الموضوع: موعد مع الشمس
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 01-22-2023
BosiCat غير متواجد حالياً
اوسمتي
وسام الترحيب بالاعضاء الجدد 
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 4067
 تاريخ التسجيل : Nov 2022
 فترة الأقامة : 521 يوم
 أخر زيارة : 02-01-2023 (05:20 PM)
 المشاركات : 1,053 [ + ]
 التقييم : 410
 معدل التقييم : BosiCat is just really niceBosiCat is just really niceBosiCat is just really niceBosiCat is just really niceBosiCat is just really nice
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 266
تم شكره 197 مرة في 156 مشاركة

اوسمتي

افتراضي موعد مع الشمس





موعدٌ مع الشمسْ

حَطّتْ الشمس رحالها إزائي وكان البحر على مقربة منا يداعب الشاطئ بأمواجه الولهى.. ثم سألتني:
- ألا ترى أن البحر هادئ وجميل على غير عادته هذا اليوم؟
قلت مسرورا بهذا السؤال وكأني توقعته:
- نعم . . البحر هادئ يغازل الرمال وأنتِ أيضا على غير عادتكِ تجلسين معي على مسطبة واحدة . . !
ازداد إشراقها بهاءً بعد أن سمعتْ مني هذه الكلمات ، لكنها تلعثمتْ وهي تستدرك سؤالها الأول:
- أنا لا أأمن هذا البحر . . كم هو جميل ومخادع . . !
تكاثفتْ زرقة البحر مع توهج الذهب المنقوع في إكليل الشمس وراحت نظراتي تسافر بين أمواج البحر الناعمة تارة وبين الخصلات الذهبية النافرة من إكليل الشمس تارة أخرى:
- يُبطن البحر أكثر مما يُظهر . . هو مخادع لأن مظهره يشي بذلك لكنه في الواقع رقيق كنسمة صيف . .!
لم يعجبْها جوابي فارتسمتْ علامات الإستنكار على صفحة وجهها الجميل:
- أراكَ تدافع عن البحر وكأنه صديقك الحميم . . !
- نعم . . صداقتي معه بعمق أغواره البعيدة . . أحبه عندما يكون هادئا ولا أغتاظ منه عندما يثور . . له أسبابه في ذلك بالتأكيد . .
- أما أنا فأراه طاغية أهوج يتهادن مع نفسه عندما يكون هادئا فقط . . !
قذفتْ كلماتها بنفسٍ مطمئنة وكأنها تتحدث عن البديهيات فأدركتُ أن لا مجال للصلح بينهما ، ومع ذلك حاولتُ المماحكة:
- ربما تغارين منه . . !
ولم يحركْها استفزازي لها:
- أنا في الأعالي وهو في الحضيض . . !
- ليس بالضرورة أن تكون الأعالي أفضل دائما . . ومع ذلك فإنكِ قد نزلتِ من عليائكِ وهبطتِ إلى جانبي . . !
- أنتَ شئ آخر . . مسالم على الدوام . . إضافة لوجود مساحة شاسعة للحوار بيننا . .
- لا يغرنّكِ مظهري . . فأنا والبحر صنوان . .
أصرتْ على موقفها فأردفتْ:
- أراكَ طيّبا وتختلف عن البحر كثيرا . .
فقلت مستغربا:
- ولكنكِ لم تفعليها من قبل . . ! فعندما كنتُ أراكِ في ذلك البعد المترامي الذي لا حدود له لا يمكنني التصديق بالفرصة المتاحة لي الآن . . !
فقالت باطمئنانٍ بالغ:
- كنتُ أراقبكَ عن كثب ، وأرصد كل تحركاتكَ . . !
- وهل راقت لكِ حماقاتي . . ؟!
ضحكتْ الشمس ضحكة مكتومة لكنها انسابت إلى مسامعي كالموسيقى الملائكية:
- أحيانا . . لأنك من بني البشر وهذا طبعهم . . ! ولكني معجبة بجميل تصرفاتك أيضا . .
- إذن . . هبوطكِ إليّ هو المكافأة على تلك التصرفات . . ؟!
- ليست مكافأة . . هو مجرد شعوري بأنكَ مختلف وأردت أن أعرف سرّ هذا الإختلاف . . !
- يا سيدتي . . أنا إنسان ذو مزاج متقلب كالبحر تماما . . لا اختلاف . . مع فارق الخلود للبحر والفناء لي . . !
- الورود فانية أيضا لكن سحرها لا يقاوَم . . !
- على الرغم من إعجابي بالورود فإني أشفق عليهن من الذبول السريع . . لكني أتطلع دائما إلى الخالدين أمثالكِ بما يثير الحسد . . !
- أحب الورود والإنسان وأرى أنهما يمثلان بعضهما البعض . . !
قلتُ بهدوء:
- لا يا سيدتي . . الورود نقاء لا محدود . . أما الإنسان فلا يرتقي لذلك . .
- ومع ذلك فإني أحب الإنسان بنقائه وتلوثاته . . !
- لو أنكِ تشرقين دائما يا سيدتي لاستأصلتِ ما يلوث الإنسان . . !
- عندها لا يُعَدُّ الإنسان إنسانا . . سيصبحُ شيئا آخر . . كذلك إذا أشرقتُ عليكم دائما ستصابون بالملل ولا أعدْ أحظى بحبكم . . !
فقلتُ موافقا:
- تقولين الصواب . . الإفتقاد يُوَلّد الإشتياق . .
ابتسمتْ على استحياء وكأني كنتُ أغازلها . . ثم التفتتْ فجأةً وقالت:
- وهل تشتاق إليّ فعلاً؟ أراكَ منشغلاً بالجميلات من حولك . . !
قلتُ مدارياً:
- ولكن الشمس إذا أشرقتْ حوّلتْ كل شئ إلى لا شئ . .
اصطنعتْ التّغابي وتساءلتْ:
- هل تتحدثُ عن شمسٍ أخرى . . ؟!
- لا يا سيدتي . . أتحدث عنكِ . . وهل لدينا إلا شمسٌ واحدة . . !
- أنصتُ إلى الشعراء منكم . . يقولون أحيانا أن لديهم شموساً كثيرة . .
- هي لغة الشعر يا سيدتي ولكل منا شمسُهُ . . !
ثم أردفتُ قائلا:
- لكنّ جمال كل تلك الشموس ما هو إلا قبسٌ من نورك . . !
ابتسمتْ لكلماتي التي تدغدها وقالت:
- أراكَ شاعرا مثلهم وكأنك تعتذر لهم عن انشغالهم عني . . !
- لا يا سيدتي . . هم يستلهمونك دائما في أشعارهم وما شموسهم الصغيرة إلا تجليات من شمسنا العظيمة . .
- لا تبالغ كثيرا . . كثير منهم ينسى الكل لصالح الجزء . .
- ربما . . لكن الجزء يمثل الكل على ما أظن . .
- صدقتَ . . وها أني أراكَ تمثل بني الإنسان . .
- أُمثل الإنسان بالصفات العامة فقط أما عدا ذلك فكل فرد يمثل نفسه . .
- هو كذلك . . لكل فردٍ بصمة . . وهذا هو سرّ احتلافكَ حسبَ اعتقادي . . لك بصمة نادرة . .
- هذه البصمة يا سيدتي هي سرّ عذابي وخصمُ سعادتي . . لا أحب من الأشياء إلا أفضلها . . ولا أحب من الجمال إلا أجمله . . ولا أطمح إلا لبعيد المنال . .
- ولكنكَ تحظى أحيانا ببعيد المنال . . !
وهنا فهمتُ أنها تلمح إلى هبوطها إلى جانبي هذا اليوم لكني تجاهلتُ ذلك:
- ربما . . لكنها لحظات قليلة من السعادة لا تكفي لبحر العمر المتلاطم . .
- قد تستحق هذه اللحظات تعب العمر كله . . !
نهضتْ باعتذار أن وقت الغروب قد حان ثم أردفتْ:
- ربما أراكَ قريبا . .
ثم لوّحتْ لي بخصلاتها الذهبية وغابت في الأفق . .
رحالها إزائي وكان البحر على مقربة منا يداعب الشاطئ بأمواجه الولهى.. ثم سألتني:
- ألا ترى أن البحر هادئ وجميل على غير عادته هذا اليوم؟
قلت مسرورا بهذا السؤال وكأني توقعته:
- نعم . . البحر هادئ يغازل الرمال وأنتِ أيضا على غير عادتكِ تجلسين معي على مسطبة واحدة . . !
ازداد إشراقها بهاءً بعد أن سمعتْ مني هذه الكلمات ، لكنها تلعثمتْ وهي تستدرك سؤالها الأول:
- أنا لا أأمن هذا البحر . . كم هو جميل ومخادع . . !
تكاثفتْ زرقة البحر مع توهج الذهب المنقوع في إكليل الشمس وراحت نظراتي تسافر بين أمواج البحر الناعمة تارة وبين الخصلات الذهبية النافرة من إكليل الشمس تارة أخرى:
- يُبطن البحر أكثر مما يُظهر . . هو مخادع لأن مظهره يشي بذلك لكنه في الواقع رقيق كنسمة صيف . .!
لم يعجبْها جوابي فارتسمتْ علامات الإستنكار على صفحة وجهها الجميل:
- أراكَ تدافع عن البحر وكأنه صديقك الحميم . . !
- نعم . . صداقتي معه بعمق أغواره البعيدة . . أحبه عندما يكون هادئا ولا أغتاظ منه عندما يثور . . له أسبابه في ذلك بالتأكيد . .
- أما أنا فأراه طاغية أهوج يتهادن مع نفسه عندما يكون هادئا فقط . . !
قذفتْ كلماتها بنفسٍ مطمئنة وكأنها تتحدث عن البديهيات فأدركتُ أن لا مجال للصلح بينهما ، ومع ذلك حاولتُ المماحكة:
- ربما تغارين منه . . !
ولم يحركْها استفزازي لها:
- أنا في الأعالي وهو في الحضيض . . !
- ليس بالضرورة أن تكون الأعالي أفضل دائما . . ومع ذلك فإنكِ قد نزلتِ من عليائكِ وهبطتِ إلى جانبي . . !
- أنتَ شئ آخر . . مسالم على الدوام . . إضافة لوجود مساحة شاسعة للحوار بيننا . .
- لا يغرنّكِ مظهري . . فأنا والبحر صنوان . .
أصرتْ على موقفها فأردفتْ:
- أراكَ طيّبا وتختلف عن البحر كثيرا . .
فقلت مستغربا:
- ولكنكِ لم تفعليها من قبل . . ! فعندما كنتُ أراكِ في ذلك البعد المترامي الذي لا حدود له لا يمكنني التصديق بالفرصة المتاحة لي الآن . . !
فقالت باطمئنانٍ بالغ:
- كنتُ أراقبكَ عن كثب ، وأرصد كل تحركاتكَ . . !
- وهل راقت لكِ حماقاتي . . ؟!
ضحكتْ الشمس ضحكة مكتومة لكنها انسابت إلى مسامعي كالموسيقى الملائكية:
- أحيانا . . لأنك من بني البشر وهذا طبعهم . . ! ولكني معجبة بجميل تصرفاتك أيضا . .
- إذن . . هبوطكِ إليّ هو المكافأة على تلك التصرفات . . ؟!
- ليست مكافأة . . هو مجرد شعوري بأنكَ مختلف وأردت أن أعرف سرّ هذا الإختلاف . . !
- يا سيدتي . . أنا إنسان ذو مزاج متقلب كالبحر تماما . . لا اختلاف . . مع فارق الخلود للبحر والفناء لي . . !
- الورود فانية أيضا لكن سحرها لا يقاوَم . . !
- على الرغم من إعجابي بالورود فإني أشفق عليهن من الذبول السريع . . لكني أتطلع دائما إلى الخالدين أمثالكِ بما يثير الحسد . . !
- أحب الورود والإنسان وأرى أنهما يمثلان بعضهما البعض . . !
قلتُ بهدوء:
- لا يا سيدتي . . الورود نقاء لا محدود . . أما الإنسان فلا يرتقي لذلك . .
- ومع ذلك فإني أحب الإنسان بنقائه وتلوثاته . . !
- لو أنكِ تشرقين دائما يا سيدتي لاستأصلتِ ما يلوث الإنسان . . !
- عندها لا يُعَدُّ الإنسان إنسانا . . سيصبحُ شيئا آخر . . كذلك إذا أشرقتُ عليكم دائما ستصابون بالملل ولا أعدْ أحظى بحبكم . . !
فقلتُ موافقا:
- تقولين الصواب . . الإفتقاد يُوَلّد الإشتياق . .
ابتسمتْ على استحياء وكأني كنتُ أغازلها . . ثم التفتتْ فجأةً وقالت:
- وهل تشتاق إليّ فعلاً؟ أراكَ منشغلاً بالجميلات من حولك . . !
قلتُ مدارياً:
- ولكن الشمس إذا أشرقتْ حوّلتْ كل شئ إلى لا شئ . .
اصطنعتْ التّغابي وتساءلتْ:
- هل تتحدثُ عن شمسٍ أخرى . . ؟!
- لا يا سيدتي . . أتحدث عنكِ . . وهل لدينا إلا شمسٌ واحدة . . !
- أنصتُ إلى الشعراء منكم . . يقولون أحيانا أن لديهم شموساً كثيرة . .
- هي لغة الشعر يا سيدتي ولكل منا شمسُهُ . . !
ثم أردفتُ قائلا:
- لكنّ جمال كل تلك الشموس ما هو إلا قبسٌ من نورك . . !
ابتسمتْ لكلماتي التي تدغدها وقالت:
- أراكَ شاعرا مثلهم وكأنك تعتذر لهم عن انشغالهم عني . . !
- لا يا سيدتي . . هم يستلهمونك دائما في أشعارهم وما شموسهم الصغيرة إلا تجليات من شمسنا العظيمة . .
- لا تبالغ كثيرا . . كثير منهم ينسى الكل لصالح الجزء . .
- ربما . . لكن الجزء يمثل الكل على ما أظن . .
- صدقتَ . . وها أني أراكَ تمثل بني الإنسان . .
- أُمثل الإنسان بالصفات العامة فقط أما عدا ذلك فكل فرد يمثل نفسه . .
- هو كذلك . . لكل فردٍ بصمة . . وهذا هو سرّ احتلافكَ حسبَ اعتقادي . . لك بصمة نادرة . .
- هذه البصمة يا سيدتي هي سرّ عذابي وخصمُ سعادتي . . لا أحب من الأشياء إلا أفضلها . . ولا أحب من الجمال إلا أجمله . . ولا أطمح إلا لبعيد المنال . .
- ولكنكَ تحظى أحيانا ببعيد المنال . . !
وهنا فهمتُ أنها تلمح إلى هبوطها إلى جانبي هذا اليوم لكني تجاهلتُ ذلك:
- ربما . . لكنها لحظات قليلة من السعادة لا تكفي لبحر العمر المتلاطم . .
- قد تستحق هذه اللحظات تعب العمر كله . . !
نهضتْ باعتذار أن وقت الغروب قد حان ثم أردفتْ:
- ربما أراكَ قريبا . .
ثم لوّحتْ لي بخصلاتها الذهبية وغابت في الأفق . .


المواضيع المتشابهه:




رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ BosiCat على المشاركة المفيدة:
 (01-22-2023)