~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~ | |
|
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||
|
|||||||||||
موعد مع الشمس
موعدٌ مع الشمسْ حَطّتْ الشمس رحالها إزائي وكان البحر على مقربة منا يداعب الشاطئ بأمواجه الولهى.. ثم سألتني:- ألا ترى أن البحر هادئ وجميل على غير عادته هذا اليوم؟ قلت مسرورا بهذا السؤال وكأني توقعته: - نعم . . البحر هادئ يغازل الرمال وأنتِ أيضا على غير عادتكِ تجلسين معي على مسطبة واحدة . . ! ازداد إشراقها بهاءً بعد أن سمعتْ مني هذه الكلمات ، لكنها تلعثمتْ وهي تستدرك سؤالها الأول: - أنا لا أأمن هذا البحر . . كم هو جميل ومخادع . . ! تكاثفتْ زرقة البحر مع توهج الذهب المنقوع في إكليل الشمس وراحت نظراتي تسافر بين أمواج البحر الناعمة تارة وبين الخصلات الذهبية النافرة من إكليل الشمس تارة أخرى: - يُبطن البحر أكثر مما يُظهر . . هو مخادع لأن مظهره يشي بذلك لكنه في الواقع رقيق كنسمة صيف . .! لم يعجبْها جوابي فارتسمتْ علامات الإستنكار على صفحة وجهها الجميل: - أراكَ تدافع عن البحر وكأنه صديقك الحميم . . ! - نعم . . صداقتي معه بعمق أغواره البعيدة . . أحبه عندما يكون هادئا ولا أغتاظ منه عندما يثور . . له أسبابه في ذلك بالتأكيد . . - أما أنا فأراه طاغية أهوج يتهادن مع نفسه عندما يكون هادئا فقط . . ! قذفتْ كلماتها بنفسٍ مطمئنة وكأنها تتحدث عن البديهيات فأدركتُ أن لا مجال للصلح بينهما ، ومع ذلك حاولتُ المماحكة: - ربما تغارين منه . . ! ولم يحركْها استفزازي لها: - أنا في الأعالي وهو في الحضيض . . ! - ليس بالضرورة أن تكون الأعالي أفضل دائما . . ومع ذلك فإنكِ قد نزلتِ من عليائكِ وهبطتِ إلى جانبي . . ! - أنتَ شئ آخر . . مسالم على الدوام . . إضافة لوجود مساحة شاسعة للحوار بيننا . . - لا يغرنّكِ مظهري . . فأنا والبحر صنوان . . أصرتْ على موقفها فأردفتْ: - أراكَ طيّبا وتختلف عن البحر كثيرا . . فقلت مستغربا: - ولكنكِ لم تفعليها من قبل . . ! فعندما كنتُ أراكِ في ذلك البعد المترامي الذي لا حدود له لا يمكنني التصديق بالفرصة المتاحة لي الآن . . ! فقالت باطمئنانٍ بالغ: - كنتُ أراقبكَ عن كثب ، وأرصد كل تحركاتكَ . . ! - وهل راقت لكِ حماقاتي . . ؟! ضحكتْ الشمس ضحكة مكتومة لكنها انسابت إلى مسامعي كالموسيقى الملائكية: - أحيانا . . لأنك من بني البشر وهذا طبعهم . . ! ولكني معجبة بجميل تصرفاتك أيضا . . - إذن . . هبوطكِ إليّ هو المكافأة على تلك التصرفات . . ؟! - ليست مكافأة . . هو مجرد شعوري بأنكَ مختلف وأردت أن أعرف سرّ هذا الإختلاف . . ! - يا سيدتي . . أنا إنسان ذو مزاج متقلب كالبحر تماما . . لا اختلاف . . مع فارق الخلود للبحر والفناء لي . . ! - الورود فانية أيضا لكن سحرها لا يقاوَم . . ! - على الرغم من إعجابي بالورود فإني أشفق عليهن من الذبول السريع . . لكني أتطلع دائما إلى الخالدين أمثالكِ بما يثير الحسد . . ! - أحب الورود والإنسان وأرى أنهما يمثلان بعضهما البعض . . ! قلتُ بهدوء: - لا يا سيدتي . . الورود نقاء لا محدود . . أما الإنسان فلا يرتقي لذلك . . - ومع ذلك فإني أحب الإنسان بنقائه وتلوثاته . . ! - لو أنكِ تشرقين دائما يا سيدتي لاستأصلتِ ما يلوث الإنسان . . ! - عندها لا يُعَدُّ الإنسان إنسانا . . سيصبحُ شيئا آخر . . كذلك إذا أشرقتُ عليكم دائما ستصابون بالملل ولا أعدْ أحظى بحبكم . . ! فقلتُ موافقا: - تقولين الصواب . . الإفتقاد يُوَلّد الإشتياق . . ابتسمتْ على استحياء وكأني كنتُ أغازلها . . ثم التفتتْ فجأةً وقالت: - وهل تشتاق إليّ فعلاً؟ أراكَ منشغلاً بالجميلات من حولك . . ! قلتُ مدارياً: - ولكن الشمس إذا أشرقتْ حوّلتْ كل شئ إلى لا شئ . . اصطنعتْ التّغابي وتساءلتْ: - هل تتحدثُ عن شمسٍ أخرى . . ؟! - لا يا سيدتي . . أتحدث عنكِ . . وهل لدينا إلا شمسٌ واحدة . . ! - أنصتُ إلى الشعراء منكم . . يقولون أحيانا أن لديهم شموساً كثيرة . . - هي لغة الشعر يا سيدتي ولكل منا شمسُهُ . . ! ثم أردفتُ قائلا: - لكنّ جمال كل تلك الشموس ما هو إلا قبسٌ من نورك . . ! ابتسمتْ لكلماتي التي تدغدها وقالت: - أراكَ شاعرا مثلهم وكأنك تعتذر لهم عن انشغالهم عني . . ! - لا يا سيدتي . . هم يستلهمونك دائما في أشعارهم وما شموسهم الصغيرة إلا تجليات من شمسنا العظيمة . . - لا تبالغ كثيرا . . كثير منهم ينسى الكل لصالح الجزء . . - ربما . . لكن الجزء يمثل الكل على ما أظن . . - صدقتَ . . وها أني أراكَ تمثل بني الإنسان . . - أُمثل الإنسان بالصفات العامة فقط أما عدا ذلك فكل فرد يمثل نفسه . . - هو كذلك . . لكل فردٍ بصمة . . وهذا هو سرّ احتلافكَ حسبَ اعتقادي . . لك بصمة نادرة . . - هذه البصمة يا سيدتي هي سرّ عذابي وخصمُ سعادتي . . لا أحب من الأشياء إلا أفضلها . . ولا أحب من الجمال إلا أجمله . . ولا أطمح إلا لبعيد المنال . . - ولكنكَ تحظى أحيانا ببعيد المنال . . ! وهنا فهمتُ أنها تلمح إلى هبوطها إلى جانبي هذا اليوم لكني تجاهلتُ ذلك: - ربما . . لكنها لحظات قليلة من السعادة لا تكفي لبحر العمر المتلاطم . . - قد تستحق هذه اللحظات تعب العمر كله . . ! نهضتْ باعتذار أن وقت الغروب قد حان ثم أردفتْ: - ربما أراكَ قريبا . . ثم لوّحتْ لي بخصلاتها الذهبية وغابت في الأفق . . رحالها إزائي وكان البحر على مقربة منا يداعب الشاطئ بأمواجه الولهى.. ثم سألتني: - ألا ترى أن البحر هادئ وجميل على غير عادته هذا اليوم؟ قلت مسرورا بهذا السؤال وكأني توقعته: - نعم . . البحر هادئ يغازل الرمال وأنتِ أيضا على غير عادتكِ تجلسين معي على مسطبة واحدة . . ! ازداد إشراقها بهاءً بعد أن سمعتْ مني هذه الكلمات ، لكنها تلعثمتْ وهي تستدرك سؤالها الأول: - أنا لا أأمن هذا البحر . . كم هو جميل ومخادع . . ! تكاثفتْ زرقة البحر مع توهج الذهب المنقوع في إكليل الشمس وراحت نظراتي تسافر بين أمواج البحر الناعمة تارة وبين الخصلات الذهبية النافرة من إكليل الشمس تارة أخرى: - يُبطن البحر أكثر مما يُظهر . . هو مخادع لأن مظهره يشي بذلك لكنه في الواقع رقيق كنسمة صيف . .! لم يعجبْها جوابي فارتسمتْ علامات الإستنكار على صفحة وجهها الجميل: - أراكَ تدافع عن البحر وكأنه صديقك الحميم . . ! - نعم . . صداقتي معه بعمق أغواره البعيدة . . أحبه عندما يكون هادئا ولا أغتاظ منه عندما يثور . . له أسبابه في ذلك بالتأكيد . . - أما أنا فأراه طاغية أهوج يتهادن مع نفسه عندما يكون هادئا فقط . . ! قذفتْ كلماتها بنفسٍ مطمئنة وكأنها تتحدث عن البديهيات فأدركتُ أن لا مجال للصلح بينهما ، ومع ذلك حاولتُ المماحكة: - ربما تغارين منه . . ! ولم يحركْها استفزازي لها: - أنا في الأعالي وهو في الحضيض . . ! - ليس بالضرورة أن تكون الأعالي أفضل دائما . . ومع ذلك فإنكِ قد نزلتِ من عليائكِ وهبطتِ إلى جانبي . . ! - أنتَ شئ آخر . . مسالم على الدوام . . إضافة لوجود مساحة شاسعة للحوار بيننا . . - لا يغرنّكِ مظهري . . فأنا والبحر صنوان . . أصرتْ على موقفها فأردفتْ: - أراكَ طيّبا وتختلف عن البحر كثيرا . . فقلت مستغربا: - ولكنكِ لم تفعليها من قبل . . ! فعندما كنتُ أراكِ في ذلك البعد المترامي الذي لا حدود له لا يمكنني التصديق بالفرصة المتاحة لي الآن . . ! فقالت باطمئنانٍ بالغ: - كنتُ أراقبكَ عن كثب ، وأرصد كل تحركاتكَ . . ! - وهل راقت لكِ حماقاتي . . ؟! ضحكتْ الشمس ضحكة مكتومة لكنها انسابت إلى مسامعي كالموسيقى الملائكية: - أحيانا . . لأنك من بني البشر وهذا طبعهم . . ! ولكني معجبة بجميل تصرفاتك أيضا . . - إذن . . هبوطكِ إليّ هو المكافأة على تلك التصرفات . . ؟! - ليست مكافأة . . هو مجرد شعوري بأنكَ مختلف وأردت أن أعرف سرّ هذا الإختلاف . . ! - يا سيدتي . . أنا إنسان ذو مزاج متقلب كالبحر تماما . . لا اختلاف . . مع فارق الخلود للبحر والفناء لي . . ! - الورود فانية أيضا لكن سحرها لا يقاوَم . . ! - على الرغم من إعجابي بالورود فإني أشفق عليهن من الذبول السريع . . لكني أتطلع دائما إلى الخالدين أمثالكِ بما يثير الحسد . . ! - أحب الورود والإنسان وأرى أنهما يمثلان بعضهما البعض . . ! قلتُ بهدوء: - لا يا سيدتي . . الورود نقاء لا محدود . . أما الإنسان فلا يرتقي لذلك . . - ومع ذلك فإني أحب الإنسان بنقائه وتلوثاته . . ! - لو أنكِ تشرقين دائما يا سيدتي لاستأصلتِ ما يلوث الإنسان . . ! - عندها لا يُعَدُّ الإنسان إنسانا . . سيصبحُ شيئا آخر . . كذلك إذا أشرقتُ عليكم دائما ستصابون بالملل ولا أعدْ أحظى بحبكم . . ! فقلتُ موافقا: - تقولين الصواب . . الإفتقاد يُوَلّد الإشتياق . . ابتسمتْ على استحياء وكأني كنتُ أغازلها . . ثم التفتتْ فجأةً وقالت: - وهل تشتاق إليّ فعلاً؟ أراكَ منشغلاً بالجميلات من حولك . . ! قلتُ مدارياً: - ولكن الشمس إذا أشرقتْ حوّلتْ كل شئ إلى لا شئ . . اصطنعتْ التّغابي وتساءلتْ: - هل تتحدثُ عن شمسٍ أخرى . . ؟! - لا يا سيدتي . . أتحدث عنكِ . . وهل لدينا إلا شمسٌ واحدة . . ! - أنصتُ إلى الشعراء منكم . . يقولون أحيانا أن لديهم شموساً كثيرة . . - هي لغة الشعر يا سيدتي ولكل منا شمسُهُ . . ! ثم أردفتُ قائلا: - لكنّ جمال كل تلك الشموس ما هو إلا قبسٌ من نورك . . ! ابتسمتْ لكلماتي التي تدغدها وقالت: - أراكَ شاعرا مثلهم وكأنك تعتذر لهم عن انشغالهم عني . . ! - لا يا سيدتي . . هم يستلهمونك دائما في أشعارهم وما شموسهم الصغيرة إلا تجليات من شمسنا العظيمة . . - لا تبالغ كثيرا . . كثير منهم ينسى الكل لصالح الجزء . . - ربما . . لكن الجزء يمثل الكل على ما أظن . . - صدقتَ . . وها أني أراكَ تمثل بني الإنسان . . - أُمثل الإنسان بالصفات العامة فقط أما عدا ذلك فكل فرد يمثل نفسه . . - هو كذلك . . لكل فردٍ بصمة . . وهذا هو سرّ احتلافكَ حسبَ اعتقادي . . لك بصمة نادرة . . - هذه البصمة يا سيدتي هي سرّ عذابي وخصمُ سعادتي . . لا أحب من الأشياء إلا أفضلها . . ولا أحب من الجمال إلا أجمله . . ولا أطمح إلا لبعيد المنال . . - ولكنكَ تحظى أحيانا ببعيد المنال . . ! وهنا فهمتُ أنها تلمح إلى هبوطها إلى جانبي هذا اليوم لكني تجاهلتُ ذلك: - ربما . . لكنها لحظات قليلة من السعادة لا تكفي لبحر العمر المتلاطم . . - قد تستحق هذه اللحظات تعب العمر كله . . ! نهضتْ باعتذار أن وقت الغروب قد حان ثم أردفتْ: - ربما أراكَ قريبا . . ثم لوّحتْ لي بخصلاتها الذهبية وغابت في الأفق . . المواضيع المتشابهه: |
كاتب الموضوع | BosiCat | مشاركات | 4 | المشاهدات | 141 | | | | انشر الموضوع |
(عرض التفاصيل) عدد الأعضاء الذين شاهدوا الموضوع : 5 (إعادة تعين) | |
, , , , |
|
|