عرض مشاركة واحدة
قديم 12-25-2011   #5


الصورة الرمزية بسمة روح
بسمة روح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 234
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 09-13-2014 (01:00 PM)
 المشاركات : 12,175 [ + ]
 التقييم :  53790370
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي



وروى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صُفِّحَتْ له صفائحُ من نار, فأُحْمِيَ عليها في نار جهنم, فيُكوَى بها جنبُهُ وجبينُهُ وظهرُه.. كلما بَرَدَتْ أُعيدَتْ له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة, حتى يُقْضَى بين العباد فَيَرَى سبيلَهُ: إما إلى الجنة, وإما إلى النار..
قيل: يا رسول الله, فالإبل؟
قال: ولا صاحبَ إبل لا يؤدي منها حقها - ومن حقها: حلبُها يوم وِرْدِها - إلا إذا كان يوم القيامة بُطِحَ لها بِقَاعٍ قَرْقَرٍ (أي: جُعِلَتْ في أرض مستوية ملساء) أَوْفَرَ ما كانت؛ لا يَفْقِدُ منها فَصِيلاً واحدًا.. تَطَؤُهُ بأخفافها (أي: تدوسه)، وتعضه بأفواهها.. كلما مرَّ عليه أُولاها رُدَّ عليه أُخراها.. في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة, حتى يُقضى بين العباد؛ فيرى سبيله: إما إلى الجنة, وإما إلى النار..
قيل: يا رسول الله, فالبقر والغنم؟
قال: ولا صاحبَ بقرٍ ولا غنمٍ لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بُطِحَ لها بِقَاعٍ قَرْقَرٍ, لا يفقد منها شيئًا.. ليس فيها عقصاء (ملتوية القرن), ولا جلحاء (ليس لهل قرن), ولا عضباء (مكسورة القرن).. تنطحه بقُرُونِهَا, وتطؤه بأظلافها, كلما مَرَّ عليه أُولاها رُدَّ عليه أُخراها.. في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يُقْضَى بين العباد؛ فيرى سبيلَهُ: إما إلى الجنة, وإما إلى النار..
قيل: يا رسول الله, فالخيل؟
قال: الخيل ثلاثة: هي لرجل وِزْرٌ, وهي لرجل سِتْرٌ, وهي لرجل أجر؛ فأما التي هي له وِزر فرجل ربطها رياءً وفَخْرًا ونِوَاءً (أي: عداءً) لأهل الإسلام؛ فهي له وزر.. وأما التي هي له سِتْرٌ فرجل رَبَطها في سبيل الله, ثم لم ينس حق الله في ظُهُورها ولا رقابها؛ فهي له سِتْر.. وأما التي هي له أَجْرٌ فرجل ربطها في سبيل الله لأهل الإسلام في مرج أو روضة, فما أكلت من ذلك المرج أو الروضة من شيء إلا كُتب له عدد ما أكلت حسنات, وكُتب له عدد أرواثها وأبوالها (فضلاتها) حسنات, ولا تَقْطَعُ طِوَلَهَا (وهو الحبل الذي تُقاد منه), فاسْتَنَّتْ (جرت بقوة) شَرَفًا أو شَرَفَيْن (الشَّرَف: قرابة الميل) إلا كُتِبَ له عددُ آثارها وأرواثها حسنات, ولا مَرَّ بها صاحبها على نهر؛ فشربت منه, ولا يريد أن يَسْقِيَهَا.. إلا كتب الله تعالى له عدد ما شربت حسنات..
قيل: يا رسول الله, فالحُمُر؟ قال: ما أُنْزِلَ عليَّ في الحُمُر شيءٌ إلا هذه الآية الفاذة الجامعة: "فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره, ومن يعمل مثقال ذرة شرًّا يره"

بل انظر إلى هذا التحذير الرهيب في الحديث الذي رواه مسلم عن الأحنف بن قيس قال: كنت في نفر من قريش, فمر أبو ذر وهو يقول: "بَشِّر الكانِزِين بِكَيٍّ في ظهورهم.. يخرج من جنوبهم, وبِكَيٍّ من قِبَلِ أقْفَائِهِم.. يخرُجُ من جِبَاهِهِم.. قال: ثم تَنَحَّى فَقَعَدَ.. قال: قلت: من هذا؟ قالوا: هذا أبو ذر.. قال: فقمت إليه, فقلت: ما شيء سمعتُك تقول قُبَيْل؟ (أي: قبيل قليل) قال: ما قُلْتُ إلا شيئًا قد سمعتُه من نبيهم صلى الله عليه وسلم. قال: قلت: ما تقول في هذا العطاء؟ قال: خُذْهُ؛ فإن فيه اليوم معونة.. فإذا كان ثَمَنًا لدِينِك فَدَعْهُ".. بهذا المنظار – إذن - كان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ينظرون إلى المال: إما أن يكون عونًا على الحياة ومطالبها، وإلا فهو في سبيل الله.. لأنه لو عُزِلَ عن المحتاجين إليه وقت حاجتهم, واكتنزه صاحبه دونهم, فالعاقبة وخيمة جدًّا كما رأينا.. نسأل الله السلامة من الشح وعواقبه..
وليس عقاب الشح خاصًا بصاحبه فقط.. بل إن شؤمه يعمُّ الأمة جميعًا!! ألم تَرَ إلى ذلك التحذير النبوي الذي يَذكر سوء الجزاء الذي ينتظر المجتمعات التي لا تؤدي حق الله في أموالها..
روى ابن ماجة والبزار والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا معشر المهاجرين, خصال خمس إن ابتليتم بهنَّ ونزلن بكم أعوذ بالله أن تدركوهنَّ..." وذكر منها: "ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنِعوا القَطْرَ مِنَ السماء, ولولا البهائم لم يُمطروا!!".. فقيمة المجتمع الذي يبخل أبناؤه بما في أيديهم, أقل من البهائم!! ولا يستحقون فضل الله لولا البهائم التي تحيا إلى جوارهم على فطرة الله لا تتعداها

عاشرًا: ليست النائحة كالثكلى!!

إخواني في الله.. حدثتكم عن تسع محفزات ربانية على الجهاد بأموالكم في سبيل الله..
ولكن.. خبرِّوني بالله عليكم, إذا لم توجد كل تلك المحفزات..
أفلا يكفيكم حال إخوانكم في فلسطين؟!
ألا يؤرقكم عراء أجسادهم وخواء بطونهم؟؟!
ألا تهتز نفوسكم لأسر فقدت عائلها.. وشباب فقدوا بعض أطرافهم؟!
أفلا تروعكم بيوت هدِّمت, وشُرِّد ساكنوها؟؟!.. ومزارع خُرِّبت, وضاق الحال بمزارعيها؟؟!

إخواني في الله..
نحن لا نتحدَّث عن باب نظري من أبواب الشرع؛ نكتفي فيه بالمعلومات الجافة والمتون المحفوظة.. بل نحن نلمس واقعًا مريرًا، يكتوي به إخواننا في فلسطين – وفي غير فلسطين – صباح مساء..
أنا لا أدعوكم لإنقاذ قوم بائسين في طرف بعيد من العالم لا صلة لكم بهم.. بل أنتم تُدعون للجهاد بأموالكم دفاعًا عن أعراض إخوانكم في فلسطين – وفي سائر ديار الإسلام الجريحة - .. وواقعية المأساة وإلحاحها على مشاعرنا يوميَّا لا بد أن يكون حافزًا لسخاء الأيدي, ومن قبله سخاء القلوب.
وواقعية المأساة – بل المآسي – هي المحفز العاشر للجهاد بالمال.. فتلك عشرة كاملة.

كانت هذه بعض أساليب القرآن المعجزة في علاج شح الأنفس، والتحفيز على مسألة شاقة على النفس, وهي مسألة إخراج المال في سبيل الله , وأنا أعتقد أن الإنسان إذا علم كل ما سبق فقد ينقلب حبه للمال إلى كراهية, ولا يصبح المال حينئذٍ مدعاة للسرور.. كما روى البخاري عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أُحِبُّ أن لي مثل أُحُدٍ ذَهَبًا.. أنفقه كلَّه إلا ثلاثة دنانير"..
أي: لقضاء حوائجه, وأداء دَيْنِهِ, ونَفَقَةِ عياله.

وإنفاق المال بعد هذا التحفيز هو مرحلة من مراحل الإيمان, ودرجة من درجات الرقي إلى الله عز وجل.. وفوق هذه الدرجة درجات عليا.. يبلغها من ارتقى من مرحلة أن يُدعى إلى الإنفاق.. إلى مرحلة أن يرغب في الإنفاق ويبحث عن مواطنه, ويتمنى أن لو يُسِّرَ له سبيل يجود فيه بما في يديه؛ طمعًا في ما عند الله عز وجل.. وعن هذه الدرجة العليا تتحدث السطور القادمة.







 
 توقيع :


رد مع اقتباس