~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~

عدد مرات النقر : 222
عدد  مرات الظهور : 581,533


عدد مرات النقر : 222
عدد  مرات الظهور : 581,533

 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 10-19-2022
عبد العزيز غير متواجد حالياً
    Male
اوسمتي
الكاتب المميز تكريم اكتوبر وسام الترحيب بالاعضاء الجدد 
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 4049
 تاريخ التسجيل : Oct 2022
 فترة الأقامة : 554 يوم
 أخر زيارة : منذ 13 ساعات (03:56 PM)
 المشاركات : 16,440 [ + ]
 التقييم : 11208
 معدل التقييم : عبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond reputeعبد العزيز has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 8
تم شكره 207 مرة في 125 مشاركة

اوسمتي

افتراضي أبَنْتُكِ ثـلاثاً - وانتهى كل شيء - الظاعن :













أبَنْتُكِ ثـلاثاً :

في الثامنة من عمره كان يلهو ويلعب ببعض ألعابه فأتى إليه أخوه الأكبر وأهداه كتاباً وطلب منه قراءته ففرح به ووعده بذلك وانهمك بقراءة الكتاب بشغف بالغ ولما رأى أخوه ذلك منه بدأ بين آونة وأخرى يهديه بعض الكتب فينسجم في قراءتها ويسلو عن اللعب مع أترابه .
أُلف عنه هذا وأُثر فلم يعد أحد يعجب منه إن رآه ممسكاً بكتاب يقرؤه وشغف بكتب الأدب وأكثر من اقتنائها وقراءتها فكان يقضي الساعات الطويلة في مسامرتها - تتجاوز في بعض أيام الإجازة ثلاث عشرة ساعة - وزهد في النُّزه والرحلات الخلوية من أجلها فنادراً ما يخرج وهام باللغة العربية أشد هيام فمحضها وده وإخلاصه فركب بحرها وتسلق وعرها وكرع من نهرها ولا يزداد مع انقضاء الساعات إلا ولعاً بها وشغفاً رغم تقريع من حوله وسخريتهم اللاذعة منه فلم يكن يأبه بهم أو يحفل حتى لحب له السبيل ففوِّق للغفلة سهم الحقيقة فصدع قلبها وقدَّ كبدها فانجلت الغشاوة وزال الرين فأيقن أنه يسعى خلف سرابٍ خادعٍ فكتب هذه الكلمات : اغربي عن وجهي وغادري حياتي غير مأسوفٍ عليكِ فقد أَبَنْتُكِ ثلاثاً وثلاثاً وواحدة وعشراً بعدد أعوام هيامي بكِ وشغفي(بل بعدد سنيني العجاف التي قضيتها سعياً خلف الوهم والسراب) فلم أعد أرنو إلى قصوركِ الشماء وبساتينكِ الفيحاء ورياضكِ النضرة وجداولكِ النميرة وأنهاركِ الرقراقة فما أنتِ إلا روضة غرني بواكير ربيعها فأممتها صامّاً أذني عن الإصاخة للنصح والعذل وهمتُ بها مدة سبعة عشر عاماً غير ما سلف من التجول بين أقاحيها حتى انجلى الرَّين فألفيتُ ربيعكِ خريفاً مليئاً بالزوابع ورياضكِ مفاوز قاحلة وقصركِ أطلالاً موحشة ونسماتكِ إعصاراً مُدمِّراً فثنيتُ عنان جوادي وعدتُ أدراجي أحمل بين يدي خفي حنينٍ مخلِّفاً ورائي عمراً ذهب أدراج الرياح بين غمرات آل ودركات هجير ومستقبلاً أفل نوره وتوارى بين طيات السنين الغابرة فليتني اعتبرتُ بقول ذلك الذي قال لي : (إنك لن تجني من هذا السبيل الذي أممته سوى النصب) فما عذيري مما مضى من عمري .
أيتها المرأة أَبَنْتُكِ وَأَبَنْتُ كل ما يتعلق بكِ من قلمٍ ومَحْبَرةٍ وطَرْسٍ فغادري حياتي مشيَّعةً بالمقتِ والغضبِ والندمِ الذي لا يضرُّكِ ولا يُفيدني .
وهذه نهاية التطواف ومحطُّ عصا التِّسْيار لرحلةٍ مرمضةٍ أربتْ على ربع قرنٍ أختمها بالنقطة التي أضعها بعد آخر كلمة في هذا النص .
ثم زهد بها وبكل ما يتعلق بها وهجرها إلى غير رجعة عاضَّاً أصابع الندم على سلوكه هذا السبيل الذي أضاع لأجله مستقبله وأفنى به صدراً من شبابه .


وانتهى كل شيء :

نظر إلى أرتال الكتب في غرفته فهنا كتب الأدب ، وبجانبها كتب النحو والبلاغة والنقد ، وخلفها الروايات والقصص ، وفوق المنضدة بعض كتب التاريخ .
اتجه إلى مكان جلوسه وجلس وأجال ناظره مرة أخرى بين أرتال الكتب المتكدسة وقال : قد أمضيتُ قرابة الثلاثين عاماً في مسامرتكن (من سن الثامنة إلى قرابة سن الثامنة والثلاثين) أفلم يأن لكن إطلاق سراحي بعد ثلاثة عقود من الأسر .
ثم صمتَ قليلاً وارتشف رشفتين من كوب الشاي ثم اتكأ على الأريكة ، وأغمض عينيه ، وشرد بفكره إلى مرحلةٍ ما زال يحن إليها ويهيم بها (رغم مُشارفته على مرحلة الكهولة) حينما كان ينهض قبل بزوغ الشمس ، ويذهب إلى البقعة الخالية شمال منزلهم ليُشْعل النار مع أترابه للاصطلاء وإعداد الشاي ، أو شيِّ الدجاج , أو حينما تأتي الصبية إليه وتأخذ بيده فيذهبان لتناول الإفطار في غرفة الموقد ، ثم أفاق من شروده ونظر إلى الكتب المحيطة به وقال : أأفيق من ذلك الخيال الجميل على هذا الواقع المؤلم ؟
ثم عاد إلى شروده مرة أخرى مستعيداً ذكرى عهد الصبا العذبة وتذكر عندما كانت تلك الصبية التي تيَّمته تطل عليهم من النافذة فابتسم وقال : حتى وإن حملكِ النوى على بساطه فنأت الديار، وشسعت المسافات ، فلم يَشْعفْ ، ويَشْغفْ ، ويُحْرقْ ، ويَسْكُنْ ، ويُحَرِّكْ قلبي هوى سوى هواكِ فأنتِ لم تضيئي سمائي كنجمة أو كهلال ، بل أضأتها كالشمس في رابعة النهار والبدر في ليلة تمه .
ثم رفع كوب الشاي ورشف منه رشفتين وقال : دائماً أُعلِّلُ نفسي بالأمل وبكلمة ((هناك)) أما الآن فقد توارتْ شمس الأمل خلف سحب اليأس ، وعدتُ أدراجي أعض أصابع الندم على عمرٍ أضعته وفرَّطتُ فيه (والذي لن يؤوب إلا إذا آب القارظ العنزي) فوا أسفي ويا حسرتي على ما مضى وانقضى فيما لا نفع فيه .
ثم كز أسنانه وقال بغيظ : سأحطِّمُ محبرتي وأكْسرُ قلمي وأُمزِّقُ أوراقي وطرسي وأُغادرُ ضاحيةً كانتْ في نظري موئل السعادة وموطن النَّعيم وأُنحِّي قلب الطفل الذي لازمني جميع أعوام عمري فقد انتهى كل شيء وأضعتُ الكثير ، وأخفقتُ إخفاقاً ذريعاً فيما أممته وغذذتُ الخطى إليه .
ثم نهض وأخذ كل ما عنده من الكتب وأتلفها مُقسماً ألا يعود إليها مرة أخرى فقد كفاه ما أمضاه من أيامه سعياً خلف الوهم والسراب .


الظاعن :

لم يكن يفقه في اللغة إلا النَّزْرَ اليسير الذي يُضيء له مواضع موقع قلمه ليَنْفُثَ من خلال مداده ما يعتلج بصدره من شجى وحنينٍ .
لما بلغ الثامنة والثلاثين أيقن أنه تائهٌ في غمار المعمعة ،قد غطى على بصره رهج السنابك ، فحاد عن جادة الطريق ، وألفى نفسه في بستانٍ أفيح ، أخذ بمجامع قلبه حسنه وبهاؤه ، فحط رحاله وأقام فيه ليُبهج ناظره بأزهاره العابقة ، وأيكه الظليل ، ويُشنِّف سمعه بخرير أنهاره ، وتغريد أطياره ، وبعد مُضيِّ أكثر من اثنين وعشرين عاماً ظعن منه ، لم يقطف من أزهاره , لم يرتوِ من أنهاره , لم يستظلْ بأيكه وعزم على هجر ما لم يكن له فيه ناقة ولا جمل - بل سيق إليه رغماً عنه مذْ كان في الثامنة ، وشُغفَ به وهو في الخامسة عشرة ، وهجره وهوفي الثامنة والثلاثين - وهو يقول : وأيم الله ما هجرتُ الأدب الذي لم أستطع سبر غوره ، ومعرفة كنهه ، والاطِّلاع على سره ، إلا وأعادني إليه التلظِّي بلظى الحنين ، والاكتواء بأتن الهوى التي لا تخمد ولا تخبو إليكِ أيتها الحبيبة .
أيتها الحبيبة اللتي كان هواها لي في خضم أشجاني وكبدي سعادة وانشراحاً : لقد أصبحتُ في بحر هواكِ كالنُّون لا خلاص لي منه ولا فكاك ، فعيشي فيه وهلاكي في بعده عنه ، فإن حُمَّ القضاء ، وعزَّ اللقاء ، وشسعت المسافات ، وتناءت الديار ، فاعلمي أن وامقكِ يَرُودُ المفاوز في الدَّيَاجي ، ليَبُّثَّ البدر شجاه ، والنجم أساه ، ونسائم السحر هواه ، ويبعثَ مع أشعة الشمس حنينه لمالكة القلب آسرة اللب .
وأصبح كل صباحٍ ومساءٍ يَشْتُمُ اليوم الذي سلك فيه سبيل الأدب .


المواضيع المتشابهه:



 توقيع :


جزيل الشكر ووافر الامتنان لأخي العزيز مصمم الوهج المتفرد أحمد الحلو على التصميم البديع .

رد مع اقتباس
2 أعضاء قالوا شكراً لـ عبد العزيز على المشاركة المفيدة:
 (10-19-2022),  (10-31-2022)
 
كاتب الموضوع عبد العزيز مشاركات 10 المشاهدات 953  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع


(عرض التفاصيل الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع منذ بعد 03-29-2024, 09:10 PM (إعادة تعين) (حذف)
لا توجد أسماء لعرضهـا.
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 04:59 AM بتوقيت الرياض


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون
Designed and Developed by : Jinan al.klmah