عدد مرات النقر : 0
عدد  مرات الظهور : 591,424

العودة   منتديات وهج الذكرى > ღ القـسم الاسـلامي ღ > نفحــات ايمانيـة

نفحــات ايمانيـة يختص بالمواضيع الاسلامية العامة على منهج أهل السنة والجماعة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-12-2019   #11


الصورة الرمزية اندبها
اندبها غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1037
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : منذ 3 أسابيع (05:32 PM)
 المشاركات : 29,396 [ + ]
 التقييم :  888890339
لوني المفضل : White
شكراً: 686
تم شكره 1,089 مرة في 578 مشاركة

اوسمتي

حصريات المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً ) ( فلنتخلق بهذه الأخلاق ) ( وكونوا عباد الله إخوانا )



[frame="1 10"]
( إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِينُهُ ،
وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا،
وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ،
وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ) رواه أبو داود ،
والنسائي ، وابن ماجة .
قال تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) ( النساء )
وقال عز وجل في سورة الاحزاب:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ( الأحزاب )
أما بعد إخوتنا المؤمنين
وأحبتنا في الله
أن خير الكلام كلام الله
وخير الهدي هدي محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم )
يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ
يَحْمَدُ اللَّهَ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ:
(مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْهُ
فَلَا هَادِيَ لَهُ إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ

وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ
مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ

وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ثُمَّ يَقُولُ:
بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ......
وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ
وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ نَذِيرُ جَيْشٍ
رواه (مسلم، أبو داود، النسائي، ابن ماجه، أحمد، الدارمي )




أما بعد،
إخوتنا في الله
ألتقي بكم ونحن لا زلنا نتحلق حول
حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
الجامع الذي نهانا فيه عن إتباع الصفات التى تسيء
للمسلم الموحد الذي يؤمن أن لا اله الا الله
وأن محمد رسول الله
الصفات التى من المفترض والواجب
أن لا تكون في قلب
ولا سلوك ولاتفكير المسلم ....
وهذه الصفات التى ذًكرت هي
الحسد والضغينة والتناجش والبُغض واكل المال
بالحرام من خلال البيع على بيع بعض
وهجران المسلم لأخيه المُسلم بدون وجه حق
وحينما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم
وحدد لنا هذه الصفات أنها مُبتذلة وقبيحة
ولايليق لمسلم ان يتعامل بها ....
نبهنا على تركها ونهانا عن التعامل بها
لانها صفات تكون السبب في وأد الأخوة في الله
وعندما تنقطع أواصر الأخوة بين المسلمين
لايبقى هناك شيء يفيد أو يستفيد منه الطرف المقابل
فالكل مُبتعد مُنشغل ومنفصل عن اخيه المٌسلم
فلا يعلم عنه شيء في هل يستحق المساعدة
او النصيحة او التوجيه أو مد يد العوان له ...
كل ذلك سيندثر ولا يعد يفكر فيه المسلم
لانه إنقطع عن اخوة الأسلام ولم يراعيها
ويعطيها حقها من الأهتمام والرعاية ....
فالتخلق بهذه الصفات التى نهانا عنها
رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم تبين
وبوضوح أنها صفات لغير المسلمين
والذين تخلقوا بها وجعلوها أساس
لتعاملاتهم الشخصية الخاصة
في مابينهم وهؤلاء هم اليهود والنصارى
الذين لايتبعون
دين ولا عُرف ولا تشريع ينهاهم عن التخلق بها
وفي هذه الجمعة بأذن الله سنتكلم
عن صفة جامعة أمرنا بها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم
مُباشرة بعد أن نهانا عن الصفات السيئة
فبنبهنا وبين لنا إن أردنا النجاة والفلاح
فعلينا بأن نترجم إسلامنا وأيماننا بشريعتنا الغراء
عملياً ويكون ذلك بحُب بعضنا بعض والتعامل في مابيننا
كاخوة في الله تربطنا كلمة الله ومنهجه وطريقه
فالقاسم المشترك بيننا كبير وكبير جداً وهو أيماننا
بأننا مسلمون موحدون مؤمنون بالله وبرسوله ....
فمن البديهي جداً أننا طالما آمنا بالله وبرسوله
صلى الله عليه وسلم وأتبعنا منهجه وطريقته المُثلى
فعلينا ان نكون إخوة في الله لاتربطنا روابط
منثل الدم أو الفكر أو العشيرة أو النسب أو المصاهرة
بل إخوة يربطنا دين الله وتشريعه وهدي
رسول الله صلى الله عليه وسلم وسُنته .....
كل ذلك أتى من خلال حديث رسولنا الكريم
صلى الله عليه وسلم الذي شُرفنا بتدارسه والخوض
في معانية ودُرره خلال الجمعات الماضية ....



ففي الحديث الصحيح
الذي رواه الصحابي
الجليل أبي هريرة رضي الله عنه
حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لاتحاسدوا
ولاتناجشوا
ولاتباغضوا
ولاتدابروا
ولايبيع بعضكم على بيع بعض
وكونوا عباد الله إخواناً ، المُسلم أخو المُسلم
لايظلمه
ولايخذله
ولايكذبه
ولايحقره
التقوى هاهنا ، ويشير الى صدره ثلاث مرات
بحسب إمريء من الشر أن يحقر أخاه المُسلم
المُسلم على المُسلم حرام
دمه وماله وعِرضه .......رواه مُسلم في صحيحه
حيث قال عليه الصلاة والسلام
بعد النهى عن تلك الصفات
والتى درسناها في الجمعات الماضية
لاتحاسدوا ( الحسد )
ولاتناجشوا
ولايبيع بعضكم على بيع بعض
( التلاعب في أصول البيع والشراء )
ولاتباغضوا ( الكراهية والأحقاد )
ولاتدابروا ( التحقير للغير والهجران )
وجهنا لأن نكون عباد الله نتسم بالعبودية

الخالصة لله والتى من خلالها نعرف ونتأكد
ونتيقن اننا عباد الله خلقنا الله لنعبده ولنتبع
منهجه وتشريعه وهدي من أرسله لنا هادياً
ومُبشراً ونذيراً وداعيا َ الى الله وسراجاً مُنيراً
فقال لنا :
وكونوا عباد الله إخواناً ،
فمتى أصبحنا إخواناً في الله
فسيترتب على ذلك أن هناك واجبات
وحقوق لابد أن يتصف بها المسلم
وهذه الحقوق والشروط لصحة الأخوة في الله
أن لايكون هناك ظُلم لبعضنا بعض
ولا خذلان
ولا تفشي الكذب في مابيننا
حتى نُكذِّب بعضنا بعض
فنصل الى أن نُحقر بعضنا بعض
وهذا تماما ماقاله المصطفى عليه الصلاة والسلام
المُسلم أخو المُسلم
لايظلمه
ولايخذله
ولايكذبه
ولايحقره

فالمسلم أخو المسلم
هنا إخوتنا المؤمنون نعلم بأن المسلم أخو المسلم
وتتأكد إخوتنا لبعض بتأكيد الروابط التى
تربطنا ...وهذه الروابط ليست كمثلها
من الروابط الدنيوية ...بل هي روابط
مختلفة جداً ...
فلنسبر أغوار هذه اللفظة وهي الأخوة
ونتعلم ونعرف مفهومها وحقوقها وواجباتها
مفهوم الأخوة في الإسلام

فالأخوة في اللغة تعني :
الرابطة المتينة الموثقة،والتى تربط بين شخصين
أو أكثر تكون مظلتهم ويُعرفون بأنهم إخوة
ويكون ذلك بظهور قواسم مُشتركة بينهم
حتى أصبحوا يُعرفون بأنهم إخوة
وهذه القواسم المشتركة بينهم تتمثل
في الرضاع أو الوطن او النسب وكذلك
الأعمال المشتركة في مابينهم وكذلك القبيلة
وأيضاَ الدين ......
كل هذه القواسم المشتركة تنشأ عنها
علاقة خاصة تُسمى أخوة
لذلك نلاحظ أن الروابط المشتركة التي
تربط هولاء الناس حتى أصبحوا إخوة
هي كما ذكرت روابط وقواسم اجتماعية
تم تهيئتها حتى أصبحت شرط للأخوة ....
أما الأخوة الأخرى المقدسة والتى جاءت
لتكون مظلة شرعية حقيقية امر بها الله عز وجل
لانها ببساطة قائمة على روابط شرعية ربانية
قوية ووثيقة ودائمة ....
وتحت هذه المظلة الشرعية الحقيقية تجتمع القلوب
المُسلمة كلها فلا تحدها حدود ولا عوائق
تمنعها من التمتع بالأخوة الحقيقية
التى تربط المسلمين جميعاً في كل مكان ....
لانها جاءت لتأكيد العبودية لله والحب في الله
والاخوة في الله .....فأصبج الكل تحت مظلة الدين
الرابط القوي الشرعي الدائم.....
وإن الأخوة فى الله هي قوة إيمانية نفسية
تورث الشعور العميق بالعاطفةوالمحبة :
والاحترام : والثقة المتبادلة :
مع كل من تربطه وإياه
أواصر العقيدة الإسلامية ووشائج الإيمان
والتقوى فهذا الشعور الأخوي الصادق
يولد في نفس المؤمن أصدق العواطف
النبيلة وأخلص الأحاسيس الصادقة .
في اتخاذ مواقف إيجابية من التعاون والإيثار
والرحمة والعفو والتنفيس وقت الشدة
: والتكافل عند العجز :
وفي اتخاذ مواقف سلبية :
من الابتعاد عن كل ما يضر بالناس
في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم وكرامتهم الإنسانية
الاخوة في الله من الاعمال العظيمة
التي يتقرب بها المسلم الى ربه
فهي الاخوة الصحيحة التي ينبغي ان تبنى
عليها العلاقات بين المسلمين
فليس فيها اخوة المصلحة او المراتب
انها المنزلة التي يحبها الله
حيث يقول سبحانه وتعالى:
(انما المؤمنون اخوة)
نعم هذه هي التربية التي يريد ربنا ان
يربينا عليها ورسوله فيجب على المسلمين
ان يكونوا متآخين في الله متحابين لكي
ينالوا الدرجات العلى في الجنة
وللمحبة في الله شروط
إن توفرت وأكتملت نجحت هذه الأخوة
وظهرت نتائجها التى أسعدت المتأخين في الله
وإن لم تكتمل هذه الشروط
فشل رباط الاخوة وأصبح الرباط
مهتريء لانفع فيه .....


ولكن إخوتنا الكرام

لابد من شروط وحقوق وواجبات تتطلب
نجاح الأخوة في الله تحت مظلة الأسلام
فأن توفرت يبين ذلك أن من تحابوا وتأخوا في الله
هم في حقيقة الأمر مؤمنين موحدين يعرفون
حقوق الاخوة في الله .....
وهذه الشروط تتلخص في :
1ـ ان تكون الاخوة خالصة لله.
2
ـ ان تكون الاخوة مقرونة بالايمان والتقوى.
3
ـ ان تكون الاخوة ملتزمة بمنهج الاسلام.
4
ـ ان تكون الاخوة قائمة على التسامح في الله.
5
ـ ان تكون الاخوة قائمة على التعاون

والتكافل في السراء والضراء....
1. التناصح بين الاخوة في الأسلام
فيشترط فيها ( أي النصيحة ) أن تكون خالية من الخداع
وأن تكون متضمنة لعيوب المنصوح ،
فمن المعروف أن المسلم هو في حقيقة الأمر يعتبر
مرآة لأخيه المُسلم ، بحيث يرى كلُ عيوب الأخر
ومن خلالها يرى المحاسن والعيوب .....
هنا تقوم الاخوة على مبدأ التناصح والتوجيه بحب
للمسلم لاخيه المُسلم وبيان ان هناك نقائص وعيوب
يجب تداركها والأبتعاد عنها ....
تماماً كما نهانا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
في أن نكون إخوة فنحب لأخوتنا ما نُحبه لأنفسنا
من خيري الدنيا والأخرة ، وفي نفس الوقت نكره
لأخوتنا ما نكرهه لأنفسنا ....
من هنا تنشأ النصيحة الحقيقة التى ليس فيها
خداع ولا غش ولا حسد على نعمة
ولا كُره ولا حقد ......
كل ذلك يأتي بالتناصح والتوجيه الحقيقي .....
2. الإعانة:
والإعانة إخوتنا المؤمنون
تعني مُناصرة المُسلم لأخيه المُسلم
باللسان والجوارح، فيدفع عنه الضرب،
والشتم، والنميمة والغيبة، والأذى،
ويعينه على شدائده ومصائبه،
ويجهد نفسه ليدفعها عنها إن كان مظلومًا،
أما إذا كان ظالمًا فتكون نصرته برد ظلمه،
ويعين المسلم أخاه المسلم أيضًا بقضاء حوائجه،
وتفريج كربته، بتخفيفها أو إزالتها،
وبستر عيبهوحفظ عرضه وماله،
ومن حقوق المسلم على أخيه المُسلم
ما أورده الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
في الحديث الشريف:
(حَقُّ المسلمِ على المسلمِ خمسٌ :
ردُّ السلامِ، وعيادةُ المريضِ،
واتباعُ الجنائزِ، وإجابةُ الدعوةِ،
وتَشميتُ العاطسِ)..
.أخرجه البخاري في صحيحه
وأيضاً إخوتنا في الله
هناك آداب الاخوة في الأسلام منها:
السلام، وطلاقة الوجه،
للحديث الذي رواه الصحابي
الجليل أبو ذر الغفاري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(لا تحقرَنَّ من المعروفِ شيئًا ،
ولو أن تلقَى أخاك بوجهٍ طلِقٍ).. صحيح مُسلم.
الهدية، حيث تزيد بها المحبة،
وتزول بها الشوائب التي في النفوس.
إخبار أخيه المسلم بمحبته له، فإذا قال له:
أحبك في الله، يرد عليه أخيه:
أحبك الذي أحببتني فيه.
التزاور، ومن آدابها أن تكون بين
فترة وأخرى، ليست بالقليلة جدًا
ولا بالكثيرة جدًا، فقلتها تنتج الجفاء،


إخوتنا في الله
وهذا كله أتى في وصية رسول الأمة عليه السلام
حيث قال:
لا تحاسَدوا ، ولا تباغَضوا ، ولا تجسَّسوا
، ولا تحسَّسوا ، ولا تَناجشوا ، وَكونوا عبادَ اللَّهِ إخوانًا،
وعندما قال وكونوا عباد الله إخواناً
كان صلاة الله وسلامه عليه يعلم بعلم الله
أن الاخوة الحقيقية في الله تنتج
سلوك خاص وشعور عظيم إسمه الحُب في الله
فليس هناك فاصل أو تقاطع أو اختلاف بين
الأخوة في الله والمحبة فيه
فطالما أننا إخوة في الله تجمعنا تشريعات
ربانية دينية اسلامية ووصايا
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .....
فهذا يعني أساس أخوتنا هو أساس
ديني أسلامي حقيقي ورباني سليم......
الآيات الكريمة التى وردت في حق
التآلف والأخوة في الله والحُب فيه قوله تعالى:
(وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً
فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)
ال عمران:102)
يقول السعدي رحمه الله في تفسيرها :
( يقتل بعضكم بعضا، ويأخذ بعضكم مال بعض
حتى إن القبيلة يعادي بعضهم بعضا،
وأهل البلد الواحد يقع بينهم التعادي
والاقتتال، وكانوا في شر عظيم،
وهذه حالة العرب قبل بعثة
النبي صلى الله عليه وسلم
فلما بعثه الله وآمنوا به واجتمعوا على الإسلام
وتآلفت قلوبهم على الإيمان
كانوا كالشخص الواحد، من تآلف قلوبهم
وموالاة بعضهم لبعض )
( تفسير السعدي سورة ال عمران )
وقال القرطبي رحمه الله في تفسيرها
(أمر تعالى بتذكر نعمه وأعظمها الإسلام
واتباع نبيه محمد عليه السلام؛
فإن به زالت العداوة والفرقة
وكانت المحبة والألفة. والمراد الأوس والخزرج؛
والآية تعم. ومعنى ( فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إخوانا (
أي صرتم بنعمة الإسلام إخوانا في الدين )
( تفسير القرطبي سورة ال عمران (
وعن تآلف قلوب الأخوة في الله

يقول الله تبارك وتعالى :
( وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ
جمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ
وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) الأنفال:63
يقول السعدي رحمه الله في تفسيرها:
فاجتمعوا وائتلفوا، وازدادت قوتهم بسبب
اجتماعهم، ولم يكن هذا بسعي أحد،
ولا بقوة غير قوة اللّه، فلو أنفقت
ما في الأرض جميعا من ذهب وفضة
وغيرهما لتأليفهم بعد تلك النفرة
والفرقة الشديدة ( مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ )
لأنه لا يقدر على تقليب القلوب إلا اللّه تعالى )
( تفسير السعدي سورة الأنفال)
الأحاديث الواردة
في فضل الأخوة في الله والمحبة فيه
فالأخوة في الأسلام مبنية على أساس متين
وهو الحُب في الله
فمن المعروف لدى من إطلع على التأريخ العربي القديم
قبل الأسلام انه ليس هناك شيء أسمه الحُب في الله
حيث كانت العلاقات مبنية على ترابك منشأها الأرض
أو النسب ( المصاهرة ) أو المصالح المشتركة في مابينهم
ولما جاء الأسلام بنوره وهديه وتشريعاته
إرتفعت هذه العلاقة وظهرت علاقة سامية
شرعية تجعل الدين أرفعها وأجلها وأقواها
فكان الدين هو المُحرك الأساسي لهذه العلاقة
والتى هي ( الحُب في الله )
، ورتب على هذه العلاقة الأجر والثواب
، والحب والبغض ، فنشأ مع الإسلام مصطلح :
الأخوة في الله ، والحب في الله .
فالحب في الله تعني :
محبة المسلم لما فيه من خصال الخير
والطاعة لله تعالى، فليست لأجل المال،
ولا النسب، ولا الوطن، ولا غير ذلك.



ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأقواله في هذه العلاقة السامية ....
فقول ربنا سبحانه وتعالى عن المتأخين
في الله والمُحبين فيه
يؤكد أن الاخوة في الله والمحبه فيه
من اكثر وأعظم القربات التى يتقرب
بها المسلم لله سبحانه وتعالى
والأفضال والمزايا تتلخص في
ماقاله الله سبحانه وتعالى من خلال
أقوال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:
1ـ محبة الله تعالى:
عن معاذ رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول قال الله تبارك وتعالى:
وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين
في والمتزاورين في، والمتباذلين في (رواه مالك وغيره)..
محبة الله للمتاحبين في الله
وفى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة أن النـبى قال:
إن رجلاً زار أخاً له فى قرية أخرى،
فأرصد الله له على مدرجته،
ملكاً فلمَّا أتى عليه قال: أين تريد؟ فقال:
أريدأخاً لي فى هذه القرية. قال:
هل لك عليه من نعمة تَرُبّها؟ قال:
لا. غير أنى أحببته فى الله عز وجل، قال:
فإنى رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه.
قال النووي رحمه في شرحه:
في هذا الحديث: فضل المحبة في الله تعالى،
وأنها سبب لحب الله تعالى العبد. وفيه:
فضيلة زيارة الصالحين، والأصحاب
( شرح النووي لصحيح مسلم
كتاب البر والصلة والآداب )
وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري

رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا
وشبك بين أصابعه.....صحيح مُسلم
. قال السعدي رحمه الله في شرح هذا الحديث:
في كتاب ( بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون
الأخيار في شرح جوامع الأخبار )
هذا حديث عظيم، فيه الخبر من
النبي صلى الله عليه وسلم
عن المؤمنين أنهم على هذا الوصف،
ويتضمن الحث منه على مراعاة هذا الأصل،
وأن يكونوا إخوانا متراحمين متحابين متعاطفين،
يحب كل منهم للآخر ما يحب لنفسه،
ويسعى في ذلك، وأن عليهم مراعاة المصالح الكلية
الجامعة لمصالحهم كلهم،
وأن يكونوا على هذا الوصف ...... اهـ



2ـ احبهما الى الله اشدهما حبا لصاحبه:
أي أكثرهم حُباً لأخيه في الله
أكثرهم قٌرباً وحُباً الى الله عز وجل ....
عن ابي الدرداء رضي الله عنه يرفعه قال:
(ما من رجلين تحابا في الله الا كان احبهما
الى الله اشدهما حبا لصاحبه).. (رواه الطبراني)..
3ـ الكرامة من الله:

عن ابي امامة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ما من عبد احب عبدا لله الا اكرمه عز وجل)..
(اخرجه احمد بسند جيد
اي بالايمان،
والعلم النافع، والعلم الصالح، وغيرها من النعم.
4ـ الاستظلال في ظل عرش الرحمن:

عن ابي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ان الله تعالى يقول يوم القيامة:
اين المتحابون بجلالي؟ اليوم اظلهم في ظلي
يوم لا ظل الا ظلي (رواه مسلم)
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
في مجموع الفتاوى فقوله:
اين المتحابون بجلال الله؟
تنبيه على مافي قلوبهم
من اجلال الله وتعظيمه مع التحاب فيه،
وبذلك يكونون حافظين لحدوده دون الذين
لايحفظون حدوده لضعف الايمان قلوبهم..
وعن ابي هريرة ايضا رضي الله عنه قال:
قال رسول صلى الله عليه وسلم:
سبعة لايظلهم الله تعالى بظله يوم لاظل الا ظله:
امام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله
ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله
اجتمعا عليه وتفرقا عليه.. (متفق عليه).
5ـ وجد طعم الايمان:
قال عليه الصلاة والسلام:
(من احب ان يجد طعم الايمان
فليحب المرء لا يحبه الا لله)..
(رواه الحاكم وقال: صحيح الاسناد ولم يخرجاه واقر الذهبي.
6ـ وجد حلاوة الايمان

عن ابي هريرة رضي الله عنه قال:
قال الله صلى الله عليه وسلم: من سره ان
يجد حلاوة الايمان فليحب المرء
لا يحبه الا لله (رواه احمد والحاكم وصححه الذهبي).
وعن انس رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان:
(ان يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما
وان يحب المرء لايحبه الا لله وان يكره
أن يعود إلى الكفر بعد اذ انقذه الله منه
كما يكره ان يلقى في النار) (متفق عليه)..
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله

في مجموع الفتاوى عن هذا الحديث قوله :
اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان هذه الثلاث
من كن فيه وجد حلاوة الايمان
لان وجود الحلاوة في الشيء يتبع المحبة له
فمن احب شيئا او اشتهاه اذا حصل له مراده
فانه يجد الحلاوة واللذة والسرور بذلك
واللذة امر يحصل عقب ادراك الملائم
الذي هو المحبوب او المشتهى..
فحلاوة الايمان تتبع كمال محبة العبد لله
وذلك بثلاثة امور تكميل هذه المحبة وتفريعها
ودفع ضدها فتكميلها ان يكون الله ورسوله
احب اليه مما سواهما فان محبة الله ورسوله
لايكتفى فيها بأصل الحب بل لابد ان يكون
الله ورسوله احب اليه مما سواهما و(تفريعها)
ان يحب المرء لايحبه الا لله ودفع ضدها
ان يكره ضد الايمان اعظم من كراهته الالقاء في النار. ..أ. هـ
7. استكمال الايمان:

عن ابي امامة رضي الله عنه قال:
(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من احب لله، وابغض لله، واعطى لله،
ومنع لله، فقد استكمل الايمان)..
(رواه ابو داوود بسند حسن).
8. دخول الجنة:

عن ابي هريرة رضي الله عنه قال:
(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا
اولا ادلكم على شيء اذا فعلتموه تحاببتم
افشوا السلام بينكم).. (رواه مسلم).
9ـ قربهم من الله تعالى ومجلسهم منه يوم القيامة:

عن ابي مالك الاشعري قال:
كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم
فنزلت عليه هذه الاية
(يا أيها الذين آمنوا لاتسألوا عن
اشياء ان تبد لكم تسؤكم) (المائدة)
قال فنحن نسأله اذ قال:
ان لله عبادا ليسوا بانبياء ولا شهداء يغبطهم
النبيون والشهداء بقربهم ومقعدهم
من الله يوم القيامة قال وفي ناحية القوم اعرابي
فجثا على ركبتيه ورمى بيديه ثم قال
حدثنا يارسول الله عنهم من هم؟
قال فرأيت في وجه النبي صلى الله عليه وسلم
البشر فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(هم عباد من عباد الله من بلدان شتى وقبائل شتى
من شعوب القبائل لم تكن بينهم ارحام يتواصلون
بها ولا دنيا يتباذلون بها يتحابون بروح الله
يجعل الله وجوههم نورا ويجعل لهم منابر
من لؤلؤ قدام الناس ولا يفزعون
ويخاف الناس ولا يخافون)..

(رواه احمد الحاكم وصححه الذهبي)..






10. الوصول لمراتب عالية بمحبتهم لأخوانهم في الله
فسبحان الله أخوتنا الكرام
وهذه من النِعم التى منّ الله بها على المتحابين فيه
بأخوتهم في الله لصلاحهم وتقوتهم وأستقامتهم
يلتحقون بهم مباشرة الى مراتبهم ومكاناتهم العالية
فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
يارسول الله كيف تقول في رجل احب قوما
ولم يلحق بهم قال:
(المرء مع من احب).. (الصحيحان)
. وفي الصحيحين ايضا عن انس رضي الله عنه
ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم متى الساعة؟
قال ما اعددت لها؟
قال ما اعددت لها من كثير صلاة ولا صوم
ولاصدقة ولكني احب الله ورسوله قال :
انت مع من احببت.....
قال انس فما فرحنا بشيء فرحنا بقول
النبي صلى الله عليه وسلم
انت مع من احببت
فانا احب النبي صلى الله عليه وسلم
وابا بكر وعمر وارجو ان اكون معهم
بحبي اياهم وان لم اعمل بمثل اعمالهم
صفات من تختار أخوته ومن تجتنب
إخوتنا في الله
نصل الأن لمعرفة من هم الذين
يحق لنا أن نحبهم ونتآخى معهم
فلابد أن يكون هناك شروط تكون الفيصل
بين من يستحق أن يكون اخ في الله وبالتالي نحبه
أو لايدخل في هذا المضمار ...
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(الرجل على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل)
. (رواه أبوداود ...)
وهذه الصفات تتمحور في الآتي:
1. أن يكون ذا دين وتقوى ،
بخلاف من ليس كذلك ،
ولكل منهما علامات يعرف بها ،
فعلامة ذي التقوى :
حرص على فرائض الله ، كالصلاة ونحوها ،
ونظافة لسانه من السب واللعن والغيبة وغيرها ،
ونصحه لصاحبه ، ومحبته للصالحين ،
وبعده عن الرذائل والفواحش ،
وإعانته على الطاعة وتثبيطه عن المعصية ،
ونحو ذلك من الصفات ،
2. قال صلى الله عليه وسلم :

(لا تصاحب إلا مؤمناً ، ولا يأكل طعامك إلا تقي)
. (رواه أبوداود )
3. أن يكون عاقلاً ،

فلا خير في صحبة الأحمق ،
لأنه قد يريد نفعك فيضرك.
4. أن يكون حسن الأخلاق ،

فسيء الخلق ضرره إليك واصل ،
ولو لم يكن من ذلك إلا أنه قد يعديك بسوء طباعه ،
أو يؤذيك بكثرة خصامه .
5. أن يكون صاحب سنة ،

وإياك وصاحب البدعة ، فإنه يجرك إلى بدعته ،
ولا أقل من أن يشوش فكرك ، ويؤذي خاطرك
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
فأستغفروه أنه هو الغفور الرحيم
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم



الحمدُ لله نحمدُه، ونستَعِينُه ونستهدِيه،
ونستَغفِره ونتوبُ إليه،
ونعوذُ بالله من شُرور أنفُسنا وسيِّئات أعمالنا،
مَن يهده الله فلا مُضلَّ له،
ومَن يُضلِل فلا هاديَ له،
وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحدَه لا شريك له،
وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله،
الذي قال: ((بُعثتُ لأُتمِّمَ مكارمَ الأخلاق))،
صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحابته
السائرين على نهجه، والممتَثِلين لأوامره
والمنتَهِين عن نواهيه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
إخوتنا الكرام
كل الذي تم ذكره وشرحه هو فقط
لبيان مقدار الاخوة في الله ومقامها الرفيع عند
الله سبحانه وتعالى والتى تُعتبر المحرك
الرئيسي والناتج الحقيقي لأي مُسلم
فالأسلام أساس بنيانه هو الأخوة في الله
فعندما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
وكونوا عباد الله إخواناً
كان صلاة الله وسلامه عليه يعلم
ما للأخوة من مقام عند المسلم
من خلال نتائجها وفوائدها والامور التى
تترتب عليها عند الله سبحانه وتعالى
وكل ذلك في مصلحة المُسلم المُحب لأخيه المُسلم
وبالطبيعي إخوتنا الكرام
عندما يكون المُسلم أخ للمسلم
فهذا يعني أن لا

لايظلمه
تظالم يتظالم ، تظالما ، فهو متظالم•
تظالم القوم : ظلم بعضهم بعضا

يتظالم الناس في دولة لا ترعى القانون
ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسي
وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ( حديث قدسي )
ولايخذله

"كَانَ يَعْتَمِدُ عَلَى نُصْرَتِهِ فَخَذَلَهُ أَوْ خَذَلَ عَنْهُ"
: تَخَلَّى عَنْهُ، تَرَكَ نُصْرَتَهُ.
ولايكذبه
كذب [ مفرد ] : مصدر كذب / كذب على
قول يخالف الحقيقة مع العلم بها
عمود الكذب البهتان
إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور
( وإن يك كاذبا فعليه كذبه }
ولايحقره
* حقر يحقر:
حقرا وحقارة وحقارة
وحقرة ومحقرة وحقرية.
: استصغره، استهان به
. -الشيء: هان قدره ونقص.
فلا يمكن بحال من الأحوال أن يكون المُسلم
أخُ للمسلم وفي نفس الوقت يظلمه ويخذله
ويكذبه ويحقره ....
فكل هذا الصفات الشنيعة المنهي عنها
لاتتوافق مع الأخوة في الدين والمحبة في الله
لذلك أوضح رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم
أن نكون إخوة في الله بشرط
الا نتظالم ولا نُحقر بعضنا بعض ولا نُكذِب
بعضنا بعض يخذل بعضنا بعض
عندها ستسموا علاقتنا ببعض
لمرحلة أننا أصبحنا منصهرين في بوتقة
الحُب في الله والرضى بما قسمه الله لنا
وبالتالي مصيرنا سيكون للرضى والقبول
والجنة والدرجات العالية الرفيعة
مع من تحابوا في الله وتآخوا فيه.....



إخوتنا المؤمنون
إتقوا الله في ما أمر
وانتهوا عن مانهى عنه وزجر
وأتصفوا بالتسامح في مابينكم
ولينوا جانبكم وأحسنوا مُعاملتكم
وأخلصوا أعمالكم كلها لله تفوزون برضوان ربكم
ولاتجعلوا لهذه الصفات الذميمة مكان في قلوبكم
فلا تتدابروا وتخلقوا بأخلاق من سبقكم
من الصحابة والسلف الصالح
وعلى رأسهم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
وكونوا إخوة في الله
وتحابوا وأعلموا أن الأخوة في الله
والمحبة فيه ثمنها ومقامها رفيع يوم القيامة
فيكفي أن تصاحب من أحببت في الدنيا
على هدي وتشريع ديننا الحنيف
ستجده أينما كان وستصاحبه حيث ما كان
فأجعلوا محبتكم لبعضكم بعض
مصدرها وشروطها وبيانها حُب الله
فلا مصلحة دنيوية ولا مطامع آنية
بل كله لله إخوة في الله وحُب في الله ...
اللهم تقبّل أعمالنا الصالحة
خالصة لوجهك الكريم وأحفظنا من مراذل الصفات
من حسد وبُغض وكراهية لأخوتنا الموحدين
لله المُتبعين لشرعه
وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم
وبارك لنا في أهالينا
وبارك لهم ولنا في ديننا ورضاك عنّا يا رب العالمين
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا،
وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به
بيني وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك
، ومن اليقين ما تهوّن به علىّ وعليكم مصائب الدنيا.
اللهم لا هادي لمن أضللت، ولا معطي لما منعت،

ولا مانع لما أعطيت، ولا باسط لما قبضت،
ولا مقدّم لما أخّرت، ولا مؤخّر لما قدّمت،
اللهم أرزقنا حبك وحب من يحبك،
اللهم لاتمنع بذنوبنا فضلك
ورحمتك يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين،
اللهم لاتسلط علينا بذنوبنا من لايخافك فينا ولا يرحمنا.
إن الله يأمر بالعدل والأحسان وإيتاء ذي القُربى
وينهى عن الفحشاء والمُنكر والبغي
يعضكم لعلكم تتذكرون
فاذكروا الله يذكركم وأشكروه على نِعمه يزيدكم
ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم
وأجارني الله وإياكم من خزيه وعذابه الأليم
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وصلىّ اللهم على نبيك ورسولك صلى الله عليه وسلم
أخوتنا الكرام
سنعيش مع ماتبقى من الحديث لنتعلم ونتدارس
ونحذر من أن نتخلق بصفة من الصفات المذمومة
في الجمعات القادمة بأذن الله تعالى ....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم .....اندبها
[/frame]

رابط الموضوع الاصلي

http://wahjj.com/vb/showthread.php?t=28890
المنبر ( متجدد أسبوعياً ) ( فلنتخلق بهذه الأخلاق ) ( وكونوا عباد الله إخوانا )



 
 توقيع :

الشكر والتقدير والكثير جدا من الود والأحترام للفاضلة
حُرة الحرائر التى اهدتني هذه اللمسة الطيبة
الاخت ....( نجمة ليل )



التعديل الأخير تم بواسطة الغريبة ; 09-02-2019 الساعة 01:23 PM

2 أعضاء قالوا شكراً لـ اندبها على المشاركة المفيدة:
 (07-26-2019),  (01-11-2022)
قديم 08-24-2019   #12


الصورة الرمزية اندبها
اندبها غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1037
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : منذ 3 أسابيع (05:32 PM)
 المشاركات : 29,396 [ + ]
 التقييم :  888890339
لوني المفضل : White
شكراً: 686
تم شكره 1,089 مرة في 578 مشاركة

اوسمتي

حصريات المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً ) ( التقوى ها هنا .. التقوى ها هنا .. التقوى ها هنا )



[frame="1 10"]
( إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِينُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ،
وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا،
وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ،
مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ
، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ )
رواه أبو داود ،والنسائي ، وابن ماجة .
قال تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً
وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) ( النساء )
وقال عز وجل في سورة الاحزاب:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ( الأحزاب )
أما بعد إخوتنا المؤمنين
وأحبتنا في الله
أن خير الكلام كلام الله
وخير الهدي هدي محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم )
يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ
يَحْمَدُ اللَّهَ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ:
(مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْهُ
فَلَا هَادِيَ لَهُ إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ

وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا
وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ

وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ثُمَّ يَقُولُ:
بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَة كَهَاتَيْنِ......
وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ
وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ نَذِيرُ جَيْشٍ
رواه (مسلم، أبو داود، النسائي، ابن ماجه، أحمد، الدارمي )


عباد الله ..
أما بعد،
في ألأيام الماضية كُنّا قد أحتفلنا
بموسم من مواسم
الفرح والسرور للناس عامة،
وبمشاطرة لحجاج بيت الله في إنهاء مناسك حجهم
لكن أفراح المؤمنين وسرورهم في الدنيا
تتميز عن أفراح غيرهم؛
إذ هي أفراح لهم حين فازوا بإكمال طاعته،
وحازوا ثواب أعمالهم بوثوقهم
بوعده لهم عليها؛ بفضله ومغفرته،
كما قال تعالى:
{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ
فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} يونس: 58
أحبتِنا في الله
يحق لنا ان نفتخر بما أسبغه الله علينا
من نِعم لا تُعد ولا تُحصى ، فمن بينها
الاعياد الخاصة بنا نحن الموحدين...
فهذا ما أوصانا به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم
بأنه لنا أعياد نفرح فيها ونبتهج
ولا نماري الكفرة من اليهود والنصارى
ونتملقهم ونشتمهم من ناحية ونحتفل بأعيادهم
من ناحية اخرى ، وكأننا أُمة ليس لها منهج ولا تشريع
ولادين ولا أُسس نتخذها هدىً وطريق
فهذا الذي جرى ويجري في هذا الزمن
أننا نوالي المِلل الكافرة الأخرى
في كل شيء بدء من ثقافتهم وانتهاء بسلوكهم الشائن
بدء بعباداتهم لشهواتهم وإستحداث أعياد
ومناسبات ، خلقوها وأسبغوا عليها القدسية
ونشروها ، فتلقفناها بسرور وبغبطة وكأننا لُقطاء
لا أهل ولا دين ولا مِلة وتشريع ولا خُلق يمنعها
من أن نتبع أهواء الغرب الصليبي الكافر....
ففي الأيام الماضية تشاطرنا الفرح والسرور مع حُجاج بيت
الله الحرام بأنتهاء مناسك حجهم وإكتمال أحد الأركان الأساسية
في الحج والذي بدونه لايكتمل الحاج حجه
وهو الوقوف بعرفة....
فأحتفلنا نحن بعيد الأضحى وقدمنّا الأضاحي لله
في إحياء منسك النبي أبراهيم عليه السلام
فأحيينا هذه الشعيرة فذكرنا الله على نعمه وفضله
كما قال تعالى:
(35) وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ
فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا
وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ
وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
(36) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا
وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا
لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ
وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37) ... الحج
فابالأمس القريب وقفوا على جبل عرفة
طلباً للرضى والقبول وغفران الذنوب
مهللين ومُكبرين وتلهج ألسنتهم بالذكر والدعاء
لرب الأرض والسماء ....
فكان لهم ما أرادوا
فتقبل اللهم حجهم وجعله الله تعالى
حجاً مبروراً مقبولاً
ولا حرمنا الله وإياكم من أداء هذا الركن
إخوتنا في الله
في البداية أعتذر لكم جميعاً على تأخري
في الأيام الماضية للأستمرار في سلسلة
المِنبر وإستكمال فهم لطائف الحديث
الشريف الذي رواه الصحابي الجليل
أبي هريرة .....
ولذلك لوعكة صحية ألمّت بي منعتني حتى من التحرك
فما بالكم بالكتابة ...ولكن الأن الحمد الله ذو الفضل والمِنّة
أصبحت بخير وها انا أعود لهذه السلسلة
ومُستكمل فيها بقية الحديث
ففي الحديث الصحيح
الذي رواه الصحابي
الجليل أبي هريرة رضي الله عنه
حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لاتحاسدوا
ولاتناجشوا
ولاتباغضوا
ولاتدابروا
ولايبيع بعضكم على بيع بعض
وكونوا عباد الله إخواناً ، المُسلم أخو المُسلم
لايظلمه
ولايخذله
ولايكذبه
ولايحقره
التقوى هاهنا ، ويشير الى صدره ثلاث مرات
بحسب إمريء من الشر أن يحقر أخاه المُسلم
المُسلم على المُسلم حرام
دمه وماله وعِرضه .......رواه مُسلم في صحيحه
حيث قال عليه الصلاة والسلام
بعد النهى عن تلك الصفات
والتى درسناها في الجُمع الماضية
وهي لاتحاسدوا ( الحسد )
ولاتناجشوا
ولايبيع بعضكم على بيع بعض
( التلاعب في أصول البيع والشراء )
ولاتباغضوا ( الكراهية والأحقاد )
ولاتدابروا ( التحقير للغير والهجران )
وختمنا هذه المناهي التى نهانا عنها
الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
بأمر وتوجيه ونُصح لأن نكون إخوة في الله
نتآخى كمسلمين موحدين لله سبحانه وتعالى
ومُتبعين لسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم
فنحُب بعضنا بعض
ولكي ننجح في إخوتنا لبعض أمرنا
أن لا نتظالم ونتبع الظُلم وأهواءه
ولا الخذلان وطُرقه
ولا نتبع الكذب وأساليبه
ولا نُحقِر بعضنا بعض ونقلل من شأن إخوتنا
حتى نصل لمرحلة الأخوة الكاملة
التى أوصانا بها ....
ويكون رافدها التقوة والصلاح والهدي
فبيّن لنا وبكل قوة وصلابة وصراحة
إن فعلنا ما أمرنا به نكون من المُتقين
المُحبين لله وللرسول ...
فلا تحقير ولاصفات مُبتذلة تشين المُسلم
فقال بعد أن وجه يده لصدره
وكأنه يشير إلينا أن هناك مكان
مهم يجب أن نعرفه ونفهم محتوياته
حتى نكون كما أراد الله لنا أن نكون
فقال التقوى ها هنا
التقوى ها هنا
التقوى ها هنا
وهو يشير لصدره الشريف
ثلاث مرات ....
ثُم قال:
بحسب إمريء من الشر أن يحقر أخاه المُسلم
المُسلم على المُسلم حرام
دمه وماله وعِرضه .......رواه مُسلم في صحيحه


إخوتنا في الله
نقف عند هذه الكلمات العظيمة
وهذا الفِعل وهذه الأشارات التى أوصلها
لنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
بحركة من يده الشريفة وهو يوجهها لصدره
فلماذا قال التقوى ها هنا وكررها ثلاث مرات
وحسبي أنه أراد ان يبين لنا
أن التقوى في القلوب التى تسكن في الصدور
لذلك يُعتبر اهمية الصدر والقلب في الدين
الأسلامي ذو أهمية خاصة حيث أشار الله اليهما
في أكثر من موضع ليبين لعباده أن
الصدر والقلب هو مستودع الخير والشر
والظلال والهدى والأيمان

والكُفر والتقوى والحياد
أي القلب .....
ففي القلب الصلاح والخسران
والأستقامة والأعوجاج
والذي يؤكد هذا التفسير إشارة
النبي صلى الله عليه وسلم
الى صدره ثلاث مرات ليبين
إن صلح القلب استقامت الجوارح،
ومتى فسد القلبُ وخبث فسدت الجوارحُ،
كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري
في صحيحه ( كتاب الأيمان )
الذي ظهرت فيه إعجازات طبية نبوية
في هذا الحديثحينما تحدث عن صلاح الجسد
والروح من صلاح القلب ....
حيث رواه البخاري في صحيحه حين قال :
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ قَالَ
: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ:
" الْحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ
لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ .
فَمَنْ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ،
وَمَنْ وَقَعَ فِى الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ
الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ. أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى،
أَلا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِى أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ.
أَلا وَإِنَّ فِى الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ
صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ
الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِى الْقَلْبُ.....صحيح البخاري


ونقف الآن إخوتنا وأحبتنا في الله
وقفة مع أحد العلماء الأفاضل في بيانه أن هذا الحديث
فيه من الأعجاز الرباني النبوي الشيء الكثير
فهناك ملاحظة مهمة إخوتنا الكرام
وأريد إيضاحها وهي قضية ونقطة الأعجاز
العلمي في القرآن والسُنة ورأي الدين فيه
فقد قال العلماء الأفاضل :
أن ظهور شروحات للأعجاز العلمي للقرآن الكريم
أو للسُنة المطهرة يأتي من باب
تأكيد مانؤمن به من أن القرآن الكريم صحيح
ولا مجال لأثبات صحته من عدمها بأتخاذ الأساليب العليمة
ومقارنتها بالظواهر العلمية لأثبات الصحة من عدمها
كذلك بالنسبة للسُنة الشريفة وهي أقوال وأفعال
الرسول صلى الله عليه وسلم ، أيضاَ نقول أن ماقاله
وثبتت صحته فنؤمن بأنه صحيح ولا مجال للبحث
عن تفسيرات علمية او اعجازية لأثبات صحة الحديث
أما أن كان الأعجاز العلمي سوى الطبي
أو الصناعي أو العلمي العام من كيمياء أو فيزياء
يخدم القرآن والسُنة ويؤكد صحتهما فلا بأس
بالأخذ بما يتم كشفه والتأكد من صحة الأكتشاف
أو البحث أو النتائج المترتبة على ذلك...
بشرط أن يكون الأعجاز تم التأكد من صحته
ولا شك في نتائجه ......فيتم الأخذ به
أما إن كان مجرد نظريات تم إكتشافها ولم يتم
التاكد من صحتها علمياً ....
فلا يصح الأخذ بها وتداولها
على أنها إعجاز قرآني أو غير ذلك....
وما إستشهادي بقول أحد العلماء المسلمين
بمسألة طبية تختص بالقلب وعمله
وأهميته لجسم الأنسان على أنه عضلة مهمة
تؤكد قول الرسول صلى الله عليه وسلم
في قوله وبيانه عن القلب وصلاحيته للجسم ....
لذلك إخوتنا الكرام
وجب أن ننتبه جيداً للمواضيع المنتشرة
والتى تتحدث عن الأعجازات الطبية
والعلمية في القرآن الكريم والسُنة
والغير مُتأكد من صحتها ، والتى تُشبه
النظريات الغير مُجربة أو مشكوك في صحتها
هنا لايجب الأخذ بها أو تداولها لانها غير صحيحة
والتى يقول أصحابها أنها أتت لبيان صحة
القرآن الكريم أو السُنة
وهذا أمر غير صحيح وغير مقبول
فلا يجب أن نعتمد على دراسات وبحوث ونظريات
لازالت تحت الدراسة والتجريب ويتم حشرها
على أنها إعجازات قرآنية .....
ولللتوضيح أكثر عن موضوع الأعجازات العلمية
وما فيها من شُبهات وأقوال العلماء فيها
فلا داعي للخوض فيها أكثر
فيمكن الرجوع لموضوع متكامل
كنت قد نشرته هنا
في هذا المنتدى تحت عنوان
( يقول لا أتبع أوامر ونواهي الله
الا بدراسة أو بحث ...
http://www.wahjj.com/vb/showthread.php?t=18297)
فمن أراد الفهم أكثر فيمكن الرجوع إليه لأستيعاب الفكرة
لذلك نعود لشرح عمل القلب وأهميته
حيث قال الدكتور زغلول النجار :
في هذا الحديث الشريف لمحة من لمحات
الإعجاز العلمي؛
إذ إن أي مرض يصيب القلب
فيفسده يؤثر على سائر الجسد فيفسد؛
وذلك لأن القلب يقوم بضخ الدم
غير النقي ـ غير المؤكسد ـ
من البطين الأيمن إلى الرئتين حيث يُنَقَّى بأكسدته,
ويعود الدم المؤكسد النقي من الرئتين
إلى البطين الأيسر الذي يضخه إلى كل أجزاء الجسم,
فيمد تريليونات الخلايا المكونة لجسم الإنسان
بغاز الأوكسجين والغذاء,
وإذا اضطربت هذه الوظيفة أو اختلت
وفسدت وصل هذا الفساد إلى سائر خلايا الجسد.
ويسترسل الدكتور في الشرح والبيان فيقول:
ويعجب القارئ لحديث رسول الله الذي
يصف هذه الحقيقة بدقة فائقة فيقول
صلى الله عليه وسلم ـ:
" ألا إن في الجسد مضغة, إذا صلحت
صلح الجسد كله, وإذا فسدت فسد الجسد كله
ألا وهي القلب ".
وهي حقيقة طبية لم يدركها علم الإنسان
المكتسب حتى قام ابن النفيس ( وهو أحد العلماء المسلمين )
باكتشاف الدورة الدموية الصغرى في
القرن الهجري السابع (الثالث عشر الميلادي),
وظلت فكرته مطمورة منسية لأكثر من ثلاثة قرون
حين حاول بعض الغربيين نسبتها لأنفسهم فأحيوها,
وطوروها, وأضافوا إليها
, وأصبح من الثابت علمياً أن القلب
إذا صلح استقامت الدورة الدموية وصلح الجسد كله,
وإذا فسد القلب فسد الجسد كله,
يفيد بكل هذا الحديث الشريف.
ومعروف لنا اليوم أنه طالما كان القلب صالحاً
استقامت الدورة الدموية
ونالت كل خلية حية في الجسم حظها
من الدم الذي يحمل لها الغذاء والأوكسجين
وبه يتم احتراق المواد الغذائية وانطلاق الطاقة
وإذا فسد القلب اختلت الدورة الدموية
واختل وصول الغذاء والأوكسجين
إلى خلايا الجسم فيفسد.
ولكن للقلب في كتاب الله وفي سنة
رسوله ـ صلى الله عليه وسلم
وفي مفاهيم كثير من الناس مدلول غير تلك الكتلة
من اللحم الرابضة في القفص الصدري
تضخ الدم إلى كافة خلايا الجسم
وهو مدلول يتعلق بالعواطف والمفاهيم
والأفكار والعقائد والفهم
وركائز الأخلاق وضوابط السلوك
في هذا الحديث النبوي الشريف
إذا أخذ على جانبه المادي العضوي
الملموس وإذا أخذ على جانبه المعنوي
الروحاني الغيبي فإننا نجده صحيحًا دقيقًا شاملاً؛
فالقلب بمدلوله المادي هو قوام حياة الجسد،
إذا صلح صلح الجسد كله, وإذا فسد فسد الجسد كله
والقلب بمدلوله المعنوي قوام العواطف والعقائد
والمفاهيم والأفكار, وركائز الأخلاق
وضوابط السلوك، فإذا صلح صلحت كل هذه الزوايا
وبصلاحها ينصلح الجسد كله.....أ.هـ


وندخل إخوتنا الأفاضل
في فوائد هذا الحديث والمفاهيم التي
يحملها والرسائل المتضمنه له...
لتأكيد إشارة النبي صلى الله عليه وسلم
الى صدره حين قال :
التقوى هاهنا ثلاث مرات ....
بعد أن نهى عن تحقير المُسلم لأخيه المُسلم
الفائدة الأولى:
صلاح العمل مرتبط بصلاح القلب،
وفساده مرتبط بفساده،
يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى:
القوم إذا صلحت قلوبهم فلم يبقَ فيها
إرادة لغير الله عز وجل صلحت جوارحهم
فلم تتحرك إلا لله عز وجل،
وبما فيه رضاه
. ويقول أيضًا:
ويلزم من صلاح حركات القلب صلاح
حركات الجوارح
. والواجب علينا أن نعلم:
أن الإيمان قول وعمل ونية،
وأن صلاح الباطن يؤثِّر في صلاح الظاهر،
وكلما ازداد صلاح الباطن
كان ذلك زيادة في صلاح الظاهر
. ومما يدل على هذا الترابط أيضًا
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ،
وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ، وَأَعْمَالِكُمْ....رواه مسلم
الفائدة الثانية
: يجب على المسلم أن يهتم بصلاح قلبه،
فيتفقده دائمًا، ويتجنب ما قد يعرض له
من المفسدات، سواء أكانت من الشبهات
أم من الشهوات؛ وذلك لأنه إذا صلح القلب
تبعته جميع أعضاء البدن،
. الفائدة الثالثة
: مما يعين على صلاح القلب:
التضرع إلى الله تعالى، واللجوء إليه،
وكثرة الدعاء؛ يقول الله تعالى :
مخبرًا عن دعاء عباده الراسخين في العلم:
( رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا
هَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) ...آل عمران:8.
وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:
اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ
صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ....؛ رواه مسلم
وكان صلى الله عليه وسلم يعلِّم
أصحابه رضي الله عنهم أن يدعوا بهذا الدعاء:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ... قَلْبًا سَلِيمًا،
وَأَسْأَلُكَ لِسَانًا صَادِقًا.... رواه أحمد


ذِكر القلب في القرآن الكريم
في قوله تعالى :
{ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إ
ِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ... (89) سورة الشعراء
كما أن الله سبحانه وتعالى إخوتنا الكرام
بيّن لنا أن القلوب تتأثر وتمرض بفعل
المعاصي والذنوب وإهمال وترك الطاعات
فينشأ عن ذلك مرض النفاق ....
حيث قال تعالى واصفاً المنافقين :
{فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً (10) ...سورة البقرة.
وفي وجود المعاصي والذنوب يتغلف القلب
بغلاف كثيف فلا يصل إليه نور الأيمان والتسليم
فنجد صاحبه لايتأثر بموعظة ولا نصيحه...
فتحدث عنه الله سبحانه وتعالى في قوله:
{ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)المطففين 14.
يقول الله تعالى في حق من حققوا
الولاء والبراء
) أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) المجادلة22
والنصوص في ذلك كثيرة. منها:
ويقول تعالى أيضاَ :
وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإيمَانَ
وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) الحجرات 7
ويقول تعالى في حق الأعراب :
) وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ (الحجرات 14
4- ويقول عن إبتلاء القلوب :
( وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ
وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ) آل عمران 154
وغير ذلك كالآيات الدالة على الطبع والختم
على قلوب الكافرين أو كونها
في أكنه أو مغلقة – ونحوها
كما أن أكل الحرام، وعدم التورع عن الآثام
يُقسي القلب فلا يستجاب له دعاء،
وقد روى الترمذي في سننه
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
لاَ تُكْثِرُوا الْكَلاَمَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّ كَثْرَةَ
الْكَلاَمِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَسْوَةٌ لِلْقَلْبِ
وَإِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ الْقَلْبُ الْقَاسِي....
رواه الترمذي في صحيحه.
فلنتعمق أكثر إخوتنا الكرام
في فهم القلب ومُختلجاته ودوره في حياة المُسلم
وحتى أنواعه وتصنيفاته سنجدها في حديث
الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيح الذي
رواه ألامام احمد رحمة الله عليه ...
في قوله عن أبي سعيد قال:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
الْقُلُوبُ أَرْبَعَةٌ
قَلْبٌ أجْرَدُ فِيهِ مِثْلُ السِّرَاجِ يُزْهِرُ
وَقَلَبٌ أَغْلَفُ مَرْبُوطٌ عَلَى غِلاَفِهِ
وَقَلْبٌ مَنْكُوسٌ
وَقَلَبٌ مُصْفَحٌ
فَأَمَّا الْقَلْبُ الأَجْرَدُ
فَقَلْبُ الْمُؤْمِنِ سِرَاجُهُ فِيهِ نُورُهُ
وَأَمَّا الْقَلْبُ الأَغْلَفُ
فَقَلْبُ الْكَافِرِ
وَأَمَّا الْقَلْبُ المَنْكُوسُ
فَقَلْبُ الْمُنَافِقِ
عَرَفَ ثُمَّ أَنْكَرَ
وَأَمَّا الْقَلْبُ المُصْفَحُ
فَقَلْبٌ فِيهِ إِيمَانٌ وَنِفَاقٌ
فَمَثَلُ الإِيمَانِ فِيهِ كَمَثَلِ
الْبَقْلَةِ يَمُدُّهَا الْمَاءُ الطَّيِّبُ
وَمَثَلُ النِّفَاقِ فِيهِ كَمَثَلِ الْقُرْحَةِ
يَمُدُّهَا الْقَيْحُ وَالدَّمُ فَأَيُّ الْمَدَّتَيْنِ
غَلَبَتْ عَلَى الأُخْرَى غَلَبَتْ عَلَيْهِ.....



لذلك أخوتنا الكرام
عندما يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
ويشير الى صدره :
التقوى هاهنا التقوى هاهنا ثلاث مرات
كأنه يريد أن يبين لنا أن الأيمان والتقوى
والخوف والوجل وسلوك المؤمن الحق
لاينبع الا إن كان القلب مملؤء بالأيمان
فالأيمان هو تصديق بالقلب ونطق باللسان
وعمل بالجوارح ....
والعمل بالجوارح هو ما أمرنا به
الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
فقال التقوى ها هنا
التقوى ها هنا
التقوى ها هنا
وهو يشير لصدره الشريف
ثلاث مرات ....
ثُم قال:
بحسب إمريء من الشر أن
يحقر أخاه المُسلم
المُسلم على المُسلم حرام
دمه وماله وعِرضه .......رواه مُسلم في صحيحه
إخوتنا الكرام
نستكمل بقية محاولة فهم حديث
رسول الله صلى الله عليه وسلم وإستيعاب نواهيه
وأوامره في الحديث الذي عشنا في ظلاله لأكثر
من أربعة جُمع نتدارس فيها
ونتعلم ونسترشد بقوله صلى الله عليه وسلم
في كيفية التعامل في مابيننا ....
وها نحن وصلنا لخاتمة هذا الحديث الطيب
والذي إختزل فيه الرسول صلى الله عليه وسلم
كل نواهيه وزواجره فأوضح وبيّن أن هناك
شيء أسمه حلال ونقيضه شيء أسمه حرام
فحببنا في السلوك الحلال ونهانا عن إتباع الحرام
والحرام هنا هو ماقاله صلى الله عليه وسلم
أن كل المسلم على المُسلم حرام
دمه وماله وعِرضه.....
فقال:
بحسب إمريء من الشر أن يحقر أخاه المُسلم
المُسلم على المُسلم حرام
دمه وماله وعِرضه .......
وهذه الكلمات تعني أنه يكفيه من الشر
أن يُحقر المُسلم أخاه المُسلم ويستصغره
لأن فعله هذا هو مجلبة للشر إذا حقّر أخاه
او حسده أو ظلمه أو إغتابه وغير ذلك من المظالم
فكل هذه الأمور والسلوكيات المُضرة بالمسلم
هي شرور ومعاصي وتدخل في التحريم
وبعدها إستكمل الحبيب صلى الله عليه وسلم
قوله وبيانه بوضوح في نهيه وتحريمه
كل المُسلم على المُسلم حرام
أي حرام على المُسلم سفك دم المُسلم
والأعتداء على ماله أو عِرضه بالغيبة والنميمة
والطعن والهمز واللمز
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
فأستغفروه أنه هو الغفور الرحيم
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم



الحمدُ لله نحمدُه، ونستَعِينُه ونستهدِيه،
ونستَغفِره ونتوبُ إليه،
ونعوذُ بالله من شُرور أنفُسنا وسيِّئات أعمالنا،
مَن يهده الله فلا مُضلَّ له،
ومَن يُضلل فلا هاديَ له،
وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحدَه لا شريك له،
وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله،
الذي قال: ((بُعثتُ لأُتمِّمَ مكارمَ الأخلاق))،
صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحابته
السائرين على نهجه، والممتَثِلين لأوامره
والمنتَهِين عن نواهيه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أخوتنا الكرام
هذه هي أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم
الصحيحة ، والتى فيها تشريع لنا
من نهي ونُصح وبيان لأصلاح المفاسد
في مابيننا وتحسين العلاقات بين المسلم
وأخيه المُسلم ، فأرشد وأوضح من أن
المسلم على المسلم حقوق وواجبات
إن أحسن واجباته تجاه إخوته المسلمين
تحقق له حقوق ليس بالضرورة أن يُطالب بها
بل ستأتيه مُباشرة من أخوته المسلمين
عندما يحسون أن لهم واجبات تجاه الطرف الأخر
هكذا هو ديننا أن نُحب لبعضنا كما نُحب لانفسنا
فلا حسد ولا ضغينة ولا كُره ولا مفاسد
في البيع والشراء ولا سفك دماء ولاتحقير
وتقليل من شان بعضنا بعض
فإن فعلنا ذلك نكون قد حققنا ما أراده
الله ورسوله مِنّا في تعاملاتنا
حتى نصل لرضى الله ....
ولا ياتي إخوتنا الكرام رضى الله
الاّ بأتباع منهج رسوله صلى الله عليه وسلم
وطريقته المُثلى في تطبيق المنهج الرباني
الذي أنزله الله تعالى عليه....
فلا نضيع الوقت اخوتنا الكرام
في البحث عن المقولات البشرية الأخرى
والحِكم ونلوكها ونفتخر بحفظها
بل نبحث عن احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم
الصحيحة وأقوال العلماء الأفاضل لنعلم
أن ديننا لاينقصه شيء ففيه كل الخير....
ولم يترك صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها
فمن أراد العلاج الشافي للنفس فعليه
بكلام الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم
وإتباع ما سار عليه الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم
وما نقله علماء السُنة وما واجتهدوا فيه ...
ونبذ كل الأختلافات والهرطقات والفلسفات
والأنحرافات التى أتت من ثقافات مجّها الغرب
الصليبي فأستقبلناها وإفتخرنا بمحاكاتها ...
فأصبحنا نُسخة مُبتذلة من الغرب الكافر الصليبي
فنسينا ديننا وتشريعاتنا
وأصبحنا نلتقط الفُتات من سقط المتاع
ثقافاتهم البالية المنحرفة ....
بحجة العلمة والتطور والرقي ....
فأستبدلنا تشريعاتنا بتشريعاتهم
وأعيادنا بأعيادهم وثقافتنا بثقافتهم
فأصبحنا نبحث عن نقائص في ديننا
لنُثبت أن دين النصارى والكُفار هو الصحيح
لذلك نبهنا الله سبحانه وتعالى في قوله
( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ
وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) ..آل عمران
هكذا إخوتنا الكرام
نكون قد أعطينا حديث
رسول الله صلى الله عليه وسلم
الذي رواه أبي هريرة رضي الله عنه
واخرجه مُسلم في صحيحه
حقه كاملاً في الشرح والبيان على قدر الأستطاعة
ومحاولة فهم النواهي والزواجر
التى أتت فيه ، وإن شاء الله تعالى
ستكون الخُطب القادمة في مواضيع اخرى نحن
بحاجة لها للنُصح وتذكير أنفسنا
بما نسيناها وأهملناه وأستبدلنا مفاهيمها بمفاهيم
مستوردة ومُبتدعة ومُصنعّة وفاسدة....
من الخارج عن طريق الغرب الصليبي النصراني
ومن الداخل عن طريق الطُرق والطوائف
والفِرق الضالّة المُضِلة التى تدّعي
أنها مُسلمة ــــ


إخوتنا المؤمنون
إتقوا الله في ما أمر
وانتهوا عن مانهى عنه وزجر
وأتصفوا بالتسامح في مابينكم
ولينوا جانبكم وأحسنوا مُعاملتكم
وأخلصوا أعمالكم كلها لله تفوزون برضوان ربكم
ولاتجعلوا لهذه الصفات الذميمة مكان في قلوبكم
فلا تتدابروا وتخلقوا بأخلاق من سبقكم
من الصحابة والسلف الصالح
وعلى رأسهم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
اللهم تقبّل أعمالنا الصالحة
خالصة لوجهك الكريم وأحفظنا من مراذل الصفات
من حسد وبُغض وكراهية لأخوتنا الموحدين
لله المُتبعين لشرعه
وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم
وبارك لنا في أهالينا
وبارك لهم ولنا في ديننا ورضاك عنّا يا رب العالمين
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا،
وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به
بيني وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك
، ومن اليقين ما تهوّن به علىّ وعليكم مصائب الدنيا.
اللهم لا هادي لمن أضللت، ولا معطي لما منعت،
ولا مانع لما أعطيت، ولا باسط لما قبضت،
ولا مقدّم لما أخّرت، ولا مؤخّر لما قدّمت،
اللهم أرزقنا حبك وحب من يحبك،
اللهم لاتمنع بذنوبنا فضلك
ورحمتك يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين،
اللهم لاتسلط علينا بذنوبنا من لايخافك فينا ولا يرحمنا.
إن الله يأمر بالعدل والأحسان وإيتاء ذي القُربى
وينهى عن الفحشاء والمُنكر والبغي
يعضكم لعلكم تتذكرون
فاذكروا الله يذكركم وأشكروه على نِعمه يزيدكم
ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم
وأجارني الله وإياكم من خزيه وعذابه الأليم
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وصلىّ اللهم على نبيك ورسولك صلى الله عليه وسلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم .....اندبها
[/frame]

رابط الموضوع الاصلي

http://wahjj.com/vb/showthread.php?t=28769
المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً ) ( التقوى ها هنا .. التقوى ها هنا .. التقوى ها هنا )



 

التعديل الأخير تم بواسطة الغريبة ; 09-02-2019 الساعة 01:10 PM

قديم 08-30-2019   #13


الصورة الرمزية اندبها
اندبها غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1037
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : منذ 3 أسابيع (05:32 PM)
 المشاركات : 29,396 [ + ]
 التقييم :  888890339
لوني المفضل : White
شكراً: 686
تم شكره 1,089 مرة في 578 مشاركة

اوسمتي

حصريات المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً ) ( الى الذين يشتهون أكل لحم بعضهم بعض )



[frame="1 10"]
( إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِينُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ
، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ،
مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ
، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ) رواه أبو داود ،
والنسائي ، وابن ماجة .
قال تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) ( النساء )
وقال عز وجل في سورة الاحزاب:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ( الأحزاب )
أما بعد إخوتنا المؤمنين
وأحبتنا في الله
أن خير الكلام كلام الله
وخير الهدي هدي محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم )
يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ
يَحْمَدُ اللَّهَ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ:
(مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْهُ
فَلَا هَادِيَ لَهُ إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ
وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا
وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ
وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ثُمَّ يَقُولُ:
بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ......
وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ
وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ نَذِيرُ جَيْشٍ
رواه (مسلم، أبو داود، النسائي، ابن ماجه، أحمد، الدارمي )

أما بعد،
إخوتنا في الله
الحمد الله الذي أمر بالبُعد عن الغيبة والنميمة
ماقلّ منها وما كًثُر ،
احمده سبحانه وتعالى الذي نهى عن
إيذاء المسلمين بالقول والعمل
وأشهد أن محمدعبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
الذي أوجب على المُسلم الدفاع عن عِرض
أخيه المُسلم وأن يحميه من أي سوء
قد يصل إليه سوى قولاً أو فعلاً
وعلى آله وصحبه وكل من حفِظ لسانه
وراقب الله في سره وعلانيته
أما بعد عباد الله المخلصين
من فضل الله على عبده المُسلم أن أحاطه بكل
رعاية واهتمام وعناية وأولاه بالحفظ والرعاية
فإن تمت رعايته وحفظه والأهتمام به نكون قد كسبنا
لبنة قوية لتأسيس مُجتمع إسلامي نظيف من التعديات
والثغرات التى من شأنها أن تُفسد البناء
والنسيج الأجتماعي للمسلمين
فإن كان آمن على نفسه ومحاطاً بالرعاية
ماله مصون وعِرضه مصون عاش المجتمع
في أمن وسلام ورعاية ووئام
لهذا نجد النبي صلى الله عليه وسلم يعمق
هذا المفهوم عند كل مُسلم ليرعى أخاه المُسلم
ويبتعد عن آذاه وأذيته
فيقول في الحديث الشريف الذي رواه
أبو هريرة رضى الله عنه وأرضاه
( كل المُسلم على المُسلم حرام دمه وماله وعِرضه )
وأن أسرع الأدواء الأجتماعية فتكاً بأواصر الأخاء
والمحبه وأكثرها إقتلاعاً للتراحم والمودة
هي الغيبة والنميمة
والغيبة والنميمة من أعمال اللسان
أي النطق ، وقد حذّر الرسول صلى الله عليه وسلم
من الوقوع في براثن أعمال اللسان التى تؤدي
لمفاسد عظيمة تُفسد بين الناس
فيكفي قوله صلى الله عليه وسلم
لنعلم خطر أعمال اللسان وماينطق به
فقد حذّر من آفات اللسان بصفة عامة في قوله

عن سهل بن سعد
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة .
قال ابن حجر: في شرحه لهذا الحديث قوله :

الضمان بمعنى الوفاء بترك المعصية . . .
فالمعنى: من أدى الحق الذي على لسانه
من النطق بما يجب عليه أو الصمت عما لا يعنيه.
وقال الداودي: المراد بما بين اللحيين:

الفم ، قال :
فيتناول الأقوال والأكل والشرب وسائر
ما يتأتى بالفم من الفعل.
قال ابن بطال:

دل الحديث على أن أعظم البلاء على المرء
في الدنيا لسانه وفرجه ، فمن وقي شرهما وقي أعظم الشر .
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل
بها في النار أبعد مما بين المشرق) .
وفي رواية له: يهوي بها في نار جهنم......
قال ابن حجر: ((بالكلمة): أي الكلام. . . .

( ما يتبين فيها ) أي لا يتطلب معناها،
أي لا يثبتها بفكره ولا يتأملها حتى يتثبت فيها . .
وفي الكلمة التي يزل بها العبد قال ابن عبد البر :
هي التي يقولها عند السلطان الجائر ،
وزاد ابن بطال: بالبغي أو بالسعي على المسلم
فتكون سبباً لهلاكه
ونقل عن ابن وهب أنها التلفظ بالسوء والفحش.
وقال القاضي عياض:

يحتمل أن تكون تلك الكلمة من الخنى والرفث ،
وأن تكون في التعريض بالمسلم بكبيرة
أو مجون أو استخفاف بحق النبوة.
قال النووي:

في هذا الحديث حث على حفظ اللسان ،
فينبغي لمن أراد أن ينطق أن يتدبر ما يقول قبل أن ينطق ، فإن ظهرت مصلحة تكلم، وإلا أمسك .
وفي حديث معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:

(ألا أخبرك بملاك ذلك كله ، قلت:
بلى يا نبي الله ، فأخذ بلسانه ، قال :
كف عليك هذا ، فقلت:
يا نبي الله ، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟
قال: ثكلتك أمك يا معاذ
وهل يكب الناس في النار على وجوههم
أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.)... .
وفي حديث الترمذي أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم

سئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: ((الفم والفرج)
قال المباركفوري: (ملاك ذلك كله) :

الملاك ما به إحكام الشيء وتقويته
. . أي ما تقوم به تلك العبادات جميعها.
(
كف عليك هذا ) :

لا تكلم بما لا يعنيك ، فإن من كثر كلامه
كثر سقطه ، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه.
( ثكلتك ) هو دعاء عليه بالموت على ظاهره ،

ولا يراد وقوعه ، بل هو تأديب وتنبيه
من الغفلة وتعجيب وتعظيم للأمر.
( يكب الناس ) أي يلقيهم ويسقطهم ويصرعهم.
( على وجوههم أو على مناخرهم) شك من الراوي.
( إلا حصائد ألسنتهم ) لا يكب الناس في النار

إلا حصائد ألسنتهم من الكفر والقذف
والشتم والغيبة والنميمة والبهتان .
قال ابن رجب:

هذا يدل على أن كف اللسان وضبطه وحبسه
هو أصل الخير كله ، وأن من ملك لسانه فقد ملك
أمره وأحكمه وضبطه.
وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه

الصحابي الجليل أبوسعيد الخذري رضي الله عنه أنه قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(إذا أصبح ابنُ آدمَ فإنَّ الأعضاءَ كلَّها تُكفِّرُ الِّلسانَ
فتقول : اتَّقِ اللهَ فينا ، فإنما نحن بك
، فإن استقَمتَ استقَمْنا ، و إن اعوَجَجْتَ اعْوجَجْنا
حسّنه الألباني في:صحيح الجامع
قال ابن القيم: قولها:
( إنما نحن بك ) أي نجاتنا بك ، وهلاكنا بك ،
ولهذا قالت ( فإن استقمت استقمنا ، وإن اعوججت اعوججنا) .
قال الغزالي مبينا معنى الحديث:

إن نطق اللسان يؤثر في أعضاء الإنسان بالتوفيق والخذلان ، فاللسان أشد الأعضاء جماحاً وطغياناً ،
وأكثرها فساداً وعدواناً .
قال ابن حبان: اللسان

إذا صلح تبين ذلك على الأعضاء ، وإذا فسد كذلك

أخوتنا الكرام

بعد أن فهمنا أن حصائد اللسان لابد وأن تكون
من جنس عمله أي النطق والكلام
فلنبحث عن أعمال اللسان التى تؤدي الي الخسران
وأحيانا ً للكُفر والعياذ بالله
فنجد أولى مهام اللسان هو النطق والكلام
فإن كان الكلام حسن وطيب يؤجر عليه صاحبه
وإن كان غير ذلك يُحاسب عليه
فمن ضمن ذنوب اللسان هي الغيبة والنميمة
وتوابعها من الصفات الشائنة
وسنتكلم بأذن الله تعالى عن الغيبة
والنميمة وابهتان ....
فالغيبة كما تم تفسيرها إصطلاحاً لغوياً هي:
الغيبة تفسيرها في ا لغة:
من الغَيْب "وهو كل ما غاب عنك" ,
وسميت الغيبة بذلك لغياب المذكور
حين ذكره الآخرون.
قال ابن منظور:

"الغيبة من الاغتياب...
أن يتكلم خلف إنسان مستور بسوء" .
والغيبة في الاصطلاح:

قد عرفها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:
( أتدرون ما الغيبة؟ ) قالوا:
الله ورسوله أعلم. قال:
( ذكرك أخاك بما يكره ) .
قال النووي:

"الغيبة ذكر الإنسان في غيبته بما يكره" .
صور الغيبة وما يدخل فيها :
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الغيبة
إنما تقع فيما يكرهه الإنسان
ويؤذيه فقال: ((بما يكره)).
قال النووي في الأذكار مفصلاً ذلك:

ذكر المرء بما يكرهه سواء كان ذلك في
بدن الشخص أو دينه أو دنياه أو نفسه
أو خلْقه أو خُلقه أو ماله أو والده
أو ولده أو زوجه أو خادمه أو ثوبه أو حركته
أو طلاقته أو عبوسته أو غير ذلك مما يتعلق
به سواء ذكرته باللفظ أو الإشارة أو الرمز.
ومن الصور التي تعد أيضاً في الغيبة قال النووي:

ومنه قولهم عند ذكره :
الله يعافينا ، الله يتوب علينا ،
نسأل الله السلامة ونحو ذلك ، فكل ذلك من الغيبة .
ومن صور الغيبة ما قد يخرج من المرء

على صورة التعجب أو الاغتمام أو إنكار المنكر
قال ابن تيمية:
ومنهم من يخرج الغيبة في قالب التعجب فيقول :
تعجبت من فلان كيف لا يعمل كيت وكيت...
ومنهم من يخرج ( النية في قالب ) الاغتمام فيقول:
مسكين فلان غمني ما جرى له وما ثم له.. .

الفرق بين الغيبة والبهتان والإفك:
بّين النبي صلى الله عليه وسلم

الفرق بين الغيبة والبهتان,
ففي الحديث "قيل:
أرأيت إن كان فيه ما أقول؟ قال:
(إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته,
وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته )
, وفي حديث عبد الله بن عمرو
أنهم ذكروا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
رجلاً فقالوا: لا يأكل حتى يُطعم, ولا يَرحل
حتى يُرحل, فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(اغتبتموه) فقالوا: يا رسول الله:
إنما حدثنا بما فيه قال:
( حسبك إذا ذكرت أخاك بما فيه ) .
والبهتان

إنما يكون في الباطل كما قال الله :
{والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات
بغير ما اكتسبوا فقد

احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً} ...الأحزاب:58
والبهت قد يكون غيبة، وقد يكون حضوراً ،

قال النووي :
وأصل البهت أن يقال له الباطل في وجه" .
قال الحسن:

الغيبة ثلاثة أوجه كلها في كتاب الله :
الغيبة والإفك والبهتان.
فأما الغيبة فهو أن تقول في أخيك ما هو فيه

، وأما الإفك فأن تقول فيه ما بلغك عنه ،
وأما البهتان فأن تقول فيه ما ليس فيه.
حكم الغيبة،
وأدلة تحريمها في القرآن والسنة،
وأقوال السلف في ذلك:
الغيبة حرام بإجماع أهل العلم كما نقل ذلك النووي .
واختلف العلماء في عدها من الكبائر أو الصغائر

، وقد نقل القرطبي الاتفاق على كونها
من الكبائر لما جاء فيها من الوعيد الشديد
في القرآن والسنة ولم يعتد رحمه الله
بخلاف بعض أهل العلم ممن قال بأنها من الصغائر .
والقول بأنها من الكبائر هو قول جماهير

أهل العلم صاحب كتاب العدة والخلاف
في ذلك منقول عن الغزالي .
وقد فصل ابن حجر محاولاً الجمع بين الرأيين فقال:

فمن اغتاب ولياً لله أو عالماً ليس كمن
اغتاب مجهول الحالة مثلاً.
وقد قالوا: ضابطها ذكر الشخص بما يكره ،

وهذا يختلف باختلاف ما يقال فيه ،
وقد يشتد تأذيه بذلك .

ومن هنا اخوتنا الكرام

بعد أن عرفنا وفهمنا عن طريق أقوال العلماء
شارحين أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
في التحذير من الغيبة والنميمة
نأتي لأدلة تحريمها في القرآن الكريم
أدلة تحريم الغيبة من القرآن الكريم:
أ‌- قال تعالى:

{ ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم} ..الحجرات:12.
قال ابن عباس:

حرم الله أن يغتاب المؤمن بشيء كما حرم الميتة.
قال القاضي أبو يعلى عن تمثيل الغيبة بأكل الميت:

وهذا تأكيد لتحريم الغيبة ،
لأن أكل لحم المسلم محظور ،
ولأن النفوس تعافه من طريق الطبع ،
فينبغي أن تكون الغيبة بمنزلته في الكراهة.
وقوله ( فكرهتموه ) قال الفراء:

أي فقد بغِّض إليكم . وقال الزجاج:
والمعنى كما تكرهون أكل لحم ميتاً ،
فكذلك تجنبوا ذكره بالسوء غائباً .
قال تعالى:

{ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا
بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان} ..الحجرات:11.
قال ابن عباس في تفسير اللمز:

لا يطعن بعضكم على بعض ،
ونقل مثله عن مجاهد وسعيد وقتادة ومقاتل بن حيان .
قال ابن كثير {لا تلمزوا أنفسكم}:

أي لا تلمزوا الناس ، والهماز واللماز من
الرجال مذموم ملعون كما قال الله :
{ويل لكل همزة لمزة} ..الهمزة:1...
فالهمز بالفعل، واللمز بالقول .
واللمز باللسان ، وتدخل فيه الغيبة .

ففي قوله تعالى:
{ويل لكل همزة لمزة} ..الهمزة:1.
وقد تقدم معنى الهمز واللمز وأن كليهما من الغيبة.
وقال قتادة في تفسيرها :

يأكل لحوم الناس ويطعن عليهم.
وأما قوله {ويل}

فقد ذكر له المفسرون معنيان:
1- أنها كلمة زجر ووعيد بمعنى:

الخزي والعذاب والهلكة.
2- أنها واد في جهنم.
والآية نزلت في المشركين لكنها كما قال

المفسرون عامة، إذ العبرة بعموم اللفظ
لا بخصوص السبب .
قال السعدي:

وهذه الآيات إن كانت نزلت في بعض المشركين
فإنها عامة في كل من اتصف بهذا الوصف
لأن القرآن نزل لهداية الخلق كلهم،
ويدخل فيه أول الأمة وآخرهم .
وأيضاَ قوله تعالى:
{ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم}

....القلم:10-11.
قال الشوكاني : الهماز: المغتاب للناس .
قال شيخ الإسلام في تفسيرها:

{فلا تطع المكذبين} القلم 8 ،
فتضمن أصلين:
أحدهما:

أنه نهاه عن طاعة هذين الضربين
فكان فيه فوائد.
منها: أن النهي عن طاعة المرء

نهي عن التشبه به بالأولى ،
فلا يطاع المكذب والحلاف ،
ولا يعمل بمثل عملهما . .
. فإن النهي عن قبول قول من يأمر
بالخلق بالناقص أبلغ في الزجر من النهي عن التخلق به
. . . إلى آخر كلامه رحمه الله .

أما أدلة تحريم الغيبة من السنة:
أ‌- قال صلى الله عليه وسلم :

( فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم
حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)) .
قال ابن المنذر:

قد حرم النبي الغيبة مودعاً بذلك أمته،
وقرن تحريمها إلى تحريم الدماء والأموال
ثم زاد تحريم ذلك تأكيداً بإعلامه بأن تحريم
ذلك كحرمة البلد الحرام في الشهر الحرام .
قال النووي في شرحه على مسلم:

المراد بذلك كله بيان توكيد غلظ تحريم
الأموال والدماء والأعراض والتحذير من ذلك .
ب‌- وعن سعيد بن زيد أن

النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(من أربى الربى الاستطالة في عرض المسلم بغير حق)) .
وفي رواية لأبي داود :

( إن من أكبر الكبائر استطالة المرء في
عرض رجل مسلم بغير حق)) .
قال أبو الطيب العظيم أبادي في شرحه لأبي داود:

( الاستطالة ) أي إطالة اللسان.
( في عرض المسلم ) أي احتقاره

والترفع عليه والوقيعة فيه.
((بغير حق)) فيه تنبيه على أن العرض

ربما تجوز استباحته في بعض الأحوال .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه انه قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار
من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت
: يا جبريل من هؤلاء ؟ قال :
هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس
ويقعون في أعراضهم ....صحيح
ج- وعن عائشة رضي الله عنها قالت:

قلت للنبي صلى الله عليه وسلم :
حسبك من صفية أنها قصيرة ، فقال :
(لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته) .
((لو مزج)) أي لو خلط بها أي على فرض

تجسيدها وكونها مائعاً.
((لمزجته)) أي غلبته وغيرته وأفسدته .
قال المباركفوري:

المعنى أن الغيبة لو كانت مما يمزج بالبحر
لغيرته عن حاله مع كثرته وغزارته
فكيف بأعمال نزرة خلطت بها .
د- ولما رجم الصحابة ماعزاً رضي الله عنه

سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلين
يقول أحدهما لصاحبه:
ألم تر إلى هذا الذي ستر الله عليه فلم تدعه نفسه
حتى رُجم رَجم الكلب.
فسار النبي صلى الله عليه وسلم ثم مر بجيفة حمار

فقال: أين فلان وفلان؟ انزلا ،
فكلا من جيفة هذا الحمار.
فقالا: يا نبي الله من يأكل هذا؟ قال:

ما نلتماه من عرض أخيكما آنفاً أشد من أكل منه) .
قال أبو الطيب في شرحه لأبي داود :

( فلما نلتما من عرض أخيكما)
قال في القاموس: نال من عرضه سبه.
(أشد من أكل منه) أي من الحمار .


من أقوال السلف في ذم الغيبة:
كان عمرو بن العاص يسير مع أصحابه

فمر على بغل ميت قد انتفخ ، فقال:
والله لأن يأكل أحدكم من هذا حتى يملأ
بطنه خير من أن يأكل لحم مسلم .
وعن عدي بن حاتم : الغيبة مرعى اللئام .
وعن كعب الأحبار: الغيبة تحبط العمل .
ويقول الحسن البصري:

والله للغيبة أسرع في دين المسلم من الأكلة في جسد ابن آدم .
قال سفيان بن عيينة :

الغيبة أشد من الدّين ، الدّين يقضى ، والغيبة لا تقضى)) .
وقال سفيان الثوري :

إياك والغيبة ، إياك والوقوع في الناس فيهلك دينك .
وسمع علي بن الحسين رجلاً يغتاب فقال:

إياك والغيبة فإنها إدام كلاب الناس .
وقال أبو عاصم النبيل:

لا يذكر الناس بما يكرهون إلا سفلة لا دين له.
معنى النَّمِيمَة لغةً:
النَّمُّ: رَفْع الحديثِ على وجه الإشاعةِ والإفْسادِ

. وقيل: تَزْيينُ الكلام بالكذب. من نمَّ يَنِمُّ ويَنُمُّ،
فهو نَمومٌ ونَمَّامٌ ومِنَمٌّ، ونَمٌّ، من قَوْمٍ نَمِّينَ
وأنِمَّاءَ ونُمٍّ، وهي نَمَّةٌ، ويقال للنَّمَّام القَتَّاتُ،
ونَمَّامٌ مُبَالَغَةٌ، والاسمُ النَّمِيمَة،
وأصل هذه المادة يدلُّ على إظهار شيء وإبرازه.
معنى النَّمِيمَة اصطلاحًا:
النَّمِيمَة:

(نَـقْلُ الحديث من قومٍ إلى قوم
على جهة الإفْسادِ والشَّرِّ.
وعرفها الغزالي بقوله:

(إفشاء السرِّ، وهتك الستر عما يكره كشفه) .
وقيل هي:

(التحريش بين النَّاس
والسعي بينهم بالإفساد
نعم إخوتنا الكرام الغيبة والنميمة
ففيها ومنها وبها يزول الترابط في
المجتمع ومنها ترتوي شجرة البغضاء
وفيها فساد الأفراد والأسرمن أجل ذلك جاء
النهي عنها بأمر صريح من الله لعباده
المؤءمنين
الفرق بين الغيبة والنَّمِيمَة:
قال ابن حجر:

(اختُلِفَ في الغيبة والنَّمِيمَة،
هل هما متغايرتان أو متَّحدتان،
والراجح التغاير، وأن بينهما عمومًا
وخصوصًا وجيهًا؛ وذلك لأنَّ النَّمِيمَة
نقل حال شخص لغيره على جهة الإفساد
بغير رضاه، سواء كان بعلمه أم بغير علمه.
والغيبة ذكره في غيبته بما لا يرضيه،

فامتازت النَّمِيمَة بقصد الإفساد،
ولا يشترط ذلك في الغيبة.
وامتازت الغيبة بكونها في غيبة المقول فيه

، واشتركا في ما عدا ذلك.
ومن العلماء من يشترط في الغيبة

أن يكون المقول فيه غائبًا، والله أعلم.
وقال ابن حجر الهيتمي:

(كل نميمة غيبة، وليس كل غيبة نميمة،
فإن الإنسان قد يذكر عن غيره ما يكرهه،
ولا إفساد فيه بينه وبين أحد، وهذا غيبة،
وقد يذكر عن غيره ما يكرهه وفيه إفساد،
وهذا غيبة، ونميمة معًا .
الفرق بين القتَّات والنَّمَّام:
القتَّات والنَّمام بمعنى واحد.
وقيل: النمام الذي يكون مع جماعة يتحدثون

حديثا فينم عليهم.
والقتَّات: الذي يتسمع عليهم

وهم لا يعلمون ثم ينم

اخوتنا الكرام
قبل أن ندخل في معرفة هذا الداء
ومسبباته وشخوصه ونتائج عمله نقف وقفة بسيطة
لمعرفة مكونات هذا الداء بالأخرف العربية
أي المعنى اللغوي لمصطلح الغيبة والنميمة
حتى نتعلم ونسترشد ونفهم عن ماذا نتكلم ومما نُحذر
وعلى من نتكلم بالأسم والصفات....
أقوال السلف والعلماء في النَّمِيمَة
- قال رجل لعمر بن الخطَّاب رضي الله عنه:
(يا أمير المؤمنين، احذر قاتل الثَّلاثة،
قال: ويلك، من قاتل الثَّلاثة؟ قال: ا
لرَّجل يأتي الإمام بالحديث الكذب،
فيقتل الإمام ذلك الرَّجل بحديث هذا
الكذَّاب، ليكون قد قتل نفسه، وصاحبه، وإمامه .
- وقيل لمحمد بن كعب القرظي:

أي خصال المؤمن أوضع له؟ فقال:
كثرة الكلام، وإفشاء السرِّ، وقبول قول كلِّ أحد.
-
وروي أنَّ سليمان بن عبد الملك كان

جالسًا وعنده الزهري، فجاءه رجل فقال له سليمان:
بلغني أنَّك وقعت فيَّ، وقلت كذا وكذا. فقال الرجل:
ما فعلت ولا قلت. فقال سليمان:
إن الذي أخبرني صادق، فقال له الزهري:
لا يكون النَّمام صادقًا. فقال سليمان:
صدقت، ثُمَّ قال للرجل: اذهب بسلام
- وقال الحسن: من نمَّ إليك نمَّ عليك
-
وعن عطاء بن السَّائب، قال:

قدمت من مكَّة، فلقيني الشَّعبيُّ، فقال:
يا أبا زيدٍ! أطرفنا ممَّا سمعت بمكَّة، فقلت:
سمعت عبد الرَّحمن بن سابطٍ يقول:
لا يسكن مكَّة سافك دمٍ، ولا آكل ربًا،
ولا مشَّاءٍ بنميمةٍ، فعجبت منه حين عدل
النَّمِيمَة بسفك الدَّم وأكل الرِّبا،
فقال الشَّعبيُّ: وما يعجبك من هذا؟!
وهل يسفك الدَّم وتركب العظائم إلَّا بالنَّمِيمَة؟
- وقال أبو موسى الأشعري:

لا يسعى على الناس إلا ولد بغي.
-
وسعى رجل إلى بلال بن أبي بردة برجل،

وكان أمير البصرة، فقال له:
انصرف حتى أكشف عنك. فكشف
عنه، فإذا هو لغير رشده، يعني ولد زنا.
-
وقال قتادة:

ذكر لنا أنَّ عذاب القبر ثلاثة أثلاثٍ:
ثلثٌ من الغيبة، وثلثٌ من البول،
وثلثٌ من النَّمِيمَة.
- وقال ابن حزم:

وما في جميع الناس شرٌّ من الوشاة،
وهم النَّمَّامون، وإنَّ النَّمِيمَة لطبع يدلُّ
على نتن الأصل، ورداءة الفرع، وفساد الطبع،
وخبث النشأة، ولابد لصاحبه من الكذب؛
والنَّمِيمَة فرع من فروع الكذب،
ونوع من أنواعه، وكلُّ نمام كذاب.
اخوتنا المؤمنون
أقول قول هذا وأستغفر الله لي ولكم
فأستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم



الحمدُ لله نحمدُه، ونستَعِينُه ونستهدِيه،
ونستَغفِره ونتوبُ إليه،
ونعوذُ بالله من شُرور أنفُسنا وسيِّئات أعمالنا،
مَن يهده الله فلا مُضلَّ له،
ومَن يُضلِل فلا هاديَ له،
وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحدَه لا شريك له،
وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله،
الذي قال: ((بُعثتُ لأُتمِّمَ مكارمَ الأخلاق))،
صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحابته
السائرين على نهجه، والممتَثِلين لأوامره
والمنتَهِين عن نواهيه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أخوتنا الكرام
بواعث الغيبة، وكيفية التخلص منها
هذه أتت من تصفيفات العلماء الأفاضل منها:
1- ضعف الورع والإيمان يجعل المرء

يستطيل في أعراض الناس من غير روية
ولا تفر جاء في حديث عائشة في قصة الإفك
قولها عن زينب بنت جحش أنها قالت :
يا رسول الله أحمي سمعي وبصري،
ما علمت إلا خيراً ، تقول عائشةً:
(وهي التي كانت تساميني من أزواج
رسول الله فعصمها الله بالورع) .
قال الفضل بن عياض: أشد الورع في اللسان

. وروى مثله عن ابن المبارك .
قال الفقيه السمرقندي: الورع الخالص

أن يكف بصره عن الحرام ويكف لسانه
عن الكذب والغيبة ، ويكف جميع أعضائه
وجوارحه عن الحرام .
2- موافقة الأقران والجلساء ومجاملتهم

قال الله على لسان أهل النار
{وكنا نخوض مع الخائضين} [المدثر:45].
قال قتادة في تفسير الآية:

كلما غوى غاو غوينا معه .
وفي الحديث :

( ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس) .
وقال تعالى:

{ ففويل يومئذ للمكذبين الذين
هم في خوض يلعبون} الطور 11 ، 12

قال ابن كثير :
أي هم في الدنيا يخوضون في الباطل .
3- الحنق على المسلمين

وحسدهم والغيظ منهم:
قال ابن تيمية: ومنهم من يحمله الحسد

على الغيبة فيجمع بين أمرين قبيحين:
الغيبة والحسد ، وإذا أثني على شخص
أزال ذلك عنه بما استطاع من تنقصه
في قالب دين وصلاح أو في قالب حسد
وفجور وقدح ليسقط ذلك عنه .
قال ابن عبد البر: والله لقد تجاوز الناس

الحد في الغيبة والذم . . .
وهذا كله بحمل الجهل والحسد .
4- حب الدنيا والحرص على السؤود فيها:
قال الفضيل بن عياض: ما من أحد أحب

الرياسة إلا حسد وبغي وتتبع عيوب
الناس وكره أن يذكر أحد بخير .
5- الهزل والمراح:
قال ابن عبد البر: "وقد كره جماعة من العلماء

الخوض في المزاح لما فيه من ذميم العاقبة
ومن التوصل إلى الأعراض . . ."

كيفية التخلص من الغيبة:
1- تقوى الله عز وجل والاستحياء منه:
ويحصل هذا بسماع وقراءة آيات الوعيد

والوعد وما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم
من أحاديث تحذر من الغيبة ومن كل معصية
وشر، ومن ذلك قوله تعالى:
{أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم
ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون} الزخرف:80
وقد قال صلى الله عليه وسلم:

(استحيوا من الله عز وجل حق الحياء
، قلنا : يا رسول الله إنا نستحي والحمد لله ،
قال: ليس ذاك ، ولكن من استحى من الله حق
الحياء فليحفظ الرأس وما حوى ،
وليحفظ البطن وما وعى . .) .
2- تذكر مقدار الخسارة التي يخسرها المسلم

من حسناته ويهديها لمن اغتابهم من أعدائه
وسواهم.قال صلى الله عليه وسلم :
( أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس
فينا من لا درهم له ولا متاع ، قال :
المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة
بصلاة وزكاة وصيام ، وقد شتم هذا وضرب
هذا وأكل مال هذا ، فيأخذ هذا من حسناته ،
وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناتهم
أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار) .
روي أن الحسن قيل له:

إن فلاناً اغتابك، فبعث إليه الحسن
رطباً على طبق وقال : بلغني أنك
أهديت إلي من حسناتك فأردت أن أكافئك
عليها، فاعذرني، فإني لا أقدر أن أكافئك على التمام .
3- أن يتذكر عيوبه وينشغل بها عن عيوب نفسه

، وأن يحذر من أن يبتليه الله بما يعيب به إخوانه.
قال أنس بن مالك: "أدركت بهذه البلدة

المدينة – أقواماً لم يكن لهم عيوب ،
فعابوا الناس ، فصارت لهم عيوب ،
وأدركت بهذه البلدة أقواماً كانت لهم
عيوب فسكتوا عن عيوب الناس ، فنسيت عيوبهم" .
قال الحسن البصري : كنا نتحدث

أن من عير أخاه بذنب قد تاب إلى الله منه ابتلاه الله عز وجل به .
قال أبو هريرة: يبصر أحدكم القذى في عين أخيه

ولا يبصر الجذع في عين نفسه.
4- مجالسة الصالحين ومفارقة مجالس البطالين:
قال صلى الله عليه وسلم :

(مثل الجليس الصالح والجليس السوء
كمثل صاحب المسك وكير الحداد ،
لا يعدمك من صاحب المسك ،
إما أن تشتريه أو تجد ريحه ،
وكير الحداد يحرق بيتك أو ثوبك
أو تجد منه ريحاً خبيثة)) .
قال النووي في فوائد الحديث :

فيه فضيلة مجالسة الصالحين ،
وأهل الخير والمروءة ومكارم الأخلاق والورع
والعلم والأدب ، والنهي عن مجالسة أهل الشر
وأهل البدع ومن يغتاب الناس أو يكثر فجوره
وبطالته ، ونحو ذلك من الأنواع المذمومة .
5- قراءة سير الصالحين والنظر في سلوكهم

وكيفية مجاهدتهم لأنفسهم:
قال أبو عاصم النبيل: ما اغتبت مسلماً منذ علمت

أن الله حرم الغيبة .
قال الفضيل بن عياض: كان بعض أصحابنا

نحفظ كلامه من الجمعة إلى الجمعة. أي لقِلّته .
وقال محمد بن المنكدر: كابدت نفسي أربعين

سنة حتى استقامت .
5- أن يعاقب نفسه ويشارطها حتى تقلع عن الغيبة.
قال حرملة : سمعت رسول ابن وهب يقول:

نذرت أني كلما اغتبت إنساناً أن أصوم
يوماً فأجهدني ، فكنت أغتاب وأصوم.
فنويت أني كلما اغتبت إنساناً أني أتصدق بدرهم

، فمن حب الدراهم تركت الغيبة.
قال الذهبي : هكذا والله كان العلماء ،

وهذا هو ثمرة العلم النافع .
ونأتي اخوتنا الكرام

لبيان جزاء الغيبة في الدنيا والأخرة


جزاء الغيبة:
1- الفضيحة في الدنيا:
عن ابن عر قال : صعد رسول الله المنبر

فنادى بصوت رفيع فقال:
(يا معشر من آمن بلسانه ولم يفض الإيمان
إلى قلبه ، لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم
ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه من تتبع عورة
أخيه المسلم تتبع الله عورته ،
ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله ) .
وفي رواية للحديث في مسند أحمد

(لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم)) .
قال المباركفوري في قوله:

(ومن تتبع الله عورته)) قال :
يكشف مساويه . . .
لو كان في وسط منزله مخفياً من الناس .
قال أبو الطيب: أي يكشف عيوبه،

وهذا في الآخرة، وقيل : معناه يجازيه بسوء صنيعه . . .
أي يكشف مساويه . . .
ولو كان في بيته مخفياً من الناس .
1- العذاب في القبر:
عن أبي بكرة رضي الله عهما قال :

مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال:
إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير ،
أما أحدهما فيعذب البول ،
وأما الآخر فيعذب بالغيبة)) .
قال قتادة : عذاب القبر ثلاثة أثلاث:

ثلث من الغيبة ، وآخر من النميمة ، وآخر من البول .
وقوله : ((ما يعذبان في كبير)) قال الخطابي:

معناه أنهما لم يعذبا في أمر كان يكبر
عليهما أو يشق فعله لو أرادوا أن يفعلاه .
4- العذاب في النار:
عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار
من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت:
من هؤلاء يا جبريل؟ قال : هؤلاء الذين
يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم) .
قال الطيبي: لما كان خمش الوجه والصدر

من صفات النساء النائحات جعلهما
جزاء من يغتاب ويفري في أعراض المسلمين
، إشعاراً بأنهما ليستا من صفات الرجال،
بل هما من صفات النساء في أقبح حلة وأشوه صورة .
وعن أبي هريرة قال : قال صلى الله عليه وسلم :

( من أكل لحم أخيه في الدنيا قرِّب
إليه يوم القيامة فيقال له:
كُله ميتاً كما أكلته حياً فيأكله ويكلح ويصيح ) .
أما كيف نُصلح أنفسنا ونتوب من الغيبة
والنميمة وكل سائر الصفات المُبتذلة
يكون الأصلاح مثلها مثل سائر الذنوب والخطايا
يكون بالتوبة النصوحة وعدم الرجوع لمثل هذه
الأفعال وقد عدد العلماء بعض سُبل وطُرق التوبه منها
منها كفارة الغيبة كيف تكون

كفارة الغيبة:
الغيبة كغيرها من الكبائر فرض الله التوبة منها:
قال تعالى:

{ وتوبوا إلى الله جميعاً أيها
المؤمنون لعلكم تفلحون} [النور:31].
والتوبة النصوح هي التي

تحقق شروط التوبة وهي:
أ‌- الندم: قال صلى الله عليه وسلم :

(الندم توبة)) . قال أبو الجوزاء :
والذي نفس محمد بيده إن كفارة الذنب للندامة.
ب‌- أن يقلع عن الذنب قال ابن القيم :

"لأن التوبة مستحيلة مع مباشرة الذنب" .
ج- العزم على أن لا يعود إليها:

فعن النعمان بن بشير قال :
سمعت عمر يقول :
{ توبوا إلى الله توبة نصوحاً} التحريم: 8.
قال : هو الرجل يعمل الذنب
ثم يتوب ولا يريد أن يعمل به ولا يعود .
وهذه الشروط مطلوبة في سائر المعاصي ومنها التوبة.
شرط الاستحلال من الغيبة
وأضاف جمهور الفقهاء شرطاً وهو أن يستحل من اغتابه.
واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم :

(من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض
أو مال فليتحلله اليوم قبل أن تؤخذ منه يوم لا دينار
ولا درهم ، فإن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته
، وإن لم يكن له أخذ من سيئاته فجعلت عليه) .
قال البغوي: قوله (( فليتحلله)

أي ليسأله أن يجعله في حل من قبله، يقال:
تحلله واستحللته إذا سألته أن يجعلك في حل، ومعناه:
أن يقطع دعواه ويترك مظلمته ،
فإن ما حرمه الله من الغيبة لا يمكن تحليله .
قال سفيان بن عيينة: الغيبة أشد عند

الله عز وجل من الزنا وشرب الخمر ،
لأن الزنا وشرب الخمر ذنب فيما بينك
وبين الله عز وجل ، فإن تبت عنه تاب الله عليك ،
والغيبة لا يغفر لك حتى يغفر لك صاحبك .
ورأى بعض الفقهاء ومنهم

ابن تيمية وابن القيم وابن الصلاح
وابن مفلح إسقاط شرط الاستحلال
إذا أدى إلى أذية صاحب الحق وزيادة الجفوة بينهما.
قال ابن مفلح:

وهذا أحسن من إعلامه (أي الدعاء له)
فإن في إعلامه زيادة إيذاء له ،
فإن تضرر الإنسان بما علمه من شتمه أبلغ
بما لا يعلم، ثم قد يكون ذلك سبب العدوان على الظالم . . .
وفيه مفسدة ثالثة . . .
وهي زوال ما بينهما من كمال الألفة والمحبة
. . . ، وهذا الرأي مروي عن السلف.
قال حذيفة : كفارة من اغتبته أن تستغفر له ..
قال مجاهد: كفارة أكلك لحم أخيك

أن تثني عليه وتدعوا له .
قال ابن المبارك: التوبة في الغيبة

أن تستغفر لمن اغتبته .
وقال أيضاً: إذا اغتاب رجل رجلاً فلا يخبره ،

ولكن يستغفر الله .

أما كيف نذٌب الغيبة

ونمنعها وننصح المُغتاب أن يتوقف عن الغيبة
يكون بعدة نقاط أوجزها العلماء في قولهم:
أوجب العلماء على المسلم عدم سماع الغيبة ،
إذ سماعها كفعل قائله في الوزر ،
قال تعالى :
{ وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم
آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها
فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا
في حديث غيره إنكم إذا مثلهم} النساء:140
. قال الطبري: في هذه الآية الدلالة
الواضحة على النهي عن مجالسة أهل الباطل من كل نوع .
قال القرطبي: فكل من جلس في مجلس

معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر
. . فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي
أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية .
ودفع الغيبة حين حضورها من أعظم الأعمال،

قال صلى الله عليه وسلم :
( من ذب عن لحم أخيه بالغيبة كان
حقاً على الله أن يعتقه من النار)
. وفي رواية : (( من رد عن عرض
أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة) .
قال ابن مسعود:

من اغتيب عنده مؤمن فنصره جزاه الله
بها خيراً في الدنيا والآخرة ،
وما التقم أحد لقمة شراً من اغتياب مؤمن .
قال المناوي:

ذلك لأن عرض المؤمن كدمه ،
فمن هتك عرضه فكأنه سفك دمه ،
ومن عمل على صون عرضه فكأنه صان دمه
، فيجازى على ذلك بصونه عن النار يوم القيامة
إن كان ممن استحق دخولها ، وإلا كان زيادة
رفعة في درجاته في الجنة .
وقد ذب النبي صلى الله عليه وسلم عن عرض

من اغتيب عنده، ففي حديث طويل
من رواية عتبان بن مالك رضي الله عنه،
وفيه قال قائل منهم: أين مالك بن الدُّخشن؟
فقال بعضهم: ذاك منافق لا يحب الله ورسوله
، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( لا تقل له ذاك ، ألا تراه قد قال :
لا إله إلا الله يريد بذلك وجه الله؟
قالوا: الله ورسوله أعلم)) .
قال عمر: ما يمنعكم إذا رأيتم الرجل يخرق

أعراض الناس لا تغيّروا عليه؟ قالوا:
نتقي لسانه ، قال : ذاك أدنى أن تكونوا شهداء .
أما أخوتنا الكرام الأستثناءات في الغيبة فهي:


حالات تجوز فيها الغيبة:
ذكر العلماء بعض الحالات التي تجوز

فيها الغيبة لما في ذلك من مصلحة راجحة.
ومن هذه الحالات:
1- التظلم إلى القاضي أو السلطان

أو من يقدر على رد الظلم.
قال تعالى: { لا يحب الله الجهر

بالسوء من القول إلا من ظلم} النساء:148
قال الشوكاني:

استثناء أفاد جواز ذكر المظلوم بما يبين
للناس وقوع الظلم عليه من ذلك الظالم .
وقال صلى الله عليه وسلم :

(ليّ الواجد يحل عرضه وعقوبته) .
واللي هو الظلم ، والواجد هو الغني القادر على السداد.
قال سفيان: يحل عرضه:

أن يقول: ظلمني حقي .
قال وكيع: عرضه: شكايته ، وعقوبته : حسبه .
2- الاستفتاء:
فيجوز للمستفتي فيما لا طريق للخلاص منه

أن يذكر أخاه بما هو له غيبة ،
ومثل له النووي بأن يقول للمفتي:
ظلمني أبي أو أخي أو فلان فهل له ذلك أم لا .
جاءت هند بنت عتبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم

فقالت : يا رسول الله إن أبا سفيان
رجل شحيح ، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي
إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم ، فقال
لها النبي صلى الله عليه وسلم :
( خذي ما يفكيك وولدك بالمعروف ) .
قال البغوي: هذا حديث يشتمل على

فوائد وأنواع من الفقه، منها جواز ذكر
الرجل ببعض ما فيه من العيوب
إذا دعت الحاجة إليه ، لأن النبي لم ينكر قولها:
إن أبا سفيان رجل شحيح .
3
- الاستعانة على تغيير المنكر:
فقد يرى المسلم المنكر فلا يقدر على تغييره

إلا بمعونة غيره ، فيجوز حينذاك أن يطلع
الآخر ليتوصلا على إنكار المنكر.
4- التحذير من الشر ونصيحة المسلمين:
جاءت فاطمة بنت قيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم

تستشيره في أمر خطبتها وقد خطبها معاوية
وأبو الجهم وأسامة بن زيد
فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم :
(أما معاوية فرجل ترب لا مال له ،
وأما أبو الجهم فضراب للنساء ،
ولكن أسامة بن زيد ) .
قال ابن تيمية:

الشخص المعين يذكر ما فيه من الشر في مواضع.
. أن يكون على وجه النصيحة للمسلمين في دينهم ودنياهم . . . .
5- المجاهر بنفسه المستعلن ببدعته:
استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

( ائذنوا له، بئس أخو العشيرة ، أو ابن العشيرة ) .
قال القرطبي :

في الحديث جواز غيبة المعلن بالفسق
أو الفحش ونحو ذلك من الجور في الحكم والدعاء إلى البدعة .
ومما يدل على اتصاف هذا الرجل بما

أحل غيبته ما جاء في آخر الحديث،
حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(أي عائشة، إن شر الناس من تركه
الناس أو ودعه اتقاء فحشه)).
قال الحسن البصري :

ليس لصاحب البدعة ولا الفاسق المعلن بفسقه غيبة .
وقال زيد بن أسلم :

إنما الغيبة لمن لم يعلن بالمعاصي .
والذي يباح من غيبة الفاسق المجاهر

ما جاهر به دون سواه من المعاصي التي يستتر بها.
قال النووي: كالمجاهر بشرب الخمر

ومصادرة الناس وأخذ المكس . . .
فيجوز ذكره بما يجاهر به ،
ويحرم ذكره بغيره من العيوب .
وينبغي أن يُصنع ذلك حسبة لله

وتعريفاً للمؤمنين
لا تشهيراً وإشاعة للفاحشة أو تلذذاً
بذكر الآخرين.
قال ابن تيمية:

وهذا كله يجب أن يكون على وجه النصح
وابتغاء وجه الله تعالى ، لا لهوى الشخص
مع الإنسان مثل الإنسان مثل
أن يكون بينهما عداوة دنيوية
أو تحاسد أو تباغض. . .
فهذا من عمل الشيطان
و إنما الأعمال بالنيات .



الأخوة في الله
وهنا نصل لأمر في غاية الأهمية
وهو كيفية التملص والبُعد عن مواطن الغيبة
والنميمة والجلسات والأجتماعات
المؤدية لهذه المعاصي والموبقات
وأهما هوالبعد عن مواطن الريبة
وينبغي على المسلم أن يبعد نفسه عن

مواطن الريبة والتهمة التي تجعله
موضعاً لغيبة الآخرين ، وأن يكشف
ما قد يلتبس على الناس، وقد سبق
إلى ذلك أكمل الخلق وأعدلهم.
فقد أتته زوج صفية في معتكفه في المسجد ،

ولما انتصف الليل قام صلى الله عليه وسلم
معها يقلبها إلى بيتها فلقيه اثنان من أصحابه ،
فلما رأياه يمشي معها أسرعا.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :

على رسلكما ، إنما هي صفية بنت حيي
، فقالا: سبحان الله يا رسول الله ،
وكبر عليهما. فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
(إن الشيطان يبلغ في الإنسان مبلغ الدم ،
وخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً ) .
قال ابن حجر :

فيه التحرز من التعرض لسوء الظن
والاحتفاظ من كيد الشيطان والاعتذار.
قال ابن دقيق العيد: وهذا متأكد في حق العلماء

ومن يقتدى به، فلا يجوز لهم أن
يفعلوا فعلاً يوجب سوء الظن بهم،
وإن كان لهم فيه مخلص . . . .

إخوتنا المؤمنون
إتقوا الله في ما أمر
وانتهوا عن مانهى عنه وزجر
وأتصفوا بالتسامح في مابينكم
ولينوا جانبكم وأحسنوا مُعاملتكم
وأخلصوا أعمالكم كلها لله تفوزون برضوان ربكم
ولاتجعلوا لهذه الصفات الذميمة مكان في قلوبكم
فلا تتدابروا وتخلقوا بأخلاق من سبقكم
من الصحابة والسلف الصالح
وعلى رأسهم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
اللهم تقبّل أعمالنا الصالحة
خالصة لوجهك الكريم وأحفظنا من مراذل الصفات

من حسد وبُغض وكراهية وغيبة ونميمة
لأخوتنا الموحدين
لله المُتبعين لشرعه
وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم
وبارك لنا في أهالينا
وبارك لهم ولنا في ديننا ورضاك عنّا يا رب العالمين
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا،
وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به
بيني وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك
، ومن اليقين ما تهوّن به علىّ وعليكم مصائب الدنيا.
اللهم لا هادي لمن أضللت، ولا معطي لما منعت،

ولا مانع لما أعطيت، ولا باسط لما قبضت،
ولا مقدّم لما أخّرت، ولا مؤخّر لما قدّمت،
اللهم أرزقنا حبك وحب من يحبك،
اللهم لاتمنع بذنوبنا فضلك
ورحمتك يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين،
اللهم لاتسلط علينا بذنوبنا من لايخافك فينا ولا يرحمنا.
إن الله يأمر بالعدل والأحسان وإيتاء ذي القُربى
وينهى عن الفحشاء والمُنكر والبغي
يعضكم لعلكم تتذكرون
فاذكروا الله يذكركم وأشكروه على نِعمه يزيدكم
ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم
وأجارني الله وإياكم من خزيه وعذابه الأليم
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وصلىّ اللهم على نبيك ورسولك صلى الله عليه وسلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم .....اندبها
[/frame]

رابط الموضوع الاصلي

http://wahjj.com/vb/showthread.php?t=28850
المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً ) ( الى الذين يشتهون أكل لحم بعضهم بعض )



 

التعديل الأخير تم بواسطة الغريبة ; 09-02-2019 الساعة 01:08 PM

2 أعضاء قالوا شكراً لـ اندبها على المشاركة المفيدة:
 (09-07-2019),  (01-11-2022)
قديم 09-02-2019   #14


الصورة الرمزية اندبها
اندبها غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1037
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : منذ 3 أسابيع (05:32 PM)
 المشاركات : 29,396 [ + ]
 التقييم :  888890339
لوني المفضل : White
شكراً: 686
تم شكره 1,089 مرة في 578 مشاركة

اوسمتي

افتراضي المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً ) (فلنحذر من هذه الصفات) ( التباغض )



[frame="1 10"]
المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً )
( فلنحذر من هذه الصفات ) ( البُغض )







( إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِينُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ،
وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ،
مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ) رواه أبو داود ،
والنسائي ، وابن ماجة .
قال تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) ( النساء )
وقال عز وجل في سورة الاحزاب:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ( الأحزاب )
أما بعد إخوتنا المؤمنين
وأحبتنا في الله
أن خير الكلام كلام الله
وخير الهدي هدي محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم )
يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ
يَحْمَدُ اللَّهَ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ:
(مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ثُمَّ يَقُولُ:
بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ......
وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ
وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ نَذِيرُ جَيْشٍ
رواه (مسلم، أبو داود، النسائي، ابن ماجه، أحمد، الدارمي )
عباد الله ..
أما بعد،
إخوتنا في الله
هذا هو ديننا ومنهجنا ورسالة رسولنا
صلى الله عليه وسلم ، الداعية لأتباع الاخلاق
الحسنة لتزداد الروابط قوة ومتانة بين قلوب
المسلمين ، فينشأ عن ذلك تحابب وتقارب وتآلف
فديننا إخوتنا المؤمنين الكرام
صُلب رسالته وعمود بيانه هو عبادة الله
سبحانه وتعالى وتوحيده بألوهيته
وربوبيته وبأسمائه وصفاته ....
والأيمان والتصديق بما جاء به رسوله
الكريم صلى الله عليه وسلم تصديقاً كاملاً
مع الاتباع لمنهجه وطريقته وسُنته وهديه
بأعتقاد جازم غير مشكوك فيه ، أن ما جاء به
هو الحق من خلال منهجه وسيرته ووصاياه وتنبيهاته
واوامره ونواهيه ....
فالله سبحانه وتعالى جعل لنا قدوة ومثل نتبعه ونسير
على خطاه ونهجه ، وهذه القدوة هي مثلنا في الخليقة
ولكن يختلف عنّا في الخُلق والأدب والقُرب والأصطفاء
فرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بشر مثلنا
يأكل كما نأكل ويتزوج النساء كما نفعل نحن
فمن المعروف إخوتنا الكرام
أن المقتدي لايقتدي الا بما هو أعلى منه وأفضل
وأكمل في بشريته ، ولكي يكون مثله وجب إتباع
منهجه وسُنته القولية والفعلية ...
ولا يوجد احد على وجه الأرض ماهو أكمل
في بشريته وخُلقه وسمته وحُسن بيانه
الا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم
فيكفي أن الله سبحانه وتعالى أعلمنا وأخبرنا
في القرآن الكريم أن رسولنا الكريم
صلى الله عليه وسلم يملك من المزايا والصفات
ما يجعله أهل للأقتداء والأتباع والأخذ منه
وتنفيذ وصاياه سوى نهي أو زجر أو توجيه
إن أردنا ان تكون لنا الخيرة في حياتنا التى هي
باب موصل للحياة الأخرة وجناتها ونعيمها....
فمفتاح الوصول لهذا الرضى والقبول
هو إتباع المنهج والطريق السوى وإصلاح
ذات بيننا وتحسين اخلاقنا وتعاملاتنا في مابيننا
فا بالمجاهدة والصبر والعزيمة نتعلم ونتخلق
بأخلاق سيد البشر ....
فليس صعباً أو مُحالاً أن لا نستطيع فعل ذلك
فيكفي أن الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عنهم
تخلقوا وأحسنوا تربية أنفسهم وتنظيفها
من مزالق السوء من صفات مُبتذلة تورث
الأحقاد والكُره والضغينة فينشأ عن ذلك تفتت لأواصر
المحبة بين المسلمين.....
فعاشوا منارة للصدق والحُب والتآخي والود في مابينهم
فأصبحوا مثالاً يُحتذى به ويؤخذ منه ....
فتعلموا ذلك من حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأخذوا عنه كل مايفيد حياتهم آجلها وعاجلها....
أما نحن فلم يبقى لنا من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
الا سُنته ورسالته وتشريعاته ووصاياه
وأحاديثه سوى نهي أو زجر او تأكيد أوتشجيع او تعليم
ولكن للأسف نمُر على كلامه صلى الله عليه وسلم
وكأننا لم نسمع به واحيانا نستغرب وجود أحاديث
صحيحة ، ونقول في أنفسنا لم نسمع بهذا الحديث من قبل
وكأنه اتى ألينا جديداً وحديثاً ....
كل ذلك لأننا مقصرون في فهم سُنته صلى الله عليه وسلم
ولم يسترعنا ويجذبنا الأطلاع والقراءة والفهم والمدارسة
لأحاديثه صلى الله عليه وسلم .....والتعلم منها
لاننا ببساطة اخذتنا الثقافات الدخيلة علينا
وأصبحت هي شغلنا الشاغل ....فتغذت بها
نفوسنا وأرتوت بها اوصالنا وعروقنا
بأخبار وقصص وأتجاهات ومسارب أبعدتنا
عن ديننا وسيرة رسولنا صلى الله عليه وسلم
فلم يعد أهتمامنا بما يقوله ويفعله ....
حتى وصل بنا الأمر اخوتنا الكرام
أننا اُصبنا بامراض وعاهات
من تبلد في الفهم والفكر واضطراب
في نفوسنا فأبتعدنا عن المنبع الحقيقي
لعبادة الله سبحانه وتعالى عن طريق
المنهج الذي رسمه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم
لنا في كيفية التقرب الى الله على بصيرة وعلم
أو إصلاح أخلاقنا والتقرب بحُسن الخُلق
لله سبحانه وتعالى في فهم أحاديثه صلى الله عليه وسلم
ومُدارستها ونشرها والدعوى لها
وفي ذلك لنا الثواب والأجر العميم
فرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قال:
في الحديث الصحيح
بلغوا عني ولو آية .....
فحينما نتدارس أخوتنا الكرام في احاديثه
صلى الله عليه وسلم ونتعلم منها مايُصلح لنا
حالنا وأحوالنا وتتقوى بها اواصر علاقاتنا مع بعض
فينشا الحُب والود والتقدير والاحترام
وفي نفس الوقت يندر وتندثر كل معاني الشقاق
والنفاق وسوء الأخلاق والصفات المُبتذلة
المنهي عنها في العمل بها وإتباعها
لذلك نستمر اخوتنا الكرام
في الغوص في أحدى احاديثه
صلى الله عليه وسلم الصحيحة الجامعة
لكل مانهى عنه وزجر من إتباع الصفات
التى من شانها تُفسد العلاقات بين الناس ...
وفي هذه الجمعة سنتكلم بأذن الله ونستكمل
باقي الوصايا والتحذيرات التى أتت في الحديث
الصحيح الذي رواه الصحابي
الجليل أبي هريرة رضي الله عنه
حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لاتحاسدوا
ولاتناجشوا
ولاتباغضوا
ولاتدابروا
ولايبيع بعضكم على بيع بعض
وكونوا عباد الله إخواناً ، المُسلم أخو المُسلم
لايظلمه
ولايخذله
ولايكذبه
ولايحقره
التقوى هاهنا ، ويشير الى صدره ثلاث مرات
بحسب إمريء من الشر أن يحقر أخاه المُسلم
المُسلم على المُسلم حرام
دمه وماله وعِرضه .......رواه مُسلم في صحيحه
ولننظر اخوتنا الكرام
أصل ومناهي وتحذيرات رسولنا الكريم
صلى الله عليه وسلم لنا من هذه الصفة وهي
( التباغض )
بعد أن عرفنا وفهمنا ما للحسد
من تأثيرات فعليه عملية تُفسد القلوب
وتفتح باب الكراهية والحقد والغيبة والنميمة
كل ذلك في نهاية الأمر يورث صفة
جامعة لكل هذه الصفات الذميمة وهي البُغض
والكراهية .....
حتى في نقاط البيع والشراء من تعاملات
بين التجار والعوام وظهور صفات
مثل التناجش والبيع المنهي عنه وإفساد السوق
في البيع والشراء والتعاملات المالية بين الناس
كل ذلك أيضاً نتيجته النهائية تصب في صفة
جامعة تُفسد العلاقات بين الناس فيندثر الحُب
والمودة والأحسان بين الناس ، ويظهر مكانها
صفة مليئة بالحقد والكُره والبُغض...
وهذا مرتع من مراتع الشيطان
فعمله هو إفساد العلاقات بين الناس
بالأيحاء بالفتن والكراهية والبُغض لأمور
دنيوية حياتية .....
لذلك أحبتنا في الله
في هذه الجمعة سنعطي صفة الكراهية
والبُغض والحقد بعض التفصيلات والشروحات
لبيان فسادها وأسباب النهي عن التخلق بها....
ومتى تكون هذه الصفة ذميمة ومُحرمة ...؟
ومتى تكون مطلوبة وشرعية ومقبولة ...؟
والفروقات بينها وبين الكراهية والحُب
وأيضاً مفهوم البُغض في الله
والحُب في الله .....
كل ذلك سيتم التطرق اليه إبتغاء فهمه
وبيانه وشرحه لنتعلم متى نُبغض
ومتى لا نُبغض ....
نعم أخوتنا الكرام نتعلم
متى يكون البُغض له أجر وثواب
ومتى يكون حراماً ومليء بالذنوب


ولكن الأول وجب أن ندخل لمسارب
ودهاليز لُغتنا العربية ، لُغة القرآن الكريم
ولُغة أهل الجنة ....
لنستشعر المعاني اللغوية لهذه الصفة
التى حذرنا منها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم...
وهذا شرح وتفسير المعنى اللغوي
لصفة البُغض والتى قيل عنها أنها:
معنى البُغْض:
البغض ضِدُّ الحُب،
من بغَض الشيء بُغضًا:
مقته وكرهه، فهو باغض وبغوض،
والشيء مبغوض وبغيض،
وبَغُضَ الشَّيء بَغاضة،
فهو بَغِيض،
وأبْغَضته إبغاضًا، فهو مُبْغَض،
والاسم البُغْض،
وبَغَّضَه الله تعالى للنَّاس فأَبْغَضُوه،
والبِغَضَة والبَغْضاء:
شِدَّة البُغْض، وتَباغض القوم:
أبْغَض بعضهم بعضًا
والبغض هو نفور النَّفس عن
الشَّيء الذي يرغب عنه
وقال الكفوي:
البُغْضُ: عبارةٌ عن نفرة الطَّبع عن
المؤْلِم المتْعِب، فإذا قوي يُسمَّى مَقْتًا.
معنى الكَراهِية:
الكراهية خِلاف الرِّضا والمحبَّة، يقال:
كَرِهْتُ الشَّيء أَكْرَهُه كَرَاهَةً وكَرَاهِيةً،
فهو شيءٌ كَرِيهٌ ومَكْرُوهٌ.
والكُرْهُ الاسم. ويقال:
بل الكُرْهُ: المشَقَّة، والكَرْهُ:
أن تُكَلَّف الشَّيء فتعمله كارهًا. ويقال:
مِن الكُرْه الكَرَاهِيَة والكَرَاهِيَّة وأكْرَهتُه على كذا:
حملته عليه كَرْهًا
وقال ابن عاشور: الكُرْه: الكَرَاهِية
ونفرة الطَّبع مِن الشَّيء، ومثله الكَرْه على الأصحّ
ذِكر ذم البُغض والكراهية والنهي
عنهما في القرآن الكريم
وفي سُنة رسولنا صلى الله عليه وسلم
أولًا: ذم البُغْض والكَرَاهِية والنهي عنهما
ففي القرآن الكريم
قال تعالى:
( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ
وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ
عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ) ...المائدة 91
قال الطبري: يقول تعالى ذكره:
إنما يريد لكم الشيطان شرب الخمر
والمياسرة بالقداح، ويحسن ذلك لكم؛
إرادة منه أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء
في شربكم الخمر ومياسرتكم بالقداح،
ليعادي بعضكم بعضًا، ويبغض بعضكم إلى بعض،
فيشتت أمركم بعد تأليف الله بينكم بالإيمان،
وجمعه بينكم بأخوة الإسلام، ويصدكم عن ذكر الله...أ.هـ
هنا في هذه الآية الكريمة نجد ان الشيطان
يسعى لنشر العداوة والبغضاء بين الناس ويمطتيء
وسائل وسُبل وطُرق تؤدي الى البغضاء والعداوة بين الناس
ومن هذه الوسائل والطُرق الموصلة لهذه الصفة التى
يحب الشيطان أن تنتشر بين الناس ....
فالخمر والميسر والأنصاب والأزلام كلها رجس من عمل
الشيطان ، وهي تعتبر من الأسباب التى تُخلف
العداوة والبغضاء بين الناس ....
وفي تفسير أخر يبين أن للبغضاء تعريفات
منها :
بَغْضاءُ ( مفرد ) :
كَراهية ومَقْت شديدان
أثار البغضاء ( بينهم) كثرة العتاب تورث البغضاء:
الدعوة إلى عدم الإكثار من العتاب....
وهذا ماصرح به القرآن الكريم في
هذه الأيات الكريمة من أن العتاب
يورث العداوة والبغضاء ...فقال تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن
دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ
الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ
ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ ) ...آل عمران 118
ففي تفسير لأبن كثير لهذه الأيات قال:
وقوله : ( لا تتخذوا بطانة من دونكم (
أي : من غيركم من أهل الأديان ،
وبطانة الرجل :
هم خاصة أهله الذين يطلعون على داخل أمره .
وقد روى البخاري ، والنسائي ،
وغيرهما ، من حديث جماعة ، منهم :
يونس ، ويحيى بن سعيد ، وموسى بن عقبة ،
وابن أبي عتيق - عن الزهري ،
عن أبي سلمة ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه،
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ما اسْتُخْلِفَ خَلِيفَةٌ إلَّا له بطانَتانِ:
بطانَةٌ تَأْمُرُهُ بالخَيْرِ وتَحُضُّهُ عليه،
وبِطانَةٌ تَأْمُرُهُ بالشَّرِّ وتَحُضُّهُ عليه،
والمَعْصُومُ مَن عَصَمَ اللَّهُ...... ( صحيح البخاري )
وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي ، حدثنا أبو أيوب محمد بن الوزان ،
حدثنا عيسى بن يونس ،
عن أبي حيان التيمي عن أبي الزنباع ،
عن ابن أبي الدهقانة قال :
قيل لعمر بن الخطاب ، رضي الله عنه :
إن هاهنا غلاما من أهل الحيرة ،
حافظ كاتب ، فلو اتخذته كاتبا ؟ فقال :
قد اتخذت إذا بطانة من دون المؤمنين .
ففي هذا الأثر مع هذه الآية دلالة على
أن أهل الذمة لا يجوز استعمالهم في الكتابة ،
التي فيها استطالة على المسلمين
واطلاع على دواخل أمورهم التي يخشى
أن يفشوها إلى الأعداء من أهل الحرب ،
ولهذا قال تعالى
: لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم .
وقد قال الحافظ أبو يعلى :
حدثنا إسحاق بن إسرائيل ، حدثنا هشيم ،
حدثنا العوام ، عن الأزهر بن راشد قال :
كانوا يأتون أنسا ، فإذا حدثهم بحديث لا يدرون ما هو ،
أتوا الحسن - يعني البصري - فيفسره لهم .
قال : فحدث ذات يوم عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
: لا تستضيئوا بنار المشركين ، ولا تنقشوا
في خواتيمكم عربيا فلم يدروا ما هو ،
فأتوا الحسن فقالوا له :
إن أنسا حدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
لا تستضيئوا بنار الشرك ولا تنقشوا
في خواتيمكم عربيا
فقال الحسن : أما قوله :
ولا تنقشوا في خواتيمكم عربيا
محمد صلى الله عليه وسلم . وأما قوله :
لا تستضيئوا بنار الشرك يقول :
لا تستشيروا المشركين في أموركم .
ثم قال الحسن : تصديق ذلك في كتاب الله
: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم.

ذم البُغْض والكَرَاهِية والنهي
عنهما في السُّنَّة النَّبويَّة
عن أبي هريرة رضي الله عنه،
عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال
: إيَّاكم والظَّنَّ؛ فإنَّ الظَّنَّ أكذب الحديث،
ولا تحسَّسوا، ولا تجسَّسوا، ولا تحاسدوا،
ولا تباغضوا، ولا تدابروا،
وكونوا عباد الله إخوانًا...صحيح البخاري
وعن أبي هريرة، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم،
قال: سيصيب أمَّتي داء الأمم، قالوا:
يا نبيَّ الله، وما داء الأمم؟ قال:
الأشَرُ والبَطَرُ، والتَّكاثر والتشاحن في الدُّنيا،
والتَّباغض، والتَّحاسد حتى يكون البغي ثمَّ الهرج...
صححه الألباني في السلسة الصحيحة.
قال المناوي شارحًا هذا الحديث
الأَشَر. أي: كُفر النِّعمة
والبَطَر: الطُّغيان عند النِّعمة، وشدَّة المرَح
والفرح، وطول الغنى. ((
والتَّكاثرمع جمع المال.
والتَّشاحن أي: ( التَّعادي والتَّحاقد )
في الدُّنيا والتَّباغض والتَّحاسد
. أي( تمنِّي زوال نعمة الغير. (
حتى يكون البغي أي:
مجاوزة الحدِّ، وهو تحذيرٌ شديدٌ مِن التَّنافس
في الدُّنيا؛ لأنَّها أساس الآفات،
ورأس الخطيئات، وأصل الفتن، وعنه تنشأ الشُّرور
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:
إذا فُتِحَت عليكم فارس والرُّوم، أيُّ قوم أنتم؟
قال عبد الرَّحمن بن عوف
: نقول كما أمرنا الله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أو غير ذلك، تتنافسون،
ثمَّ تتحاسدون، ثمَّ تتدابرون،
ثمَّ تتباغضون، أو نحو ذلك،
ثمَّ تنطلقون في مساكين المهاجرين،
فتجعلون بعضهم على رقاب بعض.....
أخرجه مسلم في صحيحه
قوله صلى الله عليه وسلم :
إذا فتحت عليكم فارس والروم
أي قوم أنتم ؟
ومقصد سؤال النبي صلى الله عليه وسلم
أي القوم أنتم ...؟
أي ماذا سيكون حالكم إن أكرمكم الله
بنِعم وفيرة بعد أن يمن عليكم بفتح فارس والروم
فكان جواب الصحابي ....
بأننا سنقول كما امرنا الله حين يكرمنا بنِعم وفضل
نحمده ونشكره ونسأله المزيد من فضله
فقال صلى الله عليه وسلم
بل سيكون هناك أمر أخر
وصفات ستطفوا فوق السطح وتظهر
وستكون وبال عليكم إن أعتقدتم فيها ...
فستتنافسون أي تتسابقون
ثم يصل بكم الأمر أن تتحاسدون ثم
يتطور الأمر فتتدابرون
ثم تتباغضون ...عندها ستنطلقون
في مساكين المهاجرين
فتجعلون بعضهم على رقاب بعض ...
قال العلماء :
التنافس إلى الشيء المسابقة إليه ،
وكراهة أخذ غيرك إياه ، وهو أول درجات الحسد .
وأما الحسد فهو تمني زوال النعمة عن صاحبها
. والتدابر التقاطع وقد بقي مع التدابر شيء من المودة ،
أو لا يكون مودة وبغض
. وأما(التباغض ) فهو بعد هذا ،
ولهذا رتبت في الحديث ،
ثم ينطلقون في مساكين المهاجرين أي ضعفائهم ،
فيجعلون بعضهم أمراء على بعض .
وعن أبي هريرة، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم،
قال: سيصيب أمَّتي داء الأمم، قالوا:
يا نبيَّ الله، وما داء الأمم؟ قال:
الأشَرُ والبَطَرُ، والتَّكاثر والتشاحن في الدُّنيا،
والتَّباغض، والتَّحاسد حتى يكون البغي
ثمَّ الهرج.......صححه الألباني في صحيح الجامع
نعم أخوتنا الكرام
هكذا تنبأ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
أنه سيصيب الأمة الكثير من الشرور
وها نحن في هذا الزمان أصبنا بقليل منها
فكفرنا بالنعمة ولم نحمد الله عليها
حتى على قِلتها وندرتها ....
وعند كُثر النعمة أُصبنا بالطغيان
فأصبحت النِعم بالنسبة لنا وسيلة وطريقة
للبطر وهو شدة الفرح والمرح إبتهاجاً بما سيزول
أن لم نحمد الله ونشكره على نِعمه علينا...
فلم يقتصر الأمر فقط على هذا
بل تعداه للتحاقد والتباغض والحسد
والضغينة وكل الصفات المنهي عنها
أصبحت بالنسبة لنا هي الوسيلة والغاية
والهدف لزوال نِعم الغير مع بقاءها معنا
وفي شرح للمناوي لهذه المصطلحات
في هذا الحديث انه قال:
قال المناوي شارحًا هذا الحديث
في كتاب ( فيض القدير )
الأَشَر)). أي: كُفر النِّعمة
والبَطَر): الطُّغيان عند النِّعمة،)
وشدَّة المرَح والفرح، وطول الغنى
. والتَّكاثر ). مع جمع المال )
والتَّشاحن ). أي: التَّعادي والتَّحاقد )
في الدُّنيا والتَّباغض والتَّحاسد
. أي: تمنِّي زوال نعمة الغير
حتى يكون البغي). أي: مجاوزة الحدِّ، )
وهو تحذيرٌ شديدٌ مِن التَّنافس في الدُّنيا؛
لأنَّها أساس الآفات، ورأس الخطيئات،
وأصل الفتن، وعنه تنشأ الشُّرور...أ. هـ
ومن تنبُآت الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
عن ماذا سيكون عليه حال أُمته من بعده
وماذا سيكون عليه الحال إن تخلق المسلم
بصفات مثل الحسد والبغضاء ...
ففي الحديث الذي رواه
الزبير بن العوام رضي الله عنه
أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:
دبَّ إليكم داء الأمم قبلكم:
الحسد والبَغْضَاء، هي الحالقة،
لا أقول تحلق الشِّعر، ولكن تحلق الدِّين،
والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنَّة حتى تؤمنوا،
ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا،
أفلا أُنبِّئكم بما يثبِّت ذلك لكم؟
أفشوا السَّلام بينكم....حسّنه الألباني في سُنن الترمذي
قال ملا علي القاري...في كتابه مرقاة المفاتيح
في شرح هذا الحديث ومفرداته .....
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: دبَّ...أي: نقل وسَرَى ومَشَى بخِفْيَة.
إليكم داء الأمم قبلكم؛ الحسد.
أي: في الباطن. والبَغْضَاء. أي:
العداوة في الظَّاهر... وسُمِّيا داءً؛ لأنَّهما داء القلب.
هي. أي: البَغْضاء، وهو أقرب مبنًى ومعنًى،
أو كلُّ واحدة منهما. الحالقة. أي:
القاطعة للمحبَّة والألفة والصِّلة والجمعيَّة
. والخصلة الأولى هي المؤدِّية إلى الثَّانية،
ولذا قُدِّمت. لا أقول: تحلق الشَّعر. أي:
تقطع ظاهر البدن، فإنَّه أمرٌ سهل.
ولكن تحلق الدِّين. وضرره عظيم في الدُّنيا والآخرة.
قال الطِّيـبيُّ: أي: البَغْضاء تُذْهِب بالدِّين
كالموسى تُذْهِب بالشَّعر، وضمير المؤنَّث
راجعٌ إلى البَغْضَاء....أ هــ .
أخوتنا المؤمنون
نأتي الأن لمعرفة الفرق بين البُغض والكراهة
فهاتان الصفتان يحملان الرسالة نفسها
ولكن بمعرفة الفرق بينهما نفهم
أن البُغض أعم وأشمل من الكراهة أو الكراهية
- الفرق بين البُغْض والكَرَاهَة:
قال أبو هلال العسكري
وهو الحسن بن عبد الله العسكري
وهو أحد الأدباء المهتمين بالشأن اللغوي
للغتنا العربية ...فيقول في كتابه الفروق:
الفرق بين البُغْض والكَراهة
أنَّه قد اتَّسع بالبُغْض ما لم يتَّسع بالكَراهَة،
فقيل: أُبْغِض زيدًا أي:
أُبْغِض إكرامه
ونفعه، ولا يقال: أكرهه بهذا المعنى،
كما اتَّسع بلفظ المحبَّة، فقيل:
أُحِبُّ زيدًا، بمعنى:
أحبُّ إكرامه ونفعه، ولا يقال:
أريده، في هذا المعنى،
ومع هذا فإنَّ الكَرَاهَة تُسْتَعمل فيما لا يُسْتَعمل
فيه البُغْض، فيقال: أَكْرَه هذا الطَّعام. ولا يقال:
أَبْغُضه، كما تقول:
أُحِبُّه. والمراد أنِّي أكره أكله، كما أنَّ المراد بقولك:
أريد هذا الطَّعام، أنَّك تريد أكله أو شراءه .
وعندما يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
ولا تباغضوا ....فينهي عن البُغض الغير شرعي
فالتباغض هنا -أيضا- عام
في كل ما يكون سببا لحدوث البغضاء من
الأقوال والأعمال، فكل قول يؤدي إلى البغض،
فأنت منهي عنه،
وكل فعل يؤدي إلى التباغض،
فأنت منهي عنه، فالمؤمن مأمور بأن يسعى بما فيه
المحبة بين إخوانه المؤمنين،
وأما ما فيه من التباغض،
فهو حرام أن يسعى فيه بقوله، أو قلمه،
أو كلامه، أو عمله، أو تصرفاته، أو إشاراته،
أو لحظه حتى إن الرجل لا ينبغي له أن يبغض،
بل لا يسوغ له أن يبغض أي مسلم كان؛
لأنه قد أحبه لما معه من الإسلام والتوحيد،
وهذا يجبر غيره، وإن أبغضه بغضا دينيا
فهذا لا حرج، لكن البغض الدنيوي هو الذي نهى عنه هنا.
معنى الحب في الله، والبغض في الله
ونأتي أخوتنا الكرام
للذي تم ذكره من أن هناك بُغض له أجره وثوابه
وهناك بُغض حرام فيه الأثم والسيئات
وهذا يتم ترجمته في أن هناك
حُب في الله والبُغض في الله....
فالحب في الله والبغض في الله، عملان قلبيان،
لكن لهذا الحب لوازم مثل:
النصح للمسلمين، والإشفاق عليهم،
والدعاء لهم، والسلام، وزيارة مريضهم،
وتشييع جنائزهم، وتفقد أحوالهم. أما لوازم البغض فمنها:
ألا نبتدئهم بالسلام، والهجرة من دار الكفرِ
إلى دار الإسلام، وعدم التشبه بهم،
وعدم مشاركتهم في الأعياد كما هو مبسوط في موضعه.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
في كتابه (قاعدة في المحبة):
(أصلُ الموالاة هي المحبة كما أنَّ أصلَ المعادة البغض،
فإنَّ التحاب يوجبُ التقاربَ والاتفاق،
والتباغضَ يوجبُ التباعدَ والاختلاف).
1. وقال الشيخ عبد اللطيف
بن عبد الرحمن بن حسن رحمة الله عليهم:
أصلُ الموالاة: الحب، وأصلُ المعاداةِ:
البغض، وينشأ عنهما من أعمالِ القلوبِ
والجوارح ما يدخلُ في حقيقةِ الموالاةِ
والمعاداة، كالنصرةِ والأنس والمعاونة،
وكالجهادِ والهجرةِ ونحو ذلك من الأعمال....

1. وسئلَ الإمامُ أحمد- رحمة الله-
عن الحب في الله، فقال:
"ألاَّ تُحبه لطمعٍ في ديناه
فمن خلالِ أقوال هؤلاءِ الأئمة ونحوهم،
يتبيّن لنا أنَّ الحب والبغض أمرٌ قلبي،
فالحب محله القلب، والبغض محلهُ القلب،
لكن لا بد لهذا العمل القلبي أن يظهرَ على الجوارح،
فلا يأتي شخصٌ يقول:
أنا أبغض فلاناً في الله،
ثم تجدُ الأنس والانبساط والزيارة والنصرة
والتأييد لمن أبغضه في الله!،
فأين البغض في الله؟،
فلا بد أن يظهرَ على الجوارح،
فلو أبغضنا مثلاً أعداءَ الله من النصارى
ومن اليهود، فهذا البغض محلهُ القلب،
لكن يظهرُ على الجوارح من عدم بدئهم بالسلام
مثلاً كما قال صلى الله عليه وسلم:
( لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام ) (رواه مسلم)
، أو من خلال عدم المشاركة في أعيادهم،
لأنَّ هذه المشاركة من التعاون على الإثم والعدوان،
والله يقول:
( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ ) ..المائدة من الآية2
وكذلك الحب في الله،
فإذا أحببنا عباد الله الصالحين،
وأحببنا الأنبياء والصحابة وغيرهم من أولياء الله تعالى
، فهذا الحبُ في القلب لكن له لوازم
وله مقتضيات تظهرُ على اللسان
وعلى الجوارح،
فإذا أحببنا أهلَ الإسلام أفشينا السلام،
كما قال عليه الصلاة والسلام:
ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم،
أفشوا السلام بينكم... (رواه مسلم )
كذلك النصيحة، فعندما أرى أخاً لي من
أهل الإسلام يُقصرُ في الصلاة،
كأن يخل بأركانها أو واجباتها، فأنصحهُ،
فهذا من مقتضى الحبِ في الله،
فإذا عُدم ذلك فهذا يدل على ضعف الإيمان،
فلو وجدنا رجلاً يقول: أنا أحب المؤمنين
لكنه لا يسلّم عليهم، ولا يزورُ مريضهم،
ولا يتبعُ جنائزهم، ولا ينصحُ لهم،
ولا يشفقُ عليهم، فهذا الحب لا شك
أنَّ فيه دخنٌ ونقص لا بد أن يتداركه العبد.
3. يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي في فتاويه:
(إنَّ الله عقد الأخوة والموالاة والمحبة بين
المؤمنين كلهم، ونهى عن موالاة الكافرين كلهم،
من يهود، ونصارى، ومجوس، ومشركين،
وملحدين، ومارقين وغيرهم ممن ثبت
في الكتاب والسنة الحكم بكفرهم،
وهذا الأصل متفق عليه بين المسلمين،
وكل مؤمن موحد تارك لجميع المكفرات الشرعية
، فإنَّهُ تجب محبته وموالاته ونصرته،
وكل من كان بخلاف ذلك فإنَّه
يجب التقرب إلى الله ببغضه ومعاداته،
وجهاده باللسان واليد بحسب القدرة،
فالولاءُ والبراء تابعٌ للحب والبغض،
والحب والبغض هو الأصل،
وأصلُ الإيمان أن تحبّ في الله أنبياءه وأتباعهم،
وأن تبغض في الله أعداءه وأعداء رسله)..أ.هـ
وقد بيّن أهلُ العلم أن المؤمن تجبُ محبته
وإن أساء إليك، والكافر يجبُ بغضه وعداوته
وإن أحسن إليك
. فالمسلم وإن قصّر في حقك وظلمك،
فيبغض على قدر المظلمة،
لكن يبقى حق الإسلام وحق النصرة
وحق الولاية. والسؤال:
ماذا يجب علينا تجاه المسلمين ممن خلطوا
عملاً صالحاً وأخر سيئاً، فهم ليسوا
من أولياء الله الصالحين، وليسوا من أعداء الله الكافرين؟
الواجبُ في حق هؤلاء أن نحبهم ونواليهم
بقدر طاعتهم وصلاحهم، وفي نفس الوقت نبغضهم
على قدر معصيتهم وذنبهم. فمثلاً:
جارك الذي يشهد الصلوات الخمس،
عليك أن تحبه لهذا الأمر، لكن لو كان هذا الجار يسمعُ
ما حرم الله من الأغاني مثلاً، أو يتعاطى الربا،
فعليك أن تبغضه على قدر معصيته،
وكلما ازداد الرجل طاعةً ازددنا له حبّاً،
وكلما زاد معصية ازددنا له بغضاً. وقد يقول قائل:
وكيف يجتمع الحب، والبغض في شخص واحد؟
كيف أحب الشخص من جانب، وأبغضه من جانب؟
أقول: هذا ميسر، فهذا الأب رُبما ضرب ابنه
وآلمه تأديباً وزجراً،
ومع ذلك يبقى الأصل أنَّ الأبُ يحبُ ابنه
محبةً جبلية، فيجتمع الأمران
. وكذلك المعلم مع تلاميذه،
أو الرجل مع زوجته إذا زجرها أو هجرها
إذا كان الأمر يقتضي ذلك،
لكن يبقى الأصل في ذلك محبتها
والميل إليها، فإذا كان الشخصُ يجتمع فيه إيمانٍ
مع ارتكابِ محرمات أو ترك واجبات ممَّا لا ينافي
الإيمان بالكلية، فإنَّ إيمانه يقتضي حبّه ونصرته،
وعصيانهِ يقتضي عداوته وبغضه على حسب عصيانه.
ومما يبيّن هذا الأمر، ما جاء في
هدى النبي صلى الله عليه وسلم
فقد حقق عليه السلام الأمرين،
والدليل ذاك الرجل الذي يشربُ الخمر
في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
واسمه عبد الله، وكان كثيراً ما يُؤتى به
فيجلد، فأتي به في أحدِ المرات،
فقال أحد الحاضرين:
لعنهُ الله ما أكثر ما يُؤتى به،
فقال عليه السلام:
«لا تلعنهُ، أما علمت أنَّه يحبُ الله ورسوله»
(ذكره ابن تيمية في مجموع الفتاوي)،
أو كما ورد في الحديث، فمقتضى العداوة والبغضاء
أن أقام عليه الحد فجلده،
وفي نفس الوقت أيضاً، مقتضى الحب والولاء له،
أن دافع عنهُ عليه الصلاة والسلام فقال:
«لا تلعنه
أخوتنا المؤمنون
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
فأستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
ولاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم






الحمد الله رب الناس الذي أسبغ نِعمه على عباده
الطائعين وغير الطائعين
فشكره المؤمنون به وكفر من لم يشكر أفضاله
وأشهد ان لا اله الا الله الذي خلق الخلائق
لعبادته والتقرب له ، فارسل الرُسل وأنزل الكُتب
لبيان أن الله واحد لامعبود ولا شريك له
وهو من يستحق العبادة والتذلل وطلب المغفرة
وأشهد أن محمد أبن عبد الله صلى الله عليه وسلم
رسوله ونبيه ومُصطفاه الذي أصطفاه على سائر الخلق
ليجعله نبي هذه الأمة ومُبشراً بالنِعم والفضائل
وحذر من الفساد والنقائص
وفتح لنا مداركنا بأن نتعلم منه ونتبع سُنته وهديه
والتخلق بأخلاقه وصفاته
فأوصانا بعدم القُرب من صفات يشترك الشيطان
والأنسان فيها منها الحسد وأهله ....
إخوتنا المؤمنون
ندخل ونستكمل فقرة
ولوازم الحُب في الله والبُغض في الله
. لوازم الحب في الله، والبغض في الله
: أشرنا إلى أنَّ الحب في الله والبغض في الله،
عملان قلبيان، لكن لهذا الحب لوازم مثل:
النصح للمسلمين، والإشفاق عليهم،
والدعاء لهم، والسلام، وزيارة مريضهم،
وتشييع جنائزهم، وتفقد أحوالهم
. أما لوازم البغض فمنها:
ألا نبتدئهم بالسلام، والهجرة من دار
الكفرِ إلى دار الإسلام، وعدم التشبه بهم،
وعدم مشاركتهم في الأعياد كما هو مبسوط في موضعه.
فسبب البغض إذا كان دينيا مشروعا، فهذا مطلوب،
ولا بأس به، لكن بالنسبة للمسلم فإنه لا يبغض بالجملة،
بل يجتمع في حق المؤمن،
أو في حق المسلم ما يكون معه الحب له،
وهو ما معه من الإيمان والتوحيد والطاعة،
وما يكون معه البغض له،
وهو ما قد يكون يقترفه من الإثم والعصيان.
وهذا العالم الجليل أبن باز رحمه الله
يوضح هذه النقطة وهي البغض في الله
أ ي البُغض الشرعي المطلوب فيقول:
الجواب: الحب في الله أن تحب من أجل الله جل وعلا؛
لأنك رأيته ذا تقوى وإيمان فتحبه في الله،
وتبغضه في الله؛ لأنك رأيته كافرًا
عاصيًا لله فتبغضه في الله، أو عاصيًا
وإن كان مسلمًا فتبغضه بقدر ما عنده من المعاصي،
هكذا المؤمن، يتسع قلبه لهذا وهذا،
يحب في الله أهل الإيمان والتقوى،
ويبغض في الله أهل الكفر والشرور والمعاصي،
ويكون قلبه متسعًا لهذا وهذا،
وإذا كان الرجل فيه خير وشر كالمسلم العاصي
أحبه من أجل إسلامه وأبغضه
من أجل ما عنده من المعاصي،
فيكون فيه الأمران الشعبتان شعبة الحب والبغض،
فأهل الإيمان وأهل الاستقامة يحبهم حبًا كاملًا،
وأهل الكفر يبغضهم بغضاً كاملًا،
وصاحب الشائبتين صاحب المعاصي يحبه
على قدر ما عنده من الإيمان والإسلام
ويبغضه على قدر ما عنده من المعاصي والمخالفات. نعم.
فإذن في المؤمن والمسلم يجتمع الموجبان
في الدين الحب والبغض،...أ.هـ
والنبي -صلى الله عليه وسلم- هنا قال:
لا تباغضوا قال العلماء:
هذا في السعي فيما فيه التباغض في أمر الدنيا،
أما إذا كان لأمر شرعي وديني، فإن هذا مطلوب،
ولا يدخل في هذا النهي،
والسعي في البغضاء بأنواع كثيرة،
وحتى الرجل مع أهله ينبغي له أن يسعى فيما فيه
المودة والمحبة وألا يبغض، وإذا حصلت البغضاء،
فإنه ينظر كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم
: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن سخط منها خلقا رضي
منها خلقا آخر يعني:
لا يبغض مؤمن مؤمنة.

وهذه قاعدة عامة أن المؤمن لا يسوغ له
أن يبغض مؤمنا، يعني:
بعامة، بل ينظر إليه إن حصل في قلبه بغضاء،
فينظر إلى أخيه المؤمن،
وينظر ما معه من الخير والإيمان والطاعة،
فيعظم جانب طاعته لله على نصيب نفسه،
وحظ نفسه، فتنقلب البغضاء عنده هونا ما
، ولا يكون بغيضا له بغضا تاما،
أو ما يوجب المقاطعة، أو المدابرة
أقوال السَّلف والعلماء في البُغض والكُره
1. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
أَحْبِب حبيبك هونًا ما، عسى أن يكون بغيضك يومًا ما
، وأبغض بغيضك هونًا ما، عسى أن يكون حبيبك يومًا ما.
2
. وقال بعض الصَّحابة:
(مَن أراد فضل العابدين، فليصلح بين النَّاس،
ولا يوقع بينهم العداوة والبَغْضاء.
3. وقال أبو حاتم:
حاجة المرء إلى النَّاس مع محبَّتهم
إيَّاه خيرٌ مِن غناه عنهم مع بغضهم إيَّاه،
والسَّبب الدَّاعي إلى صدِّ محبَّتهم له
هو التَّضايق في الأخلاق وسوء الخُلُق؛
لأنَّ مَن ضاق خُلُقه سَئِمَه أهله وجيرانه،
واستثقله إخوانه، فحينئذٍ تمنَّوا الخلاص منه
ودعوا بالهلاك عليه.
وقال:
الواجب على النَّاس كافةً:
مجانبة الإفكار في السَّبب الذي يؤدِّي
إلى البَغْضَاء والمشاحنة بين النَّاس
، والسَّعي فيما يفرِّق جمعهم، ويُشتِّت شملهم .
4. وقال ابن القيِّم:
البُغْض والكَرَاهَة أصل كلِّ ترك ومبدؤه.
5. وقال الغزَّالي:
اعلم أنَّ الأُلفة ثمرة حسن الخُلُق،
والتَّفرُّق ثمرة سوء الخُلُق،
فحُسْن الخُلُق يُوجِب التَّحابَّ والتَّآلف والتَّوافق.
وسوء الخُلُق يثمر التَّباغض والتَّحاسد والتَّدابر
، ومهما كان المثْمِر محمودًا كانت الثَّمرة محمودة.
إخوتنا المؤمنون
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
إتقوا الله في ما أمر
وانتهوا عن مانهى عنه وزجر
وأتصفوا بالتسامح في مابينكم
ولينوا جانبكم وأحسنوا مُعاملتكم
وأخلصوا أعمالكم كلها لله تفوزون برضوان ربكم
ولاتجعلوا للبُغض والكراهية مكان في قلوبكم
فأحبوا إخوانكم وأدعوا لهم بظهر الغيب
فالبُغض هي آفة تمحق الحُب والود من القلوب
ولا تورث إلا الأحقاد والضغائن
اللهم تقبّل أعمالنا الصالحة
خالصة لوجهك الكريم وأحفظنا من مراذل الصفات
من حسد وبُغض وكراهية لأخوتنا الموحدين
لله المُتبعين لشرعه
وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم
وبارك لنا في أهالينا
وبارك لهم ولنا في ديننا ورضاك عنّا يا رب العالمين
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا،
وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به
بيني وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك
، ومن اليقين ما تهوّن به علىّ وعليكم مصائب الدنيا.
اللهم لا هادي لمن أضللت، ولا معطي لما منعت،
ولا مانع لما أعطيت، ولا باسط لما قبضت،
ولا مقدّم لما أخّرت، ولا مؤخّر لما قدّمت،
اللهم أرزقنا حبك وحب من يحبك،
اللهم لاتمنع بذنوبنا فضلك
ورحمتك يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين،
اللهم لاتسلط علينا بذنوبنا من لايخافك فينا ولا يرحمنا.
إن الله يأمر بالعدل والأحسان وإيتاء ذي القُربى
وينهى عن الفحشاء والمُنكر والبغي
يعضكم لعلكم تتذكرون
فاذكروا الله يذكركم وأشكروه على نِعمه يزيدكم
ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم
وأجارني الله وإياكم من خزيه وعذابه الأليم
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وصلىّ اللهم على نبينا
ورسولنا صلى الله عليه وسلم
أخوتنا الكرام
سنعيش مع باقي الحديث لنتعلم ونتدارس
ونحذر من أن نتخلق بصفة من الصفات المذمومة
في الجمعات القادمة بأذن الله تعالى ....
إن أطال الله عمرنا وإن كان غير ذلك
فلا أطلب الا الدعاء والتثبيت...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم .....اندبها
[/frame]

رابط الموضوع الاصلي

http://wahjj.com/vb/showthread.php?t=28884
المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً ) (فلنحذر من هذه الصفات) ( التباغض )



 

التعديل الأخير تم بواسطة الغريبة ; 09-02-2019 الساعة 01:05 PM

الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ اندبها على المشاركة المفيدة:
 (01-11-2022)
قديم 09-06-2019   #15


الصورة الرمزية اندبها
اندبها غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1037
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : منذ 3 أسابيع (05:32 PM)
 المشاركات : 29,396 [ + ]
 التقييم :  888890339
لوني المفضل : White
شكراً: 686
تم شكره 1,089 مرة في 578 مشاركة

اوسمتي

حصريات المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً )



[frame="1 10"]






( إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِينُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ
، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ،
مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ) رواه أبو داود ،
والنسائي ، وابن ماجة .
قال تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) ( النساء )
وقال عز وجل في سورة الاحزاب:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ( الأحزاب )
أما بعد إخوتنا المؤمنين
وأحبتنا في الله
أن خير الكلام كلام الله
وخير الهدي هدي محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم )
يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ
يَحْمَدُ اللَّهَ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ:
(مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ثُمَّ يَقُولُ:
بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ......
وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ
وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ نَذِيرُ جَيْشٍ
رواه (مسلم، أبو داود، النسائي، ابن ماجه، أحمد، الدارمي )


أما بعد،
إخوتنا في الله
الحمد الله الذي لاتدركه الأبصار
وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير
سبحانه وتعالى تفرد بالعلم والازلية
احمدك اللهم حمداُ يفوق حمد الحامدين
واشكرك شكرا يفوق شكر الشاكرين
حمداً يليق بعضمة جلالك وشكراً يليق
بعضمة كمالك وكثرة إفضالك
على كل نعمة صدرت لنا من خزائن هباتك وعطاياك
وأشهد أن لا اله الا الله صدقاً وحقا ويقينا
وأشهد أن محمد صلى الله عليه وسلم
أرسله الله بالحق بشيراً ونذيرا وشافعا
في الخلائق وسراجاً منيراً
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبته
ومن تبعه وآمن به الى يوم القيامة
قال تعالى
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ
الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ
قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ
وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ) النساء 136



اخوتنا المؤمنون
أن اول ركن في الأسلام هو أن تُشهد
أنه لا اله الا الله وأ ن
محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وذلك مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
بُني الأسلام على خمس

أولها الشهادة
وسوف نأخذ بأذن الله تعالى الجزء الأول من الركن الأول
وهو شهادة أن لا إله الا الله بقليل من البحث والبيان
لنتعلم ونعرف ونقف عند هذا الركن العظيم
والذي تأتي عظمته في أن ينفي على
الله سبحانه تعالى كل مظاهر الشرك والنديّة
لندخل الى أصل من أصول التوحيد لله
بل هو التوحيد بذاته....
وما اختياري لهذا الموضوع وهو التوحيد
بالشرح والبيان والتحلق حول معانية
ومستلزماته وشروطه
وبيان فروعه وأصوله
الا محاولة لنبين لكثير من الناس
في أن يتعلموا ويتبينوا أن هناك
أصل من أصول التوحيد مهم جداً
وبدون فهمه وأستيعاب شروطه وبيان
أقسامه ...نقع في شبهات ربما تصلنا
والعياذ بالله للكفر والخروج من الِملّة
فكلنا نقول نشهد أن لا اله الا الله
محمد رسول الله
ولكن هل كلنا نعمل بمقتضاها وشروطها
أم نقولها هنا وننطلق لنعبد ونُشرك بالله
دون أن نشعر وأحيانا نحاذي الفِرق الضَالة الأخرى
ونفعل مثلها في التمسح بالقبور والأولياء
ونعبدهم ونطلب منهم قضاء حواجئنا
كل ذلك نوع من الشِرك بالله وجعله نِد للأخرين
كل ذلك نقع فيه إن لم نعرف ماهو التوحيد
وماهي المقتضيات لتوحيد الله
في أسمائه وصفاته
فليس التوحيد من السهولة في إستيعابه
وسهولة في فهم مقتضياته وشروطه
وأبوابه واقسامه
فالنبي صلى الله عليه وسلم قضى ثلاثة عشر سنة
في مكة يعلم أهلها فقط التوحيد
وعدم الأشراك بالله وتعليمهم أن الله واحد
لاشريك ولانِد ولاشبيه له
ولم يكن الله سبحانه وتعالى أصم لا يسمع
ولافقير ليقتر على الناس حواجئهم
حتى يستعينوا بأصنام صنعوها بأيديهم
وعبدوها لتقربهم من الله زُلفة
فلم يقضى تلك السنوات الأولى من الدعوة
في التشريع الحياتي في أفعل أو لاتفعل
أو هذا حلال وهذا حرام
فلم تُفرض اي فريضة في تلك المرحلة
الا الصلاة فقد فُرضت قبل الهجرة بتلاث سنوات
لذلك أخوتنا الكرام
عندما يُصنف العلماء الأفاضل من أهل
السُنة والجماعة المصنفات والكُتب في
علم من علوم التوحيد وبيان مدى اهميته
وخطورته والنتائج المُترتبه عليه إن لم نتحقق
من صحة توحيدنا لله سبحانه وتعالى في ربوبيته
وألوهيته وفي أسمائه وصفاته ....
لانهم يعلمون أن شهادة التوحيد يترتب على
قائلها والمؤمن بها ، يترتب عليه واجبات كبيرة



فعندما يأتي لنا اليوم من
يجادل ويقول لماذا تضخمون المسائل
فكلنا نعرف شهادة أن لا اله الا الله
محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكلنا نؤمن بان الله لاشريك له
وعندما نسأله في لماذا اذاً تتجه للاولياء
سوى أحياء أو أموات بالتمسح بقبورهم
وطلب المساعدة والعون وقضاء الحوائج
ولماذا تُشرك بالله حينما تسُب الدهر
إن وقع لك شيء تكرهه مُعتقداً
أن الدهر هو المُشترك في فعل المكاره مع الله
وهذا شِرك بعينه
فإن ساب الدهر أو اليوم إن اعتقد أن الدهر
فاعل مع الله فهو مشرك،
وإن اعتقد أن الله وحده هو الذي فعل ذلك
وهو يسب من فعله فهو يسب الله تعالى،
وإن سب الدهر لكونه ظرفاً للمكروه
فقد سب مخلوقا لا يستحق السب وهو أولى بالسب منه.
وقد جاء في الحديث الصحيح الذي رواه

أبو هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: يُؤْذِينِي ابنُ آدَمَ يقولُ:
يا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فلا يَقُولَنَّ أحَدُكُمْ:
يا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فإنِّي أنا الدَّهْر، أُقَلِّبُ لَيْلَهُ ونَهارَهُ،
فإذا شِئْتُ قَبَضْتُهُما.
:صحيح مسلم
قال الشافعي في تأويل هذا الحديث:
والله أعلم إن العرب كان من شأنهم
أن تذم الدهر وتسبه عند المصائب التي تنزل
بهم من موت أو هرم أو تلف أو غير ذلك...
ويقولون أصابتهم قوارع الدهر وابادهم الدهر

فيجعلون الليل والنهار يفعلان الأشياء
فيذمون الدهر بأنه الذي يفنيهم ويفعل بهم،
إذا سببتم فاعل هذه الأشياء إنما تسبون
الله تبارك وتعالى، فإنه فاعل هذه الأشياء.
والحديث صريح في النهي عن سب الدهر

مطلقاً، سواء اعتقد أنه فاعل أو لم يعتقد ذلك.
وذكر ابن القيم عليه رحمة الله
أن سب الدهر فيه ثلاث مفاسد:
أحدها: سبه ممن ليس أهلاً للسب،

فإن الدهر خلق مسخر من خلق الله
منقاد لأمره متذلل لتسخيره
فسابه أولى بالذم والسب منه.
الثانية: أن سبه متضمن للشرك،

فإنه سبه لظنه أنه يضر وينفع.
الثالثة: أن السب منهم وقع

على من فعل هذه الأفعال



ونقول له لماذا تجعل لله شريك
وتحلف به وتجعله مُقدس
كالأقوال المُنتشرة بين الناس
والحلف بغير الله
في هذا الزمان مثل :
( والنبى .. والمصحف .. والكعبه .
. والنعمه .. أو الحلف بحياة إنسان....مثل :
وحياتك ...وحياة أمك وأبوك
أو يحلف بالأم أو الأب .....
أو ذكر المقبورين من الصوفيين
الضالين المُضلين ..فيحلفون بهم على شاكلة
وحياة سيدنا المرسي أبو العباس
أو ومقام السيدة زينب أو البدوي
او ومقام سيدنا الشيخ عبد السلام الأسمر
أو سيدنا الشاذلي )
ألم تسمع أو تقرأ حديث
رسول الله صلى الله عليه وسلم
الصحيح الذي رواه الأمام أحمد في مُسنده
عن سعد بن عبيه قال سمع ابن عمر

رجلا يقول والكعبة فقال لا تحلف بغير الله
فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
من حلف بغير الله فقد كفر وأشرك
مسند الامام أحمد

وبعد أن تُعدد له الأعمال والأعتقادات
الشركية التى من شأنها أن تُخرج من المِلّة
ولايكفي أن تقول لا اله الا الله
بدون أن تعمل بمقتضاها وشروطها
يقول لك ليتهرب من سيل الحُجج المنهالة عليه
يقول لك :
إن الله لن يحاسبني لأني وجدت أبائي وأهلي
وعشيرتي يفعلون ذلك فأتبعتهم وأنا أجهل
هذا العلم ولا أعرفه ولم أسمع به
هنا نقول له ولمثل هذا المُخطيء
إن الله سبحانه وتعالى لايُعذرك بجهلك
لأنك تسمع وترى ويمكنك التعلم والسؤال
ومعرفة التوحيد وأصوله وشروطه
فلا أعتقد أن ترفض وتُعاند لمن يقول لك إن إردت
شيئاً فأطلبه من الله سبحانه وتعالى مُباشرة
دون الألتجاء للأولياء أو قبورهم أو التمسح
بهم أو الحلف بالأباء أو الأمهات أو الأبناء
وحتى بالأنبياء .....
لأنك إن فعلت ذلك دخلت في الشِرك والعياذ بالله
ولكن أقول لك تعلم الأن وأقرأ
وأصلح من شأن إعتقادك بالله سبحانه وتعالى
ولا تستهين بهذا الموضوع ...
وستجد أنك ستقرأ نقاط وشروحات لم تسمع
بها ولم تخطر ببالك لانك بعيد عن العلم الشرعي
ومعرفة ما لك وماعليك تجاه الله سبحانه وتعالى
فلا عيب في من لا يقرأ ولا يكتب
فالوسائل متوفرة من سماع العلماء
ومعرفة أصول كل شيء
حتى تتعلم وحينها تعبد الله على بصيرة
بالعلم والمعرفة
وليس بعبادته بالجهل وعدم معرفته



معني الشهادة
أن لا اله الا الله
معنى لا إله إلا الله وشروطها
لا إله إلا الله لا تنفع قائلها
إلا أن يكون عاملاً بها، آتيا بشروطها،
أما من تلفظ بها مع تركه العمل بما دلت عليه
فلا ينفعه تلفظه حتى يقرن بالقول العمل،
نسأل الله العلي العظيم أن يجعلنا من
أهل لا إله إلا الله العاملين بها ولأجلها
. معنى لا إله إلا الله وشروطها
لا إله إلا الله هي كلمة التوحيد الخالص،
وهي أعظم فريضة فرضها الله على عباده،
وهي من الدين بمنزلة الرأس من الجسد.
وقد ورد في فضلها أحاديث منها
: ما رواه البخاري ومسلم من
حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله،
وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة،
وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان )
وأيضاً مارواه الترمذي
وحسّنه الألباني
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي:
لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير »
ومنها ما رواه البخاري في ( الأدب المفرد )
وصححه الشيخ الألباني عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( إن نبي الله نوحاً صلى الله عليه وسلم
لما حضرته الوفاة قال لابنه:
آمرك بلا إله إلا الله، فإن السماوات السبع
والأرضين السبع لو وضعن في كفة
ووضعت لا إله إلا الله في كفة لرجحت بهن
. ولو أن السماوات السبع والأرضين السبع
كن حلقة مبهمة لقصمتهن لا إله إلا الله




فهذه بعض فضائل هذه الكلمة العظيمة
معناها وشروطها
. أما معناها فقال العلماء إنه:
لا معبود يستحق العبادة إلا الله،
فهي تتكون من ركنين أساسيين، الأول:
نفي الألوهية الحقيقية عن غير الله سبحانه،
والثاني: إثبات الألوهية الحقيقية له سبحانه
دون من سواه
. غير أنه ليس المقصود من دعوة الرسل
مجرد التلفظ بالكلمة فحسب،
بل لا بد من توفر شروطها حتى تكون
نافعة عند الله سبحانه وتعالى.
شروط كلمة التوحيد
( لا اله الا الله )
والقصد إخوتنا المؤمنون من شروط كلمة التوحيد
هو الأسس التى يجب أن تتوفر لنجاح
العمل بمقتضى ( لا اله الا الله )
أي لاتنفع الكلمة بدون شروط فهما
وإستيعابها ومعرفة مقتضياتها وشروطها للقبول
وقد ذكر العلماء من شروط لا إله إلا الله
ما يلي: 1
العلم بمعناها
: وذلك بأن يعلم الناطق بها معنى هذه
الكلمة وما تضمنته من نفي الألوهي
عن غير الله وإثباتها له سبحانه،
قال تعالى :
{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلأ اللَّهُ} محمد:19
. 2- اليقين
: بمعنى ألا يقع في قلب قائلها شك
فيها أو فيما تضمنته،
لقوله تعالى:
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ
وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ
وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
أُوْلَـئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} الحجرات:15
وقال صلى الله عليه وسلم:
«أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله
لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما
إلا دخل الجنة» (رواه مسلم)
. 3- القبول لما اقتضته هذه الكلمة
بقلبه ولسانه
: والمراد بالقبول هنا هو المعنى المضاد للرد
والاستكبار، ذلك أن الله أخبرنا عن أقوام
رفضوا قول لا إله إلا الله،
فكان ذلك سبب عذابهم،
قال تعالى:
إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ.إِنَّهُمْ
كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ}
الصافات:34-35
4.الانقياد لما دلت عليه:
بمعنى أن يكون العبد عاملاً بما أمره الله به،
منتهياً عما نهاه الله عنه،
قال تعالى
: وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ
فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى
وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأَمُورِ} لقمان:22
، قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:
" العروة الوثقى هي لا إله إلا الله
". 5- الصدق
: ومعناه أن يقولها صادقاً من قلبه،
يوافق قلبه لسانه
قال تعالى:
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ
وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ.يُخَادِعُونَ اللَّهَ
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ
أَنْفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ} البقرة:8-9
6.لإخلاص
: وهو إرادة وجه الله تعالى بهذه الكلمة،
قال تعالى:
{وَمَآ أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ
لَهُ الدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ
الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ [البينة:5
7- المحبة لهذه الكلمة
ولأهلها العاملين بها الملتزمين بشروطها،
وبُغض ما ناقضها،
قال تعالى:
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ
أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ
وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ} البقرة:165



. فهذا هو معنى هذه الكلمة
، وهذه هي شروطها التي بها تكون سبب
النجاة عند الله سبحانه.
وقد قيل للحسن إن أناساً يقولون:
من قال لا إله إلا الله دخل الجنة. فقال:
من قال: لا إله إلا الله فأدى حقها
وفرضها دخل الجنة. فلا إله إلا الله
لا تنفع قائلها إلا أن يكون عاملاً بها،
آتيا بشروطها، أما من تلفظ بها مع
تركه العمل بما دلت عليه، فلا ينفعه تلفظه
حتى يقرن بالقول العمل،
لذلك أخوتنا الكرام
نستنتج بعد أقوال العلماء
أن شروط صحة العبادة وأنواعها
لاتتحقق وتصح الا اذا توفر ت شروطها
مع الأخلاص في أن تكون العبادة خالصة
لله ولاشريك معه فيها
والمُتابعة أن تقع وفق ما سنه لنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم؛
لأنه هو المبين عن الله مراده في آياته,
وليس لنا حق الاعتراض أو الزيادة أو النقص,
ومن استحل ذلك خرج من الملة،
نسأل الله العلي العظيم
أن يجعلنا من أهل لا إله إلا الله العاملين بها ولأجلها.
ولزيادة الأيضاح إخوتنا في الله
نسمع ونقرأ أقوال العلماء اهل السُنة والجماعة
الأفاضل في شروحاتهم وبياناتهم حول كلمة التوحيد
وفي أيضاح لهذه الشهادة ومعناها
قال العلاّمة أبن باز رحمه الله عنها:
أن يشهد بلسانه وبقلبه أنه لا معبود بحق
إلا الله، يشهد بلسانه ويؤمن بقلبه أنه لا إله إلا الله،
يعني: لا معبود حق إلا الله،
وأن ما عبده الناس من دون الله من أصنام،
أو أموات، أو أشجار، أو أحجار،
أو ملائكة أو غيرهم كله باطل كما قال تعالى
(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ
مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ ) ...الحج:62،
هذا معنى شهادة أن لا إله إلا الله،
أن تشهد عن علم، ويقين، وصدق أنه
لا معبود بحق إلا الله،
وأن ما عبده الناس من دون الله فكله باطل.
ومعنى شهادة (أن محمدًا رسول الله)
أن تشهد عن علم ويقين، وصدق
أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب
هو رسول الله حقًا إلى جميع الثقلين
جنهم وإنسهم، وأنه خاتم الأنبياء
ليس بعده نبي عليه الصلاة والسلام. نعم..أ.هـ
ولهذا تكون الشهادة أن لا اله الا الله
هي نفي استحقاق العبادة عن كل ما سوى الله تعالى ،
وإثباتها لله عز وجل وحده لا شريك له ،.
فـ ( لا إله ) تنفي جميع ما يعبد من دون الله
و )إلا الله ) تثبت جميع أنواع العبادة لله وحده
. فمعناها : لا معبود حقٌّ إلا الله .
فكما أن الله تعالى ليس له شريك في ملكه ؛
فكذلك لا شريك له في عبادته سبحانه





فمن المعروف أن شهادة
أن لاله الا الله تأتي في الركن الأول
لذلك نجدها تهتم بالأقرار بالتوحيد ،
فتعتبر القاعدة الاولى في الأسلام
التي يجب أن يؤمن بها الأنسان إيماناً كاملاً مطلقاً
والمتدبر إخوتنا الموحدون
لألفاظ الشهادة يجد أنها تشير الى حقاشق كثيرة
وتهدف الى غايات عديدة وتوجه البصر
والفكر الى آفاق بعيدة ومشاهد قريبة
فكلمة ( إله ) تدل على أي معبود أي كان
وكلمة ( الله ) هو الأسم الذي
يُطلق على الخاق سبحانه وتعالى
فيكون بذلك ( لااله الا الله ) أي نفي لأي عبادة
بأي صورة لغير الله
وإقرار بأن العبادة لله سبحاته وتعالى
وحده وإذا كانت ( إله ) قد أٌطلقت
على من يستطيع مالا يستطيعه الأنسان
من جلب الخير أو دفع الشر أو إنزال المطر أو إخراج الزرع
حيث أستمر الأنسان فترة من الزمن يستعمل
في الفاظ معتقداته فمثلاً:
إله الخير وإله الزرع وإله المطر
وغير ذلك من التسميات
فأن هذه الشهادة ( لا اله الا الله )
تؤكد أن الله سبحانه وتعالى هو من بيده كل أمر
وهو الفعال لمايريد ( أي لا معبود بحق الا الله )
وهو بديع السموات والأرض
فلا شريك له ولا نِد ولا ولد
فوصف نفسه تعالى فقال :
( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ
وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ
وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101)
ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ
فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ
(102) لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ
وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)...الأنعام
توحيد الله سبحانه وتعالى
هو الدعوى الأولى للبشر كافة
وهي رسالة الأنبياء والرُسل للبشر
إخوتنا الكرام قبل أن نسترسل وجب أن
نفهم بعض المصطلحات ونعرف معناها
ومراميها والرسائل المُبطنة فيها
فلنتعرف على معني التوحيد
ولكن في الجمعة القادمة إن بقى لنا
في هذه الدنيا عمر ....
اخوتنا المؤمنون
أقول قول هذا وأستغفر الله لي ولكم
فأستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم






الحمدُ لله نحمدُه، ونستَعِينُه ونستهدِيه،
ونستَغفِره ونتوبُ إليه،
ونعوذُ بالله من شُرور أنفُسنا وسيِّئات أعمالنا،
مَن يهده الله فلا مُضلَّ له،
ومَن يُضلِل فلا هاديَ له،
وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحدَه لا شريك له،
وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله،
الذي قال: ((بُعثتُ لأُتمِّمَ مكارمَ الأخلاق))،
صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحابته
السائرين على نهجه، والممتَثِلين لأوامره
والمنتَهِين عن نواهيه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أخوتنا الكرام
في الجمعة القادمة بأذن الله تعالى
سنواصل الجلوس والتحلق حول مائدة التوحيد
للمعرفة والأستزادة من أسرار
لا اله الا الله محمد رسول الله
فهي مفتاح الدخول لرضى الله والجنة
والموضوع أحسبه دسم ومهم جداً
فلا بد أن أعطيه حقه في الشرح والبيان
لانه الأساس ومفتاح الدخول والقبول
في ديننا الحنيف ....
إتقوا الله في ما أمر
وانتهوا عن مانهى عنه وزجر
وأتصفوا بالتسامح في مابينكم
ولينوا جانبكم وأحسنوا مُعاملتكم
وأخلصوا أعمالكم كلها لله تفوزون برضوان ربكم
وأعلموا أن الله سبحانه وتعالى أرسل رُسله
لدعوة الخلق لتوحيده ونفي الشِرك عنه
فأستعينوا به وأستغيثوا به وأطلبوا حوائجهم منهم
وحده سبحانه وتعالى فهو القادر الرازق المُنشيء
المُبديء المُعيد الفعّال لما يريد ....
فلا تُشركوا أحد من خلقه فتستغيثون بهم
فهم لاينفعون حتى أنفسهم فما بالك بنفع الأخرين
وأعلموا أيضاً أن من يتمسح بالقبور ويدعوهم
ويحلف بهم يكون قد أشرك بالله
فلا تُقبل منه أعمال ولا أفعال حتى يتوب ويستغفر الله
فتعلموا واعلموا واعملوا أن توحيد الله
هو المُنجي من كل شيء لان فيه معرفة الله
وسلطانه وقدرته وعطاياه ....


وتخلقوا بأخلاق من سبقكم
من الصحابة والسلف الصالح
بتوحيدهم وحُبهم لله
ولرسوله صلى الله عليه وسلم
بفطرتهم السليمة النظيفة التى
لم تتلوث أو تتبدل أو تتغير بتغير
الطوائف والمِلل والفِرق الضالة المُضِلة
التى سااهمت مساهمة كبيرة في
إفساد عقول وقلوب المسلمين بزرع
بذور الشِرك والتبرك بالأنصاب والأزلام
والتحريض على ترك توحيد الله ومعرفته ....
حتى يتسنى لهم زرع الشِرك بالله سبحانه وتعالى
ولكن طالما أن هناك نفس فإن الدين لله
يحميه من شرورهم عن طريق عبادة الصالحين
أهل السُنة والجماعة وأتباع السلف الصالح
من الصحابة والتابعين لهم الى يوم الدين
فلا خوف على ديننا وسيبقى نظيف
من الشركيات ، فالمهم هو قول كلمة الحق
والنُصح والأرشاد والبيان أن توحيد الله
هو الأساس في البناء الديني لديننا الأسلامي الحنيف
اللهم تقبّل أعمالنا الصالحة
خالصة لوجهك الكريم وأحفظنا من مراذل الصفات
من حسد وبُغض وكراهية لأخوتنا الموحدين
لله المُتبعين لشرعه
وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم
وبارك لنا في أهالينا
وبارك لهم ولنا في ديننا ورضاك عنّا يا رب العالمين
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا،
وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به
بيني وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك
، ومن اليقين ما تهوّن به علىّ وعليكم مصائب الدنيا.
اللهم لا هادي لمن أضللت، ولا معطي لما منعت،

ولا مانع لما أعطيت، ولا باسط لما قبضت،
ولا مقدّم لما أخّرت، ولا مؤخّر لما قدّمت،
اللهم أرزقنا حبك وحب من يحبك،
اللهم لاتمنع بذنوبنا فضلك
ورحمتك يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين،
اللهم لاتسلط علينا بذنوبنا من لايخافك فينا ولا يرحمنا.
إن الله يأمر بالعدل والأحسان وإيتاء ذي القُربى
وينهى عن الفحشاء والمُنكر والبغي
يعضكم لعلكم تتذكرون
فاذكروا الله يذكركم وأشكروه على نِعمه يزيدكم
ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم
وأجارني الله وإياكم من خزيه وعذابه الأليم
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وصلىّ اللهم على نبيك ورسولك صلى الله عليه وسلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم .....اندبها
[/frame]

الرابط الاصلي للموضوع :
http://wahjj.com/vb/showthread.php?t=28910
المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً ) ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلأ اللَّهُ) ( كلمة التوحيد( 1 )




 

التعديل الأخير تم بواسطة الغريبة ; 09-08-2019 الساعة 10:51 AM

الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ اندبها على المشاركة المفيدة:
 (01-11-2022)
قديم 09-13-2019   #16


الصورة الرمزية اندبها
اندبها غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1037
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : منذ 3 أسابيع (05:32 PM)
 المشاركات : 29,396 [ + ]
 التقييم :  888890339
لوني المفضل : White
شكراً: 686
تم شكره 1,089 مرة في 578 مشاركة

اوسمتي

حصريات المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً ) ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلأ اللَّهُ) ( كلمة التوحيد( 2 )





[frame="1 10"]

( إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِينُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ
وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ،
مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ) رواه أبو داود ،
والنسائي ، وابن ماجة .
قال تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا
وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ
وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) ( النساء )
وقال عز وجل في سورة الاحزاب:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ( الأحزاب )
أما بعد إخوتنا المؤمنين
وأحبتنا في الله
أن خير الكلام كلام الله
وخير الهدي هدي محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم )
يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ
يَحْمَدُ اللَّهَ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ:
(مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ثُمَّ يَقُولُ:
بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ......
وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ
وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ نَذِيرُ جَيْشٍ
رواه (مسلم، أبو داود، النسائي، ابن ماجه، أحمد، الدارمي )



إخوتنا المؤمنون
نواصل في هذه الجمعة إستكمال
بيان وشرح مُبسط لكلمة التوحيد
وهي لا اله الا الله
والتى أتت لجميع الأقوام عن طريق
الرُسل صلى الله عليهم أجمعين
وإذا كانت كافة الديانات السماوية
وكافة دعوات الرُسل والأنبياء
انما كان إساسها دائماً هو التوحيد
أي الأقرار بوحدانية الله سبحانه وتعالى والدعوة الى عبادته
حتى أن الله سبحانه وتعالى من محبته لعباده
لم يتركهم هكذا يموجون في أوحال ظلام العبودية
لأصنام وتماثيل وأدوات صنعوها بأيديهم
جعلتهم ينكرون وحدانية الله
فعبدوا كل ماوقع تحت أيديهم سوى من مصنوعات
قاموا بصنعها أو بمخلوقات جعلوا منها
ألهة لهم ، فحادوا عن الفِطرة السليمة التى خلقهم
الله عليها والتى تقول بوحدانية الله
لذلك أرسل لهم الأنبياء والرٌسل لهداية البشر
كافة وهداية من حاد عن الطريق وجعل لله شريك
ولبيان ونشر حقيقة التوحيد لله سبحانه وتعالى
ونفي الشِرك عنه في أنه هو المتصرف في الكون
فلا شريك ولا نِد له فقال تعالى
موضحاً أنه جلا جلاله المُستحق للعبادة
فقال تعالى:
( إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى
يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ
مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95)
فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96)
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي
ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا
الْآَيَات لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97)
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ
وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98)
وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا
بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا
نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ
طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ
وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا
إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي
ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)...الأنعام
فأرسل الله سبحانه وتعالى الرُسل والأنبياء
بهذه الدعوة والبيان من أنه خالق كل شيء
وهو المُستحق للعبادة ونبذ الشِرك عنه ...
فكانت دعواتهم هي دعوة توحيد لله سبحانه وتعالى
قبل أن يتم تنزيل التشريعات المُنظمة لحياتهم
فكانت دعوات الرٌسل هي للتوحيد ...
وقال سبحانه وتعالى مُخاطباً الرسول صلى الله عليه وسلم
من أن هناك رُسل من قبلك تم إرسالهم
برسالات لدعوة أقوامهم للتوحيد
وعدم الأشراك بالله سبحانه وتعالى
فقال تعالى:
( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي
إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)..الأنبياء



دعوات الرُسل لأقوامهم
لعبادة الله وحده ونفي الشِرك عنه
فهذا نبي الله إبراهيم عليه السلام حين رأى قومه
رُكع سُجد لأصنام صنعوها من الحجارة
أرسله الله سبحانه وتعالى لقومه فحاجهم
وبيّن لهم تفاهة مايعبدون ووجههم لعبادة خالق
الأرض والسماء ، فلم يتكلم معهم عليه السلام
عن التشريعات في أفعل ولا تفعل
بل تكلم معهم في التوحيد وتوجيههم لعبادة
الله وترك الأنداد والأصنام .....
فقال تعالى:
( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41)
إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ
وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي
مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43)
يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44)
يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ
فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45)... الأعراف
وكذلك نوح عليه السلام فدعى قومه
لتوحيد الله سبحانه وتعالى ونبذ الأصنام
والأنداد التى يعبدونها ....
فلم يقابلوه عليه السلام الا بالرفض
والأستهزاء وحاولوا حرقه ، فأنجاه الله من كيدهم
كل ذلك فعلوه لانه دعاهم لتوحيد الله وعدم الأشراك به
فقال تعالى في حق دعوة نوح عليه السلام:
( لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ
اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ
إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59)..الأعراف
فكانت دعوة نوح عليه السلام لقومه
هي دعوة لتوحيد الله ونبذ الشِرك عنه سبحانه
وأيضاً قوم عادٍ وثمود ونبيهم هود عليه السلام
الذين قال الله تعالى في حقهم :
( وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ
اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (65) ..الأعراف
وهذا نبي الله صالح عليه السلام
حين أرسله الله سبحانه وتعالى
لنشر التوحيد بين قومه ثمود
( وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ
اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غيره ) ..الأعراف 73
وكذلك موسى عليه السلام
أرسله الله لفرعون وقومه ليدعوهم لعبادة
الله وترك عبادة الأنصاب والأزلام وعبادة البشر
كما كانوا يعبدون فرعون بذاته الذي أدعى الألوهية
فحاول إخراجهم من الكفر والشِرك بالله ...
فرفض فرعون دعوة التوحيد ، فأخذه الله
أخذاً وبيلاً وأغرقه ومن معه ....
كما قال تعالى:
( إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ
كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15)
فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا ) ..المزمل 16


وهذا عيسى بن مريم عليه السلام
أرسله الله سبحانه وتعالى لقوم عبدوا العلم والطب
وجعلوا لله انداد وأصنام
فأرسله الله سبحانه وتعالى لهداية قومه
بأن هناك أله واحد هو الجدير بالعبادة وهو الله
فلا شريك ولا ند له سبحانه .....
فآمن معه من آمن وكفر الأخرين
وبعد أن رفعه الله سبحانه وتعالى جعلوا منه
نِد وشريك لله سبحانه وتعالى فأسبغوا عليه
لباس الألوهية هو وأمه مريم ....
فلما رُفع الى ربه
زاغ إيمان الناس من بعده فعبدوه
هو وأمه مُتخذينهم إلهين من دون الله
هنا يخبرنا الله سبحانه وتعالى
بما حدث عندما قال لعيسى عليه السلام
أأنت أمرت الناس أن يتخذوك انت وأمك من دون الله
فقال تعالى :
( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ
لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ
سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ
إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي
وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ
(116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ
أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا
مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ
أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ
وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) ..المائدة
فتاهوا وانحرفوا عن الفِطرة السليمة والدين
الصحيح الذي جاء به عيسى عليه السلام ...
وأشركوا بالله بقولهم أن الله ثالث ثلاثة
فجعلوا لله أبن وزوجه ( تعالى الله عما يصفون )
فكفروا بالله وجعلوا له شركاء
فقال تعالى مُبين حقيقة أيمانهم
وحقيقة عيسى ابن مريم عليه السلام :
( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ
وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ
وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّه
ِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74)
مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ
مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ
الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ
ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75)....المائدة
ولما تفشى في العالم الضلال والشرك والكفر
والجحود والنكران قال البعض منهم
أن الرٌسل هم أبناء الله وقال غيرهم
بل أنهم هم الألهة
فقال تعالى :
( وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ
وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (100) ..الأنعام
أما بالنسبة للعرب
فلم يعرفوا عبادة الأصنام الا في ألازمان
الغابرة عندما تولت قبيلة خُزاعة
أمر البيت الحرام قام أول من ولي
أمر البيت الحرام ( عمرو بن لحيّ )
فغير لعنه الله من دين إبراهيم
وبدله بعبادة الأصنام , وظلت خزاعة تلى أمر البيت
وعبد غيرهم من البشر الكثير من الأصنام
بعدها أرسل الله سبحانه وتعالي خاتم الانبياء
والرٌسل محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالدعوة الأساسية لكل الأجيال
بالتوحيد الخالص وعبادة الله وحده
وهذه هي أحد أهداف الشهادة
وهذه الشهادة أي شهادة ان لااله الا الله
وأن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
أهمية فهم وإستيعاب
معنى التوحيد وعلومه وأقسامه
من الطبيعي إخوتنا الكرام أن أشرف العلوم على الأطلاق
هو علم ( التوحيد ) وفي شرح للعلماء عن ذلك
قولهم : لان الله تعالى أستشهد به لنفسه
وأشهد عليه خواص خلقه
فإذا كان الأنسان لا يكون شاهداً على أمر
بالحق ، إلا إذا كانت شهادته عن علم ويقين
لذلك وجب على كل مُسلم أن يتعرف على معنى
( كلمة التوحيد ( لا اله الا الله )
بالتحديد فالناس مُطالبون بالتعرف والتعلم
خاصة وأنّ الناس في مثل هذه العصور
المتأخرة تجدهم – إلا من رحم الله –
قد دان بمذهب المرجئة في التوحيد والإيمان
, سواء بقصد أو بغير قصد , وكذلك :
فإن الفهم الخاطئ لكلمة التوحيد ترتب عليه
من المفاسد ما الله له عليم
فأصبح كثير من الناس يدين بالمذاهب
الكفرية العصرية وهم يحسبون أنهم مسلمون
طالماً أنهم يقولون ( لا إله إلا الله )
, وآخرون : أصبحوا يشرعون من
الدين ما لم يأذن به الله ,
وهم يحسبون أنهم في عداد المسلمين
لكونهم يقولون " لا إله إلا الله "
, وآخرون : أصبحوا يحكمون ويتحاكمون
إلى أفكار البشر من القوانين الوضعية ,
تاركين أحكامنا وشريعتنا الأسلامية بحجة
العلمنة والتطور ومُسايرة ركب التقدم
ومع ذلك يظنون أنفسهم مسلمين
طالما أنهم يقولون " لا إله إلا الله " .
كل ذلك لأن الناس ابتعدوا عن حقيقة
هذه الكلمة العظيمة " لا إله إلا الله " .
ولا عز ولا نصر ولا تمكين ولا أمن ولا أمان
لمن ينتسبون إلى الإسلام إلا بعد أن يعودوا
إلى التوحيد الحق ويتجمعوا حوله ,
فكلمة التوحيد دائماً وأبداً قبل توحيد الكلمة
, فالناس لو تجمعوا على هذا التوحيد لنصرهم
الله تعالى وأعزهم .
) وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ
إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ( [ الحج : 40 ]
, ) وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ
وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ( . [ المنافقون : 8 ] .



أولًا: معنى التوحيد
وفي مُعجم اللغة العربية يقول ويُفصح
بأن لفظ ( واحد )
تدور حول انفراد الشيء بذاته أو صفاته أو أفعاله،
وعدم وجود نظير له فيما هو واحد فيه.
والتوحيد مصدر وحده يوحده توحيدًا،
ومعناه حينئذ كما يقول ابن فارس في مقاييسه "
إما جعله واحدًا، أو اعتقده واحدًا"
.فالتوحيد في اللغة له معنيان:- ا
لأول:
جعل المتعدد واحدًا، فمن جمع بين أقطار
متفرقة يقال له وحدها.
الثاني:
أعتقاد الشيء واحدًا، وهذا بمعنى النسبة
إلى الوحدانية، وهذا لا يتحقق إلا بنفي وإثبات،
نفي الحكم عما سوى الموحد وإثباته له .
وأما تعريفه في الاصطلاح فهو :
إفراد الله تعالى بما يختص به من
الألوهية والربوبية والأسماء والصفات .
ويمكن أن يعرف بأنه :
اعتقاد أن الله واحد لا شريك له في
ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته.
واستخدام هذا المصطلح ( التوحيد )
أو أحد مشتقاته للدلالة على هذا المعنى
ثابت مستعمل في الكتاب والسنة . فمن ذلك :
قوله تعالى :
( قل هو الله أحد ... الى أخر السورة) .
وقوله تعالى :
( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ )
البقرة/163
وقوله تعالى:
( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ
وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا
عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا
مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)المائدة73 ،
والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا
وفي صحيح البخاري ومسلم
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
لَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى نَحْوِ أَهْلِ الْيَمَنِ قَالَ لَهُ :
( إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلْيَكُنْ
أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى
فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ
عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ
وَلَيْلَتِهِمْ فَإِذَا صَلَّوْا فَأَخْبِرْهُمْ
أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً فِي
أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى
فَقِيرِهِمْ فَإِذَا أَقَرُّوا بِذَلِكَ فَخُذْ
مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ).
.أخرجه البخاري ومسلم
وفي صحيح مسلم
عن ابن عمر رضي الله عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسَةٍ :
عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ
وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَالْحَجِّ)
إخوتنا الطيبين
إذا أردنا أن نعرف معنى كلمة
التوحيد معرفة صحيحة , فلا بد من التعرف
على أركان هذه الكلمة .
`كلمة التوحيد لها ركنان :
النفي والإثبات
. فالنفي وحده لا يكفي ,
وكذلك الإثبات المحض لا يكفي ,
بل لا بد من النفي والإثبات .
المراد بالنفي :
نفي الإلهية عما سوى الله تعالى من
سائر المخلوقات , والمراد بالإثبات :
إثبات الإلهية لله سبحانه , فهو الإله الحق ,
وما سواه من الآلهة التي اتخذها
المشركون باطلة . قال تعالى :
) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ
مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ ( [ الحج : 62 ] .
.وقال شيخ الإسلام رحمه الله
: "هو عبادة الله وحده لا شريك له،
مع ما يتضمنه من أنه لا رب لشيء
من الممكنات سواه
: "التوحيد فعل للموحد،
وهو وصف الله تعالى بالوحدانية،
وذلك نوعان: توحيد في ربوبيته،
وهو الحاصل بعد توحيد الذات
والصفات، وتوحيد في ألوهيته.



فالمقصود بالتوحيد في هذه النصوص
كلها هو تحقيق معنى شهادة
( أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله )
، الذي هو حقيقة دين الإسلام الذي بعث الله
به نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم
بدليل وقوع هذه الكلمات و المصطلحات
مترادفة ومتناوبة في الكتاب والسنة
ففي بعض ألفاظ حديث معاذ السابق :
( إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ فَإِذَا جِئْتَهُمْ
فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ
وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ) أخرجه البخاري
فدل هذا على أن التوحيد هو حقيقة شهادة
( أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله )
وأن هذا هو الإسلام الذي بعث الله
به نبيه إلى جميع الثقلين من الإنس والجن
والذي لن يرضى الله من أحد دينا سواه .
قال تعالى :
( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام)آل عمران19
وقال جل شأنه :
( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً
فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران85



أقسام التوحيد
إذا علم هذا فليعلم أن التوحيد قد قسمه العلماء
إلى ثلاثة أقسام وهي :
توحيد الربوبية ،
وتوحيد الألوهية ،
وتوحيد الأسماء والصفات .
فتوحيد الربوبية :
هو إفراد الله تعالى بأفعاله كالخلق
والملك والتدبير والإحياء و الإماتة ، ونحو ذلك .
وأدلة هذا التوحيد كثيرة جدا في
الكتاب والسنة ،.
فمن اعتقد أن هناك خالقا غير الله ،
أو مالكا لهذا الكون متصرفا فيه غير
الله فقد أخل بهذا النوع من التوحيد ، وكفر بالله .
وقد كان الكفار الأوائل يقرون بهذا التوحيد
إقرارا إجماليا ، وإن كانوا يخالفون في بعض تفاصيله
، والدليل على أنهم كانوا يقرون به
آيات كثيرة في القرآن منها :
قوله تعالى :
( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ
لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُون َ) العنكبوت/61
وقوله تعالى :
( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ
مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا
لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ
بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ)العنكبوت/63
وقوله جل شانه :
( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ
لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُون َ) الزخرف/87 ،
ففي هذه الآيات يبين الله أن الكفار
يقرون بأنه سبحانه هو الخالق المالك المدبر ،
ومع هذا لم يوحدوه بالعبادة مما يدل
على عظيم ظلمهم ، وشدة إفكهم ،
وضعف عقلهم . فإن الموصوف
بهذه الصفات المنفرد بهذه الأفعال ينبغي
ألا يعبد سواه ، ولا يوحد إلا إياه ،
سبحانه وبحمده تعالى عما يشركون .
ولذا فمن أقر بهذا التوحيد إقرارا صحيحا
لزمه ضرورة أن يقر بتوحيد الألوهية






وتوحيد الألوهية هو :
إفراد الله تعالى بجميع أنواع العبادة
الظاهرة والباطنة قولا وعملا ،
ونفي العبادة عن كل ما سوى الله
كائنا من كان كما قال تعالى :
( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ) الإسراء/23
وقال تعالى :
( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ) النساء/36
، ويمكن أن يعرف بأنه :
توحيد الله بأفعال العباد .
وسمي بتوحيد الألوهية :
لأنه مبني على التأله لله وهو التعبد
المصاحب للمحبة والتعظيم .
ويسمى توحيد العبادة لأن العبد يتعبد
لله بأداء ما أمره به واجتناب ما نهاه عنه .
ويسمى توحيد الطلب والقصد والإرادة ؛
لأن العبد لا يطلب ولا يقصد ولا يريد
إلا وجه الله سبحانه فيعبد الله مخلصا له الدين .
وهذا النوع هو الذي وقع فيه الخلل ،
ومن أجله بعثت الرسل ، وأنزلت الكتب ،
ومن أجله خلق الخلق ، وشرعت الشرائع ،
وفيه وقعت الخصومة بين الأنبياء وأقوامهم
، فأهلك المعاندين ونجى المؤمنين .
فمن أخل به بأن صرف شيئا من العبادة لغير
الله فقد خرج من الملة ، ووقع في الفتنة
، وضل عن سواء السبيل . نسأل الله السلامة .
وأما توحيد الأسماء والصفات فهو :
إفراد الله عز وجل بما له من
الأسماء والصفات ،
فيعتقد العبد أن الله لا مماثل له في
أسمائه وصفاته ،
ومن المهم إخوتنا المؤمنون
معرفة الله تعالى بأسمائه وتوحيده بذلك،
وصفاته هو أحد أقسام التوحيد الثلاثة:
أحدها: توحيد الربوبية.
والثاني: توحيد الألوهية.
والثالث: توحيد الأسماء والصفات.
فهو عنصر هام في باب التوحيد يجب
علينا أن نعرفه، كما أنه أيضاً أعني معرفة
الأسماء والصفات هو أحد أركان الأيمانبالله
فإن الإيمان بالله لايتم إلا بأربعة أمور:
أحدها: الإيمان بوجوده تعالى.
والثاني: الإيمان بربوبيته، وعموم ملكه
وقوة سلطانه.
والثالث: الإيمان بألوهيته، وأنه
وحده المستحق للعبادة،
وأن ما سواه فعبادته باطلة.
أما الأمر الرابع من أركان الإيمان بالله
التي لا يمكن أن يتم الإيمان بالله إلا بها
وهو الإيمان بأسماء الله وصفاته.
وهذا التوحيد يقوم على أساسين :
الأول الإثبات :
أي إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه
أو أثبته له نبيه صلى الله عليه وسلم
من الأسماء الحسنى والصفات العلى
على وجه يليق بجلال الله وعظمته
من غير تحريف لها أو تأويل لمعناها
أو تعطيل لحقائقها .أو تكييف لها .
الثاني : التنزيه :
وهو تنزيه الله عن كل عيب ،
ونفي ما نفاه عن نفسه من صفات النقص ،
والدليل على ذلك قوله تعالى :
( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )
فنزه نفسه عن مماثلته لخلقه ،
وأثبت لنفسه صفات الكمال على الوجه اللائق به سبحانه .
أقول قول هذا وأستغفر الله لي ولكم
فأستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم






الحمدُ لله نحمدُه، ونستَعِينُه ونستهدِيه،
ونستَغفِره ونتوبُ إليه،
ونعوذُ بالله من شُرور أنفُسنا وسيِّئات أعمالنا،
مَن يهده الله فلا مُضلَّ له،
ومَن يُضلِل فلا هاديَ له،
وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحدَه لا شريك له،
وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله،
صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحابته
السائرين على نهجه، والممتَثِلين لأوامره
والمنتَهِين عن نواهيه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أخوتنا الكرام
وبعد أن فهمنا على قدر الأستطاعة في الشرح
مفهوم ومعنى لا اله الا الله وهي كلمة التوحيد
وعرفنا أقسام التوحيد الثلاثة
توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات
نكون قد فهمنا ولو بشكل مختصر مفهوم
كلمة التوحيد ( لااله الا الله محمد رسول الله )
ولزيادة الأيضاح هاهو الشيخ العلامة أبن باز
رحمه الله تعالى يشرح معنى الشهادة....
وفي سؤال لفضيلة الشيخ العلامة أبن باز
في معنى شهادة أن لا اله الا الله
فقال رحمه الله تعالى :
أما بعد:
فإن الله بعث نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم
إلى الناس عامة عربهم وعجمهم,
وجنهم, وإنسهم, ذكورهم, وإناثهم يدعوهم
إلى توحيد الله والإخلاص له, وإلى الإيمان به
عليه الصلاة والسلام-, وبما جاء به
وإلى الإيمان بجميع المرسلين, وبجميع
الملائكة والكتب المنزلة من السماء
, وباليوم الآخر, والبعث والنشور,
والجزاء, والحساب, والجنة, والنار,
وبالقدر خيره وشره, وأن الله قدر الأشياء
وعلمها وأحصاها وكتبها , فكل شيء يقع
هو بقضاء الله وقدره, وأمر الناس
أن يقولوا لا إله إلا الله هذا هو أول شيء دعا إليه,
وهو الركن الأول من أركان الإسلام,
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
فلما قال للناس قولوا لا إله إلا الله
, وأمرهم أن يؤمنوا بأنه رسول الله-
عليه الصلاة والسلام- امتنع الأكثرون وأنكروا
هذه الدعوة, وقالت له قريش ما ذكر الله عنهم:
أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ,
وقال- سبحانه عنهم
: إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ
وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ
, فاستنكروا هذه الدعوة؛ لأنهم عاشوا على
عبادة الأصنام والأوثان, واتخاذ الآلهة مع الله
, فلهذا أنكروا دعوة الرسول
عليه الصلاة والسلام- في توحيد الله والإخلاص له.
وهذا الذي دعا إليه صلى الله عليه وسلم
هو الذي دعت إليه الرسل جميعاً
كما قال- سبحانه-
: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ
اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ,
وقال- سبحانه-
: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي
إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ.




فدين الإسلام مبني على هذه الأركان الخمسة
الظاهرة أولها شهادة أن لا إله إلا الله
وأن محمداً رسول الله, ثانيها إقام الصلاة الخمس
ثالثها أداء الزكاة, رابعها صوم رمضان,
خامسها حج بيت الله الحرام،
وعلى أركان باطنة إيمانية في القلب,
وهي الإيمان بالله وملائكته, وكتبه
ورسله, واليوم الآخر, وبالقدر خيره وشره.
فلا بد من هذا الأصول لا بد أن يؤمن
المؤمن المكلف بهذه الأصول الستة
الباطنية التي تتعلق بالقلب, فيؤمن أن الله ربه وإلهه ......
ويؤمن بملائكة الله وبكتب الله التي أنزلها
على الأنبياء من التوراة, والإنجيل, والزبور,
والقرآن وغير ذلك, ويؤمن أيضاً بالرسل
الذين أرسلهم الله إلى عباده أولهم نوح
وآخرهم محمد -عليه الصلاة والسلام
وهم كثيرون بين الله بعضهم في القرآن الكريم,
ويؤمن أيضاً باليوم الآخر, والبعث بعد الموت
والجزاء من عند الله أهل الإيمان لهم السعادة.
وأهل الكفر لهم الخيبة والندامة والنار
, ولا بد أن من الإيمان بالقدر خيره وشره,
وأن الله قدر الأشياء, وعلمها, وكتبها
وأحصاها فما شاء الله كان وما شاء لم يكن
, وكل ما يقع في الوجود من خير وشر
وطاعة ومعصية, وقد سبق بهذا علم الله وكتابته وقدره.
ولا بد مع هذا الأصل الإيمان
بالرسول-عليه الصلاة والسلام
في عهد نوح الإيمان بنوح,
وفي عهد هود الإيمان بهود مع توحيد الله
وفي عهد صالح الإيمان بصالح مع توحيد الله
وهكذا في عهد كل رسول لا بد من توحيد الله
والإيمان بأنه لا إله لا الله, ولا بد من الإيمان
بالرسول الذي بلغ الرسالة في عهده إلى آخرهم
عيسى- عليه الصلاة والسلام
آخر أنبياء بني إسرائيل عيسى بن مريم
عليه الصلاة والسلام-.
ثم بعث الله خاتمهم وأفضلهم
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
, فعيسى هو آخر أنبياء بني إسرائيل,
ومحمد هو آخر الأنبياء وخاتم الأنبياء جميعاً
ليس بعده نبي ولا رسول-عليه الصلاة والسلام
, وهو أفضل الرسل وهو إمامهم وهو خاتمهم
فلا بد في حق الأمة أمة
محمد صلى الله عليه وسلم جنها وإنسها
عربها وعجمها, ذكورها وإناثها,
أغنائها وفقرائها, حكامها ومحكوميها
لا بد أن يؤمنوا بهذا النبي فمن لا يؤمن به
فلا إسلام له ولا دين له, فلا بد من
الإيمان بأن الله هو الإله الحق وأنه لا إله حق إلا الله.
ولا بد من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم
وأنه رسول الله حقاً إلى جميع الناس
فمن لم يؤمن بهاتين الشهادتين فليس بمسلم,
لا بد من الإيمان بهما واعتقاد معناهما
وهكذا من كذب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
أو شك في رسالته, أو قال إنه من العرب
دون العجم, أو قال إنه ليس خاتم النبيين
بل بعده نبي, كل هذا كفر وضلال
ونقض للإسلام نسأل الله العافية.






فلا بد من الإيمان بأنه رسول الله حقاً إلى
جميع الثقلين الجن والإنس، ولا بد من الإيمان
بأنه خاتم الأنبياء والمرسلين ليس بعده نبي,
وأن من ادعى بعده كمسيلمة الكذاب كافر
بالله كذاب, كمسيلمة, والأسود العنسي في اليمن,
وسجاح التميمية, وطليحة الأسدي
وجماعة ادعوا النبوة بعده,
فأجمع الصحابة رضي الله عنهموأرضاهم
على كفرهم وقاتلوهم؛ لأنهم كذبوا
معنى قوله-سبحانه-
: مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ
وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ
, وقد تواترت الأحاديث عن
رسول الله ﷺ أنه قال
: أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي
عليه الصلاة والسلام-.
هذه الشهادة التي هي شهادة أن لا إله إلا الله
محمد رسول الله هي الأصل الأصيل
وهي الركن الأول من أركان الإسلام
فلا إسلام إلا بهاتين الشهادتين،
لو صلى, وصام, وحج, وصام النهار,
وقام الليل, وذكر الله كثيراً,
ولكنه لا يؤمن بأن الله هو المستحق للعبادة
لا يؤمن بمعنى لا إله إلا الله بل يرى
أنه لا مانع من عبادة الأوثان والأصنام
لا يرى مانعاً من عبادة البدوي, أو الحسين
أو الشيخ عبد القادر, أو علي بن أبي طالب أو غيرهم
فإذا اعتقد أنه يجوز هذا يدعون من دون الله
يستغاث بهم وينذر لهم صار شركاً بالله
, وصار كلام هذا وعقيدته هذه ناقضة
لقول لا إله إلا الله, وهكذا لو قال إن
محمداً ﷺ ليس بخاتم الأنبياء,
أو ليس مرسل للثقلين بل هو للعرب خاصة
كان كافراً بالله, فلا بد أن يؤمن بأنه
رسول الله إلى جميع الثقلين,
ولا بد أن يؤمن بأنه خاتم الأنبياء
ليس بعده نبي ولا رسول هذا هو الأصل الأصيل.
ثم بعد هذا يطالب المسلم بالصلاة,
يطالب بالزكاة بالصيام, بالحج ببقية الأوامر
وترك النواهي بعدما يثبت هذا في الأصل,
بعد إيمانه بشهادة
أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله,
نسأل الله للجميع الهداية....أ.هــ






اخوتنا الكرام
أوصيكم ونفسي بتقوى الله والتخلق
بأخلاق من سبقكم من الصحابة والسلف الصالح
بتوحيدهم وحُبهم لله
ولرسوله صلى الله عليه وسلم
بفطرتهم السليمة النظيفة التى
لم تتلوث أو تتبدل أو تتغير بتغير
الطوائف والمِلل والفِرق الضالة المُضِلة
التى سااهمت مساهمة كبيرة في
إفساد عقول وقلوب المسلمين بزرع
بذور الشِرك والتبرك بالأنصاب والأزلام
والتحريض على ترك توحيد الله ومعرفته ....
حتى يتسنى لهم زرع الشِرك بالله سبحانه وتعالى
ولكن طالما أن هناك نفس فإن الدين لله
يحميه من شرورهم عن طريق عبادة الصالحين
أهل السُنة والجماعة وأتباع السلف الصالح
من الصحابة والتابعين لهم الى يوم الدين
فلا خوف على ديننا وسيبقى نظيف
من الشركيات ، فالمهم هو قول كلمة الحق
والنُصح والأرشاد والبيان أن توحيد الله
هو الأساس في البناء الديني لديننا الأسلامي الحنيف
اللهم تقبّل أعمالنا الصالحة
خالصة لوجهك الكريم وأحفظنا من مراذل الصفات
من حسد وبُغض وكراهية لأخوتنا الموحدين
لله المُتبعين لشرعه
وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم
وبارك لنا في أهالينا
وبارك لهم ولنا في ديننا ورضاك عنّا يا رب العالمين
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا،
وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به
بيني وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك
، ومن اليقين ما تهوّن به علىّ وعليكم مصائب الدنيا.
اللهم لا هادي لمن أضللت، ولا معطي لما منعت،
ولا مانع لما أعطيت، ولا باسط لما قبضت،
ولا مقدّم لما أخّرت، ولا مؤخّر لما قدّمت،
اللهم أرزقنا حبك وحب من يحبك،
اللهم لاتمنع بذنوبنا فضلك
ورحمتك يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين،
اللهم لاتسلط علينا بذنوبنا من لايخافك فينا ولا يرحمنا.
إن الله يأمر بالعدل والأحسان وإيتاء ذي القُربى
وينهى عن الفحشاء والمُنكر والبغي
يعضكم لعلكم تتذكرون
فاذكروا الله يذكركم وأشكروه على نِعمه يزيدكم
ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم
وأجارني الله وإياكم من خزيه وعذابه الأليم
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وصلىّ اللهم على نبيك ورسولك صلى الله عليه وسلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم .....اندبها
[/frame]

رابط الموضوع الاصلي

المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً ) ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلأ اللَّهُ) ( كلمة التوحيد( 2 )
http://wahjj.com/vb/showthread.php?t=28940




 

التعديل الأخير تم بواسطة الغريبة ; 09-15-2019 الساعة 01:01 PM

الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ اندبها على المشاركة المفيدة:
 (01-11-2022)
قديم 09-21-2019   #17


الصورة الرمزية اندبها
اندبها غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1037
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : منذ 3 أسابيع (05:32 PM)
 المشاركات : 29,396 [ + ]
 التقييم :  888890339
لوني المفضل : White
شكراً: 686
تم شكره 1,089 مرة في 578 مشاركة

اوسمتي

حصريات المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً )



[frame="1 10"]













( إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِينُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ
، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا،
وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ،
وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ،

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ) رواه أبو داود ،
والنسائي ، وابن ماجة .
قال تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا
رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ
بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) ( النساء )
وقال عز وجل في سورة الاحزاب:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ( الأحزاب )
أما بعد إخوتنا المؤمنين
وأحبتنا في الله
أن خير الكلام كلام الله
وخير الهدي هدي محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم )
يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ
يَحْمَدُ اللَّهَ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ:
(مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ
وَمَنْ يُضْلِلْهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ
إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ
وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ
وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ
وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ثُمَّ يَقُولُ:
بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ......
وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ
وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ نَذِيرُ جَيْشٍ
رواه (مسلم، أبو داود، النسائي، ابن ماجه، أحمد، الدارمي )

إخوتنا الكرام
بعد أن شرحنا ولو بشيء من الأختصار معني التوحيد
والشروط الواجب توافرها لنعلم ونتعلم ونعبد الله
على بصيرة وعلى علم
نستكمل أحد نقاط التابعة للتوحيد ولكلمة التوحيد
وهي لا اله الا الله محمد رسول الله
وهذه النقطة هي تعبتر من أساسيات العقيدة
الصحيحة الغير مشوهه وهي ركن من أركان
العقيدة وشرط من شروط الأيمان
وهذا الركن هو الولاء والبراء
الذي تغافل عنه الكثير من الناس وبدّلوا
إتجاهاته ومقتضياته فأسبغوا على الولاء
والبراء الشرعي سبغات أخرى مُحرّفة
فكثر المفرطون فيها
فلم يعد يعجبهم البراءة من الكفار
وموالاة المؤمنين ،
بل أصبح يعجبهم موالاة الكفار
وشكرهم والثناء عليهم وإتخاذهم قدوة
ومثل لحسن المعاملة والعلم والتقدم والنظام
والبراءة ممن يختلفون معهم في الأتجاهات
أو ممن أرتكتب معاصي وهو مُسلم
كما قال أحد العلماء :
فقد كانوا سابقًا يقولون:
يجب أن يبغض الإنسان كل من كفر بالله
بغضًا دينيًا لا يلزم منه الإضرار به
بل يُحسن إليه وفق أمر الله ،
ثم صاروا الآن يستفظعون ذلك،
لكن لو قلت لهم: إنني أحب من يعادي
وطني لشنعوا عليك، ولو قلت لهم:
إنني أوالي أو أصافح من يعادي
وطني لاعتبروا ذلك تطرفًا وتخلفًا.
فالقضية ليست تخلٍ عن الولاء والبراء،
وإنما إعادة تحديد لمن يستحق الولاء والبراء،
فقد كانوا سابقًا يقولون أن "الله"
هو المستحق لأن يكون الولاء والبراء
على أساس القرب والبعد عنه،
وصاروا الآن يقولون "الوطن"
هو الذي يستحق الولاء والبراء
على أساس القرب والبعد عنه...أ.هـ
وقبل أن نخوض في تفاصيل هذا الرُكن
نتعرف عليه أولاً وعلى مقتضياته اللغوية
ومعانيه الشرعية

فتعريفه الولاء في اللغة هو
تعريف الولاء :
الولاء في اللغة :
اسم مصدر من والى يوالي موالاة وولاء،
قال في لسان العرب ما خلاصته :
ووالى فلان فلانا إذا أحبه،
والولي فعيل بمعنى فاعل،
ومنه وَلِيَه إذا قام به،
ومنه قول القرآن :
(الله ولي الذين آمنوا) الآية 257 البقرة،
ويكون الولي بمعنى مفعول في حق
المطيع، فيقال : المؤمن ولي الله ووالاه
موالاة وولاء، من باب قاتل أي تابعه.
وهذه الكلمة المكونة من الواو واللام
والياء يصاغ منها عدة أفعال مختلفة
الصيغ والمعاني، يأتي منها وليَ
وولّى وتولّى ووالى واستولى .
أما معنى الولاؤ في الشرع فهو:
فهو تولي العبد ربه ونبيه باتباع الأوامر
واجتناب النواهي وحب أولياء الله من
المؤمنين الموحدين ونصرتهم .
هذا كله من الولاء.
قال الله تعالى :
(الله ولي الذين آمنوا) الآية 257 البقرة،
أما من والى الكافرين واتخذهم أصدقاء
وإخوانا فهو مثلهم،
قال الله تعالى:
{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود
والنصارى أولياء بعضهم أولياء
بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم
إن الله لا يهدي القوم الظالمين}51 المائدة،
والقرآن العزيز مشتمل على كثير من
الآيات التي تحذر من اتخاذ الكافرين
أولياء،
كقول الله تعالى
: { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة
من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم
قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي
صدورهم أكبر قد بينا
لكم الآيات إن كنتم تعقلون} الآية 118 آل عمران.
وقال الله تعالى
{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي
وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة} الآية 1 الممتحنة


ومن الموالاة بين المؤمنين:
1
صلة الرحم
قال الله تعالى :
{ فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض
وتقطعوا أرحامكم ( 22 ) أولئك الذين لعنهم الله
فأصمهم وأعمى أبصارهم ( 23)أفلا يتدبرون القرآن
أم على قلوب أقفالها ( 24 ) .... محمد
2 المؤمن تجب موالاته
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله:
وان ظلمك واعتدى عليك ،
والكـافـر تجب معاداته وان أعطاك واحسن إليك،
فان الله سبحانه وتعالى بعث الرسل
وانزل الكتب ليـكون الـدين كله لله
،فيكون الحب لأوليائه والبغض لأعدائه ،
وإذا أجتمع في الرجل الواحد :
خير وشر وفجور وطاعة ومعصية وسنة وبدعة ،
استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير ، واستـحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فبه من الشر ،
فيجتمع في اشخص الواحد موجبات
الإكرام والإهانة .أهـ
3 مفتاح الحب في الله يكون بالسلام والمصافحة
، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم
( والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة
حتى تؤمنوا ، ولاتؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم
على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟
أفشوا السلام بينكم ) رواه مسلم
*
ومن الحب في الله النصرة للمسلم من
أي جنس أو لون كان ،
ومنها الهجرة لأنها مرتبطة بالولاء والبراء
ومنها ذلك الجهاد في سبيل الله ،
لأنه الفاصل بين الحق والباطل .
*
ومن الحب في الله مجالسة الصالحين وصحبتهم
، قال الله تعالى
( وأصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم
بالغداة والعشي يريدون وجهه ) الكهف .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه وسلم
( الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل )
والمقصود أن تظهر فائدة الصحبة الطيبة ،
وبركة المخالطة ، وحسن المجاورة .
والمؤمن يتقرب إلى ربه بمجالسة الصالحين وصحبتهم
*
ومن الحب في الله التزاور
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه وسلم (
من عاد مريضا أوزار أخا له في الله ناداه مناد
بأن طبت وطاب ممشاك ،
وتبوأت من الجنة منزلا ) رواه الترمذي


تعريف البراء :
البراء تعريفه لغة :
مصدر برى بمعنى قطع، ومنه برى القلم
بمعنى قطعه،
والمراد هنا قطع الصلة مع الكفار
، فلا يحبهم ولا يناصرهم ولا يقيم
في ديارهم. قال ابن الأعرابي :
بري إذا تخلص، وبريء إذا تنزه وتباعد،
وبريء إذا أعذر وأنذر،
ومنه قول القرآن
(براءة من الله ورسوله)الآية 1 التوبة
، أي إعذار وإنذار، والبريء والبرى
بمعنى واحد، إلا أن البراء أبلغ من البريء.
والبراء في الشرع :
هو البعد والخلاص والعداوة بعد
الإنذار والإعذار، يقال برى وتبرأ من الكفار
إذا قطع الصلة بينه وبينهم فلا يواليهم
ولا يحبهم ولا يركن إليهم
ولا يطلب النصرة منهم.
الولاء والبراء قاعدة من قواعد الدين
وأصل من أصول الإيمان والعقيدة،
فلا يصح إيمان شخص بدونهما،
فيجب على المرء المسلم أن يوالي في الله
ويحب في الله ويعادي في الله،
فيوالي أولياء الله ويحبهم، ويعادي
أعداء الله ويتبرأ منهم ويبغضهم،
قال صلى الله عليه وسلم :
{
أوثق عرى الإيمان الموالاة
في الله والمعاداة في الله والحب
في الله والبغض في الله.
فمما تقدم يتبين أن الولاء يقوم على المحبة
والنصرة والاتباع، فمن أحب في الله
وأبغض في الله ووالى في الله وعادى
في الله فهو ولي الله،
قال ابن عباس
: من أحب في الله وأبغض في الله
ووالى في الله وعادى في الله فإنما تنال
ولاية الله بذلك، ولن يجد عبد طعم الإيمان
وإن كَثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك،
وقد صارت مؤاخاة الناس على أمر الدنيا،
وذلك لا يجدي على أهله شيئا.
وهو البغض والبعد ممن خالف الله ورسوله
والصحابة والمؤمنين الموحدين من
الكافرين والمشركين والمنافقين
والمبتدعين والفساق ، بعد الإنذار والإعذار،
يقال برى وتبرأ من الكفار إذا قطع الصلة بينه
وبينهم فلا يواليهم ولا يحبهم ولا يركن
إليهم ولا يطلب النصرة منهم.
أو البراء من الأسس التي تقوم عليه
العقيدة الإسلامية وهو البعد من الكفار
ومعاداتهم وقطع الصلة بهم، فلا يصح إيمان
المرء حتى يوالي أولياء الله ويعادي أعداءه
ويتبرأ منهم ولو كان أقرب قريب،
قال سبحانه وتعالى:
{
لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر
يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم
أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم
أولئك كتب في قلوبهم الإيمان
وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري
من تحتها الأنهار خالدين فيها
رضي الله عنهم ورضوا عنه
أولئك حزب الله
ألا إن حزب الله هم المفلحون} الآية 22 المجادلة،
فقد تضمنت هذه الآية الكريمة
أنه لا يتحقق الإيمان إلا لمن تباعد عن الكفار
المحادين لله ورسوله وبرئ منهم وعاداهم
ولو كانوا أقرب قريب،
وقد أثنى سبحانه وتعالى على خليله
إبراهيم حينما تبرأ من أبيه وقومه
ومعبوداتهم
حيث قال :
{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ
مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ
(27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ
لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28)} (سورة الزخرف،
وقد أمرنا سبحانه وتعالى بأن نتأس
بالخليل عليه الصلاة والسلام
حيث قال :
{ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ
وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ
وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا
وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ
وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ
وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4)} ... الممتحنة


البراءة من الكفار
1 عدم تولي اليهود والنصارى
قال تعالى:
( يا أيها الذين أمنوا لاتتخذوا اليهود والنصارى
أولياء بعضهم أولياء بعض
ومن يتولهم منكم فإنه منهم
إن الله لا يهدي القوم الظالمين) .
2-
التحذير من مسايرتهم فيما يفعلون
واتباع أهوائهم ،
عن أبوسعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال:
قال رسول الهأ صلى الهم عليه وسلم :
لتتبعن سنن من كان قبلكم ،
شبرا بشبر وذراعا بذراع ،
حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم
. قلنا : يا رسول الله ، اليهود والنصارى ؟
قال : فمن ؟.... صحيح البخاري
4-
التحذير من طاعة الكفار
وما يشيرون ويأمرون به على سبيل
النصح والـتوجيه ،
قـال تعـالى:
( يا أيها الذين آمنوا إن تطيـــعوا
الـــذين كفروا يــردوكم علــى
أعــقابــــكم فتنقلبوا خاسرين )...
5-
التحذير من الركون إليهم
وهو الميل والرضى بما يطلبونه من المسلم
قال تعالى:
(
ولا تركنوا إلى الذيــن ظلموا فتــمسكم
النــار ومالـــكم من دون الـله
مــن أوليـاء ثــــم لا تنصرون)
قال ابن كثير :
أي لا ترضوا بأعمالهم ، ولا تميلوا إليهم
، ولا تستعينوا بهم ، فتكونوا كأنك
قد رضيتم بأعمالهم )
6-
الـتحذير من مداهـنتهم أي : مجاملتهم ،
قال تعالى:
(ودوا لو تدهن فيدهنون)
7--التحذير من الاستغفار لهم
والترحم عليهم
.قال تعالى:
( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن
تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم
ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله
والله لا يهدي القوم الفاسقين ( 80 ) } سورة التوبة


ومن صور موالاة الكفار أمور شتى ، منها :
1- التشبه بهم في اللباس والكلام .
2- الإقامة في بلادهم ، وعدم الانتقال منها
إلا بلاد المسلمين لأجل الفرار بالدين .
3- السفر إلى بلادهم لغرض النزهة ومتعة النفس .
4- اتخاذهم بطانة ومستشارين .
5- التأريخ بتاريخهم خصوصًا التاريخ
الذي يعبر عن طقوسهم وأعيادهم كالتاريخ الميلادي .
6- التسمي بأسمائهم .
7- مشاركتهم في أعيادهم أو مساعدتهم
في إقامتها أو تهنئتهم بمناسبتها أو حضور إقامتها .
8- مدحهم والإشادة بما هم عليه
من المدنية والحضارة ، والإعجاب بأخلاقهم
ومهاراتهم دون النظر إلى عقائدهم الباطلة ودينهم الفاسد .
9- الاستغفار لهم والترحم عليهم .
وفي سؤال للشيخ العلاّمة أبن باز رحمه الله
عن معنى الولاء والبراء قال:
الرجاء من فضيلتكم توضيح الولاء
والبراء لمن يكون؟ وهل يجوز موالاة الكفار؟
فقال رحمه الله تعالى:
الولاء والبراء معناه محبة المؤمنين وموالاتهم،
وبغض الكافرين ومعاداتهم،
والبراءة منهم ومن دينهم،
هذا هو الولاء والبراء كما قال الله سبحانه
في سورة الممتحنة
( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ
وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ
وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا
وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى
تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) الممتحنة 4
وليس معنى بغضهم وعداوتهم أن تظلمهم
أو تتعدى عليهم إذا لم يكونوا محاربين،
وإنما معناه أن تبغضهم في قلبك وتعاديهم بقبلك
، ولا يكونوا أصحابا لك، لكن لا تؤذيهم
ولا تضرهم ولا تظلمهم، فإذا سلموا
ترد عليهم السلام وتنصحهم وتوجههم إلى الخير،
كما قال الله عز وجل:
( وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ
إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ( .العنكبوت 46
وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى
وهكذا غيرهم من الكفار الذين لهم أمان
أو عهد أو ذمة، لكن من ظلم منهم يجازى
على ظلمه، وإلا فالمشروع للمؤمن الجدال
بالتي هي أحسن مع المسلمين والكفار مع بغضهم
في الله للآية الكريمة السابقة،
ولقوله سبحانه
: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ
الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) النحل 125
فلا يتعدى عليهم ولا يظلمهم مع بغضهم
ومعاداتهم في الله، ويشرع له أن يدعوهم إلى الله،
ويعلمهم ويرشدهم إلى الحق لعل الله
يهديهم بأسبابه إلى طريق الصواب،
ولا مانع من الصدقة عليهم
والإحسان إليهم
لقول الله عز وجل
( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ
وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ
وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة 4
، ولما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه أمر أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما
أن تصل أمها وهي كافرة في حال الهدنة التي
وقعت بين النبي صلى الله عليه وسلم
وبين أهل مكة على الحديبية



منزلة عقيدة الولاء والبراء من
الشرع عظيمة ومنها :
أولاً : أنها جزء من معنى الشهادة ، وهي قول :
( لا إله ) من ( لا إله إلا الله )
فإن معناها البراء من كل ما يُعبد من دون الله .
ثانيًا : أنها شرط في الإيمان ،
كما قال تعالى :
(79) تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا
لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ
وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81) ...المائدة
ثالثًا : أن هذه العقيدة أوثق عرى الإيمان
، لما روى أحمد في مسنده عن
البراء بن عازب رضي الله عنه قال :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
( أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله ) .
يقول الشيخ سليمان بن عبدالله بن
محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله :
( فهل يتم الدين أو يُقام عَلَم الجهاد أو علم الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر
إلا بالحب في الله والبغض في الله ،
والمعاداة في الله ، والموالاة في الله ،
ولو كان الناس متفقين على طريقة واحدة ،
ومحبة من غير عداوة ولا بغضاء ،
لم يكن فرقانًا بين الحق والباطل ،
ولا بين المؤمنين والكفار ،
ولا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ) .
رابعًا : أنها سبب لتذوق حلاوة الإيمان
ولذة اليقين ،
لما جاء عنه
صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( ثلاث من وجدهن وجد حلاوة الإيمان :
أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ،
وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ،
وأن يكره أن يرجع إلى الكفر بعد أن
أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار ) ... متفق عليه .
خامسًا : أنها الصلة التي يقوم على
أساسها المجتمع المسلم ( إنما المؤمنون إخوة ) .
سادسًا : أنه بتحقيق هذه العقيدة تنال ولاية الله
، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال :
( من أحب في الله وأبغض في الله ،
ووالى في الله وعادى في الله ، فإنما تنال ولاية الله بذلك ) .
سابعًا : أن عدم تحقيق هذه العقيدة
قد يدخل في الكفر ،
قال تعالى :

((50) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ
إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)) ...المائدة
ثامنًا : أن كثرة ورودها في الكتاب والسنة
يدل على أهميتها .
يقول الشيخ حمد بن عتيق - رحمه الله :
( فأما معاداة الكفار والمشركين
فاعلم أن الله سبحانه وتعالى قد أوجب ذلك ،
وأكد إيجابه ، وحرم موالاتهم وشدد فيها ،
حتى أنه ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه
من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم
بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :
( إن تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله
يقتضي أن لا يحب إلا لله ، ولا يبغض إلا لله ،
ولا يواد إلا لله ، ولا يُعادي إلا لله ،
وأن يحب ما أحبه الله ، ويبغض ما أبغضه الله ) .
أقول قول هذا وأستغفر الله لي ولكم
فأستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم



الحمدُ لله نحمدُه، ونستَعِينُه ونستهدِيه،
ونستَغفِره ونتوبُ إليه،
ونعوذُ بالله من شُرور أنفُسنا وسيِّئات أعمالنا،
مَن يهده الله فلا مُضلَّ له،
ومَن يُضلِل فلا هاديَ له،
وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحدَه لا شريك له،
وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله،
صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحابته
السائرين على نهجه، والممتَثِلين لأوامره
والمنتَهِين عن نواهيه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أخوتنا الكرام
عقيدة أهل السنة والجماعة في الولاء والبراء
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
على المؤمن أن يعادي في الله ويوالي في الله،
فإن كان هناك مؤمن فعليه أن يواليه
وإن ظلمه. فإن الظلم لا يقطع الموالاة الإيمانية.
قال تعالى:
وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا
فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا [الحجرات:9].
فجعلهم إخوة مع وجود القتال والبغي،
وأمر بالإصلاح بينهم، فليتدبر المؤمن:
أن المؤمن تجب موالاته وإن ظلمك
واعتدى عليك، والكافر تجب معاداته
وإن أعطاك وأحسن إليك. فإن الله سبحانه
بعث الرسل، وأنزل الكتب ليكون الدين
كله لله فيكون الحب لأوليائه والبغض لأعدائه،
والإكرام والثواب لأوليائه والإهانة والعقاب لأعدائه.
وإذا اجتمع في الرجل الواحد: خير وشر،
وفجور وطاعة، ومعصية وسنة وبدعة
استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه
من الخير، واستحق من المعاداة والعقاب
بحسب ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص
الواحد موجبات الإكرام والإهانة كاللص
تقطع يده لسرقته، ويعطى من بيت المال
ما يكفيه لحاجته. هذا هو الأصل
الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة،
وخالفهم الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم
ولمّا كان الولاء والبراء مبنيين
على قاعدة الحب والبغض

... فإن الناس في نظر أهل السنة والجماعة
بحسب الحب والبغض والولاء والبراء
ثلاثة أصناف:
الأول: من يحب جملة.
وهو من آمن بالله ورسوله،
وقام بوظائف الإسلام ومبانيه العظام
علماً وعملاً واعتقاداً. وأخلص أعماله
وأفعاله وأقواله لله، وانقاد لأوامره
وانتهى عما نهى الله عنه، وأحب في الله،
ووالى في الله وأبغض في الله، وعادى في الله،
وقدم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
على قول كل أحد كائناً من كان
الثاني: من يحب من وجه ويبغض من وجه،
فهو المسلم الذي خلط عملاً صالحاً
وآخر سيئاً، فيحب ويوالى على قدر
ما معه من الخير، ويبغض ويعادى على قدر
ما معه من الشر ومن لم يتسع قلبه
لهذا كان ما يفسد أكثر مما يصلح..
وإذا أردت الدليل على ذلك
فهذا عبد الله بن حمار (
وهو رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يشرب الخمر، فأتي به إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فلعنه
رجل وقال: ما أكثر ما يؤتى به،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله
مع أنه صلى الله عليه وسلم لعن الخمر
وشاربها وبائعها وعاصرها ومعتصرها
وحاملها والمحمولة إليه.
الثالث: من يبغض جملة وهو من كفر
بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر،
ولم يؤمن بالقدر خيره وشره،
وأنه كله بقضاء الله وقدره وأنكر
البعث بعد الموت، وترك أحد أركان
الإسلام الخمسة، أو أشرك بالله في
عبادته أحداً من الأنبياء والأولياء والصالحين،
وصرف لهم نوعاً من أنواع العبادة
كالحب والدعاء، والخوف والرجاء
والتعظيم والتوكل، والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة
، والذبح والنذر والإبانة والذل والخضوع والخشية
والرغبة والرهبة والتعلق،
أو ألحد في أسمائه وصفاته واتبع غير
سبيل المؤمنين، وانتحل ما كان عليه
أهل البدع والأهواء المضلة، وكذلك كل
من قامت به نواقض الإسلام العشرة أو أحدها
فأهل السنة والجماعة إذن
يوالون المؤمن المستقيم على دينه
ولاء كاملاً ويحبونه وينصرونه نصرة كاملة،
ويتبرؤون من الكفرة والملحدين والمشركين
والمرتدين ويعادونهم عداوة وبغضاً كاملين.
أما من خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً
فيوالونه بحسب ما عنده من الإيمان،
ويعادونه بحسب ما هو عليه من الشر.
وأهل السنة والجماعة يتبرؤون ممن حاد
الله ورسوله ولو كان أقرب قريب،
قال تعالى:
( لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ
يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا
آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ
أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ
وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي
مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ
أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [ المجادلة:22.
ويمتثلون لنهيه تعالى
في قوله
:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ
وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ
عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ
هُمُ الظَّالِمُونَ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ
وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ
وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا
وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ
وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ
بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [التوبة:23-24


ويلخص الإمام ابن تيمية مذهب
أهل السنة والجماعة فيقول:
(
الحمد والذم والحب والبغض والموالاة
والمعادة إنما تكون بالأشياء التي أنزل
الله بها سلطانه، وسلطانه كتابه،
فمن كان مؤمناً وجبت موالاته من
أي صنف كان، ومن كان كافراً وجبت
معاداته من أي صنف كان.
قال تعالى:
ِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ
وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ
الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ
وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [ المائدة: 55-56
وقال
: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء
بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ
إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [ المائدة: 51
وقال:
وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ [ التوبة:71.
ومن كان فيه إيمان وفيه فجور
أعطي من الموالاة بحسب إيمانه،
ومن البغض بحسب فجوره،
ولا يخرج من الإيمان بالكلية بمجرد
الذنوب والمعاصي كما يقول الخوارج والمعتزلة.
ولا يجعل الأنبياء والصديقون والشهداء
والصالحون بمنزلة الفساق في الإيمان
والدين والحب والبغض والموالاة والمعاداة
قال تعالى:
وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا
بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى
فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ
فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الحجرات: 9-10
فجعلهم إخوة مع وجود الاقتتال والبغي.
ولهذا كان السلف مع الاقتتال يوالي
بعضهم بعضاً موالاة الدين لا يعادون كمعاداة الكفار،
فيقبل بعضهم بشهادة بعض، ويأخذ
بعضهم العلم من بعض، ويتوارثون ويتناكحون،
ويتعاملون بمعاملة المسلمين بعضهم مع بعض
مع ما كان بينهم من القتال والتلاعن وغير ذلك
الولاء والبراء القلبي:
ومن عقيدة أهل السنة والجماعة
في هذا الموضوع أن الولاء القلبي
وكذلك العداوة يجب أن تكون كاملة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
فأما حب القلب وبغضه، وإرادته وكراهته،
فينبغي أن تكون كاملة جازمة، لا توجب نقص
ذلك إلا بنقص الإيمان، وأما فعل البدن
فهو بحسب قدرته، ومتى كانت إرادة القلب
وكراهته كاملة تامة وفعل العبد معها بحسب
قدرته فإنه يعطى ثواب الفاعل الكامل.
ذلك أن من الناس من يكون حبه وبغضه
وإرادته وكراهته بحسب محبة نفسه وبغضها،
لا بحسب محبة الله ورسوله،
وبغض الله ورسوله وهذا نوع من الهوى،
فقال تعالى:
فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ
أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ
بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي
الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [ القصص: 50


موقف أهل السنة والجماعة من
أصحاب البدع والأهواء:
يدخل في معتقد أهل السنة والجماعة
البراءة من أرباب البدع والأهواء.
والبدعة: مأخوذة من الابتداع وهو الاختراع،
وهو الشيء يحدث من غير أصل سبق
قال البغوي:
(
وقد اتفق علماء السنة على معاداة
أهل البدعة ومهاجرتهم
ونعود لرتب البدع كما ذكرها الشاطبي فقال:
ومن البدع ما هو من المعاصي التي
ليست بكفر أو يختلف فيها هل هي كفر
أم لا؟ كبدعة الخوارج والقدرية والمرجئة
ومن أشبههم من الفرق الضالة.
فأرباب هذه البدع يتبرأ منهم أهل السنة والجماعة.
ثانياً: لخطورة البدع على الدين أورد هنا نماذج
من أقوال سلف الأمة في التحذير
من البدع وأصحابها. ومن ذلك ما قاله
الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حيث يقول:
(
من كان مستناً فليستن بمن قد مات،
أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم
كانوا خير هذه الأمة، أبرها قلوباً،
وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً، قوم
اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم
ونقل دينه، فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم،
فهم كانوا على الهدي المستقيم
. وقال سفيان الثوري رحمه الله:
البدعة أحب إلى إبليس من المعصية،
المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها.
وقال الإمام مالك رحمه الله:
من أحدث في هذه الأمة شيئاً لم يكن عليه سلفها
فقد زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
خان الدين،
لأن الله تعالى يقول:
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [ المائدة: 3.


اخوتنا الكرام
أوصيكم ونفسي بتقوى الله والتخلق
بأخلاق من سبقكم من الصحابة والسلف الصالح
بتوحيدهم وحُبهم لله
ولرسوله صلى الله عليه وسلم
بفطرتهم السليمة النظيفة التى
لم تتلوث أو تتبدل أو تتغير بتغير
الطوائف والمِلل والفِرق الضالة المُضِلة
التى سااهمت مساهمة كبيرة في
إفساد عقول وقلوب المسلمين بزرع
بذور الشِرك والتبرك بالأنصاب والأزلام
والتحريض على ترك توحيد الله ومعرفته ....
حتى يتسنى لهم زرع الشِرك بالله سبحانه وتعالى
ولكن طالما أن هناك نفس فإن الدين لله
يحميه من شرورهم عن طريق عبادة الصالحين
أهل السُنة والجماعة وأتباع السلف الصالح
من الصحابة والتابعين لهم الى يوم الدين
والعمل على هذا الركن العظيم وهو الولاء والبراء
فنوالي من أحبه الله ونُبغض ونتبرأ ممن
تبرأ منه الله ورسوله والمؤمنون
فلا خوف على ديننا وسيبقى نظيف
من الشركيات ، فالمهم هو قول كلمة الحق
والنُصح والأرشاد والبيان أن توحيد الله
هو الأساس في البناء الديني لديننا الأسلامي الحنيف
اللهم تقبّل أعمالنا الصالحة
خالصة لوجهك الكريم وأحفظنا من مراذل الصفات
من حسد وبُغض وكراهية لأخوتنا الموحدين
لله المُتبعين لشرعه
وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم
وبارك لنا في أهالينا
وبارك لهم ولنا في ديننا ورضاك عنّا يا رب العالمين
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا،
وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به
بيني وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك
، ومن اليقين ما تهوّن به علىّ وعليكم مصائب الدنيا.
اللهم لا هادي لمن أضللت، ولا معطي لما منعت،
ولا مانع لما أعطيت، ولا باسط لما قبضت،
ولا مقدّم لما أخّرت، ولا مؤخّر لما قدّمت،
اللهم أرزقنا حبك وحب من يحبك،
اللهم لاتمنع بذنوبنا فضلك
ورحمتك يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين،
اللهم لاتسلط علينا بذنوبنا من لايخافك فينا ولا يرحمنا.
إن الله يأمر بالعدل والأحسان وإيتاء ذي القُربى
وينهى عن الفحشاء والمُنكر والبغي
يعضكم لعلكم تتذكرون
فاذكروا الله يذكركم وأشكروه على نِعمه يزيدكم
ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم
وأجارني الله وإياكم من خزيه وعذابه الأليم
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وصلىّ اللهم على نبيك ورسولك صلى الله عليه وسلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم .....اندبها
[/frame]

رابط الموضوع الاصلي
المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً ) ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلأ اللَّهُ) ( الولاء والبراء )
http://wahjj.com/vb/showthread.php?t=29030



 

التعديل الأخير تم بواسطة الغريبة ; 09-23-2019 الساعة 09:35 PM

الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ اندبها على المشاركة المفيدة:
 (01-11-2022)
قديم 10-11-2019   #18


الصورة الرمزية اندبها
اندبها غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1037
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : منذ 3 أسابيع (05:32 PM)
 المشاركات : 29,396 [ + ]
 التقييم :  888890339
لوني المفضل : White
شكراً: 686
تم شكره 1,089 مرة في 578 مشاركة

اوسمتي

حصريات ‫المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً ) ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلأ اللَّهُ) ( إحسان الظن بالله 1 )




[frame="1 10"]





كان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يبتدئ
خطبته بما يعرف بــ " خطبة الحاجة "
وهي أحسن ما ورد في حمد الله والثناء عليه .
ولفظها :
( إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِينُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ،
وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ
أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ،
وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ) رواه أبو داود ،
والنسائي ، وابن ماجة .
قال تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ
مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا
وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) ( النساء )
وقال عز وجل في سورة الأحزاب:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ( الأحزاب )
إن خير الكلام كلام الله
وخير الهدي هدي محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم )
يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ
يَحْمَدُ اللَّهَ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ:
(مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْهُ
فَلَا هَادِيَ لَهُ إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ
وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ
مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ
ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ثُمَّ يَقُولُ:
بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ......
وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ
وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ نَذِيرُ جَيْشٍ
رواه (مسلم، أبو داود، النسائي، ابن ماجه، أحمد، الدارمي )

أما بعد
إخوتنا في الله
" قال ابن عباس رضي الله عنه:
الجبن والبخل والحرص غرائز سوء
يجمعها كلها سوء الظن بالله عز وجل. "
فمن هذا المُنطلق إخوتنا الكرام نقف وقفة
تعليمية لنتعلم ونستفيد ونراجع أنفسنا وكذلك
لنؤكد أن إيماننا بالله وفهمنا لتوحيده يتطلب أن
نُحسن الظن به سبحانه وتعالى
فــ بُحسن الظن به نكون قد تعلمنا وعرفنا توحيد
الربوبية والألوهية بتفاصيلها
فالموت مثلاً هو من أقدار الله سبحانه وتعالى
وأن الفناء لكل الخلائق هو عقيدة المُسلم
مما يعلمه المُسلم يقيناً ثابتاً
وأنه حق على كل الناس ، فقد أصبح أساس عقيدة
المُسلم وإيمانه ، لعلمه يقيناً أنه ميت
أي بلا شك في ذلك لان الشواهد المرئية امام المُسلم
تُنبأ وتقول كل شيء هالك الا وجهه سبحانه وتعالى
والموت حق لامناص في التشكيك فيه
أي هو أمر محتوم يقيناً ولا شك فيه
وأن هذا المُسلم بعد أن تأكد يقيناً أنه سيموت يوماً
إذاً سينتقل من الدنيا الى الآخرة
لذلك إخوتنا المؤمنون يُدرك المُسلم أنه سيلاقي
ربه سبحانه وتعالى عاجلاً أو آجلاً
وأنه سيقع تحت طائلة الحساب على ماكان منه
من أعمال وأقوال في الدنيا
وأنه يعلم ( أي المؤمن ) أن الله سيحاسبه على ما
كان منه من أعمال وأقوال في الدنيا
وانه كذلك لن ينجو من عذاب الله سبحانه وتعالى
وعقابه إلا بالعمل الصالح والإيمان الكامل
المُطلق بوحدانية الله سبحانه وتعالى
وأيضاً بعدم الإشراك به
وكذلك يعلم هذا المؤمن يقيناً أن مما يجازي الله عليه
عباده المؤمنين عليه ويُكافاؤهم عليه هو
إحسان الظن بالله والتوكل عليه في كل أحوالهم
فعندما طلب الله سبحانه وتعالى من عباده
طاعته وعبادته وتوحيده ، فسح لهم المجال
لإستدراك وتعويض مانقص من أعمالهم وما وقعوا
فيه من معاصي وآثام....
فجعل لهم الإستغفار من تلك الذنوب
فإن فعلوا ذلك واستغفروا الله
وأدّوا ما فُرِضَ عليهم من الطاعات
فإن الله سيغفر لهم لا محالة، وسيُثيبهم على الطاعة،
وإن أحسن العبد الظن بالله فإن الله سيُصدِق ظنّه
ويُنجّيه من العذاب،
ففي حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم
الذي يرويه عن ربه :
: (قال اللهُ جلَّ وعلا: أنا عندَ ظنِّ عبدي بي؛
إنْ ظنَّ خيرًا، وإنْ ظنَّ شرًّا)
وسنتكلم إخوتنا المؤمنون عن حًسن الظن بالله
ومتطلباته وأهدافه ومعانيه
وفي الجمعة القادمة إن تيسر الوقت لذلك
سنتكلم عن سوء الظن بالله وكذلك سوء الظن
بصفة عامة حتى نحذر من المطبات التى يقع
فيها المًسلم في مابينه وبين بقية المسلمين ....
فــ كالمعتاد لاندخل لنتعرف على صفة الا بمعرفتها
من كل الجوانب اللغوية الشارحة لها
والتشريعية التى أتت بها ....
من هنا سنبتديء بتعريف حًسن الظن ...


معنى حُسن الظن بالله
في اللغة
الحسن: الحاء والسين والنون أصل واحدٌ،
فالحسن ضد القبح، يقال:
رجلٌ حسنٌ، وامرأة حسناء،
وحُسانةٌ، والحسن: الجمال.
أما الظن في اللغة
فإنه مصدر قولهم ظن يظن ظنا،
وهو مأخوذ من مادة (ظ ن ن)
التي تدل على معنيين:
أحدهما اليقين والآخر الشك.
قال الراغب: الظن:
اسم لما يحصل عن أمارة،
ومتى قويت أدت إلى العلم،
ومتى ضعفت جدا لم تتجاوز حد التوهم.
وقال ابن منظور:
الظن شك ويقين، إلا أنه ليس بيقين عيان
إنما هو يقين تدبر، فأما يقين العيان فلا يقال
فيه إلا علم، وفي التنزيل العزيز:
﴿ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ﴾ الحاقة: 20
أي علمت.
ويُقصد بحُسن الظن بالله
في الاصطلاح
هي أن يعلم المُبتَلى أنّ الذي ابتلاه
هو الله -سبحانه وتعالى
الحكيم الرحيم،
وأنّ الله -عزَّ وجلَّ
لم يُرسِل إليه البلاء ليُهلكه به،
أو ليُعذّبه به، أو ليُؤذيه،
أو ليضرّه، وإنّما أَرسِل البلاء إليه
كما أَرسله إلى غيره من الخلق؛
ليمتحنهم ويمتحنه، ويعلم مدى إيمانه
وصبره ورضاه على ما أصابه من الابتلاء،
وكي يسمع دعاءه في جوف الليل ...
إن كان من أهل الدعاء، وتضرّعه
ورجاءه لله بأن يكشف عنه ما أصابه
من البلاء، وليرى هذا المُسلم بعد أن
يختبر نفسه وإيمانه .....هل سيصبر على ما أصابه؟
أم أنّه سيكفر بالله ولا يتجاوز ذلك الاختبار
إلا فاشلاً؟ وليرى الله عبده المُبتَلى مُتذلِّلاً
له يرجوه ....ولا يرجو سواه،
ويدعوه..... ولا يدعو سواه.
حًسن الظن في القرآن الكريم
والسُنة النبوية المُطهرة
حسن الظن بالله
وممّا جاء في حسن وسوء الظن بالله
في القرآن الكريم والسنّة النبويّة ما يأتي:
جاءت العديد من آيات القرآن الكريم
لتحث المؤمنين على إحسان الظن بالله سبحانه وتعالى،
وعدم إساءة الظن به،
ولتؤكد أيضاً على أنّ إساءة الظن بالله
ربما تؤدي بالعبد إلى الهلاك،
ومن هذه الآيات:
قول الله عزَّ وجلّ:
( الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ
دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6))،..الفتح
فمن يسيء الظن بالله وبرحمته يكون قد
استحق العقوبة من الله،
وربما يودي به ذلك الأمر إلى النار والعياذ بالله.
قول الله عزَّ وجلّ:
(يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ)...آل عمران 154
ينهى الله عباده في هذه الآية من
أن يظنون به غير الحق،
وقد وصف -سبحانه وتعالى-
ذلك الأمر بكونه فعلاً جاهلياً من أعمال
الجاهلية المرفوضة والممقوتة.
على سبيل التمثيل لا الحصر،
ما يأتي:
قال تعالى في سورة الحاقة:
( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ
هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي
مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ
(21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ
(23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ
فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24 )؛...الحاقة
ومعنى قوله تعالى
(إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ)
أنّ العبد المؤمن إذا حمل كتابه بيمينه يقول:
لقد اعتقدت يقيناً أن الله سيُحاسبني
فأعددت لهذا اليوم بحسن الظن والعمل،
فأنجاه الله من عذاب جهنم وأدخله الجنة.
قول الله عزَّ وجلّ:
(الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ)..الفتح
وفي هذه الآية إشارة إلى عقوبة من يسيء
الظن بالله -سبحانه وتعالى
ولا يثق بقدرته عزّ وجلّ،
وأن هؤلاء سيُعاقبهم الله يوم القيامة لا محالة،
وأن من يُسيء الظنّ بالله
إنما هو في الحقيقة يَتّهم الله في حكمه
وحكمته وقدرته على الخلق ومُحاسبته لهم
. قول الله عزَّ وجلّ:
(يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ)..آل عمران
فالله سبحانه وتعالى في هذه الآية يَنهى
عباده أن يظنون به غير الحق،
وأن من يكون ذلك حاله فإنه مُتّصف بإحدى
صفات الجاهليّة.
قال تعالى:
(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ
إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ*الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو
رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)؛...البقرة
فقد وصف الله سبحانه وتعالى
الذين يُحسنون الظن به أنهم خاشعين
في صلاتهم، وأنهم الأقدر على الصبر
على ما يُصيبهم من المصائب،
وهم الأقدر على القيام بالصلاة
وما يُرافقها من خشوع وصبرٍ عليها وتحملٍ لها.
في السنّة النبويّة جاء في السنة النبوية
العديد من الأحاديث التي تُشير إلى
فضل حُسن الظن بالله والتوكّل عليه،
والإستعانة به في وقت البلاء والمصائب،
ومن تلك الأحاديث ما يأتي:
الأحاديث الواردة في حُسن الظن بالله تعالى
حسن الظن بالله رغم تشعبه كمفهوم
إلا أنه قد يتلخص برضى العبد بما أعطاه
الله سبحانه وتعالى، والتوكّل عليه،
حسن الظن بالله تعالى ركيزة مهمة من ركائز الإيمان،
وأصل عظيم من أصول العقيدة الإسلامية
ومن حققه واعتصم به نال السعادة في الدنيا
وكان من أهل النجاة في الآخرة،
ومن أخلَّ به أو فقده كان من أهل الشقاوة
في الدنيا ومن أهل الخسارة في الآخرة،
وإن حسن الظن بالله مبدأ كل خير يكسبه العبد
كما أن سوء الظن بالله مبدأ كل شر يكتسبه،
وهو أمر أوجبه الله تعالى علينا ورسوله
فقال -صلى الله عليه وسلم-:
" لا يموتن أحدكم إلا
وهو يحسن الظن بالله". رواه مسلم .
الأحاديث التي حثت على حسن ظن
العبد ربه قال رسول الله:
"إياكم والظن فإنه أكذب الحديث ". البخاري ومسلم
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
يقول الله أنا عند ظن عبدي بي،
وأنا معه حيث يذكرني".
أما الظن وتسميته حُسن العبادة
فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
في الحديث الذي رواه أبي هريرة رضي الله عنه قوله:
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:
" أن حسن الظن بالله من حسن العبادة "
أخرجه الأمام أحمد وأبو داود.
وفي الحديث الذي رواه صلى الله عليه وسلم
عن رب العِزة في بيان سبق الرحمة للغضب قوله:
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" قال الله عزوجل: سبقت رحمتي غضبي ".
وعن رحمة الله بعباده قوله صلى الله عليه وسلم
عن سلمان الفارسي رضي الله عنه،
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن لله عزوجل مائة رحمة، فمنها رحمة
بها يتراحم الخلق، وتسعة وتسعون
ليوم القيامة ."
قال معاذ بن جبل رضي الله عنه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن شئتم أنبأتكم ما أول ما يقول الله
عزوجل للمؤمنين يوم القيامة،
وما أول ما يقولون له إن الله عزوجل
يقول للمؤمنين:
هل احببتم لقائي ؟ فيقولون: نعم يارب، فيقول:
لم ؟ فيقولون: رجونا عفوك ومغفرتك،
فيقول عزوجل: قد وجبت لكم مغفرتي"
. عن أبي هريرة،
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة
ما طمع في جنته احد، ولو يعلم الكافر
ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته احد " رواه مسلم
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه،
قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم
بسبي وإذا إمرأة من السبي قد تحلب ثديها ،
تسقي إذا وجدت صبيا في السبي أخذته فألصقته
ببطنها وأرضعته، فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم:
" أتُرَوْنَ هذِه طَارِحَةً ولَدَهَا في النَّارِ ؟،
قُلْنَا: لَا، وهي تَقْدِرُ علَى أنْ لا تَطْرَحَهُ،،
فَقَالَ: لَلَّهُ أرْحَمُ بعِبَادِهِ مِن هذِه بوَلَدِهَا." صحيح البخاري
. عن أنس بن مالك:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
دخل على شاب وهو في الموت، فقيل :
" كيف تجدك ؟ قال:
ارجو الله يارسول الله وأخاف ذنوبي،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا يجتمعان في قلبِ عبدٍ في مثلِ هذا الموطنِ
إلَّا أعطاه اللهُ ما يرجوه وأمَّنه ممَّا يخافُ" سبل السلام إسناده جيد
. عن أبي ذر، رضي الله عنه،
عن النبي صلى الله عليه وسلم
فيما يروي عن ربه عزوجل، قال:
" ابن آدم أنك ما دعوتني ورجوتني
غفرت لك على ما كان منك ولا أُبالي،
يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك،
يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا
ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك
بقرابها مغفرة". رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح
وهذه الرحمة إخوتنا المؤمنون
تتطلب من المؤمن الحق أن يعلم أن الله غفور رحيم
فما على المؤمن إلا العمل بمقتضى ذلك
من عبادات وأعمال صالحة ويتوكل على الله في ذلك
ويختم كل شيء بحُسن الظن بالله ...
وعدم القنوط واليأس فرحمة الله وسعت كل شيء
من أقوال الصحابة عن حسن ظن العبد بربه:
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
" لا يحل لامرىء مسلم يسمع من
أخيه كلمة يظن بها سوءاً وهو يجد لها
في شيء من الخير مخرجاً. " وقال أيضاً:
" لا ينتفع بنفسه من لا ينتفع بظنه ". الآداب الشرعية لابن مفلح
" قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
" لله درُّ ابن عباس إنه لينظر إلى
الغيب عن ستر رقيق. "
وقال ايضا : " من علم من أخيه مروءة جميلة فلا يسمعنَّ فيه مقالات الرِّجال، ومن حَسُنت علانيته فنحن لسريرته أرجى " ذكره ابن بطال في شرح صحيح البخاري
قال ابن عباس رضي الله عنه:
"الجبن والبخل والحرص غرائز سوء يجمعها
كلها سوء الظن بالله عز وجل. "
وكيف نُحسن الظن بالله تعالى
وهنا في هذا الموضع نقف إخوتنا الكرام
على الكيفية في إحسان الظن بالله
عملياً لنٌصلح من حال أنفسنا وتثبيت أعمالنا الصالحة
بحًسن الظن بالله سبحانه وتعالى
فعندما يقول الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
يقول الله أنا عند ظن عبدي بي،
وأنا معه حيث يذكرني".
فكيف نصل الى أن نكون
عند ظن الله سبحانه وتعالى
فتشملنا رحمته وغفرانه لنا
ويكون ذلك
بالتحلي بالمعنويات العالية
بالتفاؤل بأن رحمة الله وسعت كل شيء
فلا يستعصى عليه أمر يختص برحمته لعباده
، فالمؤمن يعرف جيداً بأن كل عُسرٍ
بعده يُسره كما وعد الله سبحانه وتعالى
في كتابه الكريم في قوله
(فإن مع العُسرِ يُسراً إن مع العُسرِ يُسراً)
، فالمؤمن يعلم علمَ اليقين بأن هذا الضيق سينفرج،
وبأن الهم سيزول، وأن رحمة ربه
واسعة لا يقفُ شيئاً في طريقها؛
وأنا أبوابه جلَّ وعلا لا تُغلقُ في وجه عِباده،
فلا يترك أمله بالله ولا يدخل اليأس إلى قلبه،
فاليأس يزيد الأمر سوءاً،
فيكبر الهم ويضيق الصدر،
ويكفي بأن الله سبحانه أخبرنا
أن اليأس من صِفات الكافرين
في قوله تعالى :
(وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ
مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) ..يوسف
فالمؤمن لا ييأس من رحمة الله ولا يأتي في
باله أن الله تخلى عنه، بل إنه يعتقد تماماً
بأنه في اختبار؛ وأن نتيجة هذا الإختبار
إلى إحدى نتيجتين يكون هو الفائز في كلتا الحالتين،
إما إلى الفرج؛ أو أجراً كبيراً يكون له
يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون.
التوكل على الله التوكل على الله من
أمور حسن الظن بالله،
فالإنسان يفعل ما يستطيع أو يقدر عليه،
ولكن هناك أموراً تكون خارج قدرته
وتخرج عن سيطرته
فيتركها لله الواحد القهَّار،
بعد أن يتوكل على الله عز وجل
على قدر إستطاعته في معالجة هذا الامر
فالمهم هنا هو التوكل على الله والتأكد يقيناً
أن مايصيبه هو من عند الله سبحانه وتعالى
وأن الفرج أو اليسر لايأتي إلا من عند الله
فالتوكُّل يكون مع السعي وليس التَّخلي.
أداء الفروض إن من حسن الظن بالله
أداء فروضه وإطاعة أوامر
واجتناب نواهيه،
فليس من حسن الظن بالله أن يُقدم الإنسان
على السرقة ويدعو الله ألا يتم التعرُّف عليه؛
ويكون محسِناً الظن بالله بأنه سيُفلتُ بما سرق،
فهذا من إساءة الأدب مع الله سبحانه.
يجب على المؤمن الذي يؤمن بالله
أن يؤدي فروضه في مواعيدها،
ويؤدي حقوق الناس ولا يأكلها بالباطل،
يكون حسن الخُلق طيب المعشر وذو أخلاقٍ عالية،
يكون مِثالاً يُحتذى به.
أما ما عدا ذلك فمن الرياء
وليست في إحسان الظن بالله في شيء،
فالله جميلٌ يُحب الجمال، والله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً،
كن جميلاً وطيباً ليكون إحسان ظنك بالله في محله.
مواطن حسن الظن بالله
ينبغي للمؤمن أن يحسن ظنه بالله في كل موطن وحال
فحُسن الظن به سبحانه وتعالى نحتاجه
في حياتنا كلها وحتى قُرب مماتنا
ومن هذه المواطن عند الموت
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث
الذي رواه جابر رضي الله عنه قوله:
: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل
موته بثلاثة أيام يقول: «لا يموتَنَّ أحدكم
إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل» رواه مسلم.
ودخل واثِلَةُ بن الأسْقَع على أبي الأسود الجُرَشي
في مرضه الذي مات فيه،
فسلم عليه وجلس. فأخذ أبو الأسود يمين واثلة،
فمسح بها على عينيه ووجهه لِبَيْعَتِهِ بِهَا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم،
فقال له واثلة: واحدةٌ أسألك عنها.
قال: وما هي؟
قال: كيف ظنك بربك؟
فأومأ أبو الأسود برأسه، أي حسن.
فقال واثلة: أبشر؛ إني سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«قال الله عز وجل: أنا عند ظن
عبدي بي، فليظن بي ما شاء» رواه أحمد.
وعن أنس رضي الله عنه
أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم
دخل على شاب وهو في الموت، فقال:
«كيف تَجِدُكَ»؟ قال:
والله يا رسول الله إني أرجو الله،
وإني أخاف ذنوبي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا يجتمعان في قلب عبد في مثل
هذا الموطن إلا أعطاه الله
ما يرجو وآمَنه مما يخاف» رواه الترمذي.
وفي كتاب المحتضرين لابن أبي الدنيا،
قال حاتم بن سليمان:
دخلنا على عبد العزيز بن سليمان
وهو يجود بنفسه، فقلت: كيف تجدك؟ قال:
أجدني أموت. فقال له بعض إخوانه:
على أية حال رحمك الله؟ فبكى، ثم قال:
ما نعول إلا على حسن الظن بالله. قال:
فما خرجنا من عنده حتى مات.

والموطن الثاني الذي وجب أن نُحسن الظن
فيه بالله سبحانه وتعالى
عند الشدائد والكرب
فمن أكثر المواقف العظيمة التى تُثبت
ان إحسان الظن بالله مهم جداً وبه تتم النِعم
وغفران الذنوب وجلاء الهموم والخطوب
ففي قصة الثلاثة الذين تخلفوا عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم
في غزوة تبوك خير مثال للمؤمن الذي يُحسن الظن بالله
فلم يُكشف عنهم مابهم من كرب وضيق
إلا بعدما أحسنوا الظن بربهم
قال تعالى:
( لَقَدْ تَابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ
الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ
مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ
إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117)
وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ
الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ
وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ
عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)
التوبة 117،118
فتأملوا إخوتنا الكرام في قوله تعالى :
( وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ )
أي أحسنوا الظن بالله سبحانه وتعالى
في أن يغفر لهم ذنوبهم ويتجاوز عن ما أرتكبوه
من تخلف وقعود عن غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم
، فلما أحسنوا الظن بالله رزقهم الله إياه.
والموطن الثالث وهو حًسن الظن بالله
عند ضيق العيش....
وهذا الذي نعيشه في هذا العصر من ضيق العيش أحياناً
فنجد أنفسنا نبتعد عن الله سبحانه وتعالى
ولانُحسن الظن به في أن يغير الأمر
من العُسر الى اليسر ، بل للأسف نُحسن الظن
بالعباد سواء مسؤلين أو حُكام أو سلاطين
ونُسيء الظن بالله أو بالاحرى نبتعد عن حُسن الظن به
فنلاقي كل الصعاب وكل الضيق وكل المعيشة الضنك
أما إن أحسنا الظن بالله ورجوناه وعملنا
مانستطيع فسيغير الله حالنا الى حال يرضاه ونرضاه معه
ولو رجعنا إخوتنا في الله
الى هدي وسُنة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم
لوجدنا الدواء الشافي والبلسم الذي يعافي
من العِلل والأمراض
فهل قرأنا يوماً ونحن قد ضاق بنا الحال
ماقاله الرسول صلى الله عليه وسلم
في الحديث الذي رواه الترمذي عن ابن مسعود رضى الله عنه
في قوله عن النبي صلى الله عليه وسلم :
: من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس
لم تُسَدَّ فاقتُه، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله
فيوشِكُ الله له برزق عاجل أو آجل».
وإنزالها بالله تُعني :
أن توقن وتظن أن الله تعالى
يفرِّجُ عنك ويزيلها.
عند غلبة الدَّين
ومن عجيب
ما ثبت في صحيح البخاري من
قول الزبير بن العوام
لابنه عبد الله رضي الله عنهما:
يا بني إن عجَزت عن شيء من ديني
فاستعن عليه مولاي. قال عبد الله:
فو الله ما دريت ما أراد حتى قلت:
يا أبت من مولاك؟. قال: الله. قال:
فو الله ما وقعت في كربة
من دينه إلا قلت:
يا مولى الزبير اقض عنه دينه،
فيقضيه.
عند الدعاء
فحًسن الظن عند الدعاء هو كفيل
بقبول الله سبحانه وتعالى والتيقن بأن الله
سيستجيب لك إن دعوته مُخلصاً وموقن بالإجابه
ففي هذا الحديث الذي رواه أبي هريرة رضي الله عنه
عندما قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ) رواه الترمذي.
فيقول العلماء اذا دعوت الله
فيجب أن تُعظّم الرغبة فيما عند الله
وأحسن الظن به

عند التوبة
أما الموضع المهم الاخر والذي لايتحقق
هدفه إلا إن أحسن المؤمن الظن بالله سبحانه وتعالى فيه
وهذا الموضع هو عند التوبة من المعاصي والذنوب
والسيئات والاعمال التى لايرضاها الله لعباده
ففي الحديث الذي رواه أبي هريرة رضي الله عنه
، عن النبي صلى الله عليه وسلم
فيما يحكي عن ربِّه عز وجل- قال:
«أذنب عبد ذنبا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي
فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا
فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب.
ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي.
فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا
يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب، فقال:
أي رب اغفر لي ذنبي.
فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنباً
فعلم أنَّ له ربَّاً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب.
اعمل ما شئت فقد غفرت لك» رواه مسلم.
أي: ما دمتَ أنَّك تذنب وتتوب فإني أتوب
عليك ولو تكرر الذنب منك.
وفي قول الشاعر في هذا الموضع
وإني لآتي الذنب أعرف قدره --- وأعلم أن الله يعفو ويغــفرُ
لئن عظَّم الناس الذنوب فإنها --- وإن عظمت في رحمة الله تصغُرُ


أخوتنا الكرام
نتوقف عند الفرق بين حُسن الظن بالله
وبين الغرور في مفهوم حُسن الظن
الفرق بين حسن الظن والغرور
حسن الظن الذي يثيب الله عليه هو
الذي يحمل على أمرين:
فعل الصالحات، وترك المنكرات.
وأما أن يدعي أحد أنه يحسن الظن بربه
وهو سائر في غيِّه، منهمك في المعصية،
تارك للفضائل والخيرات،
فهذا عبد تسلَّط الشيطان عليه.
قال ابن القيم رحمه الله:
"وقد تبين الفرق بين حسن الظن والغرور،
وأنَّ حسن الظن إن حمَل على العمل وحث عليه
وساعده وساق إليه فهو صحيح،
وإن دعا إلى البطالة والانهماك في المعاصي فهو غرور،
وحسن الظن هو الرجاء،
فمن كان رجاؤه جاذباً له على الطاعة
زاجراً له عن المعصية فهو رجاء صحيح،
ومن كانت بطالته رجاءً ورجاؤه بطالةً
وتفريطاً فهو المغرور.....أ . هــ
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
وإحسان الظن بالله لابد معه من تجنُّب المعاصي،
وإلا كان أمنًا من مكر الله، فحسن الظن بالله
مع فعل الأسباب الجالبة للخير
وترك الأسباب الجالبة للشر هو الرجاء المحمود.
وأما حسن الظن بالله مع ترك الواجبات
وفعل المحرمات فهو الرجاء المذموم،
وهو الأمن من مكر الله"...أ.هــ
فالمؤمن يجمع بين حسن الظن وحسن العمل
والخوف من الله تعالى، ولا تعارض بين هذا كلِّه.
يقول أنس بن مالك رضي الله عنه :
"إني لأعرف اليوم ذنوبا هي أدق في
أعينكم من الشعر، كنا نعدها على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكبائر" رواه أحمد.
ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :
"المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف
أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب
مرَّ على أنفه فقال به هكذا" رواه البخاري.
ويقول الحسن البصري رحمه الله:
إن المؤمن أذا أحسنَ الظن بربه فأحسن العملَ،
وإن الفاجر أساءَ الظن بربه فأساءَ العمل"
رواه أحمد في الزهد.
اللهم املأ قلوبنا حسنَ ظن بك.
ماقاله الشيخ ابن باز رحمه الله
عن معنى حسن الظن بالله
السؤال:
فيما معنى الحديث سماحة الشيخ:
لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالىي
قول:
ما معنى حسن الظن بالله، وجهونا في ضوء ذلك؟
الجواب:
هذا حديث صحيح، رواه مسلم في الصحيح:
لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن ظنه بالله، والله يقول
: أنا عند ظن عبدي بي، والمعنى: أنه يحسن ظنه بالله:
أن ربه جواد، وأنه كريم، وأنه غفور رحيم سبحانه،
وأنه يتوب على عباده إذا تابوا إليه، وأن فضله عظيم،
يحسن ظنه بربه، مع الجد في العمل الصالح مع التوبة.
لا يحسن الظن بالرب، ويقيم على المعاصي لا،
يحسن ظنه بربه مع العمل الصالح .. مع التوبة ..
مع الجد في الخير، أما إحسان الظن بالله
مع الإقدام على المعاصي، والإصرار عليها؛
فهذا غرور لا يجوز، لكن يحسن ظنه بربه
أنه يقبل توبته، وأنه يعفو عنه، ويجتهد
في أسباب العفو من الصدقة، والرحمة للفقراء،
وكثرة الاستغفار .. التوبة، والندم، والإقلاع .
. كثرة الأعمال الصالحات مع حسن الظن بالله،
يحسن ظنه أن الله يقبلها، وأنه لا يردها..أ.هـ
أخوتنا المؤمنون
اقول قول هذا وأستغفر الله لي ولكم
فأستغفروه أنه هو الغفور الرحيم
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم



الحمد الله الذي هدانا لهذا
وأكرمنا وأعزّنا بدين وبرسالة وبنبي حرص
علينا فنصحنا وأرشدنا لنكون خير اُمّة اخرجت للناس
وأشهد ان لا اله الا الله الملك المتعال
وأشهد أن محمداً رسول الله
أرسله الله مُبشراً ونذيراً وهادياً للصراط وسِراجاً مُنيراً
أما بعد أخوتنا المؤمنون
اتقوا الله في ما أمر وانتهوا عما نهى عنه وزجر
واتصفوا بالتسامح في مابينكم ولينوا جانبكم
تفوزون برضوان ربكم
وأعلموا أن من علامات الإيمان بالله سبحانه وتعالى
حًسن الظن به
فأحسنوا الظن بربكم تفوزون برضاه وغفرانه
وسنستكمل موضوع حًسن الظن
بالناس وكذلك سوء الظن بالله سبحانه وتعالى
في الجُمعة القادمة بإذن الله تعالى
عباد الله
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم
وأجارني الله وإياكم من خزيه وعذابه الأليم
قال تعالى في مُحكم تنزيله :
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ( 56 )
سورة الأحزاب
فأكثروا من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
في هذا اليوم المبارك يوم الجمعة
وأحسنوا الظن بالله سبحانه وتعالى
فحُسن الظن بالله هو العبادة الخالصة لله
واعملوا الخيرات وصالح الأعمال
والإكثار من الصلاة على النبي
وقراءة سورة الكهف في هذا اليوم
اللهم صلِّ وسلم وبارك على محمد
وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا
اللهم أكرمنا وأعطنا من الخير
اللهم بارك لنا واحفظنا من شرور الفتن
وأصلح حال ولاتنا وحُكامنا
وأحقن دماء المسلمين في كل مكان
بارك الله لي ولكم وجعل عملنا خالصاً لوجهه
الكريم لامعصية ولارياء ولا نفاق فيها
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم ....اندبها
[/frame] [/CENTER]

رابط الموضوع الاصلي
‫المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً ) ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلأ اللَّهُ) ( إحسان الظن بالله 1 )

http://wahjj.com/vb/showthread.php?t=29161






 

التعديل الأخير تم بواسطة الغريبة ; 10-12-2019 الساعة 04:16 AM

الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ اندبها على المشاركة المفيدة:
 (01-11-2022)
قديم 10-18-2019   #19


الصورة الرمزية اندبها
اندبها غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1037
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : منذ 3 أسابيع (05:32 PM)
 المشاركات : 29,396 [ + ]
 التقييم :  888890339
لوني المفضل : White
شكراً: 686
تم شكره 1,089 مرة في 578 مشاركة

اوسمتي

حصريات ‫المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً ) ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلأ اللَّهُ) (مخاطر سوء الظن بالله 2 )





[frame="1 10"]

كان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يبتدئ
خطبته بما يعرف بــ " خطبة الحاجة "
وهي أحسن ما ورد في حمد الله والثناء عليه .
ولفظها :
( إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِينُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ،
مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ

، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ) رواه أبو داود ،
والنسائي ، وابن ماجة .
قال تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً
وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) ( النساء )
وقال عز وجل في سورة الاحزاب:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ( الأحزاب )
إن خير الكلام كلام الله
وخير الهدي هدي محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم )
يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ
يَحْمَدُ اللَّهَ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ:
(مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْهُ
فَلَا هَادِيَ لَهُ إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ
وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ
مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ
وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ثُمَّ يَقُولُ:
بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ......
وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ
وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ نَذِيرُ جَيْشٍ
رواه (مسلم، أبو داود، النسائي، ابن ماجه، أحمد، الدارمي )

أما بعد
إخوتنا في الله
بعد أن أكرمنا الله سبحانه وتعالى بفهم
مقتضيات التوحيد وهي حُسن الظن بالله
والتسليم له سبحانه وتعالى وفهم أن عطاءه
من رزق وصحة وتيسير الأمور ونظام الكون
كل ذلك في يده ......
وكذلك غفرانه للذنوب وقبوله للتوبة وتجاوزه
عن خطايا عباده هي من رحمته سبحانه وتعالى
فقط إن أحسنّا الظن به وعلمنا أنه يبتلي خلقه
بالصعاب والشدائد ليفحص أيمانهم
وكذلك بالنِعم ليختبر إيمانهم
فهل يشكرون أم يكفروه
وهل يحسنون الظن به أم يقنطون من رحمته...
نتكلم في هذه الخطبة من خلال منبرنا هذا
عن سوء الظن بالله وهي الصفة المرادفة والمقابلة
لحُسن الظن بالله سبحانه وتعالى
فبعد أن فهمنا وتعلمنا كيف نُحسن الظن بالله
نتكلم في هذه الخطبة إن شاء الله تعالى
عن سوء الظن بالله والتبعات التى تنشأ عن هذا التصرف
وهو سوء الظن به سبحانه وتعالى ، وما مدى تأثيره
على ايماننا به سبحانه وتعالى .....
وأيضاً اخوتنا الكرام
سنستزيد ونتعلم كيف نُحسن الظن بمن حولنا
أي إحسان الظن بالمؤمنين ومدى تأثيره على حياتنا
وتعاملاتنا الخاصة والعامة وكذلك سوء الظن بالناس
فعندما نعلم ونتعرف على مصطلح سوء الظن
تلقائياً سنعرف ونفهم الصفة المرادفة
لسوء الظن وهي حُسن الظن بالله وبالناس
فسوء الظن معناه
في اللغة أصلها يدل على
القبح، فيقال مثلاً :
ساء الشيء:
إذا قَـبُح.
والسُّوء: الاسم الجامع للآفات والداء،
والسُّوءُ أيضًا بمعنى الفُجور والمنكر،
ويقال: ساءه يسوءه سوءًا
وسواء: فعل به ما يكره، نقيض سرَّه.
والاسم: السوء بالضم. وسؤت الرجل سواية ومساية،
يخففان، أي ساءه ما رآه مني.
وسؤت به ظنًّا، وأسأت به الظن.
ويقال: أسأت به وإليه وعليه وله......
أمّا الظنِّ في اللغة فيعني
ظنَّ الشَّيء ظنًّا:
علمه بغير يقين،
وقد تأتي بمعنى اليقين.
و: فلانًا. و: به: اتهمه. والظِّنة:
التهمة. والظَّنين: المتهم الذي تظن به التهمة،
ومصدره الظنة، والجمع الظنن.
ورجل ظنين: متهم من قوم أظناء
سوء الظن اصطلاحًا:
في تعريف سوء الظن قوله:
(هو التهمة والتخون للأهل والأقارب
والناس في غير محله).
وقال ابن القيِّم:
(سوء الظن: هو امتلاء القلب بالظنون
السيئة بالناس؛ حتى يطفح على اللسان والجوارح)
(سوء الظن: هو عدم الثقة بمن هو لها أهل)

إخوتنا المؤمنون
اذا كان سوء الظن هو امتلاء القلب بالظنون
السيئة بالناس ......يعتبر من المحرمات بين المسلمين
أن يسيء الظن ببعضهم بعض فينشأ بينهم
عدم الثقة .....
فصفة سوء الظن بين الناس تعتبر
من القبائح ، ويؤثم قائلها والمتعامل بها
فما بالكم اخوتنا الكرام
بسوء الظن بالله
سبحانه وتعالى ....بالطبيعي ان هذا أخطر
وأعظم على النفس من أن يسيء الظن بالله سبحانه وتعالى
عندها لامناص من ان هذا المسيء قد دخل في الكُفر
والعياذ بالله لانه ساء الظن بالله وجحد مقدرته وقدرته ....
فسوء الظن الذي يتعلق بالله سبحانه وتعالى
وبربوبيته وبالمقدسات الالهية....
تلخصها وتشرحها وتبينها هذا الأية الكريمة
في قوله تعالى :
( وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ
وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ
الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ
وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ
وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6) ...الفتح
فتُبيّن أنّ سوء الظنّ الواقع من
هؤلاء النّاس هو أنّهم يتّهمون
الله في خلقه وحكمه، ويظنون السّوء
بالرّسول عليه الصّلاة والسّلام وصحابته.
وممّا لا شكّ فيه إخوتنا في الله
أنّ سوء الظنّ بالله تعالى
يختلف اختلافاً كُليّاً عن سوء الظنّ بالآخرين؛
لأنّ سوء الظنّ بالآخرين سينتهي
غالباً بالوقوع في الإثم أو التصرّف بشكل خاطئ
مع الطّرف الآخر،
بينما سوء الظنّ بالله تعالى
يُؤدّي إلى اهتزاز ركائزَ الإيمان
وأركان التّوحيد في قلب المؤمن،
أو على الأقل سيكون دافعاً ومُحفّزاً لذلك؛
لأنّ من يظن بأنّ الله تعالى قد يُخلِف وعده
فهذا يعني أن إخلاف الوعد ينشأ إما من الجهل
أو العجز عن الأيفاء بالوعد أو عن الكذب
فتعالى الله عن هذه الصفات ....
فمن ظن ذلك على الله ...فقد كفر بالله
وتبين هذه الآيات الكريمة
الظن بأن الرسول صلى الله عليه وسلم
والمؤمنون لن ينقلبوا الى أهاليهم
وهذا سوء ظن بالرسول صلى الله عليه وسل
فقال تعالى:
( بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ
إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ
وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا (12) ..الفتح
وفي قصة المُتخلفين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
عندما تخلفوا عنه معتذرين الى الرسول عليه السلام
في قولهم الذي بينه الله تعالي في قوله:
(شغلتنا أموالنا وأهلونا)،
ما تخلّفتم خلاف رسول الله عليه الصّلاة والسّلام
وقعدتم عن صحبته من أجل شغلكم
بأموالكم وأهليكم، بل تخلّفتم
بعده في منازلكم ظنّاً منكم أنّ رسول الله ومن معه
من أصحابه سيهلكون فلا يرجعون إليكم أبداً
باستئصال العدو إيّاهم،
وزيّن الشّيطان ذلك في قلوبكم وحسّنه،
وصحّحه عندكم حتى حَسُن عندكم التخلّف عنه،
فقعدتم عن صحبته (وظننتم ظنّ السّوء).
يقول: وظننتم أنّ الله لن ينصر مُحمداً
عليه الصّلاة والسّلام
وأصحابه المُؤمنين على أعدائهم،
وأنّ العدو سيقهرهم ويغلبهم فيُقتَلوا
فقال تعالى:
( إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ
وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23) ..النجم
وقال أيضاً :
( وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ
إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28) ...النجم
يؤكّد الله تعالى في هذه الآية أنّ الظنّ لا يُجدي شيئاً،
ولا يقوم أبداً مقام الحق.
وللأستزادة أكثر ندخل لشرح أقسام سوء الظن....
أقسام سوء الظن
يمكن تقسيم سوء الظن إلى قسمين
كلاهما من الكبائر، هما:
سوء الظن بالله تعالى:
وهو أن يظنّ الإنسان بالله ظنّاً
لا يليق بمقامه تعالى؛
كمن يظنّ في قلبه أنّ الله
لن يغفر له ولن يصفح عنه،
ويدخل ضمنه كلّ ظن يُخالف
كمال قدرة الله وسعة رحمته،
وهو أكبر ذنباً من اليأس والقنوط من رحمة الله؛
لأنّه يأس وقنوط وتَعَدٍّ على كمال الله
للظنّ به ظناً لا يليق بكرمه ورحمته.
وسوء الظن بالله سبحانه وتعالى
يكون السبب للوقوع في الشرك
ومنفذ من منافذ البِدعة والضّلال
لذلك سوء الظّن بالله من أسباب
الوقوع في الشّرك،
قال ابن القيم:
(الشّرك والتّعطيل مبنيّان على
سوء الظّن بالله تعالى...) ...أ.هـ
لأنّ الشّرك هضمٌ لحقّ الربوبيّة،
وتنقيص لعظمة الله، وسوء ظنّ به،
ولهذا قال إبراهيم إمام الحنفاء عليه السلام
لخصمائه من المشركين:
﴿أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
وقال المقريزيّ:
(اعلم أنك إذا تأمّلت جميع طوائف
الضّلال والبدع وجدتَ أصل ضلالهم راجعاً إلى شيئين:
أحدهما:.. الظنّ بالله ظنّ السّوء).
أنها صفة كل مُبطل ومُبتدع:
قال تعالى:
(22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ
فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)..فُصلت
قال ابن القيم:
(كلُّ مُبطل وكافر ومُبتدع مقهور مُستذلّ،
فهو يظنّ بربّه هذا الظنّ،
وأنّه أولى بالنّصر والظّفر والعلوّ من خصومه،
فأكثر الخلق بل كلّهم إلا من شاء الله يظنّون بالله
غير الحقّ ظنّ السّوء،
وإن غالب بني آدم يعتقد أنّه مبخوس الحقّ
ناقص الحظّ، وأنّه يستحقّ فوق
ما أعطاه الله ولسان حاله يقول:
ظلمني ربيّ ومنعني ما أستحقّه.
ونفسه تشهد عليه بذلك، وهو بلسانه يُنكره،
ولا يتجاسر على التّصريح به،
ومن فتّش نفسه وتغلغل في
معرفة دفائنها وطواياها رأى ذلك فيها
كامناً ككمون النّار في الزّناد).
استحقاق لعنة الله وغضبه
لمن أساء الظن بالله سبحانه وتعالى
وتنقص من قدرته وحكمته ...
قال ابن القيم:
(توعَّد الله سبحانه الظّانين به ظنَّ السّوء
بما لم يتوعّد به غيرهم)،
كما قال تعالى:
(عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا﴾...الفتح
سبب للمُشكلات العائليّة:
من أسباب المشاكل العائليّة سوء الظنّ
من أحدهما، وغضبه قبل التذكّر
والتثبّت؛ فيقع النّزاع وربما حصل فراق،
ثم تبيّن الأمر خلاف الظّن).
من مداخل الشّيطان الموقعة في كبائر الذّنوب
قال تعالى (في سورة آل عمران):
( ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى
طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ
يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ
هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ
لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ
لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا
هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ
الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ
وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ
وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ
وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154) ..آل عمران
(فُسِّر هذا الظنُّ الذي لا يليق بالله
بأنه سبحانه لا ينصر رسوله،
وأنَّ أمره سيضمحل، وأنه يسلمه للقتل،
وقد فسر بظنهم أن ما أصابهم لم يكن بقضائه وقدره،
ولا حكمة له فيه،
ففسر بإنكار الحكمة، وإنكار القدر،
وإنكار أن يتم أمر رسوله، ويظهره على الدين كله.
وإنما كان هذا ظن السوء،
وظن الجاهلية المنسوب إلى أهل الجهل،
وظن غير الحق،
لأنه ظن غير ما يليق بأسمائه الحسنى
وصفاته العليا وذاته المبرأة من كل عيب
وسوء، بخلاف ما يليق بحكمته وحمده
وما يليق بوعده الصادق الذي لا يخلفه،
وبكلمته التي سبقت لرسله أنه ينصرهم ولا يخذلهم،
ولجنده بأنهم هم الغالبون،
فمن ظن بأنه لا ينصر رسوله،
ولا يتم أمره، ولا يؤيده ويؤيد حزبه،
ويعليهم ويظفرهم بأعدائه،
ويظهرهم عليهم، وأنه لا ينصر دينه وكتابه،
وأنه يديل الشرك على التوحيد،
والباطل على الحق إدالة مستقرة
يضمحل معها التوحيد والحق
اضمحلالًا لا يقوم بعده أبدًا،
فقد ظن بالله ظن السوء،
ونسبه إلى خلاف ما يليق بكماله
وجلاله وصفاته ونعوته،
فإن حمده وعزته وحكمته وإلهيته
تأبى ذلك، وتأبى أن يذل حزبه وجنده،
وأن تكون النصرة المستقرة والظفر الدائم
لأعدائه المشركين به العادلين به،
فمن ظن به ذلك فما عرفه ولا عرف
أسماءه ولا عرف صفاته وكماله...أ.هــ

وقال سبحانه ( في سورة فًصلت ):
( وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ
وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ
أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ ( 22 )
وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ
فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23 ) .... فصلت
(هذا الظن كفر وجهل بالله
وسوء معتقد يؤدي إلى تكذيب الرسل
والشك في علم الإله)
قال السعدي:
("وَلَكِن ظَنَنتُمْ" بإقدامكم على المعاصي "
أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ"
فلذلك صدر منكم ما صدر،
وهذا الظن، صار سبب هلاكهم وشقائهم ولهذا قال:
"وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ"
الظن السيئ، حيث ظننتم به،
ما لا يليق بجلاله. "أَرْدَاكُمْ"
أي: أهلككم "فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ"
لأنفسهم وأهليهم وأديانهم بسبب الأعمال
التي أوجبها لكم ظنكم القبيح بربكم،
فحقت عليكم كلمة العقاب والشقاء،
ووجب عليكم الخلود الدائم، في العذاب،
الذي لا يفتر عنهم ساعة)
- ثم أوضح الله الخُسران بقوله تعالى
( وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ
وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ
علَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا 6 ) ...سورة الفتح
قال ابن القيم:
(توعد الله سبحانه الظانين به ظنَّ السوء
بما لم يتوعد به غيرهم، كما قال تعالى:
(عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا))...أ.هــ
وقال الشوكاني في قوله تعالى:
((وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ)
أي: يعذبهم في الدنيا بما يصل إليهم
من الهموم والغموم بسبب ما يشاهدونه
من ظهور كلمة الإسلام، وقهر المخالفين له،
وبما يصابون به من القهر والقتل والأسر،
وفي الآخرة بعذاب جهنم..
((عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ)) أي:
ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين دائر عليهم،
حائق بهم، والمعنى: أن العذاب والهلاك الذي
يتوقعونه للمؤمنين واقعان عليهم نازلان بهم...
((وغضب الله عليهم ولعنهم
وأعد لهم جهنم وساءت مصيرًا)
أخوتنا في الله
من هنا نفهم أن سوء الظن بالله طريق للشرك به
وكُفراً بأنعمه وقدرته في تسيير أمر مخلوقاته
وأيضاً هو تقليل من قيمته سبحانه وتعالى
وجعله لايفي بوعده في إحداث النصر
لبنيه وللمسلمين وايضاً لمنع الظُلم
وتفريج الكُرب
وهذا التشكيك والتقليل من القيمة هو
سوء ظن به سبحانه وتعالى
ويؤدي ذلك الى الكفر والعياذ بالله ....
وكل الأيات التى ذّكرت أنفاً هي توضيح
لهذه النقطة وهي الأساءة لله سبحانه وتعالى
والتشكيك في قدرته وحكمته وعفوه وغفرانه ....
فمن يسيء الظن بالله سبحانه وتعالى
قد وصفهم الله بصفات النفاق من كلا الجنسين
والمشركين والمشركات والظانين بالله ظن السوء
أعد له الله عز وجل إستحقاق يستحقه
هو الغضب عليه واللعن وجهنم مثوى له
وما توعده سبحانه وتعالى لهولاء
الذين ذكرهم إلا لأنهم ظنوا السوء بالله
فدخلوا في دائرة الغضب واللعن ونار جهنم
عافانا الله وأياكم اخوتنا في الله من هذه الصفة
وهذا الفعل المشين ......
أما بالنسبة لآثار سوء الظن بالله
ومايترتب عليه كما تم ذكرها :
1- سبب للوقوع في الشرك والبدعة والضلال:
2- أنها صفة كل مُبطل ومبتدع :
3- سبب في استحقاق لعنة الله وغضبه:
فجعلنا الله وإياكم ممن يُحسنون الظن به
فيرجون رحمته وصفحه وغفران

والنوع الثاني من سوء الظن
هو سوء الظّن بين المسلمين:
ومن هنا اخوتنا الكرام
ناتي للنوع الثاني من سوء الظن
والذي يختص بعادة وسلوك وصفة
لايفترض أن يتحلى بها المسلم تجاه
أخوته المسلمين إناثاُ وذكوراً
وهو ممّا لا يُقبل أيضاً وممّا يُعاقب
فاعله لكونه من الكبائر؛ إذ يُلصق بالمسلم
ما لا علاقة له به إنّما حكم بمجرّد تهيّؤات
وخيالات، وهو ممّا سيَحمِلُ مُسيء الظنّ
على احتقار من أساء الظنّ به، وعلى عدم
القيام بحقوقه وإطالة اللّسان عليه .
آثار سوء الظّن إنّ لسوءِ الظنّ مآلٌ
وآثارٌ سلبية؛ فقد تعزلُ الفرد عن مُجتمعه،
وتجعله خائفاً منهم مُعتقداً أنّهم قد يمسّونه
بسوء في أي وقت، فيُفضّل البقاء مُنعزلاً
بذاته نفسيّاً واجتماعيّاً، ممّا قد يُؤدّي بشخصيّته
وثقته بنفسه مع مرور الأيام.
ومن هذه الآثار:
سبب في مرض القلب، وعلامة على خبث الباطن:
قال الغزالي:
(مهما رأيت إنساناً يُسيء الظنّ بالنّاس
طالباً للعيوب فاعلم أنّه خبيث الباطن،
وأنَّ ذلك خبثه يترشح منه،
وإنّما رأى غيره من حيث هو،
فإنّ المُؤمن يطلب المعاذير،
والمُنافق يطلب العيوب،
والمُؤمن سليم الصدر في حقّ كافّة الخلق).
لا نفع من عباداته ما دام يظنّ السّوء بغيره:
لأنّ ظنّ السّوء يُعتبر من الذّنوب والآثام،
وعلى المسلم أن يُصلح نفسه قبل أن يظنّ
بالنّاس ظنّاً ليس في محلّه، فيؤثم نفسه،
ويظلم النّاس، وعليه أن يتجنّب إطلاق
الحكم على غيره من الافراد، وأن يتقي التسرّع،
فإن أتاهُ عن أخيه شيء سيّء فعليه ألّا يُصدّقه
وينفيه عنه، بل وعليه ألّا يُعطي الفرصة
لعينيه التّصديق ولا لعقله التّفكير في ذلك،
فما لم يَرَهُ بعينيه فهو ليس مُتثبّتاً منه،
لأجل ذلك لا يجب أن يُصدّقه.
وهذا النوع من سوء الظن
وهو الخاص بالمسلمين في مابينهم وهنا
نستشهد بقول الله سبحانه وتعالى في بيان أن سوء الظن
حتى وإن قّل ففيه الأثم
ففي سورة الحجرات قال تعالى منبهاً عباده المؤمنين
أن يجتنبوا الظن السيء إن كَثُر أو قلّ
وجعله من الصفات المذمومة التى يُحاسب صاحبها
فقال سبحانه وتعالى:
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ
إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا
وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ
أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ( 12 ( ...الحجرات
قال ابن كثير:
(قال تعالى ناهيًا عباده المؤمنين
عن كثير من الظن، وهو التهمة والتخون
للأهل والأقارب والناس في غير محله؛
لأن بعض ذلك يكون إثمًا محضًا،
فليجتنب كثير منه احتياطًا)
وقال السعدي:
(نهى الله تعالى عن كثير من الظن السوء بالمؤمنين
، فــ "إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ"،
وذلك كالظن الخالي من الحقيقة والقرينة،
وكظن السوء، الذي يقترن به كثير من
الأقوال، والأفعال المحرمة،
فإن بقاء ظن السوء بالقلب،
لا يقتصر صاحبه على مجرد ذلك،
بل لا يزال به، حتى يقول ما لا ينبغي،
ويفعل ما لا ينبغي، وفي ذلك أيضًا،
إساءة الظن بالمسلم، وبغضه،
وعداوته المأمور بخلاف ذلك منه)[8].
قال تعالى ( في سورة النجم):
( وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ
وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ( 28 ) ...النجم
يؤكّد الله تعالى في هذه الآية أنّ الظنّ لا يُجدي
شيئاً، ولا يقوم أبداً مقام الحق.
سوء الظنّ في السنّة النبويّة
تحدّث الرّسول الكريم صلى الله عليه وسلم
في كثير من الأحاديث عن هذه الآفة
منها هذا الحديث الذي رواه
ابي هريرة رضي الله عنه
عن النَّبي عليه الصّلاة والسّلام
أنّه قال:
(إيَّاكم والظَّن، فإنَّ الظَّن أكذب الحديث،
ولا تحسَّسوا، ولا تجسَّسوا، ولا تحاسدوا،
ولا تدابروا، ولا تباغضوا،
وكونوا عباد الله إخوانًا) ..صحيح البخاري
قال النَّووي:
(المراد: النَّهي عن ظنِّ السَّوء)،
قال الخطَّابي:
(هو تحقيق الظَّن وتصديقه دون ما يهجس
في النَّفس، فإنَّ ذلك لا يُمْلَك.
ومراد الخطَّابي أنَّ المحَرَّم من الظَّن
ما يستمر صاحبه عليه، ويستقر في قلبه،
دون ما يعرض في القلب ولا يستقر،
فإنَّ هذا لا يكلَّف به).
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال:
(نظر رسول الله عليه الصّلاة والسّلام
إلى الكعبة، فقال: (ما أعظم حُرْمَتك)).
وفي رواية أبي حازم:
(لما نظر رسول الله عليه الصّلاة والسّلام
إلى الكعبة، قال: مرحبًا بك من بيت،
ما أعظمك وأعظم حُرْمَتك،
ولَلْمؤمن أعظم حُرْمَة عند الله منكِ،
إنَّ الله حرَّم منكِ واحدة، وحرَّم
من المؤمن ثلاثًا: دمه، وماله،
وأن يُظنَّ به ظنَّ السَّوء)صححه الألباني
في ( السلسلة الصحيحة )
قال الغزالي :
(فلا يُستباح ظنُّ السُّوء إلا بما يُستباح به المال،
وهو نفس مشاهدته أو بيِّنةٍ عادلةٍ.
فإذا لم يكن كذلك، وخطر لك وسواس سوء الظَّن،
فينبغي أن تدفعه عن نفسك، وتقرِّر
عليها أنَّ حاله عندك مستور كما كان،
وأنَّ ما رأيته منه يحتمل الخير والشَّر.
فإنْ قلت: فبماذا يُعرف عقد الظَّن
والشُّكوك تختلج، والنَّفس تحدِّث؟ فتقول:
أمارة عقد سوء الظَّن أن يتغيَّر القلب
معه عما كان، فينفِر عنه نُفُورًا ما،
ويستثقله، ويفتر عن مراعاته، وتفقُّده وإكرامه،
والاغتمام بسببه. فهذه أمارات عقد الظَّن وتحقيقه).[١٣]
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله علية وسلم
، قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ،
وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا،
وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا".
أخرجه أحمد والبُخاري
فسوء الظن يؤدي إلى الخصومات والعداوات
وتقطع الصلات ، قال تعالى:
﴿ وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ
وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ﴾ [النجم: 28].
متى يكون سوء الظن محرماً
وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن سوء الظن
يكون محرمًا إذا توافرت فيه ثلاث شروط:
أولها:
أن يكون من يُساء به الظن مسلمًا.
ثانيها:
أن يستقر سوء الظن في النفس
وتصير التهمة التي يتهم المسلم أخاه
بها شيئًا يترتب عليه أن يعامل المسلم
أخاه حسبما استقر في نفسه،
أي بمعنى أن يستقر في نفس المُسيء
للطرف الأخر شيء من البُغض والكُره
والجفاء والهجران والترك والأهمال
كل ذلك نتيجة ما ترتب عليه سوء الظن به
ظُلماً وعدواناً بغير حق ....
ثالثها:
أن يكون المتهم الذي يساء الظن به
ظاهر الصلاح والعدالة بمعنى أنه غير
مرتكب لكبيرة ولا مُصِرّ على صغيرة
فيما يبدو للناس، أما فيما بينه وبين
الله تعالى فلا دخل للعباد فيه.
أقوال السلف والعلماء في سوء الظن
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
(إذا استولى الصلاح على الزمان وأهله،
ثم أساء رجل الظن برجل لم تظهر منه خزية فقد ظلم)
وعنه أيضًا: (ليس من العدل القضاء على الثقة بالظن)
- وقال ابن عباس:
(إنَّ الله قد حرم على المؤمن من المؤمن
دمه وماله وعرضه، وأن يظنَّ به ظنَّ السوء)
- وقال ابن مسعود:
(الأمانة خير من الخاتم،
والخاتم خير من ظنِّ السوء) .
- وقال سلمان الفارسي:
(إني لأعد غراف قدري مخافة الظن)
- وقال ابن عطية: (كان أبو العالية يختم على
بقية طعامه؛ مخافة سوء الظن بخادمه) .
- وقال القاضي عياض: (ظن السوء بالأنبياء كفر) .
- وقال الغزالي: (سوء الظن غيبة بالقلب)
- وقال الخطابي: (الظن منشأ أكثر الكذب)
وقال إسماعيل بن أمية:
(ثلاث لا يعجزن ابن آدم: الطيرة وسوء الظن
والحسد. قال: فينجيك من الطيرة ألا تعمل بها،
وينجيك من سوء الظن ألا تتكلم به،
وينجيك من الحسد ألا تبغي أخاك سوءًا) .
- وقال الحارث المحاسبي:
(احم القلب عن سوء الظن بحسن التأويل)
وكان الإمام الشافعي رحمه الله يقول:
"من أحب أن يختم له بخير فليحسن الظن بالناس".
أخوتنا المؤمنون
اقول قول هذا وأستغفر الله لي ولكم
فأستغفروه أنه هو الغفور الرحيم
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
الحمد الله الذي هدانا لهذا
وأكرمنا وأعزّنا بدين وبرسالة وبنبي حرص
علينا فنصحنا وأرشدنا لنكون خير اُمّة اخرجت للناس
وأشهد ان لا اله الا الله الملك المتعال
وأشهد أن محمداً رسول الله
أرسله الله مُبشراً ونذيراً وهادياً للصراط وسِراجاً مُنيراً
لعلنا أخوتنا الكرام نسأل ونقول
ماهي الأسباب التى تؤدي بالأنسان
الى أن يسيء الظن بمن حوله....؟
حتى يتم الأبتعاد عنها والتحرز منها
لكي لاتكون ألسبب او الدافع لسوء الظن بالأخرين
فأسباب الوقوع في سوء الظن كما بينها العلماء
هي كاالآتي:
1- الجهل بالشرع، وسوء الفهم أو القصد:
(ما يرى وما يقرأ ومرمى ذلك،
وعدم إدراك حكم الشرع الدقيق في
هذه المواقف خصوصًا إذا كانت المواقف غريبة،
تحتاج إلى فقه دقيق، ونظر بعيد،
يجعل صاحبه يبادر إلى سوء الظن،
والاتهام بالعيب، والانتقاص من القدر،
ومن الأمثلة على ذلك في عدم فهم المقصد الشرعي
أو مصلحة الدين الشرعية ....
مثال على ذلك مافعله الجهول ( ذي الخويصرة )
، لما أساء الظنَّ بالرسول صلى الله عليه وسلم
واتهمه بعدم الإخلاص، فقال:
اعدل يا محمد، فما عدلت،
هذه قسمة ما أريد بها وجه الله
لقد دفعه إلى الظن السيئ والفعل القبيح
جهله وسطحية فهمه،
وقلة فقهه لمقاصد الشريعة
ومصالح الدين الشرعية)
2- الصُحبة السيئة
وقد ورد في كتاب ( روضة العقلاء )
لأبن حبان قول أبو حاتم البستي :
(صحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار،
ومن خادن الأشرار لم يسلم من الدخول
في جملتهم، فالواجب على العاقل أن يجتنب
أهل الريب؛ لئلا يكون مريبًا، فكما أنَّ صحبة الأخيار
تورث الخير كذلك صحبة الأشرار تورث الشرَّ
3 ـ إيقاع الأنسان لنفسه في مواقع سوء الظن
قال عمر رضي الله عنه وأرضاه :
(من أقام نفسه مقام التهم فلا يلومنَّ من أساء به الظنَّ)
4 ـ الحقد على الأخرين
قال أبو طالب المكي :
(سوء الظنِّ ما ظننته من سوء رأيك فيه،
أو لأجل حقد في نفسك عليه،
أو لسوء نية تكون
أو خبث حال فيك،
تعرفها من نفسك؛ فتحمل حال أخيك
عليها وتقيسه بك، فهذا هو سوء الظن والإثم
5 ـ الغيرة المُفرطة
قال علي رضي الله عنه :
(لا تكثر الغيرة على أهلك، فتُرمى بالسوء من أجلك)
الوسائل المعينة على ترك سوء الظن
فسوء الظن بالناس بغير حق يترتب عليه :
1- يورث الإنسان الأخلاق السيئة:
كالجبن والبخل والشح والحقد والحسد والتباغض
قال ابن عباس:
(الجبن والبخل والحرص غرائز
سوء يجمعها كلها سوء الظن بالله عز وجل)
وقال ابن القيم:
(الشحُّ فهو خلق ذميم يتولد
من سوء الظن، وضعف النفس، ويمده وعد الشيطان)
وقال المهلب:
(التباغض والتحاسد أصلهما سوء الظنِّ
، وذلك أن المباغض والمحاسد يتأول أفعال
من يبغضه ويحسده على أسوأ التأويل)
2 - من أساء الظن أساء العمل:
قال الطبري -بسنده إلى الحسن-
(تلا الحسن:
( وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ )
فصلت: 23 فقال:
إنما عمل الناس على قدر ظنونهم بربهم؛
فأما المؤمن فأحسن بالله الظن، فأحسن العمل
، وأما الكافر والمنافق، فأساءا الظن فأساءا العمل)
3ـ سبب في وجود الأحقاد والعداوة:
فإن الظن السيئ يزرع الشقاق بين المسلمين،
ويقطع حبال الأخوة، ويمزق وشائج المحبة،
ويزرع العداء والبغضاء والشحناء)
قال ابن القيم:
(أما سوء الظن فهو امتلاء قلبه بالظنون
السيئة بالناس، حتى يطفح على لسانه
وجوارحه فهم معه أبدًا في الهمز واللمز
والطعن والعيب والبغض، يبغضهم ويبغضونه
ويلعنهم ويلعنونه ويحذرهم ويحذرون منه ...
ويلحقه أذاهم ..
خارج منهم مع الغش والدغل والبغض)
4- يؤدي إلى تتبع عورات المسلمين:
قال الغزالي: (من ثمرات سوء الظن التجسس،
فإنَّ القلب لا يقنع بالظنِّ، ويطلب التحقيق
فيشتغل بالتجسس وهو أيضًا منهي عنه،
قال الله تعالى:
( وَلا تَجَسَّسُوا ) الحجرات: 12
فالغيبة وسوء الظن والتجسس منهي عنه
في آية واحدة، ومعنى التجسس أن لا يترك
عباد الله تحت ستر الله، فيتوصل إلى
الاطلاع وهتك الستر؛ حتى ينكشف له
ما لو كان مستورًا عنه كان أسلم لقلبه ودينه)
5- سبب للمشكلات العائلية:
ومن أسباب المشاكل العائلية سوء الظن
من أحدهما وغضبه قبل التذكر والتثبت؛
فيقع النزاع وربما حصل فراق،
ثم تبين الأمر خلاف الظن
وقال ابن القيم:
(الغيرة مذمومة منها غيرة يحمل
عليها سوء الظن، فيؤذى بها المحب محبوبه
، ويغري عليه قلبه بالغضب، وهذه الغيرة
يكرهها الله إذا كانت في غير ريبة،
ومنها غيرة تحمله على عقوبة المحبوب
بأكثر مما يستحقه)
6- إضعاف الثقة بين المؤمنين
من مداخل الشيطان الموقعة في كبائر الذنوب:
قال الغزالي:
(من عظيم حيل الشيطان..
سوء الظن بالمسلمين، قال الله تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ
إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) الحجرات: 12،
فمن يحكم بشرٍّ على غيره بالظن
بعثه الشيطان على أن يطول فيه اللسان بالغيبة،
فيهلك أو يقصر في القيام بحقوقه،
أو يتوانى في إكرامه، وينظر إليه بعين الاحتقار،
ويرى نفسه خيرًا منه، وكلُّ ذلك من المهلكات)
7- سبب في مرض القلب، وعلامة على خبث الباطن:
قال الغزالي:
(مهما رأيت إنسانًا يسيء الظن بالناس
طالبًا للعيوب، فاعلم أنه خبيث الباطن
وأنَّ ذلك خبثه يترشح منه،
وإنما رأى غيره من حيث هو،
فإن المؤمن يطلب المعاذير،
والمنافق يطلب العيوب،
والمؤمن سليم الصدر في حق كافة الخلق)
8- يسبب عدم الثقة بالآخرين:
قال الزمخشري:
(قيل لعالم: من أسوأ الناس حالًا؟ قال:
من لا يثق بأحد لسوء ظنَّه، ولا يثق به أحد لسوء فعله)
هذه هي أخوتنا المؤمنون
نتائج السوء بالظن بالناس ومايترتب عليه
من مساوي الاخلاق والصفات
فوجب أن نحطاط ونحذر من سوء الظن في الناس
وان لا نجعل هذه الصفة هي المقياس
للحكم بين الناس بالظن وليس باليقين المبني على
شواهد ملموسة حقيقية
وحتى وأن كان هناك شواهد وأدلة حقيقية
فلا يجب أن يتم فضح صاحبها بين الناس
بل وجب أن نُحسن اليه ونُحسن الظن به
حتى يرتدع ويتوب وبذلك نكون قد أصلحنا من شانه
فان لم نستطيع فعل ذلك فلنسكت
ولا نتكلم بسوء ظن عليه .....
الأسباب التى تعيننا على حُسن الظن بالآخرين
أما كيفية الأستعانة بالأسباب
التى تعيننا على حًسن الظن بالآخرين
ومن هذه الأسباب:
1 ـ ذكر الله تعالى والأستعاذة من الشيطان
فقد قال تعالى في سورة الاعراف :
( إِنَّ وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِين 196 ).
هذا اذا كان سوؤ الظن الوارد متعلق بالله سبحانه وتعالى
فمما ورد في علاد ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا ، من خلق كذا
حتى يقول : من خلق ربك ...؟ فإذا بلغه فليستعذ
بالله ولينته ......رواه مُسلم في صحيحه
2 ـ مجاهدة النفس وكفها عن الأسترسال
في ظنونها .....
3 ـ معرفة الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته
فقد قال أبن القيم في كتابه
( زاد الميعاد ) قوله:
أكثر الناس يظنون بالله غير الحق ظنَّ السوء
فيما يختص بهم، وفيما يفعله بغيرهم،
ولا يسلم عن ذلك إلا من عرف الله وعرف أسماءه
وصفاته، وعرف موجب حمده وحكمته،
فمن قنط من رحمته وأيس من روحه،
فقد ظن به ظن السوء ) ....
أما بالنسبة لسوء الظن بالناس في مابينهم
فوجب التحقق من
4 ـ الصحبة الصالحة التى تؤمر بالمعروف
وتنهاه عن المُنكر ، وترك صحبة الأشرار سييء الظن
فقد قال تعالى: في سورة آل عمران :
) كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ
أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ
وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ 110 (
قال أبو حاتم البستي :
(الواجب على العاقل أن يجتنب أهل الريب
لئلا يكون مريبًا، فكما أن صحبة الأخيار
تورث الخير كذلك صحبة الأشرار تورث الشرَّ)
5 ـ العلم ومعرفة الحُكم الشرعي لسوء الظن
حتى يتحرز الأنسان ويعرف مُسبقاً المخاطر
والذنوب والآثام في إساءة الظن بالآخرين ...
6 ـ عدم الأصرار على سوء الظن
فقد قال تعالى في سورة آل عمران :
(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ
ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ
وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا
عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)
أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ
وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ
فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)...آل عمران
7 ـ ترك تتبع عمرات الناس وعيوبهم
وهذه من السيئات والقبائح أن يتتبع الأنسان
عيوب الأخرين وعوراتهم فإن فعل ذلك
فسيسهل عليه الطعن فيهم والأساءة الظن بهم
فقد قال تعالى في هذا الامر الخطير:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ
إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ
بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَر
ِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ( 125 ) ..الحجرات
8 ـ أن يحرص على أن يتأول ما ظاهرة السوء
وأن يجد له مخرجاً
أي أن يتأول أن أي سوء حتى وأن كان ظاهراً
يتأوله ويفسره على غير حقيقته فيبحث
له عن مخرج أو حجة ، وأن يلتمس لهم الأعذار
حتى لايقع في إساءة الظن بصاحبه
فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
لا يحل لامرئٍ مسلم سمع من أخيه كلمة
أن يظنَّ بها سوءًا، وهو يجد لها في
شيء من الخير مخرجًا.....
فعند صدور قول أو فعل يسبب لك ضيقًا
أو حزنًا حاول التماس الأعذار،
واستحضر حال الصالحين الذين كانوا
يحسنون الظن ويلتمسون المعاذير
حتى قالوا: التمس لأخيك سبعين عذرا.
• قال ابن سيرين رحمه الله:
إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرا،
فإن لم تجد فقل: لعل له عذرا لا أعرفه".
ويقول أبن عباس رضي الله عنه :
ما ينبغي عن أخ مكروه قط الا أنزلته أحدى ثلاث
منازل : إن كان فوقي عرفت له قدره
وأن كان نظيري تفضلت عليه
وأن كان دوني لم أحفل به ...
فهذه سيرتي في نفسي ، فمن رغب عنها
فأرض الله واسعة ......
9ـ إنزال النفس منزلة الغير:
قال ابن القيم رحمه الله -:
(وما رأيت أحدًا قطُّ أجمع لهذه الخصال
من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
وكان بعض أصحابه الأكابر يقول:
( وددت أني لأصحابي مثله لأعدائه وخصومه!
وما رأيته يدعو على أحدٍ منهم قطُّ،
وكان يدعو لهم). قال:
(وجئت يومًا مبشّرًا له بموتِ أكبر أعداءه،
وأشدّهم عداوةً وأذىً له، فنهرني،
وتنكّر لي واسترجع. ثم قام من فوره إلى أهل بيته
أي ذلك الخصم الذي مات
فعزّاهم، وقال: (أنا لكم مكانه،
ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه
إلى مساعدة إلا وساعدتكم فيه). ..
فسُّروا به ودعوا له، وعظّموا هذه الحال منه،
فرحمه الله ورضي عنه)
10 ـ حمل الكلام على أحسن المحامل:
فها هو الإمام الشافعي رحمه الله
حين مرض وأتاه بعض إخوانه يعوده
، فقال للشافعي: قوى لله ضعفك، قال الشافعي:
لو قوى ضعفي لقتلني، قال:
والله ما أردت إلا الخير. فقال الإمام:
أعلم أنك لو سببتني ما أردت إلا الخير.
فهكذا تكون الأخوة الحقيقية إحسان الظن بالإخوان
حتى فيما يظهر أنه لا يحتمل وجها من أوجه الخير.
هكذا كان دأب السلف رضي الله عنهم.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا،
وأنت تجد لها في الخير محملاً".

وفي ختام هذه الخُطبة أقول
كما قال أحد العلماء
إن الإسلام دين يدعو إلى حسن الظن بالناس
والابتعاد كل البعد عن سوء الظن بهم؛
لأن سرائر الناس ودواخلهم
لا يعلمها إلا الله تعالى وحده،
قال تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا
مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا
وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ
يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)...الحجرات
أتقوا الله في ما أمر وأنتهوا عما نهى عنه وزجر
وأتصفوا بالتسامح في مابينكم ولينوا جانبكم
تفوزون برضوان ربكم
وأعلموا أن من علامات الأيمان بالله سبحانه وتعالى
حًسن الظن به
فحُسن الظن بالله هو العبادة الخالصة لله
ليس أريح لقلب العبد في هذه الحياة
ولا أسعد لنفسه من حسن الظن، فبه يسلم
من أذى الخواطر المقلقة التي تؤذي النفس،
وتكدر البال، وتتعب الجسد.
إن حسن الظن يؤدي إلى سلامة الصدر
وتدعيم روابط الألفة والمحبة بين أبناء المجتمع
، فلا تحمل الصدور الغِل ولا الحسد ولا الحقد...
عباد الله
نفعني الله واياكم بالقرآن الكرم
وأجارني الله وأياكم من خزيه وعذابه الأليم
قال تعالى في مُحكم تنزيله :
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ( 56 ) سورة الأحزاب
فأكثروا من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
في هذا اليوم المبارك يوم الجمعة
وأعملوا الخيرات وصالح الأعمال
والأكثار من الصلاة على النبي
وقراءة سورة الكهف في هذا اليوم
اللهم صلِّ وسلم وبارك على محمد
وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا
اللهم أكرمنا وأعطنا من الخير
اللهم بارك لنا وأحفظنا من شرور الفتن
وأصلح حالنا وحال ولاتنا وحُكامنا
وأحقن دماء المسلمين في كل مكان
بارك الله لي ولكم وجعل عملنا خالصاً لوجهه
الكريم لامعصية ولارياء ولا نفاق فيها
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم ....اندبها
[/frame]

رابط الموضوع الاصلي

http://wahjj.com/vb/showthread.php?t=29173

‫المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً ) ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلأ اللَّهُ) (مخاطر سوء الظن بالله 2 )




 

التعديل الأخير تم بواسطة الغريبة ; 10-24-2019 الساعة 09:28 PM

الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ اندبها على المشاركة المفيدة:
 (01-11-2022)
قديم 04-04-2020   #20


الصورة الرمزية اندبها
اندبها غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1037
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : منذ 3 أسابيع (05:32 PM)
 المشاركات : 29,396 [ + ]
 التقييم :  888890339
لوني المفضل : White
شكراً: 686
تم شكره 1,089 مرة في 578 مشاركة

اوسمتي

حصريات المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً ) ( عند الجوائح لاينفع الاّ الدعاء لرفعه)



[frame="1 10"]




كان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يبتدئ
خطبته بما يعرف بــ " خطبة الحاجة "
وهي أحسن ما ورد في حمد الله والثناء عليه .
ولفظها :

( إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِينُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ) رواه أبو داود ،
والنسائي ، وابن ماجة .
قال تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) ( النساء )
وقال عز وجل في سورة الاحزاب:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ( الأحزاب )
أن خير الكلام كلام الله
وخير الهدي هدي محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم )
يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ
يَحْمَدُ اللَّهَ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ:
(مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ
وَمَنْ يُضْلِلْهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ
إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ
هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا
وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ
وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ثُمَّ يَقُولُ:
بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ......
وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ
وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ نَذِيرُ جَيْشٍ
رواه (مسلم، أبو داود، النسائي،
ابن ماجه، أحمد، الدارمي )

أما بعد
أخوتنا في الله
( كان من المفترض أن يتم تنزيل هذه الخطبة يوم الجمعة
ولكن لسوء الأتصالات لم اتمكن في فعل ذلك
ولكن حسبي أنها ستصل لكم في أي وقت ....)
في هذا المنبر لهذه الجمعة
وكلنا في البيوت نصلي الظهر ونتحسر على
صعود الأمام للمنبر ليًسمعنا ماغاب عنّا ويعلمنا ماجهلنا
ولكن حسبنا أننا نتواصل بقلوبنا حتى وأن لم
نجتمع لنتعلم ونزداد فهم في كيف يتعوذ
الرسول صلى الله عليه وسلم
من مثل هذه الأسقام....
ولكن قبل ذلك فلنتوقف قليلاً لنتعلم ونفهم معنى
كلمة الكثير من الناس يمر عليها ولايفهم معناها
وذلك للأسف لابتعادنا عن ديننا وعن أحاديث
رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وفهم احد فروع الفقه
وهو فقه البيوع التي اتت فيه هذه الكلمة
وهي كلمة ( الجائحة أو الجوائح )
وترجمتها لغوياً تعني:
مفردها : جائحة
جمعها : جائحات وجوائحُ
وتعني مًصيبة تحل بالرجل في ماله فتجتاحه كله
فنقول عنه فلان أصابته جائحة هذا العام ....
وقد أتت كلمة جوائح في هذا الحديث :
حيث يُخبِرُ جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما:
( أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى عن بَيعِ السِّنينَ
وأمر بوضع الجوائح ......)
الراوي:جابر بن عبدالله المحدث:
ابن القيم المصدر
:أعلام الموقعين الجزء أو الصفحة:2/257
حكم المحدث:صحيح
والنهي عن بيع السُنين يعني:
، وهو بَيْعُ ثَمَرِ نَخلةٍ أو نَخلاتٍ بأعيانِها
أو ما شابَه سَنتَينِ أو ثلاثًا؛
ومِن المعلومِ أنَّ هذا الثَّمَرَ لم يُخْلَقْ بَعْدُ؛
فيكونُ في بَيعِه غَرَرٌ وخِداعٌ.
"وأمَر بوَضعِ الجَوائِحِ"

والجائِحَةُ: هي الآفَةُ التي تُصيبُ الثَّمرَةَ،
وتُؤدِّي إلى استِئْصالِها،
وهيَ كُلُّ ظاهِرٍ مُفسِدٍ مِن مَطَرٍ، أو بَرْدٍ، أو جَرادٍ،
أو رِيحٍ، أو حَرِيقٍ، سماوي لا دخل للإنسان فيه ..
والمُرادُ بـوَضْعِ الجَوائِحِ:
أن يَحُطَّ البائِعُ مِن الثَّمَنِ بما يُوازي ما أتلَفَتْه
الجائِحةُ من الثِّمارِ
وفي الحديثِ: الحثُّ على التَّخفيفِ
عن المَدينِ إذا أصابَه ما يُتلِفُ مالَه ويَستأصِلُه،
وعلى التكافُلِ الاجتِماعيِّ بين النَّاسِ،
وخاصَّةً في المُلِمَّاتِ والمصائِبِ
وهذا معنى وضع الجوائح ......
وما ذكري اخوتي الكرام لهذا الحديث الا لبيان أن كلمة
جوائح اتت فيه ، فلهذا السبب تكلمت قليلاً
عن هذه الفرع
من فروع فقه البيوع .....

الأخوة الكرام
إن مايمر به العالم هذه الأيام من ابتلاء عظيم
كفيل بأن يجعل كلُ ذي لُب وعقل وقلب يفهم أنه لا يساوي
شيء أمام قدرة الله سبحانه وتعالى
مهما علاء صوت من يقول اننا تحكمنا في حياتنا
وسُبل معيشتنا بالتقدم العلمي المزعوم وبالتقنيات المأهولة
وبأننا نسيطر على مجريات حياتنا بالتمام والكمال
وبأن كل شيء في هذه الأرض تحت التحكم
ولامناص من عدم
قبولها لأوامرنا ومتطلباتنا ليل نهار.....
وقد غاب عن ذهنهم وفكرهم أن عطايا الأرض
والسماء لكل المخلوقات هي بأمر الله سبحانه وتعالى
وبموافقته جلا جلاله وبتيسيره لانه رب الناس ....
فأراد الله سبحانه وتعالى أن يذكرهم ويذكرنا ويذكر كل مخلوق
أنه لا يساوي جناح بعوضة عند الله سبحانه وتعالى
وأنه إن لم يلتزم بأوامر الله وبقوانينه والرجوع لجادة الصواب
في عدم التجبر على بعضهم بعض
والتحكم في سُبل معيشة بعضهم بعض
وتحقير بعضهم بعض، وإثارة القلاقل والحروب وخلق المجاعات
والفساد والإفساد بين الناس في هذه الأرض
ضناً من هؤلاء أنهم يسيطرون على مجريات حياتهم
فلا حاجة لمعبود ولا حاجة لرب
يرجعون اليه للحاجة وطلب المعونة
وكأن كل شيء بين أيديهم فلا حاجة للألوهية أو الربوبية
فإن فعلوا ذلك وهم بالفعل يفعلونه....
فسيتلقون من الله سبحانه وتعالى الابتلاء بجميع صنوفه
فلا يقدرون رد أمر الله أو منعه .....
هنا يصدق في هؤلاء قول الله سبحانه وتعالى
عليهم وعلى أشباههم
حيث قال :
( حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ
وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا
لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ
بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) سورة يونس
نعم اخوتنا المؤمنون فقد ضن هذا العالم في هذا الزمن
انهم قادرون على مجريات حياتهم
ولن يكون هناك إجبار أو إكراه
لهم لأتخاذ تدابير وسُبل معيشة مخالفة لما تعودوا عليه
فكثر فيهم الكفر والضلال والفُسق وسوء الأخلاق
والتهجم على المعتقدات والتشريعات الدينية وجعلها موروثات
قديمة بالية لاتنفع لهذا العصر وأنهم ليسوا في حاجة لهذا الامر
فالكفار في أصلهم يكفرون بالله ولا يعتقدون بصحة رسالة
رسولنا المصطفي صلى الله عليه وسلم وهذا من أصول حياتهم
ومعيشتهم ، حتى شرائعهم تم تبديلها وتغييرها
فنسخها الله سبحانه وتعالى بالإسلام ليكون الدين الحق
وما دون ذلك هو الباطل....
حتى أصبح المُسلمون في بلدان الكُفر يعيشون
معيشة لا تليق بإنسان فكثر فيهم القتل والتشريد والتحقير
والسب والشتم والحصار والتجويع الجماعي
ومع كل هذا إخوتنا في الله نجد بني جلدتنا من المسلمين
بتبنون هذه الأطروحات مُدعين الحضارة والعلمنة ومواكبة
العالم الغربي الكافر في كل شيء ....
فلا يهتمون إطلاقاً عند نزول الابتلاءات والجوائح والكوارث
باللجوء لخالق الأرض والسماء طلباً للمعونة والصفح

ولكن اخوتنا في الله
هنا الله سبحانه وتعالى أراد أن يبين لمخلوقاته أنهم
لا يستطيعون رد قضاء الله وقدره عن أنفسهم الا إن شاء الله
مهما ضنوا أنهم قادرون على الإمساك بزمام الأمور في الأرض
فابتلاهم بجائحة لم تُفرق بين الغني والفقير وبين الأمير والغفير
وبين الحاكم والمحكوم وبين من يعيش في قصور
وحصون مانعة وبين من لحافه الأرصفة
والشوارع وغطاءه السماء
فكانت جائحة هذا الفيروس ( كورونا أو COVID-19 )
وهذا الفيروس يعتبر عائلة كبيرة من الفيروسات (COV )
والتي تسبب المرض والذي يتراوح بين نزلة البرد الشائعة
الى أمراض أكثر خطورة منها هذه الجائحة التي يعيشها
العالم في هذه الفترة العصيبة
حيث تشمل علامات الإصابة به أعراض تنفسية مُصاحبة
للحمى وللسعال وضيق وصعوبة في التنفس
فيتطور في حالات شديدة لتسبب في مرض ذات الرئة
ومتلازمة تنفسية حادة وفشل كلوي حتى الموت.....
وهذه الجائحة المنتشرة
وألتي لم تحدها الحدود ولا القارات ولا الموانع الطبيعية
من الانتشار تقريبا في معظم دول العالم
كل العالم فأكتوى بناره ولازال يصارعه ليحد من هيمنته عليهم
فامتثلوا وخضعوا للخوف والاختباء والهروب منه
فأصبحوا جاثمين في بيوتهم لاحول لهم ولا قوة
الا الانتظار والترقب ....
فليعلم ولنعلم ونتعلم ونعرف أن لا مناص من الهروب
من قدر الله الا إليه سبحانه وتعالى
والامتثال لأوامر ذوي الاختصاص
والعمل بنصائحهم الوقائية والالتجاء للدعاء
والتضرع لله سبحانه وتعالى والرجوع اليه ....
فحكمته سبحانه وتعالى تقتضي القبول والتسليم
بقدره والأيمان بحكمته ، حتى نكون
ممن تحصلوا على الاجر لصبرهم وقبولهم لأمر الله
فيكفي قول الله سبحانه وتعالى في حق
من صبر على الابتلاء بجميع أنواعه وأحتسب
كان له مقام رفيع عند ربه من الرحمة والهداية
فقال تعالى:
( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ
وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ
وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ
مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)
أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ
وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) البقرة

فلا يعلم أحد الا الله متى يتوقف ومتى تكون ذروته
وكم عدد من سيأخذهم في طريقه ،
كما أخذت الجوائح الماضية
من طاعون وجُذام وجدري
والملاريا وغريب الأسقام
لما سببته من تدمير تام للمدن،
والقتل للملايين من جراء
هذه الأمراض فمثلاً:

الطاعون الأسود:
ظهر في الفترة ما بين 1330: 1350 م
وقُدِرَ عدد المتوفين بسببه حول العالم بحوالي 75 مليون فردًا.
وبعد 800 عام من الاندلاع الأول له،
ظهر المرض مجددًا في ( أوروبا ) انطلق المرض من ) آسيا )
ليصل لدول البحر المتوسط وغرب أوروبا في عام 1348م،
وتسبب في وفاة ما يقدر بحوالي 20 إلى 30 مليون
أوروبي في 6 سنوات، بما يعادل ثلث سكانها،.
* طاعون لندن : في عامي 1665، 1666م
آخر اندلاعات هذا المرض في إنجلترا.
وتسبب هذا المرض في وفاة حوالي
مئة ألف فردًا، بما يمثل 20%
من سكان لندن
* الوباء الثالث
بدأ في الصين عام 1855م،
وانتقل إلى الهند مسببًا وفاة عشرة ملايين فرد.
وخلال تفشي المرض،
عاصرته الولايات المتحدة الأمريكية في صورة
طاعون سان فرانسيسكو 1900: 1904م.
* الجدري :
وقد قتل الجدري ما يزيد عن 2 مليون من
السكان المكسيكيين الأصليين
ولكن هل أعتبر الكفار في تلك البلاد
وتعلموا أن لا يفسدوا في الأرض بعد إصلاحها
ولا ينشروا هذه الأوبئة واستعمالها كأسلحة ( ببيولوجية )
كما إستعملها الجيش الياباني في الحرب اليابانية الصينية
بين عامي 1937 م و 1945م...؟
حين ارتكتبت الوحدة ( 731) من الجيش الياباني
تجارب على آلاف البشر أغلبهم صينيون. في المخيمات الحربية، استخدم الجيش أسلحة حيوية
على الجنود الصينيين والمدنيين.
حيث ألقيت براغيث الطاعون في الملابس واللوازم الملوثة
المحشوة في قنابل وأُلقيت على أهداف متعددة.
قُدّرت ضحايا ( الكوليرا أو الجمرة الخبيثة والطاعون )
بما يقارب 400.000 مدني صيني.
هذا هو اخوتنا الأفاضل ديدن ومنهج الكفار
هو الفساد والأفساد وخلق الفتن والمنازعات بين الشعوب
وإستعمال كل وسائل الدمار ، حتى الأوبئة تم استعمالها
كأسلحة حيوية تنافس القوى التدميرية لها
القنابل العادية واحيانا النووية منها ....
فأبتلاهم الله بالأمراض والأوبئة طوال تاريخهم...
واما نحن المسلمون نلهث ونطلب رضى هؤلاء
ونستبدلهم بتشريعاتنا ومناهجنا ونظامنا القويم
الذي ارتضاه الله لنا ليكون دستورنا وطريقنا
في كيفية التعامل حتى مع الأعداء....


فنرى المسلمون اليوم وفي هذه الأيام ينتظرون الفرج
ليس من الله سبحانه وتعالى والتضرع له
بالدعاء لرفع هذا البلاء والاستغفار من الذنوب والخطايا
والرجوع لجادة الصواب حرزاً ومنعاً من هذه الآفات
بل ينتظرون الفرج
من المختبرات الأمريكية والروسية والغربية الكافرة
لتأتي لنا بالترياق والمضادات الحيوية للتغلب على
هذه الجائحة .....فكل عيونهم وقلوبهم وأفئدتهم
تنتظر ما تنتجه مختبرات الغرب
حتى وان تم ذلك فلن يُباع او يُهدى لنا الا بعد أن
تكتفي متطلبات شعوبهم وبلدانهم.....
ولكن هل تذكرنا الله في هذا الأمر واللجوء اليه
بالدعاء والتضرع والتعوذ من هذه الجائحة .....؟
وهل حزّ في انفس المسلمين وآلمهم غلق الحرمين عن المصلين
وكل المساجد في العالم عن اداء فرائض الصلاة ....؟
كالذي تهفوا نفسه عند سماع آذان الصلاة
فيهُم بالذهاب للمسجد ، فيتذكر أنه مُغلق ...فينخرط في البكاء
لان طوال عمره لم يفارق الصلاة في المسجد
هذا الذي يحزّ في نفسه غلق المساجد....
وكان ذلك لمصلحة المُسلم من الحد من إنتشار الوباء...
أم لم يهتموا لهذا الأمر وكل الذي شغلهم المنع من التجول
والأختلاط ....والتسوق والجلوس في الأندية والساحات...؟
وهل آلمهم وضع الأقليات المُسلمة في الصين والهند
عندما يُقتّلون ويُذبحون وتُحرق منازلهم جهاراً نهاراً
امام العالم .....ولم يحرك هذا العالم الذي يستجدي
الآن المساعدات ....لم يحرك ساكناً تجاه المسلمين
ومايُفعل بهم من أفاعيل عنصرية.....
وحين أنتشر الوباء في الصين وفي الدول الكافرة
نجد الكثير من المسلمين يتعاطف معهم ويعرض عليهم
المساعدات بالأطقم الطبية والاحتياجات الخاصة ...!!!!!!؟
وهل رجع المسلمون الى جادة الصواب ومُحاسبة أنفسهم
على ماتم التفريط فيه من قِلة الذكر والدعاء لرفع هذا البلاء
والتقيد بما يتم فرضه من تقييد حركتهم خوفاً عليهم من
الأصابة بهذه الفيروس ويكون السبب في هلاكهم.....؟
هل تذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم
علّمنا كيف نتعوذ من هذه الأسقام والجوائح لنُحصن أنفسنا
ونعمل بالأسباب كي لا يصيبنا مما أصاب به كثير من خلقه...؟
فلنتوقف اخوتنا الكرام أمام معلمنا ورسولنا
الكريم صلى الله عليه وسلم لنسمع كيف كان يتعوذ
صلى الله عليه وسلم من الأسقام والأمراض والأوبئة والجوائح
ففي الحديث الذي رواه أَنَسٍ رضي الله عنه
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ :
( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْبَرَصِ
وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَمِنْ سَيِّئْ الْأَسْقَامِ...) .
رواه أحمد وأبوداود والنسائي ، وصححه الألباني .
فقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الأمراض
التي تُغيّر في الخِلْقة؛ لشدة فظاعتها،
ونفورها عند الناس، فاستعاذ صلى الله عليه وسلم
منها: قوله: ( من البرص ):
وهو مرض يُظهر في الأعضاء بياضاً غريباً
رديئاً يُغيّر في الخلق، والصورة، والشكل،
فينظر الناظر إليها، فيحصل للمصاب
منها الحزن والهمّ والكدر.
قوله: ( الجنون ):
استعاذ صلى الله عليه وسلم من ( الجنون ):
وهو ذهاب العقل، وهو على درجات مختلفة من ذلك،
ولا يخفى علينا أهمية الاستعاذة منه كذلك.
قوله: ( الجذام ):
وهو مرض خطير، وشديد،
ومعدٍ بقدرة اللَّه تعالى، يحصل بسببه سقوط الشعر،
وتقطع الأعضاء، واللحم، ويجري الصديد منه،
مما ينفّر منه الناس لشدة فظاعته،
وسوء منظره، ويوضع صاحبه في معزل
عن الخلق، نسأل اللَّه السلامة، والعافية.
وقوله: ( ومن سيئ الأسقام ):
أي الأ مراض الخطيرة الرديئة:
كالفالج، والسل، والأمراض المزمنة،
مع اختلاف أنواعها، وكأمراض هذا الزمان مثل:
السرطان، والإيدز، وغير ذلك، والعياذ باللَّه،
ولم يستعذ صلى الله عليه وسلم من كل الأمراض؛
لأن منها ما إذا تحامل عليها العبد على نفسه
بالصبر خفّت مؤنته كالحمى، والصداع، والرمد
أما تلك الأمراض المزمنة؛
فإن العبد قد لا يؤمن عليه السخط،
والوقوع في الأمور غير المحمودة، في أمور دينه،
ويفرّ منه الصديق، والحميم، والأنيس،
والمداوي، والاستعاذة ( من سيئ الأسقام ):
مع دخول الثلاثة ( البرص، والجنون، والجذام )
فيها هو من عطف العام على الخاص
لكونها أبغض شيء إلى العرب، لما تفسد
هذه الأمراض الخلقة، وتورث الآفات والعاهات،
وهذا الدعاء مهم عند رؤية صاحب البلاء
فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم
في الحديث الذي أخرجه الترمذي في جامعه
وحسّنه الألباني
:( مَنْ رَأَى صَاحِبَ بَلَاءٍ، فَقَالَ:
الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ، وَفَضَّلَنِي
عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا،
إِلَّا عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ البَلَاءِ كَائِنًا مَا كَانَ مَا عَاشَ(
. وفي رواية أخرى عند الترمذي وصححها الألباني:
( لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ البَلَاءُ ).


ومن التحصينات المهمة لتفادي هذه الجائحة
هو المداومة على أذكار المساء والصباح
- من التحصينات القرآنية الوقائية المهمة؛
قراءة آية الكرسي إذا أويت إلى فراشك
فإنه لَنْ يَزَالَ معك مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ،
ولَا يَقْرَبَكَ شيطَانٌ حتَّى تُصْبِحَ،
كما في قصة أبي هريرة رضي الله عنه
مع الشيطان لما وكله النبي
عليه الصلاة والسلام بحفظ زكاة رمضان
كما جاء في صحيح البخاري.
ومن التحصينات الضرورية والمهمة في المساء
التي تقيك الأسقام والآفات؛ أن تقول:
"أعوذُ بكلماتِ اللهِ التامَّاتِ من شرِّ ما خلق
، لما ثبت في صحيح الترغيب عن
النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:
«من قال حين يُمسي ثلاث مرات:
أعوذ بكلماتِ الله التامَّاتِ من شر ما خلق)
لم تَضُرَّهُ حُمَةٌ تلك الليلة .....
ومن الأدعية المهمة الواقية الجامعة التي
لم يكن عليه الصلاة والسلام يدعها حين
يمسي وحين يصبح:
( «اللهم إني أسألُك العافيةَ في الدنيا والآخرةِ،
اللهم إني أسألُك العفوَ والعافيةَ في ديني ودنياي
وأهلي ومالي، اللهم استرْ عورتي وآمنْ روعاتي،
اللهم احفظْني مِن بين يديَّ ومن خلفي
وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي،
وأعوذُ بعظمتِك أن أُغتالَ مِن تحتي...
. أخرجه أبو داود في سننه
وصححه الألباني
من صحيح دعاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
( اللهم إني أسألك من الخير كلِّه عاجله وآجلِه،
ما علمتُ منه وما لم أعلم،
وأعوذ بك من الشر كلِّه عاجله وآجله،
ما علمتُ منه وما لم أعلم،
اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك،
وأعوذ بك من شر ما عاذ بك عبدك ونبيك،
اللهم إني أسألك الجنة وما قرَّب إليها من قول أو عمل،
وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من
قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كلَّ قضاء قضيتَه لي خيرًا)
؛ أخرجه ابن ماجه وصححه الألباني
في الصحيحة عن عائشة رضي الله عنها....
وقوله صلى الله عليه وسلم :.
( اللهم إني أسألك المعافاة في الدنيا و الآخرة )
أخرجه ابن ماجه وغيره،
وصححه الألباني في الصحيحة
عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وكما يقول الأمام الشافعي رحمه الله تعالى:
في كتاب حلية الأولياء الأولياء(9/136):
لَمْ أَرَ أَنْفَعَ لِلْوَبَاءِ مِنَ التَّسْبِيحِ......أ.هـ
فهذه الجائحة لا ينفع معها الخوف والهلع
والارتباك ، بل ينفع معها التضرع لله سبحانه وتعالى
بالدعاء وسائر العبادات لرفع هذا البلاء ....
ولنجعل فترة بقائنا في بيوتنا فترة ذات فائدة
لنا ولأبنائنا ليزداد التواصل في ما بيننا وفهم
مشاكلهم والتقرب لهم ودراسة احتياجاتهم ومعرفة اهتماماتهم
لأنه في الاوقات العادية لا نعلم أين يذهبون ومن يخالطون
وبأي حُجة يكذبون علينا للخروج من البيت
فالكل يشتكي من الوقت وقِلته والانشغالات الكثيرة
فلا وقت لأب الأسرة لأسرته ولا الأم لبيتها
فالكل يتذرع بالانشغال خارج البيت ....
أما الأن فهذه فُرصة نادرة للتقرب اليهم ومعرفة نقاط قوتهم
وتشجيعها وتحسس نقاط ضعفهم وتقويتها
وجعل أوقات الصلاة في البيت من أولى الاهتمامات
التي يهتم بها كل سكان البيت
فيحافظون على اداء الصلاة جماعة
فقتل الوقت في البيوت لا يأتي بمشاهدة المسلسلات التي
تُبعد الأنسان عن دينه ولا عن سماع الأغاني التي تصم الآذان
التي تُشغل المسلم عن أذكاره وابتهالاته وتضرعاته
لرفع البلاء عن كل المسلمين....
وأيضاً بالتقيد بالنصائح التي يصدرها ولي الأمر
في الالتزام بشروط السلامة والأمان والحذر
في عدم الاختلاط والزحام والبقاء
في البيوت حفاظاً على سلامة ساكنيه
لان هذا الفيروس ينتقل بالاختلاط بين حامليه وبين مخالطيهم
فالتقيد بالنصائح والارشادات الطبية مهم جداً
أخوتنا المؤمنون
اقول قول هذا وأستغفر الله لي ولكم
فأستغفروه أنه هو الغفور الرحيم
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم



الحمد الله الذي هدانا لهذا
وأكرمنا وأعزّنا بدين وبرسالة وبنبي حرص
علينا فنصحنا وأرشدنا لنكون خير اُمّة اخرجت للناس
وأشهد ان لا اله الا الله الملك المتعال
وأشهد أن محمداً رسول الله
أرسله الله مُبشراً ونذيراً وهادياً للصراط وسِراجاً مُنيراً
أما بعد أخوتنا المؤمنون
أتقوا الله في ما أمر وانتهوا عما نهى عنه وزجر
واتصفوا بالتسامح في ما بينكم ولينوا جانبكم
تفوزون برضوان ربكم
وأعلموا أن من علامات الأيمان بالله سبحانه وتعالى
حًسن الظن به سبحانه وتعالى والرضى بقضائه وقدره
فاحسنوا الظن بربكم تفوزون برضاه وغفرانه
ففي هذه الجائحة علينا ان نتذكر التحصينات الشرعية
الوقائية الحسية ، فقبل أن نفكر بالأسباب المادية
والحلول الملموسة لهذه الجائحة ، وعلاجها
يكمن في الالتجاء الى الله سبحانه وتعالى والاعتصام به
والاحتماء به منه والاستجارة والاستعانة به
لدفع السوء ، ولنا في قصة يوسف عليه السلام
عِبرة حين أحتمى بالله سبحانه وتعالى وأستجار به
لدفع السوء والفحشاء عنه ، فأستعاذ بالله
حين راودته امرأة العزيز فقال تعالى على لسانه :
{ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ} يوسف 23
وكذلك فعلت مريم أبنة عمران أم عيسى عليها السلام
لما تمثل لها جبريل عليه السلام
على هيئة بشر، فكان أول ما فعلته ليس الهلع والخوف
فقط والأرتباك بل كان مصاحباً لأيمان وثبات كبير
فقال الله تعالى على لسانها حين رأت جبريل عليه السلام
{ قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ } مريم:18
ولما كان هذا المرض الجائحة والوباء من قدر الله
فلا يرده إلا الدعاء كما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام
عند الترمذي بسند حسن قوله: ( لَا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ(
وكما جاء في السلسة الصحيحة وحسّنه الألباني
في الحديث الذي رواه سلمان الفارسي رضي الله عنه قوله
عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله :
لا يردُّ القضاءَ إِلَّا الدعاءُ ، ولا يزيدُ في العمرِ إِلَّا البِرُّ
ولاستجابة الدعاء أسباب وشروط ومقدمات
لابد من توفرها، كالمطعم الحلال واليقين
وتحري أوقات الاستجابة وهكذا،

لذلك ذكر عليه الصلاة والسلام تمايز وعلاقة قوية بين
الدعاء والبلاء، حين قال عليه الصلاة والسلام:
( والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل
وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة )
. كما ورد في صحيح الجامع
والنقطة الخاتمةاخوتنا الكرام وهي مهمة جداً هي
- ملازمة ومصاحبة القرآن الكريم وطلب الاستشفاء به
فهو شفاء من جميع الأدواء الحسية والمعنوية،
لقول ربنا سبحانه وتعالى:
{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} الإسراء:82
، ومع الإيمان واليقين والصدق تزداد دواعي الشفاء بإذن الله لقول ربنا سبحانه وتعالى:
{ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت 44
. يقول ابن القيم رحمه الله في كتاب زاد المعاد،
فَالْقُرْآنُ هُوَ الشِّفَاءُ التَّامُّ مِنْ جَمِيعِ الْأَدْوَاءِ الْقَلْبِيَّةِ
وَالْبَدَنِيَّةِ، وَأَدْوَاءِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ،
وَمَا كُلُّ أَحَدٍ يُؤَهَّلُ وَلَا يُوَفَّقُ لِلِاسْتِشْفَاءِ بِهِ،
وَإِذَا أَحْسَنَ الْعَلِيلُ التَّدَاوِيَ بِهِ، وَوَضَعَهُ عَلَى دَائِهِ
بِصِدْقٍ وَإِيمَانٍ، وَقَبُولٍ تَامٍّ، وَاعْتِقَادٍ جَازِمٍ،
وَاسْتِيفَاءِ شُرُوطِهِ، لَمْ يُقَاوِمْهُ الدَّاءُ أَبَدًا. ..أ. هـ
من الأدعية الواقية المهمة التي تقال في الصباح والمساء،
ما أخرجه أبو داود في سننه وصححه الألباني
في صحيح الأدب المفرد،
عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ،
أَنَّهُ قَالَ لِأَبِيهِ: يَا أَبَتِ إِنِّي أَسْمَعُكَ تَدْعُو كُلَّ غَدَاةٍ
( «اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي،
اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَصَرِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ،
تُعِيدُهَا ثَلَاثًا، حِينَ تُصْبِحُ، وَثَلَاثًا حِينَ تُمْسِي )
َفقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَدْعُو بِهِنَّ فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ.
وعافني في بدني تعني:
أي من الأمراض والأسقام والآفات والشرور
والأوبئة التي تضعف قوتي عن الطاعة
- من التحصينات اليسيرة ذات التأثيرات العظيمة؛
كثرة التسبيح والاستغفار، إذ من داوم عليهما
أعاذه الله من الشرور
ودفع عنه البلاء والنقم والمحن،
قال سبحانه وتعالى:
{ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ )
. قال سبحانه وتعالى عن يونس عليه السلام:
{فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ}[الصافات:143
، قال الطبري في تفسيره:
ولكنه كان من الذاكرين الله قبل البلاء،
فذكره الله في حال البلاء، فأنقذه ونجَّاه
. يقول الشافعي كما جاء في حلية الأولياء
( لَمْ أَرَ أَنْفَعَ لِلْوَبَاءِ مِنَ التَّسْبِيحِ )
عباد الله
نفعني الله واياكم بالقرآن الكرم
وأجارني الله وأياكم من خزيه وعذابه الأليم
قال تعالى في مُحكم تنزيله :
(55) إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) الأحزاب
فأكثروا من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
في هذا اليوم المبارك يوم الجمعة
وأحسنوا الظن بالله سبحانه وتعالى
فحُسن الظن بالله هو العبادة الخالصة لله
وأعملوا الخيرات وصالح الأعمال
والأكثار من الصلاة على النبي
وقراءة سورة الكهف في هذا اليوم
اللهم صلِّ وسلم وبارك على محمد
وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا
اللهم أكرمنا وأعطنا من الخير
اللهم بارك لنا وأحفظنا من شرور الفتن
وأصلح حال ولاتنا وحُكامنا
وأحقن دماء المسلمين في كل مكان
((اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة،
وأعوذ بك أن أَظلِم أو أُظلَم))؛
أخرجه أحمد
وغيره، وصححه الألباني في الصحيحة)،
عن أبي هريرة رضي الله عنه.
بارك الله لي ولكم وجعل عملنا خالصاً لوجهه
الكريم لامعصية ولارياء ولا نفاق فيها
وحفظنا الله وإياكم وسائر من شهِد لله بالوحدانية
وبمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة ....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم ....اندبها
[/frame]

رابط الموضوع الاصلي لهذه الخطبة

http://wahjj.com/vb/showthread.php?t=29666
المنبـــــر ( مُتجدد أسبوعياً ) ( عند الجوائح لاينفع الاّ الدعاء لرفعه)




 

التعديل الأخير تم بواسطة الغريبة ; 04-05-2020 الساعة 12:33 PM

الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ اندبها على المشاركة المفيدة:
 (01-11-2022)
موضوع مغلق

(عرض التفاصيل عدد الأعضاء الذين شاهدوا الموضوع : 18 (إعادة تعين)
, , , , , , , , , , , , , , , , ,
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:04 PM بتوقيت الرياض


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
دعم فني استضافه مواقع سيرفرات استضافة تعاون