07-28-2020
|
|
سور الاربعين العظيم ( الحلقة1)
كل الاهل و كل الجيران مبهورون بالنظام التعليمي الجديد, المعلمة غالبا تكون انسة طويلة القد , مقلومة الاظافر بأحمر شفاه لامع , و ترمي هنا و هناك كلمات بالفرنسية تجذب بها اذان أولياء الامور و تبعث الطمأنينة في القلب على معاملة راقية و سلاسة في المعاملة تغنيهم عن فقيه الحي "الفقيه" , الفرق كبير جدا بين حجرة الدراسة عند الانسة ناديا و عند الفقيه ...الا والدي أطال الله في عمره فلا يزال يرى أن اللوح و القصب و صوت الفقيه الخشن هم التربية الحسنة بل هم الطريق الى جنته ... أما حصير الدوم فهو أنعم من ريش النعام و صوطه الطويل يعرف سبيله الينا كلما انخفضت اصواتنا و نحن نرتل في لا نظام بديع , كل واحد منا لا يسمع الا صوته و لا يرجو الا أن يفلت من العقوبة .
كنا ثمان اخوة ست بنات و شابين , أماكننا محفوظة في الصف الاول عند الفقيه , فوالدي يعتني بطعام الفقيه و بعطاياه , و المقابل الفقيه يعتني بنا على طريقته ...الحق يقال كنت كالماكينة أحفظ السطور و ما وراءها من شدة الخوف ... حتى أن صوتي يسمعه الجيران كل ليلة , فأنا أكمل ما بقي و انا نائمة حسب شهادة الجميع ...و الحق يقال أن شعوري الان تائه بين الفخر و العتاب... بين الطمأنينة و الخوف ... هذا السيل من التناقضات يدفع بي الى نفس السؤال ...سؤال لم أجرؤ الى اليوم على طرحه او اعرف له اجابة مقنعة .
أنا الان على مشارف الاربعين و ذاكرتي الصغيرة لازالت كبيرة , تحمل صور الزمن الذي تمايل بين الجمال حينا و بين أشياء أخرى أحيانا .
يتبع
المواضيع المتشابهه:
|