سلبه الاحتلال نعمة البصر فأضحى منارةً للعلم والاخلاق

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-image:url('http://im90.gulfup.com/ZZ8w0j.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



يجسّد أكرم خليل الكعابنة قصة نجاح متميزة، بدأها طفلاً سلبه الاحتلال عينيه، وواصلها معلماً متميزاً يقود طلبته إلى دروب ومسالك قد لا يهتدي إليها المبصرون. الكعابنة حقق قصته عندما انتقل من دوامة ظلام الاستسلام للعجز والاعاقة الى دائرة نور العلم والايمان, فكان بمثابة الصخرة التي تحطّمت فوقها العديد من المفاهيم المغلوطة حول الاشخاص ذوي الاعاقة، وأضحى مثالاً يحتذى به في العزم والارادة والتصميم، ليتبوأ المكانة التي يستحقها في كافة ميادين الحياة.
جرائم الاحتلال بحق الطفولة


لم يكن الكعابنة وحده ضحية الاحتلال، بل نستطيع القول انه لا يخلو أي بيت فلسطيني من المعاناة جراء اليد الهمجية التي تمتد لتغتال ابسط حقوق الانسان, وها هي تسلب اكرم براءة الطفولة منذ صغره وترسم في ذهنه صورة في غاية البشاعة عن وحش الاحتلالالذي لا يعرف الرحمة, ويسرد اكرم الكعابنة ذكريات طفولته الاليمة عندما كان يلعب بالكرة مع اصدقائه في ربوع قريته (الجيب) شمال غرب القدس الواقعة بالقرب من مستوطنة جفعات زئيف الاسرائيلية حيث لم يدر حينها ماذا كان يخبئ له القدر عندما ركل الكرة باتجاه جسم مشبوه كان يعتقد ببراءته انها لعبة ولكنها كانت عبوة ناسفة انفجرت في جسده الغض, وشاءت قدرة الله ان ينجو اكرم من موت محقق ولكنه افاق في المستشفى ليجد نفسه كفيفاً. وعن معاناته في تلك الفترة يجيب اكرم بحرقة: "كان الاهل والمذياع هما مصدر التسلية الوحيدين لي كطفل لم اتجاوز حينها الثامنة من عمري حيث بقيت منعزلاً ومنطوياً على نفسي طيلة عامين بعد ان كنت طفلاً مفعماً بالحيوية والنشاط."
واردف اكرم قائلاً: "بعد عامين من الحادث المشؤوم قامت الاستاذه عدلة زغب المرشدة الاجتماعية بزيارتي في البيت وحاولت اقناع الاهل بأن أكمل دراستي في المدرسة العلائية للمكفوفين في مدينة بيت لحم ولم يكن تقبل ذلك من سهلاً على الاهل، ولكن في النهاية لم يكن هناك أي بدّ من تقبّل الواقع. وهكذا بدأ فصل جديد من حياة اكرم الذي لم يسلم من ظلم الاحتلال البالغ القسوة والجبروت.
المدرسة العلائية للمكفوفين


ويروي اكرم بعد ان كف بصره, قصة التحاقه بالمدرسة العلائية للمكفوفين في بيت لحم حيث استقبله مدير المدرسة آنذاك أ.حسين ابو هلال واحتضنه استاذه مصباح حجازي مهيئاً جميع الظروف من اجل دمجه في المدرسة, ونظراً لتفوّق اكرم، استطاع تعلّم طريقة بريل في القراءة والكتابة بسرعة قياسية, واستطاع الاندماج في المدرسة مع زملائه ومحيطه حتى اكمل الصف السابع الاساسي، وبعدها قرر ان يعود الى مدرسته التي تعلّم فيها عندما كان بصيراً، وهي مدرسة ابن خلدون الثانوية في بيرنبالا. وهناك استقبله الاستاذ فرح طه بحفاوة وساعده على اجتياز الامتحانات من خلال استعارة كتب بريل وتأمينها له.
دور الوالدة في مواجهة الاعاقة بسلاح التعليم


يسرد اكرم قصة كفاح والدته ودعمها له وقد ارتسمت على وجهه علامات الامتنان والفخر لما لها من مكانة عزيزة على قلبه لأنها كافحت بكل ما أوتيت من قوة دون أي كلل او ملل من اجل دعم ابنها لمواجهة الاعاقة بأسلحة العلم والثقافة, فيقول: "ان الوالدة عملت المستحيل من اجل توفير كتب بريل لي عندما كنت طالباً في الثانوية العامة, ولم يمنع والدتي الحنون ضيق الحال بأن تلجأ الى وزارة التربية والتعليم العالي وتطلب مقابلة العديد من المسؤولين الذين لبّوا رغبتها بدورهم وتكفّلوا بطباعة كتب بريل لتوفير احتياجات المكفوفين التعليمية".
وبالفعل, انهى اكرم دراسته الثانوية بتفوق واجتهاد وحصل على معدل 82% في الفرع الادبي من مدرسة ابن خلدون الثانوية, وتوجّه بعدها للدراسة في كلية دار المعلمين في رام الله، وبرز تحدٍ آخر لأكرم وهو كيفية توفير كتب بريل، وهنا جاء دور المدرسة العلائية للمكفوفين التي عملت على تزويده بالكتب التي تمت طباعتها هناك, ومرة أخرى استطاع اكرم ان يتفوّق ويثبت جدارته مما دفع جميع أعضاء الهيئة التدريسية في الكلية إلى مساعدته حتى تخرج بدرجة امتياز وكان الاول على دفعته, ونظراً لتفوقه تم تعيينه في نفس السنة التي تخرج فيها في المدرسة العلائية للمكفوفين ليعود الى استاذه مصباح حجازي الذي اصبح مديراً للمدرسة وقد انتابه الشعور بالسعادة الغامرة حينما علم بعودة اكرم استاذاً في المدرسة ليضفي نوراً ودفئاً على طلبته. ولم يكتف اكرم بهذا الانجاز بل اصر على مواصلة تعليمه لينهل المزيد من العلم والمعرفة بنيله شهادة الماجستير في اساليب التدريس في اللغة العربية من جامعة القدس وحصوله على درجة الشرف لتفوقه وابداعه.
قوة الارادة سر من اسرار النجاح


ولم يقتصر نجاح اكرم على الحياة الاكاديمية بل امتد ليشمل حياته المهنية كأستاذ مميز للغة العربية في المدرسة العلائية للمكفوفين. حيث استطاع ان يثبت جدارته في العديد من المحافل والمناسبات داخل المدرسة وان يكسب ثقة مديره وزملائه وطلبته, وهنا شاءت الاقدار ان يتعرف على زميلة له تعمل معلمة في المدرسة العلائية افقدها خطأ طبي بصرها ولكنها لم تيأس واكملت دراستها الجامعية في جامعة بيت لحم وعادت الى المدرسة العلائية لتعمل معلمة فيها. ولفت انتباهها اخلاق اكرم وتدينه وتفوقه ونشاطه في المدرسة فقررت التعاون معه على انجاح العديد من الفعاليات التي كانت تقام هناك وتوطدت علاقتهما المهنية القائمة على الاحترام المتبادل فقرر اكرم ان يطلب يد زميلته آيات العبيات للزواج وبعد تردد من قبل الاهل تم الزواج بسبب اصرار اكرم وتمسكه بآيات, وهنا يعود أكرم بالذاكرة الى الوراء فيقول ان استاذته الجامعية سألته عن مواصفات زوجته المستقبلية فأجاب انه يريدها ان تكون كفيفة لأنه لم يرد الزواج من مبصرة من اجل مساعدته لأن كرامته تأبى ان يستثير شعور الشفقة من أي انسان, كما انه وجد في آيات نصفه الثاني والفتاة المثالية ليقضي بقية عمره معها, وهي بالمقابل ابدت ارتياحاً وانسجاماً لما خبرته في اكرم من اخلاق عالية وارادة قوية تحدى فيها جميع الصعاب التي واجهته.
علم يتوّجه الخلق


وفي المدرسة العلائية للمكفوفين التقيت بمدير المدرسة العلائية للمكفوفين أ. مصباح حجازي حيث يقول ولا يخفي ما يجيش في صدره من مشاعر الاحترام لأكرم: "احدث اكرم تحولاً كبيراً في المدرسة العلائية للمكفوفين وانا اشعر بالاعتزاز لتواجده معنا لأنه يمثل العمود الفقري في المدرسة," ويضيف: "ان شخصية اكرم الفعالة والمؤثرة كانت انجع وسيلة ليحقق ما يصبو اليه من تفوق ونجاح، وعملت على زيادة رصيده من الثقة ليبعد عن طلبته شبح اليأس والاستسلام للاعاقة ويغرس فيهم حب العلم والمعرفة مما ترك آثاره الواضحة في نفوس الطلبة, ويتابع حجازي: " كان اكرم لا يضيع أي فرصة من اجل مناقشة طلبته وتوجيههم حتى لا تشكل الاعاقة أي عائق او هاجس في سبيل مواصلة الدراسة والحياة."
معلم نقف له تبجيلاً واحتراماً


ويروي احد طلبة اكرم وهو الطالب أحمد ابو الجديان من الصف الثامن في المدرسة العلائية للمكفوفين فيقول ان الاستاذ اكرم هو بمثابة المثل الاعلى له ولجميع طلبة المدرسة الذين لا تعرف شفاههم سوى كلمات الثناء والمديح على الاستاذ اكرم لأنه عمل على تجسيد رسالة التعليم النبيلة في تنشئة الجيل الصالح عن طريق تنمية عقولهم وتقويم سلوكهم, فقد استطاع ان ينمي في طالبه احمد حب اللغة العربية وشجعه على المشاركة الدائمة في الاذاعة الصباحية بالاضافة الى التقويم المستمر لسلوكيات الطلبة مع الحرص الدائم على بث الثقة في نفوسهم.
لقد استطاع اكرم الكعابنة ان يثبت ان الاشخاص ذوي الاعاقة هم محور التغيير في المجتمع وأثبت ان اساس اتقانه وعماد نجاحه هو بفضل الايمان بالله والتسليم بقضائه والتحلّي بالشجاعة الكافية لمواجهة تيار المجتمع واتجاهاته السلبية ونظرته الخاطئة لذوي الاعاقة, ليعلن في النهاية الانتصار في معركته ويحقق ما عجز عن تحقيقه العديد من المبصرين, ولم يكتف اكرم بتحقيق النجاح لذاته بل امتدت يده الحانية على طلبته ليحصنهم بكل ما منّ الله عليه من كفايات شخصية وعلمية ومهنية ليبعد عنهم شبح العزلة واستجداء كلمات العطف والشفقة ويهيئهم للعيش كأفراد منتجين في مجتمعهم.
وقد صدق في قصة اكرم الكعابنة قوله عز وجل في كتابه العزيز: "أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور."

منقووول

[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
,[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN

المواضيع المتشابهه:

• موقف عرب العراق من الاحتلال الفارسي
• شيلة بقولها له بعد ماقالها صمته
• مهما بلغت من التواضع والاخلاق تجد من يكرهك
• المرء يخفي الكثير خلف صمته
• حكم العبادات المبتورة عن المعاملات والاخلاق

وردة الغرام معجب بهذا

يًعّطيًكْ رٍبيً ألعّآفيًه عَلى جهُودكْ
ب إنتِظآرٍ جدِيًدِكْ بِ كْلِ شوَق
لِكْ منيً جزيًلِ آلِشكْرٍ وَآلِتِقدِيًرٍ

واياكي ريماس

سلمت أنآملك المبدعه
التي احسنت الأنتقآء والجلب
وبآنتظار جديدك بكل شوق
أرق التحآيآ لك

رائع الطرح
سلمت يمناك
تحياتى وودى

لجهودكم باقات من الشكر والتقدير
تحياتي لك

تسلم الايادي على الموضوع الرائع والمميز والجميل حبيبتي مي

يعطيك الف عافيه حبيبتي