عرض مشاركة واحدة
قديم 08-13-2021   المشاركة رقم: 1
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية روح الأمل

إحصائية العضو






  روح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond reputeروح الأمل has a reputation beyond repute
 



التواجد والإتصالات
روح الأمل غير متواجد حالياً

المنتدى : وهج الثقافة والادب
افتراضي ما قيس على كلام العرب

أ.د. عبدالحميد النوري عبدالواحد

هذه مقولة ضبطها ابن جنيّ في خصائصه وقد سبقه فيها شيخه أبو على الفارسي والمازني. والعبارة قائمة على تصوّر منطقي للأشياء، وعلى طرح واستنتاج. والطرح هو "ما قيس على كلام العرب" والاستنتاج "فهو من كلام العرب". والقياس معلوم وشائع، وهو حمل الشيء على الشيء، أو إعطاء حكم الأوّل للثاني، فيُحمل عليه ويجري مجراه. والثابت في هذه المقولة هو كلام العرب، والمفترض هو ما يقاس عليه. وبديهيّ أنّ هذا الذي يقاس على كلام العرب ليس في الأصل من كلامهم.



فما هذا الكلام غير العربيّ الذي يقاس على كلام العرب، والذي يغدو عربيّا بمجرّد أن نقيسه؟ هذا الكلام هو في الحقيقة نوعان وهما:

1- المعرّب الأعجميّ: ويخصّ الكلمات الأعجميّة المعرّبة والدخيلة التي دخلت اللغة العربيّة وجرت مجراها، فتصرّفت تصرّفها. وجرى عليها الاشتقاق والصرف والمنع من الصرف والإعراب والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث وغيرها. وطبقت عليها بالتالي أحكام العربيّة فغدت عربيّة، وإن كانت في الأصل ليست كذلك. وللاستدلال على هذا بمثال نأخذ كلمة أعجميّة من نحو "دِرهم" مثلاً، وسنجد إزاءها "درهمان" في التثنية، و"دراهم" في التكسير، و"دُريهم" في التصغير، بل لا أحد يعترض على الاشتقاق منها فنقول "دَرهمَ" و"يُدرهِمُ" و"دَرهمة" و"مُدرهِم" و"مدَرهَم".



2- الإلحاق: وهو إلحاق كلمة بكلمة على أن تكون الكلمة الثانية على شاكلة الكلمة الأولى، وذلك فيما يتعلّق بعدد الحروف وبالحركات والسكنات، وعلى أن تجيء تصاريف الكلمة الثانية على شاكلة تصاريف الكلمة الأولى. وكمثال على ذلك إلحاق "شَملل" و"جَلبب" مثلا بـ"دَحرج". وتبعاً لهذا نقول "شَملل" "يُشملل" "شَمللة"، كما نقول "دَحرج" "يُدحرج" "دَحرجة". علماً أنّ الكلمة الأولى ثلاثيّة مزيدة بحرف، والكلمة الثانية رباعيّة مجرّدة.



ومن باب القياس يمكننا القول "خَرجج" من "خَرج" و"ضَربب" من "ضَرب"، وهي على شاكلة "فَعلل". وهذا الكلام هو في الأصل ليس من كلام العرب، أو بالأحرى ليس من استعمالاتهم، وإنّما قسناه على كلامهم. وجرت عليه أحكامه وتصاريفه، وغدا من كلام العرب، حتّى إذا ما احتاج كاتب أو شاعر، بعبارة أبي علي الفارسي، أن يتوسّع في اللغة، لكان له ذلك.



إنّ إلحاق الأعجميّ بالعربيّ وإلحاق ما لم تنطق به العرب بما نطقت به مبدأ في التوليد من شأنه أن يثري اللغة العربيّة، وهو ليس حكراً عليها، وإنّما هو مبدأ لسانيّ كلّيّ أي كونيّ، وإن اختلفت اللغات في التصرّف في الدخيل، وكلّ لغة تتصرّف وفق ما يمليه عليها نظامها أو قوانينها الداخليّة.



هذا التوليد لصيغ وكلمات لم تكن موجودة في اللغة أمر إيجابيّ بلا ريب. وهو أسلوب استفادت منه العربيّة المعاصرة، مثلما استفادت منه قديماً، استفادة جمّة. وذلك من نحو اشتقاق كلمات كالبرمجة والأكسدة والهَدْرجة والهيكلة والرسكلة والتلفزة وغيرها. وما دام هذا الأسلوب مفيداً فلا اعتراض عليه، ولا بأس من الالتجاء إلى هذا الضرب من الاشتقاق والقياس. بيد أنّ لمّا يصل الأمر إلى إسقاط كلّ ما في العربيّة على لغات أخرى أجنبيّة، فسيعدّ ذلك من باب الإجحاف. وذلك من نحو معالجة اسم الفاعل من الكلمة الفارسيّة "الزَرَجون" إن كانت "مُزَرِّج" مثلما جاء في بعض أشعار العرب، أم "مُزرجِن" على القياس.

والاختلاف مردّه إلى معرفة إن كانت النون في "زرجون" أصليّة أو زائدة. وفي هذه الحالة يغدو توليد بعض الصيغ من الأعجميّ بمثابة توليد الطير من الحوت، على حدّ عبارة بعض القدامى.












توقيع :



شكرا نجمتنا لا عدمتك :

عرض البوم صور روح الأمل   رد مع اقتباس