العدو الذي اختفوا منه، لقد اختفوا من قومهم فاحرصوا ألا يروكم ولا يشعروا بكم إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ [الكهف: 20] ويطلعوا عليكم، يَرْجُمُوكُمْ [الكهف: 20]، ويقتلوكم، أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ [الكهف:20]، بالإكراه، وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا [الكهف: 20]، لو رجعتم في الكفر بعد إذ أن أنقذكم الله منه، لكن الله  شاء بحكمته أن يجعل الناس يعثرون عليهم ويكتشفونهم، ويعرفون قصتهم، وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ[الكهف:21]، أطلع الله الناس على حال أهل الكهف، وأراد ربنا أن ينشر فضيلتهم، أراد الله أن ينشر فضلهم، وأن يعرف الجميع حالهم، ولذلك لما شعروا بالجوع وأرادوا طعامًا أوصوا واحدًا منهم أن يذهب بهذا الورق الفضة فيشتري لهم طعامًا، ويستخفي، ويخف أمرهم خشية أن يعرف بهم القوم؛ لم يكونوا يعرفون أن قومهم قد ماتوا، وجاءت أجيال، لكن بقيت القصة موجودة في الأجيال.
فلما استيقظ القوم أهل الكهف في جيل عنده خبر ممن مضى أن هناك فتية خرجوا من البلد، واختفوا ولا يدرى ما حالهم، خرج مجموعة من الشباب من البلد، واختفوا وانقطعت أخبارهم، هذا الكلام بقي موجودًا في الجيل الذي بقي كان في وقتهم بعدما استيقظوا، قيل: إن الورق أو الدنانير والدراهم كانت تضرب مصكوكة حسب الحاكم وتاريخ ذلك الوقت، فلما ذهبوا ليشتروا بالمال الذي معهم، يفاجأ البائع أن هذه الدراهم قديمة مضروبة، هذه أثرية، هذه نقود أثرية، هذه عملات نادرة، فكان هذا الذي لفت النظر واشتهر الأمر، وانتشر الخبر هذا من المفقودين، هذا من الشباب الأولين، وتسامع الناس، وجاءوا واجتمعوا وعرفوا الخبر، فعظموهم وأكرموهم، ولما ماتوا قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ [الكهف: 21] أي أولياء الأمر في ذلك البلد، لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا [الكهف: 21].

حكم بناء المساجد على القبور:
وليس هؤلاء الحكام في ذلك الوقت من أهل الدين حتى يقال، كيف بنوا مشهد على القبر، ليسوا حجة، قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ [الكهف: 21]، يعني أهل السلطة غلبوا قرار، لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا [الكهف: 21]، سنبني مسجدًا على قبورهم، وشرع من قبلنا ليس شرعًا لنا إذا تعارض مع شرعنا، وبما أن شرعنا قد جاء بعدم جواز البناء على القبور، فحتى لو كان موجودًا في شرع من قبلنا جواز البناء على القبور فإن شرعنا قد جاء بخلافه، لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد [رواه البخاري: 1390، ومسلم: 529]، أولئك كانوا إذا كان فيهم الرجل الصالح مات بنوا على قبره مسجدًا [رواه البخاري: 427، ومسلم: 528]، قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا [الكهف: 21].

الحكمة من العثور عليهم:
لكن لماذا أعثر الله عليهم؟ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا [الكهف: 21]، وأنه مهما مات الناس، ومهما بقوا في القبور فإن الله سيبعثهم، وهذا مشهد يقرب الأمر، ناس ناموا ثلاثمائة سنة وبعثهم الله، فالذي ينام أكثر من ذلك يموت، فإن الله يبعثه، الرقدة التي في القبر يبعث الله أهلها.

عدد أهل الكهف:
كم عددهم؟ أهل الكتاب عندهم مماراة، وعندهم جدل، وعندهم نقاشات كثيرة في الموضوع، سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ [الكهف: 22].
الله  حكى ثلاثة أقوال، في اثنين منها قال: رَجْمًا بِالْغَيْبِ [الكهف: 22]، والثالث ما قال عنه: رجما بالغيب، ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنا من القليل". [فضائل الصحابة لأحمد: 1557] مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ [الكهف: 22]، كانوا سبعة وثامنهم كلبهم، لماذا لأن الله لما حكى الأقوال حكى ثلاثة أقوال فقط.
القول الأول: ثلاثة رابعهم كلبهم.
القول الثاني: خمسة وسادسهم كلبهم.
القول الثالث: سبعة وثامنهم كلبهم، في قولين منها أتبعه بأنه رجم بالغيب، كلام بغير دليل، سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ [الكهف: 22]، لا يوجد إلا ثلاثة أقوال: اثنان منها رجم بالغيب، فمعناه الثالث هو الصحيح، وعلى أية حال لو قال قائل: الآن نحن عرفنا، نقول: ولو عرفنا سيبقى الذين يعلمونهم بالنسبة للذين لا يعلمونهم قليل، مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا[الكهف: 22] يعني: خفيفًا، وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا [الكهف: 22].
إذًا أهل الكتاب هؤلاء لا يؤخذ عنهم العلم، ولا يجوز استفتاؤهم، ولا اللجوء إليهم، ولا الذهاب إليهم لطلب العلم، المقصود علم الدين، وعلم أنباء من قد سبق، وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ في أهل الكهف، مِنْهُمْ من أهل الكتاب أحداً.



مصدرها
https://almunajjid.com/courses/lessons/114
وناقص ايضا
الدروس والفوائد المستفادة من القصة:
فلتقرأها من المصدر لعدم الإطالة








 
 توقيع :




التعديل الأخير تم بواسطة الغريبة ; 10-28-2020 الساعة 04:42 PM سبب آخر: ذكر اسم المصدر للأهمية بارك الله فيك

رد مع اقتباس