السلام عليكم سادتي الأكارم /
هي محاولة متواضعة مني للوقوف على بعض فصول الرواية :
ومع استدلالهم واستلهامهم من ذلك الإرث العلمي والحضاري للعرب خاصة ، وللعجم عامة من المسلمين ،
لا بد أن يحشروا بعض المغالطات ، ليلبسوها طهارة تلك الإنجازات التي فتحت أعين العالم لما يسمى العلم النظري والتجريبي ،
ليضعوا أقدامهم على طريق العلم ، لتكون انطلاقتهم بذلك النَفَس ، الذي تنفسه القدماء من علماء العرب والعجم من بني الإسلام ،
وإن كانت براءة الاكتشافات والاختراعات ادرجوها في قوائم انجازاتهم !
الرواية في مجملها تعرج على البحث عن الذات ، جاعلة صفحة الكون ناطقة لا يفهمها إلا من أصغى لهمهماته ، وفك شفرة أسراره ،
ينطلق من فكره بديهية بسيطة ، ينطلق من محيطه الضيق ، ليلاقي الفضاء الفسيح الذي يضج بالأسرار ، يمر على مواقف وشخوص تبين له معالم الطريق ،
من رؤيا قضت مضجعه ، إلى أمل يتبلور ليرى فيه مستقبله ، يخرُج من حيز الرعي ومناجاة الأغنام ، التي حوى وتعلم همسها وحركتها ،
إلى أن تدرَّج في حمل واكتناز مخيلته من معلومات ، فد تقاصر عقله المنكفي على ذاته أن يستوعب كنهها ، يحدوه الفضول لتعلم المزيد حديث ، فوجد في رصد المعرفة متعة ،
تُضفي لحياته طعم لم يذق حلاوته من قبل ، أناخ مطية بحثه في أول مراحله ، عند تلك المنجمة ، ليجد عندها ذلك التفسير لتلك الرؤيا التي تكررت في منامه مرتين ،
ليستصحب معه تلك الفكرة التي غُرست في مخيلته والفكرة ، عن أولئك الغجر الذين لا يعرفون معنى للحياة ، غير النصب والاحتيال ،
ومع هذا وذاك ساقه الفضول لكشف المجهول ، متناسيا ذلك المخوف من النصب والإحتيال ، وما طلب المنجمة نصيبها من ذلك الكنز المدفون ،
إلا إعادة الروح لجسده ، حيث جعلت من ذلك فرصة الهروب من استقطاع ما لديه من نقود ، لينتقل بعد ذلك بتجربة أخرى ، ليلتقي بذلك العجوز
الذي كان له الأثر البالغ في فتح أفاق تفكيره ، بحيث رافقه بحديثه في غالب رحلته ، وكأنه ظله الذي لا يفارقه ، حيث بين له بعض الأمور وأرشده على بعض الإشارات ،
وإن كان في تبيانها نوع من الغموض ، ليجعل له مساحة يعمل بها عقله ، ليصل بنفسه للمقصود .
ما زلتُ أبحر في تلك الرواية التي تعج وتضج بالإشارات ،
والرموز ، والإيحاءات :
نجدُ في طياتها الحكمة ، العبرة ، التوجيه ، الدعوة ، المراجعة ،
تنساب بين مساماتها بعض المصطلحات ، أو الأفكار التي تحتاج لتنقية ، والوقوف على أعتابها ، لكونها تخالف المبادئ ،
وما نؤمن به من ضوابط الشرع من حرمة ، وفي المحصلة :
في طواف ذلك الشاب الباحث عن الكنز الذي " نتجوَّز" وصف ذلك الكنز على أنه كنزا ماديا ومجازيا ،
ليفتح الأبواب بسعيه الحثيث ، ليعرف حقيقة نفسه وذاته ، أخذ الخيط الموصل للحقيقة من ذلك الملك العجوز ،
جميلة هي تلكم اللفتة عندما ساق تلك التجربة مع ذلك الباحث عن الزمردة ، وبعد البحث وتحطيم تسعمائة وتسعا وتسعين حجرا ،
كان الدرس أن الإنسان لا يستسلم ، فلربما يكون النجاح في المحاولة التالية ، نتوقف ليعاود أنفاسه ويعيد نشاطه ،
ولعل الواحد منا يسير في الحياة متخبط خبط عشواء ، ليس له هدف يعيش من أجله ، ولربما حالفنا الحظ حين يُساق لنا من ينبهنا ، ويوقفنا مع ذواتنا ،
ولعل انفراجة وافقت ساعة راحة البال ، لتغير لنا نمط الحياة ، للنتقل من رتابتها إلى تجديدها ،
يمر الساعي عن الجديد وما يجعله متناغما مع الكون ، باحثا عن إكسير هذه الحياة ، وبينما هو مجد في طلبه صادقا ، ومؤمنا بقضيته ،
تعتريه الظروف وتغالبه حشرجات النفس ، حين يخفق القلب ويجذبه نحو ما يُسكّن به همّه ، وتُنعش روحه ، ولربما كان ذلك مثبطا قدم عزيمته ،
فما كان حبه لتلك الفتاة إلا بابا من أبواب البلاء والإبتلاء ، لتقاس به درجة اليقين بهدفه ، تنحرف بوصلة المجد ، ولعل في ذلك زيادة ، وتبيانا بأن الرحلة لم ،
ولن تكون مفروشة بالورود ، بل يتلفعها الشوك ، وكم هو جميل ذلك الإنسجام والتلاحم ، عندما يغوص الإنسان في ذاته ومكوناته ، يستمع لنبض قلبه وجوارحه ،
لتكون لغة تتجاوز المعاجم الشارحة لمعناها ، لوجود ذلك الرابط المتلازم ، الذي يكون القلب هو المستودع ، والبصر والبصيرة اللتانِ تقودان ذلك الإنسان ،
الذي يُضفي عليه المصداقية ،
ولكوننا نحن معاشر المسلمين لنا شريعتنا ، وما يضبط حركتنا وسكوننا هو البوصلة ، التي عليها نسير ، فقد كفانا الله مؤنة البحث عن الصانع الأول لكل الخلق ،
ما ينقصنا هو تسخير تلك الحصيلة العقدية في عملية التأمل والتدبر في الكون ، أما فيما جاء في الرواية ، فهو بحث مُضني يستحق العناء لبلوغ الحقيقة المطلقة ،
التي تجمعُ شتات المبعثر في جنبات هذه الكون .
تلك الأسطورة :
هي سر الحياة التي يحيا من أجل تحقيق غايتها ذلك الإنسان المدرك لحقيقتها ، تنشأ كحلم وأمنية يتبعه سعي ،
وعمل يحصنها يقين ، وإيمان يظللها ، وينافح ، ويكافح عنها أمل ، واللبيب من يتدرج في الوصول للغاية الأسمى ، بحيث يُجدد الأهداف ،
فالإنسان قد يصل لمبتغاه ، حينها تنطفي جذوة المبادرة والحراك ، ولعل هُنالك مغالبة تحول بينه وبين الوصول لهدفه ،
من هنا :
كان لزاما أن يُجد ، ويضع في الحسبان البدائل ، وما نراه اليوم تلك الأمنيات ، التي أودعت في مستودعات التسويف والإهمال !
ليكون المستحيل هو حقيقة الحالم ، والوسنان ، ولنا في بطل قصتنا خير مثال في ترحاله ، وانتقاله من حال إلى حال .
نجد لتحركات بطل الرواية اشارات يجدها تُطل برأسها ، بين فينة وأخرى كنافخة لروح عزيمته ، إذا ما توارت عنه معالم الطريق ،
فالإشارات قد تكون معالم ، وقد تكون مؤشرات ومنبهات ، وقد تكون علامات وبراهين صدق لذاك المقال لذاك الناصح .
وفي ذاك الفصل ، والحديث عن تلكم الرحلة التي كانت وجهتها الصحراء القاحلة ،
كنت بين الماضين والممتطين لتلك الركاب ،
اتنقل بفكري اعيش المشهد ،
وكم شدني ذاك النداء من قبل الدليل وقائد المسير ،
حيث طلب منهم القسم كل بما يؤمن به ،
أكان بالله رب العالمين ، أكان المسيح ،
أكان بوذا ، أكانت الطبيعة وما تعدد من ذلك وما تنوعت الانتماءات والاعتمادات ،
حينها رأيت في ذلك تجردا وتجريدا
من كل الألقاب العلمية ،
والألقاب الاجتماعية ليتساوى الجميع ،
أخذت من ذلك عبرة بأن تلك المكتسبات ما هي إلا عارضة زائلة والأصل هو الباقي ،
ليكون قوام الإنسان ما يؤمن بها من مبادىء ، وما يتبناها من أخلاق ، لتكون له خير زاد ،
وفي الطريق وفي تلك الصحراء لا يسمع إلا صفير الريح ، ولا يشاهد إلا صحراء في مداها سراب ،
انتقال من ضجيج وصباح اطفال ومزاح وشجار ما هي إلا لحظة عابرة وكانهم دخلوا حياة الموات والبرزخ فلا تسمع له همسا !
يترقبون ما ينتظرهم من أخطار ، وايديهم على صدورهم يتمتمون ويلهجون بالدعاء ، وما أن وصلوا لتلك الواحة إلا وقد خرجوا من عالم الأرواح ،
ليعبروا عالم الأشهاد ، حينها تنفسوا الصعداء ،
" من هنا علينا تذكر ذلك اليوم الذي نفرد فيه ، وتنتزع منا الالقاب والمسميات ،
ويتخلى عنا أقرب الناس لنا ، ولا يكون لنا شفيع وانيس غير صالح الأعمال " .
وفي ذاك الفصل والحديث عن تلكم الرحلة التي كانت وجهتها الصحراء القاحلة ،
كنت بين الماضين والممتطين لتلك الركاب ، اتنقل بفكري اعيش المشهد ،
وكم شدني ذاك النداء من قبل الدليل وقائد المسير ،
حيث طلب منهم القسم كل بما يؤمن به ،
أكان بالله رب العالمين ، أكان المسيح ،
أكان بوذا ، أكانت الطبيعة ، وما تعدد من ذلك ،
وما تنوعت الانتماءات والاعتقادات ،
حينها رأيت في ذلك تجردا وتجريدا
من كل الألقاب العلمية ، والألقاب الاجتماعية
ليتساوى الجميع ويتوحدون بسبب ذاك المصير الذي يسقط
لزوم اصطحاب أي مميزات وإنجازات .
أخذت من ذلك عبرة بأن تلك المكتسبات ما هي إلا عارضة زائلة والأصل هو الباقي ،
ليكون قوام الإنسان ما يؤمن بها من مبادىء ، وما يتبناها من أخلاق ، لتكون له خير زاد ،
وفي الطريق وفي تلك الصحراء لا يسمع إلا صفير الريح ، ولا يشاهد إلا صحراء في مداها سراب ،
انتقال من ضجيج وصباح اطفال ومزاح وشجار ما هي إلا لحظة عابرة وكانهم دخلوا حياة الموات والبرزخ ،
فلا تسمع له همسا ! يترقبون ما ينتظرهم من أخطار ، وايديهم على صدورهم يتمتمون ويلهجون بالدعاء ،
وما أن وصلوا لتلك الواحة إلا وقد خرجوا من عالم الأرواح ليعبروا عالم الأشهاد ، حينها تنفسوا الصعداء ،
" من هنا علينا تذكر ذلك اليوم الذي نفرد فيه ، وتنتزع منا الالقاب والمسميات ،
ويتخلى عنا أقرب الناس لنا ، ولا يكون لنا شفيع وانيس غير صالح الأعمال " .
من تلك الصحراء القاحلة وذلك الصمت الرهيب الذي يشبه صمت اصحاب القبور ،
إلى الرجوع لعالم الشهود حيث اللقاء الهادر الذي سّكنَ تلك الهواجس ،
وبدد تلك المخاوف من فاجعات المفاجآت في وسط تلك الرمال ،
حينها كان الفضول يحرك كوامن ذلك الانجليزي الذي يمني نفسه بلقاء ذلك الخيميائي لينهل منه العلوم ،
كلٌ قد اشتغل بما جاء من اجله منه من تّبضع ، ومنهم من لاقى اهله واصحابه ، وصاحبنا اكتفى بالبحث مع ذلك الانجليزي عن طريدته ومبتغاه ،
ولنا أن نعيش مع ذلك الوصف الذي وصف به النسوة من جلباب وتلك العادات والتقاليد والمعاملات ،
وعرج على وجوب احترام ما يؤمنون بها من عادات ، ومع هذا عندما اجتمع بطل القصة بفاطمة ،
جرى على لسانها ذلك التذمر والضيق من تلك العادات التي اتعبت كواهلهم ليجعل من تلك العادات نوع من الكبت ،
والتسلط والاكراه الذي فرض عليهم عنوة !
بعيدا عن الخوض في الاحتمالات ونبش ما تخفيه وتواريه الكلمات ، نجد ذلك اللقاء لقاء بطل القصة مع تلك الفتاة ،
الذي انساه مبتغاه وهدفه ، وذلك الحب الذي تجاهل الدين ، وتسور حدود المحظورات من الفوارق الطبقية ،
والمجتمعية ، ليكون الحب هو العنوان والصخرة التي تحطم كل التباينات والاختلافات ،
بصرف النظر عن كون ذلك من المحرمات وما يدخل في تفاصيل الشرع ،
لكوننا نُعرّج على الرواية ، ولا يفوتنا ذلك الوقوف عند ذلك الخضوع ،
وذلك الاسترخاء والركون إلى إلقاء عصا الترحال للوصول لذلك المنشود من الكنوز والغنى الموعود ،
فقد خمدت جذوة الحماسة والإصرار بعدما شاهد واجتمع مع الحبيب ،
وكأن تلك المعاني المادية تضائل وخفت بريقها أمام تلك المشاعر الجياشة ،
التي تّملكت العقل والقلب وكل جارحة في ذلك المرء .
ولنا أن نتأمل في ردت فعل تلك الفتاة التي داست على قلبها لتّغلبَ مصلحة ذلك المجد ، الذي قطع الأميال والفيافي والقفار من اجل ادراك المأمول ،
لتكون له سنداً ، ورافداً ، ومغذياَ ، ونافخاَ في عزائمه الروح ، من ذلك نستخلص بأن ذلك الحب الذي تجرد من جاذبية العاطفة الآنية الحدوث ،
التي لا ترى مستقبل الأمور هو المرشح والمؤهل ليكون جذوره في أرض الحب ليكون سرمدياَ ما بقت في الجسد الروح ،
وما كان من ذلك الشاب إلا تجهيز متاع سفره بعد أن أخذ تلك الجرعات والمحفزات ليشق طريقه بأمل وتفاؤل ،
فهنالك من ينتظر نجاحه ورجوعه .