عرض مشاركة واحدة
قديم 03-16-2012   #14


الصورة الرمزية الغزال الشمالي
الغزال الشمالي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 218
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 07-10-2013 (07:01 PM)
 المشاركات : 2,111 [ + ]
 التقييم :  119
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي




الفصل الثّامن

في الوقت المتّفقِ عليه.. كان عبد القيّوم قد تأكّدَ مِن أنّ كثيرًا مِن الحرس يغُطُّون الآن في نومٍ عميق، وأنَّ أقلَّهُم هم مَن باتَ يحرس
الأسوارَ ومخدعَ الأمير شيّوم.. فتسلّلَ خارجًا مِن حجرتِه يتبعُهُ في الظّلام محمود بن حبيب.. وسارَ في الحديقةِ قليلًا
ثمَّ شرعَ يصعدُ درجًا يُفضي إلى أعلى الأسوار قريبًا مِن الجزء المنخفض منها.. وكان هناكَ ثلاثةٌ مِن الجنود..
اثنان قد جلسا يتسامران.. والثّالث كان يروحُ ويجيء ويتوقّفُ أحيانًا عندَهما. وتوقّفَ عبد القيّوم
عند جدارٍ منخفِض وقال لمحمود بن حبيب:
- ابقَ هنا.. وإذا رأيتَني أُطلقُ السّهمَ على هذا الذي يروحُ ويغدو فانقضّ على هذينِ الاثنين وسآتي لمساعدتِك.
ومضى إلى جزءٍ مِنَ السّور بعيدًا عن الجنود وأطلَّ مِن هناك ليُشاهدَ عبدَ الرّحمن الفهريّ وحدَهُ مختبئًا فأشارَ إليهِ بالبدء..

وعادَ إلى حيث الجنديّ الثّالث وما أنْ اقتربَ منه حتّى ناداهُ الجنديّ:
- طبوتي.. هل فارقكَ النّوم؟
ردَّ عبد القيّوم وهو يُفلتُ عليهِ سهمًا:
- نعم.. وستُفارقُكَ الحياةُ إن شاءَ الله.
وسقط.. وما أنْ رآهُ صاحباه حتّى هبّا واقفَين.. فاندفعَ إليهما محمود كما أوصاهُ عبد القيّوم الذي سارعَ لمساعدَتِه..
وتبارزَ

الرّجال.. ورأى عبد القيّوم المخالبَ الحديديّة وهيَ تنشبُ في طرفِ الجدار ثمّ تهتزُّ تحتَ وطأةِ مَن
يصعدُ عليها.. وجاءَ من الغلسِ صوتٌ يسألُ في خشونة:
- ما هذا القتال؟ مَن هناك؟
وكان ذلك لاتو رئيسَ الحرس.. وما أنْ تبيّنَ له ما يحدث حتّى صاح:
- طبوتي.. هل تقاتلُ الجنود؟!!
واستلَّ سيفَهُ وعمدَ إلى محمودَ فطعنَه من الخلف.. أمّا عبد القيّوم فقد تمكّن من خصمِه وأصابَه في مقتل..

وانكفأ إلى محمود ليساعدَه لكنّه وجدَهُ يُعالجُ روحَه.. فانقضَّ
على رئيسِ الحرس والجنديِّ الآخر يُصاولُهما محاولًا إبقاءهما ريثما يصعدُ الرّفاق.. وصاحَ رئيسُ الحرس:
- كنتُ أشكُّ فيكَ يا خائن! وقد حذّرني أوسطاي فلم أصدّق!
وأطلَّ رأسُ جابر ومالك وأحدُ الرّجال.. فدهش رئيسُ الحرس والجنديّ فهتف:
- اقتحام! إنّهم يقتحمونَ القصر!
وهتفَ عبد القيّوم بدورِه لرفاقِه:
- أدركوني قبلَ أنْ يعلمَ الباقون..
وهبَّ إليهِ جابر.. لكنّ رئيسَ الحرسِ صاحَ بكلِّ ما أوتيَ مِن قوّة:
- اقتحام! استيقظوا!
وتمكّنَ مِن الفرار.. وحاولَ صاحبُه اللّحاقَ به فشدَّهُ عبد القيّوم مِن رجلِه فسقط وقضى عليه جابر.
وتكامل صعود البقية فصار مجموعهم سبعة عشر مقاتلاً بما فيهم عبد القيوم وياقوت.. وسأل عبد القيوم جابراً:
- لقد اكتشف أمرنا.. وسيتقاطرون علينا بعد قليل.. فهل نُقدم أم نعود
أدبارنا؟
أجاب جابر في عزيمة:
- لا سبيل إلى العودة.. فلئن فشلنا في هذا الهجوم فلن نستطيع معاودة المحاولة مرة أخرى.. إلا أن يشاء الله..
عندما هتف عبد القيوم للرجال:
- اتبعوني.. سننطلق إلى مقصورة الطاغية.. إن أكثر جنوده نيام الآن وسنفيد من مفاجأتهم.. بيعوا أنفسكم لله يا رفاق فاليوم

تنصرون أو تقتلون.. قاتلوا بضراوة.. ولتطغى شجاعتكم وبسالتكم على كثرتهم.
تدافع الرجال.. ولحقوا بعبد القيوم الذي انطلق راكضاً وهو يسمع صيحات رئيس الحرس ترج القصر رجّاً مستنهضاً جنود النيام.
وعندما وصلوا إلى جناح شيوم لم يعترضهم سوى الباب المفضي إلى فنائه ولم يقاوم سوى لحظات سقط بعدها تحت

الركلات المتتابعة.. أما باب المقصورة فكان مغلقاً ومقفلاً، وقال عبد القيوم:
- شيوم بالداخل.. لنخلع الباب..
فازدحم عليه أربعة جعلوا يركلونه.. لكن متانة خشبه حالت دون أن يستجيب لهم بسهولة، وهتف مالك الفهري:
- أسرعوا قبل أن يتوافدوا علينا.. لنقتل الطاغية قبل أن يهبوا لنجدته!
ثم رفع سيفه وأهوى به على موضع القفل فأثر فيه تأثيراً بالغاً.. ثم شرع يضربه

بسيفه حتى قال ياقوت الذي كان ملتاثاً بالحقد ورغبة الانتقام:
- أنت ابتعد.. أنا سوف أخلع الباب.. وأقتل الكلب!!
وابتعدوا عنه فاندفع كالثور وارتطم بالباب بشدة أدهشت الرجال وطار الباب بعنف مقتلعاً معه بعض الحجارة!!
وظهرت لهم غرفة شيوم فاخرة.. ثمينة الأثاث.. واسعة.. وقد علقت على الجدران

سيوف شيوم ودروعه.. وكثير من الفؤوس المختلفة الأشكال!
وبالداخل كان الأمير شيوم قرب النافذة.. يقف حافياً.. غاضباً.. عليه آثار النوم.. مرتدياً ثياباً خفيفة ويمسك سيفه غير هيّاب..
وهتف عبد القيوم:
- هذا شيوم الذي تبحثون عنه..!
وقبل أن يهاجموه صرخ رئيس الحرس من خلفهم بلغته:
- اقتلوا الغزاة..
والتفتوا ليجدوا معظم جنود القصر شاهرين سيوفهم وبعضهم لم يستكمل لباسه.
لم يفهم الرجال لغته.. لكنهم عرفوا أنه يأمر بالهجوم.. فارتدوا إليه والتحم الفريقان في القتال.. وصاح جابر:
- قاتلوا أيها الشجعان.. وسأكفيكم أمر هذا الطاغية.
وهب لمبارزة شيوم وقد دار في خاطره أن ليس بينه وبين تحقيق أمنيته إلا أن يقتل هذا الذي أمامه.. ويبقى بعده حيّاً.!
أما عبد القيوم فقد همّ بمساعدة جابر الذي صرفه:
- دعه يا عبد القيوم.. أريده لي وحدي..
فانضم إلى البقية.. وقصد رئيس الحرس ونشب معه في قتال غير متكافئ!
وقد همهم الأخير:
- طبوتي.. أيها الغادر.. يا كلب "اليوتا" القذر.. سترى كيف نشويك بعد قليل!
ثم صاح في جنوده:
- أريدهم أحياء.. أحياء!!
ولاحظ عبد القيوم أنه رغم كثرة عدد المغول إلا أنهم حريصون على إطالة أمد القتال وتجنب الضربات
القاتلة..

بل كانوا يعمدون إلى جرح مبارزيهم حتى يضعفوا قوتهم.. فهم لا يريدون لهم موتاً مريحاً.. بل يريدون
تعذيبهم إذا هزموهم..وكان ذلك أسلوب شيوم الوحشي الذي لقنهم إياه من قبل!!
وكان باب المقصورة أمامه مفتوحاً.. فشاهد كيف كان القتال الدائر بين شيوم وجابر عنيفاً.. وأن شيوم كان يصيح:
- فئران.. ما أنتم إلا فئران.. سترون كيف أصنع بكم.!
وأدرك كم أخطأ حين اختار رئيس الحرس خصماً له يبارزه.. وأدرك أنه لم يكن عاجزاً عن إنهائه بقدر ما يريد إبقاءه حيّاً..

ولذا قاتل بقلب يخفق بطلب الجنة.. قاتل بما يليق بإيمانه العميق وغايته الوحيدة التي جاء يطلبها..
وسئم رئيس الحرس منه فبدأ يدفعه بشراسة حتى استطاع أن يلقي السيف من يده ثم قبض على جانبي

جبينه بكفه الضخمة وشد عليها بأصابعه القاسية فجعل يحاول الخلاص منه أو لطمه..
لكن قواه بدأت تخور.. حتى ارتخى جاثياً.. وقاوم رغبة في السقوط.. لكن الشرير ضرب برأسه الجدار ليتهاوى إلى الأرض..
وقبل أن يفقد وعيه.. رأى ياقوت يهب لنجدته ويندفع بعنف قاذفاً رئيس الحرس

بعيداً عنه.. ورأى جابراً يتراجع أمام شيوم حتى خرج من الغرفة..
ورأى أن كفة القتال تترجح لصالح جنود القصر.. وأن أصحابه ينهارون مثله!!

تتبع











 
 توقيع :
قال تعالى {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً }النجم28

دائما النية الطيبة لاتجلب معها إلا المفاجآت الجميلة
لاتغيروا أساليبكم فقط غيروا نياتكم فعلى نياتكم ترزقون



رد مع اقتباس